كتاب الوضوء (44)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب السواك، وقال ابن عباس: بتُّ عند النبي –صلى الله عليه وسلم- فاستنَّ.
حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبيه، قال: أتيتُ النبي –صلى الله عليه وسلم- فوجدته يستن بسواك بيده يقول: أُع أُع. والسواك في فيه كأنه يتهوَّع.
حدثنا عثمان قال: حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة -رضي الله عنه- قال: كان النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،
فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب السواك" السواك يُطلق على الآلة التي هي العود وما في حكمه، كما يطلَق على الفعل الذي هو الاستياك، والسواك جمعه سُوُك، ككتاب وكُتُب، ومما يُذكَر في كتب الأدب أن أميرًا قال لشخصٍ: كيف تجمع هذا؟ وأخرج له السواك، قال: أقول: محاسنك. تحاشى أن يقول: مساويك، قال: محاسنك. وليس الجمع مساويك، ولا محاسنك ولا شيء، وهو على زنة كتاب سواك على زنة كتاب، فجمعه سُوُك، وكما قلنا وكما قال أهل العلم: " يطلق ويراد به العود الذي تنظَّف به الأسنان، والفم، ويطلق ويراد به فعل المكلف الذي هو الاستياك.
قوله: "باب السواك، وقال ابن عباس: بتُّ عند النبي –صلى الله عليه وسلم- فاستنَّ" بات عند النبي –صلى الله عليه وسلم- في بيت خالته ميمونة، ورقب النبي -عليه الصلاة والسلام- في نومه وقيامه وفي صلاته، وفي تصرفاته، فرواها وأداها كما رأى، وقد تقدَّم الحديث في كتاب العلم في باب: السمر في العلم، تقدَّم هذا، ويرِد بألفاظ متقاربة في مواضع كثيرة.
بتُّ عند النبي –صلى الله عليه وسلم- فاستنَّ، استنَّ بالسواك، استنَّ يعني استاك بالسواك، وهل السواك من باب إزالة الوسخ أو من باب التعبد؟ منهم من قال بالإطلاق وهو إزالة وسخ وآلة تنظيف، ولذا يشرع أن يكون الاستواك بالشمال، ومنهم من قال: هو عبادة، وفعله النبي –صلى الله عليه وسلم- في حضرة أصحابه، ولو كان مما قيل فيه إنه إزالة قذر ما فعله، اختفى به -عليه الصلاة والسلام-، الاستياك الجمهور على أنه بالشمال، بناءً على أنه إزالة وسخ، ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: لا أعلم من الأئمة من قال بالاستياك باليمين، وإن كان قصده بالأئمة المتبوعين فعسى، وأما بالأئمة من الفقهاء فجدُّه المجد يرجِّح أن الاستياك يكون باليمين.
قوله: "حدثنا أبو النعمان" وهو عارم أبو الفضل شيخ الإمام البخاري الثقة الجليل، قال: "حدثنا حماد بن زيد" بن درهم، "عن غيلان بن جرير عن أبي بردة بن أبي موسى" الأشعري، "عن أبيه" أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: "أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فوجدته يستنُّ" فوجدته يستنُّ، "بسواك بيده" يستنُّ بسواك يستاك بسواك بيده، يدلك به لسانه وأسنانه "يقول: أُع أُع"، صوت السواك والعمل لا بد له من صوت إذا كان مبالغًا فيه أو أنه -عليه الصلاة والسلام-... لأن السواك يصل إلى أقصى الحلق فينشأ عنه شيء من التهوُّع بهذا اللفظ: أُع أُع، على اختلاف في روايات اللفظ، "والسواك في فِيه" فمه، "كأنه يتهوَّع" يعني كأنه يتهيأ للتقيؤ؛ لأنه إذا وصل إلى الحلق صار له يعني أثر، وإذا أريد القيء فإنه يدخَل في الفم شيء يصل إلى الحلق.
وعلى كل حال هذا من المبالغة في السواك، وهو من السُّنَّة، وهو من السُّنَّة الثابتة عنه -عليه الصلاة والسلام-. قال -عليه الصلاة والسلام-: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء» وفي بعض الألفاظ: «عند كل صلاة» والأمر المنفي المرتب على وجود المشقة هو أمر الوجوب وإلا فأمر الاستحباب ثابت بالاتفاق.
قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: (باب السواك) هو بكسر السين على الأفصح، ويطلق على الآلة وعلى الفعل، وهو المراد هنا.
قوله: (وقال ابن عباس) هذا التعليق سقط من رواية المستملي، وهو طرف من حديث طويل في قصة مبيت ابن عباس -رضي الله عنهما- عند خالته ميمونة -رضي الله عنها-; ليشاهد صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم– بالليل، وقد وصله المؤلف من طرق: منها بلفظه هذا في تفسير آل عمران، واقتضى كلام عبد الحق أنه بهذا اللفظ من أفراد مسلم، وليس بجيد".
لأنه في الموضع الأول في كتاب العلم ليس بهذا اللفظ، وبعض الناس يقف عند أول لفظ أو عند أول موضع، وتخفى عليه بقية المواضع، ويجزم بالنفي، ولا شك أن هذا من قصوره أو تقصيره في تتبع المواضع، وهذه من مزايا الحافظ ابن حجر، أنه إذا أراد أن يشرح حديثًا جمع أطرافه، وألمَّ بها بحيث لا يخفى عليه شيء منها، وبعضهم يفسِّر الحديث في موضع بما يخالف لفظه في موضع آخر؛ لجهله بلفظه في الموضع الآخر، كثيرًا ما يستدرَك على الكرماني من هذا النوع، ويرمى بأنه جهل بالكتاب الذي يشرحه، بالفعل يعني جمع الأطراف والنظر في الطرق وجمع الطرق لا شك أنه مفيد جدًّا، قد يكون اللفظ مجملاً في موضع، ويبيِّنه الراوي في موضع آخر، وقد يكون الراوي مهملاً في موضع يُبَيَّن في موضع آخر.
طالب:...
ماذا فيه؟
طالب:...
كيف أن التضمين جاء هنا؟
طالب:...
الاستياك، الفعل استاك يستاكُ.
طالب:...
لا، ليس بتضمين، بدل أن يكون الاستياك مصدرًا، والسواك اسم مصدر، ما فيه تضمين.
"قوله: (عن أبي بردة) هو ابن أبي موسى الأشعري. قوله: (يستَنُّ) بفتح أوله وسكون المهملة وفتح المثناة وتشديد النون من السِّنِ بالكسر".
من السَّنّ أو من السِّن الذي هو العظم؟
"من السِّن بالكسر أو الفتح، إما لأن السواك يمر على الأسنان، أو لأنه يسُنُّها أي يُحَدِّدُها".
