كتاب الصلاة (26)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة في مرابض الغنم"

 حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة عن أبي التياح عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في مرابض الغنم، ثم سمعته بعد يقول: كان يصلي في مرابض الغنم قبل أن يبنى المسجد".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

 فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة في مرابض الغنم" المَربض أو المِربض والمِبرك أو المَبرك هو محل سكونها وجلوسها على تجوزنا في الكلام، المكان الذي تجلس فيه بدل ما هي بقائمة تربض، وهذه الترجمة وما يليها من التراجم كالمبارك مبارك الإبل ومواضعها، وكذلك البقر على ما سيأتي، والنصّ صحيح وثابت في صحة الصلاة في مرابض الغنم؛ لأن أرواثها وأبوالها طاهرة، يعني لا بد أن يكون فيها شيء من الأرواث والأبوال، وفي هذا رد على من يقول بنجاسة أرواث وأبوال مأكول اللحم كالشافعية؛ لأنهم يرون النجاسة، ومقتضى ذلك ومن لازمه ألا تصحّ الصلاة فيها، وحديث الباب والباب الذي يليه على ما بينهما من فرق الصلاة في مبارك أو مرابط الغنم لا إشكال فيها؛ لأنها طاهرة، الصلاة في مبارك الإبل والخلاف فيها لا لأنها نجسة، لما جاء من التحذير من الجلوس حولها؛ لأنها كما جاء في بعض الألفاظ شياطين أو جِنّ خُلِقت من جِنّ كما في بعض الآثار، وإلا فالأصل أنها طاهرة، وكونها لا تؤمن على من صلى بجانبها لا يعني أنها نجسة، وسيأتي الكلام في ذلك في الحديث في الباب الذي يلي هذا، أما مرابض الغنم فالغنم مأمونة.

 ومنهم من يفرق بين مرابض الغنم والإبل أن الإبل تستر صاحبها، فيقضي حاجته بجانبها، بخلاف الغنم ما فيه، ما يقضي حاجته عند شاة ولا تيس ولا شيء؛ لأنه ما يستتر، بخلاف الإبل فإنه يستتر بها، وصار من لازم ذلك أنها تقضى عند حوائج الإنسان وهي نجسة بالاتفاق، بخلاف الغنم.

 وعلى كل حال سيأتي في كلام الشارح، وإن كان عليه ما يلاحظ؛ لأنه يختلف بسبب مذهبه مع غيرهم في الأصل وهو نجاسة الأبوال والأرواث، فيؤتى من هذه الحيثية، وفي كلام الشارح إن شاء الله ما يبين ذلك.

 قال -رحمه الله-: "حدثنا سليمان بن حرب" مرابض الغنم جاءت في هذا الباب، والإبل سيأتي في الباب الذي يليه، والبقر..

 طالب: ..........

 ماذا؟

طالب: ..........

 ما جاء فيها شيء، ويمكن أن يستعمل فيها قياس الشبه هل هي أشبه بالإبل من حيث الحجم ومن حيث بعض الأحكام في كونها عن سبعة، وفي كونها كذا، أو هي مشبهة للغنم بحيث تفارق الإبل في العلة التي مُنِع من الصلاة حولها؟

هذا يسمونه قياس الشبه، وهو تردد الفرع بين أصلين، فيلحق بأكثرهما شبهًا، قال -رحمه الله-: "حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة عن أبي التياح" واسمه؟

طالب: ..........

 نعم يزيد بن حميد الضبعي، "عن أنس قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في مرابض الغنم، ثم سمعته يقول بعد ذلك" ثم سمعته يعني شعبة، يقول بعد ذلك "يقول: كان يصلي في مرابض الغنم قبل أن يبنى المسجد" قبل أن يبنى المسجد، هذا الاستدراك أولاً هذه قطعة من الحديث السابق حديث أنس، والاستدراك لئلا يأتي من مفتون كما يوجدون بكثرة في أيامنا هذه، كان يصلي في مرابض الغنم، ما فائدة المسجد؟ ثم يأخذ هذه رخصة يصلي في أي مكان، كان الرسول يصلي في مرابض الغنم، ولكن الاستدراك من الراوي قبل أن يبنى المسجد؛ لأنه ما الفائدة من بناء المسجد؟

