شرح مختصر الخرقي - كتاب الحج (04)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى- بعد أن ذكر أنواع النسك، يقول: فإذا استوى على راحلته لبى فيقول لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. إذا استوى على راحلته وقبل ذلك إذا أهلّ بالنسك من بعد الصلاة يلبّي، ثم يلبي إذا استوت به راحلته أو استقلت به راحلته أو استوى على راحلته، وكذلك لا يزال يلبي إلى أن يصل إلى البيت، يلبي بالتوحيد كما لبى النبي -عليه الصلاة والسلام- لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك خلافا لما كان عليه أهل الجاهلية من التلبية بالشرك- نسأل الله العافية- المناقض للتوحيد، وقد يسمع من بعض من ينتسب إلى الإسلام ويحجون إلى بيت الله الحرام ومع ذلك يحصل منهم الشرك بأنواعه، ويُسمع الشرك الأكبر- نسأل الله السلامة والعافية- من دعاء غير الله -جل وعلا- لتفريج الكربات في عشية عرفة وفي المطاف وفي غيرها من مواطن الإجابة، يُسمع يا فلان من المخلوقين، يا بدوي، يا جيلاني، يا علي، يا حسين، يسمع في المطاف وفي عرفة وفي غيرها من المواطن هذا هو الشرك الذي لبّت به الجاهلية- نسأل الله السلامة والعافية- نقيض ما لبّى به النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول جابر: فلبى بالتوحيد المشركون يقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك، فأبطل النبي -عليه الصلاة والسلام- هذه التلبية وهذا الشرك، ولزم تلبيته التي سمعتم، ولبّى بعض الصحابة بألفاظ صحيحة لا إشكال فيها اجتهادا منهم والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسمعهم ولا ينكر عليهم ومع ذلك لزم تلبيته -عليه الصلاة والسلام- فأولى ما يُلبى به ما لزمه النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يُنكر على من لبى بلفظ صحيح، قال: ثم لايزال يلبي إذا علا نشزا يعني مكانا مرتفعا أو هبط واديا، يلبي إذا ارتفع وإذا نزل، ومع ذلك يقول الأذكار المشروعة في مثل هذه الأحوال، يقول: إذا علونا كبّرنا وإذا هبطنا سبحنا يعني مع التلبية، وإذا التقت الرفاق يعني تخلف بعضهم أو تقدم بعضهم ثم اجتمعوا يلبون يذكر بعضهم بعضا التلبية، وإذا غطى رأسه ناسيا كفارة لما صنع، وكذلك إذا فعل أي محظور من المحظورات فإنه يلبي، وفي دبر الصلوات المكتوبة يلبي بعد أن يستغفر ثلاثا ويذكر الأذكار المشروعة بعد الصلاة المرتبطة بها يلبي، ولا يزال يلبي في أدبار الصلوات إلى صلاة الظهر من يوم العيد، وأما غير الحاجّ فإنه من فجر يوم عرفة يكبّر التكبير المقيّد، وأما بالنسبة للحاج فإنه لا يزال يلبي ثم يبدأ التكبير المقيد بعد صلاة الظهر يوم النحر؛ لأنه مادام في إحرامه مشغول بالتلبية فإذا حل من إحرامه فإنه يكبّر تنتهي التلبية ويبدأ التكبير المقيد، وإن كان التكبير المطلق قبل ذلك لا مانع من أن يجمع بين التكبير والتلبية فمنا الملبي ومنا المكبر ولا ينكر هذا على هذا ولا هذا على هذا، أما بالنسبة للمقيد بأدبار الصلوات فإنه بالنسبة للحاجّ إنما يبدأ بعد صلاة الظهر من يوم النحر ويستمر يلبي إلى أن يباشر أوّل أسباب التحلل ومازال يلبّي حتى رمى جمرة العقبة -عليه الصلاة والسلام- لو قدّم الحلق والطواف على الرمي ولبس ثيابه هل نقول لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة أو أنه بمجرد مباشرة أسباب التحلل نعم يقطع التلبية؛ لأن التلبية لا تناسب مع الإحلال لأنها إنما شرعت للإحرام فلا يلبّي وعليه ثيابه المعتادة إنما إذا باشر أسباب التحلل بالأول من الثلاثة يقطع التلبية، والمرأة أيضا يستحب لها أن تغتسل عند الإحرام، لكن لو أحرمت وهي حائض أو نفساء أو أحرم الجنب من غير اغتسال يصح أو لا يصح؟ يصح الإحرام؛ ولذا قال: "والمرأة أيضا يستحب لها أن تغتسل عند الإحرام وإن كانت حائضا أو نفساء" تدخل في النسك وهي عليها الحدث الأكبر ومثلها الجنب فيصح إحرامه ويصح صومه ولو لم يغتسل، بينما الحائض والجنب لا يصح منهما الصوم بل يحرمان عليها ولا الصلاة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر وكانت قبله تحت جعفر بن أبي طالب المعروف بالطيّار ثم بعد أبي بكر تزوجها علي- رضي الله عنه وأرضاه- لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل كما في حديث جابر الطويل أنها خرجت وقد أخذها طلق مخاض وبعد زمن يسير ولدت في المحرم فأمرها النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تستثفر بما يمنع من سيلان الدم وتغتسل، ومن أحرم وعليه قميص خلعه، الرجل الذي جاء يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- وعليه جُبّة متضمخ بالطيب قال «اخلع عنك الجبّة» ولم يشقه؛ لأن بعض الناس يقول يلزم من خلعه أن يغطي به رأسه وعلى هذا يشقه من الجيب ويخرج منه لئلا يلزم عليه أن يغطي به رأسه، قالوا ولم يشقه؛ لأن هذه تغطية غير مقصودة وفي شقه إضاعة للمال فلا يلزمه هذا، وهذا مما لا يتم الواجب إلا به نظير من تاب من غصب، اغتصب دارا أو أرضا وسكنها ثم تاب من ذلك وأراد أن يخرج نقول استعمالك للأرض في الخروج منها استعمال لمال الغير من غير إذنه فلا يجوز؟ أين يذهب؟ لا بد أن يخرج، مثل هذه الأمور مما لا يتم الواجب إلا بها فهي واجبة، لكن لا يلزم مثل ما قلنا أن يشق القميص؛ لأنه يتلفه، قال: وأشهر الحج شوال الذي يبدأ من يوم عيد الفطر وذو القعدة شوال كامل وذو القعدة كامل أيضا وعشرة أيام من ذي الحجة وبهذا قال الجمهور، ومنهم منهم من يقول تنتهي بطلوع الفجر ليلة النحر فتكون تسعة أيام من ذي الحجة وليست عشرة تسعة أيام من ذي الحجة وليست عشرة لماذا؟ لأن الله جل وعلا يقول { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ } البقرة: ١٩٧  في اليوم العاشر يمكن أن يفرض فيه الحج؟ يمكن أن يحرم بالحج لكن ليلة العاشر يمكن فإذا طلع الفجر من يوم النحر انتهت أشهر الحج التي يفرض فيها الحج، ومن يقول إن العشرة من أشهر الحج وتابعة لأشهر الحج يقول إن اليوم العاشر فيه أركان من أركان الحج فلماذا لا يكون من أشهر الحج؟ اليوم العاشر فيه أكثر أعمال الحج فيه طواف فيه سعي فيه رمي فيه مبيت فيه حلق فيه نحر فكيف لا يكون من أيام الحج ومن..

