شرح الموطأ - كتاب الجهاد (3)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في إعطاء النفل من الخمس:

حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "كان الناس يعطون النفل من الخمس".

قال مالك -رحمه الله-: وذلك أحسن ما سمعت إلي في ذلك.

 وسئل مالك عن النفل هل يكون في أول مغنم؟ قال: ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام، وليس عندنا في ذلك أمر معروف موقوف إلا اجتهاد السلطان، ولم يبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفل في مغازيه كله، وقد بلغني أنه نفل في بعضها يوم حنين، وإنما ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام في أول مغنم وفيما بعده.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في إعطاء النفل من الخمس:

عرفنا أن النفل هو واحد الأنفال مما يحصل عليه المسلمون من غير قتال بخلاف الغنيمة التي يحصل عليها بعد القتال.

يقول: من الخمس؛ لأن الغنيمة إنما يستحقها الغانمون جميعاً لا يخص بها بعضهم .

النَفَل أو النْفل يضبط كذا وكذا، هذا هذه الزيادة على ما يستحقه الغازي والمجاهد على نصيبه من الغنيمة إنما يكون لزيادة بلاءه وغناءه في الحرب الجهاد يزاد على سهمه من الغنيمة التي يستحقها الجميع بالتساوي، هذا من الخمس؛ لأنه إذا أعطي من أصل الغنيمة صار بعضهم أكثر من بعض فيما يجب أن يساووا فيه؛ لأنهم غنموه مجتمعين.

قال: حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أنه قال: "كان الناس يعطون النفل من الخمس".

من الخمس، والسبب في هذا أن الغنيمة وهي ما يحصل عليه الجيش والمجاهدون بالقتال، وعلى هذا يستوون فيها، يستوون فيها، ولا يقال: إنه يسبر حال كل و احد من المجاهدين فبقدر غناءه وبلاءه في هذه المعركة يعطى، منهم من يعطى ضعف ما يعطى غيره، ومنهم من يعطى أقل، ومنهم من يعطى أكثر؛ لأن هذا لا ينضبط، هذا لا يمكن ضبطه، ثم بعد ذلك تدخل فيه الحظوظ عند القسم ويتهم من يقسم بأنه مال أو جار، وكذلك لا يبرأ من يقسم حاشا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من أن لا يوفق للعدل إذا لم يكن بالتساوي، إذا قيل: والله فلان اليوم عن عشرة، وفلان لا يستحق إلا شيئاً يسيراً؛ لأنا ما رأينا منه شيء اليوم، مثل هذه الأمور لا يمكن ضبطها، فيتشوف الناس إلى الزيادة، ويصير في نفس من نقص وأيضاً المراقبة الدقيقة في مثل هذه الظروف غير ممكنة، ولا يمكن ضبطها، وأيضاً الإمام بشر قد يصله من المعلومات غير الدقيقة ما يقتضي زيادة بعضهم على بعض، ولذا يجب التسوية بينهم، بين الغانمين، ولو كان بعضهم أكثر بلاءً من بعض، أما بالنسبة للنفل الذي يعطيه الإمام قدر زائد على الغنيمة فهذا من الخمس الذي جعله الله لنبيه يتصرف فيه.

قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت إلي في ذلك.

ولا شك أن مثل هذا يحقق المصالح ولا يترتب عليه مفاسد.

قال: وسئل مالك عن النفل هل يكون في أول مغنم؟ يعني هل يكون في أول مغنم أو في آخره، أو في أثناءه، قال: ذلك على وجه الاجتهاد للإمام، يعني إذا رأى الإمام أن يشجع بعض الناس في أول الأمر له ذلك، وإن رأى تشجيع بعضهم في أثناءه له ذلك، وإن رأى أنه في آخر الغزو، في آخر الجهاد خشية أن يمل الناس وتضعف الهمم أراد أن ينفل بعضهم لغنائه وبلاءه في المعركة له ذلك.

قال: ذلك على وجه الاجتهاد للإمام، وليس عندنا في ذلك أمر معروف موقوف، يعني بحيث لا يتعدى، محدد لا يزيد ولا ينقص، ولا يتقدم ولا يتأخر، ليس في هذا ما يدل عليه إلا اجتهاد السلطان، إلا اجتهاد السلطان، ولم يبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نفل في مغازيه كلها، يعني زاد في مغازيه كلها إلا في حنين، ولا شك أن ظرف حنين يشبه أحد، بحيث فر المسلمون من وجه العدو، وتركوا النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أراده الله -جل وعلا- من هزيمة في أول الأمر ثم كانت العاقبة للمتقين.

قال: وقد بلغني أنه نفل في بعضها يوم حنين، وإنما ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام، الإمام موكول إليه هذا الأمر ومنوط به، واجتهاده تحقيقاً للمصلحة، يعني إذا وكل مثل هذا الأمر للإمام فإنه لا يجوز له أن يحكم فيه بالتشهي، بل لا بد من تحري المصلحة العامة، من تحري المصلحة العامة، وكثير من الأمور الشرعية مما لا نص فيه يكون يرد في ذلك إلى المصالح، مصالح المسلمين العامة، وبعضهم يخلط في هذا الأمر ويختلط عليه المصالح الخاصة مع المصالح العامة، لكن في مثل هذه الأبواب على وجه الخصوص التي فيها ما فيها من إزهاق النفوس لا بد أن ينظر فيه إلى مصلحة الإسلام، قبل مصلحة أي أحد كائناً من كان.

يقول: وإنما ذلك على وجه الاجتهاد من الإمام، في أول مغنم وفيما بعده.

نعم.

طالب:......

هو أربعة أخماسه للغانمين، وخمسه كما جاء لله ولرسوله إلى آخره، نعم,

أحسن الله إليك.

باب القسم للخيل في الغزو:

حدثني يحيى عن مالك أنه قال: بلغني أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: "للفرس سهمان، وللرجل سهم" قال مالك -رحمه الله-: ولم أزل أسمع ذلك.

قال يحيى: وسئل مالك عن رجل بأفراس كثيرة

يحضر، يحضر بأفراس كثيرة.

أحسن الله إليك.

قال يحيى: وسئل مالك عن رجل يحضر بأفراس كثيرة فهل يقسم لها كلها؟ فقال: لم أسمع بذلك، ولا أرى أن يقسم إلا لفرس واحد الذي يقاتل عليه.

