بلوغ المرام - كتاب الجامع (03)

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى في الحديث الثاني من أحاديث البر والصلة قال وعن جبير بن مطعم رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا يدخل الجنة قاطع» يعني قاطعَ رحم متفق عليه هذا الحديث فيه الوعيد الشديد على من قطع رحمه فكونه لا يدخل الجنة وهذا من أحاديث الوعيد التي تمر كما جاءت إما أن يكون لا يدخلها من أول وهلة أو يقال إن هذا من من أحاديث الوعيد ولا يتعرض لتأويله للإجماع على أن قطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب لكنها ليست مكفرة ولا مخرجة من الملة فعدم الدخول هنا إما أن يكون مع أوائل الداخلين لا يدخلها مع أوائل الداخلين بل لا بد أن يُعذب على أن جميع الكبائر تحت المشيئة تحت المشيئة وأيضًا هذا القاطع يستحق هذه العقوبة لأنه فعل ذنبًا وجرمًا عظيمًا لكن إذا حلله صاحب الشأن قاطع في عمه قاطع في خاله قاطع في عمته في خالته عاق لوالديه ثم تنازلوا عن حقهم وأباحوه الحق لا يعدوهم لكن هو مستحق للعقوبة على كل حال لأن الذنب وإن كان من أجل المخلوق فالخالق الذي أوجب هذا العمل لا شك أن مخالفته ومعصيته يستحق عليها العقاب جاء في حديث ابن أبي أوفى «إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم» وعلى هذا ينبغي أن يتفقد الجلساء هل فيهم قاطع أو لا ومن أجل ذلك على المسلم أن يتحرى في جلسائه وألا يجالس إلا الأخيار الأتقياء الذي يخافون الله جل وعلا فيما أوجب عليهم وحرم  عليهم لأنه إذا كانت الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم فأنت تعرض نفسك بجلوسك معه إلى عدم نزول الرحمة طيب «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا غشيتهم الرحمة إلا غشيتهم الملائكة ونزلت عليهم الرحمة» افترض أن فيهم قاطع رحم ومع الأسف القطيعة قد توجد عند بعض طلاب العلم وهذا لا شك أنه خلل في التعلم والتطبيق هذا شيء مشاهد بعض طلاب العلم يصعب عليه أن يلبي رغبة والده أو والدته أو عمه أو خاله ويسهل عليه أن يخرج مع زميله الساعات هذا خلل هذا خلل في التصور ما معنى أنك تحبس نفسك على العلم وطلب العلم وتمضي فيه الأوقات وتسهر فيه الليالي هذا لا شك أن النية فيها دخل ودخن وإلا لو كان علمك وتعلمك لله جل وعلا لاهتممت بالأهم فالأهم ومن أهم الأمور بعد حق الله جل وعلا حق الوالدين وجاء في البر والصلة وفيما يضادها من القطيعة النصوص الشديدة والوعيد الشديد على من فعل ذلك بعد هذا يقول وعن المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات» من العق وهو القطع قطع الصلة بالأم نسأل الله السلامة والعافية حق الأم أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى وحقها أعظم من حق الأب ولذلك نُص عليها في هذا الحديث وإن كان عقوق الوالدين جاء فيه جاء فيه النصوص الكثيرة لكن هنا نُص على الأمهات لأن حق الأم أعظم من حق الأب جاء في الحديث الصحيح من أحق الناس بحسن صحابتي أو صحبتي قال «أمك» قال ثم من؟ قال «أمك» قال ثم من؟ قال «أمك» ثم في الرابعة قال أبوك فحق الأم أعظم «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات» والأمهات جمع أم أو أمهة وهي لغة في الأم وتجمع على أمهات أمهات تجمع على أمهات وأم تجمع على أمات قد يتعارض حق الوالد مع حق الأم ويختلف في الحكم فيما إذا كانت الأم في عصمة الأب وما إذا كانت في غير عصمته لأنها إذا كانت في عصمة الأب والأب له حق عظيم عليها قد تتداخل بعض الحقوق هنا لكن إذا قدر الانفصال بينهما تتباين الحقوق كل له حقه بدقة سئل الإمام مالك أمرني أبي فنهتني أمي أمرني أبي فنهتني أمي قال أطع أباك ولا تعص أمك أطع أباك ولا تعص أمك، هذا جواب؟ هل هذا جواب من الإمام مالك؟ أو أن مفاده التسديد والمقاربة أنك تطيع أباك فيما أمرك به إذا كان الأم ليس لها علاقة في هذا الأمر ولا يضرها ولا يؤثر عليها ولا يفوت مصلحة من مصالحها فطاعة الأب واجبة لكن إذا تعارضت المصالح بين مصلحة الأم ومصلحة الأب فحق الأم مقدم على حق الأب «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات» دفن البنات وهن حيات لأن العرب يكرهون البنت ويسيئون معاملة المرأة إلى أن جاء الإسلام ورفع من شأنها ووضعها في مكانها اللائق بها يركهون البنات فيدفنونهن حيات ومنهم من يدفن خشية العار ومنهم من يدفن الولد الولد الشامل للذكر والأنثى خشية أن يطعم معه وكل هذا من عظائم الأمور لأن فيه قتل للنفس المعصومة ووأد البنات» التكوير: ٨ - ٩  بأي ذنب؟! هل من مفهوم هذا أنها إذا كان لها ذنب يستوجب القتل أن وأدها جائز؟ التكوير: ٨ - ٩  الأصل أنها ليس لها ذنب لأنها صغيرة لكن إذا وئدت وهي كبيرة وقد ارتكبت ذنبًا يقتضي قتلها نقول أيضًا هذا محرم ولا يجوز بحال لأن قتلها ليس من حق آحاد الناس وأفرادهم وإنما هو من حقوق الإمام الذي إليه الحدود «ومنعًا وهات» يمنع ما أوجب الله عليه ويطلب ما لا يستحقه منع يمنع كل ما أوجب الله عليه أو بعض ما أوجب الله عليه «وهات» هذا ديدنه من رآه قال هات أعطني يسأل الناس ما لا يحتاج إليه والمسألة كدوح في وجه صاحبها وقد يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم نسأل الله السلامة والعافية فالسؤال من غير حاجة محرم «وكره لكم قيل وقال» قيل وقال يعني كثرة الكلام قيل كذا وقال فلان كذا قيل كذا نقل الكلام عن المجاهيل وعن من تعلم عينه وقال فلان كذا فيمنع هذا وهذا والمراد كثرته وما لا فائدة فيه ولذلك قال كره في الأول قال «حرّم» وفي الثاني قال «كره» وهل نقول أن هذا جارٍ على الاصطلاح هذا نص شرعي قبل قبل حدوث الاصطلاحات والتفريق بين المكروه والحرام لكنه قال «حرّم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات وكره لكم قيل وقال» الكراهة تطلق ويراد بها التحريم أيضًا ويطلق ويراد بها الكراهة ولا شك أن من هذا النوع من القيل والقال ما هو مكروه ومنها ما هو محرم فجيء باللفظ الأعم الذي يشمل القسمين المحرم والمكروه «قيل وقال» لأن القيل والقال يدخل فيه المباح والإكثار منه يدخل في حيّز المكروه وفيه المكروه وفيه أيضًا المحرم قيل كذا وقال كذا ونقل لكلام الناس بعضهم من أجل الإفساد وبعضهم من أجل التفكه وبعضهم من أجل الغمز واللمز ولا شك أن الكلام إذا كثر لا بد أن يحصل فيهم الخلل «قيل وقال» قيل كذا وقال فلان كذا القول إما أن يسند إلى مجهول وإما أن يسند إلى معلوم ومنهم من يقول إن المراد قيل المراد به القول كره لكم القول لأن الكلام من تلقاء أنفسكم بكثرة ومثله القال القيل والقول والقال مصادر لقال فجميع مصادر الكلمة وتصرفاتها كلها تدخل في المنع من أجل أن يحفظ الإنسان لسانه ولا يتكلم إلا بما ينفع وبعض الناس وهذا ديدن كثير من الناس الآن لما كفوا المؤونة وتفرغوا صارت بضاعتهم الكلام والاجتماعات وقضاء الأوقات بما لا ينفع في الاستراحات وفي البراري والقفار وفي المجالس يمضون الأوقات الطويلة ولا بد أن يتحدثوا إما مبتدئين بالكلام أو آثرين له والحديث يشمل كل هذا فلا يتكلم الإنسان إلا بما ينفع معاذ يقول هل يؤاخذ الناس بكلامهم قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- «ثكلتك أمك يا معاذ وهل يَكُبُّ الناس على وجوههم أو قال مناخرهم إلا حصائدُ ألسنتهم» فالأمر ليس بالسهل كثير من الناس يتكلم بالكلام على أنه نصيحة وأنها غيرة على دين الله والله أعلم بما في القلوب يعني بعض الناس أيضًا يأتي بالكلام على أنه من باب التواضع وهضم النفس وهذه من حيل الشيطان ومقصده بذلك أن ينتبه لشيء خفي المقصود أن الكلام اللسان له آفات قد يكون هو أعظم الجوارح وأكثر الجوارح آفات «وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفًا» نسأل الله السلامة والعافية «وكثرة السؤال وكثرة السؤال» والسؤال أعم من أن يكون للمال أو للعلم السؤال كثرة السؤال التي جاء النص بكراهيتها أعم من أن تكون للمال والعلم لأن من السؤال للمال ما هو ممنوع إذا كان من غير حاجة وكثرته ولو كان لحاجة كثرة السؤال إنما يقتصر على أدنى بلغة إذا كان وسيلة الحصول على المال هي السؤال وأيضًا السؤال في العلم جاء الأمر به              النحل: ٤٣  لكن نهى عن الأغلوطات وموجود هذا بين طلاب العلم ومن بعض طلاب العلم لأهل العلم تجده يسأل زميله ليحرجه أو يسأل شيخه ليبين للطلاب أنه ليس على المستوى الذي يطلبونه المقصود أن هذا ممنوع وجاء النهي عنه «وكثرة السؤال وإضاعة المال» إضاعة المال يعني فيما لا ينفع في دين ولا دنيًا لا يجوز لأن المال هو مال الله ﭿ النور: ٣٣  المال ليس لك إنما أنت مؤتمن عليه تكتسبه من وجوهه المباحة وتنفقه فيما ينفعك في دينك ودنياك وليس للإنسان أن يقول هذا مالي جمعته بعرقي وكدي وتعبي أصرفه كيف كيفما أشاء لا، أنت متعبد ومخلوق لتحقيق العبودية لله جل وعلا في بدنك ومالك فلا بد أن تتصرف على مراد الله جل وعلا فالإنسان الذي ينفق الأموال وجاء الوعيد الشديد على أقوام يتخبطون في أموال الله نسأل الله السلامة والعافية ينفقونها في غير وجوهها في المحرمات يسرفون يبذرون ولا يجتمع مثل هذه التصرفات مع وفاء ما أوجب الله عليه في الغالب أن الرجل