كتاب الوضوء (18)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: حدثنا إسحاق" ابن منصور المعروف بالكوسج، الكوسج ما معنى الكوسج؟

 طالب: ......

ماذا؟ ما معنى الكوسج يا أبا عبد الله؟

طالب: ......

ماذا يصير؟ ليس الأثرم، لا، الأثرم واحد أم اثنين، الكوسج، من يخرجه لنا؟

طالب: ......

 ماذا؟ مثلك الأول.

"قال: أخبرنا عبد الصمد" هو ابن عبد الوارث، "قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار: سمعت أبي" عبد الله بن دينار "عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ رجلاً رأى كلبًا يأكل الثرى، من العطش" الثرى: التراب المبتل بالماء من العطش يعني بسببه.

 "فأخذ الرجل خُفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له، فأدخله الجنة".

 الغرض من إيراد هذا الحديث أن البخاري رأى أنه في الحديث لم يؤمر أو لم يقم هذا الرجل بغسل خفه، بغسل خفه بعد أن ولغ فيه الكلب، مما يدل على طهارته على قول الإمام مالك، وكأن البخاري يجنح لمثل هذا، ولكن كأن هذا الرجل من الأمم السابقة، فيكون في شرع من قبلنا.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

هو المقصود أن ما ليس له أسنان أو ناقص أسنانه هذا الكوسج.

قوله: حدثنا إسحاق، هو ابن منصور الكوسج، كما جزم به أبو نعيم في المستخرج، وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث، وشيخه عبد الرحمن تُكُلِّم فيه، تكلَّم فيه بعضهم، لكنه صدوق، ولم ينفرد بهذا الحديث، والإسناد منه فصاعدًا مدنيون، وأبوه وشيخه أبو صالح السَّمان واسمه ذكوان، تابعيان.

 قوله: أن رجلاً لم يُسَم هذا الرجل، وهو من بني إسرائيل كما سيأتي، قوله: يأكل الثرى بالمثلثة أي يلعق التراب الندي، وهو في المحكم: الثرى: التراب، وقيل التراب الذي إذا بُلَّ لم يصر طينًا لازبًا.

 قوله: من العطش أي بسبب العطش، قوله: يغرف له به، استدل به المصنف على طهارة سؤر الكلب؛ لأن ظاهره أنه سقى الكلب فيه، سقى الكلب فيه، وتُعُقِّب بأن الاستدلال به مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا، وفيه اختلاف، ولو قلنا به لكان محله فيما لم ينسخ، يعني إذا لم يأتِ شرعنا بخلافه، يعني إذا جاء شرعنا بخلافه والأمر بغسل الإناء سبعًا والتتريب من شرعنا متأخر، فهو ناسخ له، ومع إرخاء العنان لا يتم الاستدلال به، يعني القول بالإطلاق أنه شرع لنا، لا يتم، هذا إرخاء العنان لا يتم الاستدلال به أيضًا؛ لاحتمال أن يكون صبَّه في شيء فسقاه، أو غسل خفه بعد ذلك، أو لم يلبسه بعد ذلك، أو لم يلبسه بعد ذلك.

طالب:...

تلزمهم الطهارة، لكن هل هذا مما يجب أن يتطهر به عندهم؟ لأن الطهارة عندهم تختلف فيما عندنا، النجاسة إذا أصابت الشيء يُقرَض عند اليهود بالمقراض، ذكرت لكم أن النعل الذي خطفه الكلب من عند المسجد وذهب به بعيدًا أني غسلته وترَّبته، ما حضرت يا شيخ؟

طالب: ......

 نعم، نصلي في مسجد بمكة، ببطحاء قريش، لما طلعنا ما لقيت إلا واحدًا، قلت: مسكين اذي ما أخذ إلا واحدًا، لو أخذ الثنتين يستفيد منهما، سألت الإمام قال: لا، هذا كلب، كلب يجيء يخطف ما يشبه اللحم من النعال، فيذهب به بعيدًا، إذا أردت أن تلقاه فدر على السيارة، وبالفعل طلبت من واحد يدور وجاء به، فغسلتها سبعًا وبالتراب.

قوله: فشكر الله له، أي أثنى عليه، فجزاه على ذلك، بأن قبِل عمله وأدخله الجنة، وسيأتي بقية الكلام على فوائد هذا الحديث في باب فضل سقي الماء، من كتاب الشرب، إن شاء الله تعالى. قوله: "وقال أحمد بن شبيب: حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب قال: حدثني حمزة بن عبد الله عن أبيه قال: كانت الكلاب تبول وتُقبل وتُدبر في المسجد في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك".

كانت الكلاب، معروف المساجد لم يكن لها أبواب، وما كان له من باب فإنه لا يتعاهد بإغلاقه باعتبار أنها متاحة للمسلمين يصلي في كل وقت فيها من الأوقات التي تجوز فيها الصلاة، المقصود أن الأبواب ليست مثل الآن تغلق، والأصل أنها مفتوحة ومتاحة ما تغلق ولا يخرج الناس منها كما هو الحال الآن، لكن اضطر من اتخذ قرار غلق أبواب المساجد لما حصل من إفساد في المساجد، إحراق للمصاحف، وبول على بعضها، وكتابة على جدران المسجد، فهذه مشكلة، هذه مفسدة ظاهرة يجب العناية بالمساجد وحفظها من هؤلاء العابثين، لكن ما هو بالحل أن الصالح الذي يريد أن يجلس في المسجد ليقرأ القرآن، ويذكر الله في أي وقت من الأوقات لا سيما بعد صلاة الصبح أنه يُخرَج منها ليغلق المسجد، هناك حلول غير إخراجه، ويوكل على المساجد أناس لا يعرفون من العربية شيئًا، ولا يعرفون المشروع من غير المشروع، هم عندهم أوامر فقط يخرجون، وأنا أُخرِجت، أجلس بعد صلاة الصبح يجيئك العامل لا يفهم من العربية شيئًا، ولا تقدر أن تتفاهم معه، وهو عنده أصل يعتمد إليه، ما تقدر أن تنازعه.