طالب: لفوات عرفة لفوات عرفة وهو ركن الحج الأعظم.

نعم لكن يقولون أركان الحج في اليوم العاشر فكيف لا يكون من أيام الحج.

طالب: لكن الحج عرفة أحسن الله إليك.

الحج هذا قصر إضافي وليس بحقيقي.

طالب: ..........

والطواف والسعي يجبر؟

طالب: ..........

كيف يطوف ويسعى؟

طالب: ..........

يوم النحر هو يوم الحج الأكبر كما في الحديث، وفيه أكثر أعمال الحج.

طالب: ..........

يعني ما المراد بأشهر الحج؟ { ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞ } البقرة: ١٩٧  يستدل بالآية..

هذا السادس يصلي إلى جهة المشرق، هذا سادس واحد..

يستدل بالآية من يقول إن أشهر الحج الثلاثة كاملة وهذا معروف عند المالكية شوال والقعدة والحجة كاملة، الثلاثة؛ لأن الثلاثة أقل الجمع هذا قول له وجهه لكن يرد عليه{ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ } البقرة: ١٩٧  لا يمكن أن يفرض الحج في اليوم العاشر فما بعده فيتجه القول بأنها شهران كاملان وتسعة أيام إذا أردنا بذلك الدخول في الحج وفرض الحج فلا يمكن أن يدخل في الحج بعد طلوع الفجر من يوم النحر، وإذا قلنا أعمال الحج فإن أعمال الحج لا تنتهي باليوم العاشر وإن كانت فيه أكثر أعمال الحج؛ لأنها تمتد إلى الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر وطواف الإفاضة لا حد له، المالكية يقولون ينتهي بنهاية ذي الحجة يعني قولهم متسق لأن الأشهر ثلاثة وينتهي وقت الطواف في شهر ذي الحجة، لكن على قول من يقول أن أشهر الحج شهران وتسعة أيام أو عشرة يقول أن طواف الإفاضة وهو ركن من أركان الحج لا وقت له وهذا معروف عند الأئمة إذًا ما معنى تحديد الحج بالأشهر الثلاثة أو بالشهرين وشيء من الثالث؟ المقصود أن الأعمال تستمر في هذه المدة أو أن الدخول في النسك لا يتجاوز هذه المدة.

طالب: ..........

كيف؟

طالب: ..........

نعم بالنسبة للاستطاعة رجل عنده أموال وفرط فيها في رمضان يعني بعد أن كُلِّف اجتمعت لديه الأموال في رجب أو شعبان أو رمضان هل يلزمه أن يدخرها للحج؟ نعم يلزمه أن يدخر للحج ما لا يفوّت عليه مصالحه، لا بد أن يدّخر من الحج؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب لو ضيعها أثم ولو كان في غير أشهر الحج.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه قال رحمه الله تعالى:

باب ما يتوقى المحرم وما أبيح له

ويتوقى المحرم في إحرامه ما نهاه الله- عز وجل- عنه من الرفث وهو الجماع والفسوق وهو السباب والجدال وهو المراء، ويستحب له قلة الكلام إلا فيما ينفع، وقد رُوي عن شريح أنه كان إذا أحرم كأنه حية صماء، ولا تفلى المحرم ولا يقتل القمل ويحك رأسه وجسده حكا رفيقا، ولا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس فإن لم يجد الإزار لبس السراويل وإن لم يجد نعلين لبس الخفين ولا يقطعهما ولا فداء عليه ويلبس الهميان ويدخل السيور بعضها في بعض ولا يعقدها وله أن يحتجم ولا يقطع شعرا ويتقلد بالسيف عند الضرورة وإن طرح على كتفيه القباء والدواج فلا بأس ولا يدخل يديه في الكمين ولا يضلل على رأسه في المحمل فإن فعل فعليه دم، ولا يقتل الصيد ولا يصيده ولا يشير إليه ولا يدل عليه حلالا ولا محرما ولا يأكله إذا صاده الحلال لأجله ولا يتطيب المحرم ولا يلبس ثوبا مسه ورس ولا زعفران ولا طيب ولا بأس بما صبغ بالعصفر ولا يقطع شعرا من رأسه ولا جسده ولا يقطع ظفرا إلا أن ينكسر ولا ينظر في المرآة لإصلاح شيء..

إلا.

سم.

ليس فيه إلا؟

مكتوب لإصلاح شيء عندك يا شيخ إلا؟

لا، عندنا إلا.. راجع المغني الشرح موجود؟

طالب: ..........

وش هو؟

طالب: ..........

في الشرح ولا ينظر في المرأة لإصلاح شيء؟!

طالب: كذا عندي.

لا، عندنا إلا لإصلاح شيء.. المغني معك؟ والزركشي معك الزركشي؟

طالب: ..........

سهلة تراجع إن شاء الله.

ولا يقطع ظفرا إلا أن ينكسر ولا ينظر في المرآة لإصلاح شيء ولا يأكل من الزعفران ما يجد ريحه ولا يدهن بما فيه طيب وما لا طيب فيه ولا يتعمد لشمس الطيب ولا يغطي شيئا من رأسه والأذنان من الرأس والمرأة إحرامها في وجهها فإن احتاجت سدلت على وجهها ولا تكتحل بكل أسود.

بكحل أسود.

عندي بكل أسود عندكم بكحل يا شيخ؟

بكحل أسود وش عندك في الشرح بكل؟

طالب: ..........

بكحل؟

طالب: ..........

إيه له معنى هالأصباغ المستعملة الآن ليست بكحل.

طالب: ..........

نعم له وجه وقوي.

طالب: ..........

ماذا يقول؟

طالب: ..........

بكحل.

وتجتنب كل ما يجتنبه الرجل المحرم إلا في اللباس وتظليل المحمل ولا تلبس القفازين.

طالب: ..........

كلنا نشوف إذا وصلنا نحرره إن شاء الله.

ولا تلبس القفازين والخلخال وما أشبهه ولا ترفع المرأة صوتها بالتلبية إلا بمقدار ما تسمع رفيقتها ولا يتزوج المحرم ولا يزوج فإن فعل فالنكاح باطل فإن وطأ المحرم في الفرج فأنزل أو لم ينزل فقد فسد حجهما وعليه بدنة إن كان استكرهها وإن كانت طاوعته فعلى كل منهما بدنة وإن وطأ دون الفرج فلم ينزل فعليه دم فإن أنزل فعليه بدنة وإن قبّل..

فقد فسد حجه عندك؟

سم.

فإن أنزل فعليه بدنة وقد فسد حجه.

بدون وقد فسد حجه فعليه بدنة فقط.

وش عندكم؟

طالب: ..........

يعني ما فيه فرق بين الفرج ودون الفرج.

طالب: ..........

يصير لا فرق.

يصير ما فيه فرق نعم.

في وقته إن شاء الله نرى..

وإن قبل فلم ينزل فعليه دم وإن أنزل فعليه بدنة وعن أبي عبد الله رواية أخرى إن أنزل فسد حجه وإن نظر فصرف بصره فأمنى فعليه دم.

ما الذي عندكم فأمذى؟

فأمنى.

عجيب.

إيه نسختكم يا شيخ فأمذى؟

إيه نعم.

فإن كرر النظر حتى..

طالب: ..........

إيه.

فإن كرر النظر حتى أمنى فعليه بدنة وللمحرم أن يتجر ويصنع الصنائع ويرتجع زوجته وله أن يقتل الحدأة والغراب والفأرة.

ويرتجع زوجته.

وله أن يقتل..

وعن أبي عبد الله رحمه الله رواية أخرى في الارتجاع ألا يفعل.

هذه الجملة ليست موجودة يا شيخ.

نعم؛ لأنه يقول في المغني جعل الرواية عن أبي عبد الله من الشرح وليست من المتن.

وله أن يقتل الحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور.

الحدأة والغراب.

والفأرة.

والعقرب.

ما ذكرت.

لا لا.

بعد الغراب عندك يا شيخ؟

العقرب.

والفأرة والكلب العقور وكل ما عدى عليه أو آذاه ولا فداء عليه، وصيد الحرم حرام على الحلال والمحرم وكذلك شجره ونباته إلا الإذخر وما زرعه الإنسان، وإن أحصر بعدو نحر ما معه من الهدي وحل فإن لم يكن معه هدي ولا يقدر عليه صام عشرة أيام ثم حل، وإن مُنع من الوصول إلى البيت بمرض أو ذهاب نفقة بعث بهدي إن كان معه ليذبح بمكة وكان على إحرامه حتى يقدر على البيت فإن قال أنا أرفض إحرامي..