أول عمل اتخذه النبي –صلى الله عليه وسلم- بنى المسجد من أجل إيش؟ أن يصلي الناس في بيوتهم، كما ينادى به من بعض المفتونين الآن، ويشغب على الناس بمثل هذا الكلام؟ حي على الصلاة، حي على الفلاح يقال: هذا من المؤذنين ويقال: ابنوا المساجد، في بلدانكم وصلوا في بيوتكم؟

ما يمكن أن يقال مثل هذا، ما يمكن أن يقال مثل هذا، حي على الصلاة يعني تعالوا إلى الصلاة، إلى المساجد، حيث ينادى بها، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، هذا كلام ابن مسعود -رضي الله عنه- وما، ورأينا مع الأسف الشديد أناسًا ينتسبون إلى العلم، ومعهم شهادات عليا، ويدرسون العلوم الشرعية، تجده أستاذًا في الحديث أو في الفقه يصلي في بيته، هذا لا شك أنه خذلان، ومن تسويل الشيطان، قبل أن يبنى المسجد هذا له فائدة أم ما له فائدة؟

فيه فائدة؛ لئلا يقول قائل: خلاص نصلي في مرابض الغنم، ما المانع أننا نصلي في أماكننا ومحلاتنا وأسواقنا؟

نعم.

قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: (باب الصلاة في مرابض الغنم) أي أماكنها، وهو بالموحدة والضاد المعجمة جمع مربض بكسر الميم، وحديث أنس طرف من الحديث الذي قبله، لكن بيّن هناك أنه كان يحب الصلاة حيث أدركته -أي حيث دخل وقتها- سواء كان في مرابض الغنم أو غيرها، وبيّن هناك أن ذلك كان قبل أن يبنى المسجد، ثم بعد بناء المسجد صار لا يحب الصلاة في غيره إلا لضرورة.

قال ابن بطال: هذا الحديث حجة على الشافعي في قوله بنجاسة أبوال الغنم وأبعارها; لأن مرابض الغنم لا تسلم من ذلك. وتُعُقِّب بأن الأصل الطهارة وعدم السلامة منها غالب، وإذا تعارض الأصل والغالب قُدِّم الأصل. وقد تقدَّم مزيد بحث فيه في كتاب الطهارة في باب أبوال الإبل".

هذا الغالب المقابل للأصل لا تنفك منه أبوالها، لا تكاد تنفك منه بحيث يقال غالب، هذا شبه متيقن أنها تبول في أماكنها، وتروث فيها، هذا ما ينازع فيه هذا، لكن هذه القاعدة مقابلة الأصل بالغالب وتغليب الأصل؛ لأنه هو الأصل على الغالب ليست مسلمة، ليست مسلمة، أنتم يا طلاب العلم، رأيتم كتابًا عند زميل لكم، مكتوب عليه اسم زميل ثانٍ، الكتاب في قبضته، وفي مكتبته، ومكتوب عليه اسم زميل ثانٍ غيره، وقيل لك: لمن هذا الكتاب؟

طالب:...

لكن ما فيه مرجحات؟ ما فيه مرجحات؟

طالب:...

هي معارضة يمكن هذا أن يعير، يمكن أن يبيع أيضًا فيه معارضات، فترجيح الحكم المطلق برجحان الأصل ليس بصحيح، فكل مسألة أو كل قضية يحكم عليها بمرجحاتها.

طالب:...

هذا الأصل ما يمكن أن نقول: إن هذا الكتاب عند فلان فهو له مطلقًا، هو لو لم يوجد معارض ما عليه اسم غيره قلنا هذا، حُكِم له به إلا إن اعترف أنه استعاره منه ومكث عنده، وذاك ما يكتب الاسم؛ لأن كثيرًا من الناس ما يكتبون الأسماء على الكتب، لكن إذا وُجد الاسم بوضوح وعُرِف من حال هذا الطالب أنه لا يعير ولا يبيع أنه له، هذا مرجح.

طالب:...

ماذا؟

طالب: ..........

ابن بطال يقول: فيه رد على الشافعي، ابن بطال يرد على الشافعي، ابن بطال وهو من المالكية، منكم يرد على الشافعي.

طالب:...

عندك ألفاظ تطلق على أشياء أو ألفاظ كثيرة تطلق على شيء واحد، ماذا تسمي هذا؟ مبرك الناقة ما اسمه؟ ومربض الغنم ما اسمه؟ والإبل ما اسمه؟ وموقع الطير ما اسمه؟ وهه الموقع ما مظنتها؟

طالب:...

