كتاب الصلاة (17)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول: هل صحيحٌ أن ما يذكره مسلم في أول الباب أصح مما يذكره في آخره؟ وكيف نُفرِّق بين أحاديث الباب عند مسلم، وبين أحاديث المتابعات والشواهد؟
مقتضى التقعيد الذي ذكره مسلم في مقدمة صحيحه، وذِكره ترتيب الرواة على طبقات، وأن أوثقها أولها، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه إلى الطبقة الرابعة التي لم تُذكر ما ذكر منهم أحد؛ لأنهم ضعفاء ما ذكر منهم أحد.
مقتضى هذا أن أول الباب أصح مما في أثنائه وفي آخره، هذا مقتضى التقعيد.
لكن التطبيق مَن نظر إليه وحاول أن يُطبِّق كلام مسلم في المقدمة على ما ذكره في ثنايا الكتاب يجد أنه أغلبي لا كلي.
أما المتابعات والشواهد فمسلم –رحمه الله- يذكر الأحاديث من طرق كثيرة جدًّا لا شك أن أصحها هو الأصل، وما يُذكَر معه سواءٌ قبله أو بعده في الغالب أن يكون بعده هو الشاهد.
نعم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علمًا وعملًا، واغفر لنا ولشيخنا، واجزه عنا خيرًا.
قال الإمام أبو عبد الله البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ التَّوَجُّهِ نَحْوَ القِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه-: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَكَبِّرْ».
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة:144] فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ -وَهُمُ اليَهُودُ-: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:142] فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي صَلاَةِ العَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَتَحَرَّفَ القَوْمُ؛ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الكَعْبَةِ.
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ فَإِذَا أَرَادَ الفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ.
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لاَ أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: «وَمَا ذَاكَ» قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، قَالَ: «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ»".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...
فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ التَّوَجُّهِ نَحْوَ القِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ" حيث وُجِد حول الكعبة أو في الحرم أو خارج الحرم أو في أقاصي الدنيا مطلوبٌ منه في الصلاة أن يتوجه نحو القبلة.
والتوجه نحو القبلة شرطٌ من شروط الصلاة لا تصح إلا به، هذا مع التمكن وبذل الوسع والاجتهاد، فعلى المصلي لاسيما في الفريضة والنافلة إذا صُلِّيت على الأرض، أما إذا صُلِّيت على الراحلة فحيث توجهت، هذا في النافلة، لا في الفريضة، فقد كان –عليه الصلاة والسلام- يُوتر على راحلته، وإذا أراد الفريضة نزل وصلى على الأرض مستقبل القبلة، مُستكمل الشروط.
"التَّوَجُّهِ نَحْوَ القِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ"، والقبلة التي استقر عليها الأمر هي الكعبة؛ {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة:144]، وقبل ذلك صلى النبي –عليه الصلاة والسلام- بمكة نحو بيت المقدس، وكان يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس، فلما هاجر إلى المدينة توجه نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وبعضهم يقول: هي ستة عشرة شهرًا وأيام، فمن قال: ستة عشر حذف الكسر، ومن قال: سبعة عشر جبر الكسر، ومن تردد أو نظر إلى ما يحتمله الأمر؛ لأنه لا يُجزم بكونه ستة عشر أو سبعة عشر، فالأمر مترددٌ فيه، فيُذكر على سبيل التردد والاحتمال.
"حَيْثُ كَانَ" بعض الناس يتساهل في هذا الشرط، ولا يجتهد الاجتهاد الكافي اللازم اللائق بتحرير هذا الشرط، فأينما توجه صلى، وقد يكون لديه آلية للاستدلال على القبلة بأدلتها، وقد يكون في بلدٍ من البلدان وفي هذه الحالة لا يجوز الاجتهاد بحال؛ لأن الوصول إلى الأمر المُحقق من جهة الكعبة متيسر، ولا اجتهاد في البلدان.
ورأيت في مسجدنا هذا عددًا كبيرًا ممن يدخل المسجد ويصف إلى جهة الشرق، كثيرًا ما نُنبِّه نبهوا أخاكم، كثير، آخر الدروس فيها من هذا النوع، ولا نعدم من أن يدخل أحد ويصلي إلى غير القبلة، هو يستدل إذا دخل بالدرس، ويرى أن الشيخ يكون في جهة القبلة، وتكون جهته هي التي يُصلى إليها، والمحراب ظاهر.