فإن لم يشترط وقال..

ما عندنا هذه.

فإن لم يشترط وقال أنا أرفض إحرامي.

فلبس المخيط وذبح الصيد وعمل ما يعمله الحلال كان عليه في كل فعله دم وكان على إحرامه وإن كان وطأ فعليه للوطء بدنة مع ما يجب عليه من الدماء ويمضي في الحج الفاسد ويحج من قابل والله أعلم بالصواب.

يقول المؤلف- رحمه الله تعالى- "باب ما يتوقى المحرم وما أبيح له" يعني ما يحظر على المحرم من المحظورات وما يحرم عليه وما يباح له قال- رحمه الله- "ويتوقى يعني المحرم في إحرامه ما نهاه الله عز وجل عنه" جميع ما نهى الله عنه في الإحلال يتأكد منعه في الإحرام كما يتأكد منعه في الصيام لا يعني أن بعض ما ذكر "من الرفث والفسوق" يمنع منه المحرم ويباح للحلال إنما يتأكد في حق المحرم وفي حق الصائم صيانة للزمان والمكان، إضافة إلى المانع الأصلي، ومن محظورات الإحرام ما يباح للحلال يعني منها ما يمنع للجميع ومنها ما يباح للحلال دون المحرم قال- رحمه الله- "ويتوقى في إحرامه ما نهاه الله عنه ما نهاه الله عز وجل عنه { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّ } البقرة: ١٩٧  فلا رفث هذا نهي أو نفي، هو يشير إلى الآية يجتنب ما نهاه الله عز وجل عنه يعني في قوله جل وعلا { فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي ٱلۡحَجِّ } البقرة: ١٩٧  هذا نفي لكن يراد منه النهي وهو أبلغ من النهي الصريح لماذا؟ النهي الصريح لا يفهم منه عدم الوجود وإنما قد يكون موجودا وقد يوجد لكن المحرم ممنوع منه لكن في حال النفي يعني يفترض من المسلم والمحرم على وجه الخصوص أنه لا يوجد منه أصلا وهو أبلغ من النهي الصريح هذا ظاهر أو ليس بظاهر؟ إذا قال فلان لولده لا تكذب، أيهما أبلغ هو أو قوله فلان لا يكذب يعني لا يوجد منه ما يستدعي النهي، يعني المفترض في حال المسلم أن هذا لا يدور على باله ولا يوجد في أعماله أبلغ من كونه ينهَ عنه فهو نفي يراد منه النهي وهذا كثير في النصوص وقد يأتي النفي ويراد به الأمر { وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ } البقرة: ٢٢٨  هذا أمر بالتربص وإن كان بصيغة الخبر ما نهاه الله- عز وجل عنه- من الرفث وهو الجماع ودواعيه والكلام الذي يتعلّق به كله رفث، وفي قوله- جل وعلا- أحل لكم ليلة الصيام الرفث، الرفث يراد به الجماع ودواعيه القريبة منه، أما الدواعي البعيدة من الكلام الخفيف أو من القبلة أو ما أشبه ذلك فقد قبّل النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو صائم لكن جميع دواعي الجماع ممنوع بالنسبة للحاج وتدخل في الرفث سواء كان بحضرة النساء أو بحضرة رجال، ويذكر عن ابن عباس فيما ذكره المفسرون وفي كتب اللغة في تفسير هذه الكلمة أنه لا مانع من الكلام في الجماع بغير حضرة النساء للحاج ويذكرون بيتا ذكره ابن عباس وهو محرم وهي غاية في الإفصاح بما لا يليق بمن هو دون ابن عباس فكيف بابن عباس مع أن فيه محظور عقدي يقول:

وهن يمشين بنا هسيسا

 

إن تصدق الطير...........

