شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك (05)

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: محظورات الإحرام:

وهي تسعة: حلق الشعر، وتقليم الأظافر، فمن حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم، ومن غطى رأسه بملاصق فدى،  وإن لبس ذكر مخيطاً فدى، وإن طيب بدنه أو ثوبه أو أدهن بمطيب، أو شم طيباً، أو تبخر بعود ونحوه فدى، وإن قتل صيداً مأكولاً برياً أصلاً ولو تولد منه ومن غيره أو تلَف...

تلِف، تلِف.

أو تلِف في يده فعليه جزاؤه، ولا يحرم حيوان إنسي ولا صيد البحر، ولا قتل محرم الأكل ولا الصائل.

يكفي.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: محظورات الإحرام" المحظورات: جمع محظور، والمحظور هو الحرام بمعنى، وهو ما يأثم فاعله ويستحق العقاب، ويثاب تاركه امتثالاً، أما إذا ترك المحظور مع عزوبه عن ذهنه من غير قصد للامتثال فهل يثاب أو لا؟ نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب: لا يثاب لعدم قصد الامتثال.

يعني شخص جلس في بيته ولا سرق ولا زنا ولا غش ولا فعل شيء من المحظورات يثاب على تركها؟ مع أنه لم يقصد ذلك، لكن إن قصد ذلك بأن قال: أجلس في البيت لأسلم من ارتكاب المحظورات لا شك أنه يثاب، أما من ترك هذه المحرمات مع عدم نية الامتثال جلس في بيته ولم يقصد بذلك أن يسلم من ارتكاب المحرمات فإن مقتضى قول جمهور العلماء أنه لا يثاب على هذا الفعل إلا مع النية.

الإحرام: تقدم تعريفه، نية الدخول في النسك، وإضافة المحظورات إليه من باب إضافة الشيء إلى سببه، أي الخصلات أو الفعلات المحرمات بسبب الإحرام.

يقول -رحمه الله تعالى-: "وهي تسعة" الحصر طريقه الاستقراء كما هو معروف، قد يقول قائل: لماذا لا تكون عشرة أو سبعة أو ثمانية؟ أهل العلم استقرؤوا النصوص فوجدوها تنحصر في تسعة، ولا مانع من الحصر وإن لم يرد به نص شريطة أن يكون الاستقراء تاماً حيث لا ينخرم، جاء الحصر في النصوص الشرعية: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم)) و((سبعة يظلهم الله في ظله)) وجاء الحصر في بعض النصوص بعدد معين ثم زيد عليه ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) مثلاً ثم زيد على هذه العدد ممن تكلم في المعهد حتى وصل العدد إلى سبعة، من العجيب قول بعض الشراح وهو إساءة أدب بلا شك لما تعرض لهذا الحديث قال: "في هذا الحصر نظر، قد ثبت أنه تكلم في المعهد غير هؤلاء الثلاثة" من الذي قال: ((لم يتكلم في المعهد إلا ثلاثة؟)) الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذه إساءة بالغة، بل غفلة شديدة، مثل هذه الكلام يقال بالنسبة للرسول -عليه الصلاة والسلام-، الذي لا ينطق عن الهوى.

المحظور الأول: "حلق الشعر" من جميع بدنه بلا عذر من مرض أو قمل أو قروح أو صداع مما يتضرر بإبقائه؛ لأن حق الشعر مؤذن للرفاهية، وهي تنافي الإحرام، يقول الله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [(196) سورة البقرة] وفي حكم الحلق القص والنتف، نص تعالى على حلق الرأس وعدي إلى سائر شعر البدن، قاس عليه أهل العلم سائر البدن، فمنعوا من إزالة شعره، سواء كان بالحلق أو بالنتف أو القلع أو النورة وما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز.

والثاني: "تقليم الأظفار" أو قصها من يدٍ أو رجلٍ بلا عذر، فيباح عند الحاجة، الحاجة تبيح المحظور، لكنها لا تعفي من الفدية، إذا كانت هناك حاجة فإنه يستبيح بها المحظور كما في الآية، وكما في حديث كعب بن عجرة وسيأتي، الشارح البهوتي ولا بد أن نذكر أنه البهوتي؛ لأنه عرف عند أهل العلم أن الشارح صاحب إيش؟

طالب:..........

لا الشارح عند أهل العلم صاحب الشرح الكبير، في سبل السلام إذا قال: قال الشارح واختاره الشارح يقصد بذلك؟

طالب:..........

صاحب البدر التمام الحسين بن محمد المغربي، الشارح البهوتي يقول: "فإن خرج بعينه شعر أو انكسر ظفره فأزالهما أو زالا مع غيرهما فلا فدية، وإن حصل الأذى بقرح أو قمل ونحوه فأزال شعره لذلك فدى" الأذى حصل في الصورتين، ما الفرق بين الصورتين؟ يقول: "فإن خرج بعينه شعر أو انكسر ظفره فأزالهما أو زالا مع غيرهما فلا فدية، وإن حصل الأذى بقرح أو قمل أو نحوه فأزال شعره لذلك فدى" نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

هو متعمد، هو محتاج في المسألتين، ومتعمد لفعل المحظور للحاجة في الصورتين، ها يا أشرف؟

طالب: المسألة الأولى يا شيخ قد يكون لأنه في العين يعني مكان حساس فجاء يزيل الشعر الذي طلعت في العين فطلعت معها شعرة أخرى من شعرات الحاجب مثلاً، هذه خرجت بدون قصد منه الشعرة الزائدة، وأما الشعرة....

لا الكلام في الشعرة المؤذية.

طالب: العين قد تكون حساسة يا شيخ.

هي مؤذية بذاتها، وتلك؟ نعم؟

طالب: مؤذية بغيرها.

لأنه قد يستشكل مثل هذا الكلام.

طالب: في الصورة الأولى مؤذية بذاتها.

طيب وإن حصل الأذى بغيرها، يعني فأزيلت تبعاً لغيرها يعني لا تمكن إزالة الأذى أو رفع الأذى الذي حصل بسبب غيرها إلا بإزالتها.

طالب:.........

كيف؟ بلا فدية؟

طالب:.........

لكن هو أذن لكعب بن عجرة أن يحلق شعره مع الفدية، هل الأذى بالنسبة لكعب بن عجرة حصل من الشعر نفسه؟ أو من القمل؟

طالب: من القمل يا شيخ.

ولا تمكن إزالته إلا بإزالت الشعر.

