التعليق على الموافقات (1430) - 03
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طالب: أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد،
فيقول المؤلف العلامة الشاطبي -رحمه الله تعالى- تحت بيان قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة:
"المسألة العاشرة: كما أن الأحكام والتكليفات عامة في جميع المكلفين على حسب ما كانت بالنسبة إلى رسول الله إلا ما خُص به، كذلك المزايا والمناقب، فما من مزية أُعطيها رسول الله سوى ما وقع استثناؤه إلا وقد أُعطيت أمته منها أنموذجًا، فهي عامة كعموم التكاليف، بل قد زعم ابن العربي أن سنة الله جرت أنه إذا أعطى الله نبيًّا شيئًا أعطى أمته منه، وأشركهم معه فيه، ثم ذكر من ذلك أمثلةً؛ وما قاله يظهر في هذه الملة بالاستقراء. أما أولاً: فالوراثة العامة في الاستخلاف على الأحكام المستنبطة، وقد كان من الجائز أن تُتعبد الأمة بالوقوف عندما حُد من غير استنباط، وكانت تكفي العمومات والإطلاق حسبما قاله الأصوليون، ولكن الله مَنَّ على العباد بالخصوصية التي خص بها نبيه -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ قال تعالى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]، وقال في الأمة: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]. وهذا واضح فلا نطول به".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإن الله -جل وعلا- إنما أرسل الرسل ليبلغوا عنه دينه، وليقتدي به أممه، والأصل في أن الرسول قدوة لأمته، فما جاء في حقه فله منه نصيب، وما كُلف به النبي كُلفت به أمته، وما خُص به النبي -عليه الصلاة والسلام- من التشريف فلأمته منه نصيب، فالقرآن ذِكر له ولقومه، هو شرف له -عليه الصلاة والسلام- وشرف لأمته، إلا ما دل الدليل على اختصاصه به، فله من المناقب ما يشركه فيها غيره من أمته، وله من المناقب ما يختص به، وله من الأحكام -وهذا هو الكثير الغالب- ما تشركه به الأمة وهو الأصل إلا ما دليل الدليل على اختصاصه به. هذا ما يريد أن يقرره المؤلف -رحمه الله تعالى-.
وذكر لذلك أمثلة: الأمر العام الذي تقدم، وأما الأمور الخاصة التي ذكر منها المؤلف ما يقرب من ثلاثين نوعًا أو ثلاثين وجهًا، يذكرها بالتفصيل، وبعضها واضح، وبعضها لا يخلو من تكلف، بعضها كما يقول بعض أهل العلم: لا يأتي إلا بالجر الثقيل، وبعضها واضح أنه أُعطي النبي -عليه الصلاة والسلام- وأعطيت ما أعطيت بحروفه، لكن بعضها فيه شيء من التكلف، غير واضح.
طالب: "وأما ثانيًا: فقد ظهر ذلك من مواضع كثيرة، نقتصر منها على ثلاثين وجهًا".
الوراثة العامة التي ذكرها، وراثة الأمة لنبيها، والموروث هو العلم، والعالم هو الوارث، وبقدر علمه يكون إرثه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يحكم بما أراه الله، يعني بالحق الذي أراه الله إياه بالطرق والوسائل والمقدمات الشرعية: «إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع»، فعنده مقدمات شرعية تكون نتائجها شرعية، بغض النظر عن كونها طابقت الواقع أو لم تطابق؛ ولذا قال: «إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من نار فليأخذها أو يدعها»، هذا في حال ما إذا طُبقت المقدمات الشرعية وخرجت النتيجة شرعية، سواء كان طابق هذا الحكم الواقع أو لم يطابقه. إذا كان هذا هو النبي المؤيد بالوحي -عليه الصلاة والسلام-، فكيف بمن يقتضي به من القضاة والمفتين وغيرهم؟ نعم يستنبطون: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]، فيستنبطون من النصوص الأحكام، سواء كان هذا الاستنباط هو الحق الصواب، أو كان غير صواب، لكنه على أي حال: المستنبط إذا كان متأهلاً للاستنباط وأهلاً للاجتهاد فهو مأجور على كل حال، وأما النتائج مطابقة أهل الواقع فهي بحسب موافقتها للنص، فقد يجتهد المجتهد ولا يوفق للصواب.