يعني مثل ما تُسَن المُدية وتُشحَذ بما ينظفها ويحدِّدها، كذلك الأسنان تُسَن بالسواك، وتُحدَّد به، وتُنظَّف، ويُزال ما عليها من وسخ، الذي يُنظَف ويُسَن به المُدية يقال له: مِسَن.
"قوله: (يقول) أي النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو السواك مجازًا. قوله: (أُع أُع) بضم الهمزة وسكون المهملة".
مجاز؛ لأنه لا يمكن إضافة القول لغير عاقل، إلا على سبيل المجاز؛ لأنه استعمالٌ للفظ في غير ما وُضِع له، ولفظ المجاز معروف أنه مختلَف فيه في ثبوته مطلقًا أو في النصوص، إلى غير ذلك مما قاله أهل العلم.
"قوله: (أُع أُع) بضم الهمزة وسكون المهملة، كذا في رواية أبي ذر، وأشار ابن التِّين إلى أن غيره رواه بفتح الهمزة، ورواه النسائي وابن خزيمة عن أحمد بن عبدة عن حماد بتقديم العين على الهمزة، وكذا أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل القاضي عن عارم -وهو أبو النعمان- شيخ البخاري فيه، ولأبي داود بهمزة مكسورة ثم هاء".
يعني اختلفوا في اللفظ؛ لتقارب هذه الحروف من جهة، ولأنه حكاية صوت يعني ما ينقَل بالتلقي باللفظ، إنما الراوي الأول رواه بما عبَّر عما سمعه، عبَّر عما سمعه، فكأنه سمع هذا اللفظ بلفظ كذا، وغيره سمعه بلفظ كذا، وهكذا.
"وللجَوزقي بخاء معجمة بدل الهاء، والرواية الأولى أشهر، وإنما اختلف الرواة؛ لتقارب مخارج هذه الأحرف، كلها ترجع إلى حكاية صوته؛ إذ جعل السواك على طرف لسانه، كما عند مسلم، والمراد طرفه الداخل كما عند أحمد: "يستن إلى فوق"، ولهذا قال هنا: "كأنه يتهوع"، والتهوُّع التقيُّؤ أي له صوت كصوت المُتَقيِّئ على سبيل المبالغة. ويستفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولاً، أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضًا، وفيه حديثٌ مرسلٌ عند أبي داود، وله شاهدٌ موصولٌ عند العُقَيلي في الضعفاء، وفيه تأكيد السواك وأنه لا يختص بالأسنان، وأنه من باب التنظيف والتَطَيُّب لا من باب إزالة القاذورات; لكونه -صلى الله عليه وسلم- لم يختف به، وبَوَّبُوا عليه: "استياك الإمام بحضرة رعيته".
ولو كان من نوع الإزالة والقذر لكان مما يُستحيا منه ويُستخفى به، هذه حجتهم، لكن لا يمنع أن يكون فيه شوَب من هذا، وشوَب من هذا، امتثال فعله اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وامتثالاً لحضِّه والترغيب فيه، هذه عبادة يتعبَّد بها، ولو لم يكن على الأسنان وسخ، وأيضًا التنظيف مقصود، ولذلك يقول أهل العلم: يشرَع في مواضع، ويتأكد إذا وُجد التغيُّر في الفم، ويتأكد إذا وُجد التغيُّر في الفم، وانبعثت منه الروائح، ووجدت الأوساخ من آثار الطعام، ومن آثار طول السكوت أو النوم أو ما أشبه ذلك فإنه لا يتأكد ولا إشكال في أن هذا إزالة، إزالة لهذا المستقذر.
"قوله: (عن حذيفة) هو ابن اليمان، والإسناد كله كوفيون".
أنت قرأت هذا الحديث؟
طالب: نعم.
قوله: عثمان هو ابن أبي شيبة، وجرير هو ابن عبد الحميد، عن منصور ابن المعتمر عن أبي وائل عبد الله بن شقيق، عن حذيفة بن اليمان الصحابي الجليل صاحب سر النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قام من الليل يعني من نومه، يشوص فاه بالسواك، يشوص يعني يدلِّك يدلِّك، والشوص الدلك والتنظيف، وجاء في حديث نُسِب لابن ماجه وغيره، أنا ما وجدته في ابن ماجه بعد طول بحث، من سبق العاطس بالحمد أمِنَ الشَّوص واللَّوص والعِلَّوص، ما الفرق بين الثلاثة؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
ما الشَّوص؟ أَمِن يعني يأمن دلك الأسنان؟ هذه آفات، هذه آفات.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
يعاد إذا أعدناه مرارًا على مر الدروس الفائتة؛ لأنه على البال، بحثت عنه ما وجدته، هو موجود في القرطبي، ومنسوب لابن ماجه مرّ علينا مرارًا، يقول: من سبق العاطس بالحمد أمِنَ الشَّوص واللَّوص، والعِلَّوص، أمراض شيء في الحلق، وشيء في الرقبة، وشيء في الفم، من غير تمييز بينها، لكن الحديث الذي يغلب على الظن عدم صحته؛ لأنه لا يوجد في الدواوين التي يلتزم فيها الصحة.
"قوله: (عن حذيفة) هو ابن اليمان، والإسناد كله كوفيون، قوله: (يشوص) بضم المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة، والشَّوص بالفتح الغسل والتنظيف، كذا في الصحاح".
ومثله المَوص، الشوص مثله المَوص هذه عربية فصيحة، لكن وهي أيضًا مستعملة، مستعملة، نعم.
"وفي المحكم: الغسل عن كراع".
ماذا عندك؟ الغسل عن كراع؟ ما معناه؟ الغسل عن كراع؟
طالب:...
تعرف كراعًا هذا؟ معروف؟
طالب:...
وفي المحكم من له المحكم؟ ابن سيده، الغسل عن كراع.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
كراع الرجل؟ هضمته، إمام من أئمة اللغة، لقبه: كُرَاع النمل، هذا ماذا يصير كراع النمل، ماذا كبره؟
طالب:...
ماذا؟ هذا لقب لإمام من أئمة اللغة، والتنقية الغسل عن كُراع يعني نقلاً عن كراع، والغسل هو التنقية نقلاً عن أبي عبيد.
كمِّل.
"والتنقية عن أبي عبيد".
القاسم بن سلَّام من الأئمة الثقات في اللغة، والعقيدة والدين والعلم.
"والدلك عن ابن الأنباري، وقيل: الإمرار على الأسنان من أسفل إلى فوق، واستدل قائله بأنه مأخوذ من الشوصة، وهي ريح ترفع القلب عن موضعه، وعكسه الخطابي فقال: هو دلك الأسنان بالسواك أو الأصابع عرضًا".