ابن رجب -رحمه الله تعالى- في القواعد، في القاعدة السادسة والعشرين يقول: من أتلف شيئاً لدفع أذاه لم يضمنه، من أتلف شيئاً لدفع أذاه له لمن يضمنه، وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه، يقول: ويتخرج على ذلك مسائل: منها لو صال عليه حيوان أدمي أو بهيمة فدفعه عن نفسه بالقتل لم يضمنه، ولو قتل حيوان لغيره في مخمصة لحيي به نفسه ضمنه، الحاجة قائمة في الصورتين، لكن الأذى حصل في الصورة الأولى بنفس الصائل، نفس الصائل هو المؤذي، فقتل المؤذي مأذون فيه شرعاً فلا ضمان فيه، في الصورة الثانية الأذى حصل بالجوع، بسبب غير المقتول فيضمن، يقول: "ومنها لو صال عليه صيد في إحرامه فقتله دفعاً عن نفسه لم يضمه على أصح الوجهين، وإن اضطر فقلته في المخمصة ليحيي به نفسه ضمنه، ومنها: لو حلق المحرم رأسه لتأذيه بالقمل والوسخ فدى؛ لأن الأذى من غير الشعر، ولو خرجت في عينه شعرة فقلعها أو نزل شعر على عينيه فأزاله لم يفده".

طالب:........

يقول -رحمه الله تعالى- وهذا مما يوضح القاعدة وإن كان لا علاقة له مما نحن فيه، يقول: لو أشرفت سفينة على الغرق فألقى متاع غيره ليخففها ضمنه، ولو سقط عليه متاع غيره فخشي أن يهلكه فدفعه فوقع في الماء لم يضمنه" لأن الأذى حصل به مباشرة، يقول: "ومنها: لو وقعت بيضة نعام من شجرة في الحرم على إنسان فدفعها فانكسرت فلا ضمان عليه بخلاف ما لو احتاج إلى أكلها لمخمصة"، يقول: "ومنها: لو قلع شوك الحرم لأذاه لم يضمنه، ولو احتاج إلى إيقاد غصن شجرة ضمنه، المقصود أن مثل هذه المسائل الدقيقة يفيد فيها كثيراً مثل هذا الكتاب، وهذا الكتاب نفيس جداً، قواعد ابن رجب لا يستغني عنه طالب علم؛ لأنه يحصر مثل هذه الدقائق التي قد لا تجتمع لغيره، ولا تتسنى لغيره، وأبدا في هذا الكتاب براعة فائقة، استكثر عليه -رحمه الله- لكنه فوق ما قيل عنه -رحمه الله تعالى-.

يقول -رحمه الله تعالى-: "فمن حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم"  

طالب:........

ويش هو؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

يأتي يأتي، قال -رحمه الله تعالى-: "فمن حلق أو قلم ثلاثة فعليه دم" لو قال: عليه فدية إذ لا يتعين الدم، وإن كان الفقهاء يطلقون الدم ويريدون به الفدية عموماً، إذ لا يتعين الدم كما هنا، لكن لو قال: عليه فدية فدى، يعني فدية كاملة وهو مخير بين الدم وهو شاة تجزئ في أضحية أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد بر، أو نصف صاع من تمر أو شعير، أو صيام ثلاثة أيام؛ لما في الصحيحين وغيره مع كعب بن عجرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رآه والقمل يسقط على وجه، فقال: ((أيؤذيك هوامك؟)) قال: نعم، فأمره أن يحلق، فأنزل الله آية الفدية، أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يطعم فرقاً بين ستة مساكين، أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام، وهذا ظاهر في التخيير، وفيه نزل قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [(196) سورة البقرة] لكن من حلق شعرة واحدة، أو قلم ظفراً واحداً فليطعم مسكين واحداً، وإن حلق شعرتين أو ظفرين فمسكينين، هكذا قال أهل العلم، وفي الثلاثة كما قال المؤلف الفدية كاملة، كذا عند الحنابلة والشافعية، وعند أبي حنيفة الفدية إنما تجب في ربع الرأس، وعند مالك فيما يماط به الأذى، إذا اعتبر حالقاً فدى وإلا فلا، فيما يماط به الأذى ويحصل به الترفه، وإزالة التفث.

وأنكر ابن القيم أنه يستفاد وجوب الدم على من قطع من جسده أو رأسه ثلاث شعرات أو أربعاً من قوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ} [(196) سورة البقرة] لأن هذا ليس بحلق، ثلاث شعرات ولا الأربع لا أثر لها في الرأس، يباح للمحرم غسل شعره وترجيله برفق، وإن ترتب عليه سقوط بعض الشعر من غير قصد.

تقليم الأظفار لم يرد فيه دليل، الدليل في حلق الشعر، لكن العلماء قاسوه على حلق الشعر بجامع الترفه، روى البيهقي عن ابن عباس أنه قال: "المحرم إذا انكسر ظفره طرحه" ويقول: "أميطوا عنكم الأذى، فإن الله -عز وجل- لا يصنع بأذاكم شيئاً" وقد نقل الإجماع على أن المحرم ممنوع من تقليم أظفاره فيكون الدليل إيش؟

طالب:........

الإجماع، حكاه ابن المنذر والموفق، وخالف ابن حزم فأجاز في المحلى قص الأظفار؛ لأنه لم يرد فيه دليل وهو كما هو معلوم يدور مع الدليل، ولا يلتفت إلى مخالفة السواد الأعظم من الأمة لو ترتب على ذلك مخالفة الأمة كلها؛ لأنه يدور مع الدليل، ويأتي هنا ما قيل في الاعتداد برأيه، وهل ينقض به الإجماع أم لا.

طالب:.........

لكن ما هو مرفوع.

طالب: وخصت به الآية.

تفسير الصحابي؟ يعني تفسير الصحابي هل مرفوع أو لا؟ الحاكم يعده من المرفوع، والجمهور على أنه ليس بمرفوع، وحملوا قول من قال بذلك على أسباب النزول، ولذا يقول الحافظ العراقي:

وعُدّ ما فسره الصحابي
جج

 

رفعاً فمحمول على الأسبابِ
ج

ليس كل ما فسره الصحابي يعد مرفوع، نعم جاء الوعيد الشديد في تفسير القرآن بالرأي، والصحابة أشد الناس امتثالاً للأوامر واجتناب للنواهي، لكن مع ذلك ثبت عنهم أنهم فسروا من تلقاء أنفسهم، فسروا من عندهم، نعم؟

طالب:.......

المحظور الثالث: أشار إليه المؤلف بقوله: "ومن غطى رأسه بملاصق فدى" تغطية الرأس بالنسبة للذكر محظور لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يلبس المحرم؟ فقال: ((لا يلبس المحرم القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل ولا ثوب مسه ورس ولا زعفران ولا الخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين)) متفق عليه.

فتغطية الرأس بالملاصق سواء كان معتاداً كالعامة والطاقية والبرنس، أو غير معتاد كالقرطاس والطين والحناء وما أشبه ذلك، ويخرج بذلك غير الملاصق؛ لأنه لا يعد تغطية، مثل الشمسية والسيارة والخيمة والشجرة والبيت وغير ذلك؛ لأن هذا لا يعد تغطية، الرسول -عليه الصلاة والسلام- ظلل عليه، وهذا ما يفيده كلام المؤلف، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، والمذهب عند الحنابلة أنه إذا غطى رأسه بملاصق أو استظل بشمسية يعني غير ملاصق أو محمل حرم عليه ذلك، ولزمته الفدية، وإليه يؤمئ كلام الشارح.