ما مظنته من المراجع؟

فقه اللغة، فقه اللغة، ما أُلفت كتب فقه اللغة إلا لهذا، وحري، جدير بطالب العلم أن يراجعها ويقرأ فيها ولو مختصرًا، ما نقول يقرأ المخصص سبعة عشر جزءًا وإن قرأه ففيه خير كثير جدًّا، ويفتح له أبوابًا لم تدر على خاطره، فعندنا اللغة ..

طالب:...

كم من فن فنون اللغة؟

اثنا عشر اثنا عشر فنًا، عندك فقه اللغة وما يسمى بمتن اللغة، هذا عكس هذا، إن بغيت المعنى أو عندك معنى ولا تستطيع أن تسميه أو تعبر عنه فارجع إلى فقه اللغة، ..

طالب: ..........

 نعم، معروف هذا، أنا أريد مثال ولد الضبع ماذا يسمى؟ أو ولد السبع أو ولد الذئب ماذا يسمى؟ ترجع إلى فقه اللغة، لكن عندك لفظ تحتاج إلى معناه ترجع إلى الكتب الكثيرة جدًّا، المعاجم.

طالب:...

هو، يعني مثل الساحة التي عند باب المسجد مرابض غنم، وهي ما جاءها أحد؟ ما تقدر، البعرة تدل على البعير، ما تسمى مربض غنم إلا إذا كانت تربض فيه، ما قصدك من هذا؟ لأنه ما ينازع فيه أبدًا.

طالب:...

لا، هو ما ينازع في التسمية، ينازع في الأصل، هل هذا المسمى بالمربض طاهر أم نجس؟ لأن عندهم ما هو أشد مما عندنا، يرون النجاسة، فهل هذا المكان المتفق عليه أنه مربض غنم هل هو طاهر أم نجس؟ إن استعملنا الأصل فالأصل في الأشياء الطهارة، وإن استعملنا الغالب والذي يصل أو يقرب من أن يكون أصلاً، الذي يقرب من أن يكون أصلاً قلنا: نجس على زعمهم.

قال -رحمه الله-: "(تنبيه): القائل "ثم سمعته بعد يقول" هو شعبة يعني أنه سمع شيخه يزيد فيه القيد المذكور بعد أن سمعه منه بدونه، ومفهوم الزيادة أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يصلِّ في مرابض الغنم بعد بناء المسجد، لكن قد ثبت إذنه في ذلك كما تقدم في كتاب الطهارة".

صلوا في مرابض أمر، «صلوا في مرابض الغنم»

طالب: ..........

نعم؟

طالب: ..........

لا لا، اللفظ هذا إذن، إذن.

قال -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة في مواضع الإبل: حدثنا صدقة بن الفضل قال: أخبرنا سليمان بن حيان قال: حدثنا عبيد الله عن نافع قال: رأيت ابن عمر يصلي إلى بعيره، وقال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعله".

قال -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة في مواضع الإبل، قال -رحمه الله-: حدثنا صدقة بن الفضل قال: أخبرنا سليمان بن حيان قال: حدثنا عبيد الله عن نافع" عبيد الله؟ العمري المصغر الثقة، "عن نافع قال: رأيت ابن عمر" مولاه، "يصلي إلى بعيره، وقال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعله" يستتر به؛ لأنه معروف أن البعير يستر، ما هو مثل الغنم فيستتر به وما دام يصلي إليه وهو قريب منه فلا يؤمن أن يكون المكان متلوثًا بروثه وبوله، مما يقتضي نجاسته عند الشافعية، يعني إذا قالوا: في طواف النبي -عليه الصلاة والسلام- على دابته على ناقته قالوا: إنها عُصمت من أن تبول في المسجد؛ إكرامًا له صلى الله عليه وسلم، اللهم صلِّ على عبدك ورسولك. عصمت أن تبول في المسجد؛ إكرامًا له، وكل هذا من أجل طرد قولهم، طرد قولهم أنها نجسة، وكل هذا انتصار للمذهب، انتصار للمذهب، وإلا فأدلتهم كما تقدَّم في حديث العرنيين والرد عليهم في ذلك أنهم يقولون: النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يشربوا من أبوالها للعلاج ضرورة هذه، ولم يأمرهم بغسل أفواههم بعد الشرب من أبوالها، لماذا لم يأمرهم بذلك؟

لأنهم يعرفون ذلك، وهم ليسوا بعدُ مظنة علم، هل هم مظنة علم؟ ليسوا بمظنة علم.