البيت هذا خلل لأن فيه تطير والمفسرون حتى المحققين منهم ذكروا ذلك عن ابن عباس، وذُكر في كتب اللغة عنه أيضا أنه ذكر هذا البيت وهو محرم وأنه لا يرى المنع من الرفث إلا إذا ووجه به النساء وأما في غير حضرة النساء فلا مانع، ونسمع بعض طلاب العلم يتشبثون بمثل هذا ويقضون الوقت ليلة الجمع بمثل هذا الكلام ويقولون ابن عباس قال كذا يعني لو قُدِّر ثبوته عن ابن عباس وعامة أهل العلم يمنعون أو يتحاشون مثل هذا الكلام في غير الحج، والمسلم ينبغي أن يكون عفيف اللسان فكيف يقول مثل هذا الكلام يعني في قصة ماعز عند الحاجة الماسة إلى التصريح بحيث لا يقوم مقام الكلمة غيرها لا بد من التصريح فقال -عليه الصلاة والسلام- وهو يحاوره «أنكتها» لا يكني لأنه لو كنى يمكن أن يكون الذي حصل غير الصريح لأن هذا يلزم منه إثبات حد، لكن ما الذي يلزم من البيت الذي نسب إلى ابن عباس إضافة إلى ما فيه من التطير إن تصدق التطير وإن كان آثرا لا منشئا ولا مبتدئا يعني مثل هذا الكلام لا ينبغي أن يؤثر إلا على سبيل النقد إلا على سبيل النقد "من الرفث وهو الجماع والفسوق وهو السباب" الفسوق وهو السباب فسّره بما جاء في الحديث «سباب المسلم فسوق » لكن هذا لا يقتضي الحصر كما في أسلوب المؤلف، فالفسوق أعم بحيث يشمل جميع المعاصي لاسيما الكبائر التي يفسق بها فاعلها، من حج فلم يرفث ولم يفسق يعني لم يسب فقط؟ أو لا يزاول محرّمات ولا يترك واجبات؟ { فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ } البقرة: ١٩٧  الفسوق أعم مما ذكره المؤلف المؤلف استند إلى حديث «سباب المسلم فسوق» يعني من الفسوق وليس هو الفسوق والأسلوب ليس بأسلوب حصر "وهو السباب والجدال وهو المراء" الجدال وهو المراء «وأنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا» والمراد بالمراء الجدال الذي لا يترتب عليه فائدة، الجدال الذي لا فائدة من ورائه أو مع شخص لا يُنتهى معه إلى فائدة؛ لأن بعض الناس إذا وصل إليه الأمر انتهى لا تحاول ولا تجادل وهذا كثير مع الأسف في طلاب العلم إعجاب كل ذي رأي برأيه، يعني في آخر الزمان يكثر مثل هذا والشافعي رحمه الله يقول: والله لا أبالي ظهر الحق على لساني أو على لسان خصمي لا فرق، المقصود أن الحق يظهر والواحد منَّا لا بد أن يكون الحق على لسانه وقد يظهر الحق على لسان خصمه ويقتنع بذلك ويعرف الحجة وتلوح له كالشمس ومع ذلك ولو هذه الكلمة التي لا علاج لها إذا قال ولو ما ينتهي إلى شيء، فالجدال الذي لا طائل من ورائه أو مع شخص لا ينتهي مثل هذا يُترك.

طالب: ..........

هو مسوق مع الرفث والفسوق فإن قلنا بدلالة الاقتران فلا شك في تحريمه، وعلى كل حال تركه مطلوب «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه» { فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ } البقرة: ١٩٧  لكن الجدال والنقاش الذي يتوصّل به إلى الحق في تقرير المسائل العلمية وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا كله مطلوب من الحاجّ وغير الحاجّ، ومما ينبغي أن يشتغل به الحاج العبادة من صلاة وذكر ودعاء وتلاوة وتعليم علم وأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل هذا مما ينبغي أن يشتغل به الحاج كغيره "ويستحب له قلة الكلام إلا فيما ينفع" ويستحب له قلة الكلام إلا فيما ينفع؛ لأن كثرة الكلام وإن كان مباحا يعني استثني ما ينفع أَكْثِر الكلام فيما ينفع، لكن فيما لا نفع فيه ولكن مستوي الطرفين من المباح الأولى تركه؛ لأن مثل هذا الكلام إذا كثر، من كثر كلامه كثر سقطهن وهذا الكلام المباح يجر إلى المكروه والمكروه يجر إلى المحرم، وإذا طالت المجالس وكثر الكلام وزادت فضوله لا بد أن يكون للشيطان فيه نصيب "ويستحب له قلة الكلام إلا فيما ينفع وقد روي عن شريح أنه" معروف القاضي المشهور "أنه كان إذا أحرم كأنه حية صمّاء" روي عن شريح أنه كان إذا أحرم كأنه حيّة صمّاء لا يتحرك ولا يتكلم لكن ذكر مثل هذا الكلام في متن كهذا المتن على خلاف عادة أهل العلم في صياغة المتون كأنه حية صماء لا يسمع ولا يتكلم ولا شيء.

طالب: ..........

لأنه إذا سمع احتمال قوي أن يتكلم كأنه حية صماء يمكن ما يرد ولا السلام مقتضى الصمم أنه لا يسمع فلا يتكلم بشيء أولا من الناحية المنهجية في تأليف المختصرات هذا على خلاف ما جرت عادتهم به أنهم لا يذكرون مثل هذا في المتون التي تؤلف للحفظ، لكن باعتباره متن متقدم يعوزه كثير من الأمور التي استدركها أصحاب المتون ممن جاء بعده فهم يذكرون مثل هذا في الكتب المتقدمة، يذكر مثل هذا؛ لأن المنهجية في التأليف لاسيما تأليف مثل هذا المتن لم تستقر لأن المتأخرين الذين صنفوا في المتون حرروها ودققوها وجعلوا لها من المحترزات فيما يدخل في اللفظ وما يخرج منه في منطوقه وفي مفهومه كثير منهم أظهر البراعة في هذا الشأن وليسوا بالمعصومين { وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا } النساء: ٨٢  دائما نجد الاستدراكات من الشراح على أصحاب المتون ثم يأتي المحشِّي ويستدرك على الشارح وما منَّا إلا من يؤخذ من قوله ويرد إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- توجد مسألة في آخر القرض من زاد المستقنع قرر الماتن إذا كان في بلد القرض أنقص قال الشارح صوابه إذا كان في بلد القرض أكثر، قرر المحشي أن الصواب مع الماتن، ومازال العلماء يشرحون وواحد منهم مع الماتن وواحد مع الشارح هذا الحاصل؛ لأن المسألة معقّدة يعني غاية في التعقيد لكن هل هذا مما يعاب به المتون أو مما يمدح به المتون أقول مثل هذه المسألة التي ذُكرت في الزاد في آخر القرض هل هي مما يُمدح به هذه المتون أو يذم بها؟ يقال هذه كتب معقدة ننتقل منها أو نتركها إلى ما هو أوضح منها.