الشيخ -رحمه الله- ابن عثيمين -رحمة الله عليه- قسم ستر الرأس إلى أقسام.

الأول: يقول: جائز بالنص والإجماع مثل أن يضع الإنسان على رأسه لبداً بأن يلبده بشيء كالحناء مثلاً، أو العسل، أو الصمغ لكي يهبط الشعر، ونص الشيخ على الحناء، ونقل فيه الإجماع، الأول جائز بالنص والإجماع، مثل أن يضع الإنسان على رأسه لبداً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهلّ ملبداً، كما في الصحيح عن ابن عمر، أي وضع شيئاً يلبد به شعره لمنع الشعث، ومثل بالحناء والعسل والصمغ هناك في ما ذكره أهل العلم كالشارح وغيره، قالوا: فتغطية الرأس بالملاصق سواء كان معتاداً كالعمامة والطاقية والبرنس أو غير معتاد كالقرطاس والطين والحناء، فسووا بين المعتاد وغير المعتاد، لكن من وضع على رأسه الحناء هل يقال: غطى رأسه؟

طالب:........

نعم؟

طالب:........

يعني إذا كان له جرم أو ليس له جرم؟ إذا كان الحناء له جرم يأخذ حكم التغطية، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أهل ملبداً بإيش؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أهل ملبداً في صحيح البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يهل ملبداً" أي واضعاً شيئاً يلبد شعره، يعني كالعسل والصمغ وما أشبه ذلك، لكن هل مثل هذا لو جرم، الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- جعل الحناء في القسم الأول الذي هو الجائز بالنص والإجماع، ولعل هذا مثلما تفضل الأخ يحمل على الحناء الخفيف الذي لا يقي المحرم حر الشمس مثلاً؛ لأنه إذا وقاه حر الشمس أخذ حكم المعتاد، أما إذا كان شيئاً يسيراً لا يقي حر الشمس، بل يلبد الرأس ولا يقي من حر الشمس فإنه يختلف الحكم.

الثاني: يغطي بما لا يقصد به التغطية والستر كحمل العفش ونحوه، فهذا لا بأس به.

القسم الثالث: أن يستره بما يلبس عادة على الرأس مثل الطاقية والشماغ والعمامة فهذا حرام بالنص.

القسم الرابع: أن يغطي بما لا يعد لبساً لكنه ملاصق ويقصد به التغطية فلا يجوز، ودليله قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تخمروا رأسه)).

القسم الخامس: أن يظلل رأسه بتابع له كالشمسية والسيارة ومحمل البعير وما أشبهه، فهذا محل خلاف بين العلماء، فمنهم من أجازه يقول الشيخ: وهو الصحيح، ومنهم من منعه، وتقدم أن في الشرح منع مثل هذه الأمور، نعم، "أن المذهب عند الحنابلة أنه إذا غطى رأسه بملاصق أو استظل بشمسية أو محمل حرم عليه ذلك ولزمته الفدية، وإليه يؤمئ كلام الشارح".

القسم السادس: أن يستظل بمنفصل عنه، غير تابع كالاستظلال بالخيمة، وثوب يضعه على شجرة أو أغصان شجرة وما أشبه ذلك فهذا جائز ولا بأس به، وقد ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ضربت له قبة بنمرة فبقي فيها حتى زالت الشمس، هذا بالنسبة لتغطية الرأس، وماذا عن تغطية الوجه؟ المؤلف لم يتعرض له، لم يذكر تغطية الوجه، والعلماء مختلفون في تغطيته، هل يجوز للمحرم أن يغطي وجه أو لا يجوز؟ فبعضهم قال: لا يجوز للمحرم أن يغطي وجهه؛ لما في حديث ابن عباس في قصة الرجل الذي وقصته ناقته، فعند مسلم: ((لا تخمروا رأسه ولا وجهه)) هذه الزيادة: ((ولا وجهه)) وهي في صحيح مسلم تدل على أن المحرم ليس له أن يغطي الوجه، فإذا منع منه في حال الموت ففي حال الحياة من باب أولى، والمنع رواية عن أحمد، وهو قول مالك وأبي حنيفة، ومن أجاز تغطية الوجه حكم على رواية مسلم آنفة الذكر بأنها غير محفوظة، يقول: هذا الرواية غير محفوظة، والحديث في الصحيحين وغيرهما بدونها، وحكم جمع من الحفاظ عليها بأنها شاذة، وهذا مذهب الشافعي وأحمد، فعلى هذا يجوز للمحرم أن يغطي وجهه.

فرق ابن حزم وهذا لائق بظاهريته فأجاز للمحرم في حال الحياة أن يغطي الوجه، ومنع المحرم في حال الموت أن يغطى وجهه، هذا لائق بظاهريته، والأولى المنع؛ لأن هذه الزيادة ثابتة في صحيح مسلم، والكتاب تلقته الأمة بالقبول، صيانة لهذا الكتاب العظيم الذي اعتمدت عليه الأمة، وتلقته بالقبول فينبغي أن تقبل مثل هذه الزيادة، يقول ابن التركماني في الجوهر النقي: "قد صح النهي عن تغطيتهما -الرأس والوجه- فجمعهما بعضهم، وأفرد بعضهم الرأس، وبعضهم الوجه، والكل صحيح، ولا وهم في شيء منه، وهذا أولى من تغليط مسلم"، وقال الألباني في إرواء الغليل: "وجملة القول أن زيادة الوجه في الحديث ثابتة محفوظة عن سعيد بن جبير من طرق عنه" هذه المسألة يحتاجها كثير من الناس؛ لأن بعض الناس ما ينام من دون تغطية الوجه، إذا كان وجه مكشوف ما ينام، لكن مع ذلك إذا ثبت النص فلا كلام لأحد.

طالب: بعض الناس يعصب على عينه.

إذا كان لا يعد تغطية لا بأس، أما كل ما يعد تخمير فهو ممنوع، نعم؟

طالب:........

الشيء اليسير لا يأخذ حكم الكل، نعم؟

طالب:........

إن كانت تغطي النصف الأسفل فهذا كثير بلا شك، أما إن كانت خيط رفيع يمنع من دخول الروائح أو دخول الجراثيم للأنف فلا بأس -إن شاء الله- للحاجة، ومثله لو وضع على عينيه خيط أو سير خفيف مثلاً يسير يمنع النور ولا يسمى عرفاً مغطياً حينئذٍ لا بأس، لا سيما والمسألة كما سمعتم خلافية.

والمحظور الرابع: أشار إليه المؤلف بقوله: "وإن لبس ذكر مخيطاً فدى" والمراد في بدنه أو في بعضه، بما عمل على قدره قل أو كثر، من قميص وعمامة وسراويل وبرنس ونحوها، قال في الإنصاف: "ما عمل على قدر العضو إجماعاً كالخفين والقفازين ولو غير معتاد كجورب" هذه غير معتاد؟ كجورب في كف وخف معتاد و إلا لا؟

طالب:.......

في إيش؟

طالب:........

