شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (15)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:

الشاذ

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة

والحاكم الخلاف فيه ما اشترط

ورد ما قالا بفرد الثقة

وقول مسلم: روى الزهري

واختار فيما لم يخالف أن من

أو بلغ الضبط فصحِّح أو بعد

 

فيه الملا فالشافعي حققه

وللخليلي مفرد الراوي فقط

كالنهي عن بيع الولا والهبة

تسعين فردا كلها قوي

يقرب من ضبط ففرده حسن

عنه فمما شذ فاطرحه ورد

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فيقول الناظم -رحمه الله تعالى- بعد أن أنهى الكلام على التدليس يقول: "الشاذ" والشاذ في اللغة المنفرد عن الناس المبتعد عنهم، المخالف لهم، فإذا فارق الناس ببدنه سمي شاذًّا، إذا انفرد عن الناس بمسكنه سمي شاذًّا، إذا انفرد عن الناس بأفعاله قيل له: شاذًّا، إذا انفرد عن الناس بأقواله، في تصرفاته سمي شاذًّا، فالشاذ هو المنفرد، والمتفرد عن الناس، إما بأقواله أو بأفعاله، أو بهيئته، أو ببدنه، هذا يسمونه الناس شاذًّا، وفي لغة العرب شاذ يعني منفرد، وأما تعريفه في الاصطلاح، فاختلف فيه على ثلاثة أقوال:

قول الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: وهو ما يرويه الثقة مخالفًا فيه الثقات.

أو قول الحاكم: ما يتفرد به الثقة.

أو قول الخليلي: ما يتفرد به الراوي، ثقة كان، أو غير ثقة.

يقول -رحمه الله تعالى-: "وذو الشذوذ" يعني الشاذ "وذو الشذوذ" ذو بمعنى صاحب، نركب عليها صاحب، صاحب الشذوذ "ما يخالف الثقة" تأتي أم لا؟ صاحب الشذوذ ما يخالف الثقة؟ لا شك أن ذا الشذوذ هو الشاذ، لكن هل نقول: إنه هو صاحب الشذوذ؟ الكلام على الحديث، وإلا الراوي؟ التعريف للحديث أو للراوي؟ يعني هذا تعريف للراوي، أو لحديثه؟ يعني العلماء حينما يقولون: هذا حديث شاذ، يعني راويه شاذ، وإلا المروي شاذ؟

طالب: المروي.

هم يعرفون الحديث: الذي تفرد به راويه، وخالف فيه الناس، أو تفرد من غير مخالفة على الخلاف.

إذن ذو هذه ما معناها؟ لو كانت تعريف للراوي لقلنا: إن "ذو" بمعنى صاحب، صاحب الشذوذ، صاحب الحديث الشاذ، لكن التعريف للشاذ نفسه، للحديث الشاذ نفسه، مثل أخو التسوية، وشرها أخو التسوية، ماذا يكون معناها؟ "ذو" ما تأتي لمعنًى آخر؟ نعم، ذو طويت، يعني بمعنى الذي، نركب الذي بدل صاحب، ماذا يصير؟ الذي وصف بالشذوذ، يعني الحديث الذي وصف بالشذوذ، يأتي أم لا؟

طالب:......

ما هو؟

طالب:......

دليله المقام، يقتضيه، نحن نعرف الحديث الشاذ، ما نعرف صاحب الحديث.

طالب: نعم، لكن يمكن أن يقال في الشذوذ أخو التسوية، يعني تعبير عنها أخي بالصاحب، لكن المعنى تعبير...، يعني في الأصل ما لها معنى..؟

هو ما فيه شك أن الصحبة والأخوة قد تطلق على أدنى مناسبة، وأدنى ملابسة: ((لأنتن صواحب يوسف))، يعني بذلك أمهات المؤمنين، صواحب يوسف، وهن أمهات المؤمنين؛ لمشابهة من وجه بعيد، المقصود أن المصاحبة تطلق لأدنى مناسبة، لكن هل هنا مصاحبة؟ هل نقول: إن هذه مصاحبة بين القول، وقائله؟ لكن مقتضى اللفظ أننا إذا قلنا صاحب الشذوذ ما يخالف أننا نخبر عنه، أننا نخبر عن صاحب الشذوذ، ولا شك أن التابع والوصف المتعقب لمتضايفين قد يكون للمضاف، وقد يكون للمضاف إليه، الوصف عموم التابع، المتعقب لمتضايفين قد يكون للمضاف، وقد يكون للمضاف إليه، فمثلًا: مررت بغلام زيد الفاضل، الفاضل الغلام، وإلا زيد؟ نعم بغلام زيد الفاضل، نعم؟

طالب: هي مثل معنى أخو التسوية بالضبط، يعني أخو ليس له معنى الإطلاق، وإنما فقط لتحليته؟

يعني مقحمة؟

طالب: وأظن أنها في هذه أخص في الإقحام، يعني إقحامها يرد كثيرًا "ذو" و"أخو".

