شرح كتاب التوحيد - 61

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام المجدد –رحمه الله تعالى-: "باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} الآية [الأعراف:180].

ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباسٍ –رضي الله عنهما- {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180] يُشركون، وعنه سموا اللات من الإله، والعُزى من العزيز.

وعن الأعمش: يُدخلون فيها ما ليس منها.

فيه مسائل:

الأولى: إثبات الأسماء.

الثانية: كونها حُسنى.

الثالثة: الأمر بدعائه بها.

الرابعة: ترك من عارض من الجاهلين الملحدين.

الخامسة: تفسير الإلحاد فيها.

السادسة: وعيد من ألحد".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...

فيُقرر الإمام المُجدد –رحمه الله تعالى- أن التوحيد ثلاثة أقسام:

توحيد الربوبية.               وتوحيد الألوهية.                    وتوحيد الأسماء والصفات.

ودليله في ذلك الاستقراء من النصوص والنظر في أقوال الأئمة وأهل العلم، وبعضهم يقول: لا دليل عليه، هذا ليس بصحيح، الأشياء الحصرية إذا كانت في دائرة ما جاء عن الله وعن رسوله، والحاصل من أهل الاستقراء التام بحيث لا يند عن استقرائه فرد من الأفراد المحصور أو قسم من أقسامه فهذا مُستعمل، اصطلاحٌ علمي مُستعمل عند أهل العلم، وليس من القول على الله بغير علم؛ لأنه ليس بنص، وإنما هو من مقتضى النص.

سمعت محاضرة لبعض المشايخ الكبار أضاف نوعًا رابعًا وسماه توحيد المتابعة للرسول– عليه الصلاة والسلام- هذا اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح.

لكن إذا نظرنا في الأقسام الثلاثة نجد أن التوحيد لا يخرج عنها، وتوحيد الربوبية إفراد الله بأفعاله بحيث لا يُشرك معه شيء من أفعاله لا في الخلق، ولا في الرزق، ولا في غيرها من أفعال الله -جلَّ وعلا-.

وتوحيد الألوهية إفراد الله بأفعال العباد، وتوحيد الأسماء والصفات الشيخ فرَّقه، فجعل للصفات بابًا، وجعل للأسماء بابًا، وهذا مجرد تفنن في التصنيف، وإلا فالكتاب حاصر للأنواع الثلاثة، وعناية الشيخ –رحمه الله- بتوحيد الألوهية أكثر؛ لأنه هو الذي حصل فيه النزاع بين الأنبياء وأممهم، وهو الذي حصل فيه الخلل الكبير في عصره –عليه الصلاة والسلام- وجرَّد دعوته من أجله، وإلا فتوحيد الربوبية المشركون يُقرون به، توحيد الأسماء والصفات صحيح أن طوائف البدع كثيرٌ منها ضلَّ في هذا الباب، لكن توحيد الألوهية هو الذي حصل فيه المناقضة التامة لمراد الله –جلَّ وعلا-، وحصل فيه الشرك الأكبر، فعُبِد مع الله غيره في أفعال العباد، كما هو مقرر في هذا الكتاب، وفي غيره من الكتب، وشيخ الإسلام ابن تيمية له أيضًا كلام طويل في هذا.

قال –رحمه الله-: "باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180]" {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ} [الأعراف:180] تقديم الخبر على المبتدأ يُفيد الحصر، فالأسماء الحسنى لله لا لغيره، لله –جلَّ وعلا- {الْحُسْنَى} [الأعراف:180] أفعل تفضيل مؤنث الأحسن، أحسن وحُسنى.

{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف:180] من الحسن، وهو التمام والكمال من جميع الوجوه بالنسبة لما يتعلق بالله -جلَّ وعلا-.

{فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] يعني بعض الناس، وهذا مع الأسف ملاحظ ويُعلن في وسائل الإعلام في جميع أو في كثيرٍ من أقطار المسلمين، الأسماء الحسنى منظومة في أشعار تُردد بناءً على ما جاء في حديث الترمذي من التسعة والتسعين، ولا يثبت الخبر بهذا التعدا،د يُرددونها بألحان وبأصوات وبأشجان وبأشياء، ولكن حقيقة ما أُمِروا به من دعائه –جلَّ وعلا- بها ومعرفتها وإحصائها، ليس معنى الإحصاء أن تعد واحدًا اثنين ثلاثة أربعة خمسة تسعة تسعين، الإحصاء أن تحصرها على ضوء ما جاء في الكتاب والسُّنَّة، تُثبت ما ثبت منها لله –جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته. وما لم يثبت أو يأتِ به سند صحيح وهو بطريقٍ صحيح من كتاب الله وسُنَّة نبيه –عليه الصلاة والسلام- فهو من نوع الإلحاد، إثباته من نوع الإلحاد في الأسماء، فإذا أحصيتها، وضبطتها، وعرفت معانيها فادعوا الله بها مستحضرًا من تدعو وبما تدعو، مستعملاً من الأسماء ما يُناسب المقام، فإن كان المقام مقام طلب المغفرة والرحمة فادعوه بالغفور الرحيم، وإن كان في مقام طلب الانتقام من عدو يا جبار يا عزيز.

على كل حال هذا مُفصَّل عند أهل العلم، وينبغي أن ندعو بها، وأما مجرد تعدادها وتلاوتها، تلاوتها سواءً كان بألحان أو بغير ألحان كل هذا لا يُجدي إلا بمعرفتها؛ ولذلك قال: «مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» والإحصاء لا يكفي فيه مجرد أن تعرف تعد، لا بُد أن تعرف المعنى، وأن تأتي بالغاية التي هي دعاؤه –جلَّ وعلا- والتوسل إليه بها.           

{فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180] ففيه إثبات الأسماء لله –جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، وهذا مذهب أئمة الإسلام، ومن الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، وهو اعتقاد الفرقة الناجية، خلافًا لمن نفاها وعطَّلها كالجهمية وغُلاة المعتزلة، وإلا فالأصل أن المعتزلة يُثبتون الأسماء، ويُنكرون الصفات، والجهمية يُنكرون الأسماء والصفات، نسأل الله العافية.

شيءٌ ليس له اسم ولا صفة هذا شيء أم ليس بشيء؟ معدوم، فالمعطِّلة يعبدون عدمًا، كما أن المُمثلة يعبدون صنمًا كما قرر أهل العلم.

فإثبات الأسماء والصفات على طريقة القرآن والسُّنَّة، نُثبت ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسوله– عليه الصلاة والسلام- على ما يليق بجلاله وعظمته من غير تعطيل ونفي وجحود، ومن غير تمثيل؛ لأن التمثيل منفي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] إثبات للسمع والبصر بهذين الاسمين المتضمنين للصفتين {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11].

فَهِم بعضهم من إثبات السلف للأسماء والصفات، وأنها تُمر كما جاءت كما صرَّح به جمعٌ من الأئمة إنها تُمَر كما جاءت، أنه لا يُتعرض لها، كأنك تقرأ طلاسم على طريقة التفويض يُسمونه مذهب التفويض، ويقولون: هذا مذهب أهل السُّنَّة والجماعة تمرها كما جاءت، نقول: هذا باطل وضلال، السلف يعرفون المعاني، ويعتقدون أن لها معاني، لكنهم لا يُكيفون هذه المعاني، يقفون على ما جاءهم عن الله وعن رسوله –عليه الصلاة والسلام-.

يعني عندهم أن السميع والبصير ما بينهما فرق، تمر كما جاءت، الذي ما يفهم الفرق بين السمع والبصر أو السميع والبصير، لكن الفرق أنك لا تفهم هاتين الصفتين أو هذين الاسمين على ما يُناسب المخلوق، افهمهما على ما يليق بالخالق، وأنه ليس كمثله شيء، وأثبِت ما أثبته الله لنفسه.