لا "وخف في رأس".

طالب:........

كيف؟

طالب:.......

لا في أخفاف كبار، ما عمل على قدر العضو إجماعاً كالخفين والقفازين ولو كان غير معتاد كجورب في كف وخف في رأس، لماذا؟ لأنه بقدر العضو، لما في الصحيحين أنه -عليه الصلاة والسلام- سئل ما يلبس المحرم؟ قال: ((لا يلبس القميص ولا العمامة ولا البرنس ولا السراويل، ولا ثوب مسه ورس ولا زعفران)) الحديث تقدم "ولا يعقد الرداء" قال الشيخ: الرداء لا يحتاج إلى عقده فلا يعقده، فإن احتاج إلى عقده ففيه نزاع، والأشبه جوازه حينئذٍ إن احتاج على عقده يعقده، لكن بما لا يشبه به المخيط، لو أكثر العقد في الرداء وقارب بين هذه العقد بحيث يكون في حكم المخيط ومثله الإزار، لو أكثر العقد، أو وضع شيء يجعل بعضه يلصق في بعض بحيث يشبه به كالأزارير مثلاً يشبه به كالمخيط هذا هو المخيط بعينه؛ لأن الخياطة ليست هي المقصودة بذاتها، ليست المخياطة مقصودة لذاتها، نعم؟

طالب:........

لكن إذا أشبه المخيط على قدر العضو أو على قدر البدن له حكمه.

طالب:.........

لو كثر المشابك وصار في حكم المخيط، أو خاط الإزار، وصار مثل نصف القميص هذا مخيط، وقلنا: إن الخياطة ليست مقصودة لذاتها، إنما إذا أشبه ما يلبسه الحلال كالقميص والسراويل والبرانس وما أشبه منع؛ لأنه لو أنشق القميص أو الرداء جازة خياطته ولا يسمى مخيط، ولو نسج على قدر العضو بدون خياطة منع، ولو لم تكن فيه خياطة.

قال ابن عمر: "لا يعقد عليه شيئاً" رواه النسائي، وليس له أن يجعل الرداء زراً ولا عرى، ولا يخله بشوك أو إبر، أما الإزار فله عقده لحاجته إلى ستر العورة كاللباس للمرأة، يعني والحاجة تقدر بقدرها، بقدر الحاجة وما زاد عن الحاجة مما يجعله شبيهاً بالقمص مثل هذا لا يجوز لبسه للمحرم.

قال في الإنصاف: "إذا لم يثبت إلا بالعقد فله عقده بلا نزاع، وإن لم يجد نعلين لبس خفين، وهل يقطعهما أسفل من الكعبين؟ المذهب لا، ففي المنتهى: يحرم قطعهما، نص عليه أحمد، وهو إفساد، واحتج الموفق وغيره بالنهي عن إضاعة المال، وقال الشيخ: إذا لم يجد نعلين لبس خفين وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر بالقطع أولاً، ثم رخص في ذلك في عرفات، ففي الصحيحين من حديث ابن عباس قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب في عرفات: ((من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ولم يجد نعلين فليلبس خفين)) يقول صاحب المنتقى المجد ابن تيمية: الظاهر أنه ناسخ لحديث ابن عمر بقطع الخفين؛ لأنه قاله بعرفات في وقت الحاجة، وحديث ابن عمر كان في المدينة، وذهب الجمهور إلى وجوب قطع الخفين إذا لم يوجد النعلين؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما، وفيه: ((إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)).

لا شك أن حديث ابن عباس متأخر، وحديث ابن عمر متقدم، من نظر إلى هذين النصين من هذه الحيثية، قال بالنسخ لا سيما وأن الحاجة داعية إلى ذكر القطع بعرفات؛ لأنه حضر من الحجاج الجمع الغفير ممن لم يسمع الخبر الأول، نعم؟

طالب:........

حديث ابن عمر في المدينة، حديث: ((وليقطعهما)) هذا في المدينة، وحديث ابن عباس: ((فليلبس خفين)) وليس فيه ذكر للقطع بعرفات، فمن قال: إن البيان لا بد منه في هذا الموطن؛ لأنه سمع الحديث جمهور غفير من الحجاج الذين وفدوا إلى مكة من غير المدينة، ولم يسمعوا حديث ابن عمر قال بالنسخ؛ لأن هذا يلزم عليه تأخير البيان عن وقت الحاجة، تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهو المعروف عند الحنابلة، بل أفتوا بتحريم القطع لأنه إضاعة للمال، والجمهور يقولون: لا بد من القطع، لماذا؟ لأن عندهم مطلق ومقيد، حديث ابن عمر مقيد، وحديث ابن عباس مطلق، حديث ابن عباس مطلق، وحديث ابن عمر مقيد، وهنا يحمل المطلق على المقيد في خلاف وإلا لا؟ في خلاف في حمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة؟ نعم؟

طالب:.........

بلا خلاف، لماذا؟

طالب:........

نعم، للإتحاد في الحكم والسبب، لإتحاد الحكم والسبب، هنا يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، لكن الحنابلة غفلوا عن هذه القاعدة وإلا رجحوا بمرجحات أخرى؟ نظروا إلى مرجحات أخرى؛ لأن القواعد التي يقعدها أهل العلم إنما يعمل بها مع عدم المعارض، أما إذا وجد معارض أقوى من هذه القاعدة فإنهم يعملون المعارض إذا كان راجحاً.

هنا اتحد الحكم والسبب فيمحل المطلق على المقيد اتفاقاً، وهذه مسألة مفروغ منها، كما في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] مع قوله تعالى: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام] هنا يحمل المطلق على المقيد، وهذه مسألة متفق عليها للاتحاد في الحكم والسبب، يحتاج أن نذكر باقي الصور وإلا ما يحتاج؟ رددناها في مناسبات كثيرة، ها؟

طالب:........

يحتاج وإلا ما يحتاج؟

طالب:........

إذن نذكرها باختصار، يقابل ذلك إذا اختلفا في الحكم والسبب، فإنه لا يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، كاليد أطلقت في آية السرقة، وقيدت في آية الوضوء، الحكم مختلف والسبب مختلف، وحينئذٍ لا يحمل المطلق على المقيد، وهذا محل إجماع.

إذا اتحدا في الحكم دون السبب كالرقبة في العتق، الحكم واحد وهو وجوب الإعتاق والسبب مختلف، في آية القتل الرقبة مقيدة، وفي آية الظهار الرقبة مطلقة، والجمهور يحملون المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة، وعكسه فيما إذا اتحد السبب واختلف الحكم كاليد في آية الوضوء، واليد في آية التيمم، والجمهور على عدم حمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة خلافاً للشافعية.