هل من شاهد على هذا؟ وإذا قلنا: إنها مقحمة قلنا: زائدة، وسيستقيم الكلام بدونها، والشذوذ ما يخالف الثقة، وكلام صحيح، وشرها التسوية، يعني تدليس التسوية، هذا الكلام صحيح من حيث الجملة، لكن إلغاء الكلمة، هذا إلغاء للكلمة، والإلغاء إذا أمكن توجيه الكلمة، فهو خير من إلغائها، وعلى كل حال عندنا مضاف ومضاف إليه، وتعقبهما ما يمكن إعادته إلى المضاف، وما يمكن إعادته إلى المضاف إليه، فإذا قلت مثلًا: مررت بغلام زيد الفاضل، احتمل أن يعود الوصف إلى غلام، وأن يعود إلى زيد، لا سيما وأن الإعراب ما يبين، أما إذا بين الإعراب انتهى الإشكال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو} [(27) سورة الرحمن]، هذا للمضاف، {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي} [(78) سورة الرحمن]، هذا يتبع المضاف إليه، هذا ما فيه إشكال إذا كان الإعراب بالحروف، لكن إذا كان الإعراب بالحركات، وحركة المضاف والمضاف إليه واحدة، كلاهما مجرور، هنا يقع الإشكال، ولا يحدده إلا السياق، نعم؟

طالب:......

لا، ما يمكن؛ لأنه ليس بمرفوع، نعم؟

طالب:......

لا، ما تحتمل، الاسم، تبارك اسم ربك ذي، فـ"اسم" مرفوع.

طالب: احتمال.

ما يأتي احتمال.

طالب: أحسن الله إليك.

ما تأتي أبدًا، نعم؟

طالب: أحسن الله إليك، هي أخو، وأبو، وذو، إذا ما يتركب المعنى الحقيقي كانوا يطلقونها على نفس الشيء، مثل جاء أبو فلان أبو الكلام، يعرف أنه ليس أبو الكلام، وإنما هو الذي يعني كلامه كثير، حتى صار كأنه هو أبو الكلام.

المهم عندنا أن يستقيم الكلام، فإذا قلنا: صاحب الشذوذ، فنحن نعرِّف الراوي، ولا نعرف المروي، والمقصود بالتعريف المروي، المقصود به الحديث الشاذ.

"وذو الشذوذ" اصطلاحًا: ما يخالف الراوي الثقة:

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة

 

...................................

الراوي الثقة "ما يخالف فيه الملا" الجماعة الثقات، بحيث لا يمكن الجمع، إذا خالف الثقة الجماعة الثقات، والملأ يطلق على العلية، وهنا العلية من الرواة هم الثقات "ما يخالف الثقة فيه الملا" والمراد الجماعة من الثقات، أو الواحد الأحفظ؛ لأنه ما يخالف من هو أرجح منه، سواءٌ كان في العدد، في الكثرة، أو في الأوصاف بحيث لا يمكن الجمع بالزيادة، أو النقص في السند أو في المتن، فإذا خالف من هو أرجح منه، إما بكثرة عدد، أو بوصف بأن يكون أحفظ منه، هذا يسمونه شاذًّا، فالشافعي حققه، الإمام الشافعي يقول: ليس الشاذ من الحديث أن يروي ما لا يرويه الناس، وإنما الشاذ أن يروي ما يخالف فيه الناس، فاشترط الإمام الشافعي -رحمه الله- لتسمية الحديث شاذًّا شرطين هما: أن يكون الراوي ثقة مع المخالفة، أن يكون الراوي ثقة مع مخالفة من هو أوثق منه، ويقابل الشاذ عند أهل العلم المحفوظ، فحديث الثقة المخالف شاذ، وحديث من خالفهم ممن هم أوثق منه يسمونه محفوظ "فالشافعي" بهذا التعريف "حققه"؛ لأن العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، كما قرره الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-.

هذا التعريف الأول وهو الذي ارتضاه، وجرى عليه المتأخرون، فاشترطوا في الشاذ: أن يكون الراوي ثقة، وأن يخالف من هو أوثق منه.

والحاكم الخلاف فيه ما اشترط

 

...................................

"والحاكم الخلاف" للغير "فيه ما اشترط" بل عرفه بما انفرد به ثقة من الثقات، مجرد التفرد، تفرد ثقة من الثقات يكفي في تسمية الحديث شاذًّا، هذا التفرد مجرد تفرد الثقة شذوذ عند الحاكم -رحمه الله تعالى-، وأما الشافعي عرفنا أنه يروي الثقة مع المخالفة، ما الذي ينطبق عليه التعريف اللغوي؟ نعم؟

طالب:......

تعريف الحاكم هو مجرد تفرد عن الناس؟ نعم، يعني إذا قيل: شذ فلان، وسكن بعيدًا عن الناس، وانفرد بمسكنه عنهم، وإن كان يوافقهم في جميع تصرفاتهم، يأكل مما يأكلون، ويشرب مما يشربون، ويلبس مما يلبسون، ويسكن ما يسكنون، لكنه انفرد عنهم، لكن لو قدر أنه مع انفراده عنهم بنى بيتًا على طراز يخالفهم، وركب مركوبًا يخالف مركوبهم، ولبس ما يخالف ملبوسهم، هذا قلنا: إنه مثل، ينطبق عليه تعريف الشافعي، أما مجرد أن يتفرد عنهم، ويبعد عنهم هذا يطابق تعريف الحاكم.

ذكر الحاكم أن الشاذ بهذا التعريف، بمجرد تفرد الثقة يغاير المعلل، من حيث إن المعلل وقف فيه على العلة، وقف على علته الدالة على جهة الوهم، والشاذ لم يوقف فيه على علة، وإنما وقف فيه على مجرد التفرد، يعني تفرد بحديث لا يرويه غيره، طيب، هل يستوي تفرد الثقة برواية الحديث كاملًا، أو برواية جملة منه؟ أيهما أقرب بأن يوصف بالشذوذ، حديثًا كاملًا يرويه هذا الراوي، وهو ثقة لا يرويه غيره، وحديث يرويه مع الناس لكنه يزيد فيه جملة يتفرد بها عن غيره؟ أيهما أقرب إلى الوصف بالشذوذ؟

طالب:......