النبي -عليه الصلاة والسلام- معصوم، لكن حينما قال: «إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع»، ليسن للقضاة سنة القضاء المعروف الشرعي الذي له مقدماته: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر»، لكن افترض أن البينة بعد أن تحرى القاضي فيها واجتهد في تعديل الشهود وطلب المزكين، ثم بعد ذلك طلعت الشهادة غير صحيحة، يلام القاضي؟ لا يلام القاضي. أو ما وُجدت البينة عند المدعي، وطلب اليمين من المدعى عليه فحلف فحكم له القاضي، يلام القاضي؟ لا يلام القاضي، المقدمات شرعية فالنتيجة شرعية. لكن يبقى أن الجهات الأخرى مطالَبة: «إنما أقضي له بقطعة من نار، فإن شاء أن يأخذها وإن شاء فليدعها»، يعني فيما إذا لم يطابق الواقع. النبي -عليه الصلاة والسلام- يقضي على هذا النحو، والقضاة من بعده يقضون على هذا النحو: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]، وقال في حق الأمة: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].
ولا يلزم من الاستنباط أن يكون هو الصواب، قد استنبط العالم، وهذا كثير، يستنبط استنباطًا مرجوحًا، وأحيانًا الدليل الواحد يستدل به العالم على حكم، ويستدل به غيره على خلافه وهو دليل واحد، وذلكم باختلاف الفهوم.
طالب: أحسن الله إليكم، آية الاستنباط {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83]، أن هذا يستفيد بها العلماء على القياس........
نعم، الاستنباط يعني استعمال للرأي والاجتهاد والقياس، والقياس نوع من أنواع الرأي.
طالب: "أحدها: الصلاة من الله تعالى، فقال تعالى في النبي -عليه الصلاة والسلام-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] الآية، وقال في الأمة: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الأحزاب: 43] الآية، وقال: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157].
والثاني: الإعطاء إلى الإرضاء، قال تعالى في النبي: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5].
وقال في الأمة: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ} [الحج: 59]،
وقال: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: 119].
والثالث: غفران ما تقدم وما تأخر، قال تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]، وفي الأمة ما رُوي أن الآية لما نزلت قال الصحابة: هنيئًا مريئًا، فما لنا؟ فنزل: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} [الفتح: 5]، فعمَّ ما تقدم وما تأخر".
لكن التعميم هنا بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام-: {مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] في حياته -عليه الصلاة والسلام-، أما بالنسبة للأمة فعم ما تقدم وما تأخر هذا متى يبين؟
طالب: في الآخرة.
{لِيُدْخِلَ} [الفتح: 5]، في الآخرة. هناك خصال مكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة في حق الأمة أيضًا، جاء في بعض الروايات: «من صام رمضان...»، و«من قام رمضان....»، و«من قام ليلة القدر؛ غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر»، وفي بعض الروايات عند النسائي وغيره: «وما تأخر»، وهناك أيضًا خصال أخرى جمعها الحافظ ابن حجر في رسالة اسمها (الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة). يعني الإتيان بالأحاديث التي تدل على غفران ما تقدم وما تأخر بالنسبة للأمة هو المطابق لقوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2]، وأما ما جاء في الآية فمعلوم أن الذي يدخل الجنة هذا قد غُفر له، لكن ماذا عمن لم يدخل الجنة من أول وهلة؟ هذا غُفر له ما تأخر؟ ما غُفر له ما تأخر، يعني حوسب عليه.
طالب:.........
ما هي؟
طالب:.........
اللفظة، لكن وُجد غيرها، جمعها ابن حجر في رسالة، لعلها نصوص كثيرة.
طالب: محققة؟
محققة نعم.
طالب:.......
كيف؟
طالب: وما تأخر.
لا لا، جاء في بعض الخصال أنها سبب لغفران الذنوب المتقدمة والمتأخرة، ولابن حجر هذه الرسالة تراجَع (الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة).