الآن الذي يُثبت أنت تعرف أن في العالم في الشرق والغرب أشخاصًا بأسماء معينة على سبيل المثال زيدٌ من الناس يسكن بالهند، وأنت ما رأيته، ولا رأيت صورته، ولا رأيت نظيره، ولا قيل لك: إنه مثل فلان ولا شيء، تُثبت له هذا الاسم، وأنه زيد، وتفهم معنى هذا الاسم له، له معنى، يعني هل يقول: زيد من الناس هذا الذي في الهند أو الشرق أو في الغرب مثل ديز عكس زيد؟

لا، تعرف أن هذا الاسم على هذا الشخص، وأن هذا الشخص في الجملة له صفات المخلوقين، وأنه على هذه الصفة من ضمن من خلقه الله في أحسن تقويم، لكن كونه لونه كذا أو طوله كذا أو عرضه كذا التفصيلات والكيفيات لا تعرفها؛ لأنك ما رأيته، فالله –جلَّ وعلا- تُثبت له السمع والبصر، وتفهم هذه المعاني، وقد أثبتها الله لنفسه، وأثبتها له رسوله على ما يليق بجلاله وعظمته، ولا نتعرض لكيفياتها، لكن نعرف أن لها معاني ما هي بطلاسم، ولا نقول: إن اسم زيد مثل ديز عكس زيد.

المفوِّضة لا يرون فرقًا بين ديز وزيد، خلاص سمعنا اللفظ لا نتعداه، فهل هذا مراد السلف حينما يقولون: تُمَر كما جاءت؟

لا والله؛ لئلا يسترسل الناظر في هذا الاسم فينقدح في ذهنه التشبيه أو التمثيل، يُريدون أن يحسموا المادة ويغلقوا الباب، وإلا فكلهم يُقرون كما قال الإمام مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، فالمعنى معلوم، لكن الكيفية مجهولة.

التنظير الذي ذكرته فيمن اسمه زيد أو غيره من الأسماء يعني تعرف بهذا أن هذا الشخص المُسمى بزيد سواءً كان من أهل العلم أو من التجار أو من غيرهم من أصناف الناس تعرف أن هذا الاسم مُطلق على شخص، هل تتصور أن هذا الاسم مُطلق على كلب؟ لا، تعرف أن هذا الاسم مُطلق على هذا الإنسان، لكن هذا الإنسان هل هو طويل، قصير، أبيض، أسود؟ الكيفيات ما ندري عنها إلا إذا رأيناه، وهذا بالنسبة لله –جلَّ وعلا- مُمتنع؛ لأنه لا يُرى في الدنيا، ولا يراه الإنسان إلا في الجنة، أو في عرصات القيامة في بعض المواقف.

المقصود أن هذا هو المعنى، وقد ضل بهذا الباب كثير من الطوائف، ضل فيه كثير من الطوائف، فالجهمية يُنكرون الأسماء، يقولون: إذا أثبتنا اسمًا فقد شبهناه بخلقه، أو مثَّلناه بخلقه، فهم شبَّهوا في البداية، ما وصلوا إلى التعطيل إلا على قنطرة التشبيه والتمثيل، لو لم ينقدح في أذهانهم التمثيل ما لجأوا إلى التعطيل.

{وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180] الإلحاد هو: الميل عن الصراط المستقيم والطريق، ومنه سُمي اللحد في القبر؛ لأنه يميل عن سمت القبر إلى جهة القبلة فهو ميل.

والإلحاد في أسماء الله إما بإنكارها أو بتحريف معانيها، وتأويلها على غير مراد الله –جلَّ وعلا-، أو بابتكار أسماء لم يُسمِّ الله بها نفسه، ولا سماه بها رسوله –عليه الصلاة والسلام- هذا أيضًا إلحاد.