لا، الثاني يتضمن مخالفة، الجملة صحيحة: أن غيره ما تعرض لذكرها ولا لنفيها، لكن عدم ذكر المجموع، أو الجماعة لها قد تعل به هذه الزيادة، والكبار يعلون بمثل هذا، فمثلًا على ما سيأتي في زيادات الثقات فيه تداخل بين هذه الموضوعات، زيادة: ((إنك لا تخلف الميعاد))، ((إن الله يحب التوابين، ويحب المتطهرين))، فيمن قال: هذه زيادة الثقة، وما تعرض لنفيها، ولا تخالف قبلها، ومن قال: إن ترك الأكثر لها دليل على أن من ذكرها لم يحفظ، فهي غير محفوظة، إذن هي شاذة، وقيل بهذا، فمثل هذه الدقائق ينتبه لها، الأئمة الكبار ما يحكمون بحكم عام مطرد، وإن كان المتأخرون يحكمون لها، من يقبل زيادات الثقات على ما سيأتي يقبل مثل هذه باطراد، فأقول: إن الزيادة زيادة جملة في الحديث وصفها بالشذوذ أولى من وصف حديث كامل بالشذوذ، الذي يطلق عليه الحاكم الشذوذ "وللخليلي"، "والحاكم الخلاف فيه ما اشترط" ما اشترط الخلاف، بل عرف الشاذ بما انفرد به ثقة من الثقات "وللخليلي" أبي يعلى الخليل بن عبد الله:

...................................

 

وللخليلي مفرد الراوي فقط

يعني الشاذ هو مفرد الراوي فقط، ثقة كان، أو غير ثقة، فإذا تفرد الراوي برواية خبر؛ فإن كان ثقة توقف فيه، عند الخليلي، وإن كان غير ثقة رد، الثقة يتوقف في خبره، نعم، يتوقف، وعلى كل حال كلاهما شاذ، لكن ما يتفرد به الثقة يتوقف فيه، وما يتفرد به غير الثقة يرد.

كلام الحاكم وهو تفرد الثقة، أو الخليلي تفرد الراوي ثقة، أو غير ثقة، هل يؤيده صنيع الأئمة؟ أما من حيث أحكامهم على الحديث، فقد يطلقون الشذوذ على شيء من هذا، قد يطلقون، قد يقولون بإزاء حديث تفرد به راويه: هذا حديث غير محفوظ، يعني شاذ، لكن ألا يوجد في الصحيحين ما تفرد بروايته راويه؟ يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: "ورد ما قالا" يعني ولكن رد ابن الصلاح "ما قالا" الحاكم والخليلي "بفرد الثقة" المخرج في الصحيحين:

...................................

 

كالنهي عن بيع الولاء والهبة

لأن تعدد الرواة ليس بشرط لا للصحة مطلقًا، ولا للشيخين في صحيحيهما، فالصحيحان فيهما الغرائب، فيهما الأفراد "كالنهي عن بيع الولاء والهبة" لا يُعرف إلا من طريق واحد، وأول حديث في البخاري: ((إنما الأعمال بالنيات)) تفرد به رواته، وآخر حديث في الصحيح حديث أبي هريرة: ((كلمتان خفيفتان على اللسان)) –أيضًا- تفرد به رواته في أربع طبقات، وبهذا يرد كلام الحاكم، وكلام الخليلي.

طالب:......

هو في تعريف الشافعي، يعني ومن باب أولى الحاكم؛ لأن الحاكم إذا كان يشترط شرطًا واحدًا، فمن باب أولى أن يدخل في تعريفه ما زاد على هذا الشرط.

طالب:......

نعم، لأنه هم تكلموا فيه، محمد بن قدامة في سنن أبي داود، نعم هو متكلم فيه، لكن الأصل العام يؤيد هذا، وهو أن اليد اليمين لمثل هذا العمل الجليل، نعم.

طالب:......

لا، لا هذا تعريف الخليلي؛ لأنه فيه كلام ما هو بثقة، فيه كلام، هذا تعريف الخليلي، وإن قلت: إن فيه مخالفة؛ لأن الأكثر رووه بإطلاق: "يعقد التسبيح بأنامله" لكن تشتمل على مخالفة من وجه، وموافقة من وجه، على ما سيأتي في زيادات الثقات، كما مثلوا بحديث: ((وجعلت تربتها))، "جعلت تربتها" فيه موافقة: ((جعلت لي الأرض))؛ لأن التربة نوع من أنواع الأرض، واليمين فرد من أفراد الأنامل، أو أفراد من أفراد الأنامل، ففيها موافقة من وجه، ومخالفة من وجه، ويأتي تقرير ذلك -إن شاء الله تعالى- فيما بعد يعني في زيادات الثقات.

ورد ما قالا بفرد الثقة

وقول مسلم روى الزهري

 

كالنهي عن بيع الولا والهبة

...................................

يعني وكذا رده ابن الصلاح بقول الإمام مسلم في الأيمان والنذور من صحيحه: "روى الزهري تسعين فردًا" يعني نحو تسعين، وفي بعض النسخ: "سبعين". تقديم التاء أصح، تسعين فردًا لا يشارك الزهري فيها أحد، تفرد بها الزهري "كلها قوي" الزهري إمام حافظ، حتى قال بعضهم: إنه لا يحفظ له خطأٌ، وإن كان هذا بعيدًا، لكن يدل على تمام حفظه وضبطه وإتقانه.