عرفنا أن مذهبه الجمهور وجوب قطع الخفين إذا لم يجد نعلين؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما، وعرفنا أن مذهب الحنابلة أن الخفين لا يقطعان إذا لم يجد النعلين؛ لأنه إضاعة للمال، وعرفنا وجه كل من القولين، الآن إذا أردنا الترجيح بين القولين إذا نظرنا إلى المسألة بمفردها وأردنا أن نطبق قواعد من غير النظر إلى نصوص أخرى، الجمهور عندهم حمل المطلق على المقيد وهي قاعدة متفق عليها في مثل هذه الصورة، والحنابلة يقولون: يلزم على عدم ذكر القطع تأخير البيان عن وقت الحاجة، إذا قلنا: إنه لا بد من القطع، وقد جاء مطلقاً في حديث ابن عباس قوله يلزم عليه تأخير البيان إلى وقت الحاجة، فإذا رجحان قول الحنابلة بالنصوص المتضافرة التي تنهى عن إضاعة المال بل تأمر بحفظه، رُجح القول من هذه الحيثية، إذا لم نجد إزاراً لبس السراويل إلى أن يجد، ولا فدية عليه، بدليل حديث ابن عباس السابق، وهو مذهب الحنابلة والشافعية، وعند الحنفية والمالكية ليس له ذلك، لكن عند الحنفية إذا فتق السراويل لا فدية عليه؛ لعموم النهي عن لبس السراويل، لكن الفيصل في هذه المسألة النص.

لزوم الفدية هو الجاري على قاعدة من يرى أن من احتاج إلى ارتكاب المحظور أن له ذلك مع الفدية، بلا إثم يعني احتاج إلى لبس السراويل، يعني شخص ما وجد إزار لبس سراويل يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز بالنص، تلزمه الفدية وإلا ما تلزمه؟ هو احتاج، هل يختلف الحكم فيما لو كان يجد إزار واحتاج لبس السروال لحكة مثلاً، نعم؟

طالب:........

يختلف الحكم وإلا لا؟

طالب: يختلف.

هذا شخص ما وجد إزار لبس السراويل نقول: لا شيء عليه، النص ظاهر في هذا، لكن القاعدة التي يعمل بها كثير من أهل العلم أنه إذا احتيج إلى ارتكاب المحظور، بعضهم يطلق هذه القاعدة أنه يفدي ولا أثم عليه، كما احتاج كعب بن عجرة إلى حلق الرأس، حلق رأسه وفدى، وهذا احتاج إلى لبس السروال هل نقول: له أن يلبس السراويل ويفدي أو لا يفدي؟ يعني هل تنطبق عليه القاعدة أو لا؟ يعني لعل مرد قول الحنفية والمالكية: "من لم يجد الإزار فليلبس السراويل" يلبسه إذن بلبسه وارتفاع الإثم دون الفدية، لكن الفدية لو كانت مطلوبة لبينت في الحديث، كما بينت في حديث كعب بن عجرة، لكن لما لم تذكر في الحديث دل على أنه لا فدية مع ارتفاع الإثم، وقلنا: هل هناك فرق بين أن يحتاج إلى السراويل لعدم الإزار، أو أن يحتاج إليهما مع وجود الإزار لكن للحاجة الماسة إلى لبس السراويل؟ نعم؟ في فرق وإلا لا؟ إذا لبس السراويل وهو واجد للإزار في فرق؟ يعني يفدي وإلا ما يفدي؟ يعني هذه الصورة هي التي يمكن أن تخرج على القاعدة، قد يقول قائل: هل هناك فرق بين عادم الماء حقيقة وبين عادمه حكماً نظير هذه المسألة هذا عادم للماء حقيقة، له أن يتيمم إجماعاًَ هذا واجد للماء، الماء أمامه، لكنه لا يستطيع استعمال الماء، يضره استعمال الماء {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(43) سورة النساء] وهو واجد للماء، ألا يمكن أن يقال في لبس السروال للحاجة الصحية أنه مثل ما عادم الإزار حكماً، هو واجد للإزار لكنه لا يتمكن من استعماله، فلا يلزم بالفدية؟

طالب:...... يتأذى.

على كل حال مسائل الباب الواحد ينبغي أن تتخذ مجرى واحد، فمسائل الحج تنزل على قواعد ومسائل الصلاة والطهارة تنزل على قواعدها، فقياس من احتاج إلى السراويل مع وجود الإزار على حلق الرأس مع الحاجة أولى من قياسه على واجد الماء مع عدم القدرة على استعماله، يعني لو افترضنا عندنا فرع تردد بين أصلين، عندنا شخص واجد للإزار، لكنه لا يتمكن من استعماله، كثير من الناس يتضايق من الإزار، بل يصاب بتسلخات في فخذيه، فيقول: ما أستطيع أستعمل الإزار، هذا فرع متردد بين أصلين، بين من احتاج لحلق الرأس فحلقه، وحينئذٍ تلزمه الفدية، وبين من وجد الماء مع القدرة على استعماله وحينئذٍ لا يستعمله يتيمم يرجع إلى البدل؛ لأن السراويل بدل على الإزار عند العدم، بدل، وهذا ما يسمى بقياس الشبة، فرع تردد بين أصلين، فيلحق بأقربهما شبهاً، ومسألة حلق الرأس أقرب من مسألة التيمم.

طالب:........

معروف قول عائشة في التبان، أجازت التبان يعني لو احتاج إلى تبان مثلاً له سلف.

طالب:....... حلق الرأس......

إيه.

طالب:.......

مسألة التفريق بين المتلفات وغيرها في المحظورات تراها ما تستند إلى شيء بين، ولذا يلزمون بالمتلفات في النسيان مثلاً، ولا يلزمون فيما لا يترتب عليه إتلاف، لكن التفريق هذا ما له أصل يستند إليه، نعم؟

طالب:........

طيب.

طالب: الشديد وغير الشديد.......

ويش هو؟

طالب: ممكن أكمل الحج هذا تعب، أنا ممكن أكمل على تعب، لكن بعضهم لا قد يصاب بجروح وتضرر ضرر بالغ.

على كل حال الحاجة تقدر بقدرها، تقدر بقدها، والناس يتفاوتون، بعض الناس مستعد أن يرتكب جميع المحظورات ويتخفف من كثير من الواجبات ويفدي عن كثير من الواجبات، ويفدي عن كل محظور، وعن كل ترك مأمور في سبيل أنه يرتاح، وبعض الناس يتحمل المشقة قاصداً بذلك الثواب والأجر من الله -سبحانه وتعالى-، وبعض الناس يتحمل هذه المشقة بخلاً لا قصد للأجر، وكما قال الله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل].

طالب:........

إيش؟

طالب:........

أنه إن احتاج إليه، احتاج إليه والله كأنه الفدية أقعد، الفدية أقعد.

الخامس من المحظورات -محظورات الإحرام- ما أشار إليه المؤلف بقوله: "وإن طيب بدنه أو ثوبه أو ادهن بطيب، أو شم طيباً أو تبخر بعود ونحوه فدى".

