شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (278)

المُقَدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أيُّها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طابت أوقاتكم بكل خير وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم "شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح".

مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بضيف البرنامج الذي يتولى شرح أحاديث هذا الكتاب، صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المُقَدِّم: لازلنا في حديث ابن عباس- رضي الله عنهما- الحديث مائة وخمسة عشر في المختصر، مائة وأربعين في الأصل، كنا توقفنا عند قوله: «فتمضمض بها واستنشق»، أكملنا هذه اللفظة، لعلنا نستكمل- أحسن الله إليكم- ما تبقى من ألفاظ الحديث.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد،

المُقَدِّم: صلى الله عليه وسلم.

ففي حديث ابن عباس يقول: « أخذ غرفة من ماء فمضمض بها واستنشق، ثم أخذ غرفة»، «ثم أخذ غرفة» يقول العيني: إنَّما عطف بـ (ثم) لوجود المهلة، يعني لوجود التراخي، إنَّما عطف بـ (ثم) لوجود المهلة بين الغرفتين، وقد عُلم أن (ثم) حرف عطف يقتضي ثلاثة أمور التشريك في الحكم والترتيب والمهلة. يعني فيه فترة، الترتيب يقتضي التراخي إذا عُطف بـ (ثم).

المُقَدِّم: التشريك في الحكم.

نعم، التشريك في الحكم والترتيب والمهلة.

المُقَدِّم: يعني حكم ما قبله مثل حكم ما بعده.

نعم، إذا قلت جاء زيد ثم عمرو.

المُقَدِّم: نعم.

ألا يشترك زيد مع عمرو.

المُقَدِّم: في المجيء.

في المجيء.

المُقَدِّم: نعم.

نعم، هذه المهلة وهذا التراخي الذي تقتضيه ثم، هل معناه أنَّه مضمض واستنشق وغسل وجهه ثم بعد فترة غسل وجهه أو غسل يديه، أو مسح رأسه.

المُقَدِّم: لا.

على ما يقتضيه الترتيب بثم؟ لأنَّ ثم مع التراخي، يعني لو قيل: جاء زيد ثم عمرو ثم بكر ثم خالد، يعني لو كان بين مجيء كل واحد منهما ساعة.

المُقَدِّم: ممكن.

ممكن؟

المُقَدِّم: يكون بثم.

طيب، هل يُمكن أن نعطف فروض الوضوء بثم التي يكون بين أجزائها ساعة؟

المُقَدِّم: لا، ما يُمكن.

نعم، لماذا؟ لأنَّ الترتيب على ما سيأتي.

المُقَدِّم: نعم، الفعل واضح.

على كل حال مسألة خلافية ستأتي.

 «من ماء» (من) بيانية مع إفادة التبعيض، إذا قلت: خاتم من حديد.

المُقَدِّم: يعني تبعيض، بيان.

هي أصلها بيان، هذا الخاتم من حديد لا من ذهب ولا من فضة ولا بيانه من حديد، لكنَّها تفيد التبعيض من وجه باعتبار أنَّ هذا الخاتم بعض من..

المُقَدِّم: الحديد.

{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج:30]، من هذه بيانية.

المُقَدِّم: بيانية.

بيانية، لكن هل هي تبعيض أم ليست تبعيضًا؟ هل فيها إفادة تبعيض أم لا؟ هل نقول: إنَّ الرجس بعض الأوثان؟ أو إنَّ جميع الأوثان رجس؟

الآن عندنا خاتم من حديد، غرفة من ماء، من هذه بيانية مع إفادة التبعيض، بمعنى أنَّ الغرفة بيانها من الماء، والخاتم من الحديد لا من الذهب ولا من الفضة فهي بيانية.

أيضًا تفيد التبعيض باعتبار أنَّ هذا الجزء المأخوذ من هذا الأصل بعض منه، الخاتم بعض من الحديد، {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج:30] هل نقول: من هذه بيانية بلا إشكال، لكن هل نقول: إنَّ فيها.. أنَّها قد تفيد التبعيض، وأنَّ الرجس بعض الأوثان؟ بمعنى أنَّ الحديد أعم من الخاتم.

المُقَدِّم: نعم.