قال مالك: لا أرى البراذين والهجن إلا من الخيل؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} وقال -عز وجل-: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم}، قال مالك: فأنا أرى البراذين والهجن من الخيل إذا أجازها الوالي، وقد قال سعيد بن المسيب وسئل عن البراذين هل فيها من صدقة؟ فقال: وهل في الخيل من صدقة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب القسم للخيل في الغزو:

الغزاة إما ركبان وإما رجال مشاة، والركبان إما أن يكونوا على الخيل أو على الإبل، ولكل حكمه، القسم للخيل الراجل معروف له سهم، ولا يستحق أكثر من ذلك، أسوة بغيره، والإبل تختلف عن الخيل، والخيل التي فيها النص حيث أعطي صاحب الخيل الذي يغزو على فرس ثلاثة أسهم، والراجل سهم واحد، للفارس سهم، وللفرس سهمان، هذا قول جمهور أهل العلم لما دلت عليه الأحاديث الصحيحة.

أبو حنيفة -رحمه الله- يرى أنه للفرس سهم واحد ولصاحبه سهم، ويقول: لا أفضل حيوان على إنسان مسلم، لا أفضل حيوان على إنسان مسلم.

هذا ليس من باب تفضيل الحيوان، وإنما تفضيل لصاحبه، معروف أن الجهاد مما يحقق النصر فيما يتعلق في المال والإنفاق في سبيل الله، أكثر النصوص تدل عليه، أكثر من جهاد النفس، الجهاد بالمال دلت النصوص عليه أكثر مما دل على الجهاد بالنفس، ما يدل على أن الآلة لها دور كبير، والخيل على وجه الخصوص خير ما يعين على القتال، وفي حكهما المستحدثات من الآلات التي يفاد منها في هذا الباب.

أبو حنيفة يقول: الفارس له سهم والفرس له سهم، يعني لا يمكن أن يفضل حيوان على إنسان مسلم، لكن لو نظرنا إلى النفع في هذا الباب نعم بلا شك أن الفارس يعني يمكن عن عشرة مشاة، الرجل الذي على فرس يكون عن عشرة مشاة، فلا شك أن هذه القسمة قسمة شرعية ولا اعتراض لأحد عليها، ولا اجتهاد مع النص، فيقسم للفرس سهمان، وللرجل سهم إن كان معه فرس حوز ثلاثة أسهم، وإن كان بدونه فسهم واحد.

قال: حدثني يحيى عن مالك أنه قال: بلغني أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: "للفرس سهمان، وللرجل سهم"

في الصحيحين مالك عن نافع عن ابن عمر حديث معروف، لكن هذه طريقة مالك في إيثار المقاطيع والمراسيل على الموصولات، فتجد الحديث مخرج في الصحيحين من طريق مالك، موصول، وتجده في موطئه مرسل؛ لأنه يحتج بهذه المراسيل، يحتج بها

احتج مالك كذا النعمان          به وتابعوهما ودانوا

فتجده إذا وصل إلى التابعي انتهى خلاص، ما يضر البقية، يحذف الصحابي أو يذكر ما في إشكال.

على كل الخبر صحيح ولا إشكال فيه وهو في الصحيحين.

وسئل مالك عن رجل يحضر بأفراس كثيرة.

شخص سمع هذا الكلام للفرس سهمان، وللفارس يسهم يقول: مادام الفرس له سهمان، آخذ معي مائة من أجل أن يأخذ مائتي سهم وسهم، مائتي سهم للمائة، وسهم، ولا شك أن مثل هذه إذا أعدها وربطها للجهاد في سبيل الله أن أجره عظيم عليها، لكن هل يقسم له في فرس لم يباشر به القتال.

يقول: وسئل مالك عن رجل يحضر بأفراس كثيرة فهل يقسم لها كلها؟ فقال -رحمه الله-: لم أسمع بذلك، يعني ما حصل هذا، ولم يصير فيه حكم، وإنما هو الأصل الاجتهاد، اجتهاد الإمام.

قال: ولا أرى أن يقسم إلا لفرس واحد الذي فيه النص، الذي يقاتل عليه الفارس.

قال مالك: لا أرى البراذين والهجن إلا من الخيل، لا أرى البراذين والهجن إلا من الخيل، البراذين واحد البرذون وهو نوع من الخيل جافي الخلقة يستعمل في السير في الأماكن الوعرة ولحمل الأثقال، هذا البرذون، وهذا ما ذكره شارح القاموس نقلاً عن شارح العراقية، شارح القاموس نقله عن شارح العراقية، يعني عن السخاوي شارح ألفية العراقي، شارح القاموس الزبيدي نقله عن السخاوي، قال: وقال شارح العراقية كذا؛ لأنه مر في المصطلح في الجرح بغير جارح قول شعبة: "رأيته يركض على برذون" هذا غير جارح، ثم عرف البرذون ولا يوجد له تعريف غير هذا، يعني حسب التتبع ما وجدنا غير هذا، فشارح القاموس استفاده من السخاوي، ومن جاء بعدهم استفاده من شرح القاموس؛ لأنه هو المظنة، في واحد يروح إلى فتح المغيث يبحث معنى البرذون هو مظنة.

لا أرى البراذين والهجن، الهجين، نعم.

طالب:......

لا، لا الهجين الذي أبوه عربي وأمه ليست عربية، الهجين الفرس الذي أبوه عربي وأمه ليست عربية، والمقرف بالعكس، ويكون هذا أيضاً في بني آدم، قد يطلق على بني آدم إذا كانت الأم عربية والأب غير والعكس قد يطلقون عليه مثل هذا.

طالب:......

لا، الآن إدخال البراذين والهجن مع الخيل؛ لأنها لو كانت غيرها لنص عليها.

طالب:......

لا، لكن شوف عطفها عليها في الآية: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها} ما قال والخيل والبراذين والهجن، لا، العطف هنا يقتضي المغايرة، الخيل ما نص على البراذين دل على أنها تدخل في الخيل، ما نص على الهجن باعتبار أنها تدخل، لكن البغال غير، والحمير غير، هذه وجهة قول مالك: لا أرى البراذين والهجن إلا من الغير؛ لأنها لو كانت من غيرها لعطفت عليها كما عطفت البغال والحمير.

