كتاب الإيمان (09)

ما يشتغل هذا؟ ما يشتغل.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 الكلام في الباب الثاني من كتاب الإيمان، وعرفنا ما فيه إثبات الترجمة، يعني بدأنا به، من قوله: "بابٌ: دعاؤكم إيمانكم" وعرفنا أن إثبات الترجمة عند أبي ذر لقوله -عز وجل-: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77]، ومعنى الدعاء في اللغة الإيمان، هذا في رواية أبي ذر، وأكثر الروايات لا توجد فيها لفظة باب، وإنما فيها في آخر الباب السابق: "وقال ابن عباس: شرعة ومنهاجًا سبيلاً وسنَّة، دعاؤكم إيمانكم". دعاؤكم إيمانكم.

يقول ابن حجر بعد ما أثبت أن هذه الترجمة ثابتة عند أبي ذر، وقال: أكثر الروايات لا توجد فيها، وأن النووي- رحمه الله تعالى- ومعنى كلام النووي أيضًا لا يثبت هذه، بل ينكرها بشدة، يقول: دعاؤكم إيمانكم قال النووي: يقع في كثير من النسخ وهنا باب، وهو غلط فاحش، وصوابه بحذفه، ولا يصح إدخال باب هنا إذ لا تعلّق له هنا.

 قلتُ- ابن حجر-: ثبت باب في كثير من الروايات المتصلة منها رواية أبي ذر، ويمكن توجيهه، لكن قال الكرماني: إنه وقف على نسخة مسموعة على الفربري بحذفه، وعلى هذا فقوله: دعاؤكم إيمانكم من قول ابن عباس عطفه على ما قبله كعادته في حذف أداة العطف، حيث ينقل التفسير، وقد وصله ابن جرير من قول ابن عباس: قال في قول الله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77]، قال: يقول: لولا إيمانكم. أخبر الله الكفار أنه لا يعبأ بهم، ولولا إيمان المؤمنين لم يعبأ بهم أيضًا، ووجه الدلالة للمصنف أن الدعاء عمل، وقد أطلقه على الإيمان، فيصح إطلاق أن الإيمان عمل، وهذا على تفسير ابن عباس.

 وقال غيره: الدعاء هنا مصدر مضافٌ إلى المفعول، والمراد دعاء الرسل الخلق إلى الإيمان، دعاء الرسل الخلق إلى الإيمان، فالمعنى: ليس لكم عند الله عذر إلا أن يدعوكم الرسول، فيؤمن من يؤمن، ويكفر من يكفر. يعني هو العذر ينقطع بإرسال الرسول، {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا}[سورة الإسراء: 15] كما هو معلوم.

 فالمعنى: ليس لكم عند الله عذر إلا أن يدعوكم الرسول فيؤمن من يؤمن، ويكفر من كفر، فقد كذبتم أنتم فسوف يكون العذاب لازمًا لكم، وقيل: معنى الدعاء هنا الطاعة، ويؤيده حديث النعمان بن بشير أن الدعاء هو العبادة أخرجه أصحاب السُنن بسند جيد.

انظر كلام النووي -رحمه الله- في القطعة التي شرحها من أوائل الصحيح، يقول هنا النووي- رحمة الله عليه-: واعلم أنه يقع في كثير من نسخ البخاري هذا: بابٌ دعاؤكم إيمانكم إلى آخر الحديث الذي بعده: وهذا غلط فاحش، وإنما صوابه ما ذكرناه أولاً، ولا يصحّ إدخال باب هنا؛ لوجوه منها: أنه ليس له تعلّق بما نحن فيه، ومنه أنه ترجم أولاً لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «بني الإسلام على خمس»، ولم يذكره قبل هذا، وإنما ذكره بعده، ومنها أنه ذكر الحديث بعده، وليس هو مطابقًا للترجمة، والله أعلم.

يعني الترجمة الأولى كتاب الإيمان، قال: كتاب الإيمان، بابٌ الإيمان، باب الإيمان، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «بني الإسلام على خمس» بني الإسلام على خمس، ثم فصل بين هذه الترجمة وحديث ابن عمر: «بني الإسلام على خمس» بقوله: بابٌ دعاؤكم إيمانكم.