لكن من الخارج فيه إيهام من الجهة القبلية السور الخارجي ما فيه ما يدل على المحراب، بينما الجهة الثانية البوابة عليها مظلة ومن رآها يجزم بأنها محراب، لا يكفي هذا، لكنه مُلبِس.
على كل حال التوجه إلى القبلة في الفريضة شرط من شروطها، وأما بالنسبة للنافلة فكذلك إلا إذا كان على الراحلة.
"وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه-: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَكَبِّرْ»" هذا جزءٌ من حديث أبي هريرة في قصة المسيء المخرَّجة في الصحيح، هنا التعليق مجزوم به، وهو قطعةٌ من الحديث اقتصر فيه المؤلف على ما يستدل به على ما يُريد.
الحديث رواه الإمام البخاري في كتاب الاستئذان؛ لأنه جاء استأذن وصلى، واستدعاه النبي –عليه الصلاة والسلام-، فالاستئذان هو الذي جعل البخاري يُخرِّج الحديث في كتاب الاستئذان في أواخر الكتاب.
وفيه: إشارةٌ إلى جلسة الاستراحة، التي يُسميها الفقهاء: الاستراحة، في هذا الطريق من قصة المسيء إشارة إلى جلسة الاستراحة، وإن كان فيها تشكيك في السياق، لكن جلسة الاستراحة ثابتة من حديث مالك بن الحويرث، وفي هذا الطريق من طرق حديث المسيء، وفي بعض طرق حديث أبي حُميد عند أبي داود والترمذي، فإذا قالوا: إن النبي –عليه الصلاة والسلام- فعلها لما كبُر، فإن المسيء إنما أوتي من الخفة والعَجلة، نقول: كبُر؟! بالعكس، فسيأتي الكلام عنها –إن شاء الله تعالى- وهي في مسألةٌ مهمة، وتحتاج إلى مزيد بسط.
طالب: ..............
كله من عنده، البخاري كل شيء من عنده، ما وُضِع فيه شيء، وكذلك مسلم.
طالب: ..............
لا، الترتيب، والتقديم، والتأخير.
طالب: نعم.
قد يكون طرأ عليه شيء من النُّسَّاخ، لكن الأصل البخاري ما أُدخِل فيه شيء ليس منه.
في أحاديث الأنبياء بعض الشراح ذهب إلى أن هذا الباب أو قصة هذا النبي قُدِّمت على قصة ذاك النبي؛ لأنه قبله في الزمن، والأصل أن البخاري يُرتب على التاريخ هو دقيق في هذا، لكن وُجِد بعض الأنبياء الذي تأخروا قُدِّموا على بعض من تقدم، وهذا لا يعني أنه خلل؛ لأن المضمون محفوظ، والحمد لله.
وبهذه المناسبة التطاول على صحيح البخاري كثُر في أيامنا هذه، والسبب في ذلك أنه إذا انتُقص صحيح البخاري، وناله التنقص والنيل منه فإن ما دونه أسهل، يعني إذا قبِلنا الكلام في البخاري فلا أن ترد عن كتابٍ من الكتب كما قيل في أبي هريرة، وكررنا هذا مرارًا، وهذا أمرٌ مقصودٌ، وهدفٌ أولوي بالنسبة للمناوئين لهذا الدين كله؛ لأنهم إذا هدموا البخاري هدموا السُّنَّة كلها، وإذا طُعِن في أبي هريرة طُعِن في نصف السُّنَّة أو أكثر.
فالأعداء عندهم شيء من الحيل والدهاء ما يعمدون إلى أبيض بن حمَّال ولا آبي اللحم ويطعنون فيه، هذا ما روى إلا حديثًا، وهذا ما روى إلا حديثًا ما يسوون شيئًا، لكن لو طعنوا في أبي هريرة الذي يروي نصف السُّنَّة ارتاحوا من شيءٍ كثير، وهذه أهداف مغرضة لأعداء الدين، ما هم أعداء للبخاري ولا أعداء لأبي هريرة، ولا قصدهم البخاري ولا قصدهم أبو هريرة، قصدهم ما حملوه وبلَّغوه وأتقنوه وضبطوه وبلَّغوه من بعدهم من العلم الذي هو الدين.