واشتقاق الأسماء لمعبوداتهم هذا إلحاد من المشركين، كما سيأتي في كلام ابن عباس "وعنه: سموا اللات من الإله، والعُزى من العزيز" هذا إلحاد.

والإلحاد أصله الميل، ويُطلق على الميل في الأصل القليل والكثير، الانحراف القليل والانحراف العظيم.

{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25] يُريد في الحرم إلحادًا، فالإلحاد أعم من أن يكون خروجًا من الدين بالزندقة بإنكار الرب أو ما هو معلومٌ من الدين بالضرورة أعم هذا موجَّه لمن؟ للمسلمين، وفي سياق قول الله –جلَّ وعلا-: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج:25]، يعني الناس كلهم سواء في هذا البيت، سواء عاكف ساكن في الحرم أو بادي جاء ليُصلي فرضًا ويرجع ما فيه فرق.

 ثم قال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} [الحج:25] تأتي تقول: أنا والله أنا ساكن الحرم أو من أهل مكة أو من كذا، قُم يا أعرابي عن المكان هذا؛ لأنك أنت وأخوك سواء {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج:25] ما فيه فرق بينكما.

ولذا نرى مظاهر مُخالفة لهذه الآية وبكثرة لاسيما في المواسم، تجدهم في العشر الأواخر من رمضان يحجزون الأماكن، ويضربون عليها، ويحصل التشويش على المصلين والأذى لهم، بعض الناس يأتي للإحسان يُحسن ليُفطِّر الناس، ثم يُوكِّل على هذا الفطور شخصًا لا يُحسن التعامل مع الناس، قبل وقت الفطور بساعة ونصف أو ساعتين يأتي في الاسماطات، وقُم يا نائم، وقُم يا قارئ، ويؤذون الناس بهذا، هذا داخل في الآية أذى للناس، فإذا أراد الإنسان أن يجل بالخير لنفسه، ويرجو ما عند الله –جلَّ وعلا- أن يأتي بإنسان يُحسن التعامل مع الناس، ويرفق بهم.

{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25] هذا مجرد ميل عن الصراط المستقيم، وليس معناه أنه زندقة أو خروج من الإسلام، مع أن العُرف عند أهل العلم في كلمة مُلحد أنهم لا يُطلقونها إلا على الزنديق المارق من الإسلام، إذا قيل: فلان مُلحد، وأنا حضرت مجلسًا فيه شخص مُختص في العقيدة، ويُشرف عليه الدكتور عبد الرحمن بدوي مشهور في المصريين من أكابرهم.

طالب:........

عبد الرحمن بدوي.

يُثني عليه هو المشرف عليه، ويُثني عليه، وهو رجلٌ طيب عنده قليل إلحاد، تعجبنا من هذا الكلام عنده قليل إلحاد.

طالب:........

على كل حال الجاري على المعنى اللغوي أن الإلحاد: مجرد الميل يمشي، لكن على المعنى الاصطلاحي العُرفي عند أهل العلم الذي استقر عليه العُرف عندهم أن المُلحد الزنديق.

وبالمناسبة ابن الجوزي وغيره ذكروا أن زنادقة الإسلام ثلاثة: ابن الراوندي، والمعري، وأبو حيان التوحيدي ثلاثة.

طالب:........                          

هؤلاء صنف آخر.

طالب:........

ابن العربي قبل ابن الجوزي أم بعده؟

طالب:........

المهم ابن الرواندي، وأبو حيان التوحيدي، وأبو العلاء المعري، هؤلاء زنادقة الإسلام فيما قاله ابن الجوزي.

ترجم ابن خلكان لابن الراوندي، وأشاد به، وأطال في ترجمته، ولم يتعرض لشيءٍ من إلحاده وانحرافه، في ترجمته من (البداية والنهاية) للحافظ ابن كثير قال: ترجمه ابن خلكان وأشاد به وأطال في ترجمته كعادته في الأدباء والشعراء، لا في الفقهاء والعلماء -ما يُطيل في تراجم العلماء والفقهاء، يُطيل في الأدباء والشعراء- ولم يتعرض لشيءٍ من انحرافه، وكأن الكلب ما أكل له عجينًا.