ففصل بين الحديث وما ترجم عليه به بترجمة، وهذا ليس من عادته، والسياق لا يقتضي وجود الترجمة؛ لأن الحديث تابع للترجمة السابقة، فإقحام الترجمة الثانية غير مناسب، وإن وُجِدت في بعض الروايات، ومنها رواية أبي ذر التي هي أفضل الروايات عند الحافظ ابن حجر.  

هذا جمع لنسخ الصحيح، وتحقيق على جميع النسخ الموجودة، دار الكمال المتحدة، دراسة وأنموذج لمشروع تحقيق الجامع الصحيح، النسخة اليونينية. ماذا قالوا عن هذا؟ بابٌ دعائكم إيمانكم، سبعة: لفظة باب ليست في رواية ابن عساكر والأصيلي، ووقع هنا في رواية أبي ذر وغيره: بابٌ بالتنوين، وهو ثابت في أصلٍ عليه خط الحافظ قطب الدين الحلبي كما قال العيني أنه رآه، ورأيته أنا كذلك في فرع اليونينية كهي، لأنه قال: قال في راء قال في راء: وقع هنا في رواية أبي ذر وغيره: بابٌ بالتنوين، وهو ثابتٌ في أصل عليه خط الحافظ قطب الدين الحلبي كما قال العيني أنه رآه، ورأيته أنا كذلك في فرع اليونينية كهي، قال: راء؛ يعني في إرشاد الساري، هذا كلام القسطلاني. نعم، وقد وقع هنا في رواية أبي ذر وغيره بابٌ بالتنوين، وهو ثابت في أصل عليه خط الحافظ قطب الدين الحلبي كما قال العيني أنه رآه، ورأيته أنا كذلك في فرع اليونينية كهي. مرّ بنا مرارًا لماذا يقول القسطلاني: فرع اليونينية كهي، ما يقتصر على الأصل، يعتمد على الفرع، ثم يشير إلى الأصل.

طالب:...

نعم وقع على الفرع، قابل الصحيح عليه ست عشرة مرة قبل أن يظفر بالأصل، وذكر الفروق من الفرع، وبدل من أن يبدأ العمل من جديد، ويُعدِّل على الأصل؛ لأنه قال: قابلت، ثم وقفت على الجزء الثاني من الأصل يباع فاشتريته وقابلت عليه الفرع، فإذا به مطابق، مطابقة تامة، ثم ظفرت بالمجلد الأول من الأصل وفعلت به كما فعلت بالثاني، ما يحتاج إلى أنه يقابل من جديد على الأصل، ويُعدِّل، إنما مشّى المقابلة على الفرع، وإذا احتاج إلى الأصل قال: كهي، يعني كالأصل.

يقول: كما قال العيني أنه رآه، ورأيته أنا كذلك في فرع اليونينية، وقبلهم الكرماني، لكن القسطلاني ليست له عناية كبيرة بالكرماني، وإن كان هو الأصل، أصل هذه الشروح المتأخرة، له عناية بفتح الباري، وعمدة القاري، وملخص للكتابين، بل خلاصة للكتابين إرشاد الساري، عنايته بالكرماني قليلة، حيث يخالف مخالفة تحتاج إلى مناقشة، ويناقشه من قبله يذكر خلاصة من ناقش، لكن ليست له عناية بالكرماني، وقلنا مرارًا: إن الكرماني أصل للشروح المتأخرة، كل من جاء بعده وزاد عليه، وأخذ منه، وأفاد منه، وإذا غلط تولاه بالنقد الشديد، ما يستحضرون أنهم انتفعوا منه فائدة كبيرة، العيني ينقل منه بالحرف ينقل منه بالحرف، ومع ذلك قلنا مرارًا كما يقول العامة: الكرماني مثل الشعير مأكول ومذموم، يحتاجون إليه، ما يستغنون عنه، ومع ذلك يستغفلونه، لكنه فيها سقْطٌ سقَطَ، لكنه فيها سقْطٌ أو ساقطٌ في رواية الأصيلي وابن عساكر، وأيده قول الكرماني أنه وقف على أصل مسموع.