فعلى المسؤولين أن يدرسوا الموضوع بعناية، ولا يحرموا من أراد أن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- من الجلوس في المسجد، بالإمكان أن يقال لعامل المسجد: اجلس إلى أن يخرج من فيه، هذا أمره سهل؛ لأنه عامل، هذه وظيفته، وبعد طلوع الشمس يذهب ينام إلى الظهر بدل ما يمسح سيارات، ولا يشتغل لنفسه، أو يقال: مثل هذه الأبواب التي عندنا إذا أغلق الباب ما يدخل أحد ما دمت جالسًا أغلق الباب، وإذا خرجت أغلق الباب، والمسؤولية عليك، فالحلول ممكنة، وليس الحل بأن يُخرَج من أراد أن يتعبد من المسجد.

طالب:...

نعم، أنا أرفعها. في الأصول الأربعة موجودة. أو ما، نعم. ما فيه أشد من العبث بالمصاحف، فيه أشد من العبث بالمصاحف؟ ما فيه، أو كتابة كلمات سيئة للغاية، خادشة في الدين، وفي الخُلُق، في الفضيلة في المسجد في محراب المسجد كُتب، صحيح أن هذا يحتاج إلى علاج، لكن ليس علاجه إخراج من أراد أن يتعبد.

طالب:...

أين؟

طالب: ......

ويهمل المسجد العامل؟ أو يجلس عنده إلى أن ينتهي؟ أعطاه أجرة يعني ما فيه شيء، إذا كان مأمورًا أن يخرج بعد الصلاة مباشرة فأعطاه أجرة حتى يصبر إلى أن يأخذ أجرة على الجلوس وهو ما ليس من الفرض عليه أن يجلس حتى يخرج، عليه أن يجلس حتى تأتي الصلاة ويغلق الباب، القدر الزائد على ذلك لو أخذ عليه أجرة ما فيه إشكال، وهذا من باب الحيلة على تحصيل المشروع.

طالب: ......

 نعم حتى هذه تحصيله من حيل الدافع حتى يتمكن من فعل ما شُرِع له، وهذه حيلة شرعية بالنسبة له.

طالب:...

هذا تضييع، هذا تضييع، تضييع لما اؤتمن عليه.

 قوله: وقال أحمد بن شبيب بفتح المعجمة وكسر الموحدة، طيب ما قال: المثلثة بفتح المثلثة، المثلثة هي الثاء؛ لأنها تلتبس بالموحدة والمثناة بالباء والتاء، أما بالنسبة للشين فتلتبس بالمهملة فيقال: المعجمة، التي هي السين، وكسر الموحدة.

 قوله: حمزة بن عبد الله أي ابن عمر بن الخطاب.

 كانت الكلاب زاد أبو نعيم والبيهقي في روايتهما لهذا الحديث من طريق أحمد بن شبيب المذكور موصولاً بصريح التحديث قبل قوله تقبل: تبول، وبعدها واو العطف. كانت الكلاب زاد أبو نعيم والبيهقي في روايتهما لهذا الحديث من طريق أحمد بن شبيب المذكور موصولاً بصريح التحديث قبل قوله تقبل، قبل قوله تقبل: تبول، وبعدها واو العطف، مما يدل على أنها لا توجد في روايات الصحيح، لو كانت موجودة تبول في روايات الصحيح نعم لو كانت موجودة ما عزاها إلى أبي نعيم والبيهقي، عزاها لروايات الصحيح، وبعدها واو العطف، وكذا ذكر الأصيلي أنها في رواية إبراهيم بن معقل عن البخاري، وكذا أخرجها أبو داود والإسماعيلي من رواية عبد الله بن وهب عن يونس بن يزيد شيخ شبيب بن سعيد المذكور، وعلى هذا فلا حاجة فيه لما استدل به على طهارة الكلاب؛ للاتفاق على نجاسة بولها، قاله ابن المُنيِّر.

الآن الذي يقرأ الحديث يقول: الكلاب طاهرة.

طالب: ......

ماذا؟

طالب: ......

كيف الكلاب طاهرة؟ لأنها تبول في المسجد وتقبل وتدبر ولا يرشون من ذلك شيئًا، ماذا قال ابن حجر؟ وعلى هذا فلا حجة فيه لمن استدل على طهارة الكلاب؛ للاتفاق على نجاسة بولها، يعني لو ما فيه تبول كان فيه مستمسك، لكن ما دام فيه تبول فالبول نجس بالإجماع، فلا حجة فيه على طهارة الكلاب فضلاً عن بولها، قاله ابن المُنيِّر، وتُعُقِّب بأن من يقول بأن الكلب يؤكل هذا أشد، وأن بول ما يؤكل لحمه طاهر يقدح في نقل الاتفاق، لكن الإشكال أن الذي يقول: طاهر ويؤكل يقول بنجاسة بول ما يؤكل لحمه، فيكون من ضمنها، يعني لو قيل بأنه يؤكل، وأنه طاهر كما هو معروف عند المالكية.