طالب: "وفي الآية الأولى إتمام النعمة في قوله: {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [الفتح: 2]، وقال في الأمة: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 6] الآية؛ وهو الوجه الرابع".
يعني كونه يذكر ثلاثين وجهًا فيما ذكره، وهو الأصل أن ما ثبت في حقه -عليه الصلاة والسلام- ثبت في حق الأمة؛ لأنه هو القدوة وهو الأسوة، فما جاء له جاء لهم؛ هذا الأصل. لكن يبقى أن هناك مسائل أو خصالًا استثني فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- وجُعلت من خصائصه، هذا التي ألف فيها أهل العلم، وينبغي أن يؤلف فيها، وأما ما عداها فالأصل أنهم مثله، وإن لم يكونوا مثله في المنزلة.
طالب: لكن هو يريد تقرير مشابته حتى في الخصائص يا شيخ.
لا لا.
طالب: في نوع منها.
لا لا، ما تصير خصائص.
طالب: كونهم أعطوا أنموذجًا من حول......
نعم، لكن إذا أُعطوا مثله ما صارت خصائص.
طالب: لا، ليس مثل، لكن هو يريد أن يُثبت أن هناك أنموذج من جنس ما أعطوا. أليس هذا قصده لما يقول: "أعطوا منها أنموذجًا" في أول الكلام.
طالب: لكنه نص الاستثناء........
نعم، الاستثناء يعني يدل على أن وجوده القدر المشترك بينه وبينهم.
طالب: "والخامس: الوحي وهو النبوة، قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [النساء: 163]، وسائر ما في هذا المعنى، ولا يحتاج إلى شاهد، وفي الأمة: «الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة»".
هذا غير مستقيم، يعني الرؤيا الصالحة، كونه -عليه الصلاة والسلام- أول ما بُدئ به من الوحي الرؤيا الصالحة لا يعني أن من رأى رؤيا صالحة اشترك معه في قوله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163]، اشترك في نوع وهو الرؤيا. لكن من رأى ستًا وأربعين رؤيا صالحة، هل يكون اكتملت عنده النبوة؟ حتى تكتمل عنده الأجزاء الستة والأربعين. يعني لو رأى ألف رؤيا صالحة ما صار عنده إلا جزء من ستة وأربعين، لو رأى مليون رؤيا صالحة ما صار عنده إلا جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة. فليس عنده شيء من الوحي إلا بهذا المقدار الذي هو جزء من ستة وأربعين جزءًا، مع الخلاف بين أهل العلم في مشابهة الرؤيا الصالحة لهذا الجزء من النبوة، منهم من يقول: إن المشابهة مجرد الصدق ومطابقة الواقع فقط لا أكثر ولا أقل، وكثير من أهل العلم ينازع أن المراد من النبوة التي هي الوحي الذي يوحى إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كما قرره المؤلف، يعني من رأى رؤيا صالحة أُعطي جزء من ست مثل، الحديث صحيح ما فيه إشكال، لكن ما معناه؟ هم نظروا إلى المدة التي كانت فيها الرؤيا الصالحة بالنسبة للوحي، وهي ستة أشهر، ومدة الوحي ثلاث وعشرين سنة، ونسبة الستة الأشهر إلى ثلاث وعشرين سنة، يعني نصف سنة، نصف سنة إلى ثلاثة وعشرين واحد على ستة وأربعين، من هذه الحيثية فقط.
طالب: "والسادس: نزول القرآن على وفق المراد، قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144]، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يحب أن يُرد إلى الكعبة، وقال تعالى أيضًا: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51]، لمَّا كان قد حُبب إليه النساء فلم يوقف فيهن على عدد معلوم".