...................................

 

تسعين فردًا كلها قوي

لا شك أنه ما دام راوٍ، واحدٍ، ثقة يتفرد بتسعين، إذا كان الزهري، وهو إمام حافظ يتفرد بهذا العدد من الأحاديث، وكلها قوية، يدل على أن تفرد الثقة، مجرد التفرد من غير مخالفة لا يدخل في الشذوذ، وبهذا رد ابن الصلاح على الحاكم، والخليلي "واختار" من؟ ابن الصلاح، واختار ابن الصلاح ما استخرجه، واستنبطه من صنيع الأئمة "واختار فيما لم يخالف" فيما لم يخالف الراوي الذي يروي ما لا يتضمن مخالفة، اختار ابن الصلاح أن هذا له أحوال، إن كان تام الضبط له حكمه، وإن كان دونه له حكم، وإن كان غير ضابط فله حكم، هذا الذي يتفرد، ويروي ما لا يرويه الناس يتفاوت تبعًا لقوة ضبطه، وضعفه:

واختار فيما لم يخالف أن من

 

يقرب من ضبط.............

   يعني تام "ففرده حسن" إذا كان يقرب من الضبط التام، يعني ليس ضابطًا ضبطًا تامًّا، إنما هو قريب من الضبط التام، يعني خف ضبطه قليلًا عن التام "ففرده حسن، أو بلغ الضبط" يعني التام "فصحح" ما تفرد به "أو بعد عنه" يعني عن الضبط التام، فهذا تفرده "مما شذ فاطرحه ورد" فاطرحه ورد ما وقع لك من حديثه الذي تفرد به، ما الذي اختاره ابن الصلاح؟ اختار تقسيم الرواة الذين يتفردون بالأحاديث، فإن كان الراوي الذي تفرد بالحديث يقرب ضبطه من التام هذا "فرده حسن" فرده حسن، والذي يبلغ الضبط التام تفرده، وما تفرد به صحيح، والذي يبعد عن الضبط التام تفرده ضعيف، يقول:

واختار فيما لم يخالف أن من

أو بلغ الضبط...........

 

يقرب من ضبط ففرده حسن

...................................

يعني التام "فصحح" حديثه الذي تفرد به "أو بعد عنه" بأن لم يكن ضابطًا أصلًا "فمما شذ" يعني ففرده مما شذ "فاطرحه ورد" ما تفرد به.

فالشاذ المردود على هذا، قسمان: قسم ما تضمن المخالفة، فهو شاذ، وإن كان راويه ثقة، على تعريف الإمام الشافعي، والثاني فرد من لا يحتمل تفرده، فرد من لا يحتمل تفرده، وهذا شاذ، هذا الشاذ، ويأتي توضيحه في المنكر؛ لأنه قريب منه، نعم.

طالب: فاطرحه ورد.

رد ما وقع لك من مفرداته؛ لأن هذا لا يحتمل تفرده.

طالب: يعني من الشاذ، كأنه ورَدَّ، يعني.

ورَدَّ؟

طالب: ......

فاطرحه، ورَدَّ؛ كيف؟

طالب: ورَدَّ كأنه ضمير يعود...

ممكن، من الذي يقوله الشارح من؟

طالب:......

من هو؟

طالب:......

ماذا معك؟

طالب:......

ما هو؟ العراقي نفسه، والذي وقع في اللبس التسمية "فتح المغيث" وهي ليست لشرح العراقي، غلط "فاطرحه ورُدَّ" يقول: ورُد هو أمر معطوف على قوله: فاطرحه، من أين أتيت بالكلام الذي قلته؟ نعم؟ من أين أتيت بكلامك؟

طالب:......

ورد، أمر معطوف على قوله: فاطرحه، قال ابن الصلاح: فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان.

طالب:......

 في ماذا؟ هذا اختياره، ويأتي في المنكر توضيحه، نعم؟

طالب:......

ليشمل راوي الصحيح، وراوي الحسن، مثلما قالوا في زيادة الثقة، يعني الثقة يراد به أعم من الثقة المخرِج للصدوق، نعم أعم من ذلك، وإنما هو رد ما تفرد به الراوي المقبول ليشمل راوي الصحيح، وراوي الحسن على ما سيأتي.

المنكر.

المنكر

والمنكر الفرد كذا البرديجي
إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر
نحو:
((كلوا البلح بالتمر)) الخبر
قلت: فماذا؟ بل حديث نزعه

 

أطلق والصواب في التخريج
فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر
ومالك سمى ابن عثمان عمر
خاتمه عند الخلا ووضعه

طالب: أحسن الله إليك، قبل الدخول في موضوع المنكر، الحاكم والخليلي ما رواه ما انفرد به الثقة عن ماذا؟ عن جماعة، أو عن ثقة واحد؟

لا، المقصود في طبقة من الطبقات تفرد به هذا الراوي، سواءٌ كان عن جماعة، أو عن واحد.

طالب: الشافعي مفهوم كلامه أن ما خالف به الثقات، الثقة مخالفًا للثقات، لكن..