وأشمل من الخاتم، فالخاتم بعضه، فهل نقول: إنَّ الأوثان أشمل من الرجس، أو الرجس أشمل من الأوثان؟

المُقَدِّم: الرجس أشمل.

نعم.

المُقَدِّم: الرجس أشمل.

الرجس أشمل.

المُقَدِّم: نعم.

قد يكون الرجس..

المُقَدِّم: أوثانًا.

أوثانًا، وقد يكون النجس مطلقًا.

المُقَدِّم: نعم، والخنزير وغيره.

الخمر والميسر.

المُقَدِّم: نعم.

والأنصاب، والأزلام، لكنها ليست.. بعضها..

المُقَدِّم: ليست بأوثان.

ليست بأوثان، فالذي معنا حينما يقول بعض الشراح: مع إفادة التبعيض، هذا كلام العيني، هل هذا مطرد أم ليس بمطرد؟ {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج:30]، لا نقول إنّ الرجس بعض الأوثان، وإنَّما لو عكسنا لكان متجهًا مع أنَّه يُمكن ملحظ ذلك على بُعد، باعتبار أنَّ الرجس بعض أوصاف الأوثان، فالأوثان لها أوصاف منها كونها رجسًا.

المُقَدِّم: رجس.

فمن هذه الحيثية.

المُقَدِّم: ممكن.

«فجعل بها هكذا أضافها»، «ثم أخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى» أضافها بدون حرف العطف؛ لأنَّه بيان لقوله: «جعل بها هكذا»، «إلى يده الأخرى»، فجعل الماء الذي في يده..، هو غرف بيد واحدة، أخذ غرفة بيد واحدة، فجعل الماء الذي في يده في يديه جميعًا، يعني أضاف يده إلى الأخرى، أضاف اليد التي فيها الماء إلى اليد الأخرى، فجعل الماء الذي في يده الواحدة في يديه جميعًا. واضح؟

المُقَدِّم: نعم. «جعل بها هكذا» أضافها إلى يده الأخرى، يعني أخذها غرفة باليمين.

ثم أضافها إلى اليد الأخرى.

المُقَدِّم: وهذا يستقيم إذا قلنا بالرأي الأول أنه كان يستخدم اليسار للصب على يده.

نعم.

المُقَدِّم: إن كان معه إناء.

لكن «ثم أخذ غرفة» هل الغرفة سكب من الإناء إلى اليد، أو إدخال اليد في الإناء؟ الواضح من الاغتراف..

المُقَدِّم: الواضح أنَّها أخذ من الإناء

نعم؛ ولذلك في حديث أبي هريرة في النهي عن الاغتسال في الماء الدائم..

المُقَدِّم: «فلا يدخل يده في الإناء».

لا، في النهي عن الاغتسال في الماء الدائم، قال: كيف يصنع يا أبو هريرة؟ قال: يغترف اغترافًا. يغترف اغترافًا.

«فغسل بها» أي بالغرفة، وللأصيلي وكريمة: «فغسل بهما» أي باليدين وجهه، غسل الوجه من فروض الوضوء الذي لا يصح بدونه، لا يصح الوضوء بدونه، وهو منصوص عليه في آية الوضوء في القرآن الكريم، وجميع أحاديث الوضوء، يقول ابن قدامة: غسل الوجه واجب بالنص والإجماع، حدود الوجه التي يجب غسله...

يقول الخرقي في تحديد الوجه: وهو من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن، وإلى أصول الأذنيين، ويتعاهد المفصل وهو ما بين اللحية والأذن.

يقول ابن قدامة في شرحه: وقوله: من منابت شعر الرأس، أي في غالب الناس، ولا يعتبر كل واحد بنفسه، لماذا؟

المُقَدِّم: فيه ناس.. أصلع يا شيخ.

نعم، ناس ينحسر شعره، وناس يسترسل شعره حتى يصل إلى قرب العينين، إنَّما هذا معتبر في غالب الناس، في أوساط الناس.

ولا يعتبر كل واحد بنفسه، بل لو كان أجلح ينحسر شعره عن مقدم رأسه، غسل إلى حد منابت الشعر في الغالب، والأقرع الذي ينزل شعره- كذا في المغني- الأقرع الذي ينزل شعره إلى الوجه.