هذا نقد من ابن كثير لابن خلكان نقد لاذع وبيان لمنهجه في التراجم، للإنسان المسلم شيء يُسمى ولاء وبراء، حُب وبُغض في الله، شخص يطعن في الدين ويمشي من دون بيان من غير أن يُتعرَّض له بكلمة تليق به؟!

طالب:........

لا، الاهتمامات تختلف، هذا مهتم بالأدب والشعر وما الشعر، يعني ما يهمه أنه يصير عالمًا أو ما هو بعالم ولا عابد، انظر العُبَّاد حينما يُترجمون للعلماء، انظر النووي حينما يتكلم على أهل العلم، أو انظر الذهبي حينما يُترجم لأهل العلم، تجده يُشيد بما يهمه، كلٌّ يُشيد بما يميل إليه؛ ولذلك تجد تراجم النووي تختلف عن تراجم ابن حجر؛ لأن هذا له هَم، وهذا له هَم، النووي عابد زاهد، تهمه العبادة، ويُشيد بالعُبَّاد، وتلقى هذا عنه في تراجمه الكرماني في شرحه للبخاري، يريد أن يحذو حذوه، ويُشيد بعبادات العُبَّاد وأعمالهم، وهذه تُرقِّق القلوب، وتنفع طالب العلم.

ابن حجر يهمه ثبوت الخبر، فينظر فيه من ناحية التوثيق أكثر من... العبادة تهم ابن حجر ومن أهل والعبادة، لكن ما هو مثل النووي في هذا.

طالب:........

انظر إذا خُشي من الكلام أن يؤثر على القارئ سلبًا إذا لم يُبين فلا بُد أن يُبين؛ لأنك تمدح فلانًا، تمدحه وتُثني عليه؛ لأنه في نظرك شاعر أو عالم في هذا الباب في الأدب، لكن الذي يقرأ ما يدري أن عنده هفوات، وعنده طوام، يتلقى هذا الكلام، وفورًا يذهب إلى المكتبات ويشتري كتابه ويقرأه، فأنت لا بُد أن تُبين، إن لم تُبين فهذا غش.

طالب:........ 

ما هو؟

طالب:........

زين هذا الكلام؟

طالب:.........

الذي لا يُسمى به إلا الله –جلَّ وعلا- كالله والرحمن هذا إلحاد بلا شك، أما الأسماء المشتركة {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ} [يوسف:51] العزيز من أسماء الله ما فيه شك.

طالب:........

ماذا؟       

طالب:........

إذا عُرِف بأنه هذه الصفة موجودة فيه، وأن السِّتر صفة ملازمة له، يُسمى ستَّارًا صيغة مبالغة.

 

فعالٌ أو مفعالٌ أو فعولٌ

 

في صيغةٍ عن فاعلٍ بديلُ 

هذه صفات مبالغة ما فيها شيء، إذا عُرِف بهذه الصفة، وأنه مكثرٌ منها، وإلا حاشا الأسماء الخاصة بالله -جلَّ وعلا-.

طالب:.......

أين؟

طالب:........

هذا خطأ في الفهم في الاسم الوارد هل هو الستار أو السِّتير؟ درج كثيرٌ من أهل العلم على أن الستار من أسماء الله، وستار وسِتِّير كلها من صفات المبالغة، لكن الوارد سِتِّير.

"ذكر ابن أبي حاتم عن ابن عباسٍ –رضي الله عنهما- {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180] قال: يُشركون" أولاً: الخبر عند ابن أبي حاتم ليس عن ابن عباس كما ذكر الشيخ سليمان بن عبد الله في (تيسير العزيز الحميد) يقول: هذا الأثر لم يروه ابن أبي حاتم عن ابن عباس، وإنما رواه عن قتادة فاعلم ذلك.

