كتاب البيوع (21)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ جُلُودِ المَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ.

 حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ، فَقَالَ: «هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟»، قَالُوا: إِنَّهَا مَيِّتَةٌ، قَالَ: «إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا»".

حَرُمَ.

طالب: عندي حُرِّمَ.

المعنى واحد ما يختلف، لكن ..........

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ جُلُودِ المَيْتَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ" جلد الميتة قبل أن يدبغ لا شك أنه اختلط ببدنها النجس الرطب فتأثر به، يعني قبل الدبغ، ولا قائل بطهارته من أهل العلم إلا قول شاذ ينسب للزهري، وعامة أهل العلم على أن الجلد جلد الميتة قبل الذبح نجس. والخلاف بينهم فيما بعد الدبغ. حديث الباب يدل على الطهارة، وإن كان مفيدًا للعموم قد يستدل به لما ينسب للزهري، لكن الأدلة الأخرى: «أيما إهاب دبغ فقد طهر». يختلف أهل العلم فيما يطهر من الجلود جلود الميتات بعد الدبغ، فقال جمع: إن كل جلد لميتة فإنه يطهره الدباغ لعموم قوله -عليه الصلاة والسلام- «أيما إهاب دبغ فقد طهر»، ومنهم من يستثني جلد الكلب والخنزير، ومنهم من يقصر الطهارة على جلد مأكول اللحم، كما في هذا الحديث: مر بشاة ميتة، وهي مأكولة لحم، ورأى التخصيص تخصيص العام بهذه الشاة شاة ميمونة قال: «يطهرها الماء والقرظ» يعني الدباغ. ولا وجه للتخصيص بأن هذا الموضع ليس من مواطنه؛ لأن التخصيص بين الخصوص والعموم وحمل العام على الخاص حينما يختلف الحكم، أما إذا ورد الخاص بحكم موافق لحكم عام فلا تخصيص.

مسألة جلود السباع وما جاء عن النهي من اتخاذها واستعمالها، النهي لا شك أنه يدل على التحريم، لكن يبقى أن عموم «أيما إهاب دبغ فقد طهر» يشمله، الطهارة شيء، والنهي عن الاستعمال بشيء آخر. ويبتلى المسلمون في أسواقهم بجلود في أحذية وخفاف وشنط وغير ذلك مما يستعملونه من هذه المادة، وترد من بلاد كفار لا يدرى ما هذا الجلد الذي ورد، فإذا استصحبنا هذا العموم «أيما إهاب دبغ فقد طهر» قلنا: الأمر فيه سعة، لكن إذا نظرنا إلى أن هؤلاء الكفار لا يتورعون عن استعمال النجاسات فقد يكون في مواد الدباغة أشياء نجسة ومحرمة فلا تطهر حينئذٍ، فالورع متجه، لكن المنع والتحريم يحتاج إلى دليل يقاوم «أيما إهاب دبغ فقد طهر».

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ" ابن كيسان، "قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ" الزهري، وصالح بن كيسان أكبر من ابن شهاب، فهذا من باب رواية الأكابر عن الأصاغر، وهو من كبار الآخذين عن الزهري، وقد تأخر في طلبه الحديث حتى صار شيخًا كبيرًا وهو يطلب العلم مع الطلاب، ويحفظ مع الحفاظ وأدرك خيرًا كثيرًا، حتى قال بعضهم: إنه طلب العلم وهو ابن تسعين سنة، مع أن الذهبي يستبعد مثل هذا، وأنه أقل ما قيل فيه خمسون سنة، ومع ذلك الخمسون سن يأس لكثير من الناس من طلب العلم لما يبدأ من الخمسين.

على كل حال الباب مفتوح، والمجال مفتوح، وهذا من أعظم أبواب الخير والعبادات، لو لم يدرك الإنسان من عمره إلا الشيء اليسير يسلك فيه طريقًا يلتمس به علمًا يُسهل له به طريقًا إلى الجنة، كبيرًا أو صغيرًا، والنتيجة غير مضمونة لا للكبير ولا للصغير.  