الأجلح ينحسر شعره عن مقدم رأسه يغسل إلى حد منابت الشعر في الغالب، والأقرع الذي ينزل شعره إلى الوجه، معكم الأقرع. ما معنى الأقرع؟

المُقَدِّم: يعني ماله شعر.

هذا الأصل، وهذا الذي نعرف من حديث الثلاثة.

المُقَدِّم: من ليس له شعر، فدعا الله.

الأقرع، والأبرص، الأقرع الذي ليس له شعر.

يقول: الأقرع الذي ينزل شعره إلى الوجه، ما أدري أكان يريد الأفرع؟ لكن هكذا مكتوب، ما أدري والله، الذي نعرف أنَّ الأقرع الذي لا شعر له.

المُقَدِّم: صحيح، ولا يُمكن أن يُقال الذي لا ينزل شعره

لالا، هو انتهى من مسألة الأقرع في الأجلح، نحتاج إلى من ينزل شعره، ماذا يُسمَّى؟

المُقَدِّم: ما يُسمَّى أقرع جزمًا.

فتراجع هذه الكلمة.

المُقَدِّم: هي عندنا؟

عند ابن قدامة في المُغني، فهل هو أقرع أو أفرع؟ حتى تراجع ما معنى أقرع ومعنى أفرع في كتب اللغة في درس لاحق، إن شاء الله تعالى.

الذي ينزل شعره إلى الوجه، يجب عليه غسل الشعر الذي ينزل عن حد النابت، يجب عليه غسل الشعر يعني لو كان الشعر إلى قرب العينين يغسل...

المُقَدِّم: نفس الشعر.

هذا الشعر تبعًا للوجه، ولا يمسحه تبعًا للرأس.

. المُقَدِّم: المقصود نزوله من المنابت فوق أم نبت أساسًا؟

نبت أساسًا، ينبت أحيانًا، لا إذا كان.. 

المُقَدِّم: لأنَّه لو نازل فيغسل ما تحته.

نازلًا، يُرفع، نعم.

 يجب عليه غسل الشعر الذي ينزل عن حد النابت، وذهب الزهري إلى أن الأذنين من الوجه، فعلى هذا يغسلان معه، ومن أهل العلم من يرى أنَّهما من الرأس.

المُقَدِّم: نعم، فيمسحان مع الرأس.

مع الرأس، الزهري يرى أن الأذنين من الوجه يغسلان معه؛ لقوله- عليه الصلاة والسلام-: «سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره.» السمع أضيف إلى ماذا؟ إلى الوجه، «سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره»، فدل على أنَّ السمع الذي هو مكان للسمع.

المُقَدِّم: تابع للوجه.

تابع للوجه، وهذا استدلال قوي أم ما هو قوي؟

المُقَدِّم: صحيح.

له وجه قوي.

أي أضاف السمع إليه كما أضاف البصر.

وقال مالك: ما بين اللحية والأذن ليس من الوجه، ولا يجب غسله؛ لأنَّ الوجه ما تحصل به المواجهة، وهذا لا يواجه به. يقول ابن عبد البر، وهو من أئمة المالكية: لا أعلم أحدًا من فقهاء الأمصار يقول بقول مالك هذا. لا أعلم أحدًا..

المُقَدِّم: من فقهاء الأمصار.

نعم، لا أعلم أحدًا من فقهاء الأمصار قال بقول مالك هذا. ويقول ابن العربي في أحكام القرآن: والصحيح عندي أنَّه لا يلزم غسله، والصحيح عندي -ابن العربي- أنَّه لا يلزم غسله. يعني كقول مالك إلا للأمرد لا للمعذر؛ لأنَّ هذه المسافة بين الشعر والأذن تسمى العذار، هذه العذار، الإمام مالك يقول: ما بين اللحية والأذن ليس من الوجه، ولا يجب غسله؛ لأنَّ الوجه ما تحصل به المواجهة، وهذا لا يواجه به. قال ابن عبد البر، وهو من أئمة المالكية: لا أعلم أحدًا من فقهاء الأمصار قال بقول مالك هذا. ابن العربي خلاف ما يقول ابن عبد البر، يقول: الصحيح عندي أنَّه لا يلزم غسله إلا للأمرد لا للمعذر، لا للمعذر يعني الذي فيه شعر يفصل بينه وبين الأذن العذار، ولنا على الزهري قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «الأذنان من الرأس»، الزهري يقول من الوجه، واستدل بالحديث، يقول: لنا يعني دليلنا على الزهري قول النبي- عليه الصلاة والسلام-:« الأذنان من الرأس».