 طيب، ما دام عند الكرماني يشير العيني قبل، على الفربري بحذفه، بل قال النووي: وقع في كثير من النسخ هنا: باب، وهو غلط فاحش، وصوابه بحذفه، ولا يصح إدخاله هنا؛ لأنه لا تعلق له بما نحن فيه؛ لأنه ترجم لقوله-  عليه الصلاة والسلام- : «بني الإسلام على خمس» ، ولم يذكره قبل هذا، وإنما ذكره بعده، وليس مطابقًا للترجمة.

 وعلى هذا فقوله: دعاؤكم إيمانكم من قول ابن عباس يشير به إلى قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77]، فسمى الدعاء إيمانًا، والدعاء عمل، فاحتجّ به على أن الإيمان عمل، وعطفه على ما قبله كعادته في حذف أداة العطف، حيث ينقل التفسير، وهذا الكلام من كلام ابن حجر. ومعنى الدعاء في اللغة الإيمان. الصلاة في اللغة الدعاء، والدعاء في اللغة الإيمان، الصلاة الشرعية مشتملة على الحقيقة اللغوية وزيادة، كما هو معروف أن الحقائق الشرعية تزيد على الحقائق اللغوية، تشملها، وتزيد عليها، لكن هل ما هنا ومعنى الدعاء في اللغة الإيمان، هل الدعاء مشتمل على الإيمان وزيادة؟ أو الإيمان مشتمل على الدعاء وزيادة؟

طالب:...

الإيمان مشتمل على الدعاء وزيادة، الإيمان مشتمل، نعم إن الداعي مؤمن بالله -جل وعلا-، ولولا أنه مؤمن به ما دعاه، لكن يبقى قولهم: ومعنى الدعاء في اللغة الإيمان، وهذا في أصل الصحيح في رواية أبي ذر، هذا في أصل الصحيح، نعم لولا دعاؤكم فسَّره ابن عباس: إيمانكم، لولا دعاؤكم فسَّره ابن عباس بقوله: إيمانكم.

طالب:...

نعم. ما العلاقة؟

طالب:...

هذا كلام ابن عباس: دعاؤكم إيمانكم.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

والدعاء في اللغة الإيمان.

طالب:...

من كلام ابن عباس نعم، هو موصول.

 ماذا يقول ابن حجر؟ وقد وصله ابن جرير من قول ابن عباس قال في قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77] قال: يقول: لولا إيمانكم، أخبر الله الكفار أنه لا يعبأ بهم، ولولا إيمان المؤمنين لم يعبأ بهم أيضًا. لكن الخطاب {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77] هل هذا إخبار للكفار أو للمؤمنين؟

طالب:...

فقد كذبتم نعم، لكن لولا دعاؤكم يعني نسق الكلام هنا {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77] أن المخاطَب بقوله: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ}[سورة الفرقان: 77] هو المخاطَب بقوله: {لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77]، وإذا أردنا أن نجعل السياق واحدًا، قل ما يعبأ بكم ربي معشر الكفار لولا دعاؤكم المطلوب منكم، مطلوب منكم أن تؤمنوا، فقد كذبتم، يعني: لولا دعاؤكم يعني لولا الإيمان المطلوب منكم ما يعبأ بكم، لكن ما النتيجة؟ ما الذي حصل؟ أنكم كذبتم، أما أن نجعل الضمير الأول للكفار، والثاني للمؤمنين، ثم نعود للكفار، الثالث للكفار، فهل يمشي على نسق؟

طالب:...

الأصل أن الضمائر نسقها واحد، {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77] يقول: لولا إيمانكم، أخبر الله الكفار أنه لا يعبأ بهم، ولولا إيمان المؤمنين لم يعبأ بهم أيضًا.

طالب:...

ما يمشي.

طالب:...

الآن. الآن ضمير الخطاب ضمير الخطاب يمكن أن يُخاطِب جماعة بخطاب متسق، ثم يخاطب غيرهم بنفس ضمير الخطاب؟

طالب:...

لو فيه التفات يعني لو جاء بضمير الغيبة بعد ضمير الخطاب ما يخالف، ما يخالف الالتفات موجود في لغة العرب، لكنه الآن ضمائر متسقة، تخاطب جماعة واحدة.