اتفق الأئمة على أن استعمال الطيب من المحظورات كما في الإفصاح والمحظور منه عند الجمهور كل ما يتخذ منه الطيب إذا ظهر منه ريح، ريح طيبة سواء كان له مع الريح أثر أم لا، وعند المالكية ما يظهر ريحه، ويبقى أثره كالمسك والزعفران، أما ما لا أثر له فيكره ولا فدية، دليل المنع قول ابن عمر -رضي الله عنهما-: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبلس المحرم ثوباً مصبوغاً بزعفران أو ورس" رواه مسلم، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- يعلى بن أمية بغسله.

وقال في المحرم الذي وقصته راحلته: ((لا تحنطوه)) ولمسلم: ((ولا تمسوه بطيب)) إذا استعمل الطبيب على وجهه يعني تطيب بثوبه أو بدنه هذا ظاهر، لكن إذا استعمل الطيب لا على جهة التطيب كأن استعمله في أكل أو شرب فالمعروف عند الحنابلة أنه يفدي إذا ظهرت رائحته وطعمه، يقول في الإنصاف: "بلا نزاع أعلمه؛ لأنه استعمال للطيب أشبه الشم" جاء بماء الورد مثلاً ووضعه على الطعام وأكله، إن قصد الرائحة هذا له حكم، لكن إذا قصد أن يطيب به الطعام، يطيب به طعمه، فاستعمل الطيب في غير ما وضع له يجوز إلا ما يجوز؟ نعم؟ معروف الحنابلة ما بينهم نزاع في هذه المسألة، لكن هل من وضع ماء الورد في الشاي مثلاً ومقصوده أن يطيب الطعم لا أن يطيب الريح، أو وضعه في الطعام في الرز مثلاً؟ نعم؟

طالب: البخاري يعني الكاذي، الورد.

لو أكل من هذا الطعام ارتكب محظور وإلا لا؟ يقال: تطيب وإلا ما تطيب؟ نعم؟

طالب:.......

لم يتطيب، لا شك أن الورع ترك مثل هذه الأشياء، بخلاف ما يكون الطيب مقصوداً ككونه في الصابون مثلاً أو الشامبو أو غير ذلك هذا مقصود، مقصود أن تظهر رائحته في اليد وعلى البدن، فهذا ممنوع، أما استعمله في غير ما وضع له في أكل أو شرب فالورع تركه، وأما منع الناس منه فيحتاج إلى دليل؛ لأنه لا يقال له: تطيب، ولا مس طيباً لا لغةً ولا عرفاً.

قوله: "أو شم طيباً" أي قصد شمه، يقول ابن القيم: "تحريم شم الطيب بالقياس، ولفظ النهي لا يتناوله بصريحه، ولا إجماع معلوم يجب المصير إليه، ولكن تحريمه من باب تحريم الوسائل، فيمنع منه للترفه واللذة، ومذهب الجمهور أن الشم يكره ولا يحرم، وفي الهدي لابن القيم: "يحضر على المحرم الشم إذا قصد من شم الطيب الترفه واللذة، وأما إذا وصلت الرائحة إلى أنفه من غير قصد، أو شمه بقصد استعلامه عند شرائه لم يمنع منه" أراد أن يشتري طيباً فشمه لينظر هل هو طيب وإلا وسط وإلا رديء، ابن القيم يقول: "فأما إذا وصلت الرائحة من غير قصد، أو شمه بقصد استعلامه عند شرائه لم يمنع منه، ولم يجب عليه سد أنفه، والأول بمنزلة نظر الفجأة" يعني لو تُصر أن شخص يدور بالمطاف معه مبخرة وإيش تسوي الطائف إذا كان محرم؟ نقول: ابتعد، نعم؟ هذا لم يقصد الشم، يقول: "والثاني: بمنزلة نظر الخاطب -يعني إذا شمه بغير قصد بمنزلة نظر الفجأة -يعني فيباح-، "والثاني: إذا قصد بشمه الاستعلام فهو بمنزلة نظر الخاطب" هذا من التنظير المطابق عند ابن القيم -رحمه الله تعالى-.

 

قوله: "أو تبخر بعود ونحوه" يقول البهوتي في الشرح: "ولو بخور الكعبة" يعني إذا قصد الشم لكن لو شمه من غير قصد كما يفعل بعض المحسنين من تبخير المطاف لا بأس به -إن شاء الله تعالى-.

أما وضع الطيب الذي له جرم على الحجر الأسود كما يفعله بعضهم فلا يجوز؛ لأن الناس يشرع لهم الاستلام، استلام الحجر، وإذا وضع الطيب فالمحرم بين أمرين: إما أن يترك الاستلام أو يمس الطيب وكلاهما خلاف الشرع؛ لأن الشرع شرع الاستلام ومنع من الطيب، شرع الاستلام ومنع من الطيب، فهذا المحسن في نظره أساء إلى غيره من المحرمين.

يقول: "أو تبخر بعود ونحوه فدى" أي فدية أذى على ما سيأتي في باب الفدية، وأنه مخير بين صيام ثلاثة أيام، وإطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، وسيأتي -إن شاء الله تعالى-.

الصيد يمدينا عليه وإلا؟

طالب:.......

ويش هو؟

طالب: لا بأس.

كثير ترى، فيه تفصيلات، وفيه فروع.

طالب:.......

أما تكميل الكتاب فهو مستحيل، تكميله مستحيل، لكن هناك حلول -إن شاء الله تعالى-، صفة الحج يعني صفة الحج إذا درجنا شوية نقف عليها، هي في دورة ثانية في حديث جابر -إن شاء الله تعالى-.

طالب:.......

نعم؟

طالب:.......

بعد هذه الدورة -إن شاء الله تعالى- وإن كان الشيخ ناصر عنده حل ثاني أننا نكمل الكتاب في موضع آخر، يعني في مسجدنا الذي فيه الدروس، في حينا وتحضر التسجيلات، واللي ما يسمع يُكمل بالتسجيلات، على كل حال هذا حل مطروح ما زال يعني..، أما كتاب المناسك يعني مع كثرة تفصيلاته وأدلته وفروعه يحتاج إلى وقت طويل، ما يكفيه أسبوع أو عشرة أيام أو شيء من هذا، نعم؟

طالب:........

في دورة ثانية.

طالب:.......

إيه ثلاثة أيام.

طالب:......

من السبت إلى الاثنين الدورة، والأربعاء الأول من ذي الحجة، فممكن في الأسبوع الأول من ذي الحجة في ليالي..، هذه الليالي المباركة يمكن يصير لكن في غير هذا الموقع.

السادس من محظورات الإحرام.. نعم؟

طالب:........

عندهم، عندهم الحنابلة، ها؟

طالب:........

عندهم، عندهم، عند الحنابلة بلا نزاع.

طالب:.......

عندهم إيه.

طالب:.......

والله هنا...

هنا دروس الشيخ قائمة فلإخوان اللي يريد كان الشيخ وافق الآن، فنكمل -إن شاء الله- بعد الدورة من واحد ذي الحجة إلى السادس أو السابع....

ليلة الأول، يعني من ليلة الأول، يعني سبع ليالي...