لكن أي الموافقة في هذه، في هذا الوجه؟ نعم. تمنى عمر -رضي الله عنه- ما تمنى من بعض المسائل، فنزل القرآن على ضوء ما تمنى موافقة له، وأيضًا عائشة تمنت البراءة وتشوفت للتبرئة لكن ما توقعت أن ينزل فيها قرآن، أما بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام- فما يتمناه يحصل: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة: 144]. بالنسبة لمسألة النكاح فهذه من الخصائص، وليس لأمته فيها نصيب إلا بقدر ما أُبيح لهم من الأربع، أما ما زاد على ذلك فلا. وباب الخصائص كثير منه في كتاب النكاح مما لا يشركه فيه أحد من أمته -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:........
نعم؟
طالب:........
لا ما يلزم من كل وجه، المقصود أنه تمنى فحصل له، تمنت الأمة حص لها، يعني من وجه. نعم.
طالب: "وفي الأمة قال عمر: وافقت ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، وقلت: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب؟ فأنزل الله آية الحجاب. قال: وبلغني معاتبة النبي بعض نسائه، فدخلت عليهن فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله خيرًا منكن، فأنزل الله: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ} [التحريم: 5]".
هذه الموافقات المذكورة هي الثابتة في الصحيح، وهناك موافقات أخرى أبلغها بعضهم العشرين، وفيها رسالة اسمها: الكوكب الأغر في موافقات عمر -رضي الله عنه-.
طالب: "وحديث التي ظاهر منها زوجها، فسألت النبي : إن زوجي ظاهر مني، وقد طالت صحبتي معه، وقد ولدت له أولادًا، فقال -عليه الصلاة والسلام-".
وهنا تمنت وظهر من حالها أنها تتمنى العودة إليه، وهو يتمنى العودة إليها، ظهر منها حرمت عليه خلاص انتهت، لكن نزلت آية الظهار والكفارة المعروفة ليعود إليها.
طالب: "فقال -عليه الصلاة والسلام-: «قد حَرمتِ عليه»".
نعم، هذا الحكم قبل نزول آيات المجادلة.
طالب: "فرفعت رأسها إلى السماء فقالت: إلى الله أشكو حاجتي إليه، ثم عادت فأجابها، ثم ذهبت لتعيد الثالثة، فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] الآية. ومن هذا كثير لمن تتبع. ونزلت براءة عائشة -رضي الله عنها- من الإفك على وفق ما أرادت؛ إذ قالت: وأنا حينئذ أعلم أني بريئة، وأن الله مبرِّئي ببراءتي، ولكن واللهِ ما ظننت أن الله منزِّل في شأني وحيًا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يُتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله في النوم رؤيا يُبرئني الله بها. وقال هلال بن أمية: والذي بعثك بالحق، إني لصادق، فلينزلن الله ما يُبرئ ظهري من الحد، فنزل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ...} [النور: 6] الآية، وهذا خاص بزمان رسول الله لانقطاع الوحي بانقطاعه.
والسابع: الشفاعة، قال تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، وقد ثبتت شفاعة هذه الأمة، كقوله -عليه الصلاة والسلام- في أويس: «يشفع في مثل ربيعة ومضر»".
يعني كون رجل من هذه الأمة يشفع هذا العدد وهذا المقدار؛ هذا جاءت به أحاديث ومن طرق متعددة، لكن التنصيص على أويس جاء في بعض الطرق التي لا تصل إلى درجة القبول. حتى إن كثيرًا منهم يقول: إن المراد عثمان -رضي الله عنه-.
طالب: "«أئمتكم شفعاؤكم»، وغير ذلك.
والثامن: شرح الصدر، قال تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1] الآية، وقال في الأمة: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر: 22].
والتاسع: الاختصاص بالمحبة؛ لأن محمدًا حبيب الله، ثبت ذلك في الحديث؛ إذ خرج -عليه الصلاة والسلام- ونفر من أصحابه يتذاكرون، فقال بعضهم: عجبًا! إن الله اتخذ من خلقه خليلاً، وقال آخر: ماذا بأعجب من كلام موسى، كلمه الله تكليمًا، وقال آخر: فعيسى كلمة الله وروحه، وقال آخر: آدم اصطفاه الله. فخرج عليهم فسلَّم وقال: «قد سمعت كلامكم وعجبكم، إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً وهو كذلك، وموسى نَجِي الله وهو كذلك، وعيسى روح الله وهو كذلك، وآدم اصطفاه الله وهو كذلك، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأنا أول مشفع ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر»، وفي الأمة: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] الآية".