طالب: تمدح بها المتون يا شيخ تستثير همة طالب العلم.

نعم نقول هذا مما تمدح به المتون؛ لأنها بالفعل تربي طالب علم صلب العود، مستعد لتلقي ما هو أصعب من ذلك فكيف بما دونه، يعني لو نظرنا إلى قوله والنفقة للحمل نفسه لا لها من أجله يعني لا للحامل من أجل الحمل يعني ماذا تعطى للحمل نفسه.

طالب: ..........

المقصود أنهم فرّعوا على هذه المسألة مسائل كثيرة جدا ولسنا بصدد بيان تفاصيل هذه المسائل وفي مواضعها شرحت وتشرح إن شاء الله تعالى لكن من المعلوم أن  المتون في بداية الأمر يدخلها مثل هذا الفضول، تسمى فضولا عندهم وليست من شأن المتون، كأن شريحا إذا أحرم كأنه حية صماء يعني هذا ليس من شأن المتون وإذا نظرنا إلى تأليف المتون في سائر العلوم وجدنا أنها في البدايات تختلف عما آل إليه الأمر في النهايات، يعني اتضحت الصورة وعرف ما يمكن أن يودع ويوضع في المتن وما يمكن أن يوضع في الشرح وما يمكن أن يوضع في الحاشية وما يمكن أن يودع في النكت يعني أنواع تصانيف عند أهل العلم.

طالب: ..........

لا، لا يقتضي هذا أصلا الخلف متى وصل العلم إلى صاحب الزاد إلا عن طريق هذا لهم الفضل عليه، يعني لولا الخرقي ومن جاء بعده في تأليف المتون في الفقه الحنبلي ما وصلنا ما وصل، يعني كون الإنسان ينظر في مصنفات ما قبله ثم يحرر بعض المسائل لا يعني أنه أفضل منه هو عالة عليهم، هذا أمر مفروغ منه لا يقتضي هذا تفضيل المتأخرين على المتقدمين أبدا؛ لأنه لولا المتقدمون ما فعل المتأخرون شيئا ولكانت البداية عند المتأخرين يمكن أقل مستوى مما كانت عند المتقدمين لكنهم استفادوا من المتقدمين وأخذوا معلومات جاهزة وهذبوها ونقحوها، كأنه حية صماء، يعني هل المفترض في العالم وطالب العلم أنه إذا أحرم يكون بهذه الصفة؟ يعني لا ينبسط مع غيره ويدخل السرور على إخوانه ويتحرك ويتكلم وينفع إخوانه أو أن هذا فيما لا ينفع؟

طالب: ..........

نعم فيما لا ينفع كأنه حية صماء أما ما ينفع فقد أشير إليه فيما سبق قال- رحمه الله- "ولا يتفلّى المحرم" يتفلَّى الفلي هو البحث عن القمل في الشعر وفي الثياب.

طالب: ..........

الشعر معروف هو المصدر لكن ينتقل منها إلى الثياب فيتفلّى في شعره وثيابه قالوا لا يتفلى لأن هذا من الترفه وليس المحظور في قتل القمل فقط إنما المحظور في الترفه بإلقائه "ولا يتفلى المحرم" لأن هذا ترفه "ولا يقتل القمل" طيب القمل مؤذٍ ويلسع ومقلق شأنه شأن الفواسق في الأذى لا يقتل؟ إذا زاد الأمر عن حد الترفه إلى الأذى فإن أمكن بإلقائه كفى وإن لم يمكن إلا بحلق الشعر فعل كما في حديث كعب بن عجرة لكن مع الفدية فدية الأذى، هل الفدية فدية الأذى من أجل الحلق أو من أجل الترفه بإلقاء القمل الذي يلقى مع الشعر من أجل الحلق؟ قال "ولا يتفلى المحرم" يعني إذا لم يصل إلى حد مؤذي "ولا يقتل القمل ويحك رأسه وجسده حكا رفيقا" يعني قد يحتاج إلى حك الرأس لاسيما إذا وُجد القمل يحتاج إلى حك الرأس صار القمل الآن بين الناس نادر لأنه تيسرت أسباب النظافة وتفرغ الناس لها، الناس قبل انفتاح الدنيا لم يتفرغوا للنظافة ولا تيسرت أسبابها فهو موجود وجود كثرة كما وجد في كعب بن عجرة يتناثر على وجهه، القمل الآن لو يوجد قملة في ثوب إنسان تندر الناس به وعرفه القريب والبعيد لندرة ذلك والنظافة مطلوبة شرعا وما شرع الوضوء والغسل لمناسبات عديدة إلا من أجل النظافة لكن يبقى أنها وسيلة وليست غاية والتسريح للشعر لا ينبغي أن يكون هم الإنسان بحيث يأخذ عليه الوقت الطويل في كل يوم كما هو حال كثير من المترفين، يمضي على ما قالوا في الصالون ساعتين ثلاث وإذا قيل له ما تذكر ما تقرأ قال والله مشغولون، وهل تركت لنا الوظائف من وقت طيب الله المستعان على كل حال النظافة مطلوبة لكن المبالغة فيها ليست من الشرع في شيء يكتحل وترا ويدّهن غبًّا، يعني ما يدّهن ويسرّح في كل يوم إنما يوم دون يوم زاد الترف في الناس لاسيما عند النساء وأشباه النساء إلى أن أنفقت الأموال الطائلة وأهدرت العبادات، يعني تجد المرأة إذا تجمّلت بالأموال وصل الأمر إلى تساهل بالعبادات فيرد السؤال وهو سؤال يرد بكثرة أنها إذا تجملت قبل صلاة المغرب وقد توضأت لصلاة المغرب ثم احتاجت الوضوء لصلاة العشاء وخشية أن تحتاج الوضوء لصلاة العشاء يسألون عن الجمع بين الصلاتين من أجل ألا يفسد هذا المكياج وهذه الأصباغ التي أنفقت فيها الأموال والأوقات، هذا الترف إذا وصل إلى هذا الحد هذا مشكل هذا الخلل يعني تقديم هذه الأمور التوافه على رأس المال الذي هو الصلاة؟! وسمعت من بعض الدعاة قصة قبل يومين يقول قبل شهر في أبهى في مناسبة زواج لبنت صالحة فتجهزت لهذا الزواج بما يتجهز به غيرها من أدوات التجميل والتحسين كغيرها لكن قبل أذان العشاء احتاجت للوضوء فمنعتها أمها أنت مجنونة؟! الليلة الزواج قالت ولو كان ولو كان الزواج قالت أين عقلك يا فلانة؟! قالت أنت في كفة لكن الذي أمرني بالصلاة من؟! والذي يسر الزوج من؟! قالت فقامت وتوضأت وصلت وقبضت وهي ساجدة، لكن ماذا عما لو قبضت وهي لم تصل الله المستعان يعني صارت التوافه هي الغايات عند كثير من الناس، يعني يسأل عن الجمع بين الصلاتين من أجل المكياج والله المستعان.