طالب:...

ولو تصوَّرنا، ومع نفي مشابهة الخالق للمخلوق بالإمكان أن يقول الواحد، الشخص الذي يخاطب جماعة فيهم كفار وفيهم مؤمنون يقول: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي}[سورة الفرقان: 77] نعم؛ لأنكم كفار، لولا إيمانكم ويخاطب المؤمنين، فقد كذبتم، يخاطب الكفار، متصوَّر في خطاب من يحضر عنده المخاطَب، على أكثر من ... وكلٌّ يخاطبه بما يناسبه.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ما أدري.

طالب:...

فقد كذبتم، يعني ضمائر، كلها ضمائر مُخاطَب تمشي على نسقٍ واحد، فكيف تُتَأوَّل على هذه الطريقة؟ الذي ذكره ابن حجر يقول: أخبر الله الكفار أنه لا يعبأ بهم، ولولا إيمان المؤمنين لم يعبأ بهم أيضًا. هل يمكن أن يُخاطَب أكثر من مجموعة مختلفة على هذا النسق؟

  طالب:...

ماذا في التفاسير يا أبا عبد الله غير القرطبي وغيره؟

طالب: ابن كثير.

هاتها كلها. آخر الفرقان.

طالب:...

الفرقان، الثالث عشر؟ الثالث عشر يا أبا عبد الله.

   طالب:...

 شنرى الآن، أبو عبد الله سيجيء الآن بالألوسي، هات الذي معك.

 مشيت؟

 قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77] القرطبي، يقول: هذه آية مشكِلة، تعلّقت بها الملحدة، يقال: ما عبأت بفلان أي ما باليت به، أي ما كان له عندي وزنٌ ولا قدر، وأصل يعبأ من العبأ وهو الثقل، وقول الشاعر: كأن بصدره وبجانبيه عبيرًا بات يعبؤه عروسٌ أي يجعل بعضه على بعض، فالعِبء الحمل الثقيل، والجمع أعباء، والعبء المصدر، وما استفهامية، ظهر في أثناء كلام الزجاج، وصرّح به الفراء، وليس يبعد أن تكون نافية؛ لأنك إذا حكمت بأنها استفهام فهي نفي خرج مخرج الاستفهام، كما قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[سورة الرحمن: 60] قال ابن الشجري: وحقيقة القول عندي أن موضع ما نصب، والتقدير: أي عبء يعبأ بكم أي لا مبالاة يبالي ربي بكم لولا دعاؤكم، أي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه، لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه. لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه. يعني هذا رُتِّب على فعلهم أو على فعله؟

طالب:...

{قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77] على كلامه، على كلامه، لولا دعاؤه إياكم، ما بالإضافة إلى المفعول، مثلما قال ابن حجر، فالمصدر الذي هو الدعاء على هذا القول مضاف إلى مفعول، وهو اختيار الفراء، وفاعله محذوف، وجواب لولا محذوف، كما حذف في قوله: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ}[سورة الرعد: 31] تقديره: لم يعبأ بكم، ودليل هذا القول قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[سورة الذرايات: 56]، فالخطاب لجميع الناس، فكأنه قال لقريش منهم: أي ما يبالي الله بكم لولا عبادتكم إياه أن لو كانت أن لو كانت، وهذا مثل ما قلنا: لولا دعاؤكم إيمانكم، يعني المطلوب منكم، مما لم تحققوه، أي ما يبالي الله بكم لولا عبادتكم إياه أن لو كانت، وذلك الذي يعبأ بالبشر من أجله، ويؤيد هذا قراءة ابن الزبير وغيره: {فَقَدْ كَذَّبَ الْكَافِرُونَ}، فالخطاب بما يعبأ لجميع الناس، ثم يقول لقريش: فأنتم قد كذبتم ولم تعبدوه، فسوف يكون التكذيب هو سبب العذاب لزامًا. في كلام طويل، وخلاف فيه.

طالب:...