والحديث المذكور بصورته التامة وجمله المجتمعة مضعف عند أهل العلم، لكن لبعض جمله ما يشهد له، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- «سيد ولد آدم ولا فخر»، كما قال عن نفسه ﷺ. نعم.
طالب: "وجاء في هذا الحديث أنه أول من يدخل الجنة، وأن أمته كذلك؛ وهو العاشر. وأنه أكرم الأولين والآخرين، وقد جاء في الأمة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]؛ وهو الحادي".
وجاء أيضًا أنه «أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة»، يقول: «فإذا موسى آخذ بقائمة العرش، فلا أدري أبعث قبلي أم جوزي بصعقة الطور». يعني كونه أول من يدخل الجنة، وكونه أول من يُبعث، يعني يجد موسى -عليه السلام- آخذًا بقائمة العرش، يعني بعث قبله أو لم يُصعق أصلاً موسى -عليه السلام-؟ هكذا جاء في الحديث: «لا أدري أبعث قبلي أم جوزي بصعقة الطور»، يعني فلم يصعق.
وجاء أيضًا أن «أول من يُكسى يوم القيامة إبراهيم -عليه السلام-». ولا يعني هذا أن موسى أو إبراهيم أفضل منه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن المزية والمنقبة الواحدة لا تقضي على المناقب الإجمالية الكثيرة، فمن حيث العموم والإجمال مناقبه -عليه الصلاة والسلام- أكثر بكثير من مناقب غيره، لكن قد يوجد منقبة لنبي من الأنبياء أو مثل إبراهيم أو موسى لا توجد له -عليه الصلاة والسلام-، يوجد له نظيرها، لكن كون إبراهيم -عليه السلام- أول من يُكسى يوم القيامة؛ لأنه جُرد لما أريد إلقاءه في النار، فجوزي بهذا، يعني أن يكون أول من يكسى. وموسى صُعق في الدنيا في الطور، فاحتمال أن يكون جوزي بهذه الصعقة أنه لم يصعق يوم القيامة. فكونه لم يُصعق، وكون إبراهيم -عليه السلام- أول من يكسى، لا يعني أنه أفضل من محمد -عليه الصلاة والسلام-، وهذا واضح أن التفضيل الإجمالي، يعني على العموم، لا يعني التفضيل في دقائق الأمور، يعني منقبة أو منقبتين أو كذا، يعني يكون غيره أفضل منه. يعني ونظيره في أمورنا العادية المحسوسة: الأول على دفعته مثلاً، يعني تقديره يقرب من الكمال، ألا يوجد واحد من الطلاب أكثر منه في مادة من المواد؟ قد يوجد، لكن لا يعني أنه أعلى منه، ويستحق أن يكون قبله في الترتيب.
طالب: "وقد جاء في الأمة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، وهو الحادي عشر.
والثاني عشر: أنه جُعل شاهدًا على أمته، اختص بذلك دون الأنبياء -عليهم السلام-، وفي القرآن الكريم: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]".
يعني شاهد على أمته فقط، وأمته شهداء على الناس، يعني على الأمم السابقة. فكونه شاهدًا على أمته -عليه الصلاة والسلام- يطابق أن يكون أمته شهداء على الناس، أو من مقتضى ذلك أن يكون هو أيضًا شاهدًا على الناس؛ لأنه يدخل في قوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]، وما من فضيلة، وما من مزية تثبت للأمة أو لأحد من الأمة، إلا وله -عليه الصلاة والسلام- منها النصيب.
طالب:........
يعني في أول الفصل؟
طالب:........
في جميع التكاليف؟
طالب: نعم.......
"كما أن الأحكام والتكليفات عامة في جميع المكلفين"، على ما تقدم أنه لا يستثنى منها أحد.
طالب:........