المُقَدِّم: الزهري يقوله؟

يقول: إنَّ الأذنان من الوجه الزهري.

المُقَدِّم: كيف استدل؟

ابن قدامة يقول: لنا دليلنا على الزهري.

المُقَدِّم: نعم، عليه.

عليه.

المُقَدِّم: نعم، جيد.

قول النبي- عليه الصلاة والسلام-:« الأذنان من الرأس»، والحديث فيه كلام لأهل العلم، لكن قول جمهور أهل العلم أنَّ الأذنين من الرأس.

وفي حديث ابن عباس، والربيع، والمقدام، «أنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- مسح أذنيه مع رأسه» فالمعول في هذا على فعله- عليه الصلاة والسلام-.

المُقَدِّم: اللهم صلِّ عليه وسلم.

يقول: وقد ذكرناهما، ولم يحكِ أحد أنَّه غسلهما مع الوجه، وإنَّما أضافهما إلى الوجه؛ لمجاورتهما له، والشيء يسمى باسم ما جاوره.

ولنا على مالك في إخراجه العذار من الوجه، يقول ابن قدامة: ولنا على مالك دليلنا عليه أنَّ هذا من الوجه في حق من لا لحية له.

حتى المالكية يقولون بأنَّ العذار بالنسبة للأمرد من الوجه، يقول: ولنا على مالك أنَّ هذا من الوجه في حق من لا لحية له، فكان منه في حق من له لحية كسائر الوجه.

وقوله: إنَّ الوجه ما يحصل به المواجهة. قلنا: وهذا مما يحصل به المواجهة في الغلام. يعني إذا كان متغطيًا أو مغطى بالشعر عند من له لحية، فإنَّ هذا يحصل به المواجهة بالنسبة للغلام مكشوف، ولا يقول: إنَّ هذا فرض لفلان، وليس بفرض لفلان، فما ثبت فرضًا في حق شخص، يثبت فرضًا في حق شخص آخر، قلنا: وهذا مما يحصل به المواجهة في الغلام.

لكن ألا يُمكن التفريق بين الناس أنَّ هذا يجب عليه، وهذا لا يجب عليه؟ ابن قدامة يقول مادام يجب على الغلام، يجب على من له عِذار بمعنى أنَّه له شعر، ولا نوجب شيئًا على شخص، ولا نوجبه على آخر.

المُقَدِّم: صحيح.

سيأتي التفريق بين من لحيته كثيفة ومن لحيته خفيفة، من لحيته خفيفة يجب عليه غسل البشرة، فمعنى هذا أننا فرقنا لوجود الشعر.

المُقَدِّم: صحيح.

فرقنا بين متوضئين لاختلاف..

المُقَدِّم: لكثافة الشعر.

أو للفرق بين كثافة الشعر وخفته على ما سيأتي.

المُقَدِّم: صحيح.

واللَّحي كما في المصباح: عظم الحنك. وهو الذي عليه الأسنان، وهو من الإنسان حيث ينبت الشعر، في كلام الخرقي في تحديد الوجه من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن، فاحتجنا أن نعرف اللحي واحد اللحيين الذي ذكرهما..

المُقَدِّم: الخرقي.

واللحي كما في المصباح: عظم الحنك، وهو الذي عليه الأسنان، وهو من الإنسان حيث ينبت الشعر، وهو أعلى وأسفل، وجمعه: ألحٍ، ولحي، واللحية الشعر النازل على الذقن، والجمع لحى، مثل سدرة وسدر، وتضم اللام أيضًا مثل حلية وحلى، والتحى الغلام نبتت لحيته.