ماذا يقول؟

هات قل ما يعبأ بكم ربي أي لا يبالي ولا يكترث بكم إذا لم تعبدوه، فإنه إنما خلق الخلق ليعبدوه ويوحِّدوه ويسبِّحوه بكرة وأصيلاً، قال مجاهد وعمرو بن شعيب: ما يعبأ بكم ربي يقول: ما يفعل بكم ربي، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي}[سورة الفرقان: 77] الآية: قل لولا إيمانكم، وأخبر تعالى الكفار أنه لا حاجة له بهم، إذ لم يخلقكم مؤمنين، ولو كان له بهم حاجة لحبب إليهم الإيمان كما حببه إلى المؤمنين.

 وقوله: فقد كذبتم أيها الكافرون فسوف يكون لزامًا أي فسوف يكون تكذيبكم لزامًا لكم يعني مفضيًا لعذابكم، وهلاككم. إلى آخره. ما حلّ الإشكال.

طالب:...

هذا الذي نقوله أن الخطاب متجه إلى فئة واحدة، قل يعبأ بكم أيها، قل ما يعبأ بكم ربي أيها الكفار لولا إيمانكم الذي طلبه منكم، لكنكم كذبتم فسوف يكون العذاب لزامًا لازمًا لكم.

طالب:...

انظر الألوسي يا أبا عبد الله، فهو يحل الإشكالات.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لكن ما يعبأ بهم مع شركهم ما ينفعهم.

طالب:...

لا لا ما ينفعهم ما داموا على شركهم، ما ينفعهم.

طالب:...

لا، ما يغنيهم، فسوف يكون لزامًا ما ينفكون منه إذا ماتوا على كفرهم.

طالب:...

نعم، ما يعبأ بهم، وبعد هذا تعقيب في آخر الآية، نعم، فسوف يكون لزامًا.

طالب:...

هنا في شرح ابن رجب -رحمه الله- يقول: فصلٌ، ما قال باب، قال الله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77] قال البخاري: ومعنى الدعاء في اللغة الإيمان، اعلم أن أصل الدعاء في اللغة الطلب، وهو استدعاء لما يطلبه الداعي ويؤثر حصوله، فتارة يكون الدعاء بالسؤال من الله -عز وجل- والابتهال إليه، كقول الداعي: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، وتارة يكون بالإتيان بالأسباب التي تقتضي حصول المطالب وهو الاشتغال بطاعة الله وذكره وما وما يحب من عبده أن يفعله، وهذا هو حقيقة الإيمان. لأن هناك دعاء مسألة ودعاء عبادة، دعاء مسألة، ودعاء عبادة، وجاء في الحديث المخرج عند الترمذي: «الدعاء هو العبادة»، وجاء أيضًا: «الدعاء مخ العبادة»، وفي السنن الأربعة عن النعمان بن بشير عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «إن الدعاء هو العبادة»، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[سورة غافر: 60]، فما استجلب العبد من الله ما يحب واستدفع منه ما يكره بأعظم من اشتغاله بطاعة الله وعبادته وذكره، وهو حقيقة الإيمان، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، وفي الترمذي عن أبي سعيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يقول الرب -عز وجل-: من شغله القرآن عن ذكري، ومسألتي.. من شغله ذكري عن مسألتي؟ أعطيته أفضل ما أعطي السائلين؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

من شغله القرآن عن ذكري.

طالب:...

لا، أنا أحفظ من شغله ذكري، وفيه ومنه القرآن «عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين».

 على كل حال موجود الحديث في الترمذي، وانظره في الموضوعات، واللآلئ على أنه تالف. وقال بعض التابعين...

طالب:...

ماذا؟

  طالب:...

ماذا عندك؟

طالب:...

ماذا يقول؟

طالب:...

نعم، رجع الشيخ إلى الترمذي طيب، وقال بعض التابعين: لو أطعتم الله ما عصاكم، يعني ما منعكم شيئًا تطلبونه منه، وقال سفيان: يقول الدعاء ترك الذنوب، يعني الاشتغال بالطاعة عن المعصية، وأما قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}[سورة الفرقان: 77] ففيه للمفسرين قولان: أحدهما أن المراد لولا دعاؤكم إياه فيكون الدعاء بمعنى الطاعة كما ذكرنا، والثاني: لولا دعاؤه إياكم إلى طاعته، فيكون على التقدير الأول من باب إضافة المصدر إلى الفاعل، والثاني من باب إضافة المصدر إلى المفعول، لولا دعاؤه إياكم إلى طاعته كما في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[سورةالذرايات: 56] أي ليدعوهم إلى عبادته، وإنما اختلف المفسرون في ذلك؛ لأن المصدر يضاف إلى الفاعل تارةً، وإلى المفعول أخرى. ما أورد الحديث حديث ابن عمر، نعم.