لكن هذا الراوي تفرد به، يقال: شاذ؛ ولذلك ردوا عليهم، حديث الأعمال بالنيات شاذ؟ هو شاذ؟ على رأي الحاكم شاذ، تفرد به الرواة، تفردوا به في أربع طبقات؛ لأنه لا يثبت إلا من حديث عمر، ولا يثبت عن عمر إلا من حديث علقمة، ولا عن علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم التيمي، ولا عنه إلا من طريق يحيى بن سعيد، وقل مثل هذا في آخر حديث، التفرد في أربع طبقات، فرد مطلق، ويأتي في الأفراد أيضًا، يأتي بيانه في الأفراد.

المنكر اسم مفعول من أنكر، واسم الفاعل مُنْكِر، والمنكر اسم مفعول ويقابله المعروف، إذا كان الشاذ يقابله المحفوظ، فالمنكر يقابله المعروف.

والمنكر الفرد يعني المنكر الحديث الفرد، وهو الذي لا يعرف متنه من غير جهة راويه:

المنكر الفرد كذا البرديجي

 

أطلق والصواب في التخريج

" الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي، الذي مر ذكره، "كذا البرديجي أطلق" يعني أطلق على الحديث الفرد منكر، "والصواب في التخريج" يعني في المروي كذلك.

والصواب في التخريج يعني في المروي كذلك "إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر" إجراء تفصيل لدى الشذوذ يعني عند الشذوذ فيما تقدم في كلام ابن الصلاح، وأنه قسمان: الفرد المخالف، وليس الفرد على إطلاقه كما قرر البرديجي، وقريب منه كلام الحاكم، إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر، فعلى هذا ينقسم إلى قسمين، فالمنكر بمعنى الشاذ، فهو بمعناه، إذن إذا كان المنكر بمعنى الشاذ فأقسامه أقسامه، وسبق في الشاذ أنه قسمان؛ الشاذ المردود قسمان: الفرد المخالف، والفرد إذا كان لا يحتمل تفرد راويه، إذا كان راويه ممن لا يحتمل تفرده، والصواب في التخريج إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر "فهو بمعناه" فهو يعني المنكر بمعناه يعني بمعنى الشاذ "كذا الشيخ ذكر" الشيخ من؟ ابن الصلاح.

أحيانًا يجمع بين اللفظين في الحكم على حديث واحد، فالذهبي أحيانًا يقول: هذا حديث شاذ منكر، فماذا يكون المعنى؟ إذا قال: شاذ منكر؟

طالب:......

يحمل على هذا؟ أولًا: الشذوذ الذي ذكرناه بأقوال العلماء فيه، يعني من خلال ما قرأناه، الشذوذ الذي مر بنا كله في التفرد، إما مع المخالفة، أو مع غيرها، فمرده إلى المتن، وإلا إلى الإسناد؟ تفرد الراوي، والحكم على متنه، الحكم على متنه؛ لأنه تفرد به راويه، لكن يقولون، يجعلون الشذوذ في المتن، والشذوذ في الإسناد، وسيأتي الشذوذ في المتن، والشذوذ في الإسناد في المنكر؛ لأنه بمعناه، فإذا قلنا: هذا حديث شاذ، وقلنا: حديث منكر، ما يفرق عند بعضهم، عند ابن الصلاح لا فرق بينهما، فإذا قال الذهبي هذا حديث شاذ منكر؛ يعني مثل لو قال: صحيح مقبول، يأتي بألفاظ مترادفة، إذا جيء بألفاظ مترادفة إذا قلنا: إن رأي الحافظ الذهبي -رحمه الله- هو رأي ابن الصلاح، أنهما بمعنًى واحد، لكن إذا قلنا بما اختاره المتأخرون، وصار عرفًا واصطلاحًا عندهم أن الشاذ مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، والمنكر مخالفة الضعيف للثقات؛ يرد هذا وإلا ما يرد؟ يرد كلام الذهبي وإلا ما يرد؟ إذا قلنا أنهما متباينان؛ ما يمكن أن نجمع بين متباينين، وإذا قلنا هما متداخلان أمكن؛ واضح وإلا ما هو بواضح؟ إذا قلنا: هما متباينان، الشاذ له حقيقة تخالف حقيقة المنكر، وهذا الذي تبناه المتأخرون، واعتمدوه ولم يذكروا غيره، عند المتأخرين ما في غير هذا، وفي أحكامهم على الأحاديث يعتمدون هذا، بينما في أحكام المتقدمين يطلقون النكارة والتفرد والشذوذ بإزاء معنىً واحد، ونرجع إلى ما قرر سابقًا في الصحيح أن الشذوذ ينافي الصحة أو لا ينافيها؟ ما هم يشترطون انتفاء الشذوذ لصحة الخبر؟

عن مثله من غير ما شذوذ

 