بالسواك أو الأصابع هذا يفيد أن ما في حكم السواك مما يزيل ما على الأسنان، والفم يأخذ حكمه من خِرقة أو منديل من هذه المناديل الموجودة، أو أصبع خشنة أو طرف الثوب وطرف الشماخ يعني ما معك سواك، تريد أن تطبق السُّنَّة، ماذا تصنع؟ الأصابع الآن الخشنة قليلة جدًّا كانت موجودة، لكنها الآن تنعَّم الناس، فما بقي إلا إما طرف الشماخ أو شيء من منديل أو نحوه، على خلاف بينهم هل يقوم مقامه مقام السواك غيره، أم أن هذا خاصٌّ بالعود الذي يتسوَّك به؟ إذا نظرنا إلى العلة قلنا: إن المطلوب هو الإزالة، فإذا حصلت الإزالة، حصل ما ترتب عليها.
طالب:...
ماذا فيه؟
طالب:...
طيب، لو أتيت بشماخك هكذا فماذا يصير؟ لو احتجت إلى أن تتمخط فيه ماذا يصير؟
طالب:...
هذه الأصبع ليس الفم، الأصبع يزال فيه إزالة القذر وكل شيء، أما تزيل مخاطك بيدك لو ما صار عندك شيء؟ عند الناس، نعود إلى مسألة السواك هل هو عبادة محضة أو إزالة قذر من غير نظر إلى عبادة أو خليط بينهما مركب منهما؟ والله إذا لم يوجد مثله فلا تضيع السُّنَّة، إذا لم يوجد سواك فإذا وُجد السواك تعيَّن، أما إذا لم يوجد فلا تضيع السُّنَّة، على كل حال العلة معقولة.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
العلة وهي التنظيف معقولة، فبأي شيءٍ تحققت العلة يحصل الحكم، وإن تفاوت حكم الفرع عن الأصل.
طالب:...
عند الحاجة، نعم عند الحاجة.
طالب:...
انظر كلام الخطابي.
طالب:...
قال: هو دلك الأسنان بالسواك أو الأصابع عرضًا، الأصابع عرضًا حصل بها دليل؟ أبدًا، إنما هو من باب الإلحاق بالسواك، وينصون على الأصبع أن تكون خشنة؛ لأن الأصبع الناعمة ما تفعل شيئًا.
"قال ابن دقيق العيد: فيه استحباب السواك عند القيام من النوم; لأن النوم مقتضٍ لتغير الفم؛ لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة".
في كتب الحنفية كراهية التسوك في المسجد أصلاً ما يتسوك في المسجد؛ لأنه إزالة قذر، والصحابي يقول: إنهم يستاكون في الصلاة قبل الدخول في الصلاة، وهو موضع السواك من أحدهم، موضع القلم من أذن الكاتب، موضع القلم من أذن الكاتب، الكاتب أين يضع القلم؟ ما يكون في جيبه، ما عندهم جيوب.
طالب:...
في الأذن، نعم.
"والسواك آلة تنظيفه فيستحب عند مقتضاه، قال: وظاهر قوله: "من الليل" عام في كل حالة، ويحتمل أن يُخَصَّ بما إذا قام إلى الصلاة. قلتُ: ويدل عليه رواية المصنف في الصلاة بلفظ: "إذا قام للتهجد" ولمسلم نحوه، وحديث ابن عباس يشهد له".
إذا كانت العلة معلومة دار معها الحكم، إذا قام من الليل، الآن كثير من الناس تغيرت أحوالهم وانقلبت، فنومهم الرئيس بالنهار وليس بالليل، كثير من الناس على هذا، فإذا نام خمس ساعات بعد صلاة الصبح وقام إلى صلاة الظهر يقول: العلة ليست موجودة؛ لأن العلة بالليل؟ وهو بالليل ما نام إلا ساعة واحدة، وما تغير.
"وكأن ذلك هو السر في ذكره في الترجمة. وقد ذكر المصنف كثيرًا من أحكام السواك في الصلاة وفي الصيام كما ستأتي في أماكنها، إن شاء الله تعالى".
هو مشروع عند كل صلاة، عند كل صلاة، لكن هل الصلوات المتتابعة كالمجموعتين أو صلاة التراويح أو الصلاة صلاة الليل بركعتين ركعتين هل هو حكمها حكم الصلاة الواحدة أو كل صلاة لها حكمها المنفرد؟ فيُطلب لكل صلاة استفتاحًا، وكل صلاة لها تعوذ، يعني في صلاة التراويح مثلاً يتسوك في كل ركعتين أم إذا تسوك في أول الأمر اكتفى؟ لأنه في البداية يشوص فاه في البداية عند الحاجة إليه، وما عدا ذلك الحاجة ليست داعية، وإن كان قوله -عليه الصلاة والسلام-: «عند كل صلاة» يشمل هذه الصورة.
طالب:...
أين؟
طالب:...
يقول: من الذي يقول: أُع أُع؟ من الذي يقول: أُع أُع، أو أنه صوت السواك؟
قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب دفع السواك إلى الأكبر، وقال عفان: حدثنا صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أراني أتسوك بسواك، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر، فناولت السواك الأصغر منهما، فقيل لي: كبِّر! فدفعته إلى الأكبر منهما».
قال أبو عبد الله: اختصره نعيم عن ابن المبارك عن أسامة عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-".
يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- : "باب دفع السواك إلى الأكبر" لا شك أن ملاحظة الكبير وتقديم الكبير على الصغير أمر شرعي جاءت به النصوص التي منها هذا الحديث، وفي حديث القسامة عبد الله سهل لما قُتِل من قِبَل اليهود أخذ أخوه يتكلم فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: «كبِّر كبِّر!»، فجعل البداءة للأكبر، وهكذا الاحترام للكبير وتقديمه على الصغار هذا أمر شرعي مقرر في الشريعة، ومنها ما في هذا الحديث، لذلك يُبدأ بالأكبر في البداءة بالشيء، سقي الماء، الطعام، في تناول المشروبات الحديثة، وكل شيء يبدأ بالكبير، ما لم يترتبوا، فإذا ترتبوا فالأيمن فالأيمن، يعني بعد البداءة بالكبير يعطى من عن يمينه إلى آخره، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في تقديم الأعرابي على أبي بكر، في حديثٍ قدَّم ابن عباس على أبي بكر؛ لأنه عن يمينه، فإذا لم يترتبوا فيقدَّم الأكبر على الأكبر، في الخروج والدخول يقدَّم الأكبر.
وقد يتعارض تقديم الأكبر مع تقديم الأيمن، ويدخل في هذا مسألة الإيثار، في مسائل يطول تعدادها.