الذي يسرف وينفق المال في غير وجوهه أنه يبخل به إذا طُلب منه من وجوهه تجد أشد الناس بخل في وجوه الخير وأبواب البر هم الذي يسرفون في الإنفاق ومن منع الواجب عُوقب بالصرف فيما لا ينفع وهذا شيء مشاهد والله المستعان مما شاع بين الناس وتباهوا به الإنفاق والإسراف في البناء في البناء في بناء ما زاد على قدر الحاجة والنفقة فيه غير مخلوفة ومن أشراط الساعة وعلاماتها «أن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان» فالإنسان يؤمن مسكن له ولأولاده يُكِنّهم عن الحر والقر وما زاد على ذلك يدخل في حيِّز الإسراف وإضاعة المال فالميزان الشرعي للإنفاق في قوله جل وعلا:       الفرقان: ٦٧       الإسراء: ٢٩  المطلوب التوسط وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين» أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم الحديث مختلف فيه هو في الأصل ضعيف يرى بعضهم أنه بطرقه يصل إلى درجة الحسن وصححه هؤلاء الأمة لكنهم عرفوا بالتساهل بالتصحيح وهم ممن يدخل الحسن في الصحيح يعني القول بحسنه له وجه لكنه لا يصل على أي حال إلى درجة الصحيح وضعفه بعضهم «رضى الله في رضى الوالدين» لأن أعظم الحقوق على الإنسان بعد حق الله جل وعلا حق الوالدين «وسخط الله في سخط الوالدين» والأم هي جنتك ونارك والجنة تحت أقدام الأمهات أحي والداك ففيهما فجاهد هنا رضى الله جل وعلا الجهاد من أفضل الأعمال وهو ذروة سنام الإسلام وهو مصدر عز المسلمين لكن يبقى أن بر الوالدين أهم منه كما جاء في الحديث «أحي والداك؟» قال نعم قال «ففيهما فجاهد» فإذا أرضيت والديك فاعلم أن الله جل وعلا قد رضي عنك وعن أنس رضي الله تعالى عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أو لأخيه ما يحب لنفسه» والذي في البخاري «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من غير شك ولا تردد» وهذا لفظ مسلم «لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أو لأخيه ما يحب لنفسه» محبة الخير للجار من الأدب ومحبة الخير للأخ من من الصلة «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» والأخ أعم من أخ النسب وأخ الدين فلا بد أن يحب لأخيه والجار أخ في الإسلام وقد يكون بعيد في مكانه أو قريب في مكانه بعيد  في الأخوة بحيث يكون لا يكون من المسلمين «والذي نفسي بيده» قسم من النبي -عليه الصلاة والسلام- يقسم على الأمور المهمة كهذه ولو لم يستحلف -عليه الصلاة والسلام- يقول ابن القيم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقسم في في نحو ثمانين مناسبة في نحو ثمانين مناسبة من المهمات فهذا من المهمات أقسم عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- «والذي نفسي بيده» هو الله جل وعلا «وبيده» إثبات اليد لله جل وعلا على ما يليق بجلاله وعظمته وأكثر الشراح يقولون والذي روحي في تصرفه نفسي روحي بيده يعني في تصرفه أكثر الشراح على هذا وهذا فرار من إثبات اليد لله جل وعلا تأويل للصفة بلازمها ولا أحد يقول إن أرواح الناس ليست في تصرف الله جل وعلا الكلام من حيث الجملة صحيح لكن يقبَل ممن يثبت اليد لله جل وعلا لكن الذي لا يثبت الصفات لا يقبل منه هذا الكلام حتى يثبت اليد لله جل وعلا وأرواح الناس كلها في تصرف العباد في تصرف الله جل وعلا وقلوبهم بين أصبعين من أصابعه عز وجل «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد لا يؤمن عبد» نكرة في سياق النفي فتعم جمع عباد الله جل وعلا من الذكور والإناث من جميع الأجناس «لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه أو لجاره لجاره أو لأخيه ما يحب لنفسه» متفق عليه لو راجعنا أنفسنا وسألناها سؤال جادّ صريح هل كل واحد منا يحب لأخيه ما يحب لنفسه في الجملة يحب له الخير وقد يصل الأمر ببعض القلوب أن لا يحب له الخير أصلاً بل يحب زوال الخير عنه بالحسد والمقصود بالإيمان المنفي هنا هو الإيمان الكامل هذا مثل هذا لا يخرج عن مسمى الإيمان وعن مطلق الإيمان هذا أمر في غاية الصعوبة يحب لأخيه ما يحب لنفسه هذا صعب شديد على كثير من الناس لكن من أوتي قلبا سليمًا صافيًا خاليًا من الغش والدخل والدخن يجد هذا يسير عليه لكن عموم الناس وعامة الناس هذا الأمر في غاية الصعوبة عليهم من يتمنى أن يكون له مثل أن يكون لأخيه مثل ما له؟ يا أخي ما عليك نقص تمنى له أن يكون له مثلك بحيث لا يزاحمك لا يقول تمنى له أن يصير له أن يصير له نفس اللي صار لك بحيث يؤخذ من يدك ويعطى إياه هذا لا يتصور يعني أقل الأحوال تمنى له الخير فيحصل له مثل ما يحصل لك من الخير وهذا ليس فيه صعوبة على القلب السليم لكن قد يقول قائل إن هناك مواطن جاء الحث فيها على المنافسة على المسابقة على المسارعة فهل من مقتضى المنافسة والمسابقة     المطففين: ٢٦   آل عمران: ١٣٣   الحديد: ٢١ هل مقتضى ذلك أنك أنك لا تتمنى له أن يكون معك في نفس المستوى يعني هل كل واحد منا يتمنى من طلاب المدارس والجامعات والكليات الشرعية يتمنى أن يكون هو وجميع الطلاب الأول مكرر؟ هل يوجد مثل هذا؟ هذا مقتضى «حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» لكن هل هذا موجود في الواقع يصير كل الطلاب يتمنى لهم هذا الطالب أن يكون الأول مكرر كلهم درجاتهم واحدة وش معنى المنافسة وش معنى مسابقة ومش معنى مسارعة؟ فيه إشكال والا ما فيه إشكال يعني مقتضى المنافسة ومتقضى المسارعة أن تسرع أنت وإياه وتسبقه سابقوا أو المراد يحب لأخيه في أصل الخير يحب لأخيه ما يحبل لنفسه من أصل الخير يحب له الخير يحب للمسلمين عمومًا الخير وإن لم يكن في مستواه لكن مقتضى «ما يحب لنفسه» أن يحب له نفس المستوى الذي يتمناه لنفسه ولا شك أن مثل هذا قد لا يستطيعه كثير من الناس فعليه أن يسدد وأن يعالج قلبه وأن يستحضر مثل هذا النص لأن هذا النص أقل الأحوال أن ينتفي الحقد من النفس والقلب والحسد والغل يعني إذا إذا لم تستطع أن تحقق حرفية الحديث أقل الأحوال تحقق نفي ما يضاده يقول ابن الصلاح وهذا قد يعد من الصعب الممتنع وليس كذلك إذ معناه لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحب لأخيه في الإسلام ما يحب لنفسه من الخير والقيام بذلك يحصل بأن يحب له مثل حصول ذلك من جهة لا يزاحمه فيها من جهة لا يزاحمه فيها بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئًا من النعمة عليه وذلك سهل على القلب السليم وإنما يعسر على القلب الدغل عافانا الله وإخواننا أجمعين على رواية الأخ هذا خاص بالمسلم وعلى هذا لا يطلب من المسلم أن يحب للكافر ما يحب لنفسه إنما يحب له أن يهتدي أن يهديه الله للإسلام ويسعى في هدايته وهذا من النصيحة رواية الجار عامة للمسلم والكافر والقريب والبعيد والتقي والفاسق حتى يحب لجاره من هؤلاء كلهم ما يحبه لنفسه         الشعراء: ٨٨ - ٨٩ لكن نرى كثيرًا من العلماء وطلاب العلم اهتمامهم فيما يصحح الأعمال الظاهرة يهتمون بالفقه وتصحيح الأعمال من الصلاة والزكاة والصيام والحج والمعاملات اهتمامهم بالغ ويحرصون على تأصيل هذه العلوم من الكتاب والسنة لكن قليل ممن يعتني بأمراض القلوب وأدويتها لأن هذا أمر عظيم جدًا يعني كون الإنسان يحب لأخيه ما يحب لنفسه يعني هذا على كثير قلوب كثير من الناس شبه مستحيل شبه مستحيل لكن القلب السليم على الإنسان أن يبادر بعلاج قلبه لأن الإنسان قد يكون قلبه ميت وهو مع الأحياء ويتعبد ويتميز بالعبادات الظاهرة لكنها جدواها على قلبه ضعيفة لأن القالب ليس بسليم والله المستعان، قالوا الجيران ثلاثة جار له حق واحد وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق فالجار غير المسلم له حق واحد والجار المسلم له حقان والجار المسلم القريب له ثلاثة الحقوق وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الذنب أعظم؟ أي الذنب أعظم؟ قال «أن تجعل لله نِدًا وهو خلقك» لا أعظم من الشرك بالله جل وعلا «أن تجعل لله ندًا وهو خلقك»   النساء: ٤٨ فهو ما عُصي الرب جل وعلا بذنب أعظم من الشرك قلت ثم أي؟ قال «أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك» لأن فيه إساءة الظن بالله جل وعلا وفيه أيضًا قتل النفس قلت ثم أي؟ قال: «أن تزاني بحليلة جارك» في القتل «لا يزال المسلم في فسحة من دينه أو من أمره حتى يصيب دمًا حرامًا» والخصلة الثالثة قلت ثم أي؟ قال «أن تزاني بحليلة جارك» فهذه عظائم الأمور الشرك والقتل والزنا             ﭡﭢ       الفرقان: ٦٨ - ٦٩ نسأل الله السلامة والعافية فهي مقرونة في كثير من النصوص هذه العظائم هذه الذنوب الكبيرة هذه الموبقات مقرونة في نصوص من الكتاب و السنة أن تجعل لله ندًا وهو خلقك ثم أي؟ «أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك» خشية أن يأكل معك يعني هذا فيه سوء ظن بالله جل وعلا وانقلاب في الفطرة الإنسان مفطور على حب الولد ومجبول على ذلك وهو في الأصل يؤثر الولد على نفسه ومع ذلك يقتله يعني كونه يطرده من بيته هذا سهل لكن هذا يقتله خشية أن يأكل معه «خشية أن يأكل معه» قلت ثم أي؟ يعني على أن الطرد من البيت وإضاعة من يمون وعدم الإنفاق عليهم هذه من أيضًا من كبائر الذنوب وتضييع للأمانة لكن أسهل من القتل نسأل الله العافية قلت ثم أي قال «أن تزاني بحليلة جارك» يعني زوجة الجار الذي يتوقع من جاره أن يحفظ أهله وأن يحفظ عرضه يخونه في ذلك والوصول إلى بيت الجار أسهل من الوصول إلى غيره فبينهما جدار مشترك يمكن أن يحصل الاتصال من من قبله بخلاف غير الجار فإن الناس يحتاطون أكثر وقوله «تزاني» من المزاناة والمفاعلة من الطرفين أشد من كونك تزني بها نسأل الله العافية أسهل من كون الجار يزني بحليلة جاره من غير رضاها أما كونه زاني فلا تحصل المفاعلة إلا بعد الرضى المسبوق بإفسادها على زوجها نسأل الله العافية لأن بعضهم وش معنى تزاني؟ لماذا ما قال أن تزني بحليلة جارك؟ نسأل الله العافية تزني بأن يكون الزنا من غير رضا وحينئذٍ تبقى يبقى تبقى مودتها مع زوجها لكن المزاناة التي هي المفاعلة لا تتم إلا بالرضى والرضى لا يكون إلا بعد أن تفسد على زوجها لأن المرأة لا يمكن أن ترضى بالزنا إلا أن تكون قد فسدت على زوجها نسأل الله العافية وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «من الكبائر شتم الرجل والديه من الكبائر شتم الرجل والديه» قيل وهل يسب الرجل والديه؟! يعني ما لا يتصور أن شخص يشتم مباشرة ويلعن مباشرة شخص هو سبب وجوده وخرج من صلبه وتعب عليه وأنفق عليه ونشأه ثم يقول له في النهاية يلعنه هذا لا يتصور مع أنه متصور وواقع لكن في عصرهم لا يتصور وفي عصرنا متصور وواقع للإيغال في الشر والفساد وقد يتصور ممن هو دون ذلك في حال الغضب عند سيء الخلق تجده من كثرة الأوامر والنواهي والمراقبة والملاحظة يضجر من والده أو من والدته فيصدر منه مثل هذا ما يتصورون أن الرجل يسب أباه قيل وهل يسب الرجل والديه؟ رجل سوي يسب والديه لا يمكن لكن الفطر اجتالتها الشياطين ولعبت بها شياطين الإنس والجن فيُسمع من يلعن والديه مباشرة لا بتسبب يعني إذا كان مستغرب ومستبعد في عصرهم فإنه في عصرنا يسمع نسأل الله السلامة والعافية وقلنا إن السبب في ذلك البعد عن الله جل وعلا وعن شرعه ودينه وأوامره ونواهيه الإيغال في الشر والفساد وجود ما يغطي العقول من المسكرات والمخدرات نسأل الله السلامة والعافية أيضًا سوء الخلق قد يتسبب عنه هذا تجده إذا راقبه أبوه وين رحت؟ وين جيت؟ وين تبي؟ وين تبي تروح؟ أو أمه كذلك يطلق اللعن مع شدة الغضب ويزعم أنه رجل شب وكبر عن المراقبة والملاحظة نعم يحصل مع سوء الخلق إما مع الإيغال في الشر والفساد وإما من سوء الخلق السب المباشر وهذا وجد وسُمع، لكن في عصرهم في وقته -عليه الصلاة والسلام- قيل وهل يسب الرجل والديه؟! يعني الأمور تتدرج لا شك أنه إذا طال الأمد وبعد العهد قست القلوب قست القلوب وحصل ما حصل يعني في القرن السابع شخص من علماء المغرب وذكرناه في وقته يقول أن الخلاف في كفر تارك الصلاة نظري الخلاف لفظي لا حقيقة له لأنه لا يتصور أن مسلما يترك الصلاة يقول يفترضون مثل هذه المسائل والا ليست واقعة يعني كما يفترض في الفرائض توفي هلك هالك عن ألف جدة افتراض ومثل ما يقولون فلان شخص يترك الصلاة بالكلية ما يمكن مسلم يترك الصلاة لكن هات وقتنا هذا يتتبعون الشواذ من الأقوال والفتاوى من أجل أن يتركوا رأس المال عمود الدين نسأل الله العافية فيستغرب في القرن السابع يقول هذا هذا مستحيل الخلاف لفظي لا رصيد له من الواقع وإنما الفقهاء يفترضون أشياء لا تقع لكن يُربى عليها طالب العلم ويفرع عنها المسائل وإن لم تكن واقعة هنا يقول هل يسب الرجل والديه؟! مستحيل قال «نعم» نعم يعني ما يسب مباشرة «نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه» واللعن للوالدين كثير بطريق التسبب يتشاجر فلان ويتخاصم فلان مع فلان يقول لعن الله أباك أو أمك ثم أيضًا يرد عليه الثاني بالمثل عندنا تسبب ومباشرة تسبب ومباشرة مباشرة لعن الوالدين هذا مستبعد مستبعد وهو في وقت السؤال شبه مستحيل لكن في وقتنا مستبعد لكنه ليس بمستحيل بل وقع ما يشهد له التسبب التسبب هذا شتم والد هذا أو والدة هذا ثم رد عليه بالمثل صار متسببًا في لعن والديه ليس بمباشر لكنه متسبب وعند أهل العلم إذا اجتمع المتسبب والمباشر فالمباشرة تقضي على أثر التسبب ويعني هذا أن المتسبب لا إثم عليه ألبتة؟ لا، عليه إثم عظيم لكن التبعة التامة والمؤاخذة على المباشر إذا ألقى إنسان شخصًا من شاهق من الدور العاشر مثلاً رماه من الدور العاشر وقبل وصوله إلى الأرض تلقاه شخص بالسيف من القاتل الذي ألقاه أو الذي تلقاه بالسيف؟ صاحب السيف هو المباشر هو الذي قتله والأول متسبب أو رأى سيارة مسرعة فدفعه إليها هذا متسبب والذي دهسه هو المباشر هل يعني أن الذي دفعه إليها أو ألقاه من شاهق هذا معفى من العقوبة؟ لا، ليس بمعفى «يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه» وهذا الحديث مع قوله جل وعلا         ﯘﯙ الأنعام: ١٠٨ أصل في سد الذرائع أصل في سد الذرائع في إيصاد الأبواب الموصلة إلى المحرمات وهذا باب عظيم من أبواب الدي باب عظيم من أبواب الدين وكثير من الأمور لم يرد فيها نص لكنها تفضي إلى محرم فتأخذ حكمه من هذا الحكم بتحريم بيع العنب أو التمر لمن يتخذه خمرًا يعني إذا غلب على الظن أن هذا الشخص يتخذه خمرًا لا يجوز بيعه عليه ومثله بيع السلاح في الفتنة لا يجوز بحال السلاح السكين مثلاً الأصل فيها أنها مالك وتستعمل في مباح فبعها ممن شئت لكن إذا عرفت أن المشتري سوف يقتل بها مسلمًا أو يقتل بها معصوم الدم من معاهد وذمي فإنه لا يجوز لك أن تبيعها لأن بيعها عليه يفضي إلى ارتكاب محرم وكل ما أفضى إلى ارتكاب محرم فهو محرم وأهل العلم يقررون أن من أعظم الأبواب في الدين سد الذرائع بخلاف ما نسمع اليوم على ألسنة من يريد أن يرتكب ما يرتكب من محرمات يوقف الناس على شفيرها ثم يقول هي محرمة يبيح جميع الذرائع والوسائل الموصلة إليها ثم يقول إن الفعل محرم هل هذه سياسة شرعية أو قواعد شرعية؟ أبدًا، تجعل أعمى على شفير بئر وتقول والله أنا ما ألقيته في البئر ومن الكتاب من ينادي بفتح الذرائع ويُسمع من بعضهم أننا ضيقنا على أنفسنا بسد الذرائع في تحريم المباحات والأصل في المحرمات أنها أشياء يسيرة لكننا ضيقنا على أنفسنا ضيقنا على أنفسنا احتياطًا لديننا لأن الإنسان إذا ارتكب الوسائل وصل إلى الغايات إذا كان المقرر عند أهل العلم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فما يتوصل به إلى المحظور محظور ولا محالة وعن أبي أيوب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ليال» طيب الثلاث مفهوم الحديث أنه يحل له أن يهجره ثلاث لأن النفس لها حظ وإلزامها بالرضى في حال الغضب في آنه قد يكون ممتنع كثير من النفوس لا تطيق وأكثر الناس لا يطيق مثل هذا لكن اترك له فرصة ثلاثة أيام يراجع فيها نفسه ثم يأتي التحريم «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا» لأنهما متهاجران «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» وحضور الشيطان في هذه المناسبات واضح وتجد كثير من الناس يقول أنا لا أسلم عليه الحق لي أنا أكبر منه أنا عمه أنا خاله نعم يكون عليه من التبعة أكثر منك لكن أنت أيضًا مطالب الهجر للتأديب لتأديب الولد لتأديب الزوجة هذا لو زاد فقد هجر النبي -عليه الصلاة والسلام- الثلاثة الذين خلفوا خمسين ليلة واعتزل وآلى على نسائه أو آلى من نسائه واعتزل في المشربة شهرًا -عليه الصلاة والسلام- فما كان للتأديب والزجر يجوز أن يزيد على ثلاث لكن فيما إذا كان من أجل حطام الدنيا هذا لا يجوز فوق ثلاث «فيعرض هذا ويعرض وخيرهما الذي يبدأ بالسلام» خيرهما الذي يبدأ بالسلام مما يدل على أن السلام يرفع الهجرة والمهاجرة ترتفع الهجرة والمهاجرة بالسلام إذا قال السلام عليكم خلاص انتهى ارتفعت فإن رد عليه ارتفعت من الطرف الثاني كثير من أهل العلم يقول يكفي هذا ومنهم من يقول إذا كانت إذا كانت الحال لا تعود والنفوس لا تصفوا إلا بما إذا عادة إلى ما كانت عليه قبل الهجرة فإنه لا بد منه لا يكفي أن يسلم وقلبه مشحون بل لا بد أن تعود الحال إلى ما كانت عليه قبل ذلك هجر العصاة والمبتدعة هذا أيضًا أمر مشروع من أجل أن يرتدعوا ويتركوا ما هم عليه من العصيان والبدع لكن بعض الناس إذا هُجر زاد فمثل هذا يتودد إليه بالصلة والموعظة الحسنة والجدال بالأحسن ثم إذا استنفدت جميع الوسائل ولم يستفد ولم يرعوي فإن هذا يُهجر لأن الهجر علاج وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «كل معروف صدقة كل معروف صدقة» المعروف ضد المنكر ويطلق على ما عرف حسنه في الشرع وملاءمته والمنكر بخلافه والصدقة أعم من أن تكون بالمادة الصدقة المادية والصدقة المعنوية كل معروف تبذله لأخيك صدقة ولقريبك صدقة وصلة فقد تكون بالمال وهذا معروف قد تكون بالإعانة بالبدن قد تكون بالمعاملة الحسنى قد تكون بالخدمة وهكذا «ويصبح على سلامى كل واحد منكم صدقة» السلامى المفاصل وعدتها ثلاثمائة وستون مفصلاً فالإنسان مطالب يوميا بثلاثمائة وستين صدقة أمر بالمعروف صدقة نهي عن المنكر صدقة إماطة الأذى عن الطريق صدقة إلى غير ذلك أبواب الصدقات كثيرة جدًا وفي كل تسبيحة صدقة وفي كل تحميدة صدقة وفي كل تهليلة وأمر بالمعروف ونهي إلى آخره ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى عن هذه الصدقات كلها يكفي منها ركعتان تركعهما من الضحى وكل معروف تسديه لأي شخص كان فإنه صدقة وكف الشر عن الناس صدقة منك على نفسك وعن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» نعم بعض الناس عبوس مثل هذا عليه أن يتنصل من هذا الخُلق وأن يتخلق بضده بطلاقة الوجه ولو أن تلقى أخاك المسلم بوجه طلق فماذا عن غيره في كلام الناظم رحمه الله:

لا تلق مبتدعًا ولا متزندقًا 

 

إلا بعبسة مالك الغضبان  

هذا من الهجر نوع من الهجر لكن إذا كانت مقابلته بهذه الصفة تزيد من شره أو تسلطه على الأخيار فإنه يدارى والمداراة شرعية بخلاف المداهنة التنازل عن الواجب أو المداهنة بفعل محظور هذا لا يجوز بحال لكن المداراة وملاحظة الشعور خشية من شر هذا المدارى هذا له أصل شرعي فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لشخص «بئس أخو العشيرة» فلما أذن له ودخل انبسط معه في الكلام وقال «إن شر الناس من تركه الناس اتقاء شره» هذه مداراة لكن ليست مداهنة المداهنة لما دخل عليه مثلاً وحان وقت الصلاة يسمع الناس الصلاة تقام ولا يصلي مع الناس يقول هذه مداراة لهذا الشرير نقول هذه مداهنة لا تجوز ومن المداهنة أن تسمعه يقع في الأخيار وتسكت فلا تذب عن أعراضهم هذا لا يجوز أيضًا        القلم: ٩  وفرق بين هذا وهذا «ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» وهذا أيضًا من المعروف «وكل معروف صدقة» وعنه عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها» لتستوعب أكبر قدر من الجيران والمسألة مسألة زيادة ماء يعني أنت وضعت الخضروات في القدر بعد أن قطعتها فبدلاً من أن تضع عليها لتر ضع عليها خمسة ألتار خمس لترات على ما قالوا من الماء ويصير للماء طعم وتوزع على الجيران كل جار يعطى شيء يسير من هذا قال «إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك» يعني أهدي إليهم «ولا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة» يعني بعض الناس يبقى عنده من الطعام ما يكفي أسر من الغداء والعشاء والله الناس ما هم بحاجة لا الناس بحاجة لا تحقر شيء من المعروف ولا يلزم أن يكون الجار فقير يمكن عنده ظرف ما تمكن من الطبخ فلا يُحقر مثل هذا والناس الآن غالبهم وجلهم في عافية وخير ونعم متوافرة لا يحسون بما يحس به غيرهم فعلى الإنسان أن يستحضر مثل هذه الأمور «إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك» يقول لو أعطيه بادية فيها ماء مرق وحبتين وثلاث كوسة وباذنجان بيضحك عليّ أنت امتثل هذا وشوف مردوده العوام عندهم حكم يقول بعضهم من ذكرك ما حقرك فإذا أهديت له هذا الشيء أنت ذكرته على كل حال مثل هذه الأمور مما يزرع المودة والمحبة بين الناس وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا» الكرب الشدائد والضائقات سواء كانت في المال أو الولد أو البدن والآن الكرب النفسية كثرت وسائل الإنسان في تخفيف وتنفيس وتفريج هذه الكرب شأنه عند الله عظيم «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة» ما قال من كرب الدنيا والآخرة مثل ما قال «ستره الله في الدنيا والآخرة» «يسر الله عليه في الدنيا والآخرة» لأن كرب الدنيا كلا شيء بالنسبة لكرب يوم القيامة كرب الدنيا كلها لو أن الإنسان من ولد إلى أن مات في كربة لا تعادل شيئًا بالنسبة لكرب يوم القيامة «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة»                 ﯭﯮ البقرة: ٢٨٠  يعني ينظر المعسر المدين المعسر يؤجل إلى أن تحصل له الميسرة «ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة» وأفضل من التيسير وأفضل من التأجيل وأفضل من الإنذار العفو أو السعي في سداد دينه «ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة» مسلم وقع في هفوة أو في زلة يستر عليه ومن ستره فهو مأجور حري وجدير وخليق أن يستره الله في الدنيا والآخرة فالستر على المسلم مطلوب هذا بالنسبة لمن وقعت منه هفوة أو زلة لكن من عرف بالشر وأذى الناس وانتهاك أعراضهم وسرقة أموالهم وقطع الطرق عليهم مثل هذا لا يجوز ستره لأنه متى يرتدع هو وأمثاله إذا سُتر والمطالبة بالستر المطلق لأننا نسمع المطالبة من بعض الناس بالستر المطلق استدلالاً بهذا الحديث لا شك أنها توطئة للإباحية وتعطيل لحدود الله لماذا شرعت الحدود إلا من أجل كف الجرائم والمجرمين فإذا كان الأصل الستر عليهم كل من وقف عليه على جريمة أو يزاول معصية يستر عليه؟ هذه إباحية لا تتبعهم ولا تضع ولا تكل الحسبة إلى أحد ولا تأمر ولا تنهى إذا كان كانت هذه هي النتيجة لكن من ستر مسلمًا وقعت منه هفوة أو زلة مثل هذا يستر عليه لكن شخص معروف بالجرائم ستر عليه هذه المرة في نفس الوقت يذهب إلى جريمة أخرى ستر عليه في جريمة يذهب إلى ثالثة وهكذا هذا يجوز الستر عليه؟ هذا يوجد خوف وذعر في أوساط المسلمين ولا بد أن يتخلص منه «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» يعني إذا سعيت في حاجة أخيك فالله جل وعلا يعينك على ذلك على على قضاء حاجة أخيك وعلى قضاء حوائجك أنت والجزاء من جنس العمل فتَستر تُستر تيسر ييسر لك تنفس يُنفس عنك تكون في عون أخيك يكون الله جل وعلا في عونك والله المستعان وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال أبو مسعود عقبة بن عمرو البدْري قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونسبته إلى بدر لأنه سكنها لا أنه شهد الغزوة في قول جماهير العلماء وإن كان البخاري عده ممن شهدها لكن عامة أهل العلم على أنه سكن بدرًا فنُسب إليها قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من دل على خير فله مثل أجر فاعله من دل على خير فله مثل أجر فاعله» هذا من فضل الله جل وعلا على المسلمين فالإنسان يحرص على أن يفعل الخير وإذا فعل الخير يدل الناس عليه ويدخل في هذا المعلم ويدخل فيه الآمر والناهي الذي يدل الناس على المعروف ويكفه عن المنكر فله مثل أجورهم «ومن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» وبالمقابل «من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» والجزاء من جنس العمل الشورى: ٣٠  «من دل على خير» في بعض الأحاديث «من دل على هدى فله مثل أجر فاعله» وهذا من نعم الله جل وعلا أن الإنسان تجري له الأجور التي تسبب فيها إلى يوم القيامة ألَّفت كتابًا نافعًا لك أجر كل من استفاد منه إلى يوم القيامة وبالمقابل من ألف كتابًا ضارًا فعليه وزره ووزر من تضرر به إلى يوم القيامة فليحرص الإنسان أن يكون أن تكون دلالته على الخير لا على الشر وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «من استعاذكم بالله فأعيذوه من استعاذكم بالله فأعيذوه» يعني طلب الالتجاء بالله جل وعلا منك فتلزم إعاذته والجونية حينما دخل عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت أعوذ بالله منك قال «لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك» لكن لو افترضنا هذه المسألة واقعة لشخص اليوم امرأة خطبها رآها فأعجبته دفع عليها الأموال الطائلة وأشرب حبها في قلبه لما دخل بها قالت أعوذ بالله منك هل يلزمه أن يعيذها؟ «من استعاذكم بالله فأعيذوه» امتحان هذا امتحان عظيم هل يلزمه أن يعيذها الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «من استعاذكم بالله فأعيذوه» ولما  استعاذت بالله منه قال «لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك» لا شك أنه من يفعل هذا اقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- وامتثل أمره لكن لو صارت حيلة امرأة محتاجة إلى مال أو أبوها محتاج إلى المال فقال نزوجك فلان التاجر الغني فإذا دخل عليك قولي أعوذ بالله منك يعني من احتال يعامل بنقيض قصده لكن ما الداعي لهذه الاستعاذة بعد القناعة الأولى؟ يعني المكرهة يمكن المغشوشة يمكن أن تقول مثل هذا الكلام لكن من حصل بينهما اتفاق ورآها ورأته وتفاوض معها بحضرة وليها واتفقوا على جميع الأمور وعرفها وعرفته ثم قالت أعوذ بالله منك إن وقع الأمر حيلة فلا يلزم الإعاذة وإن وقع لحاجة أو نتيجة جهل أو غش أو ما أشبه ذلك «من استعاذكم بالله فأعيذوه» وحينئذٍ إذا قالت ذلك فترد ما أعطاها «ومن سألكم بالله فأعطوه من سألكم بالله فأعطوه» وإبرار المقسِم من حق المسلم على المسلم لكن بعض الناس يستصحب القسم في جلائل الأمور ودقائقها والله إن تفعل كذا ولله إن تعطيني كذا والله إن تدخل والله إن تخرج مثل هذا لا يجاب يؤدب «ومن سألكم بالله فأعطوه ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه ومن أتى إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له» إذا وجدت المكافأة بالمال أو بالخدمة نظير ما صنع من المعروف فهذا هو الأصل هذا هو الأصل لكن إذا كان المُسدَى إليه المعروف لا يجد ما يكافئ به يدعو حتى يقتنع أنه كافأه.

الآن باقي ثلث ساعة أظنها يا الله تكفي للذكر والوِرد والدعاء آخر عصر الجمعة أقول مظنة لإجابة الدعاء وأنتم في مسجد تنتظرون الصلاة.

 

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. 

"