طيب، "على حسب ما كانت بالنسبة إلى رسول الله إلا ما خُص به، كذلك المزايا والمناقب، فما من مزية أُعطيها رسول الله سوى ما وقع استثناؤه إلا وقد أُعطيت أمته منها أنموذجًا، فهي عامة كعموم التكاليف"، يعني وما المقصود بعمومها؟ في أفرادها؟
طالب: نعم........
المناقب.
طالب:..........
.... أيضًا الأحكام وإن كانت عامة في جميع الأمة.
طالب: الأصل..........
الأحكام أيضًا وإن كانت لجميع الأمة، إلا أن بعض الأمة لا يشمله بعض الأحكام.
طالب: لكن.......
يعني هل الفقراء عليهم زكاة؟
طالب: لا، لكن الأصل أنهم........
هو لا شك على جهة العموم، وكذلك هنا يتكلم في المناقب على جهة العموم.
طالب: لكن نحن لو نظرنا........
لا، هذا ما حصل إلا لقلة قليلة، هو يريد أن يمثل أنه ثبت له ثبت لأمته، وإذا ثبت لفرد من الأمة كأنه ثبت للجميع؛ لأنه لا مزية لهذا الفرد إلا من هذه الحيثية. لا، هو فيها تكلف كبير في بعضها، يعني التنظير وكثرة الأمثلة هذه كأن فيها شيء.
طالب:........
معروف أن التكاليف هي الأصل، المناقب التي ذُكرت من باب التشريف، نعم، كثير من أفراد الأمة لا يستحق تشريف أيضًا، كثير من أفراد الأمة من المخالفين، وإن دخلوا في مسمى الأمة فلا يستحقون تشريفًا لوجود المخالفات.
طالب: "والثالث عشر: خوارق العادات معجزات وكرامات للنبي ، وفي حق الأمة كرامات، وقد وقع الخلاف: هل يصح أن يَتحدَّى الولي بالكرامة دليلاً على أنه ولي أم لا؟ وهذا الأصل شاهد له، وسيأتي بحول الله وقدرته".
يعني كما يتحدى النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يُبعث إليه بالمعجزة، فهل نقول: إذا ادعى النبوة، وظهر على يده ما يخرق العادة، وتحدى به دل على صدقه، نقول نظيره في الولي إذا ادعى الولاية، ثم ظهر على يده ما يخرق العادة، وتحدى به من يعارض ولايته، هل نثبت بذلك صدقه أو لا؟ لا ما نثبت صدقه إلا بعرض حاله وأقواله وأفعاله على الكتاب والسنة، إن كانت أفعاله وأقواله مطابقة لما جاء في الكتاب والسنة فهي كرامة، وإلا فهي استدراج من الشيطان وتلبيس.
طالب:........
لا لا، لكن أحيانًا في بعض المضايق يحتاج، من أين يأتي القسم على الله -جل وعلا- إلا من هذه الحيثية، وإلا فما أحد يدعي أنه ممن لو أقسم على الله لأبره، لكن قد يضطر إلى ذلك في بعض المضايق، يعني تعرفون قصة بعض الدعاة الذين طُلب منهم الاستسقاء، فإن أجيب وسقي الناس أجابوا لدعوته وإلا فلا، هذا امتحان، احتمال ما يجاب، ثم بعد ذلك يصارف عن هذه الفئام من الناس، يعني هذه الجموع كله من الدخول في الإسلام، فمثل هذا بلوى، هذه المآزق أحيانًا تكون بلوى، فعليه أن يرجح، يوازن، هو يرغب في إسلام هذه القبيلة أو أهل هذا البلد، لكن احتمال أنه ما يجاب في دعوته؛ ولذلك فعلى الإنسان ألا يعرض نفسه لمثل هذه الابتلاءات.
يعني بعض الناس يقول: اللهم إن كنت على الجادة فاقبضني إليك، ما يُقبض، طيب الناس ماذا يقولون؟ هذا ما هو على الجادة. يعني كل من دعا يجاب؟ لا لا، نقول: إن الإنسان لا يعرض نفسه لهذه الأمور، لكن أحيانًا هناك مضايق ما فيها خيار.