"باب دفع السواك إلى الأكبر" يعني قد يتعجب السامع الذي استقر عنده هذا الأمر، من كون النبي -عليه الصلاة والسلام- بدأ بالأصغر، فناولت السواك الأصغر منهما.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
يعني لا، ليتقرر الحكم، ليتقرر الحكم؛ لأنه لو لم يحصل هذا مرَّ الحكم بدون أن يتعرَّض له، "وقال عفان" هذا تعليق أم متصل؟ سيأتي في كلام الإسماعيلي أن البخاري أخرجه بلا رواية، يعني معلقًا، قال: "حدثنا صخر بن جويرية عن نافعٍ" مولى ابن عمر"، عن ابن عمر" عن مولاه، "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَراني»" أُراني أظنني، لكن هذا متيقن، «أراني أتسوك بسواك» وهل هو رؤيا أو يقظة؟
سيأتي ما يبينه في كلام الشارح، إن شاء الله تعالى.
«فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر» كبير وصغير، «فناولت السواك الأصغر منهما» كلام واضح، «فقيل لي: كبِّر!» قال له ملك: كبِّر يعني ادفع السواك إلى الأكبر، "«فدفعته إلى الأكبر منهما»، قال أبو عبد الله –هو الإمام البخاري -رحمه الله-: اختصره نعيم" ابن حماد، "عن ابن المبارك عن أسامة" ابن زيد الليثي، "عن نافع" مولى ابن عمر عن ابن عمر".
قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: (باب دفع السواك إلى الأكبر) وقال عفان: قال الإسماعيلي: أخرجه البخاري بلا رواية، قلت: وقد وصله أبو عوانة في صحيحه عن محمد بن إسحاق الصراني وغيره عن عفان، وكذا أخرجه أبو نعيم والبيهقي من طريقه، قوله: «أراني» بفتح الهمزة من الرؤية، ووهم من ضمها وفي رواية المستملي: «رآني»".
لأن الضم يقتضي الظن، وهذا مجزوم به سواء كان رؤيا أو يقظة.
"وفي رواية المستملي: رآني بتقديم الراء والأول أشهر، ولمسلم من طريق علي بن نصر الجهضمي عن صخر: «أراني في المنام»".
أَراني.
طالب: أُراني في المنام.
ماذا؟
طالب: أُراني في المنام.
مضبوط عندك؟
طالب:...
أراني، أظن أُرى أظن.
"ولمسلم من طريق علي بن نصر الجهضمي عن صخر: «أَراني في المنام» وللإسماعيلي: «رأيت في المنام» فعلى هذا من الرؤيا، قوله".
رؤيا النبي -عليه الصلاة والسلام- حق.
"قوله: «فقيل لي» قائل ذلك له جبريل –عليه السلام- كان سيذكر من رواية ابن المبارك، قوله: «كبِّر» أي قدِّم الأكبر في السن، قوله: (قال أبو عبد الله) أي البخاري، (اختصره) أي المتن، (نُعَيم) هو ابن حماد، وأسامة هو ابن زيد الليثي المدني، ورواية نُعَيمٍ هذه وصلها الطبراني في الأوسط عن بكر بن سهل عنه بلفظ: «أمرني جبريل أن أكبِّر»، ورويناها في الغيلانيات من رواية أبى بكر الشافعي عن عمر بن موسى عن نعيم بلفظ: «أن أقدم الأكابر»، وقد رواه جماعة من أصحاب ابن المبارك عنه بغير اختصار، أخرجه أحمد والإسماعيلي والبيهقي عنهم بلفظ: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستن، فأعطاه أكبر القوم، ثم قال: «إن جبريل أمرني أن أكبِّر»، وهذا يقتضى أن تكون القضية وقعت في اليقظة، ويجمع بينه وبين رواية صخر أن ذلك لما وقع في اليقظة أخبرهم -صلى الله عليه وسلم- بما رآه في النوم تنبيهًا على أن أمره بذلك بوحي متقدِّم، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض.
ويشهد لرواية ابن المبارك ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستن، وعنده رجلان فأوحى إليه أن أعط السواك الأكبر. قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السِن في السواك".
وأُوحي إليه أن أعط السواك الأكبر يعني بعد بعد أن أعطاه الأصغر بعد أن أعطاه الأصغر أُوحي إليه أن يعطيه الأكبر، قال ابن بطال..
"قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السِن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام، وقال المهلب: هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة حينئذ تقديم الأيمن، وهو صحيح، وسيأتى الحديث فيه في الأشربة.
وفيه أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه إلا أن المستحب أن يغسله ثم يستعمله، وفيه حديث عن عائشة في سنن أبي داود قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيني السواك لأغسله، فأبدأ به فأستاك ثم أغسله ثم أدفعه إليه. وهذا دال على عظيم أدبها وكبير فطنتها؛ لأنها لم تغسله ابتداءً حتى لا يفوتها الاستشفاء بريقه".
رجاء بركة ريقه -عليه الصلاة والسلام-، وأما الاستياك بسواك الغير فهذا إذا كان ممن لا يتقذر منه ويتقزز كلعق يده من زوجة أو ولد أو ما أشبه ذلك، وإلا إذا كان يتقذر يغسله قبل ذلك.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، من يتقذر منه -عليه الصلاة والسلام-؟ بل كلهم يطلب ذلك؛ رجاء بركته.
"وهذا دال على عظيم أدبها وكبير فطنتها؛ لأنها لم تغسله ابتداءً حتى لا يفوتها الاستشفاء بريقه -صلى الله عليه وسلم- ثم غسلته تأدبًا وامتثالاً، ويحتمل أن يكون المراد بأمرها يغسله تطييبه وتليينه بالماء قبل أن يستعمله، والله أعلم".
يعني ما يتداول بين الناس اليوم أنهم كانوا يشربون، الفئام يشربون من الإناء الواحد، وما أُتي الناس إلا من شدة الحذر، وما ضعفت مقاومتهم إلا من شدة اتقاء المرض، وكل من يتحرى ويتحرز من شيء يُبتلى، وينشأ عن ذلك ضعف التوكل على الله، ينشأ من ذلك وإلا فالناس كلهم كانوا يشربون في إناء واحد، يشربون في إناء واحد، وآنيتهم مشتركة، وإلى عهد قريب الناس يشربون من الزير وما أشبه، أو من البئر أو من القِرَب، والإناء واحد الذي يشربون منه.