طالب: ..........

 نعم ليسوا بمظنة علم، على كل حال الأدلة الدالة على طهارة أرواث وأبوال ما يؤكل لحمه راجحة، وبخاصة لا يعارضها إلا عمومات، لا يستنزه من البول قالوا: هذا يشمل بول مأكول اللحم وغيره، ويفسره الرواية الثانية: «كان لا يستنزه من بوله»، «كان لا يستنزه من بوله».

طالب:...

للضرورة ضرورة نعم. وفيه الحديث: «تداووا عباد الله، ولا تتداووا بحرام»، هم قالوا هذا.

طالب:...

نعم، رأيت ابن عمر يصلي إلى بعيره، قال: رأيت النبي –صلى الله عليه وسلم- يفعله، يعني ابن عمر الصحابي المؤتسي المقتدي ما فعله من تلقاء نفسه، وإنما فعله؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- يفعله. طيب ابن عمر رأى النبي –صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك، ابن عمر لو وجد مع البعير حائطًا، هذا بعير، وهذا حائط، ويريد أن يقضي حاجته، مع أنه ورد البول إلى الحائط، لكن لو لم يرد البول إلى الحائط، فماذا كان المرجَّح عند ابن عمر؟

طالب: ..........

نعم -رضي الله عنه وأرضاه-.

قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: (باب الصلاة في مواضع الإبل) كأنه يشير إلى أن الأحاديث الواردة في التفرقة بين الإبل والغنم ليست على شرطه، لكن لها طرق قوية: منها حديث جابر بن سمرة عند مسلم، وحديث البراء بن عازب عند أبي داود، وحديث أبي هريرة عند الترمذي، وحديث عبد الله بن مغفل عند النسائي، وحديث سَبْرة بن معبد عن ابن ماجه، وفي معظمها التعبير "بمعاطن الإبل". ووقع في حديث جابر بن سمرة والبراء "مبارك الإبل"، ومثله في حديث سُلَيك عند الطبراني، وفي حديث سبرة، وكذا في حديث أبي هريرة عند الترمذي: "أعطان الإبل"، وفي حديث أسيد بن حضير عند الطبراني: "مناخ الإبل"، وفي حديث عبد الله بن عمروٍ عند أحمد: "مرابد الإبل"، فعبر المصنف بالمواضع; لأنها أشمل، والمعاطن أخص من المواضع; لأن المعاطن مواضع إقامتها عند الماء خاصةً. وقد ذهب بعضهم إلى أن النهي خاص بالمعاطن دون غيرها من الأماكن التي تكون فيها الإبل، وقيل: هو مأواها مطلقًا، نقله صاحب المغني عن أحمد".

هو نقل في مواضع عن صاحب المغني، ولكنه بالنسبة لحجم الكتاب ليست كثيرة.

"وقد نازع الإسماعيلي المصنف في استدلاله بحديث ابن عمر المذكور بأنه لا يلزم من الصلاة إلى البعير وجعله سترة عدم كراهية الصلاة في مبركه، وأُجيب بأن مراده الإشارة إلى ما ذكر من علة النهي عن ذلك وهي كونها من الشياطين كما في حديث عبد الله بن مُغَفَّل فإنها خلقت من الشياطين، ونحوه في حديث البراء، كأنه يقول: لو كان ذلك مانعًا من صحة الصلاة لامتنع مثله في جعلها أمام المصلي، وكذلك صلاة راكبها، وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي النافلة وهو على بعيره، كما سيأتي في أبواب الوتر، وفرّق بعضهم بين الواحد منها وبين كونها مجتمعة؛ لما طُبِعَت عليه من النِّفَار المفضي إلى تشويش قلب المصلي، بخلاف الصلاة على المركوب منها، أو إلى جهة واحد معقول، وسيأتي بقية الكلام على حديث ابن عمر في أبواب سترة المصلي، إن شاء الله تعالى".

لأن المركوب مقدور عليه، وزمامه بيد قائده، أما المجموعة التي ينفر بعضها من بعض، وينفر بعضها من أدنى مؤثر فتختلف.

طالب:...

والله كلها معقولة، ما الذي يؤثر في المطلوب؟ ما أثر، لكن مما يخشى أن تصيب من صلى بجانبها، نعم جاءت الكراهة وإلا فهي طاهرة.