اليوم قُرئ علينا كلام مأخوذٌ من مواقع لشخصٍ ليس من هذه البلاد، ويسكن في الجنوب، ويعترف على نفسه أنه ليس من أهل العلم، ولا من أهل الفكر، ولا من أهل الثقافة، ولا من أهل الدعوة، اعترف على نفسه بالجهل المطبِق، ويطعن في البخاري، مثل هذا ينبغي أن يُتَّخذ الإجراء المناسب له، أقل شيء أن يُبعَد إلى بلده هذا أقل شيء، إن لم يؤخذ إجراء يردعه عن ذلك قبل، وإجراء حكم الله –جلَّ وعلا- على أمثاله ممن يطعن في الدين أقل الأحوال أن يُبعَد إلى بلده.
"قوله: "بَابُ التَّوَجُّهِ نَحْوَ القِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ" أي: حيث وُجِد الشخص في سفرٍ أو حضر، والمراد بذلك في صلاة الفريضة كما يتبين ذلك في الحديث الثاني في الباب، وهو حديث جابر".
الحديث الثاني حديث جابر سيأتي، وهو في قصة ذي اليدين.
"قوله: "وقال أبو هريرة" هذا طرفٌ من حديثه في قصة المسيء صلاته، وقد ساقه المصنِّف بهذا اللفظ في كتاب الاستئذان".
طالب: أقرأ الشرح؟
لا لا، تُريد أن تقرأ ثلاثة أسطر؟ ما شرحنا الحديث إلى الآن.
قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ".
طالب: ابن يونس.
نعم جده أبو إسحاق.
"عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" في بعض الطرق التصريح بالتحديث من البراء لأبي إسحاق؛ لأن أبا إسحاق رُمي بالتدليس مع أنه لو لم يُوجد طريق فيه تصريحٌ بالتحديث فمُعنعنات الصحيحين كلها موصولة، وُجِدت موصولة في كُتبٍ أخرى، فلا إشكال فيها.
"قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ" لما هاجر إلى المدينة توجه إلى بيت المقدس، وهذا من باب الموافقة لليهود، وكان النبي –عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر يُحب موافقتهم؛ رجاء أن يُسلموا، فلما أيس منهم أمر بمخالفتهم في حوادث كثيرة.
"يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة:144] فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ -وَهُمُ اليَهُودُ-: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة:142]" {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة:142] يستفهمون استفهام إنكار{قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة:142] الأمر كله بيد الله –جلَّ وعلا- هو الآمر، وهو الناهي الذي أمر بالتوجه في أول الأمر إلى بيت المقدس، وهو الذي يأمر بأن يُوجَّه النبي –عليه الصلاة والسلام- إلى الكعبة.
"{قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:142] فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ" في رواية أبي ذر: رجال.
"ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى، فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي صَلاَةِ العَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" الأصل أن يأتي السياق: أنا أشهد.
"هُوَ يَشْهَدُ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَتَحَرَّفَ القَوْمُ؛ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الكَعْبَةِ" صلاتهم إلى بيت المقدس في أول الأمر ثبت بدليلٍ قطعي، النبي –عليه الصلاة والسلام- صلى هذه المدة الطويلة، ورأوه يفعل ذلك، هل يشك أحد إلى أن هذه القبلة فيها شك؟ ثبتت بدليلٍ قطعي، وخبر هذا الرجل ظني؛ لأنه يحتمل الوهم، والنسيان، والخطأ.
فهل يُنسَخ القطعي بالظني؟ الجواب: أن هذا الخبر الظني احتفت به قرينة، وهي أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يُحب أن يُوجَّه إلى الكعبة، ويُقلِّب وجهه في السماء رجاء أن يُحوَّل إلى القبلة، هذه القرينة يعرفها الصحابة كلهم، هذه القرينة جعلت خبر هذا الصحابي يرقى إلى القطع؛ لأن من القطعيات ما يقوله أهل العلم ما احتفت به القرينة، إذا احتفت القرينة بالخبر ارتفع إلى أن يكون قطعيًّا، وهذا قرره شيخ الإسلام، وابن القيم، والحافظ ابن حجر وجمع من أهل العلم.
فقال: "هُوَ يَشْهَدُ: أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَتَحَرَّفَ القَوْمُ؛ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الكَعْبَةِ" في هذا المسجد الذي سُمي فيما بعد مسجد القبلتين صلاة العصر، وفي روايةٍ: الظهر، وفي مسجد قُباء في صلاة الفجر جاءت الرواية أنهم استداروا كما هم، بمعنى أن الصف الأول استدار وكلٌّ في مكانه صار الأول هو الأخير وهكذا، أو استداروا كما هم عليه في صلاتهم الأولى الأول صار أولًا، والثاني صار ثانيًا احتمال.