طالب:...

ما زال.

طالب:...

لم تستخدمها العرب بالمعنى الاصطلاحي.

طالب:...

المادة أَمِنَ.

طالب:...

موجودة.

طالب:...

أمِن غير آمن، آمن بمعنى صدّق لا توجد في لغة العرب، هذا الذي قرر شيخ الإسلام نفيها بمعنى صدّق، مع أن قوله -جل وعلا-: {وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا}[سورة يوسف: 17] بمصدِّق، لكن هل الإيمان آمن بمؤمنٍ يعني بمصدِّق هل المعنى مطابق تمامًا؟ على مذهب من يرى الترادف هل يقال: إن آمن مطابقة لصدّق، أو إن من معانيها صدّق؟

طالب:...

لأن من أهل العلم من يمنع الترادف في لغة العرب، يقول: قعد ليست بمعنى جلس من كل وجه، ومنهم من يرى أن المترادف موجود بمعنى أن يكون لفظ مطابقًا للفظ تمامًا، ما يختلف عنه في شيء، على قول من يمنع الترادف هذا ظاهر، ما فيه إشكال، لكن على قول من يرى المترادف في لغة العرب، على قول من يرى المترادف في لغة العرب، وأنه يوجد كلمة مطابقة تمامًا لكلمة أخرى هل يزعم أن آمن بمعنى صدّق؟ وإن جاءت في بعض المواضع بمعناها، مع زيادة في مضمون هذا المعنى، لأنه فرق بين أن تؤمن بما يقوله فلان، وبين أن تُصدِّق بما يقوله فلان، وإن كان هناك قاسم مشترك بينهما.

 ما الفرق بينهما؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

يعني نأتي إلى مرتبة الصديق، هل هي أعلى من مرتبة مؤمن؟ هذا لا إشكال فيه، لا إشكال فيه، لكن مجرد التصديق، هل وقوعه في القلب وقوع تصديق الخبر مطابق أو مقارب لوقوع الإيمان بالخبر؟

أيهما أقوى؟

طالب:...

الإيمان أقوى بلا شك، كيف نقول: إن الصديق أقوى وأفضل من المؤمن؟

طالب:...

أو آمن وصدَّق؟

طالب:...

نعم؛ لأن عندنا لهذا نظائر. «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل» لماذا؟

لأنه توضأ وزاد في غسل سائر جسده، والصديق آمن وصدَّق، ولا يكفي أن يقال: مصدِّق، لأن المصدِّق والمؤمن متقاربان، أو يتفضل أحدهما الآخر، لكن يبقى أنه صدِّيق بالتشديد الذي يقتضي المبالغة، الآن صدوق وصادق ومصدِّق كلها من فروع المادة، لكن صِدِّيق يعني هل عندنا ساكت مثل سِكِّيت؟ لا، فصدِّيق أعلى من مصدِّق، وبهذا ننفصل من كون المصدِّق مجرد تصديق بالخبر أفضل وأعلى من المؤمن به، يبقى أن المؤمن بالخبر أعلى مرتبةً من المصدِّق به، لكن يبقى أن من يستحق الوصف بهذه المبالغة وهذا التضعيف وهذا التشديد صديق منزلة عليا، ليست مثل المُصدِّق، ولا مثل المؤمن فقط؛ لأن وصف الإيمان في المسلمين كثير، لكن وصف الصدِّيقين قليل؟

أخرجت لنا الألوسي؟

   طالب:...

ماذا يقول؟

طالب:...

نعم.

طالب:...

نعم، اِقرأ.

طالب:...