وأحمد أمين في حياتي كتاب أسماه حياتي ترجمة ذاتية له، وأيضًا ذكره في فيض الخاطر، يقول: دخلنا الكُتَّاب، دخلنا الكُتَّاب فإذا به غرفة مسقوفة بسقفٍ يتناثر منه التراب والغبار علينا، والماء في زيرٍ، والكأس المربوط في الزير يقع في أسفله، داخل الزير في أسفل الماء، فإذا أراد أحدنا أن يشرب غمس يده إلى الإبط ليستخرج هذا الإناء ويشرب ثم يشرب الثاني الذي بعده وهكذا، ومشيت أمورنا، والأكل إذا جيء بشيء بطعام: فول أو شيء يأكلون منه مع الخبز ... يستعملونه بطرق ذكر فيها شيئًا مما يتقذره الناس اليوم، ومع ذلك الإصابة نادرة، يقول هو، وعشنا في شظف من العيش وشدة وتسلُّط من المقرئ والمكان قذر، وذكر أشياء يعني نظير ما كان موجودًا عندنا في الكتاتيب أو قريبًا منه، ما فيه ترتيب ولا تنظيم، وفيه جِد وحزم، وقد يكون فيه نوع ظلم أحيانًا، ومشت أمورهم.
ثم يقول: جاء الولد، ولد أحمد أمين، فراح به إلى الكُتَّاب فاستقبلتني سيدة سافرة تلبس القصير، في فناء مزروع إذا عطس الولد حرموه من دخول الكُتَّاب لمدة أسبوع، وإذا فعل، وإذا فعل،،، من أنواع الاحتياط والحذر، في كلام طويل لأحمد أمين في دقة تصوير، وفيه تشويه وتقبيح للأول ونهاية الاحتياط والنظافة في الثاني.
ثم قال: والنهاية أن حفظت القرآن، ولم يحفظ ابني شيئًا، هذه الخاتمة أن حفظت القرآن في تلك الظروف، والتدليع والدلال الذي رأوه وما حفظوا شيئًا، وليس معنى هذا أن الإنسان ينزل بمستواه عما يليق به، أو يزاول ما يستقذر أو يُمتهن، كل وقت وكل ظرف له ظروفه، لكن مع ذلك كثرة التدليل والتدليع هذا ضرر، ضرر، له آثاره السيئة، والحزم وضبط الأمور تنتج، ما لم يصل إلى حد الظلم، والله المستعان.
فكونه يستاك بسواك أخيه أو هذا إذا لم يستقذر ذلك، الريق طاهر، والذي سبق في الباب السابق عن بعضهم أن الريق إذا انفصل كان نجسًا كلام ساقط، وإلا فما معنى الرقية؟ ترقي بريق نجس؟ هذا يقبله أحد؟
يعني نظير ما قيل في شعر الآدمي إذا انفصل فهو نجس، فهو نجس، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما وزّع شعره على الناس في حجة الوداع بعضهم ما استثنى ولا النبي -عليه الصلاة والسلام- من نجاسة الشعر، لكن يقول: مصلحة راجحة، استشفاء، هذا كلام مقبول؟ لا يقبل مثل هذا.
طالب:...
ما يصير، مثله الريق، يقول: إذا انفصل صار نجسًا، كيف يستشفى به وهو نجس؟
طالب:...
كيف؟
طالب:...
لا ما يلزم، لا لا ما يلزم أن يكونوا من الملائكة، عنده رجلان رجلان، ناول الأصغر.
طالب:...
نعم، جبريل الذي قال له: كبِّر، جبريل الذي أمره بأن يكبِّر يقدم الأكبر، على كل حال ليس معنى هذا أننا نتنازل ونتقذر ونغمض العينين عما لا نشتهيه، فالمسألة ذوق ، كلٌّ له ما يناسبه، لكن لا شك أن الظروف اختلفت، أو إلى وقت قريب قبل وجود الماء في هذه المواسير، وفي هذه الأمور المعقمة والمنظفة، كان الماء فيه شُحّ، وكانوا يتناولونه من الآبار والسواقي، وفيه شيء وسخ، وبعضها فيه حشرات، وبعض الناس إلى وقت قريب يعني من أربعين سنة أدركناهم ما هو الفلتر؟
الفلتر عنده إما شماخ وإما الغطرة يضع على الإناء ويشرب، ثم بعد ذلك يخرج هذا أسود، وتوجد المقاومة في الأبدان أكثر مما هو الآن.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
نعم، ماذا فيه؟
طالب:...
بعد أن استاكت به وغسلته كما سيأتي، تقدَّم بعد.
طالب:...
وتقدَّم. قرأت فضل من بات؟
اقرأ.
طالب:...
اقرأ الباب نعم.
طالب:...
على سبيل المذاكرة، يقولون: لا يعدل عن صيغة التحديث إلى صيغة القول إلا إذا كان على سبيل المذاكرة، وهذا الكلام ليس بمطَّرد، هذا الكلام ليس بمطَّرد؛ لأن فيه أحاديث ساقها بالقول، وفي موضع آخر بالتحديث، ما يلزم.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
أنت تتبعته؟
طالب:...
لكن أنت تتبعت السبب؟
طالب:...
نعم، خلاص تتبع!
قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب فضل من بات على الوضوء.
حدثنا محمد بن مقاتل قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا سفيان عن منصور عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت، فإن مُتَّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به».
قال: فرددتها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، قلت: ورسولَك".
ورسولِك.
"ورسولِك، قال: «لا، ونبيك الذي أرسلت»".
يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب فضل من بات على الوضوء" فضل من بات على الوضوء؛ لأنه قال: «إذا أتيت مضجع فتوضأ وضوءك للصلاة» فتوضأ وضوءك للصلاة، وإذا كان على طهارة قبل ذلك يتم الامتثال لو لم يتوضأ، أو لا بد أن يتوضأ وضوءه للصلاة ولو كان على طهارة؟
طالب:...
هنا يقول: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة» وأما قوله: باب فضل من بات على الوضوء فيشمل الصورة الثانية، أما لو كان على وضوء بعد صلاةٍ أو قراءةٍ ثم نام مباشرة قبل أن ينتقض وضوؤه يكفي، وقوله: فتوضأ وضوءك للصلاة كما سيأتي يحتمل أنه إذا لم يكن على طهارة، والتجديد أيضًا مستحب عند أهل العلم.
طالب:...
الأصل، لا نقيس حالنا على حالهم، هم ما عندهم شيء يسمى نوم النهار إلا القيلولة إلا القيلولة، ولكن هل في القيلولة أو أي نوم في النهار يقال فيه مثل هذا الذكر؟ هذا مرادك؟ سيأتي.
طالب:...
نعم، لكن إذا إذا أتيت مضجعك، هو مضجع سواء كان بالليل أو بالنهار، هو الكلام، لكن جزء الامتثال إذا أتيت مضجعك، نحن ناس أعمالهم كلها بالليل، يعني يحرمون من هذه السنن، يأتون بما يقدرون عليه، فضل من بات يعني نام، والأصل البيتوتة أن تكون بالليل هذا الأصل، ومن كان عمله بعكس ذلك فإنه ينتقل حكمه إلى النهار، ولا يحرم من امتثال هذه السُّنَّة بالكلية، في القرآن بياتًا أو نهارًا فقابل البيات بالنهار فدل على أن البيات بالليل.