طالب: .............
على كل حال هو احتمال.
طالب: .............
الإمام يصير أمامهم على كل حال.
طالب: .............
المسألة خلافية بين أهل العلم.
طالب: .............
هذا التوجيه يعني أنك تخرج من الخلاف بالكلية.
قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُسْلِم" ابن إبراهيم.
"قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ" الدستوائي، هشام بن أبي عبد الله، وأبو عبد الله ما اسمه؟ سمبر على وزن جعفر، الدستوائي.
"قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ".
طالب: ابن أبي تميمة السختياني.
هشام بن أبي عبد الله الدستوائي.
طالب: .............
كيسان، تضيعوننا.
طالب: .............
أيوب بن أبي تميمة كيسان الدستوائي، هذا جده سمبر.
"عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ" يعني في النافلة وفي السفر، بدليل "فَإِذَا أَرَادَ الفَرِيضَةَ نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ" وهذا في السفر ثابتٌ عنه في السفر.
وهل يُفعَل في الحضر لا؟ الجمهور لا، خاص بالسفر، وذُكِر عن أنس بن مالك أنه يُصلي في المدينة على حمار، فبهذا تُصلى هذه الصلاة على الراحلة في الحضر، وإن كان الجمهور على خلافه، لاسيما وأن ظروف الناس اليوم مع هذه السيارات والزحام، وقد تفوت السُّنن وهو في السيارة لاسيما الرواتب، والسُّنن المؤكدة، فلو قيل بجواز ذلك عند الاحتياج إليه يعني ما يُفتَح الباب؛ لأن عامة أهل العلم على أنه لا يجوز، ما ثبت عنه –عليه الصلاة والسلام- أنه صلى على الراحلة في الحضر.
طالب: الآن جازت الصلاة جالسًا داخل البيوت والمساجد، وإن كانت السيارة في استقبال القبلة ولا ينقصه شيء من شرائط الصلاة يمنع، يُقال: يُصلي إذا كان جالسًا، ويجوز الصلاة جالسًا بغير حاجة.
السيارة طريقها واحدة.
طالب: .............
أم دارت يمينًا وشمالًا؟
طالب: .............
لكن، ما يُعمم الحُكم من أجل قضية خاصة أنه ذاهب مع الدائري الشمالي أو طريق خريص يُصلي ركعتين مُستقبل القبلة، ما تنقض القواعد.
طالب: الإشكال عند الفقهاء يا شيخ هل هو في قضية سقوط الشرائط والأركان أم يا شيخ قضية أنه ما أُثِر عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه داخل...؟
ما أثِر.
طالب: .............
خروج الوقت يُصلي على حسب حاله، إذا خشي خروج الوقت يُصلي على حسب حاله.
ثم قال: "حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ" إبراهيم النخعي وعلقمة بن قيس النخعي.
"قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ" هو ابن مسعود، وهذا معدودٌ في أصح الأسانيد كما هو معلوم.
"قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ إِبْرَاهِيمُ" الراوي النخعي.
"لا أَدْرِي زَادَ أَوْ نَقَصَ، فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَيْءٌ؟ قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ" هذا الحديث المعروف بحديث ذي اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال: «لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ».
"فَثَنَى رِجْلَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ"، والشاهد أنه استقبل القبلة؛ لأن ما بقي هو جزءٌ من الصلاة حُكمه حُكم جميعها، وأنه يُشترط فيه استقبال القبلة.
"فَلَمَّا أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، قَالَ: «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ»" قصُرت الصلاة أم نسيت، يعني لو حصل قصر للصلاة بتشريعٍ جديد نبَّأتكم، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
«لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ» وهذا النسيان منه -عليه الصلاة والسلام- لا لانشغالٍ منه عن الصلاة وهو الذي يقول: «إِنَّ فِي الصَّلَاة لَشُغْلًا» تسبب في النسيان، لكن إنما ينسى؛ ليسُن «إنما أُنَسَّى لِأَسُنَّ»، ويكون نسيانه هذا وبيان الحُكم المرتب عليه أفضل مما لو لم ينسَ.
«كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ».
اللام هذه، عندكم ألِف فيها؟
ماذا عندكم؟
طالب: .............