"{يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180] يُشركون، قال: وعنه" أي: عن ابن عباس "سموا اللات من الإله، والعُزى من العزيز" اشتقوا لأصنامهم وأوثانهم من أسماء الله –جلَّ وعلا- وهذا إلحاد "اللات من الإله، والعُزى من العزيز" هذا على أن اللات مُخفّفة التاء، وأما من يقولوا بتشديد التاء اللاتّ فهو من لت السويق، كان رجلٌ يلت السويق، ويُطعم به الحاج قد تقدم هذا كله.

"والعُزى من العزيز" اشتقوا لأصنامهم وآلهتهم من أسماء الله –جلَّ وعلا-؛ ليُشبهوهم به.  

"وعن الأعمش" سليمان بن مهران الأعمش "يُدخلون فيها ما ليس منها" يدخلون فيها في أسماء الله ما ليس منها، فالذي يُسمي الله –جلَّ وعلا- باسمٍ لم يرد به نصٌّ من كتاب الله ولا سُنَّة نبيه –عليه الصلاة والسلام- يكون ملحدًا في الأسماء، ومن يصفه بوصفٍ لم يثبت عنه ولا عن نبيه –عليه الصلاة والسلام- يكون ملحدًا في الصفات.

طالب:.........

يعرفون الإله.

طالب:........

نعم.

طالب:.........

يقول: رواه الطبري، ابن أبي حاتم، ولفظه إلحاد الملحدين أن دعوا اللات والعُزى في أسماء الله –عزَّ وجلَّ- أن دعوا اللات والعُزى في أسماء الله، يعني في أسماء المعبود في الجملة، أما في أسماء الله فما قالوا: إن اللات من أسماء الله، إنما سموا بها صنمًا، واللات بالطائف، نعم.

طالب:..........

بعضهم يعرف وبعضهم بعض الأشياء.

طالب:.........

يذكرون بعض الأشياء.

"يُدخلون فيها ما ليس منها. فيه مسائل: إثبات الأسماء" لله –جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته؛ لقوله: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف:180] على طريق الحصر {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف:180].   

"الثانية: كونها حُسنى" من قوله: {الْحُسْنَى} [الأعراف:180] بنص الآية.

"الثالثة: الأمر بدعائه بها" {فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] يعني من باب التوسل إلى الله –جلَّ وعلا- والتقرب إليه بهذه الأسماء المناسبة للمقام، أما أن تدعو بأسماء غير مناسبة للمقام، وإن كان المدعو هو الله –جلَّ وعلا-، لكن فيه سوء أدب في الدعاء، ليس فيه تأدب مع الدعاء.

تقدم في باب من جحد شيئًا من الأسماء والصفات، وقول الله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد:30] وهم جحدوا هذا الاسم، وجحده كفرٌ به، وفي الأسماء يُلحدون في أسمائه.

"الأمر بدعائه بها" في المسألة الثالثة في مسائل الباب: إثبات الأسماء من الحصر {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ} [الأعراف:180]، وأيضًا كونها حُسنى؛ لأن الله –جلَّ وعلا- قال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأعراف:180].

"الأمر بدعائه بها" قوله: {فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180]، وهذا من باب التوسل بهذه الأسماء الحسنى، وأنه يُدعى الرب -جلَّ وعلا- بأسمائه المناسبة للمقام، وليس من الأدب أن تدعو باسمٍ لا يُناسب، مقام الرحمة يختلف عن مقام العزة؛ ولذا الأعرابي لما سمع {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة:38] نعم قرأها القارئ (والله غفورٌ رحيم) لا يُناسب، المغفرة والرحمة تُناسب قطع اليد؟ الذي يُناسب عزيز حكيم.