طالب: ......

 نعم هم يقولون بالكراهة، بوله نجس عندهم، بول ما يؤكل لحمه هذا عند الحنابلة، الشافعية بوله نجس فما يتم الاستدلال.

 وتُعُقِّب بأن من يقول بأن الكلب يؤكل، وأن بول ما يؤكل لحمه طاهر يقدح في نقل الاتفاق، يعني لا نلفق بين مذهبين أو مذاهب، نقول: ما دام المالكية يقولون: يؤكل، فبوله طاهر؛ لأن ما يؤكل لحمه طاهر، الذي يقول بهذا لا يقول بهذا، لا سيما وقد قال جمع بأن أبوال الحيوانات كلها طاهرة إلا الآدمي، وممن قال به ابن وهب، حكاه الإسماعيلي وغيره عنه، وسيأتي في باب غسل البول.

 وقال المنذري: المراد أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها، ثم تقبل وتدبر في المسجد، إذ لم يكن عليها في ذلك الوقت غلَق، يعني أبواب تغلق، قال: ويبعد أن تُترَك الكلاب تنتاب المسجد حتى تمتهنه بالبول فيه، وتُعُقِّب بأنه إذا قيل بطهارتها لم يمتنع ذلك كما في الهرة، والأقرب أن يقال: إن ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة، ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها، وجعل الأبواب عليها.

 ويشير إلى ذلك ما زاده الإسماعيلي في روايته من طريق ابن وهب في هذا الحديث عن ابن عمر قال: كان عمر يقول بأعلى صوته: اجتنبوا اللغو في المسجد، قال عمر: وقد كنت أبيت في المسجد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت الكلاب إلى آخره، فأشار إلى أن ذلك كان في الابتداء، ثم ورد الأمر بتكريم المسجد حتى من لغو الكلام، وبهذا يندفع الاستدلال به على طهارة الكلب.

 وأما قوله: في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو إن كان عامًّا في جميع الأزمنة؛ لأنه اسم مضاف، لكنه مخصوص بما قبل الزمن الذي أُمر فيه بصيانة المسجد، وفي قوله: فلم يكونوا يرشون مبالغة لدلالته على نفي الغسل من باب أولى، من باب الأولى إذ لم يوجد الرش فمن باب أولى ألا يوجد الغسل وأكثر مبالغة من الرش، واستدل بذلك ابن بطال على طهارة سؤره؛ لأن من شأن الكلاب أن تتبع مواضع المأكول، وكان بعض الصحابة لا بيوت لهم إلا المسجد، فلا يخلو أن يصل لعابها إلى بعض أجزاء المسجد، وتُعُقِّب بأن طهارة المسجد المتيقنة، وما ذُكِر مشكوك فيه، واليقين لا يرفع بالشك، ثم إن دلالته لا تعارض دلالة منطوق الحديث الوارد في الأمر بالغسل من ولوغه، واستدل به أبو داود في السنن على أن الأرض تطهر إذا لاقتها النجاسة بالجفاف، هذا قول جمع من أهل العلم أن النجاسة إذا جفت أو جففتها الشمس فإنها تطهر، هذا قول معروف عند الحنفية، يعني أن قوله: فلم يكونوا يرشون يعني يدل على نفي صبّ الماء من باب أولى، فلولا أن الجفاف يفيد تطهير الأرض ما تركوا ذلك ولا يخفى ما فيه.

تنبيه، ولا يخفى ما فيه؛ لأن مسألة البول لا توجد في الأصول في الصحيح، نعم، ومسألة تتبع مواطن الأكل وتشمشمها ولعقها أو الولوغ فيها هذا أيضًا مشكوك فيه.

 تنبيه: حكى ابن التين عن الداودي الشارح أنه أبدل قوله: يرشون بلفظ: يرتقبون بإسكان الراء ثم مثناة مفتوحة ثم قاف مكسورة ثم موحدة، وفسَّره بأن معناه: لا يخشون، لا يرتقبون مثل {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً} [سورة التوبة: 10] يعني لا يخشون، فسَّره بأن معناه لا يخشون فصحّف اللفظ وأبعد في التفسير؛ لأن معنى الارتقاب الانتظار، وأما نفي الخوف من نفي الارتقاب فهو تفسير ببعض لوازمه، والله أعلم.

المقصود أنه تصحيف، ليس بصحيح، وتفسيره أبعد منه.

 ثم قال -رحمه الله-: حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبي عن عدي بن حاتم بن أبي السفر اسمه عبد الله وشعبة هو ابن الحجاج، والشعبي عامر بن شراحيل عن عدي بن حاتم قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «إذا أرسلت كلبك المعلَّم فقتل فكُل، وإن أكل فلا تأكل، فإنما أمسكه على نفسه» قلت: أرسل كلبي فأجد معه كلبًا آخر، قال: «فلا تأكل، فإنما سميت على كلبك، ولم تسمِّ على كلب آخر»، والبخاري أورد هذا الحديث؛ للدلالة على طهارة الكلب، وطهارة لعابه، ولم يؤمر بغسل ما صاده، وبهذا يتم له الاستدلال، مع أن فيه مناقشات لأهل العلم يأتي ذكرها.

طالب:...

أين؟

فكُل، وإذا أكل فلا تأكل نعم.