ماذا بعد الراء عندكم «فَلْيَتَحَرَّ»؟
طالب: «الصَّوَابَ» ألِف، الصواب «فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ».
الآن هل هي جازمة فَلــــ اللام؟
طالب: نعم.
ومقتضى ذلك حذف الألف التي في آخر...
طالب: محذوفة عندي.
محذوفة؟ ما الذي عندك؟ ما طبعتك؟
طالب: .............
ماذا عندك يا عبد الله؟
طالب: نعم نفسها مجزومة «فَلْيَتَحَرَّ».
محذوفة ألِف القصر؟
طالب: نعم.
هو وجود مثل هذه الأمور في أحوال الضيق والضرورة {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقي وَيَصْبِرْ} [يوسف:90] هذه قراءة ما أحد يُنكرها.
طالب: هنا موجودة يا شيخ بالطبعة الألف المقصورة.
أي طبعة؟
طالب: طبعة التأصيل.
بالألف المقصورة.
طالب: نعم.
والرموز عليها في...
طالب: يقول: كذا في اليونينية بإثبات الياء.
«فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ» إذا تحرى الصواب، وعمل بغالب ظنه يكون السجود بعد السلام.
طالب: .............
تحرى على غالب الظن.
طالب: .............
ماذا؟
طالب: .............
الأقل، يبني على الأقل.
طالب: .............
ما فيه تحرٍّ هذا، إذا تحرى عمل على غالب ظنه، وحينئذٍ يكون السجود بعد السلام، كما لو سلَّم عن نقص كما في قصة ذي اليدين، وباقي الصور كلها قبل السلام.
طالب: هنا فيه تعليق يا شيخ.
«فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ».
نعم.
طالب: في تعليق طبعة الرسالة.
ماذا يقول؟
طالب: يقول: كذا هو ضبطها بإثبات الياء، قال: كذا في اليونينية بإثبات الألف المقصورة، وفي النسخة التي اعتمدها ابن بطال، والكرماني، وابن حجر، والعيني، والقسطلاني في شروحهم: «فَلْيَتَحَرَّ» بالجزم.
بالجزم يعني رواية ما دام مَن قال: أنها رواية أبي ذر إثبات الألف، عليها رمز؟
طالب: بدون.
لا، في الأصل؟
طالب: في الأصل بدون الألف يا شيخ.
«فَلْيَتَحَرَّى» بالألف، وهي رواية أبي ذر، رمز أبي ذر عليها.
طالب: كان أوردها ابن حجر.
«فَلْيَتَحَرَّى» هي أبو ذر أم شدَّة هذه.
طالب: لأنه أشار هنا في التعليق الثاني أنها ليست من نسخة أبي ذر.
يقول: كذا في اليونينية بإثبات الياء، وهنا شدَّة ما هي بحاء كأنها شدَّة.
طالب: نعم.
من معه النسخة هذه؟
طالب: .............
لكن ماذا على الراء: شدَّة أم هاء؟
طالب: شدة.
شدَّة.
اقرأ.
طالب: .............
في بلد؟
طالب: في البلد.
تلزمه الإعادة ولا أدنى شك، تلزمه الإعادة.
طالب: .............
أحيانًا في بعض الشُّقق –ورأيناها- يضعون علامة القبلة تحت الزجاج الذي على ماصة مثل هذه، ويدخلونه، ثم يجيء واحد من السكان يرى أن هذه الماصة ينبغي أن يُغيَّر مكانها، ثم تكون العلامة إلى جهة...
طالب: غيَّرت القبلة.
ويتبعها الناس، لا، هذا لا بُد من الإعادة؛ لأن البلدان ما فيها اجتهاد.
طالب: لكن يا شيخ لو نُبِّه أثناء الصلاة ينحرف من غير استئناف مثل فعل الصحابة.
هذا تشريع ما فعلوه موافق للدليل.
طالب: .............
قبل، مثل الذي صلى هنا أمس لما نبهوه دار كما هو وكمِّل صلاته، قلنا: لا، استأنف.
اقرأ.
قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "باب التوجه نحو القبلة حيث كان" أي: حيث وُجِد الشخص في سفرٍ أو حضر والمراد بذلك في صلاة الفريضة، كما يتبين ذلك في الحديث الثاني في الباب، وهو حديث جابر.
قوله: "وقال أبو هريرة" هذا طرفٌ من حديثه في قصة المسيء صلاته، وقد ساقه المصنِّف بهذا اللفظ في كتاب الاستئذان.