قال: لأن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} وبهذا يستدل الإمام أبو حنيفة على عدم أكل لحوم الخيل، يقول: إن الله -جل وعلا- امتن بركوبها، والتزين بها، ولو كانت مما يؤكل لامتن بأكلها؛ لأن الأكل أعظم وجوه الانتفاع، هذه حجته، لكن بالنسبة للخيل أعظم وجوه الانتفاع الركوب وإلا الأكل؟ الركوب بلا شك، لأن الفائدة منها في الركوب أكثر منها في الأكل، لو كانت أعظم وجوه الانتفاع فيها الأكل ما صار لها ميزة، ((والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)) جمل أفضل من خيل، وتجد الخيل يباع بأضعاف كثيرة عن الجمل، فبهيمة الأنعام أعظم وجوه الانتفاع بها هو الأكل، وأما بالنسبة للخيل والبغال والحمير فالانتفاع بها إنما يكون بالركوب.

طالب:......

لا، هذا مذهب أبي حنيفة لكن ما يلزم أن يكون من رآه من أهل تلك الجهات على مذهب أبي حنيفة، ما يلزم أن يكون أهل البلد كلهم على مذهب واحد، ولما دخل نيسابور وصلى معهم ورأوه لا يقبض يديه اتهموه بالرفض، فأقاموا له وليمة وذبحوا له أرنب، فلما أكل قالوا: تأكل أرنب وأنت شيعي؟ قال: لا، أنا لست بشيعي، قالوا: لماذا لا تقبض؟ قال: أنا مالكي، الله المستعان.

وقال -عز وجل-: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة}

{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} جاء تفسير القوة في الحديث الصحيح ((ألا إن القوة الرمي)) ((ألا إن القوة الرمي)) ولا شك أن هذا تنصيص على بعض الأفراد واللفظ أعم، ولا يقتضي تخصيص إنما ذكره للاهتمام به والعناية بشأنه.

{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل}

فالخيل لا شك أن لها أثر كبير في هذه المواطن.

{ترهبون به عدو الله وعدوكم}

تخوفونه به، لا شك أن الخيل لها هيبة، لها هيبة في القلوب، يخوف بها العدو، وكذلك القوة، الذي لا قوة له لا يهاب، الذي لا قوة عنده لا يهاب، بل يتسلط عليه أضعف الناس، إذا عرف أنه ما عنده قوة تسلطوا عليه.

قال: فأنا أرى البراذين والهجن من الخيل إذا أجازها الوالي

يعني رد ذلك إلى اجتهاد الوالي، السلطان، القائد.

وقد قال سعيد بن المسيب وسئل عن البراذين هل فيها من صدقة؟ فقال: وهل في الخيل من صدقة؟.

وهل في الخيل من صدقة؟ إذا كان الخيل ليس فيها صدقة فالبراذين مثلها؛ لأنها نوع منها، خلافاً لمن يرى الزكاة في الخيل وهو مذهب من؟ مذهب أبي حنيفة، والجمهور على أنه لا زكاة فيها إلا إذا أعدت للتجارة، نعم.

طالب:......

حتى لو باشرت، لو باشرت.

طالب:......

لكن النص جاء في الفرس وصاحبه، النص جاء للفرس وصاحبه.

طالب:......

أنت افترض أن معه عشرة يعتقبها، ما أعطاها شخص يقاتل عليها.

طالب:......

اللي باشر أعطي هذا المقاتل على شان إيش؟

طالب:......

كيف؟

طالب:......

لا، لا أنت خرجت بعشرة أفراس أو زيد من الناس خرج بعشرة أفراس من أجل أن يقسم لها لا أكثر ولا أقل؛ لأنه لن يقاتل عليها كلها، إذا كان يتناوب واحد ويتعاقب واحد دون الثاني هذه في حكم الواحد ما في إشكال، لكن إذا خرج بها من أجل أن يقسم لها، فرق بين أن تكون عنده وتطلب من قبل الإمام كما تطلب الآلات وغيرها، فيعطى عليها ما أجرتها فقط، وأما كونه يخرج بها بنية أن يقسم لها ويقول: اخرج يا فلان أنت على هذا الفرس، وأنت على، لا ما يصلح.

طالب:......

إيه لكن أخرجه لله أو للمغنم في الأصل يعني في الأصل في الأصل الباعث له.

طالب:......

على كل حال هذا رأي الإمام وله وجه، اقرأ.

أحسن الله إليك.

باب ما جاء في الغلول:

وحدثني يحيى عن مالك عن عبد ربه بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين صدر من حنين، وهو يريد الجعرانة سأله الناس حتى دنت به ناقته من شجرة، فتشبكت بردائه حتى نزعته عن ظهره، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ردوا علي ردائي، أتخافون أن لا أقسم بينكم ما أفاء الله عليكم، والذي نفسي بيده لو أفاء الله عليكم مثل سُمُر تهامة

سَمر سَمر.

أحسن الله إليك.

لو أفاء الله عليكم مثل سُمُر تهامة

سَمر.

لو أفاء الله عليكم مثل سَمُر تهامة نعماً لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً ولا جباناً ولا كذاباً))، فلما نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام في الناس فقال: ((أدوا الخياط والمخيِط،

المخيَط، المخيَط.

أحسن الله إليك.

فقال: ((أدوا الخياط والمخيَط، فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة)) قال: ثم تناول من الأرض وبرة من بعير أو شيئاً، ثم قال: ((والذي نفسي بيده ما لي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه إلا الخمس، والخمس مردود عليكم)).

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أن زيد بن خالد الجهني قال: توفي رجل من حنين.

يوم يوم حنين.

أحسن الله إليك.

توفي رجل يوم حنين وإنهم ذكروه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فزعم زيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلوا على صاحبكم)) فتغيرت وجوه الناس لذلك، فزعم زيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن صاحبكم قد غل في سبيل الله)) قال: ففتحنا متاعه فوجدنا خرزات من خرز يهود ما تساوين درهمين.

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة الكناني أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى الناس في قبائلهم يدعو لهم، وأنه ترك قبيلة من القبائل، قال: وإن القبيلة وجدوا في بردعة رجل منهم عقد جزع غلولاً، فأتاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكبر عليهم كما يكبر على الميت.

وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث سالم مولى ابن مطيع عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام خيبر، فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً إلا الأموال الثياب والمتاع، قال: فأهدى رفاعة بن زيد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- غلاماً أسود يقال له مدعم، فوجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى وادي القرى، حتى إذا كنا بوادي القرى بينما مدعم يحط رحل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه سهم عائر فأصابه فقتله، فقال: الناس هنيئاً له الجنة فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه ناراً)) قال: فلما سمع الناس ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((شراك أو شراكان من نار)).