طالب:...

العلل التي ذكرت؟

طالب:...

العلة ارتفعت، العلة ارتفعت، البول والروث طاهر مثل الغنم، ما فيه إشكال ما تطهر.

طالب:...

ماذا؟ نعم، لكن الروث جاءت النصوص التي تدل على طهارته، فلا يصلح أن يكون علة للمنع، معاطن أو قل العلة غير معقولة، إذا قلنا: العلة غير معقولة أشغلنا النهي مطلقًا، فكانت ممنوعة مطلقًا موجودة أو غير موجودة.

طالب:...

ما الذي يجعل..؟ كونه يشير إليها مما يدل على أنه يصححها، لكن ليست على شرطه، والإشارة في الترجمة وإيراد حديث ابن عمر، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم-، رأيت النبي –صلى الله عليه وسلم- يفعله يدل على الجواز، والتفريق بينها وبين الغنم إما لأن العلة مختلفة ليست الطهارة والنجاسة، وإنما تكون تعبدية، أو لما قيل في أنها شياطين أو من شياطين، أو لما يخشى من نفورها وتشويش المصلي، وهكذا.

"وقيل: علة النهي في التفرقة بين الإبل والغنم بأن عادة أصحاب الإبل التغوط بقربها فتنجس أعطانها، وعادة أصحاب الغنم تركه، حكاه الطحاوي عن شَريكٍ واستبعده، وغلط أيضًا من قال: إن ذلك بسبب ما يكون في معاطنها من أبوالها وأرواثها; لأن مرابض الغنم تشركها في ذلك، وقال: إن النظر يقتضي عدم التفرقة بين الإبل والغنم في الصلاة وغيرها كما هو مذهب أصحابه. وتعقب بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة المصرحة بالتفرقة، فهو قياس فاسد الاعتبار، وإذا ثبت الخبر بطلت معارضته بالقياس اتفاقًا، لكن جمع بعض الأئمة بين عموم قوله: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» وبين أحاديث الباب بحملها على كراهة التنزيه، وهذا أولى. والله أعلم.

 (تكملة): وقع في مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي في مرابض الغنم، ولا يصلي في مرابض الإبل والبقر، وسنده ضعيف، فلو ثبت لأفاد أن حكم البقر حكم الإبل، بخلاف ما ذكره ابن المنذر أن البقر في ذلك كالغنم".

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: حديث عبد الله بن عمرو يقول: تحرفت في سين إلى عمر.

ولا يصلي في مرابض الإبل والغنم، والبقر، الإبل والبقر، فهي من هذه الحيثية شبهها بالإبل أكثر، والحديث ضعيف، ولو تأملنا الشبه شبه البقر وشبه الغنم، شبه الغنم بالبقر، البقر بالغنم أو بالإبل لاستخلصنا أن شبهها بالحجم والمقدار سبعة، بقرة عن سبعة، والإبل عن سبعة..

طالب: ..........

ماذا؟

طالب:...

الحجم كبير، وهو عن سبعة مثل الإبل، لكن كونها مألوفة عند كثير من الناس في بيوتهم كالغنم بخلاف الإبل، ولذلك تجد الآن في استعمال الناس على مر العصور الذين يتخذون الإبل في مكان يترددون عليه، ويشربون منه الحليب أو اللبن تجد أن البقر ما يوجد منه شيء من هذا، استطلعت الرجال حط البقر؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم؟

طالب:...

وما بحليب؟ لا، قد تكون أوفر حليبًا من الإبل، أوفر حليبًا من الإبل، ما فيها شيء كلها طاهرة، مما يؤكل لحمه.

طالب:...

جِنّ، أو ما يخشى من تشويشه على المصلي، الإبل لها هيبة، يخافها كثير من الناس، الذين لم يألفوها، لكن تأتي بواحد يا إخوة يخاف من الغنم؟ فيه؟

طالب:...

ماذا؟

طالب: ..........

لا، هو الخوف من بعض الغنم ذوات القرون الطويلة موجود، لكن ليس الأصل.

طالب: ..........

 نعم.

طالب:...

في ماذا؟ البقر مثل الغنم، البقر مثل الغنم، من وجوه، إن وقفنا على المقابر فالظاهر أننا لن نتلو شيئًا، ماذا صار على الشيخ؟ ماذا قال؟

طالب:...