قوله: "عن البراء" تقدم في باب الصلاة من الإيمان، من كتاب الإيمان بيان مَن رواه عن أبي إسحاق مصرَّحًا".
مصرِّحًا.
"مصرِّحًا بتحديث البراء له".
قوله: "وكان يحب أن يوجَّه إلى الكعبة".
طالب: شيخ ضبطها عندنا هنا بالضبطين: يُحب أن يُوجِّه، أو أن يُوجَّه؟
يوجِّه بالضبطين، لكن التوجيه من الله- جلَّ وعلا-.
"وكان يحب أن يوجَّه إلى الكعبة" جاء بيان ذلك فيما أخرجه الطبري وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباسٍ –رضي الله عنهما- قال: لما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة واليهود أكثر أهلها يستقبلون بيت المقدس أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرًا، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُحب أن يستقبل قبلة إبراهيم، فكان يدعو وينظر إلى السماء، فنزلت.
ومن طريق مجاهدٍ قال: إنما كان يُحب أن يتحول إلى الكعبة؛ لأن اليهود قالوا: يُخالفنا محمد ويتبع قبلتنا، فنزلت.
وظاهر حديث ابن عباسٍ هذا أن استقبال بيت المقدس إنما وقع بعد الهجرة إلى المدينة، لكن أخرج أحمد من وجهٍ آخر عن ابن عباسٍ –رضي الله عنهما-: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه، والجمع بينهما ممكن بأن يكون أُمِر- صلى الله عليه وسلم- لما هاجر أن يستمر على الصلاة لبيت المقدس.
وأخرج الطبري من طريق ابن جريجٍ قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أول ما صلى إلى الكعبة، ثم صُرِف إلى بيت المقدس وهو بمكة".
الطبري أم الطبراني؟
طالب: عندي الطبراني.
طالب: الطبري.
موجود بنسخة مخطوط الرياض.
طالب: قال: يا شيخ أشار إلى وجودها في الطبري، وهي أيضًا عند الطبراني في المُعجم الكبير.
وما بينهما شيء بالنسبة للزمن، هما متقاربان.
"وأخرج الطبري من طريق ابن جريجٍ قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أول ما صلى إلى الكعبة، ثم صُرِف إلى بيت المقدس وهو بمكة، فصلى ثلاث حجج، ثم هاجر فصلى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرًا، ثم وجهه الله إلى الكعبة، فقوله في حديث ابن عباسٍ الأول: أمره الله، يرد قول من قال: إنه صلى إلى بيت المقدس باجتهادٍ، وقد أخرجه الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيفُ، وعن أبي العالية أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى بيت المقدس يتألف أهل الكتاب، وهذا لا ينفي أن يكون بتوقيف.
قوله: "نحو بيت المقدس" أي: بالمدينة، وقد تقدم في باب الصلاة من الإيمان، في كتاب الإيمان تحرير المدة المذكورة، وأنها ستة عشر شهرًا وأيام.
قوله: "يوجَّه" بفتح الجيم أي: يؤمَّر بالتوجه.
قوله: "فصلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- رجالٌ"، كذا في رواية المستملي، والحموي، وفي رواية غيرهما: رجلٌ، وهو المشهور، وقد تقدم في الإيمان أن اسمه عبَّاد بن بشر".
عبَّاد بن بشر بن؟ نسيتموه مر بنا بكتاب الإيمان، نسيتموه؟
طالب: عشر سنين.
أو أكثر.
عبَّاد بن بشر بن قيظي، ما أسرع ما تنسون!
لولا أني أذكر هذا في الصِّغر لكان لو مر عليّ بالأمس لنسيته، لكن السنين، الله المستعان.
"وقد تقدم في الإيمان أن اسمه عبَّاد بن بشر، وتحتاج رواية المستملي إلى تقدير محذوفٍ في قوله: "ثم خرج" أي: بعض أولئك الرجال.
قوله: "في صلاة العصر نحو بيت المقدس"، وللكشميهني في صلاة العصر يصلون نحو بيت المقدس، وفيه إفصاحٌ بالمراد، ووقع في تفسير ابن أبي حاتم من طريق نويلة بنت أسلم".
طالب: يقول: تحرَّفت إلى بُديلة، وتصحَّفت إلى ثويلة، وفي التفسير إلى تويلة، والصحيح كما أثبتنا نويلة بالنون مُصغرًا.
نعم.