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-ما أنه قال: "ما ظهر الغلول في قوم قط إلا ألقي في قلوبهم الرعب، ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت، ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق، ولا حكم قوم بغير الحق إلا فشا فيهم الدم، ولا ختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في الغلول:

الغلول: الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها، الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها.

قال: حدثني يحيى عن مالك عن عبد ربه بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما صدر من حنين، يعني رجع، في حكم الغلول، في حكم الغلول الأخذ من الأموال العامة، بغير إذن من يملك الإذن، الموظف تجده يأخذ، يأخذ القلم، يأخذ الدفتر، يأخذ الشيء اليسير، يأخذ، قد يستغل إذا كان في مستودع أو في مكان لا يطلع عليه، هذا غلول، استعملناه على شيء فليأتنا بقليله وكثيرة، لا يجوز أن يأخذ لنفسه شيئاً إلا بإذن من يملك الإذن، تساهل الناس في استعمال الأمور العامة على غير وجهها، وفي غير مصلحة العمل، يتساهلون، الأمور اليسيرة التي لا يستأذن فيها آحاد الناس، وتستعمل بينهم من غير نكير، يعني وقع بقلم، وإلا كتب رقم وإلا شيء، هذا ما يضر، يسأل يسأل كثيراً عن شحن الجوال سواءً كان في مكان الوظيفة أو في المسجد أو في غيره، شحن الجوال نجد في المساجد الناس يشحنون جوالاتهم في أيام الاعتكاف وغيرها، وهذا كثير، ويرى ذلك في الحرمين بكثرة، فهل يعفى عن مثل هذا الشيء اليسير أو نقول إن هذا غلول وإن كان قليلاً، يعني هل أنت إذا ذهبت إلى فلان من الناس تزوره وأردت أن تشحن جوالك تستأذن وإلا ما تستأذن؟ احتمال يأذن أو ما يأذن؟ نعم؟

طالب:......

ما يتوقع أنه لا يأذن، والغالب أنه لا يحتاج مثل هذا إلى إذن، ولا شك أن الورع في مثل هذه الأمور الترك، لكن إذا احتاج وهو في المسجد يحتاج لذلك، فالأمر أرجو أن يكون فيه سعة، لكن الورع ألا يشحن من المسجد ولا من محل الدوام إلا بإذن من يملك الإذن، هذا الورع، فالأمر في مثل هذا يسير، لكن ما زاد على

ذلك لا بد من الإذن سواءً كان قليلاً أو كثيراً.

بعضهم يستعمل الهاتف ويكلم هناك مكالمات عرف بين الناس التسامح فيها، المكالمات الداخلية تكلم من غير استئذان سهل؛ لأنها لا تكلف، لكن المكالمات الخارجية التي تحتاج إلى صفر، بعض الناس يقول: أنا والله ما أخذت بجيبي شيء نعم، من وزارة التعليم إلى وزارة المواصلات وزارة الاتصالات أنا ما أخذت شيء، يعني مجرد من مكان إلى مكان، دراهم انتقلت من مكان إلى مكان وكلها تبع بيت المال، هل هذا الكلام صحيح؟ لأنا سمعنا مثل هذا، يقول: أنا والله ما أخذت بجيبي شيء، كلام يطير به الهواء، والدراهم أخذت من وزارة التعليم إن كان مدرس، أو من وزارة العدل إن كان يعمل في شيء من توابعها إلى وزارة الهاتف سابقاً، أظن مازالت وزارة الهاتف الاتصالات ما هي تبع.

على كل حال دعونا من هذا خلوه على النظام القديم، يعني الآن صارت شركة، نعم صارت شركة، يقول: أنا ما صنعت شيء والله نقلنا ها الدراهم اليسيرة من وزارة العدل إلى وزارة الهاتف، والمصب كله من وزارة المالية، كله من مؤسسة النقد وزارة المالية يقول: أنا ما أخذت شيء، نقول: لا، أخذت، لكن في الجملة يعني الذي يغذيهم من؟ وزارة المالية تبع مؤسسة النقد ما راحت بعيد، لكن ما أنا بقرر هذا أنا أقرر وجهة نظره، أنا أقرر وجهة نظر من سمعت، والإشكال أنه يعني عنده شيء من العلم، لكنه لا يجوز أن يقتدى به في مثل هذا، هذا يبرر لنفسه أن يستعمل الأموال العامة بغير مبرر في مصلحته الخاصة، وهذا ضرب من الغلول، ناهيك عمن يقول: أنا والله هذا نصيبي من بيت المال، وأنا ما وصلني نصيبي ولا كذا ولا كذا، وهذا الكلام يتدرع به كثير من الموظفين، بل غير الموظفين قد يفعل مثل هذا، فنقول: هذا غلول لا بد من إذن من يملك الإذن.

طالب:......

رئيسها إن كانت صلاحيته تصل إلى هذا الحد؛ لأن المصالح معروفة ما من رئيس إلا وفوقه رئيس.

طالب:......

هذا ما فيه إشكال، السلطان الأعظم عاد مفروغ منه.

على كل حال الصلاحيات محددة، في كل جهة محددة، يعرفون صلاحياته، يعني الذي يملك إجازة يملك كذا يملك خارج دوام، يملك انتداب، اللي يملك معروف يعني.

طالب:......

لا، أنت ها الموظف إذا كان يعرف أن هذا ليست من صلاحيات مسئوله المباشر استئذانه مثل عدمه، استئذانه مثل عدمه، ما يملك.

طالب:......

يعني احتاجها في هذا الظرف ويضع بدلها ما يساويها من كل وجه، لا شك أن مثل هذا، هذا تصرف، لأنه ما يقدر أن يأخذ من أي واحد من الناس إلا بإذن.