رأينا.

طالب:...

من الشياطين نعم، فهي مخوفة.

طالب: ..........

 أين؟

طالب:...

يقول: كيف يمكن الجمع بين القول بأن الإمام الزهري -رحمه الله- من أئمة الحديث وحفاظهم وبين القول بأن مراسيله من أوهى المراسيل؟

ما له علاقة بحفظه ولا بعدالته؛ لأن هذه المراسيل حينما بُيِّنَت ووُجِدَت ووُصِلَت وُجِد أنه يحذف ضعافًا، فتكون مراسيله ضعيفة، بخلاف سعيد بن المسيب الذي وجدت مراسيله لما وصلت عن ثقات، تكون مراسيله أقوى المراسيل، ومثل ما يقال في المراسيل يقال في التدليس، في التدليس، أئمة كبار وصفوا بالتدليس، أئمة كبار، سفيان الثوري وسفيان بن عيينة، والحسن البصري تدليسه شديد، هذا أسهل شوي.

على كل حال ما يرون في هذا بأسًا؛ لأنه في وقت يكتشف فيه ما يستمر الغش على الناس في وقت الرواية، يكتشف، يكتشفه الرواة بخلاف وقتنا هذا إذا جئت بخبر وتحذف واحدًا أوهمت ودلست على السامع.

طالب:...

معاطن الإبل النهي في الأصل يقتضي التحريم، ولكن العلة لا تنهض لإبطال الصلاة، لا تنهى عن صحة الصلاة.

اقرأ الباب.

طالب:...

الشيخ عبد العزيز هذا كلامه، شيخنا وشيخ الجميع.

قال -رحمه الله تعالى-: "باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله، وقال الزهري: أخبرني أنس قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «عرضت علي النار وأنا أصلي».

 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: انخسفت الشمس، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: «أريت النار، فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع»".

قال -رحمه الله-: "باب من صلى وقدامه تنور" التنور الذي فيه النار، ويخبز فيه، ويصنع به بعض المأكولات التي تحتاج إلى النار، "أو نار" وهذا أعم، التنور خاص يصنع فيه الخبز أو نار مطلقة يعني سواء كانت على وجه الأرض أو في داخل يستعمل للطهي، "أو شيء، وهذا أو شيء مما يعبد" كما أن النار تعبد كذلك أي شيء يعبد ما حكمه؟ "فأراد به الله"، ولذا يطلقون الكراهة الشديدة، وبعضهم يقول بالتحريم في الصلاة إلى النار، في الصلاة إلى النار، وحديث الباب دليل على الجواز.

 "وقال الزهري: أخبرني أنس قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «عرضت علي النار وأنا أصلي»" يعني في صلاة الكسوف، مُثِّلت أمامه وهو يصلي صلاة الكسوف، "قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة" القعنبي عبد الله بن مسلمة القعنبي أحد الرواة المشاهير عن مالك، ومن رواة الموطأ المشهورين، الحديث كله قصة عبد الله بن مسلمة؟

طالب: ..........

نعم؟

طالب:...

ماذا فيه؟

طالب:...

ذكر الكرماني في شرحه في ترجمة القعنبي أن جمعًا من أهل العلم كانوا في مكان، رؤيا، في مكان فجاء من يقول لهم: قوموا، فقاموا كلهم فقال هذا القائل للقعنبي: اجلس، قال: أنا منهم، من أهل الحديث مثلهم، قال: أنت لست منهم، لماذا؟ لأنهم حدَّثوا ولم تحدِّث، أنت جمعت الحديث، لكن هم نشروا العلم وأنت لم تروِ، الله المستعان، مشغلة بلا شك أنها مشغلة.

طالب:...

أين؟

طالب: ..........

النار التي عرضت على النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنها مشغلة، وفيها وجه شبهة من النار التي تعبد من دون الله، فمن هذه الحيثية يسري الحكم على غيرها من الأنواع، لكن الرسول- عليه الصلاة والسلام- عُرضت عليه، وأكمل صلاته، مما يدل على صحة الصلاة، كون الإنسان يتصور أو يتخيل أن هذه النار التي كانت تعبد من دون الله، وأنا أتوجه إليها أو لا يخطر على باله ذلك الاعتقاد له دور في هذا، مشابهة المخالفين من الكفار ومن دونهم لا شك أن له أثرًا في العبادات، لكن يقول لك: هذا والله مثل أنس بن مالك: القبر القبر، ما دري، هل أثر عليه؟ ما أثر.