طالب: ..........

يعني القمل ما يؤذي بلسعه ما يؤذي؟!

طالب: ..........

نعم إذا آذى يقتل كالفواسق.

أحسن الله إليك بلغ من الأمر من التوسع في الترفه أنه صارت حملات الحج الآن يعني من وسائل الدعاية عندها أنها توفر وسائل ترفيه.

يقول الشيخ وصل الحد في بعض الحملات لأداء هذه الشعيرة العظيمة التي هي مظهر من مظاهر التواضع في العبادات كفعله -عليه الصلاة والسلام-صار التباهي بالدعاية لهذه الحملات أنهم يوفرون وسائل الترفيه من المأكولات والمشروبات والقدر الزائد على الحاجة، يحضرون وسائل ترفيهية ونظير ذلك ما سمعنا من بعض من يشرف على بعض الشباب الذين يمرنون ويربون على الاعتكاف يضعون في مؤخرة المسجد في حدوده لا يخرجون من المسجد ملاهي يحضرون شباب يلعبون بهذه الملاهي ويحضرون آلات وما يسمى بلايستيشن وكمبيوتر وإنترنت من أجل التمرن سبحان الله! هل هذه عبادة؟! إذا كان السلف يتركون العلم وتدريس العلم ويتفرغون للعبادات الخاصة ونحن نقول نجذبهم؟ لا العبادة إذا لم تؤد على الوجه الشرعي فليست عبادة، هذه ليست عبادة لا بد أن تؤدى على ما كان عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- «خذوا عني مناسككم» «صلوا كما رأيتموني أصلي» «من عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» فلا بد أن تكون هذه العبادات صوابا على سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني مع الإخلاص لله جل وعلا "ويحك رأسه وجسده حكا رفيقا ولا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس" سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عما يلبس المحرم فأجاب بما لا يلبسه المحرم لأنه هو المحدود وهو المحصور، أما ما يلبسه المحرم فليس بمحدد، لا يلبس القمص ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف لا يلبس القميص المخيط على قدر البدن، ولا السراويل على النصف الأسفل منه، ولا البرانس على ما يغطي الرأس وفي حكمها وما في معناها، فالقمص كل ما يلبس على البدن يأخذ حكم القميص ولو كان حلة مخيطة من قطعتين أو ما يلبس على أعلى البدن يعني ومع السراويل "ولا العمامة" ولا الطاقية ولا الشماغ كل ما يغطي الرأس ممنوع، هذه فيما ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام- أصول يقاس عليها ما في معناها، فالقميص كل ما خيط على قدر البدن أو على جزء منه فكل مخيط محيط على شيء من البدن هذا ممنوع، السراويل بأنواعها الطويلة والقصيرة ذات الأكمام وما لا أكمام لها من السراويل، ما لا كم له يسمى النقبة وأشبه ما يكون بتنورة النساء وهي من لباس النساء وذكرها الأزهري في تهذيبه وأنها من لباس النساء، وذكرها ابن سيده في المخصص وغيرهما وقالوا إنها من لباس النساء، ويقول ابن عمر: ألبستني أمي نقبتها فهي تمنع لوجهين، الأول: لأنها نوع من السراويل، والثاني: لأنها خاصة بالنساء والنساء يلبسنها من قديم ومن لباسهن المستعمل أكثر من غيره الآن "ولا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرنس" البرنس هو غطاء الرأس الملتصق بالثوب وهو مستعمل الآن عند المغاربة.

طالب: ..........

أفتى بها يعني إذا كان الإنسان عامّيا فيشار إليه برفق يعني إذا كان عاميا فرضه التقليد وأفتاه من تبرأ الذمة بتقليده فليس عليه شيء، إن كان من طلاب العلم أيضا يناقَش "فإن لم يجد الإزار لبس السراويل" وهذا في النص.