وعلة قادحة فتوذي

  والشذوذ فيه مخالفة، وفي الصحيح أحاديث فيها مخالفة من بعض رواتها لبعض، فمثلًا حديث جابر؛ خرجه الإمام البخاري في مواضع كثيرة، وكل موضع يشتمل على مخالفة لا توجد في الموضع الآخر، وخرجها كلها، ومع ذلك رجح، ففيه الراجح وفيه المرجوح، والراجح في اصطلاح المتأخرين هو المحفوظ، والمرجوح في اصطلاحهم هو الشاذ، وهذا ما جعل بعض أهل العلم يقول: في الشاذ الصحيح وغير الصحيح؛ يعني في قسم الشاذ وهو ما تضمن المخالفة فيه الصحيح، وفيه غير الصحيح، ليدخل مثل هذا الاختلاف بين الرواة في أحاديث الصحيحين التي فيها نوع مخالفة، يعني في مخالفة في الثمن، وفي اشتراط الحُملان، فبعض الروايات فيها الاشتراط، وبعضها ما فيها اشتراط، وبعضها الثمن أوقية، وبعضها أكثر، وبعضها أقل، وخرجها البخاري كلها، ورجح اشتراط الحملان، ورجح أن الثمن أوقية، مع ذلك خرج غيره من الوجوه الأخرى، ففيه الراجح، وفيه المرجوح، فيه الراجح وفيه المرجوح، فتعامل هذه الروايات معاملة الأحاديث المختلفة ما يوجد في حديث البخاري راجح ومرجوح؟ يعني راجح من حيث الثبوت، ومرجوح من حيث الثبوت، وراجح من حيث الدلالة، ومرجوح من حيث الدلالة، ما يوجد؟ يوجد، وكونه من رواة متعددين هذا ما فيه إشكال، لكن الإشكال إذا كان في حديث واحد، إذا كان في أحاديث ما في إشكال، وعلى كل حال الشذوذ علة مانعة؛ إما من قبول الخبر، أو من العمل به، الشذوذ علة مانعة، أو قادحة في الخبر؛ إما في قبوله، أو في العمل به بعد قبوله، يعني قد يكون المرجوح مقبول من حيث الرواية، لكنه من حيث العمل غير مقبول كالمنسوخ؛ لأننا رجحنا عليه ما هو أقوى منه، وتوافرت فيه شروط القبول، وعرفنا فيما سبق أن شروط القبول إذا انطبقت على خبر قبلناه والحكم فيه على الظاهر، والحكم فيه على الظاهر:

وبالصحيح والضعيف قصدوا

 

 في ظاهر لا القطع ...........

فنحن إذا طبقنا عليه الشروط قبلناه، وإن كان مرجوحًا، ويوجد ما هو أرجح منه، ولذا تخلصوا من هذا الإشكال بقولهم أن الشاذ منه المقبول ومنه المردود، فمتى توافرت فيه الشروط يبقى أنه في الصحة؛ لكنه مرجوح كالمنسوخ، يعني لا يعمل به، وفي الصحيح –أيضًا- الصحيح والأصح فإذا تعارض حديث صحيح مع حديث أصح منه، ولو كان المعارض صحيحًا من حيث الرواية والنقد، فيرجح عليه الأصح، ومعروف أنه في باب التعارض لابد من أن يبحث عن أوجه للجمع ولو بعدت؛ قبل أن يرجح بعضها على بعض "فهو بمعناه" فالمنكر بمعناه يعني بمعنى الشاذ "كذا الشيخ" ابن الصلاح "ذكر"، فلم يميز بينهما؛ لم يميز بين الشاذ والمنكر، والتمييز بينهما هو المعتمد عند أهل العلم، فالحكم بالنكارة أقوى عندهم من الحكم بالشذوذ، الحكم بالنكارة عندهم أقوى من الحكم على الحديث بالشذوذ، ثم مثل، مثال الثاني: وهو تفرد الراوي الذي لا يحتمل تفرده، مثال تفرد الراوي الذي لا يحتمل تفرده، ويصلح على رأي ابن الصلاح مثالًا للشاذ، ويصلح مثالًا للمنكر:

نحو:((كلوا البلح بالتمر)) الخبر

 

...................................

((كلوا البلح بالتمر..)) جاء الأمر بذلك من حديث أبي زكير، وهو مخرج عند النسائي وابن ماجه، وقال النسائي فيه: منكر.

((كلوا البلح بالتمر..))، يقول: ((..فإنه إذا أكله ابن آدم غضب الشيطان، وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق))، هذا لا يحتمل تفرده؛ لأنه من رواية أبي زكير يحيى بن محمد البصري، هو من رواية أبي زكير، وأبو زكير خرج له الإمام مسلم مقرون؛ يعني مع غيره، وإلا فتفرده لا يحتمل، تفرد به عند ابن ماجه، فهو حديث منكر، وعند النسائي، وقال النسائي فيه: منكر؛ لأنه لماذا حكم عليه النسائي بأنه منكر؛ لأنه تفرد به من لا يحتمل تفرده، ومثل به ابن الصلاح على هذا، هذا مثال النوع الثاني.

وبالغ ابن الجوزي فأدخله في الموضوعات، لكن هل نكارته، نكارة الخبر بسبب تفرد راويه، أو بسبب نكارة لفظه؟ معناه ضعيف: ((كلوا البلح بالتمر، فإنه إذا أكله ابن آدم غضب الشيطان، وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق))؛ هل الذي يغضب الشيطان طول عمر الإنسان؟ الذي يغضبه العمر المعمور بالطاعة، الذي يغضب الشيطان العمر المعمور بالطاعة، وإلا العمر ولو طال إذا لم يعمر بطاعة، أو عمر بمعصية هذا ما يغضب الشيطان، وفي الحديث الشيطان غضب لما طال عمر ابن آدم: ((عاش ابن آدم)) هذا معنى المنكر، فالذي يغضب الشيطان هو أن يعمر المسلم عمره بطاعة الله -جل وعلا- وبما يرضيه:

نحو: ((كلوا البلح بالتمر)) الخبر

 

...................................

ومثل للأول المخالفة؛ مخالفة الثقة:

...................................