يقول ابن قدامة: ويدخل في الوجه العذار، وهو الشعر الذي على العظم الناتئ الذي هو سمت صماخ الأذن، وما انحدر عنه إلى وتد الأذن.

والعارض: وهو ما نزل عن العذار، وهو الشعر الذي على اللحيين.

قال الأصمعي والمفضل بن سلمة: ما جاوز وتد الأذن عارض. والذقن: مجمع اللحيين. فهذه الشعور الثلاثة من الوجه يجب غسلها معه، وكذلك الشعور الأربعة، وهي الحاجبان، وأهداب العينين، والعنفقة، والشارب.

فأمَّا الصدغ، وهو الشعر الذي بعد انتهاء العذار المرتفع، وهو ما يحاذي رأس الأذن، وينزل عن رأسها قليلًا، انظر فأمَّا الصدغ، وهو الشعر الذي بعد انتهاء العذار، وهو ما يحاذي رأس الأذن، وينزل عن رأسها قليلًا، والنزعتان، وهما ما انحسر عنه الشعر من الرأس متصاعدًا في جانبي الرأس، فهما من الرأس. يعني ما فوق ذلك كله من الرأس.

فصلٌ، يقول ابن قدامة: وهذه الشعور كلها إن كانت كثيفة لا تصف البشرة، أجزأه غسل ظاهرها؛ لأنَّ ما ظهر من المفروض فرضه الغسل، وما اختفى وتغطى يكفيه غسل ما عليه، يقول: وهذه الشعور كلها إن كانت كثيفة لا تصف البشرة، أجزأه غسل ظاهرها، وإن كانت تصف البشرة، وجب غسلها معه، وإن كان بعضها كثيفًا وبعضها خفيفًا، وجب غسل بشرة الخفيف معه وظاهر الكثيف. أومأ إليه أحمد، يعني أومأ إلى هذا التفريق بين من بعضه خفيف وبعضه كثيف. أومأ إليه أحمد- رحمه الله تعالى-.

نعم، ما روي عن الإمام أحمد إمَّا أن يكون صراحة.

المُقَدِّم: أو إيماءً.

أو إيماءً.

المُقَدِّم: تلميح.

إشارة، قال النووي في شرح المهذب: فرع في ضبط اللحية الكثيفة والخفيفة أوجه، أحدها: ما عده الناس خفيفًا فخفيف، وما عدوه كثيفًا فهو كثيف، ذكره القاضي حسين في تعليقه، وهو غريب. يعني إرجاع هذا إلى عادة الناس، إذا قال الناس: فلان لحيته كثيفة، فلا يلزمه غسل البشرة، إذا قال الناس: فلان لحيته خفيفة يلزمه غسل البشرة، هذا معنى الوجه الأول.

والثاني ما وصل الماء إلى تحته..

المُقَدِّم: بمجرد الغسل.

ما وصل الماء إلى تحته بلا مشقة فهو خفيف وما لا فكثيف، يعني ما يشق إيصال الماء إلى ما تحته فهو كثيف، حكاه الخراسانيون، يعني من الشافعية.

والثالث: وهو الصحيح، وقطع به العراقيون- يعني من الشافعية- والبغوي وآخرون، وصححه الباقون، وهو ظاهر نص الشافعي أنَّ ما ستر البشرة عن الناظر في مجلس التخاطب فهو كثيف، وما لا فهو خفيف. هذا الوجه.

المُقَدِّم: الثالث.

أنَّ ما ستر البشرة عن الناظر في مجلس التخاطب فهو كثيف وما لا فخفيف. ما معنى مجلس التخاطب؟

المُقَدِّم: يعني أنا وأنت نتكلم نرى البشرة.

نعم.

المُقَدِّم: نرى البشرة تحت اللحية.

لا يلزم أن يقرب قربًا بحيث يدقق النظر في ذلك، يعني في المجالس العامة.

المُقَدِّم: نعم.