ليلة واحد، في مسجد الشيخ الذي تقام فيه دروس الشيخ في حي السلام مسجد أبي الخير يكمل -بإذن الله- الكتاب بعد عشاء كل يوم، من ليلة واحد ذي الحجة إلى السادس، ليلة السادس أو السابع بإذن الله.

هذا مجرد إخبار لهم وإلا أخذ رأيهم؟

طالب:........

نعم؟

طالب:.......

ما في مشقة؟ في مشقة؛ لأن هناك التزامات أخرى وهناك أشياء، أقول: في مشقة.

السادس من محظورات الإحرام ما أشار إليه المؤلف بقوله: "وإن قتل صيداً مأكولاً بريئاً أصلاً ولو تولد منه ومن غيره أو تلف في يده فعليه جزاؤه" قتل صيد البر للمحرم حرام إجماعاً؛ لقوله تعالى: {لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ} [(95) سورة المائدة] أي محرمون بالحج أو العمرة، أو اصطياده إجماعاً؛ لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] يعني سواء مجرد قتل في الصيد المقدور عليه أو الاصطياد بالنسبة للصيد الممتنع، أي يحرم عليكم الاصطياد من صيد البر ما دمتم محرمين.

يقول الشيخ: "ولا يصطاد صيداً برياً، ولا يعين على صيد، ولا يذبح صيداً، ولا يصطاد بالحرم صيداً، بل ولا ينفر صيده مثل أن يقومه ليقعد مكانه، يقيمه ليقعد مكانه، لكن لو طار الصيد في الحرم مثلاً، جاء شخص إلى مكان مناسب، تحت عمود فطار الصيد، لا شك أنه هو السبب في تنفيره، طار الصيد فضربته المروحة فمات يفدي وإلا ما يفدي؟ عليه جزاؤه وإلا ما عليه جزاؤه؟ نعم؟ ترى هذا كثير يا الإخوان، نعم هذا كثير يقع؛ لأنهم يقولون: لو كان الصيد على ثوبه مثلاً وأراد أخذ الثوب، ثم طار الصيد فانتقل إلى مكان آخر فنفشته حية وإلا شيء يفديه، هذا الكلام عند الفقهاء، لكن لا شك أن هذا فيه حرج، فيه حرج شديد، نعم هذه فيه حرج شديد.

والمراد بالصيد هو الحيوان الممتنع المتوحش بأصل الخلقة، وقد قيد المؤلف التحريم والفدية بكونه مأكولاً، فإن كان غير مأكول فلا بأس بقتله، وهذا يأتي في علة حل قتل الفواسق، إن كانت العلة عدم الأكل على ما سيأتي، أو كانت الأذى أو غير ذلك من العلل على ما سيأتي كما هي علل ثلاث، يأتي ذكرها، لكن المؤلف جرى على أن العلة في جواز قتلها كونها غير مأكولة، كما قيده بكونه برياً أصلاً كحمام ربط، ولو استأنس بخلاف إبل وبقر أهلية ولو توحشت؛ لأن العبرة بالأصل، ولو تولد من الوحشي والأهلي أو من المأكول وغير المأكول تغليباً للتحريم، كما غلبوا تحريم أكله، ويفديه إذا قتله.

قال الموفق: "هو قول أكثر العلماء"، "أو تلف الصيد المذكور في يد المحرم بمباشرة أو سبب، كإشارة أو دلالة أو إعانة، ولو بمناولة آلة فعليه جزاؤه؟ بمباشرة أو سبب، تلف الصيد في يد المحرم بمباشرة أو سبب كإشارة أو دلالة، يعني إذا دل غيره على الصيد لا شك أنه سبب في قتله، لكن المباشر غيره، عليه جزاؤه وإلا ما عليه جزاؤه؟ على كلامه عليه جزاؤه مع أن القاعدة عند أهل العلم أن المباشرة تقضي على التسبب، المباشرة تقضي على التسبب، فالذي عليه الجزاء المباشر، ويحرم على المحرم أكل الصيد مما صاده، أو كان له أثر في صيده، أو ذبح أو صيد لأجله، وهو مذهب الحنابلة والمالكية والشافعية، أما إذا صاده الحلال لنفسه أو لحلال آخر فلا يحرم على المحرم؛ لحديث أبي قتادة: ((هل منكم أحد أمره، أو أشار إليه بشيء؟)) قالوا: لا قال: ((فكلوا ما بقي من لحمها)) رواه مسلم، ولحديث جابر مرفوعاً: ((صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم)) وهذا عند أحمد والترمذي، ولا يسلم من مقال، لكن له شاهد من حديث ابن عمر عند الخطيب وابن عدي، وقول عثمان -رضي الله عنه- لما قدم له لحم صيد: "إني لست كهيئتكم إنما صيد من أجلي" رواه مالك والبيهقي، وإسناده صحيح إلى عثمان -رضي الله عنه-.

ذهب الحنفية أنه يحل للمحرم أكل ما صاده الحلال من الصيد مطلقاً ما لم يؤمر به أو تكون منه إعانة أو دلالة أو إشارة لحديث أبي قتادة حيث لم يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- هل صيد من أجلهم أم لا؟ يعني كونه صيد من أجله ما له علاقة فيه، فهذا عند الحنفية لا بأس به ولو صيد من أجله.

 الثوري وبعض السلف قالوا: لا يجوز للمحرم الأكل من لحم الصيد مطلقاً؛ لعموم قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] حرم الصيد، وعلى مذهب هؤلاء أن المراد بالصيد هو المصيد، {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [(96) سورة المائدة] يعني حرم عليكم أكل المصيد، لكن الجمهور حملوه على الاصطياد، التحريم على الاصطياد، ولحديث الصعب بن جثامة -رضي الله عنه- أنه أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودان فرده رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: ((إنا لم نرده عليك إلا لأنا حرم)) متفق عليه، وهو محمول على أنه صاده من أجل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ليتفقا مع حديث أبي قتادة.

"ولا يحرم" بحرم ولا إحرام "حيوان إنسي" كالدجاج وبهيمة الأنعام؛ لأنها ليست بصيد، وهذا إجماع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يذبح البدن في إحرامه في الحرم.

ولا يحرم صيد البحر إجماعاً؛ لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [(96) سورة المائدة] هذا إذا لم يكن بالحرم، فإن كان بالحرم حرم صيده، جزم به غير واحد؛ لأن التحريم فيه للمكان، وليس من أجل الإحرام، نعم؟

طالب:.......

لو وضع حوض مثلاً في مكة فيه سمك داخل الحرم منعه أهل العلم؛ لأن التحريم للمكان، أما تحريم صيد البر ما دمتم حرماً يُخرج صيد البحر ما دمتم حرماً، يجوز للمحرم أن يصيد أو يجوز للمحرم أكل صيد البحر، ما دمتم حرماً، العلة في ذلك الإحرام، مفهوم تحريم صيد البر حل صيد البحر للحرم وهو المحرم، لكن الحرم لم يتعرض له بشيء بالنسبة لصيد البحر، ولذا قالوا: هذا إذا لم يكن بالحرم، فإن كان بالحرم حرم صيده، جزم به غير واحد؛ لأن التحريم فيه للمكان.