قال: "حدثنا محمد بن مقاتل قال: أخبرنا عبد الله" وهو ابن المبارك، "قال: أخبرنا سفيان" ابن عيينة أم الثوري؟ على القاعدة الثوري؛ لأنه بينه وبين البخاري اثنان.
"عن منصور" وهو ابن المعتمر، "عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أتيت مضجعك»" يخاطب البراء، يقول -عليه الصلاة والسلام-: «إذا أتيت مضجعك» مكان الاضطجاع وهو الفراش إذا أتى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بصنفةِ إزاره، فالمضجع هو مكان الاضطجاع، وهو الفراش، أو ما يريد النوم فيه في أي مكان، يعني ولو لم يكن لو أراد أن ينام بالمسجد نقول: لازم لأن يقول مضجعك الفراش؟ لا، ما يلزم، المراد مكان الاضطجاع، «فتوضأ وضوءك للصلاة»، وهل يتوضأ ولو كان على طهارة، أو تكفيه تلك الطهارة؟
المقصود أن ينام على طهارة، ولذلك ترجم: باب فضل من بات على الوضوء، «ثم اضطجع على شقك الأيمن»، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ولا شك أن الاضطجاع على الشق الأيمن هذا هو السُّنَّة، جاء من قوله وفعله -عليه الصلاة والسلام-، ومن أجل ذلك قالوا: إن العلة أنه إذا اضطجع على شقه الأيسر ضغط على القلب واستغرق في نومه، وقد يفوته من الخير ما يفوته، إذا كان القلب متعلقًا ما ضغط عليه أسرع في الاستيقاظ.
"«ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل» ثم قل هذا الذكر، «اللهم أسلمت وجهي إليك» يعني استسلمت، «وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك» كلها متقاربة فيها معنى التفويض لله والاستسلام، والانقياد، تسليم الأمر، تسليم النفس، تسليم الروح، تسليم البدن لله -جل وعلا- ، «وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك» يعني فيما أطلبه وفيما أحاذره كل هذا بين يديك، «لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك» لا ملجأ إلا من الله إلا إليه، من أين يذهب المخلوق إذا طُلب من خالقه؟ لا ملجأ من الله إلا إليه ولا منجى ولا نجاة من الله ولا مفر منه إلا إليه، «اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت»، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت» وهو القرآن، «وبنبيك الذي أرسلت» وهو محمد -عليه الصلاة والسلام-، ولا بد من الإيمان بالكتاب وبكتب الله كلها التي أنزلها على رسله ما عُرف منها يؤمَن به على وجه الخصوص، وما جُهل فيؤمَن به على سبيل الإجمال، وبنبيك الذي أرسلت، وكذلك الرسل لا بد من الإيمان بهم كلهم.
«فإن مُتَّ من ليلتك فأنت على الفطرة» ما فيه شك أن الدعاء فيه الاستسلام والانقياد لله -جل وعلا-، «فإن مُتَّ من ليلتك فأنت على الفطرة» على الدين، على الإسلام، «واجعلهن آخر ما تتكلم به»، في بعض الروايات: «من آخر» الرواية الأولى: «آخر» معناه أنه لو تكلمت بعدهن بشيء تعيد، ليكون هذا الذكر آخر ما تتكلم به، وإذا قيل بالرواية الأخرى: «من آخر» لا تلزم الإعادة، لكن لا يلزم أن يكون بعدها أو لا يتم الامتثال فيما إذا كان بعدها كلام طويل من أجل أن تكون في الآخر، ولو لم تكن من الآخر؟
طالب:...
ماذا؟ على المجموع على المجموع.
طالب:...
هو استنبط هذا الحكم من هذا الحديث، ولا يلزم أن يكون الحكم واحدًا، الحديث يؤخذ منه أحكام كثيرة جدًّا، منها هذا الحكم الموافق لهذا الموضع، البخاري يأتي بالحديث الواحد في عشرين موضع وكل موضع يستنبط منه حكم غير الذي استنبطه.
طالب:...
يتحقق له الفضل، لكن ما يترتب عليه الفضل الكامل.
طالب:...
ماذا؟ والعكس.
طالب:...
قال: الذكر له نصيبه. فلما "قال: فرددتها على النبي" البراء بن عازب أراد أن يتحفظ ما سمع ويتأكد من حفظه، فعرضه على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فعرضه على النبي -عليه الصلاة والسلام-، رواه أولاً بطريق السماع، ثم أراد أن يأخذه بطريق العرض، وهي القراءة على المحدِّث، قال: "فرددتها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت" قال هذا، "قلت: ورسولك" يعني الذي أرسلت، "قال: «لا، لا، ونبيك الذي أرسلت»" يعني في هذا الموضع لو قال قائل: ورسولك الذي أرسلت يتم الامتثال؟ لا؛ لأن الحديث نصّ في الموضوع، وفي مواضع أخرى لو أبدل لفظ الرسول أو النبي بالرسول أو العكس؟
طالب:...
صحيح؟
طالب:...
على حسب السياق، إذا كان المقصود بالسياق الذات فالنبي والرسول واحد، الذات يعني بدل ما تقول: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، تقول: قال النبي –صلى الله عليه وسلم- أو قال أبو القاسم أو قال الصادق المصدوق يتغير الحكم؟ هو الذات واحدة، لكن في مثل هذا الموضع الذي يلتفت فيه إلى المعنى؟
طالب:...
ومنهم من يقول: إن الذكر توقيفي، لكن الأذكار جاءت في الصحيحين وغيرها بألفاظ مختلفة، فيعتريها ما يعتري غيرها من جواز الرواية بالمعنى، لكن إذا كان اللفظ المراد تغييره لا يؤدي معناه غيره مثل ما عندنا لا تجوز الرواية بالمعنى وإلا فالأذكار كغيرها، منهم من قال: إن الأذكار توقيفية، لا يتصرف فيها، وتروى كما هي أخذًا من هذا الحديث.
طالب:...
قالوا: إن الأذكار توقيفية، لكن أنت لو جمعت أحاديث الأذكار، وجمعت الحديث هذا الحديث في مسلم، وهذا في البخاري، وكلها أذكار ما تجد اختلافًا؟
طالب:...
نعم فيه، هذا الحديث فيه اختلاف.
طالب:...
لا لا، الأذكار كغيرها من الأحاديث، حتى الأحاديث القدسية تروى بالمعنى بدليل أن الحديث القدسي تجده في البخاري بلفظ، وفي مسلم بلفظ آخر، اختلاف في المعنى، ولذا عامة أهل العلم على جواز الرواية بالمعنى ممن لديه الأهلية في التمييز بين الألفاظ والمعاني، ويكون عارفًا بما تختلف فيه تلك الألفاظ وبما يحيل المعاني.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
تعبد بلفظه مثل إيش؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
طيب التشهد هل هو جاء بلفظ واحد؟
طالب:...