طالب: "والرابع عشر: الوصف بالحمد في الكتب السالفة وبغيره من الفضائل، ففي القرآن: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6]، وسميت أمته الحمَّادين.
والخامس عشر: العلم مع الأمية، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ} [الجمعة: 2]، وقال: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [الأعراف: 158] الآية".
نعم، «نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب»، والرسول -عليه الصلاة والسلام- أمي، والأمية بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- وصف كمال، وبالنسبة لأمته، لأفراد أمته: الأمي أكمل من المتعلم أم المتعلم أكمل؟ يعني الذي يكتب ويقرأ، المتعلم أكمل بلا شك، لا سيما إذا استغل هذه النعمة فيما يرضي الله وما يوصله إلى الله كسائر النعم، يعني كما أن المبصر أكمل من الأعمى، والذي يسمع أكمل من الأصم، لكن هذه نِعم إن استغلت فيما ينفع فهي نِعم وإلا صارت نقمًا. فكون الرسول -عليه الصلاة والسلام- يُمدح بكونه أميًّا لا يعني أن الأمة أن هذه صفة مدح لها أنها أمية، إنما قيل الحديث: «نحن أمة أمية»؛ ليتوصل بذلك إلى حكم شرعي: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، وإلا بعد أن كان يستدل عامة الناس على أهل العلم بأن الأمة أمية كنبيها وهذا أفضل؟ لا ليس بأفضل بالنسبة للأمة. لكن هناك من يدعى أنه علم الأمية أفضل منه.
يقول الحافظ الذهبي في ترجمة ابن عربي: واللهِ إن العيش خلف أذناب البقر أفضل من علم كعلم ابن عربي، وهذا صحيح: العلم الذي يضر ليس بعلم، فالعلم ما نفع.
طالب: "وفي الحديث: «نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب».
والسادس عشر: مناجاة الملائكة، ففي النبي ظاهر، وقد رُوي في بعض الصحابة -رضي الله عنهم- أنه كان يكلمه المَلَك، كعمران بن الحصين، ونقل عن الأولياء من هذا".
نعم. عمران بن الحصين كما في صحيح مسلم: «أنه كان لما مرض كان يُسلَّم عليه»، يعني تسلم عليه الملائكة؛ هذا في صحيح مسلم، «فاكتوى فانقطع التسليم، فندم فعاد التسليم»، يُكلَّم: السلام عليكم، لكن هل هذا كثير في الأمة أم نادر؟ نادر، لكن وُجد جنسه في الأمة، وهذا ما يريد أن يقرره المؤلف: الرسول -عليه الصلاة والسلام- يُكلم من قبل الملائكة، وكُلم بعض أمته. إبراهيم -عليه السلام- أُحرق في النار فلم يحترق، وصارت عليه بردًا وسلامًا، ووجد في هذه الأمة من ألقي في النار ولم يتأثر، من هو؟
طالب: أبو مسلم الخولاني يا شيخ؟
نعم. أبو مسلم الخولاني، واسمه؟
طالب:........
هما اثنان: أبو إدريس وأبو مسلم، اثنان، أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني، وأبو مسلم عبد الله بن ثُوَب. هات التقريب، ماذا هنا؟ حصل لبس به هنا؟
طالب: أبو مسلم عبد الله بن ثوب.
عبد الله بن ثوب، وأبو إدريس عائذ الله بن عبد الله. عندك هنا اقرأ بالظاهر، ما هذا؟ ترى الجزأين.
طالب:.......
ما يلزم، نحتاج هذا، ويحصل الخلط بينهما.
طالب:.......
خلاص يكفي ما نحتاجه.
طالب: "والسابع عشر: العفو قبل السؤال، قال تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43]، وفي الأمة: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: 152]".
يعني قبل سؤال العفر حصل له -عليه الصلاة والسلام- وحصل لأمته، ومن الأسماء من أسماء الله التي يُدعى بها: المنان، والمنان الذي يعطي يَمن بالعطاء قبل السؤال، وهذا لا شك أنه كثير بالنسبة له -جل وعلا-، فهل هذا خاص بهذه الأمة أو موجود في الأمم السابقة؟ لأن المؤلف ذكر هذا المثال: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43] قبل طلب العفو، {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: 152]. نقول: في بعض المسائل ما فيها من الوضوح الذي يقرره المؤلف -رحمه الله تعالى- على أنه واضح، وليس هناك ما يدل على اختصاص الأمة به، قد يوجد في الأمم السابقة.