يبقى الإشكال، ما فيه إلا على ما ذكرت آنفًا أن الضمائر نسقها واحد، قل ما يعبأ ربي لولا إيمانكم الذي طلبه منكم فلم تجيبوه، فقد كذبتم لم تستجيبوا، كذبتم، فسوف يكون العذاب لازمًا لكم، ولولا الجملة الأخيرة لقلنا: إن الخطاب للمؤمنين، وأنهم لولا إيمانهم ما عبأ الله بهم، ولا اكترث بهم، ولا يبالي بأي وادٍ هلكوا، فتكون لولا حرف امتناع لوجود، حرف امتناع لوجود.

طالب:...

مثل ما صورنا سابقًا؟

   طالب:...

 يعني نقل ما يعبأ بكم ربي أي: معاشر الكفار، لولا دعاؤكم أيها المؤمنون؟ فقد كذبتم أيها الكفار، يعني الضمير يتردد بين أكثر من فئة، وعلى نسقٍ واحد، ما يصلح، إلا لو صحِبه إشارة تُعيِّن المراد، مثل ما نظَّرنا في كلام البشر.

طالب:...

يلتفت مع مغايرة الضمير مع اتحاد الضمير ما فيه التفات، مع اتحاد الضمير ما فيه التفات، ما يسمى التفاتًا إلا مع مغايرة الضمير.

طالب:...

أنا مُتَقرِّر عندي ما ذكرتُ، وتُزَاد المسألة بحث إن شاء الله.

طالب:...

هو لا بد من الإيمان بالرسل، هو ركن من أركان الإيمان، أنت تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، يعني وتؤمن برسله، لا هذا تفنُّن في العبارة تفنُّن في العبارة، وإلا الإيمان مطلوب في الأركان الستة كلها.

  طالب:...

 ما أدري ماذا يصير علينا يا إخوان، الاختبارات وصلت، الجامعة متى؟

طالب:...

الأسبوع القادم. يقول لك توًّا؛ لأنك ما تدرس أنت، ويل للشجي من الخلي، نتجاوز هذا حتى يزاد بحث من الإخوان ونرى.

طالب:...

قال -رحمه الله-: "حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا حنظلة بن أبي سفيان عن عكرمة بن خالد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بني الإسلام على خمس، شهادةِ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان»".

معلوم أن رواية الحديث في البخاري في المواضع كلها بتقديم الحج على صوم رمضان، وهو أيضًا كذلك في صحيح مسلم في موضع، وفي موضع آخر بتقديم صوم رمضان على الحج، واستدراك من الراوي على ابن عمر حينما قال له: والحج وصوم رمضان، قال ابن عمر: لا، صوم رمضان والحج. قوله: عن حنظلة بن أبي سفيان هو قرشيٌ مكي من ذرية الصوان بن أمية الجمحي وعكرمة بن خالد وابن سعيد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي، وهو ثقة متفق عليه، وفي طبقته عكرمة بن خالد بن سلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي وهو ضعيف، ولم يُخرِّج له البخاري، نبهتُ عليه؛ لشدة التباسه، ويفترقان بشيوخهما، ولم يروِ الضعيف عن ابن عمر، زاد مسلم في روايته عن حنظلة قال: سمعت عكرمة بن خالد يُحدِّث طاووسًا أن رجلاً قال لعبد الله بن عمر: ألا تغزو؟ ألا تغزو؟ فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... فذكر الحديث جوابًا لقول الرجل: ألا تغزو؟ قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «بني الإسلام على خمس». هل مناسب في جواب من يطلب من شخص عمل خير؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

يمكن، الغزو غزو فتنة، القتال قتال فتنة، وإلا ما يُظَن بابن عمر أنه يردّ من يطلب منه فعل خيرٍ أن يواجهه بأعمالٍ أخرى، يعني مثل ما يقال: ألا تحج يا فلان؟ ألا تحج يا فلان؟ فيجيب بعملٍ مُرغَّبٍ فيه غير الحج. ويتذرع كثيرٌ من الناس ويبرِّر كثير من الناس تقاعسهم عن كثيرٍ من أفعال الخير بأفعال خير أخرى، والإشكال أن بعضهم يتذرع بفعل خير آخر، وهو لا يفعله، يقال له: أنت تحج وتنفق الأموال في الحج، أو تذهب إلى مكة في العشر الأواخر وتكلّف، وتنفق الأموال، لو، لماذا تتكلف؟