"ووقع في تفسير ابن أبي حاتم من طريق نويلة بنت أسلم: صليت الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة، فاستقبلَنا".
فاستقبلْنا.
"فاستقبلْنا مسجد إيليا، فصلينا سجدتين أي: ركعتين، ثم جاءنا من يُخبرنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد استقبل البيت الحرام.
واختلفت الرواية في الصلاة التي تحولت القبلة عندها، وكذا في المسجد، فظاهر حديث البراء هذا أنها الظهر".
طالب: .............
بيت المقدس.
طالب: إيليا كان صاحب إيليا.
هذا الذي ما يُمكن أن يُنسى في حديث هرقل.
طالب: كان صاحبي...
هذا قبل ذاك.
البداية كم يا أبا عبد الله؟
طالب: عند ثمانية وعشرين.
يعني بداية البخاري بعد أن أنهينا الموطأ.
طالب: ثمانية وعشرين.
"واختلفت الرواية في الصلاة التي تحولت القبلة عندها، وكذا في المسجد، فظاهر حديث البراء هذا أنها الظهر، وذكر محمد بن سعد في (الطبقات) قال: يُقال: إنه صلى ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين، ثم أُمِر أن يتوجه إلى المسجد الحرام، فاستدار إليه ودار معه المسلمون.
ويُقال: زار النبي -صلى الله عليه وسلم- أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة، فصنعت له طعامًا، وحانت الظهر، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه ركعتين، ثم أُمِر فاستدار إلى الكعبة واستقبل الميزاب، فسُمى مسجد القبلتين، قال ابن سعدٍ: قال الواقدي: هذا أثبت عندنا.
وأخرج ابن أبي داود بسندٍ ضعيفٍ عن عمارة بن رويبة، قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في إحدى صلاتي العشي حين صُرِفت القبلة، فدار ودُرنا معه في ركعتين.
وأخرج البزار من حديث أنسٍ: انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيت المقدس وهو يصلي الظهر بوجهه إلى الكعبة.
وللطبراني نحوه من وجهٍ آخر عن أنس، وفي كل منهما ضعفٌ.
قوله: "فقال" أي: الرجل، "هو يشهد" يعني بذلك نفسه، وهو على سبيل التجريد، ويحتمل أن يكون الراوي نقل كلامه بالمعنى، ويؤيده الرواية المتقدمة في الإيمان".
التجريد مر بنا مرارًا، أول ما مر بنا..
طالب: .............
ماذا؟
طالب: .............
لا، بالصحيح.
طالب: .............
"أعطى رهطًا وسعدٌ جالس" سعد الذي تكلم جرَّد من نفسه شخصًا تحدث عنه، هذا هو التجريد.
طالب: وفي كتاب الإيمان يا شيخ حديث.
هو كتاب الإيمان: أعطى رهطًا وسعدٌ جالس، فقلت: مالك عن فلان، فإني لأراه مؤمنًا، قال: أو مسلمًا.
"ويؤيده الرواية المتقدمة في الإيمان بلفظ: أشهد، وقد تقدمت مباحثه هناك".
طالب: .............
ماذا؟
طالب: .............
المتن؟
طالب: .............
"وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ َهُمُ اليَهُودُ" أما السفهاء ما هي بفاعل قال "وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ وَهُمُ اليَهُودُ" {مَا وَلَّاهُمْ} [البقرة:142] هو يحتمل أن يكون {مَا وَلَّاهُمْ} [البقرة:142] هو مقول القول لاسيما مع وجود الواو في "وهم".
أنت تُريده لا يذكر البقية؛ لأنه ليس من مقول اليهود.
"قوله: "حدثنا مسلم" زاد الأصيلي ابن إبراهيم.
قال: "حدثنا هشام" زاد الأصيلي ابن أبي عبد الله وهو الدستوائي، "عن محمد بن عبد الرحمن" أي: بن ثوبان العامري المدني، وليس له في الصحيح عن جابر غير هذا الحديث، وفي طبقته محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، ولم يُخرِّج له البخاري عن جابر شيئًا.
قوله: "حيث توجهت" زاد الكشميهني به، والحديث دالٌ على عدم ترك استقبال القبلة في الفريضة، وهو إجماع، لكن رُخِّص في شدة الخوف.
قوله: "عن منصور" وهو ابن المعتمر، وإبراهيم وهو ابن يزيد النخعي، وأخطأ من قال: إنه غيره، وهذه الترجمة من أصح الأسانيد.