طالب: "والثامن عشر: رفع الذِّكر، قال تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4]، وذكر أن معناه قرن اسمه باسمه في عقد الإيمان وفي كلمة الأذان".
في كلمة التوحيد وكلمة الشهادة: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، وكذلك في "الأذان".
طالب: "فصار ذِكره -عليه الصلاة والسلام- مرفوعًا مُنوهًا به، وقد جاء من ذِكر الأمة ومدحهم والثناء عليهم في القرآن وفي الكتب السالفة كثير، وجاء في بعض الأحاديث عن موسى -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: «اللهم اجعلني من أمة أحمد»؛ لما وجد في التوراة من الإشادة بذكرهم والثناء عليهم".
نجد في بعض المحاريب، فوق المحراب مثلاً دائرة فيها: (الله)، ودائرة على نفس المستوى بنفس الحجم: (محمد). بعض الشباب الغيورين يقول: إن هذه تسوية بين اسمه -عليه الصلاة والسلام- وبين لفظ الجلالة، فينبغي إما أن يُقتصر على الله وإلا تُجعل ترتيب. يعني تجدون في الجهات وبعض الدوائر والأشياء: (الله المليك الوطن)، يعني تُجعل متدرجة ما تُجعل في صف واحد؛ لأنه ما يمكن أن يُسوى بينها. لكن ما يُذكر في المحاريب: (الله، محمد) إن كان من باب {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الشرح: 4]، فلا أُذكر إلا وتُذكر معي.
طالب: يستقيم.
لاستقام الأمر، يعني كما يقال في كلمة التوحيد الإخلاص: ما يدخل في الإسلام إلا بالشهادتين، والتشهد في الأذان وغيره بالشهادتين؛ فلا يكون في هذا تسوية.
طالب: من الناس يا شيخ من يقول: لا إله إلا الله، فيرد عليه أحد من الموجودين يقول: محمد رسول الله.........
يعني أكمل.
طالب:.... لا لا، ممكن يكون في حديث.
وما هو؟
طالب:.... لا إله إلا الله وهو جالس، فيرد عليه على الحديث محمد رسول الله......
نعم؛ لأن هذا أُخذت يعني على ألسنة، يعني درجت على ألسنة الناس بالتمام، ولذا جاء في بعض الأحاديث، فمثلاً: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله»، يكفي أو لا بد من قول: محمد رسول الله، أشهد أن لا إله الله وأن محمدًا رسول الله؟ لأنه جاء في بعض المواطن، يعني المطلوب الشهادتان، فيقتصر على الأولى منهما مع أن الثانية مراده ومطلوبة.
طالب: "والتاسع عشر: أن معاداتهم معاداة لله، وموالاتهم موالاة لله، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ} [الأحزاب: 57]، هي عند طائفة بمعنى أن الذين يؤذون رسول الله لعنهم الله، وفي الحديث: «من آذاني فقد آذى الله»".
"«من آذاني فقد آذى الله»"، فالمراد بأذية الله في الآية في آية الأحزاب أذية الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن من آذى الرسول فقد آذى الله، وأما الرب -جل وعلا- فلا يمكن إيذاؤه على قول من يقول هذا الكلام، وفي الحديث القدسي: «يؤذيني ابن آدم»، لا يُتصور الأذى الحسي الذي يتضرر به؛ لا، قد يكون أمرًا يغضب ويسخط الرب -جل وعلا-، لكن لا يناله آذاه: «لو أن أولكم وآخركم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا». نعم.
طالب: "وفي الحديث: «من آذى لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة»، وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]، ومفهومه: من لم يطع الرسول لم يطع الله. وتمام العشرين: الاجتباء".
قف على "تمام العشرين".
طالب: أحسن الله إليك.