ويُقرر أهل العلم أن تعقيب الآيات في غاية المناسبة مع ما تقدمها من كلام الله –جلَّ وعلا- {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] هذه مناسبة أم غير مناسبة؟

طالب:........

{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118] يعني هل المناسب قوله: فإنك أنت الغفور الرحيم أنسب من العزيز الحكيم على ضوء ما قرره أهل العلم في الآية السابقة؟ المسألة فيها تغليب للتعذيب، وفيها أيضًا ما يجعل القارئ يهتم للعذاب فيجتنب أسبابه {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة:118] ما يستطيعون أن يتصرفوا، ولا أن يدفعوا عن أنفسهم وأنت العزيز الحكيم.

طالب:........

وهذا له وجه {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة:118] لن يخرجوا عن مرادك، {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} [المائدة:118] فأنت مع هذه المغفرة لا عن ضعف {فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة:118].

طالب:.........

عزَّ فحكم، الحكم يحتاج إلى قوة وعزة.

طالب:........

{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} [المائدة:118] هذا فيه احتمال {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} [المائدة:118] هذا مجرد احتمال، لا يلزم منه الوقوع ولاسيما أنه جاء بـــــ(إن) التي هي للشك (إن) من أدوات الشرط التي ترد للشك لا ترد للجزم؛ ولذا قال: 

أنا إن شككتُ وجدتموني جازمًـا

 

وإذا جزمت فإننـي لم أجزمِ

واضح يا إخوان؟

"أنا إن شككت" يعني: بـــ (إن)، إن شككت (إن) للشك "وجدتموني جازمًا" للفعل، "وإذا جزمتُ" بمرادي وعزمت عليه "فإنني لم أجزم" لم أجزم الفعل.

طالب:.......

لو بحثت في السياق وجدت المناسبة.

طالب:........

ماذا؟

طالب:.........

في ماذا؟

طالب:.........

لا لا هذا لا يعرفه الحنابلة، يعني قد يُوجد في أفراد منهم كما يوجد نوع من التأويل في بعضهم، وفي بعض المحدثين، لكن لا يُسمى مذهب الحنابلة ولا مذهب المُحدثين.

طالب:.........

نعم؛ لأن الحنابلة هم ممن يُقرر مذهب السلف أمِرّوها كما جاءت، وهم يفهمون من الإمرار التفويض.

طالب:.........

على كل حال هناك سياقات لها دلالاتها في سياقها، لكن لو تأملتها في سياقها وجدتها قد يُفهم من هذا، والأصل ما جاء في كتاب الله وسُنَّة نبيه. 

"الرابعة: ترك من عارض من الجاهلين الملحدين" {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ} [الأعراف:180] اتركوا الذين يُلحدون اتركوهم، ما معنى اتركوهم؟ يعني: لا تقتدوا بهم، ولا تتبعوهم، وليس معناه لا تدعونهم ولا تنكروا عليهم، لا، ليس معنى {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ} [الأعراف:180] لا تنكروا عليهم، ودعوهم يُلحدون في أسماء الله وصفاته، ولا تُنكروا عليهم، ولا تُبينوا لهم، ولا توجِّهوهم، ولا تنصحوهم لا، يعني: اتركوهم لا تقتدوا بهم، والنصيحة واجبة.

"الخامسة: تفسير الإلحاد فيها" يعني في الكلام المنسوب لابن عباس ممن رواه ابن أبي حاتم عندنا وهو في الحقيقة لقتادة "{يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف:180] يشركون".

"السادسة: وعيد من ألحد" {سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف:180] سيُجزون، والجزاء في مثل هذا وهو أمرٌ عظيم إلحاد الجزاء شديد وعظيم مناسب لجُرمهم، فالجزاء من جنس العمل، ومناسبٌ له.

 فيقول: "وعيد من ألحد" سواءً كان في أسماء الله وصفاته أو غيرها من ضروب الإلحاد وأصنافه.