طالب: ..........

لكن الوزرة بعضها مخيط مثل التنورة وبعضها يلف لفا بدون خياطة، فالذي يلف بدون خياطة ما فيه شيء لكن المخيط وفيه أيضا تكة هذا مخيط "فإن لم يجد الإزار" الذي يغطي النصف الأسفل من البدن لبس السراويل هذا منصوص عليه "وإن لم يجد النعلين لبس الخفين ولا يقطعهما" وهذا أيضا منصوص عليه مرة مع القطع ومرة دون قطع، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما خطب قبل أن يخرج من المدينة خطب الناس وقال: «ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين» بالمدينة وفي عرفة ذكر ذلك من غير قطع «من لم يجد النعلين فليلبس الخفين» والمؤلف مشى على المذهب واعتماد الخطبة الأخيرة في عرفة التي ليس فيها إشارة إلى القطع؛ ولذا قال: لبس الخفين ولا يقطعهما؛ لأن المعمول به آخر الأمرين منه -عليه الصلاة والسلام- الآن عندنا الأمر بالقطع ولبس الخفين عند عدم النعلين بقيد القطع ولبس الخفين مع عدم النعلين وعدم القطع لا التنصيص على عدم القطع وإنما عدم ذكر عدم القطع وإلا لو قال ولا يقطعهما انتهى الإشكال قلنا نسخ لكن عدم الذكر ليس بذكر للعدم، الحنابلة قالوا إن هذا هو الآخر من قوله -عليه الصلاة والسلام- من جهة، الأمر الثاني: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قاله في جموع غفيرة لم تحضر الخطبة الأولى ولو كان القطع لازما للزم البيان لئلا يتأخر البيان عن وقت الحاجة هذا عمدة الحنابلة في عدم القطع، والجمهور يقولون لا بد من القطع لأنه بُيِّن قبل ذلك ولا يلزم البيان في كل مناسبة والمطلق والمقيد في هذا يتفقان في الحكم وفي السبب، وحمل المطلق على المقيد هنا هو قول عامة أهل العلم، لكن الحنابلة لحظوا أو نظروا إلى المسألة من جهة أخرى قالوا إن حمل المطلق على المقيد في هذه الصورة يقاومه قواعد أخرى مثل تأخير البيان عن وقت الحاجة والبيان لا بد منه في هذا الموقف، ذكرنا مرارا أن البيان لا يلزم في كل مناسبة لكن في هذه المناسبة والجموع الغفيرة أضعاف من حضر الخطبة الأولى يحتاجون إلى بيان فأيهما المتجه إعمال القاعدة الأولى حمل المطلق على المقيد وقد اتفقا في الحكم والسبب ويقول به الحنابلة وغيرهم، أو أننا ننظر إلى ما يعارض ذلك من قواعد أخرى كتأخير البيان، يعني إضافة إلى ما يتطلبه أو ما يقتضيه الأمر من تأخير البيان فيه أيضا إضاعة للمال وإفساد له هذا مما يرجح مذهب الحنابلة وما قيل في السراويل أنه يفتق السراويل لئلا تشبه السراويل تشبه الإزار ولا تشبه السراويل.

طالب: ..........

تصير مثل الإزار، على كل حال جمهور أهل العلم على القطع وإعمالهم لقاعدة حمل المطلق على المقيد ظاهر ومر بنا في مناسبات كثيرة أنه لا يلزم البيان في كل مناسبة وعدم الذكر لا يعني ذكر العدم فكونه لم يذكر ذلك في خطبة عرفة نعم حضرها أضعاف من حضر الخطبة بالمدينة وحينئذ يلزم البيان على ما قرره الحنابلة "ولا يقطعهما ولا فداء عليه" لماذا؟ لأنه مأذون له فيه ما يقال هنا ارتكب محظورا مع الحاجة إليه والقاعدة أن من تعمد ارتكاب المحظور إذا احتاج إليه أنه يفدي ولا فداء عليه ولا يلبس الهميان.

كم باقي يا أبا عبد الله؟

"ويلبس الهميان" وهو ما يودع فيه النفقة وهو محتاج إلى حمله لئلا يسرق فيبقى بغير نفقة فالحاجة أباحت للمحرم أن يلبسه وإذا أمكن تماسكه على المحرم دون عقد فإنه لا يُعقد قال "ويدخل السيور بعضها في بعض ولا يعقدها" لكن إذا لم يمكن إلا بالعقد فلا مانع منه حينئذ.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

"

يقول هذه امرأة أرادت الحج عدة مرات ولديها المال والاستطاعة وكل ما يعين على القيام بالحج إلا المحرم يعني توافرت جميع الشروط الخمسة وبقي الشرط السادس الخاص بالمرأة

وهو المحرم كلما سألت أحد محارمها يوافق ثم يعتذر لها وهي الآن لا تجد محرما يقول وهذا حصل أكثر من مرة فماذا عليها؟
هذه إذا أيست من وجود من يتبرّع من محارمها ولو بالأجرة ليحج بها وإلا فهي غير مطالبة بالحج بنفسها؛ لأن المحرم شرط لوجوب الحج على المرأة وهو من الاستطاعة، على كل حال هذه إذا أيست- لكن لا تستعجل- إذا أيست تنيب من يحج عنها من مالها.