 

ومالك سمى ابن عثمان عمر

وهو معروف عند سائر الأئمة بعمرو بن عثمان، مالك سماه عمر بن عثمان، كما في الموطأ، وكان مالك -رحمه الله- إذا مر ببيته أشار إليه، كأنه يقول: هذا الشخص الذي يخالفنا فيه الناس، أو نخالف فيه الناس، مالك يراه عمر بضم العين، وغيره يقولون: عمرو، هذا مخالفة من الإمام مالك، هذه مخالفة من الإمام مالك، -رحمه الله-، ابن الصلاح لما جعل الشاذ، وفي معناه المنكر؛ جعلهما قسمين: قسم ما يخالف فيه الثقة، وقسم ما يتفرد به من لا يحتمل تفرده، فالذي يخالف فيه الثقة من هو أكثر مثل مخالفة مالك يسمي الراوي عمر بن عثمان، وغيره يسميه عمرو بن عثمان، وتفرد من لا يحتمل تفرده، مثل الحديث: ((كلوا البلح بالتمر))، فهو يمثل للقسمين "قلت: فماذا؟" قلت: فماذا، فماذا يلزم من تفرد مالك بتسمية الراوي عمر؟ وإن سماه غيره عمرو، فإن مثل هذه المخالفة لا تضر؛ لماذا؟ لأن عمر بن عثمان، وعمرو بن عثمان، عمر بن عثمان على رأي مالك، وعمرو بن عثمان على رأي غيره، هما أخوان، وكلاهما ثقة، فهل يضر الخبر أن يتردد الراوي بين اثنين كلاهما ثقة؟ يضر وإلا ما يضر؟ لو قيل عن حماد، وما استطعنا أن نميز حماد بن سلمة، وإلا ابن زيد، أو عن سفيان، وما استطعنا أن نميز؛ يتأثر الخبر؟ ما يتأثر، فالخبر سواءً كان عن عمرو بن عثمان، كما قال الأكثر، أو عمر بن عثمان كما قال الإمام مالك ما يتضرر، ولذا قال الحافظ: قلت فماذا يلزم من تفرد مالك، وماذا يترتب عليه؟ لأن كل منهما ثقة "بل مثاله" مثال الصحيح المطابق، "بل مثاله حديث نزعه" -صلى الله عليه وسلم- "خاتمه عند الخلاء ووضعه" هذا الذي يصح أن يكون فيه المثال المطابق للمخالفة:

قلت: فماذا بل حديث نزعه

 

خاتمه عند الخلاء ووضعه

  قال أبو داود: منكر، صوابه عن الزهري عن أنس: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اتخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه" وهذا هو المحفوظ "اتخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه" لكن الإلقاء لخاتم الذهب، أو لخاتم الورق؟

اللي علق على الكتاب يقول: حديث أنس في نزعه خاتمه عند الخلاء، رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، وأبو داود نص على أنه منكر، والصواب عن الزهري عن أنس: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اتخذ خاتمًا من ورق ثم ألقاه" والمعروف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اتخذ خاتمًا من ذهب، فاتخذ الناس خواتم من ذهب ثم ألقاه، ولا يبعد أن يكون في أول الأمر اتخذ خاتم فضة ثم ألقاه، ثم اتخذ خاتم ذهب ثم ألقاه، ما يبعد، لكن حديث نزعه هذا منكر؛ لأنه مخالفة لمن هو أوثق منه، ولذا حكم عليه أبو داود -رحمه الله- بأنه منكر.

سؤال: يقول: نود إعادة أنواع التدليس.

أنواع التدليِس: ذكرنا في الدرس السابق الضابط الذي يفرق به بين التدليس، والإرسال الخفي، والإرسال الظاهر، هذا يحتاج إلى إعادة وإلا ما يحتاج؟

ذكرنا الصور الأربع التي بواسطتها نفرق بين التدليس والإرسال، تحتاج إلى إعادة وإلا ما تحتاج؟ وذكرنا أن الراوي له مع من يروي عنه أربع حالات: الحالة الأولى: أن يكون قد سمع منه أحاديث، والثانية: أن يكون لقيه، ولم يثبت سماعه منه، والحال الثالثة: أن تثبت المعاصرة، ولم يثبت أنه لقيه، والحال الرابعة: عدم ثبوت المعاصرة، فإن كان من الحال الأولى، أو الثانية فروى عنه ما لم يسمعه منه؛ يعني ما ثبت أنه لم يسمعه منه بصيغة موهمة فهذا تدليس، الصورة الثالثة في حال المعاصرة إذا روى عنه بصيغة موهمة ولم يثبت لقاؤه له، ولا سماعه منه بصيغة موهمة؛ هذا إرسال خفي، وليس من التدليس، وأما الصورة الرابعة وهي انتفاء المعاصرة إذا روى عنه بصيغة موهمة؛ هذا إرسال ظاهر.