نفس الصيغة المحفوظة الثابتة ما تجتهد فيها؛ لأن هذه عبادة لا يدخلها الاجتهاد، لكن اللفظ المروي على أكثر من وجه تأتي به على وجه واحد، يكون اختلاف تنوع.
طالب:...
أين؟ هذه مواضع عبادة، هذه مواضع عبادة، وفيه عبادة توقيفية في الصلاة، لكن في خارج الصلاة؟
طالب:...
تبغي أن تصلي على النبي ما تأتي إلا بالتي في التشهد؟
لا.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
يعني بنبيك -صلى الله عليه وسلم- الذي أرسلت؟
طالب:...
هو مما ورد فيه الأمر بالصلاة عليه كلما ذُكِر يتناول هذا، لكن أيضًا إدخال الصلاة على النبي- عليه الصلاة والسلام- في موضع لم يدخَل فيه من قِبله -عليه الصلاة والسلام- يعني ما يمنع أنك إذا انتهيت صليت على النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لكن أنت ملتزم بلفظ، بنبيك الذي أرسلت.
طالب:...
إذا انتهيت صلِّ على النبي ما فيه إشكال، يكون من آخر، ما يضر هذا.
نعم.
"(قوله: باب فضل من بات على الوضوء) ولغير أبي ذر: على وضوء، (قوله: أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك، وسفيان هو الثوري، ومنصور هو ابن المعتمر، قوله: «فتوضأ» ظاهره استحباب تجديد الوضوء لكل من أراد النوم، ولو كان على طهارة، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بمن كان محدثًا".
الترجمة تشمل من لم يجدد الوضوء؛ لأنه بات على طهارة، بات على الوضوء، ولفظ الحديث يوحي باستحباب التجديد.
"ووجه مناسبته للترجمة من قوله: «فإن متَّ من ليلتك فأنت على الفطرة»".
هذا دليل على الاستحباب.
"والمراد بالفطرة السُّنَّة، وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرِهما من طرق عن البراء".
غيرُهما.
"وغيرُهما من طرق عن البراء، وليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية، وكذا قال الترمذي، وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود، وحديث عن علي أخرجه البزار، وليس واحد منهما على شرط البخاري، وسيأتى الكلام على فوائد هذا المتن في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى، قوله: «واجعلهن آخر ما تقول» في رواية الكُشْميهَني: «من آخر» وهى تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئًا مما شرع من الذكر عند النوم".
أنه لا يمتنع يعني رواية الكشميهني لا يلزم أن تكون آخر كلامه، ولو ذكر الله بعد ذل، لكن يلزم منه ألا يتكلم بكلام كثير طويل؛ لأن قد يكون هذا الذكر في وسط كلامه لا في آخره، وقد يكون في أوائله، لكن المقصود أن يكون في آخره، فلا يكون بعده إلا قليل بالنسبة، أو هو آخر على ما جاء في الصحيح.
طالب:...
نعم. لحظة.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
لا لا، هو الأمر محتمِل، تبعًا للرواية إن كان آخر فلا تتكلم بعده إذا كان آخر ما تقول لا تتكلم بعده، وإذا كان من آخر فلا يلزم أن تتكلم بكلام في نفس الموضوع في الأذكار، لكن لا يلزم أن يكون آخر شيء هذا، وأذكار النوم قال ابن القيم: وهي نحو الأربعين، أذكار النوم نحو الأربعين، أربعون ذكرًا، ذكره ابن القيم في طريق الهجرتين، وهو يتحدث عن حال المقربين، أنهم يحافظون على أذكار النوم، قال: وهي نحو الأربعين.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
ماذا يدريك؟ ابن القيم ينتقي الضعاف؟
طالب:...
ماذا؟ ويتعبد بها؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
نعم؟
طالب:...
لا لا، هو منهجه عدم الاحتجاج بالضعيف، لكن في باب الفضائل وهو ليس على رأي الجمهور مطلقًا، لكن قد يرد في كلامه شيء ضعيف، لكن يقرر ويقعِّد العمل بالضعيف؟ لا، كونه يوجد في كتبه لا يعني أنه يراه ويعتبره، ويعتمده، لو أدخل، شيخ الإسلام وهو يشدد على الأحاديث الضعيفة الكلم الطيب فيه أحاديث ضعيفة.
طالب: ...
الأحكام أنت لا تنظر، تتصيد غفلات أهل العلم، الكلام على التقعيد،، وكونه يرد في كلامه ما ينقض هذا التقعيد ليس معصومًا، وشيخ الإسلام أحيانًا يستدل بالحديث مع علمه بضعفه لما يدعمه ويسنده من عمومات وقواعد كُلِّيّة من نصوص كتاب وسنَّة وأخرى.
طالب:...
معروف منهجه، نعم.
طالب:...
من الذي ما كمَّل؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
نعم؟
طالب:...
أربعون قلت لك: هي أربعون تقول أنت: لا.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
يقول لك: المقربون لا ينامون حتى يقرؤوا أذكار النوم وهي نحو الأربعين، هؤلاء المقربون يتعبدون بضعاف؟ أنا قلت للشيخ ابن باز يقول: أربعين، قال: ولا نصفهن، كلٌّ ينفي ويثبت على حسب ما وصل إليه، وفوق كل ذي علم عليم، يعني كوننا نتكاثر أو نبحث في كتب الأدعية والأذكار ولا نجد هذا العدد لا يعني أن ابن القيم ما وقف، لا يعني أن ابن القيم ما وقف على على العدد الذي يطلقه، هو ما يتحدث من فراغ.
طالب:...
أين؟ هو من أحاديث الأذكار، ماذا فيه؟
طالب:...
كتاب الوضوء في فضل من بات على وضوء أو على الوضوء وفيه «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة».
طالب:...
لا، هو ما زال في كتاب الوضوء آخر حديث في الوضوء، «واجهلن آخر» مناسب لكونه آخر حديث، وله ملاحظ أخرى.
"قوله: «قال: لا، ونبيك الذي أرسلت» قال الخطابي: فيه حجة لمن منع رواية الحديث على المعنى، قال: ويحتمل أن يكون أشار بقوله: ونبيك إلى أنه كان نبيًّا قبل أن يكون رسولاً، أو لأنه ليس في قوله: ورسولك الذي أرسلت وصف زائد، بخلاف قوله: ونبيك الذي أرسلت".
لأن ورسولك الذي أرسلت تدور على لفظ واحد ومادة واحدة، وإذا قال: ونبيك الذي أرسلت صار على لفظين من مادتين ففيه زيادة.