 مثل الكهرباء؟

طالب: ..........

لا لا رؤيا الأنبياء حق.

طالب:...

لكن مع ذلك هي نار حقيقية في رؤيا النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الشيطان لا يتمثل به ولا له، المقصود أن مثل هذا ما يمكن أن يؤثر في الحكم.

طالب:...

بردان شديد البرد  قال: ضعوا دفاية أو نارًا أو، دفاية هل حكمها حكم النار؟ مثل نار ذات لهب؟ طالب: ..........

لا، لا تأخذ حكم النار، بدليل أن أنها لا تؤذي من حولها، تنفعه ولا تؤذيه إلا إذا قرب منها أو اشتد أو لمسها.

طالب:...

هو ما له حكم؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما له حكم في الصلاة؟ يعني يجوز له ما لا يجوز لغيره؟

طالب: ..........

لنرَ ما يقول الشارح.

قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: (باب من صلى وقدامه تنور) النصب على الظرف، (التنور) بفتح المثناة وتشديد النون المضمومة".

يقول: حدثنا عبد الله بن مسلمة يقول الإمام: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس، "قال: انخسفت الشمس فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني صلاة الكسوف بالصفة الموضحة بالروايات الصحيحة في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس، "ثم قال: «أريت النار»" يعني في المنام في الرؤيا .. كأن..

طالب:...

في أثناء الصلاة تكعكع، فهل هذه رؤيا أم يقظة؟

طالب:...

لكن هذه يقظة أم منام؟

طالب:...

عرضت، فأريت، ثم قال: «أريت النار» الأصل الرؤيا أنها حقيقية بصرية، «فلم أر منظرًا» يعني مشهدًا مما رأيت في حياتي، «كاليوم قط أفظع» يعني أشد هولاً.

طالب:...

الكسوف بالنهار، الكسوف الذي حصل.

طالب: ..........

 لا لا ما هي، وحتى الذي ينام بالنهار يحلم بعد، أنت ما ترى الرؤيا بالنهار؟

طالب: ..........

خلاص، فإيرادك ما هو في محله، لكن الكسوف حصل بالنهار.

طالب:...

بعضهم يقول مثل هذا الكلام، ويؤكد عليه ويقول: ما فيه رؤيا بالنهار؛ وأنها جاءت مثل فلق الصبح دليل على أنها حصلت في الليل، ما هو بالتشبيه بالرؤيا لرؤيا أخرى، لكن تشبيه الرؤيا بالصبح أي في الوضوح.

 اقرأ ونسمع ما يقول الشارح.    

 "قوله: (باب من صلى وقدامه تنور) النصب على الظرف، (التنور) بفتح المثناة وتشديد النون المضمومة، ما توقد فيه النار للخبز وغيره، وهو في الأكثر يكون حفيرة في الأرض، وربما كان على وجه الأرض، ووَهِمَ من خصه بالأول. قيل: هو معرب، وقيل: هو عربي توافقت عليه الألسنة، وإنما خصه بالذكر مع كونه ذكر النار بعده؛ اهتمامًا به; لأن عبدة النار من المجوس لا يعبدونها إلا إذا كانت متوقدة بالجمر كالتي في التنور، وأشار به إلى ما ورد عن ابن سيرين أنه كره الصلاة إلى التنور وقال: هو بيت نار، أخرجه ابن أبي شيبة.

وقوله: (أو شيء) من العام بعد الخاص، فتدخل فيه الشمس مثلاً والأصنام والتماثيل، والمراد أن يكون ذلك بين المصلي وبين القبلة.

قوله: (وقال الزهري) هو طرف من حديث طويل يأتي موصولاً في "باب وقت الظهر"، وقد تقدم طرف منه في كتاب العلم، وسيأتي باللفظ الذي ذكره هنا في كتاب التوحيد، وحديث ابن عباس يأتي الكلام عليه بتمامه في صلاة الكسوف، فقد ذكره بتمامه هناك بهذا الإسناد، وتقدم أيضًا طرف منه في كتاب الإيمان، وقد نازعه الإسماعيلي في الترجمة فقال: ليس ما أرى الله نبيه من النار بمنزلة نار معبودة لقوم يتوجه المصلي إليها. وقال ابن التين: لا حجة فيه على الترجمة; لأنه لم يفعل ذلك مختارًا، وإنما عرض عليه ذلك للمعنى الذي أراده الله من تنبيه العباد.