قوله: ابن أبي السفر تقدم في المقدمة أن اسمه عبد الله، وأن السفَر بفتح الفاء ووهِم من سكَّنها، قوله: عدي بن حاتم أي الطائي، قوله: سألت أي عن حكم صيد الكلاب وحذف لفظ السؤال اكتفاءً بدلالة الجواب عليه، وقد صرّح به المصنف من طريق أخرى في الصيد كما سيأتي الكلام عليه مستوفىً هناك، إن شاء الله تعالى.

 وإنما ساق المصنف هذا الحديث هنا؛ ليستدل به لمذهبه في طهارة سؤر الكلب، ومطابقته للترجمة من قوله فيها: وسؤر الكلاب الذي تقدَّم في الترجمة، ووجه الدلالة من الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن له في أكل ما صاده الكلب ولم يقيد ذلك بغسل موضع فمه، ومن ثمَّ قال مالك: كيف يؤكل صيده ويكون لعابه نجسًا؟

وأجاب الإسماعيلي بأن الحديث سيق لتعريف أن قتله ذكاته، أن قتله ذكاتُه، وليس فيه إثبات نجاسة ولا نفيها، لكن النجاسة ثبتت بأدلة أخرى، ولا يلزم البيان في كل مناسبة، البيان تمّ في مناسبة نُقلَت وبُلِّغت فيتم بها الاستدلال، ولا يلزم البيان في كل مناسبة، ولذلك يقول: وأجاب الإسماعيلي بأن الحديث سيق لتعريف أن قتله ذكاته، يعني لا يحتاج أن يذكى وليس فيه إثبات نجاسة ولا نفيها، ويدل لذلك أنه لم يقل له: اغسل الدم إذا خرج من جرح نابه، لكنه وكله إلى ما تقرر عنده من وجوب غسل الدم، يعني المسفوح، فلعله وكله أيضًا إلى ما تقرر عنده من غسل ما يماسّه ما يماسّه فمه.

 وقال ابن المنيِّر: عند الشافعية أن السكين إذا سُقيت، عند الشافعية أن السكين إذا سُقيت بماء نجس وذبح بها نجست الذبيحة، وناب الكلب عندهم نجس العين، وقد وافقونا على أن ذكاته شرعية لا تنجس المذكى، وتُعُقِّب بأنه لا يلزم من الاتفاق على أن الذبيحة لا تصير نجسة بعض الكلب ثبوت الإجماع على أنها لا تصير متنجسة، فما ألزمهم به من التناقض ليس بلازم على أن في المسألة عندهم خلافًا، والمشهور وجوب غسل المعض يعني المعضوض الذي هو الصيد، وليس هذا موضع بسط هذه المسألة، يعني في كتاب الصيد تبسط هذه المسألة.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

هذا الأصل هذا الأصل.

ماذا؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

يغسل، ولا يضرها إن شاء الله، لو سقطت منك لحمة على الأرض ما تغسلها وتأكلها؟ واللقمة إذا سقطت على أرض ما يزال ما بها من أذى وتؤكل؟ ما فيه إشكال.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر، وقول الله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [سورة النساء: 43] وقال عطاء فيمن يخرج من دبره الدود أو من ذكره نحو القملة: يعيد الوضوء، وقال جابر بن عبد الله: إذا ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء، وقال الحسن: إن أخذ من شعره وأظفاره أو خلع خفيه فلا وضوء عليه، وقال أبو هريرة: لا وضوء إلا من حدث، ويذكر عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في غزوة ذات الرقاع، فرمي رجل بسهم فنزفه الدم فركع".

ركع ركع.

طالب: نعم.

فركع وسجد. قلت ركع؟

"ويذكر عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في غزوة ذات الرقاع، فرمي رجل بسهم فنزفه الدم فركع وسجد ومضى في صلاته، وقال الحسن: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم، وقال طاوس ومحمد بن علي وعطاء وأهل الحجاز: ليس في الدم وضوء، وعصر ابن عمر بثرة فخرج منها الدم ولم يتوضأ، وبزق ابن أبي أوفى دمًا فمضى في صلاته، وقال ابن عمر والحسن فيمن يحتجم: ليس عليه إلا غسل محاجمه.

 حدثنا آدم بن أبي إياس قال: حدثنا ابن أبي ذئب، قال: حدثنا سعيد المقبري".

حدثنا أم عن؟

طالب: نعم.

أم عن؟

طالب: قال حدثنا ابن أبي ذئب، قال حدثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة.

عند رواية أبي ذر وغيره حدثنا، لكن عندنا في الأصل عن سعيد.

"حدثنا آدم بن أبي إياس قال: حدثنا ابن أبي ذئب، قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبي هريرة– رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة ما لم يحدث»، فقال رجل أعجمي: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: الصوت يعني الضرطة.

حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحًا».

حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن منذر أبي يعلى الثوري عن محمد ابن الحنفية قال: قال عليّ: كنت رجلاً مذاءً فاستحييت أن أسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: «فيه الوضوء»، ورواه شعبة عن الأعمش. حدثنا سعد بن حفص قال: حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد أخبره أنه سأل عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، قلت: أرأيت إذا جامع فلم يمنِ؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره، قال عثمان سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألت عن ذلك عليًّا والزبير وطلحة وأبي بن كعب -رضي الله عنهم- فأمروه بذلك.