قال: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين صدر من حنين وهو يريد الجعرانة سأله الناس سأله الناس أن يقسم بينهم ما غنم، وضيقوا عليه -عليه الصلاة والسلام- من كثرة من يسال، حتى دنت به ناقته من شجرة، فتشبكت بردائه، تشبكت بردائه وهو ما يستر الجزء الأعلى من البدن، الشجرة هذه فيها شوك وفيها أشياء، يمسك بالرداء حتى نزعته عن ظهره، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ردوا علي ردائي)) هاتوا، وبعض الروايات تدل على أنهم هم الذين سحبوا الرداء، فقال: ((ردوا علي ردائي، أتخافون أن لا أقسم بينكم ما أفاء الله عليكم)) هو -عليه الصلاة والسلام- يعطي عطاء من لا يخشى الفقر في غير هذا الموضع الذي يجب القسمة فيه، ((والذي نفسي بيده)) فيه إثبات اليد لله -جل وعلا-، كثيراً ما يحلف النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا، ((لو أفاء الله عليكم مثل سَمُر تهامة نعماً)) سمر تهامة فيه كثرة كاثرة، فلو عدد هذه الأشجار من السمر نعماً، إبل بقر غنم، ((لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً)) النبي -عليه الصلاة والسلام- أجود الناس، أجود الناس، وقد يعطي للتأليف نعماً بين واديين كما فعل -عليه الصلاة والسلام-، وقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: ((ما يسرني أن لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده دين)) مثل أحد ذهب ((إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) فكيف بما أوجب الله قسمته، ((ثم لا تجدوني بخيلاً، ولا جباناً ولا كذاباً)) هذه صفات ذميمة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- من أبعد الناس عنها، وهو الصادق المصدوق، هو أشجع الناس، وأجود الناس -عليه الصلاة والسلام-، فلما نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام في الناس فقال: ((أدوا الخياط والمخيَط))) الخياط هو الخيط، والمخيط الآلة الإبرة التي يخاط بها، ((فإن الغلول عار)) عار في الدنيا، ((ونار)) في الآخرة، ((وشنار)) يشمل الأمرين، ((على أهله يوم القيامة)) ثم تناول من الأرض، وفي بع الروايات من ناقته، وبرة، واحدة الوبر وهو ما يغطي جلد الإبل من بعير، أو شيئاً، ثم قال، شيئاً يسير نحو الوبرة أو قريب منها، ثم قال: ((والذي نفسي بيده ما لي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه)) كثير منهم لا يرونها، ((ولا مثل هذه)) الوبرة، ((إلا الخمس، والخمس مردود عليكم)).

الخمس المذكور في سورة الأنفال يرد عليهم أيضاً والله المستعان.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أن زيد بن خالد الجهني قال: توفي رجل يوم حنين.

يوم حنين وإنهم ذكروه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في بعض الروايات يوم خيبر، وقال بعض الشراح: إن حنين مصحفة، والصواب خيبر بدليل قوله في آخر الخبر: "فوجدنا خرزات من خرز يهود" واليهود إنما هم في خيبر لا في حنين.

قال: وإنهم ذكروه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فزعم زيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلوا على صاحبكم)) الإمام لا يصلي على غال، ولا على قاتل نفسه، ولا من عليه دين، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- ((صلوا على صاحبكم)) على المدين بثلاثة دراهم، وإن كان فيما بعد قال: ((من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً فعلي)).

وإنهم ذكروه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فزعم زيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلوا على صاحبكم)) فتغيرت وجوه الناس لذلك؛ لأن كل واحد من الحاضرين يظن أنه مثله، يخشى أن يقدم للصلاة فيقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا على صاحبكم)) مادامت العلة غير معروفة، فالخوف حاصل.

فتغيرت وجوه الناس لذلك، فزعم زيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن صاحبكم قد غل في سبيل الله)) يعني أخذ من الغنيمة قبل قسمتها، قال: ففتحنا متاعه فوجدنا خرزات من خرز يهود ما تساوي درهمين.

ما تساوي درهمين.

الدرهم شيء يسير، أمره يسير الدرهم، نحن نظرنا إلى أن النصاب مائتا درهم، والمائتا درهم تعادل ستة وخمسين بالوزن ريالاً سعودياً من الفضة، والريال من الفضة يعدل الآن بعشرين ريال، إيش تساوي الدرهم؟

طالب:......

بهذا الحدود، يعني شيء يسير ما يسوى مثل هذا الأمر.

طالب:......

ويش الدرهم؟

طالب:......

لا لا، النصاب، النصاب نعم، والدرهم الواحد إذا قسمت الألف ومائتين على، على كم؟ على مائتين، الدرهم يعادل خمسة ريال، خمسة ريال أو خمسة ونصف؛ لأنه ما تصل إلى الألف ومائتين.

على كل حال ليس المنظور إليه قدر الجريدة، بقدر ما ينظر إليه لا سيما في هذا الموضع الذي الأصل فيه أن الإنسان يقدم نفسه وماله وجميع ما يملك فداءً لدينه، ثم يكون النتيجة العكس، ولهذا شدد في شأن الغلول.

فوجدنا خرزات من خرز يهود ما تساوي درهمين.

طالب:......

إيه هذا في بعض الروايات، نعم.

طالب:......

إيه هذه رواية أخرى بعض روايات الموطأ فيها هذا، وبعضه هذا؛ لأن الموطأ مروي على روايات كثيرة.

قل: وحدثني عن مالك، على كل حال الخبر موصول في السنن، في السنن عند أبي داود والنسائي وابن ماجه.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة الكناني أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى الناس في قبائلهم يدعو لهم، يعني جاهدوا معه فيكافئهم -عليه الصلاة والسلام- بالدعاء، يدعو لهم، وأنه ترك قبيلة من القبائل، قال: وإن القبيلة وجدوا، وجدوا في أنفسهم، بسبب ترك الدعاء لهم، فبحثوا عن السبب، ووجدوا في بردعة رجل، هي التي تجعل تحت الرحل، قماش يوضع تحت الرحل، منهم عقد جزع، وكثير ما يقال من جزع ظفار، خرز يؤتى به من عمان، غلولاً، فأتاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكبر عليهم كما يكبر على الميت.

هذا الخبر لا يسلم متنه من نكارة، لا يسلم متنه من نكارة، ما أدري مخرج عندكم وإلا؟

طالب:......

إيش قالوا التخريج؟

طالب:......

إيه.

طالب:......

نكارة المتن في كونه -عليه الصلاة والسلام- ترك القبيلة بكاملها، مع أن الذي غل واحد، الأمر الثاني أنه كبر عليهم كما يكبر على الميت، كيف يكبر على قبيلة كما يكبر على الميت؟ المتن فيه نكارة بلا شك.

في تخريج غير هذا؟

طالب:......

ابن عبد البر يقول: لم أجده مسنداً بوجه من الوجوه.