قوله: "قال إبراهيم" أي: الراوي المذكور "لا أدري زاد أو نقص" أي: النبي -صلى الله عليه وسلم- والمراد أن إبراهيم شك في سبب سجود السهو المذكور هل كان لأجل الزيادة أو النقصان، لكن سيأتي في الباب الذي بعده من رواية الحكم عن إبراهيم بإسناده هذا أنه صلى خمسًا وهو يقتضي الجزم بالزيادة، فلعله شك لما حدَّث منصورًا، وتيقن لما حدث الحَكم، وقد تابع الحَكم على ذلك حمَّاد بن أبي سليمان، وطلحة بن مُصرِّف وغيرهما، وعيَّن في رواية الحكم أيضًا وحمَّاد أنها الظهر، ووقع للطبراني من رواية طلحة بن مُصرِّف عن إبراهيم أنها العصر، وما في الصحيح أصح.
قوله: "أَحَدَث؟" بفتحاتٍ، ومعناه السؤال عن حدوث شيءٍ من الوحي يوجب تغيير حكم الصلاة عمَّا عهدوه، ودل استفهامهم عن ذلك على جواز النسخ عندهم، وأنهم كانوا يتوقعونه".
طالب: .............
لكن السياق "أَحَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَيْءٌ؟" هناك قال: أقُصِرت الصلاة أم نسيت؟ فيه وجوه شبه، فيه توافق، لكن كون الحافظ لا يُشير إلا أنها قصة ذي اليدين، وهو من أعرف الناس بألفاظ الأحاديث في الصحيح والطرق.
طالب: .............
ابحث لنتأكد، جزاك الله خيرًا.
"قوله: "قال: «وَمَا ذَاكَ»" فيه إشعارٌ بأنه لم يكن عنده شعورٌ مما وقع منه من الزيادة، وفيه دليلٌ على جواز وقوع السهو من الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- في الأفعال.
قال ابن دقيقٍ العيد: وهو قول عامة العلماء والنُّظار، وشذَّت طائفةٌ، فقالوا: لا يجوز على النبي السهو، وهذا الحديث يرد عليهم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- فيه: «أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ»، ولقوله: «فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» أي: بالتسبيح ونحوه.
وفي قوله: «لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلاَةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ» دليلٌ على عدم تأخير البيان عن وقت الحاجة، ومناسبة الحديث للترجمة من قوله: "فثنى رجله" -وللكشميهني والأصيلي رجليه بالتثنية- واستقبل القبلة، فدل على عدم ترك الاستقبال في كل حالٍ من أحوال الصلاة، واستدل به على رجوع الإمام إلى قول المأمومين، لكن يحتمل أن يكون تذكر عند ذلك أو أُعلِم بالوحي أو أن سؤالهم أحدث عنده شكًّا فسجد؛ لوجود الشك الذي طرأ لا لمجرد قولهم.
قوله: «فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ» بالحاء المهملة والراء المشددة أي: فليقصد، والمراد البناء على اليقين كما سيأتي واضحًا مع بقية مباحثه في أبواب السهو إن شاء الله تعالى".
"قوله: "فثنى رجله"، وللكشميهني والأصيلي: رجليه، بالتثنية" تُحمَل رواية الإفراد على الجنس جنس الرجل، فتشمل الرجلين، ليس على عاتقه، وفي روايةٍ: على عاتقيه، حملوا رواية الإفراد على إرادة الجنس، فلا تخالف رواية التثنية.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد.
طالب: .............
ما الجواب؟
طالب: .............
الركن جزء من أجزاء الصلاة، وهذا مثل الطهارة مُصاحب للصلاة كلها.
طالب: .............
وهل يستدل بمن في جواره؟ يترجَّح عنده غالب الظن دخل مع هذا الرجل وصفوا، ولا يدري هذا صلى ثنتين أو ثلاثًا، والذي بجواره صلى ثنتين، يترجَّح ويتولَّد عنده غالب الظن؛ لاقتدائه بمن في جواره، هذا يُفسِّر كلامه.
طالب: .............
لا لا صار عندك أشخاص يختلفون، شخص يدخل في صلاته وهو لا يدري هل هو في صلاته أو في غيرها، هذا أي شيءٍ يُرجِّح كلامه؟ ضائع ضائع هذا الذي يبتدئ يصلي صلى ركعة نسيها مثل هذا...