حدثنا إسحاق قال: أخبرنا النضر قال: أخبرنا شعبة عن الحكم عن ذكوان أبي صالح عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرسل إلى رجل من الأنصار فجاء ورأسه يقطر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لعلنا أعجلناك؟» قال: نعم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أعجلت أو قحطت فعليك الوضوء»، تابعه وهب قال: حدثنا شعبة قال أبو عبد الله: ولم يقل غندر ويحيى عن شعبة: الوضوء".

يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب من لم يرَ الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر". يعني فلم يرَ الدم ناقضًا للوضوء، ولم يرَ القيء الخارج الفاحش من البدن ناقضًا للوضوء، ولم ير خلع الخف ناقضًا للوضوء، فلم يرَ الوضوء إلا من المخرجين.

 وقول الله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [سورة النساء: 43] يعني الأصل فيه المكان المطمئن ثم أطلق على ما يوضع فيه من إطلاق المحل وإرادة الحال، وقال عطاءٌ فيمن يخرج من دبره الدود أو من ذكره نحو القملة: يعيد الوضوء؛ لأنه خرج من الدبر، وخرج من القبل، فصحّ أنه خارج من المخرجين، وقال جابر بن عبد الله: إذا ضحك في الصلاة أعاد الصلاة، ولم يعد الوضوء، يعني خلافًا للحنفية الذين يرون أن القهقهة مبطلة للوضوء، وقال الحسن: إن أخذ من شعره وأظفاره أو خلع خفيه فلا وضوء عليه، إن أخذ من شعره بعد أن مسح عليه أو أخذ من أظفاره بعد أن غسل اليدين وهما موجودتان والأظفار موجودة أو خلع خفيه فلا وضوء عليه؛ لأن هذا لا يصدق أنه من المخرجين.

طالب:...

اصبر اصبر! سيجيء الكلام عليها، لكن هذا كلام الحسن، هو مهمل كلام الحسن؟ شيخ الإسلام يقول به، أن وضوءه صحيح، ويستمر عليه، وسيأتي الكلام فيه. فلا وضوء عليه، نعم.

طالب:...

هم يرون الصلاة باطلة، الجميع يرون الصلاة باطلة، لكن الوضوء عندهم انتقض وضوؤه، فالضحك مبطل للصلاة عند الجمهور، ومبطل للوضوء عند الحنفية، وحديث القهقهة عندهم حديث تالف ضعيف جدًّا.

طالب:...

الأعمى الذي وقع في حفرة فضحك الصحابة فقال: «أعيدوا وضوؤكم»، هذا حديث ليس بصحيح.

 وقال أبو هريرة: لا وضوء إلا من حدث، وسيأتي حديث أبي هريرة وسؤال من سأله عن الحدث ما الحدث يا أبا هريرة؟ ويذكر عن جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في غزوة ذات الرقاع، فرُمي رجل بسهم فنزفه الدم فركع وسجد ومضى في صلاته فلم يترك ينصرف من صلاته ليتوضأ لمجرد خروج الدم؛ لأنه ليس من المخرجين، وقال الحسن: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم، وقال طاوس ومحمد بن علي، طاوس بن كيسان ومحمد بن علي بن الحنفية وعطاء بن أبي رباح وأهل الحجاز: ليس في الدم وضوءٌ، وعصر ابن عمر بثرة فخرج منها الدم ولم يتوضأ، على الذين يقولون بأن الدم ناقض يقولون: بثرة يسيرة ويعفى عن اليسير الدم، لكن جراحات ومن رُمي بسهم لا شك أن هذا يحدِث نزيفًا، وليس بيسير، لكن للمخالف أن يقول: إن هذا يشبه من حدثه دائم يصلي على حسب حاله؛ لأن مثل هذا النزيف الجرح والرمي بالسهم وما أشبه ذلك ما يمكن إيقافه.

طالب:...

هو متوضئ، سيأتي الكلام بالتفصيل، إن شاء الله تعالى.

 وبزق ابن أبي أوفى دمًا فمضى في صلاته، وقال ابن عمر والحسن فيمن يحتجم: ليس عليه إلا غسل محاجمه، فيمن يحتجم ليس عليه إلا غسل محاجمه، الآلة التي يحجم بها، إن احتجم أو حجم، والحسن فيمن يحتجم، هذا الحاجم أم المحجوم؟ المحجوم هو الذي خرج منه الدم هو الذي يتصور منه نقض الوضوء، لكن ليس عليه إلا غسل محاجمه، يعني إذا حجم نفسه.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

شرطة محجم، والجمع محاجم، ما المحجم؟ موضع الحجامة؟

قوله: باب من لم يرَ الوضوء إلا من المخرجين إلا من المخرجين، الاستثناء مفرّغ، يعني لم يذكَر المستثنى منه وهو مفرّغ، والمعنى من لم يرَ الوضوء واجبًا من الخروج من شيء من مخارج البدن إلا من القبل والدبر، وأشار بذلك إلى خلاف من رأى الوضوء، مما يخرج من غيرهما من البدن كالقيء والحجامة وغيرهما، ويمكن أن يقال: إن نواقض الوضوء المعتبرة ترجع إلى المخرجين، فالنوم مظنة خروج الريح، ولمس المرأة، ومس الذكر مظنة خروج المذي، مظنة خروج المذي، لكن يبقى القيء والحجامة.