المقصود أن الإنسان يبذل السبب، ويحصل على الأجر الموعود به، ولو لم يحصل إلا القليل. "قال: حدثني ابن شهاب أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ" ابن عبد الله بن عتبة، وابن مسعود أخبره وهو أحد الفقهاء السبعة، من هم؟

طالب:.........

بيت شعر.

 فخذوا عبيد الله -هذا هو- عروة قاسم           سعيد أبو بكر سليمان خارجة

 "أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ" يجرونها، يعني ليلقونها في المزبلة، "فَقَالَ: «هَلَّا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا؟»، قَالُوا: إِنَّهَا مَيِّتَةٌ، قَالَ: «إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا»" حُرِّمَ أكلها، مع أن هذا ينبغي أن يقيد بما جاء في الأدلة الأخرى بالدباغ، وأنه قبل الدباغ نجس.

اقرأ.

طالب: قال الكرماني -رحمه الله-: ("باب جلود الميتة". قوله: "زهير" مصغر الزهر، ابن حرب ضد الصلح مر في الحج، و"الإرهاب" الجلد قبل الدباغ).

انتهى؟

طالب: نعم.

نعم، هو إذا ماتت قبل أن يُجز فلا بد أن يُجز بما فوق المباشر للجلد، أصول الشعر لا، ما ينتف، يجز، ما فيه شيء؛ لأنه في حكم المنفصل.

طالب: قال البخاري -رحمه الله تعالى-: "بَابُ قَتْلِ الخِنْزِيرِ. وَقَالَ جَابِرٌ: حَرَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بَيْعَ الخِنْزِيرِ.

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ»".

وقال -رحمه الله-: "بَابُ قَتْلِ الخِنْزِيرِ" الخنزير نجس ومحرم ومن الخبائث فحكمه القتل، وهو شر من الكلب وغيره من الحيوانات. "وَقَالَ جَابِرٌ: حَرَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بَيْعَ الخِنْزِيرِ"، والحديث صحيح.

قال: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" وهو ابن سعد، "عَنِ ابْنِ شِهَابٍ" الزهري الإمام، "عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ" سعيد الإمام أيضًا، "أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ»" كثير من الشراح يقولون: يعني الذي روحي في تصرفي، وذكرنا مرارًا أن هذا في الغالب ممن ينفي صفة اليد ولا يثبتها لله، فيكون في قوله هذا فرار من إثبات الصفة، ولو قاله من يثبت صفة اليد لقلنا: فسره باللازم، ولا يوجد أحد روحه تخرج عن تصرف الله -جل وعلا-، لكن الحديث كغيره من النصوص الدالة على إثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، "«والذي نفسي بيده لَيُوشِكَنَّ»" أقسم النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو الصادق المصدوق من غير أن يُستحلف على أمر مهم، وقد أقسم النبي -عليه الصلاة والسلام- في نحو ثمانين موضعًا، مما يدل على أن تأكيد الأخبار المهمة بالقسم ما فيه إشكال، ولا تدخل في النهي عن جعل الله عرضة للأيمان.

 "«والذي نفسي بيدي ليوشكن»" اللام واقعة في جواب القسم، ويوشكن فعل مضارع مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة.

 وأعربوا مضارعًا إن عريا عن نون توكيد مباشر -يعني ما فيه فاصل بين النون والفعل- ومن نون إناث كيرعن من فتن.

ليوشكن يعني ليقربن، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «بعثت بين يدي الساعة»، "«أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ»" عيسى؛ لأنه رفع في آخر أمره، رفع إلى السماء حيًّا، وسوف ينزل في آخر الزمان، والأدلة على ذلك متواترة، "«حَكَمًا مُقْسِطًا»" حكمًا يحكم بين الناس، ويفصل بينهم، مقسطًا يعني عادلاً خلاف القاسط الذي هو الجائر، «المقسطون على منابر من نور» الذين يعدلون في أنفسهم وأهليهم وما وُلّوا وما وَلوا: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن: 15]، نسأل الله العافية.