لكن الذي يظهر أنَّ تعليق هذا بالمشقة أولى؛ لأنَّ المشقة وصف عُلِّق عليه كثير من الأحكام الشرعية، عُلِّق عليه كثير من الأحكام الشرعية، فإن كان يشق إيصال الماء إلى البشرة، حينئذٍ يُكتفى بغسل ظاهر الشعر، وإن كان لا يشق فلا بد من غسل البشرة، لكن هذا يرد عليه أنَّ هذه المشقة تختلف باختلاف الناس، يعني اعتبار هذه المشقة متفاوت بين الناس، فالموسوس مثلًا لو كان وجهه كله شعر لقال خفيفًا، والمتساهل لو لم يوجد فيه إلا شعرات يسيرة قال: كثيفة، فلعل ما حده به النووي في الوجه الثالث وصححه هو وظاهر نص الشافعي لعله يكون أضبط.

طيب، «ثم أخذ غرفة من ماء».

المُقَدِّم: لكن مبنى الخلاف هنا على مسألة أنَّه إذا كان خفيفًا يلزمه أن يوصل الماء إلى البشرة.

إلى البشرة؛ لأنَّ ما ظهر من المفروض..

المُقَدِّم: فهو منه.

نعم، فرضه الغسل، ما ظهر من المفروض فرضه الغسل، وسيأتي هذا في مسألة الخف المخرّق مثلًا، هل يُمسح عليه أم لا يُمسح عليه؟ سيأتي إن شاء الله تعالى.

المُقَدِّم: والمقصود بهذا عند غسله وجهه إذا كانت الشعور خفيفة أن يُدخل الماء.

يُدخل الماء، نعم.

المُقَدِّم: بأصابعه يتحقق من وصول الماء إلى...

وفي هذه المسألة أيضًا مسألة تخليل اللحية، وسيأتي الكلام عنها إن شاء الله تعالى.

«ثم أخذ غرفة من ماء» عطف على ما تقدم، ومعناه كسابقه، «فغسل بها يده اليمنى إلى المرفق، ثم أخذ غرفة وغسل بها يده اليسرى إلى المرفق كذلك؛ لقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:6]، يقول ابن العربي في أحكام القرآن: اختلف العلماء في إدخالهما- يعني المرفقين- في الغسل، وعن مالك روايتان، وذكر أهل التأويل في ذلك ثلاثة أقاويل:

الأول: أنَّ إلى بمعنى مع، كما قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء:2]، معناه...

المُقَدِّم: مع أموالكم.

مع أموالكم، الثاني: أنَّ إلى حد، يعني غاية، والحد إذا كان من جنس المحدود دخل فيه، تقول: بعتك هذا الفدان من هاهنا إلى هاهنا، فدخل الحد فيه، يعني دخلت الغاية فيه، ولو قلت: من هذه الشجرة إلى هذه الشجرة ما دخل الحد، ما دخلت الغاية في الفدان.

الثالث: أنَّ المرافق حد الساقط لا حد المفروض، قاله القاضي عبد الوهاب، وما رأيته لغيره. ما معنى القول الثالث؟ أنَّ المرافق حد الساقط لا حد المفروض، قاله القاضي عبد الوهاب، وما رأيته لغيره؟

يقول ابن العربي: وتحقيقه...

 أولًا القاضي عبد الوهاب من أئمة المالكية المعروفين.

 وتحقيقه أنَّ قوله: {وَأَيْدِيَكُمْ} يقتضي بمطلقه من الظفر إلى المنكب، فلمَّا قال: {إِلَى الْمَرَافِقِ} أسقط ما بين المنكب والمرفق، وبقيت المرافق مغسولة إلى الظفر، وهذا كلام صحيح يجري على الأصول لغة ومعنى. والكلام في المرافق والمراد به إلى.. يحتاج إلى إعادة للربط بين ما تقدم وما يلحق إن شاء الله تعالى.

المُقَدِّم: إن شاء الله.

 إذًا نعد الإخوة والأخوات بإذن الله أن يكون موضوع الحلقة القادمة هو استكمال هذا الموضع بإذن الله تعالى، في ختام هذه الحلقة نتوجه بالشكر الجزيل بعد شكر الله- سبحانه وتعالى- لضيف البرنامج فضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، والشكر موصول لكم أنتم، أيُّها الإخوة والأخوات على طيب المتابعة.

 يتجدد بكم اللقاء في حلقة قادمة وأنتم على خير.

 

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.