قوله: لقوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [سورة النساء: 43] فعلَّق وجوب الوضوء أو التيمم عند فقد الماء على المجيء من الغائط، وهو المكان المطمئن من الأرض الذي كانوا يقصدونه لقضاء الحاجة، فهذا دليل وضوء مما يخرج من المخرجين، هذا فرد واحد من الأفراد لا ينفي ما عداه، وقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [سورة النساء: 43] دليل الوضوء من ملامسة النساء، وفي معناه مس الذكر مع صحة الحديث فيه، إلا أنه ليس على شرط الشيخين، وقد صححه مالك وجميع من أخرج الصحيح غير وجميع من أخرج الصحيح غير الشيخين، يعني ابن حبان وابن خزيمة والحاكم وابن السكن وغيرهم، يعني من صنف في الصحيح غير الشيخين، وقال عطاء هو ابن أبي رباح، وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة وغيره بنحوه، وإسناده صحيح، والمخالف في ذلك إبراهيم النخعي وقتادة وحماد بن أبي سليمان قالوا: لا ينقض، لا ينقض النادر.

طالب: ......

 حماد بن أبي سليمان؟ حماد بن أبي سليمان معروف، حماد بن سلمة، كان حماد بن سلمة، ليس فيه ابن أبي، حماد بن أبي سليمان معروف هذا، خلنا ننظر الصواب. حماد بن سلمة معروف، لكن ليس فيه ابن أبي سلمة، ما فيه الخطأ، عندكم طبعة الأرناؤوط؟

 الرسالة؟

ماذا؟

طالب:...

حماد بن أبي سليمان.

طالب:...

أبا عبد الرحمن، ما المحاجم؟ ليس عليه إلا غسل محاجمه، الآلة آلة الحجامة أو موضع الحجامة؟

طالب:...

بالمص نعم. طيب هنا يقول: وقال ابن عمر والحسن فيمن يحتجم، ما هو فيمن يحجم.

طالب: ......

ماذا؟

طالب: ......

ليس عليه إلا غسل محاجمه.

طالب:...

نعم، ما يخالف، لكن أنا سألتك عن المحاجم تقول: الآلة الكيسان.

طالب:...

لأنه قال فيمن يحتجم ما قال فيمن يحجم الموضع؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا، هو الكلام كله يدور فيما يخرج من البدن، والذي يخرج من البدن هو موضع من يحتجم، لا من يحجم. والأصل أن المحاجم آلة الحجامة أو موضعها، وهو المراد هنا وسيجيء الكلام فيها لكن نحن نستبق. والمخالف في ذلك إبراهيم النخعي وقتادة وحماد بن أبي سليمان ماذا عندكم؟

طالب: ......

فيه ماذا عندك؟ فيه حماد بن أبي سلمة؟ شف التقريب.

 قالوا: لا ينقض النادر، وهو قول مالك قال: إلا إن حصل معه تلويث، إلا إن حصل معه تلويث، حتى من يقول بنقض القيء والدم يقول: النادر والقليل لا ينقض يعفى عن يسيره، قوله: وقال جابر هذا التعليق وصله سعيد بن منصور والدارقطني وغيرهما وهو صحيح من قول جابر، وأخرجه الدارقطني من طريق أخرى مرفوعًا، لكن ضعفها، والمخالف في ذلك إبراهيم النخعي والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه قالوا: ينقض الضحك إذا وقع داخل الصلاة لا خارجها.

 قال ابن المنذر: أجمعوا على أنه لا ينقض خارج الصلاة، يعني الضحك، القهقهة، واختلفوا إذا وقع فيها فخالف من قال بذلك القياس الجلي، يعني حديث ضعيف يخالفون به القياس الجلي، والعادة عندهم أن الحديث الآحاد وإن صحّ لا يخالف القياس الجلي، ما فيه حماد بن أبي سلمة؟

ماذا قال عنه؟

طالب: ......

نعم هذا هو ابن أبي سليمان، وتمسكوا بحديث لا يصح، وحاشا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين هم خير القرون أن يضحكوا بين يدي الله تعالى خلف رسوله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انتهى.

طالب: ......

لأنه أقبل أعمى وهم يصلون، على حسب الحديث الضعيف، بل الضعيف جدًّا فسقط في حفرة فضحكوا، فأمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بإعادة الوضوء، لكن هذا الحديث لا يثبت، بل ضعفه شديد، ومع ذلك خالفوا به القياس الجلي.

طالب: ......

ماذا عندك؟ قدام سيجيء يتابع، يريد أن يلحق الصلاة فضحكوا. ولذلك يقول: وحاشا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذين هم خير القرون أن يضحكوا بين يدي الله تعالى خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انتهى، على أنهم لم يأخذوا بعموم الخبر المروي في الضحك، بل خصوه بالقهقهة، الذين قالوا، الحنفية الذين قالوا بنقض الوضوء بالقهقهة لا بمجرد الضحك.