وتعقِّب بأن الاختيار وعدمه في ذلك سواء منه; لأنه -صلى الله عليه وسلم- لا يقر على باطل، فدل على أن مثله جائز. وتفرقة الإسماعيلي بين القصد وعدمه، وإن كانت ظاهرة، لكن الجامع بين الترجمة والحديث وجود نار بين المصلي وبين قبلته في الجملة. وأحسن من هذا عندي أن يقال: لم يفصح المصنف في الترجمة بكراهة ولا غيرها، فيحتمل أن يكون مراده التفرقة بين من بقي ذلك بينه وبين قبلته وهو قادر على إزالته أو انحرافه عنه، وبين من لا يقدر على ذلك فلا يكره في حق الثاني، وهو المطابق لحديثي الباب، ويكره في حق الأول كما سيأتي التصريح بذلك عن ابن عباس في التماثيل".

أنت مستعجل؟

"وكما روى ابن أبي شيبة عن ابن سيرين أنه كره الصلاة إلى التنور أو إلى بيت نار، ونازعه أيضًا من المتأخرين القاضي السروجي في شرح الهداية فقال: لا دلالة في هذا الحديث على عدم الكراهة; لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «أريت النار»، ولا يلزم أن تكون أمامه متوجهًا إليها، بل يجوز أن تكون عن يمينه أو عن يساره أو غير ذلك. قال: ويحتمل أن يكون ذلك وقع له قبل شروعه في الصلاة. انتهى. وكأن البخاري رحمه الله كوشف بهذا الاعتراض فعجل بالجواب عنه حيث صدر الباب بالمعلق عن أنس، ففيه: «عرضت علي النار وأنا أصلي» وأما كونَه".

كونُه.

"وأما كونُه رآها أمامه فسياق حديث ابن عباس يقتضيه، ففيه أنهم قالوا له بعد أن انصرف: "يا رسول الله رأيناك تناولت شيئًا في مقامك، ثم رأيناك تكعكعت" أي تأخرت إلى خلف، وفي جوابه أن ذلك بسبب كونه أري النار. وفي حديث أنس المعلق هنا عنده في كتاب التوحيد موصولاً: «لقد عرضت علي الجنة والنار آنفًا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي»، وهذا يدفع جواب من فرق بين القريب من المصلي والبعيد".

الخلاصة؟

طالب:...

يعني من قصد أن يشبه أو يشابه عبدة النار فهذا لا إشكال في المنع منه؛ لأن المشابهة ممنوعة، في هذا وفي غيره، المشابهة ممنوعة في هذا وفي غيره، من لم يقصد أو استحضر مثل هذا الحديث وقال: إنه لا أثر له وغاب عنه القصد مثل الأول فهذا لا إشكال فيه ألبتة، تبقى النار الحقيقية ذات اللهب والنار التي لا لهب لها.

طالب: ..........

 والله إذا كان عندك دفاية، لكنها نار محرقة.

طالب:...

ما هو بالمقصود اللهب لذاته، لكن هذه يمكن أن تسميها نارًا حقيقية ونارًا غير حقيقية، الكهرباء نار تحرق، لكن ليس كالنار الحقيقية التي توقد وتأكل من حولها، الآن ممنوع أن تنام إلا بعد إطفاء النار، السراج، لكن ما تطفئ لمبة؟

تطفئ الدفاية؛ لأنها قريبة منها تأكل.

طالب: ..........

نعم.

طالب:...

لا، نحن نريد الفرق من حيث الواقع، الفرق من حيث الواقع، لو جئنا بسراج على طريق الأولين فيه فتيل أو فيه جاز أو شيء، ورفعناه في السقف مثلًا، أبعدناه عما يؤثر فيه، فهل نقول: لازم أن يطفأ هذا السراج؟ والأمر بإطفاء السراج هو الحديث، هو النصّ، الأمر بإطفاء السراج، فإذا زالت العلة ورُفِع بحيث لا يكون في متناول أطفال أو قريب من أثاث أو شيء من ذلك يبقى النهي على أصله، لكن إذا أراد أن ينام من لديه المصابيح الكهربائية وقد اطَّردت في كونها لا تأكل ما حولها، فالعلة منتفية، العلة منتفية.

 والله أعلم.