 "«فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ»" لأنه يعبد من دون الله، وكسره على يد عيسى -عليهِ السَّلامُ- الذي من أجله عُظم، ومن أجله عُبد لا شك أنه أبلغ من أن يكسره غيره، "«فيكسر الصليب، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ»"؛ لأن أتباعه يزعمون أن الخنزير مباح عندهم، "«وَيَضَعَ الجِزْيَةَ»" لأنه لا يقبل إلا الإسلام، والجزية متى تؤخذ؟

عند إبقاء أهل الذمة على دياناتهم، لكن عيسى -عليهِ السَّلامُ- لا يقبل إلا الإسلام، فلا مجال للجزية، يضعها.

 "«وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ»" إنسان معه زكاته، ومعه صدقته، يمر بها على البيوت والأماكن والتجمعات وغيرها فما يجد من يأخذها، يفيض المال ويكثر، والله المستعان.

طالب:.........

نعم؟

طالب: ..........

على كل حال هم يقرون على ما في دينهم، هذا ما فيه إشكال كونه عندهم، وقد جاء الأمر بقتل الكلاب ثم نسخ.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب:.........

لا؛ لأن عيسى -عليهِ السَّلامُ- حينما ينزل تابع لمحمد -عليه الصلاة والسلام- يحكم بشريعته. طالب:.........

نعم. متعصبة المذاهب كل يدعي، لكن وجد هذا في الحنفية أكثر، قالوا: عيسى إذا نزل يحكم بمذهب أبي حنيفة!

طالب: ..........

لا لا، بعض الحنفية قال بأنه يحكم بمذهب أبي حنيفة إذا نزل، وبعضهم قال: إنه يتزوج جهنية، إلى غير ذلك من الأقوال التي لا أثر لها ولا أثارة عليها من العلم.

طالب: قال الكرماني -رحمه الله-: (قوله: "بيده" هو من المتشابهات، وفيه المذهبان التفويض والتأويل).

 هذا الكلام ليس بصحيح، بل الصفات منصوص ومن المحكم سواء كان في القرآن أو في السنة، من المحكم وإن نُسب إلى الإمام مالك أنها من المتشابه هذا ليس بصحيح، وأنه ذُكر عنه من الأقوال في الصفات: الاستواء معلوم، لو كان متشابهًا ما كان معلومًا، لأنه يقول: الاستواء معلوم، والمتشابه معلوم أم غير معلوم؟

غير معلوم، الاستواء معلوم.

قوله: (من المتشابهات وفيه المذهبان التفويض والتأويل) هو يرى أن مذهب الإثبات مذهب سلف الأمة وأئمتها بالتفويض، هذا كلام ليس بصحيح، التفويض شيء، والإثبات مع معرفة المعنى، والجهل بالكيفية شيء آخر، والتأويل هو مذهب المبتدعة من المعتزلة والجهمية والأشاعرة.

طالب: ..........

منكرو الصفات الجهمية كفَّرهم أكثر من خمسمائة عالم، لما كثر في المسلمين، وصار لهم وجود وانتشار، وصار بعضهم يقلد بعضًا، وبعضهم ينساق إلى هذه التأويلات من غير نظر ولا روية قالوا بأنه بدعة شنيعة، وأنه كفر.

 يترحمون على الزمخشري وغيره، أهل العلم يترحمون عليه مع أنه معتزلي، وينكر جميع الصفات، يؤول جميع الصفات، والأشاعرة أسهل منهم، وإن كانوا كلهم مبتدعة.

طالب:.........

ما يُكفرون بالعموم، لكن في بعض الصفات التي مثل العين ومثل...

 على كل حال الأقوال التي قيلت في بداية نشوء البدع قوية جدًّا، منهم من كفَّر أبا حنفية؛ لقوله بالإرجاء، وأما بالنسبة للمبتدعة، مبتدعة العقائد كثير الكلام فيهم، ويبقى أن الشيء في بدايته لا بد أن يشد فيه النكير؛ ليُقضى عليه من مهده، لكن الذي انتشر وتوارثه المسلمون وتواطأوا عليه يخف عليه الحكم، هم أشد.