 قوله: وقال الحسن أي ابن أبي الحسن البصري والتعليق عنه للمسألة الأولى وصله سعيد بن منصور وابن المنذر بإسناد صحيح، والمخالف في ذلك مجاهد والحكم بن عتيبة وحماد، قالوا: من قصّ أظفاره أو جزّ شاربه فعليه الوضوء؛ لأنه أزال ما غسله أو ما مسحه، ونقل ابن المنذر أن الإجماع استقر على خلاف ذلك يعني من توضأ ومسح على رأسه ثم حلقه فوضوؤه صحيح ولا يعيده، ولا يعيد شيئًا منه، ونقل ابن المنذر أن الإجماع استقر على خلاف ذلك، وأما التعليق عنه للمسألة الثانية فوصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح ووافقه على ذلك إبراهيم النخعي وطاوس وقتادة وعطاء، وبه كان يفتي سليمان بن حرب وداود، وخالفهم الجمهور على قولين، وخالفهم الجمهور على قولين مرتبين على إيجاب الموالاة وعدمها، فمن أوجبها قال: يجب استئناف الوضوء إذا طال الفصل، يعني إذا خلع الخف، ومن لم يوجبها قال: يكتفي بغسل رجليه، وهو الأظهر من مذهب الشافعي، عندنا المذكور إذا أخذ من أو خلع خفيه فلا وضوء عليه، هذا مذهب الحسن، وخالف في ذلك الجمهور، وخالفهم الجمهور على قولين مرتبين على إيجاب الموالاة وعدمها فمن أوجب الموالاة قال: يجب استئناف الوضوء إذا طال الفصل، ومن لم يوجبها قال: يكتفي بغسل رجليه، وهو الأظهر من مذهب الشافعي.

قال في الموطأ، البويطي عندك يا أبا عبد الله؟

طالب: ......

 نعم، وقال في الموطأ: أحب أن يبتدأ الوضوء من أوله وقال بعض العلماء من الشافعية وغيره: يجب الاستئناف وإن لم تجب الموالاة عن الليث عكس ذلك، قال بعض العلماء من الشافعية وغيرهم قال بعض العلماء من الشافعية وغيرهم: يجب الاستئناف وإن لم تجب الموالاة عن الليث عكس ذلك. يعني لا يجب الاستئناف وإن وجبت الموالاة عكس ذلك. المسألة في خلع الخف سمعنا ما قاله الحسن وخالفه الجمهور وقال بقول الحسن شيخ الإسلام- رحمه الله- ويقول به بعض من يفتي الآن تقليدًا لشيخ الإسلام، إذا قالت حذام فصدقوها، فبناءً على أنه إذا غسل مسح الشعر وحلقه لا شيء عليه مع أن المسألة مع الفارق قياس مع الفارق؛ لأن مسح الرأس ركن أصلي، ومسح الخف فرع، وليس بأصل؛ لأن الأصل غسل قدميه وهو رخصة، والرخصة يكتفى بها في موردها، وحينئذٍ إذا مسح على خفيه، فخلعه وأراد الصلاة فحينئذٍ يصلي بقدم ليست مغسولة ولا ممسوحة، ما نقول: انتقض الوضوء، نقول: وضوء ناقص، وضوء ناقص ليس فيه غسل رجل ولا مسح خف فهو يصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة فهو ناقص فرض من فروض الوضوء فليس بوضوء في الحقيقة، خلافًا لمن يقول: إنه ينتقض وضوؤه ما ينتقض، ولذلك لا يذكرون خلع الخف من نواقض الوضوء؛ لأنه لا وضوء الآن.

 إذا نقص فرض من فروض الوضوء تسميه وضوء؟ ليس بوضوء، فهي خفٌ ليست مغسولة ولا ممسوحة، فهذا الوضوء لا تصح الصلاة فيه ولا يجزئ، هذا قول الجمهور.

طالب:...

على، مثل ما تقدَّم من يوجب الموالاة يصير أخر غسل الرجل عن الأعضاء الأخرى، الذي لا يقول بالموالاة يمشي عنده.

طالب:...

لما مسح ارتفع، لكن الآن في الحال الحاضرة؟

طالب:...

يرجع نعم؛ لأن رجله ليست مغسولة ولا ممسوحة، فهو يصلي بوضوء ناقص.

 طالب: ......

أين؟ قول هذا يعني عكس ما قيل.

طالب:...

لا لا، ما له وجه. ما له وجه، إن كان الكلام إما أن من لا يوجب الموالاة يكتفي بغسل رجليه؛ لأنه غسل الأعضاء سابقًا.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم، يتوضأ من جديد، وإن لم تجب الموالاة وعن الليث عكس ذلك، يكتفي بغسل الرجلين وإن وجبت الموالاة.

قوله: وقال أبو هريرة، وصله إسماعيل القاضي في الأحكام بإسناد صحيح من طريق مجاهد عنه موقوفًا، ورواه أحمد وأبو داود والترمذي من طريق شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه مرفوعًا وزاد: أو ريح، لا وضوء إلا من حدث، يعني أو ريح، زاد: أو ريح.

قوله: ويذكر عن جابر، وصله ابن إسحاق في المغازي قال: حدثني صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن أبيه مطولاً، وأخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، كلهم من طريق من طريق ابن إسحاق وشيخه صدقة ثقة، وشيخه شيخ من؟ طالب: ......

صدقة بن يسار نعم، ثقة، وعقيل بفتح العين لا أعرف راويًا عنه غير صدقة، ولهذا لم يجزم به المصنف، أو لكونه اختصره أو للخلاف في ابن إسحاق. يذكر عن جابر. ما قال: وقال جابر، صاغه ساقه بصيغة التمريض لم يجزم به؛ لأن عقيلًا لا يعرف له راوٍ إلا صدقة، وبهذا يكون مجهول العين عندهم إن لم يوثَّق، لكن إذا وثِّق ارتفعت الجهالة أو لكونه اختصره ولا يجزم إلا بما أتى به كاملاً أو للخلاف في ابن إسحاق، والخلاف في ابن إسحاق طويل جدًّا عند أهل العلم، والقول الوسط أنه إذا صرّح بالتحديث أنه من قبيل الحسن.