طالب:.......

نعم، لكنه صيد؛ لأن صيد البر حرم على الحرم، مفهومه حل صيد البحر هذا بالنسبة للحرم، أما بالنسبة للحرم فلم يتعرض له بشيء، فإن كان صيداً وأصله من البحر أو بحري فيسمى صيد، ولا ينفر صيده، هذا من حيث العموم، لا شك أن الاحتياط مطلوب، لكن يحتاج مثل هذا إلى دليل.

طالب:........

إمساكه يعني، لكن ملكه بأي سبب؟

طالب:........

صاده قبل أن يحرم وخارج الحرم، ومتى قتله؟

طالب:.......

ما الحكم؟ ما الحكم في هذا؟ نعم؟ إذا قلنا: حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً، والمراد به الاصطياد، المراد به الاصطياد، وهذا صاده قبل الإحرام، لكن الإمساك الاستدامة هل لها حكم الابتداء؟ هل للاستدامة حكم الابتداء؟ نعم؟

طالب:........

كيف؟

طالب:........

حرم عليكم صيد البر.

طالب:.......

 إيه.

طالب:.......

يذبحه وإلا ما يذبحه؟ أشترى قبل أن يحرم مجموعة من الحمام ومن الأرانب، ودخل بها الحرم، فذبحها وأكلها الحكم؟ نعم؟

طالب:........

إيه.

طالب:........

ها؟ ما الحكم؟

طالب:........

إيه.

طالب:........

أو ابتداء، ولذا يقولون: عليه أن يرسله، هذا إذا كانت بيده المشاهدة، أو في الحرم، أما إذا كانت في يده الحكمية كأن يكون في بلده عنده في الرياض يقول: أحرمت أطلع الحمام؟ لا ما يلزم هذا، نعم؟

طالب:.......

ولا أشار ولا أعان ولا شيء، ما في شيء، ما في شيء -إن شاء الله-، نعم؟

طالب:.......

لا في أشياء غير السمك.

طالب:.......

الكلام على ما يسمى صيد، افترض أن هناك طائر أصله بحري، من أهل العلم من يثبت وجود الطيور التي أصلها بحرية، نعم، هل تصاد مثل هذه الطيور لأن أصلها بحري؟ كما اختلفوا في الجراد، الجراد يختلفون فيه، منهم من قال: لا شيء فيه؛ لأنه بحري، هذا مروي عن أبي هريرة، ومنهم من يقول: فيه الفدية؛ لأنه بري، فإذا قلنا: أصله بحري هذا يمكن اصطياده، على كل حال نشوف ويش الباقي في..؟ على ما سيأتي قريباً -إن شاء الله تعالى-.

على قوله: "ولا يُحرم قَتْل مُحَرم الأكْل" كالأسد والنمر والكلب، وهذا بناء على أن العلة في قتل الفواسق كونه غير مأكول، أما من قال: إن العلة الإيذاء والإفساد فلا يقتل إلا المؤذي فقط، كيف؟

طالب:.......

ويش لون يؤذي؟ هو يؤذي؟

طالب:.......

كيف يؤذي؟

طالب:.......

ما هو بأذى، هذا ليس بأذى، ولذا قالوا: القمل فيه الفدية، عند جمع من أهل العلم أن القمل فيه الفدية، وهو صحيح مؤذي، نعم، مثلها النمل كلها، على كل حال الإذن بقتل الفواسق المنصوص عليها هذا ما في إشكال للنص، لكن ما العلة؟

إذا قلنا: إن الأصل في الفسق الخروج، هذه التسع -يأتي ذكرها- إذا قلنا: العلة في حل قتلها وأنها تقتل في الحل والحرم؛ لأنها خرجت عن حكم غيرها بجواز قتلها في الحرم يقاس عليها غيرها؟ فلا يقاس عليها غيرها، إذا قلنا: العلة في حل قتلها الفسق، وهو الخروج عن كونها غير مأكولة مثلاً، وهذا قيل به، وجرى عليه المؤلف، يقاس عليها كل ما لا يؤكل يجوز قتله، حتى الكلب وغيره، كل ما لا يؤكل وهنا مشى على هذا إذا قلنا: العلة في جواز قتلها الفسق الذي هو الأذى يقاس عليها كل مؤذي، الفواسق كما في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحرم، العقرب والحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور)) وفي مسلم من حديث عائشة وابن عمر زيادة ذكر الحية، ووقع عند أبي داود زيادة السبع العادي، ووقع عند ابن خزيمة وابن المنذر زيادة الذئب والنمر، فكانت تسعاً، على كل حال المؤذي لا بأس بقتله، سواء كان مما نص عليه أو لم ينص عليه.

ولا يحرم قتل الصيد الصائل دفعاً عن النفس أو المال، ولا يضمنه؛ لأن الشارع قد أذن بقتله وما ترتب على المأذون غير مضمون، وأما القمل فعند الجمهور يحرم قتله، وعند ابن حزم يجوز قتله مطلقاً، عند الشافعية التفصيل، فإن كان في الثوب والبدن جاز قتله، وإن كان في الرأس كره قتله، ويش الفرق بين البدن والرأس؟ نعم؟

طالب:.......

لا، لا يشمل.....

طالب:........

لا، هو مؤذي أينما حل على كل حال.

طالب:........

وين؟ إذا وجد في الثوب وجد في الجسد، إن كان في الثوب والبدن، نعم؟

طالب:.......

البدن ليس محل الترفه، فإذا أزاله وقتله من الرأس يكون ترفه بإزالته هذه علتهم، وهي علة عليلة بلا شك، دليل الجمهور أنه لو أبيح قتله لم يتركه كعب بن عجرة، ولما في ذلك من الترفه، وروى البيهقي عن ابن عمر قال: في القملة يقتلها المحرم يتصدق بكسرة أو قبضة، ودليل الجواز ما رواه البيهقي أيضاً أن رجلاً قال لابن عمر -رضي الله عنهما-: قتلت قملة وأنا محرم، فقال: هي أهون مقتول، قال ابن عباس فيمن ألقى قملة ثم طلبها: تلك ضالة لا تبتغي، رواه البيهقي، وصححه الألباني في الإرواء، والأقرب الجواز؛ لأنه مؤذي وليس بصيد ولا بمعناه؛ ولأن الأصل الحل، وأما الجراد فقد قال الشارح: "ويضمن الجراد بقيمته" وبهذا قال الجمهور؛ لأنه بري، وعن أحمد أنه بحري فلا ضمان فيه.

روى البيهقي عن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم- في الجراد قبضة من طعام، وأخرج أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((الجراد من صيد البحر)) وهو ضعيف، فالراجح حينئذٍ المنع.

قال الشارح: "ولمحرم احتاج لفعل محظور فعله ويفدي لما تقدم من قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [(196) سورة البقرة] يعني إلا ما دل الدليل على أنه يفعله للحاجة من غير فدية كلبس الخفين والسراويل وما أشبه ذلك، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"