 يعني لو نظرت إلى الرازي في تفسيره، لوجدت كلامًا يشيب الرأس، وكلامه في أهل السنة كما قال عن ابن خزيمة، يقول: وقد ألَّف في أعضاء الله شخص يقال له كتاب يسمى، وقد ألف محمد بن إسحاق بن خزيمة في أعضاء الله كتابًا سماه كتاب التوحيد، والأولى أن يسمى كتاب الشرك، نسأل الله العافية. الأمر عظيم، يعني وأنا أقول: من أخوف ما يُخاف على أمثال هؤلاء إذا جاء الله -جل وعلا- بغير صفته- كما سيأتي في القيامة- التي يعرفونها فيقولون: لست بربنا، ثم يأتي بالصفة التي يعرفونها فيسجدون له. الذي ينكر الصفات ماذا يعرف؟ متى يسجد ومتى ينكر؟ الأمر ليس بالسهل، والله المستعان.

طالب:.........

نعم؟

طالب: لكن الأشعرية المتأخرة ليسوا على مذهب الأشعري.......... يعني اختلط.

أبو الحسن في الأصل معتزلي، ثم خف أمره، وما زال عنده لوثه للمذهب الأول، ثم بعد ذلك رجع إلى قول أهل السنة في الكلام المجمل، وكتابه الإبانة يدل على ذلك، وإن كان بعض الأمر وقع، يعني تدرون أنتم أنه إذا درس المذهب وقرره ودرج عليه فالتخلص منه مائة بالمائة يصعب.

طالب:.........

على كل حال -رَحمةُ اللهِ عَليهِ- أحسن من الأول.

طالب: («ليوشكن» أي ليقربن نزول عيسى حاكمًا عادلاً يقال: أقسط إذا عدل، وقسط إذ ظلم. قوله: «يكسر الصليب» بفتح الصاد يريد به إبطال شريعة النصارى، «ويقتل الخنزير» يعني يحرم أكله فيقتله ويفنيه، «ويضع الجزية» أي عن ذمتهم، فكأنه قال برفعها، وذلك بأن يحمل الناس على دين الإسلام فيسلمون، ويسقط عنهم الجزية، «ويفيض» من الفيضان أي يكثر ويتسع).

 نعم، يفهم من كلامه.

طالب: ..........

وقت نزول عيسى تحريمه.

طالب: يقتل الخنزير، يعني يحرمه.

لا، هو إذا نزل عيسى لا شك أنه يحكم بشريعة محمد، وشريعة محمد مقتضاها التحريم، لكن هل يفهم من قول الشارح: يحرم أكله أنه كان مباحًا في شريعته ولأتباعه؟

طالب: أو يلزمهم بتركه.

على كل حال اللفظ محتمل.

طالب: قال البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابٌ: لاَ يُذَابُ شَحْمُ المَيْتَةِ، وَلاَ يُبَاعُ وَدَكُهُ، رَوَاهُ جَابِرٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

 حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، يَقُولُ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ فُلاَنًا بَاعَ خَمْرًا، فَقَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا».

 حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا»".

يقول -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابٌ: لاَ يُذَابُ شَحْمُ المَيْتَةِ، وَلاَ يُبَاعُ وَدَكُهُ"؛ لأنه لا تتغير حقيقته بالإذابة، وشحم الميتة نجس، وهذا من حيلهم، حينما أذابوه، جملوه يعني أذابوه، قالوا: ما أكلنا الشحم، ولا أكلنا ثمنه، وإنما الشحم على هيئته، ما بعناه، لكنهم تحايلوا فأذابوه ليتغير اسمه، وهو في الحقيقة وإن أذيب وأسيل فإنه لا يزال شحمًا لم يتغير من حقيقته شيء، وهذا حيلهم. "ولا يباع ودكه" يعني الجامد منه. "رَوَاهُ جَابِرٌ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-".