 قوله: في غزوة ذات الرقاع سيأتي الكلام عليها في المغازي، إن شاء الله تعالى. قوله: فرُمي بضم الراء، قوله: رجلٌ نائب الفاعل تبيّن من سياق المذكورين تبيّن من سياق المذكورين سبب هذه القصة، ومحصلها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل بشِعب فقال: «من يحرسنا الليلة» فقام رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار، فباتا بفم الشِعب، فاقتسما الليل للحراسة، فنام المهاجري، وقام الأنصاري يصلي فجاء رجل من العدو فرأى الأنصاري فرماه بسهم فأصابه فنزعه واستمر في صلاته، ثم رماه بثانٍ فصنع كذلك، ثم رماه بثالث فنزعه وركع وسجد وقضى صلاته، ثم أيقظ رفيقه، الله المستعان، لو تلسع نملة المصلي منا يستمر في صلاته؟

طالب:...

الفريضة ... واحد من طلاب العلم أنا أعرفه، صاحب علم وصاحب عبادة، نازل من ثوبه سلك رقيق خيط رقيق جدًّا، فمسّ رجله فقطع صلاته، نعم بعض الناس يصير حساسًا، ما يريد شيئًا يلمسه، ماذا تقول يا أبا عبد الله؟

طالب: ......

يا أبا عبد الرحمن؟

طالب: ......

نعم، بعض الناس سلك رقيق، وهو طالب علم أنا أعرفه شخصيًا سلك رقيق نزل على رجله، فصار إذا تحرك يروح ويجيء فظنه حشرة أو شيئًا أو عقربًا أو، فقطع صلاته. هذا رُمي بسهم نزعه فاستمر، رمي بسهم ثانٍ فنزعه واستمر، بثالث نزعه وأكمل صلاته، ثم أيقظ رفيقه.

طالب:...

نافلة صلاة الليل. يذكر عن مصعب -رحمه الله- أنه كان يصلي أو أنه أريد بتر رجله فقال: دعوني حتى أصلي.

طالب:...

عروة نعم، عروة بن الزبير، عروة، قطعت رجله وهو يصلي، هذا الكلام ضرب من الخيال عند كثير ممن لا يدرك مثل هذه الأمور نعم، ضرب من الخيال، والله المستعان.

اطلعنا على مقطع فيه شيخ كبير في السن، ولا أدري عن درجته في العلم، ملتحٍ لحيته بيضاء أريد أن يُعمَل له عملية جراحية ويخدر كاملًا، فطلب الإنظار والإمهال مدة يسيرة حتى يقرأ حزبه اليومي، فرفضوا، فقال: إذا بدأت أقرأ اصنعوا ما شئتم. نعم بدأ يقرأ بصوت متوسط فأعطوه البنج، ضربوا إبرة البنج وخدر كاملًا لا يحس بشيء، واستمر يقرأ إلى أن انتهت العملية، من شبّ على شيء شاب عليه، لكن يلزمنا مع الإخلاص أن نكون خاشعين في قراءتنا، قراءتنا على الوجه المؤثر في القلب، ما هو مجرد سرد لا ندري أين نحن في الصفحة اليمنى أو اليسرى، أو إذا حصل أدنى حركة ضاع كل شيء، ما تدري بأي سورة أنت، الله المستعان.

 ثم أيقظ رفيقه، فلما رأى ما به من الدماء قال له: لمَ لا أنبهتني أول ما رُمي؟ أولى ما رُمي؟ يعني في المرة الأولى، قال: كنت في سورة فأحببت ألا أقطعها، وأخرجه البيهقي في الدلائل من وجه آخر، وسمى الأنصاري المذكور عباد بن بشر، والمهاجري عمار بن ياسر، والسورة الكهف.

قوله: فنزفه قال ابن طريف في الأفعال: يقال: نزفه الدم وأنزفه إذا سال منه كثيرًا حتى يضعفه، فهو نزيف ومنزوف.

 وأراد المصنف بهذا الحديث الردّ على الحنفية في أن الدم السائل ينقض الوضوء، فإن قيل، كذلك الحنابلة المشهور عندهم أنه ينقض الوضوء، الخارج الفاحش النجس من الجسد ينقض كالقيء والدم، فإن قيل: كيف مضى في صلاته مع وجود الدم في بدنه أو ثوبه، واجتناب النجاسة فيها واجب؟

أجاب الخطابي بأنه يحتمل أن يكون الدم جرى من الجراح على سبيل الدفق، بحيث لم يصب شيئًا من ظاهر بدنه وثيابه.

 فيه بُعد. صحيح ما يمكن، يعني كأنه صنبور، لكن لا بد أن يصيب الثوب الدم؛ لأن الثوب سيعيده إلى البدن، يرده إلى البدن، ولذلك قال: وفيه بُعد، ويحتمل أن يكون الدم أصابه الثوب فقط، فنزعه عنه ولم يسل على جسمه إلا قدر يسير معفو عنه، ثم الحجة قائمة به على كون خروج الدم لا ينقض ولو لم يظهر الجواب عن كون الدم أصابه.

طالب: ......

 لا، أصابه قطعًا، أصابه قطعًا، والظاهر أن البخاري كان يرى أن خروج الدم في الصلاة لا يبطلها بدليل أنه ذكر عقب هذا الحديث أثر الحسن وهو البصري قال: ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم، وقد صحّ أن عمر صلى وجرحه ينبع دمًا. صحّ أن عمر صلى وجرحه ينبع دمًا.

"