"وقال غيره: ليس فيه حجة على منع ذلك؛ لأن لفظ الرسول ليس بمعنى لفظ النبي، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى فكأنه أراد أن يجمع الوصفين صريحًا، وإن كان وصف الرسالة يستلزم وصف النبوة، أو لأن ألفاظ الأذكار توقيفة في تعيين اللفظ وتقدير الثواب، فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر، ولو كان يرادفه في الظاهر، أو لعله أوحى إليه بهذا اللفظ فرأى أن يقف عنده أو ذكره احترازًا ممن أرسل من غير نبوة كجبريل وغيره من الملائكة؛ لأنهم رسل لا أنبياء، فلعله أراد تخليص الكلام من اللبس، أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول؛ لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفًا، وعلى هذا فقول من قال: كل رسول نبي من غير عكس لا يصح إطلاقه، وأما من استدل به على أنه لا يجوز إبدال لفظ قال: نبي الله مثلاً في الرواية بلفظ قال رسول الله وكذا عكسه، ولو أجزنا الرواية بالمعنى فلا حجة فيه".
لأن الذات المتحدث عنها واحدة لا تختلف، سواء قلنا: قال نبي الله أو قال رسول الله، أو قال محمد -عليه الصلاة والسلام-، أو قال أبو القاسم أو قال الصادق المصدوق كل هذه الألفاظ تدل على ذات واحدة، والمقصود الحديث عن هذه الذات.
"وكذا لا حجة فيه لمن أجاز الأول دون الثاني؛ لكون الأول أخصّ من الثاني؛ لأنا نقول: الذات المخبر عنها في الرواية واحدة، فبأي وصف وصفتَ به تلك الذات من أوصافها".
وُصِفت.
"فبأي لفظ وُصِفت به تلك الذات من أوصافها اللائقة بها عُلِمَ القصد بالمخبَر عنه ولو تباينت معاني الصفات، كما لو أبدل اسمًا بكنية أو كنية باسم، فلا فرق بين أن يقول الراوي مثلاً عن أبي عبد الله البخاري أو عن محمد بن إسماعيل البخاري".
أو عن البخاري أو عن ابن إسماعيل إلى آخره كلها ذات واحدة.
"وهذا بخلاف ما في حديث الباب فإنه يحتمل ما تقدم من الأوجه التي بيناها من إرادة التوقيف وغيره والله أعلم.
تنبيه: النكتة في ختم البخاري كتاب الوضوء بهذا الحديث من جهة أنه آخر وضوء أمر به المكلف في اليقظة، ولقوله في نفس الحديث: «واجعلهن آخر ما تقول» فأشعر ذلك بختم الكتاب. والله الهادي للصواب.
خاتمة: اشتمل كتاب الوضوء وما معه من أحكام المياه والاستطابة من الأحاديث المرفوعة على مائة وأربعة وخمسين حديثًا، الموصول منها مائةً وستة عشر حديثًا".
مائةٌ.
"مائةٌ وستة عشر حديثًا، والمذكور منها بلفظ المتابعة وصيغة التعليق ثمانية وثلاثون حديثًا، فالمكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثة وسبعون حديثًا، والخالص منها واحد".
قل مثل ما كتب.
"أحد وثمانون حديثًا، ثلاثة منها معلقة، والبقية موصولة، وافقه مسلم على تخريجها سوى تسعة عشر حديثًا، وهى الثلاثة المعلقة وحديث ابن عباس في صفة الوضوء وحديثه: توضأ مرة مرة، وحديث أبي هريرة: «ابغنى أحجارًا»، وحديث ابن مسعود في الحجرين والروثة، وحديث عبد الله بن زيد في الوضوء مرتين مرتين، وحديث أنس في ادخار شعر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحديث أبي هريرة في الرجل الذي سقى الكلب، وحديث السائب بن يزيد في خاتم النبوة، وحديث سعد وعمر في المسح على الخفين، وحديث عمرو ابن أمية فيه وحديث سويد بن النعمان في المضمضة من السويق، وحديث أنس إذا نعس في الصلاة فليتم".
فلينم فلينم.
طالب:...
ماذا؟ فلينم.
"إذا نعس في الصلاة فلينم، وحديث أبي هريرة في قصة الذي بال في المسجد، وحديث ميمونة في فأرة سقطت في سمن، وحديث أنس في البزاق في الثوب، وفيه من الآثار الموقوفة على الصحابة والتابعين ثمانية وأربعون أثرًا الموصول منها ثلاثة، والبقية معلقة، والله أعلم".
وهكذا يفعل الحافظ -رحمه الله- في كل كتاب من كتب الصحيح يضع خاتمة يذكر فيها الأحاديث المرفوعة والموقوفة والموصولة والمعلقة والمكررة من هذا وذاك والمتفق عليه، وأفراد البخاري، وأفراد مسلم في عناية فائقة لا نظير له فيها، ولذلك إذا ذكر عددًا فلا يقدَّم عليه أحد، وخاض الناس في عدد أحاديث البخاري، قال: أربعة، ومنهم من قال: ثلاثة، ومنهم من قال، قال: عدته على التحرير ألفان وخمسمائة وحديثان، يعني من غير تكرير.
فيه أحد يتعقب ابن حجر؟ المعلق منها مما لم يوصل في موضع آخر مائة وستون أو مائة وتسعة وخمسون خلاص، لا تبحث وراءه، رحمه الله، لكن مثل هذا العمل من الحافظ قد يقول قائل: إن الأئمة ما يعتنون بمثل هذا، ويعتبرونه من ضياع الأوقات، ما فيه أحد من الأئمة عثر عنه أنه يعدِّد ويحسب، وبدل ما يحسب هذا الباب وهذا الكتاب وكذا، يحفظ عشرات الأحاديث ومئات الأحاديث، وطريقة السلف مسند الإمام أحمد قال بعضهم: أربعون، وقال بعضهم: ثلاثون ألفًا، المسألة ما هي قليلة، عشرة آلاف حديث، الفرق الربع، وبالتحرير أقل من ثلاثين، وقل مثل هذا في بقية الكتب، مسلم قال ابن سلمة: عشرة آلف حديث، وقال بعضهم: ثمانية، وبالعدد أقل من الثمانية سبعة وكسور بالتكرار، فهذه الأمور لا تعنيهم كثيرًا، ولا شك أن فيها فائدة ومصلحة، لكن مع ذلك إهدار الوقت الطويل بسببها إلا إذا كان مما ينفع به العامة عموم الناس، يعني شخص يطبع كتابًا، ويرتبه، ويرقم أحاديث ما هو بالمسألة قاصرة عليه، كونه أضاع شهرًا في هذا العمل كم يستفيد من هذا العمل؟
يستفيد منه أعداد هائلة، فيغتفر مثل هذا الشهر في سبيل مصلحة العامة. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"