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ" عبد الله بن الزبير شيخ البخاري المعروف، روى عنه أول حديث في الكتاب، "قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" وهو ابن عيينة، "قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي طَاوُسٌ" ابن كيسان، "أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، يَقُولُ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ فُلاَنًا بَاعَ خَمْرًا، فَقَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ فُلاَنًا" وهو من الصحابة، يذكر عن سمرة أنه باع خلًّا كان خمرًا، فخلله ثم باعه، ولذا يحسن التنظير، أو يظهر التنظير بما حصل من اليهود، معروف أن الخمر لا يجوز تخليله، إذا تخلل بنفسه فلا بأس، لكن بفعل الآدمي لا يجوز.

 "باع خمرًا" يخفى على الصحابي أن الخمر محرم، وأن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه؟ ما يخفى عليه، لكنه خلله، والخل مباح، هذا فقهه -رضي الله عنه-، ومع ذلك قال عمر -رضي الله عنه-: "قاتل الله فلانًا، أَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا»"، يعني أذابوها، "«فَبَاعُوهَا»" ففعله نظير فعل اليهود.

قال: "حَدَّثَنَا عَبْدَانُ" عبد الله بن عثمان المروزي، "قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ" وهو ابن المبارك، "قال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ" ابن يزيد الأيلي، "عَنِ ابْنِ شِهَابٍ" محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، قال: "سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «قَاتَلَ اللَّهُ يَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا ثمنها»"، بعد أن جملوها وأذابوها؛ للتحايل على التحريم، وهذه حيل يتوصلون بها إلى ما حرم الله -جل وعلا-، فمن فعل مثلهم بالتحايل على ارتكاب المحرم فإنه يشاركهم في الحكم، وأما من تحايل على الوصول إلى فعل الواجب، أو ترك المحرم، فلا شك أن هذا محمود، والحيلة شرعية، أن يتحايل على فعل الواجب الذي منع منه، أو يتحايل على ترك المحرم الذي أجبر عليه فإنه محمود، والحيلة شرعية، وذكرت الحيلة في سورة النساء: {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} [النساء: 98]، فدل على أن التحايل في هذا شرعي ومطلوب، والله المستعان.

طالب:.........

نعم.

طالب:.........

الحنفية توسعوا في الحيل، عندهم نوع من هذا، لكن الحنفية أشد، وابن القيم -رَحِمَهُ اللهُ تعالى- في إغاثة اللهفان أطال في ذلك وفصل وذكر من الحيل ما قيل لامرأة أرادت فراق زوجها فأعيت بها الحيل من كل وجه رفض الزوج أن يطلق، وأن يخلع، وأن يفسخ، رفض من كل وجه، فقيل لها: ارتدي عن الإسلام؛ لأنها بمجرد الردة.

طالب: تبين منه.

تحرم عليه، يقول ابن المبارك: من أفتاها بهذا فقد كفر. وابن القيم يقول: إن إبليس لا يعرف مثل هذه الحيل حتى جاء هؤلاء فتلقاها عنهم، والله المستعان.

طالب: ..........

سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الشحوم فقيل: إنه تطلى بها السفن، ويستصبح بها الناس، سئل عن شحم الميتة أو عن بيع شحم الميتة وقال: إنها تطلى بها السفن ويستصبح بها الناس؟ فقال: «لا، هو حرام»، ومن أهل العلم من يرى أن «هو حرام» عائد إلى البيع دون الانتفاع، ومنهم من يرى أنه عائد إلى كل ما تقدم بما في ذلك الانتفاع، وهو الأحوط.

طالب:.........

 كيف؟

طالب:.........

 لا لا لا، ما هي بشحوم الميتة، ما حملت ظهورهما.

طالب: ما ينطبق عليها؟

كيف؟

طالب: ..........

كما قيل، مضى القوم، نحن لسنا مكلفين بما كُلف به اليهود، لكن نحن ماذا يخصنا؟ المحرم عليهم غير المحرم علينا، فينظر في المحرم علينا إذا فعلنا به مثل ما فعلوا في المحرم عليهم أشبهناهم.

طالب: ..........

حيل. نعم.

طالب: (قوله: "الحميدي" بضم الحاء، قال القاضي البيضاوي: «قاتل» أي عاداهم وقيل: قتلهم فأخرج في صورة المتابعة للمبالغة).