قال: وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث سالم مولى ابن مطيع عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام خيبر، فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً إلا الأموال الثياب والمتاع، وبعض الروايات: والثياب والمتاع، إلا الأموال الثياب والمتاع، قال: فأهدى رفاعة بن زيد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- غلاماً أسود يقال له: مدعم، جاء في بعض الروايات أن اسمه: كركرة، كركرة ولا يمنع أن تكون قصة أخرى، أو يكون أحدهما اسم والثاني لقب، فوجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى وادي القرى، حتى إذا كنا بوادي القرى، وهو الذي يفصل بين بلاد العرب والشام، حتى إذا كنا بوادي القرى بينما مدعم يحط رحل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه سهم عائر، سهم عائر ما يدرى من أي جهة، فأصابه فقتله، فقال: الناس هنيئاً له الجنة؛ لأنه قتل في سبيل الله، فقال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كلا والذي نفسي بيده، ((كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه ناراً)) وهذا نسأل الله العافية يدل على عظم شأن الغلول، {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} قال: فلما سمع الناس ذلك جاء رجل بشراك، السير الذي يوضع على القدم بالنسبة للنعل، أو شراكين إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: خذ، لما سمع الوعيد، نسأل الله العافية، على الغلول، جاء بشراك أو شراكين، لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: ((شراك أو شراكان من نار)).

حينما جاء بهما جاء نادماً خائفاً، والندم توبة، فهل معنى هذا أنه مع رده لهما ثبت في حقه الحكم، ((شراك أو شراكان من نار)) وأن هذا يثبت في حقه ولو ردهما، وأن الرد لا يقبل في الغلول، يقبل وإلا ما يقبل إذا جاء تائباً نادماً، نعم؟ هذا الأصل القاعدة القواعد العامة تدل على هذا وليس بأعظم من أشرك، التوبة تهدم ما قبلها كما في الحديث الصحيح، والندم توبة، أو نقول: إن هذا جاء على جهة الزجر والتشديد في شان الغلول؛ لئلا تسول لأحد نفسه أن يغل، ثم بعد ذلك إن اطلع عليه رد ما غل، وقال إنه تائب، فأريد حسم هذا الباب، ومن أجل ألا تحدث النفس الشخص أن يغل سواءً ردها إن اطلع عليها أو لم يردها لكن حسماً لهذا الباب بالكلية.

((شراك أو شراكان من نار)) نعم.

طالب:......

يعني قبل أن يردها يأمره نعم؟

طالب:......

النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عرف إلا بعد، نعم، شوف يقول: يقال له، فوجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى وادي القرى، حتى إذا كنا بوادي القرى بينما مدعم يحط رحله، هو أخذها بخيبر، وقتل لما قفلوا، إيه.

طالب:......

ما يدري إلا بعد -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:......

لا، لا إذا مر مثل هذا ما سلم لنا شيء، سم.

طالب:......

باعتبار أنه لو لم يردها، يعني لو لم يردها لصارت عليه ناراً مثل الشملة، على كل حال اللفظ محتمل وإرادة المبالغة في التنفير من الغلول ظاهرة.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد.

اتفضل.

طالب: يصرفون له سيارة من العمل ثم يصرفون له حقوق بنزين؟؟؟؟

لا، لا يردها، يردها على الجهة، يعطيها من أجل أن يستعملها في عمله، نعم.

طالب:......

ذهابه ورجوعه حكمه سواء، كما في الذهاب إلى الجمعة والرجوع الحكم واحد، إذا كان لا يخرجه إلا الجهاد، ولذلك لما قالوا حكموا له بالشهادة ما أنكر عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا من أجل الغلول.

طالب:......

على كل حال إذا كان خروجه لا ينهزه إلا الجهاد فإلى أن يرجع إلى بيته فهو مجاهد.

طالب:......

باعتبار الظاهر، باعتبار الظاهر مع أنه جاء النهي عن الجزم لأحد بالشهادة، نعم.

طالب:......

هم حكموا عليه باعتبار الظاهر، وجاء ما يدل على إنكار الجزم في نصوص أخرى، هاه؟

طالب:......

كلا من أجل الشملة لا من أجل الحكم، ويمكن أن البيان سابق.

على كل حال نكمل ما عندنا.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عبد الله بن عباس أنه قال: "ما ظهر الغلول في قوم قط إلا ألقي في قلوبهم الرعب" ألقي في قلوبهم الخوف، والوجل، والرعب من العدو، بسبب هذه المعصية؛ لأن أخشى ما يخشى على المجاهدين أن تخونهم ذنوبهم، كما كان القواد من الصدر الأول يوصون الجيوش والخليفة والسلطان يوصي القائد أن يحرص على ألا تزاول المعاصي في الغزو؛ لأن هذا خير معين للعدو، فإذا وجد الغلول قذف في قلوبهم الرعب، وإذا وجد الرعب حصلت الهزيمة.

"ولا فشا الزنا في قوم" يعني ظهر "قط إلا كثر فيهم الموت" إلا كثر فيهم الموت، "ولا نقص قوم المكيال والميزان إلا قطع عنهم الرزق" قطع عنهم القطر من السماء، {وفي السماء رزقكم وما توعدون} ولا حكم قوم بغير الحق، يعني بغير ما أنزل الله، إلا فشا فيهم الدم، يعني القتل، ولا ختر قوم، يعني نقضوا عهودهم، ولا ختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو".

كل هذه محرمات رتبت عليها هذه العقوبات، نعم.

أحسن الله إليك.

باب الشهداء في سبيل الله:

وحدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والذي نفسي بيده لوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل، ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل))

فكان أبو هريرة يقول ثلاثاً: أشهد بالله.

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد)).

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً، اللون لون دم والريح ريح المسك)).

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يقول: "اللهم لا تجعل قتلي بيد رجل صلى لك سجدة واحدة يحاجني بها عندك يوم القيامة".

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر أيكفر الله عني خطاياي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كيف قلت؟)) فأعاد عليه قوله، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم، إلا الدين، كذلك قال لي جبريل)).

وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لشهداء أحد: ((هؤلاء أشهد عليهم)) فقال أبو بكر الصديق: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم، أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي)) فبكى أبو بكر، ثم بكى، ثم قال: "أئنا لكائنون بعدك".

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالساً، وقبر يحفر بالمدينة، فاطلع رجل في القبر، فقال: بئس مضجع المؤمن فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بئس ما قلت)) فقال الرجل: إني لم أرد هذا يا رسول الله إنما أردت القتل في سبيل الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا مثل للقتل في سبيل الله ما على الأرض بقعة هي أحب إلي أن يكون قبري بها منها)) ثلاث مرات يعني المدينة.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الشهداء في سبيل الله:

الشهداء هم من يقتل في سبيل الله بغزو في الجهاد جهاد الكفار، أو جهاد البغاة، أو المحاربين، أو من يشرع قتالهم.