 أو يقال لشخص: الناس يطلبون الأجور من الله -جل وعلا- والمضاعفات عند بيته الشريف، وأنت جالس عند أهلك وفي بلدك، كأنك محروم، قال: يا أخي، هذه الأموال التي أصرفها أو أنفقها في رمضان في مكة ثلاثون ألفًا، خمسون ألفًا، لو توزع على الفقراء والمساكين كان أجدى وأنفع، وتجد مثل هذا لا هو بمعتمر ولا منفق ولا معطٍ للفقراء والمساكين، فما يُظَن بابن عمر مثل هذا إنه ما هو بمجاهد ولا؛ لأن بعض الناس يرد الحق بحق، لكن الحق الذي يُرَدُّ به إما أن يكون أدنى منزلة أو هو لمجرد الردّ، ولا يريد أن يفعله.

ابن عمر لما قيل له: ألا تغزو؟ فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر الحديث، ولعله أراد مثل هذا الغزو وإن كان لا يستطيع أن يُصرِّح في بعض الأوقات أن هذا غزو فتنة فردّه بالحديث، فذكر الحديث، فائدة: اسم الرجل السائل حكيم، ذكره البيهقي.

وقوله: على خمسٍ أي دعائم، نعم.

طالب:...

العبسي نعم، ماذا فيه؟

طالب:...

ما المانع؟

طالب:...

سهل سهل.

   طالب:...

 لا لا. الصحيحان طافحان بالرواية عن المبتدعة، ما دام شرط الصدق موجودًا، والحافظ الذهبي -رحمه الله تعالى- قسّم الفِرَق إلى غلاة وغير غلاة، وذكر المراد بالشيعي في عهد السلف والمراد به عند من جاء بعدهم، هو يختلف من وقت إلى وقت.

طالب:...

نعم، قد يكون أحيانًا المُفضِّل عليًّا على عثمان، وهذا موجود في أهل السُّنَّة، ثم تنتقل من هذا إلى مفضِّل عليّ على أبي بكر وعمر مع توليه أبا بكر وعمر، ثم يتطور الأمر إلى تفضيل علي وذمّ أبي بكر وعمر، ثم يتطور الأمر إلى تفضيل علي مع سبّ أبي بكر وعمر، ثم يتطور الأمر إلى تكفير أبي بكر وعمر، ثم يتطور إلى القول بعصمة علي، وأنه مُستحِقٌ للألوهية.

طالب:...

على كل حال لا يُظَن بابن عمر وهو المسارع للخيرات وعلى رأسها الجهاد في سبيل الله أنه يريد أن يتذرع بهذا الحديث لترك الجهاد.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

على كل حال، الظروف، الحال ما ندري، لكن المظنون بابن عمر -رضي الله عنه- أنه لا يجيب بهذا الجواب إلا لنُكْتة.

ما رأيكم في الاختبارات؟

طالب:...

كم بقي بالضبط على اختبارات الجامعة؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

من عندهم اختبار ما يتضررون بالحضور؟ يؤثر على الحضور أم ما يؤثر؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

كيف؟

طالب:...

نعم ساعة، لكن الطريق نحسب حسابه. كل شيء احسب له حسابه.

   طالب:...

 والله الأمر متروك إليكم، إذا أردتم أن نستمر نستمر، رأيتم أن نتوقف نتوقف؛ لأن الأمر إليكم، ولا بد أن يتضرر أحد. ما مسكنا شيئًا.

طالب:...

العادة؟

طالب:...

ماذا؟ لا، له نفوذ هذا. ما تدري؟

طالب:...

خلاص. هذا مدير هنا، إذا قال: توقف نتوقف. أنا فرد من رعيته.

طالب:...

نعم.

طالب:...

لا، هو العادة أنها تلتئم في وقت معين.

طالب:...

الجرح هذا فقط. الظاهر ما فيه دروس إلا هذا الأسبوع، والله ما أود أن نتوقف، لكن الإخوان لهم حق، ما ودي أن يحضروا وهم وراءهم...

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

المقصود أن الخلي ما يحكم على الشجي.