متابعة أو المفاعلة؟

طالب: المبالغة، لكن ..........

المفاعلة، قاتلهم قال: عاداهم، ويأتي في موضعها اللعن، وجاء في بعض الأحاديث بلفظ قاتل وبلفظ لعن: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، وفي رواية: «قاتل»، فيراد به اللعن.

طالب:.........

ماذا؟

طالب: ..........

ما الكتاب الذي معاك؟

طالب:.........

الفتح.

على كل حال جاءت هذه الصيغة بإزاء لعن، في بعض الأحاديث رويت بهذا وهذا، وأولى ما يفسر به الحديث الحديث، فقاتل يعني لعن، وقيل: قتلهم؛ للفرار من المبالغة التي من مقتضاها أن يكون هناك طرفان يحصل لأحدهما ما يحصل من الآخر، المقاتلة ليست لائقة بين الخالق والمخلوق، ولذلك فُسرت بقتل، والمفاعلة كما ستأتي من طرفين تأتي من طرف واحد، سافر فلان.

طالب: («قاتل» أي عاداهم، وقيل: قتلهم، فأخرج في صورة المفاعلة للمبالغة، أو عبر عنه بما هو متسبب عنه، فإنهم بما اخترعوا من الحيل انتصبوا لمحاربة الله ومقاتلته ومن قاتله قتله.

قوله: «جملوها» بالجيم وتخفيف الميم أي أذابوها، والجميل الشحم المذاب.

 فإن قلتَ: كيف استدل به عمر -رضي الله عنه- على حرمة فعله؟

قلتُ: قياسًا على فعلهم. قال الخطابي: قيل: إن الذي قال فيه عمر هذا القول هو سمرة، فإنه خللها ثم باعها، وكيف يجوز على مثل سمرة أن يبيع عين الخمر وقد شاع تحريمها؟ لكنه أوَّلَ فيها بأن خللها، وغيَّر اسمها كما أوَّلوه بالإذابة في الشحم، فعابه عمر على ذلك، وفيه إبطال الحيل والوسائل التي يتوصل بها إلى المحذورات، وفيه أن الشيء إذا حرم عينه حرم بيعه.

قوله: «يهود» هو علم للقبيلة، فلهذا امتنع من الصرف، وفي بعضها منصرف باعتبار الحي، وقد تدخله اللام نحو الحسن).

 نعم؛ لأن الحسن علم ما يحتاج إلى اللام إلى أل، لكنه تدخل عليه للمح الأصل الصفة التي هي الحسن، كما يقال: عباس والعباس، ويهود هذا هو الأصل، وتدخل عليه أل للمح الأصل الصفة من التهود، وهو الميلان في عباداتهم.

طالب: (فإن قلتَ: ما قولك فيما يذاب للاستصباح؟ قلتُ: المحرم ما كان للبيع بدليل أن الدعاء بالمقاتلة إنما هو على الجَمْل المستعقب للبيع، فمعنى الترجمة أنه لا يجمع بين الإذابة والبيع.

 فإن قلتَ: قال البخاري «قاتل» معناه لعن، فكيف جوز عمر اللعن عليه؟ قلتُ: لم يُرد به حقيقة اللعن، بل أراد به التغليظ عليه).

 نعم، أحيانًا يحتاج إلى التشديد في اللفظ؛ من أجل أن يقلع صاحب هذا الذنب، وقد يكون له تأويل، قد يكون معذورًا، لكن العبرة بمن يسمع الكلام ويعتبر ويتعظ ويزدجر.

على كل حال عمر -رضي الله عنه- من غيرته في مواطن طلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- قتل بعض الناس، ووصفه بالنفاق، وهو لا يستحق هذا الوصف، لكن من غيرته، وغيرته تشفع له، ولذلك ما أنكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه لم يترتب على قوله فعل، لكن لو قيل: إن هذا مثلاً كفر، وأنت في مجتمع يتلقف هذه الكلمات، ويرتب عليها الأحكام، فهذا ما يجوز بحال.

لعلنا نكتفي بهذا.