هذا الشهيد الذي هو كما يقول أهل العلم شهيد الدنيا التي تثبت له أحكام الشهيد بحيث لا يغسل، ويدفن في ثيابه، ولا يصلى عليه، وهناك شهيد آخرة، شهيد آخرة، لا شهيد دنيا، وجاء في النصوص ما يدل على أن الغريق أو الحريق وصاحب الهدم والمبطون ومن مات بالطاعون، هؤلاء كلهم شهداء، لكنهم شهداء آخرة لا شهداء دنيا، لا تثبت لهم أحكام الشهداء، فيغسلون يكفنون ويصلى عليهم كغيرهم من أموات المسلمين.

قد يكون الإنسان شهيد في الدنيا والآخرة وهو ما إذا كان مخلصاً لله -جل وعلا- في جهاده ولم يأت بما يمنع من الشهادة، قد يحكم له بالشهادة في الدنيا ترتب له أحكامها وهو في الآخرة الله أعلم بنيته، لكن الناس ما لهم إلا الظاهر، فيرتبون عليه أحكام الشهيد إذا تحققت له هذه الصورة، ويكون شهيد دينا وآخرة إذا تظافر الآمران عنده بأن وافق ظاهره باطنه.

قال: حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والذي نفسي بيده)) تكرر هذا القسم، وعرفنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كثيراً ما يقسم به، وفيه إثبات اليد لله جل ولا على ما يليق بجلاله وعظمته، ((والذي نفسي بيده، لوددت أني أقاتل في سبيل الله)) أجاهد في سبيل الله، ((فأقتل)) لما عرف -عليه الصلاة والسلام- من فضل الشهادة وفضل الشهداء، ((ثم أحيا فأقتل)) يعني مرة ثانية ليزيد بذلك أجره عند الله -جل وعلا-، وثوابه، ((ثم أحيا فأقتل)) ثلاثاً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عنده الخبر أنه لن يقتل، لا سيما بعد نزول قوله -جل وعلا-: {والله يعصمك من الناس} عنده خبر أنه لن يقتل، لكن ما يلزم في باب التمني أن يتحقق، لا يلزم أن تتحقق هذه الأمنية، وإنما يؤجر الإنسان على مجرد الأمنية، يؤجر الإنسان على مجرد الأمنية، فالذي يتمنى أن له مال ويفعل به مثلما فعل فلان، جاء في الحديث فهما في الأجر سواءً، ولا يلزم من ذلك تحقق الأمنية، ولو عرف الإنسان أنها لن تتحقق، شريطة ألا يكون مما لا يليق به، تتمنى امرأة أن تكون رجل، أو رجل يكون ملك، أو يكون نبي، هذا تعدي في الدعاء لا يمكن، أما إذا سأل الله -جل وعلا- شيئاً ممكناً شيئاً ممكنا أو تمنى على الله -جل وعلا-، لو تمنى الإنسان أن لو كان صحابياً، رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- وجاهد معه، وخدمه، وبذل نفسه دونه، هل نقول: إن هذا داخل في آية النساء في النهي عن التمني، أو نقول: يؤجر على هذه الأمنية، ولو جزم بأنه لا يقع؟ أهل العلم على الثاني، بلا شك أنه يؤجر على هذه الأمنية، مع أنه وما يدريه أن لو كان في زمنه -عليه الصلاة والسلام- لفتن، صار من المنافقين، ما يدريك، ما تدري، فالخير كل الخير أن يرضى الإنسان بما كتب الله له، ويسعى لخلاص نفسه ونجاته.

يقول: فكان أبو هريرة يقول ثلاثاً: أشهد بالله.

يعني أني سمعت هذا الكلام بلا شك ولا مرية من النبي -عليه الصلاة والسلام-.

قال: وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يضحك الله إلى رجلين)) فيه إثبات الضحك لله -جل وعلا-، على ما يليق بجلاله وعظمته، ((يقتل أحدهما الآخر)) واحد مسلم وواحد كافر، الكافر يقتل المسلم فيستشهد المسلم يدخل الجنة، ثم يسلم الكافر، فيقاتل في سبيل الله فيقتل فيدخل الجنة، ((يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله)) هذا المسلم، ((فيقتل)) شهيد، ((ثم يتوب الله على القاتل)) والتوبة أعم، من أن تكون بإسلام، في حالة ما إذا كان القاتل كافر الذي قتل المسلم أو يكون هذا آثم، قاتل نفس عمد، ((ثم يتوب الله على القاتل، فيقاتل فيستشهد)).

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((والذي نفسي بيده)) ((والذي نفسي بيده لا يكلم)) يعني لا يجرح، ((أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله)) النوايا وما في القلوب لا يطلع عليه إلا علام الغيوب، قد يظهر للناس أنه في سبيل الله أنه في سبيل الله، ومع ذلك الله -جل وعلا- يعرف السر وأخفى، أنه ليس في سبيل الله، يعني يظهر للناس أنه في سبيل الله، والله -جل وعلا- هو الذي يعلم حقائق الأمور، وخفايا، ((والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً)) يعني يجري دماً، ((اللون لون دم)) أحمر، ((والريح ريح المسك)) ((والريح ريح المسك)).

قال: وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب كان يقول: "اللهم لا تجعل قتلي بيد رجل صلى لك سجدة واحدة يحاجني بها عندك يوم القيامة".

وقد أجاب الله دعاءه فصار قتله على يد رجل مجوسي أونصراني، كنيته أبو لؤلؤة واسمه فيروز، غلام للمغيرة بن شعبة، غلام للمغيرة بن شعبة، استجاب الله دعاء عمر فصار قتله على يد من لم يسجد لله سجدة، وإن كان بعض الطوائف الضالة عند الرافضة يقولون: إنه من أولياء الله، وبنو على وضعوا مشهد عندهم مشهد فيروز الشهيد، ويعبد من دون الله مع الأسف، إنا لله وإنا إليه راجعون، يطاف به كما يطاف بالبيت.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إن قتلت في سبيل الله صابراً محتسباً، يعني إذا توافرت هذه الشروط، قتلت وفي سبيل الله، وصابر ومحتسب، مقبلاً غير مدبر أيكفر الله عني خطاياي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) الشهادة لا شك أنها تكفر الخطايا، فلما أدبر الرجل ناداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أمر به فنودي، ناداه بنفسه يا فلان يا فلان، أو قال: نادوه، فنودي فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كيف قلت؟)) فأعاد عليه قوله، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم، إلا الدين)) فالشهادة تكفر جميع الذنوب كبائرها وصغارها ما عدا الدين، ومن أهل العلم من يقول: جميع حقوق الآدميين التي هي من الديوان التي لا تغفر تلحق بالدين.

((كذلك قال لي جبريل))، -عليه السلام-.

وحدثني عن مالك عن أبي النضر، نعم.

طالب:......

الغريق؟ سيأتي الغزو في البحر وما يترتب عليه إن شاء الله تعالى.

وحدثني عن مالك عن أبي النظر مولى عمر.

يفصلون في الدين منهم من قال من أخذ الدين من على وجهه، ومحتاجاً له أو مضطراً له، يختلف عمن أخذه تكثراً، ويختلف عمن أخذه لا يريد سداده في تفاصيل في الشروح ذكروها لكن عموم اللفظ هنا يقتضي أن شأن الدين عظيم، شأن الدين عظيم، وكثير من الناس يتساهلون، يتساهلون رجالاً ونساءً، الآن فتحت الأبواب على جميع مصاريعها، امرأة تقول: إنها تملك أربعمائة وثمانين ألف وتريد أن تشتري بيت تسكنه، قالت: فذهبت للبنك، وقالوا: أعطينا الأربعمائة وثمانين مقدم، ونقسط عليك الباقي لمدة ستة عشر عاماً كل شهر سبعة آلاف، امرأة ما عندها أحد، وهي تجد بيت مناسب بها اللي عندها أربعمائة وثمانين، كل هذا من الافتتان بمظاهر الدنيا، وأما بالنسبة للرجال كبار وصغار وشباب، ويتدين سيارة يمكن يفنى عمره ما سدد، فضلاً عن البيوت، فسهلت أمور الديون، وليست بعلامة خير، حيث يكون الناس كلهم أسرى لهذه البنوك أو للتجار أو غيرها، وشأن الدين عظيم، فالشهادة تكفر كل شيء إلا الدين، والإبقاء على عموم اللفظ هو الذي يحقق الهدف من التنفير من الدين.

قال: وحدثني عن مالك عن أبي النظر مولى عمر بن عبيد الله أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لشهداء أحد: ((هؤلاء أشهد عليهم)) يعني شهادتهم ثابتة عندي، ما عندي فيها أدنى شك، يعني بخلاف غيرهم، نواياهم وأمورهم إلى الله -جل وعلا- أما شهداء أحد هؤلاء مضمونون عنه -عليه الصلاة والسلام-.

((أشهد عليهم)) فقال أبو بكر الصديق: ألسنا يا رسول الله بإخوانهم، يعني احنا مثلهم ما تشهد علينا؟ هو شهد له بالجنة، شهد له بالجنة، أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بلى، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي)) وهو بهذا الكلام يخاطب العموم، يخاطب العموم، وفي حديث الحوض يوجد ممن عاش معه -عليه الصلاة والسلام- من ارتد، وأمور الردة معروفة، ويذادون عن الحوض، ويقال له -عليه الصلاة والسلام-: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، وليس في هذا مستمسك لمن يكفر جماهير الصحابة، وتكفر أبو بكر وعمر، ويحكم عليهم بالكفر، هذا ليس، النبي -عليه الصلاة والسلام- شهد لهؤلاء الجلة بالجنة، فهناك من شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- وجه الخصوص، وهناك من شهدت لهم النصوص بالعموم.

((ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي)) فبكى أبو بكر، ثم بكى، ثم قال: "أئنا لكائنون بعدك".

بكى من كونه يخلف بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويود أن يكون مات قبلا لنبي -عليه الصلاة والسلام-.

قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالساً، وقبر يحفر بالمدينة، جالساً، وقبر يحفر بالمدينة، فاطلع رجل في القبر، يعني زريارة القبور والنظر فيها والتأمل والاعتبار والادكار هذه من السنن المشروعة، بل جاء الأمر بها، ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإنها تذكر الآخرة){ألهاكم التكاثر حتى زرتم القمابر}.

قال: فاطلع رجل، يعني كان داخل القبر، فقال: بئس مضجع المؤمن، يعني بدلاً من الفراش الوثير، والغطاء، المنام المريح يأتي إلى هذا، هو من منظور الدنيا، يعني لو أن الإنسان بدلاً من أن ينام على فراش ينام على الأرض، بدون فراش، يقال لهذا: نعم المريح، وذاك يقال له: بئس، فهذا نظر إليه من هذه الحيثية، من هذه النظرة، أن هذا منام ليس بمريح، فقال: بئس مضجع المؤمن، وما يدريه أن منهم ممن يدفن في هذه القبور يكون عليه هذا القبر روضة من رياض الجنة، ويمد له مد البصر، ويفتح له باب إلى الجنة، وينعم في قبره، ومنهم العكس من يعذب ويضيق عليه.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بئس ما قلت)) فقال الرجل: إني لم أرد هذا يا رسول الله إنما أردت القتل في سبيل الله، إنما أردت القتل في سبيل الله، معنى هذا الذي يظهر من السياق واعتذاره عما أراد أنه بئس هذا المضجع أن يدفن يف الحضر في بلده من غير جهاد، ونعم أن يقتل في سبيل الله في ساحات القتال ويدفن هناك، نعم، قال: إنما أردت القتل في سبيل الله، يعني ما أردت ببئس الكلام الأول القتل في سبيل الله، هذا ما يمكن يقوله عاقل، إنما أردت القتل في سبيل الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا مثل للقتل في سبيل الله)) ليس له نظير، الذي يحقق الشهادة ((ما على الأرض بقعة هي أحب إلي أن يكون قبري بها منها)) يعني من المدينة في مثل هذا القبر، يعني، منها، ثلاث مرات يعني المدينة.

وهذا لا شك أن الحديث من فضائل المدينة، وجاء فيها فضائل كثيرة، و جاء أيضاً في فضائل مكة ما هو أكثر، والجمهور على ترجيح مكة على المدينة، والإمام مالك يرى العكس، ومن أئمة المالكية من يرجح مكة كابن عبد البر وغيره، أبو عمر بن عبد البر يرجح مكة على المدينة خلافاً لإمامه.

 

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.