أنواع التدليس قالوا: تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ؛ تدليس الإسناد هو إسقاط الراوي، والالتقاء لمن فوقه بصيغة موهمة؛ يسقط شيخه الضعيف، ويرتقي لمن فوقه، ويكون قد لقي شيخ شيخه، ويرتقي إليه بعن وأنَّ وقال، هذا تدليس؛ تدليس إسقاط، يدلس شيخه إما لكونه صغير، ويأنف من ذكره، أو لكونه أكثر من ذكره، أو لكونه ضعيف، ويريد أن يروج الخبر، المقصود الأهداف الحاملة كثيرة، يسقط شيخه، بهذه الصورة يكون تدليس بالقطع، بالقطع؛ بأن يقول: فلان، ويسكت ثم يقول: عن فلان، أو يقول: حدثني ثم يسكت، إما أن يأتي بالصيغة، ثم يسكت، أو يأتي باسم الراوي ثم يسكت؛ هذا تدليس قطع، وتدليس العطف أن يأتي براوي: حدثني فلان، ويعطف عليه آخر، وهذا ما فيه إسقاط، يعطف عليه آخر، ويقدر للمعطوف خبر، فيقول: حدثني فلان، هذا صحيح حدثه، وفلان غير مسموع لي، أو فلان لم يحدثني، المعطوف، هذا تدليس عطف، وهناك تدليس التسوية، أن يحذف ثقة؛ يحذف ضعيف بين ثقتين، تدليس التسوية أن يحذف ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر، لقي أحدهما الآخر، وهذا شر أنواع التدليس، وأيضًا هناك تدليس الشيوخ؛ أن يصف الشيخ بما لا يعرف به، أو يكنيه كنية لا يعرف بها، أو ينسبه نسبة لا يعرف بها، فلو مثلًا قال: حدثني أبو صالح الشيباني، حدثني أبو صالح الشيباني مريدًا بذلك من؟ الإمام أحمد، صالح أكبر من عبد الله وهو شيباني، لكن الإمام -رحمه الله- عرف بأبي عبد الله باسمه، وعرف بانتسابه إلى جده أحمد بن حنبل، المقصود أنه إذا كني أو وصف أو نسب إلى شيء لم يشتهر به، هذا تدليس شيوخ، والقصد منه إما التفنن في العبارة، أو امتحان الطلاب، أو تعمية أمر على السامع، نعم؟

طالب:......

حقيقة في إطلاقات الأئمة الكبار قد يطلقون هذا بإزاء هذا، وهذا بإزاء هذا، مما جعل ابن الصلاح يجعلهما شيئًا واحدًا، لكن أكثر ما يطلق الشاذ بإزاء مخالفة الثقة، وأكثر ما يطلق المنكر بإزاء مخالفة الضعيف؛ لأن اللفظ لفظ المنكر أقوى من حيث اللغة من لفظ الشاذ، فيجعل الأقوى للأقوى، والأضعف للأضعف،وإلا وجد استعمال هذا مكان هذا، وهذا مكان هذا، نعم؟

طالب:......

فشره للضعف واستصغارا

 

وكالخطيب يوهم استكثارا

طالب:......

شر تدليس الشيوخ للضعف واستصغارا، وشر أنواع التدليس مطلقًا تدليس التسوية؛ يعني تدليس الشيوخ يسمي شيخه بما لا يعرف به، أو ينسبه بما لم يشتهر به، إذا كان لضعفه هذا شر أنواع تدليس الشيوخ، إذا كان لضعفه ليوعر الطريق الموصل إليه، هذا شر إذا كان ضعيفًا بيروج الحديث، وراويه ضعيف هذا شرها، واستصغارًا –أيضًا-، استصغارًا لمن روى عنه، واحتقارًا له، وترفعًا عن أن يروي عن من دونه، هذا لا شك أنه قدح في الإخلاص، "وكالخطيب يوهم استكثارًا" وكالخطيب يوهم استكثارًا من الشيوخ، فيورد الشيخ على خمس صور، كل صورة يظن الواقف عليها أنه غير الشيخ الأول، لكن ما يظن بالخطيب هذا، وليس بحاجة إلى مثل هذا، الشيخ الخطيب -رحمة الله عليه- عنده من الشيوخ ما يغنيه عن مثل هذا القصد، وإنما يقصد به التفنن في العبارة، وتنشيط القارئ، يعني لو في مائة موضع من كتاب تقول: حدثني محمد بن سعيد الأنصاري، كلها تسوقها على هذا الأساس، على هذه الصورة، يمل القارئ، لو مرة تقول: حدثني محمد بن سعيد الأنصاري، ومحمد بن سعيد الأنصاري تنسبه إلى جده، بحيث لا يوقع في لبس، ومرة تقول: حدثني أبو سعيد الأنصاري، وهو هو، ومسلم يفعل هذا، أحيانًا يأتي بالاسم خماسي، وأحيانًا يأتي به مهملًا من دون نسبة، ولا إلى أبيه، وأحيانًا ينسبه إلى أبيه، وأحيانًا إلى جده بما لا يوقع في لبس، أما إذا أوقع في لبس فكان في طبقته من ينسب هذه النسبة، ويوافقه في الاسم واسم الأب؛ مثل هذا لا بد من البيان، شرها شر جميع أنواع التدليس، الأول شر أنواع تدليس الشيوخ ما كان الحامل عليه الضعف، ضعف الراوي، واستصغار الراوي؛ لأن هذا يقتضي احتقار الراوي.

طالب:......

أظن الشذوذ، قالوا مثلًا: ((إن الله يحب التوابين، ويحب المطهرين)) شاذ، لكن يمكن أن يحكم عليه بالشذوذ ويش المانع؟ شاذ، فعلى القول بأنهما مترادفان، ويسنده تصرفات الأئمة، فيطلقون هذا بإزاء هذا، وهذا بإزاء هذا ما في إشكال، ليست هناك قواعد مطردة عند الأئمة الكبار، ليست هناك قواعد مطردة بحيث لا يحيدون عنها بخلاف طريقة المتأخرين عندهم قواعد مطردة ثابتة يمكن أن يربى عليها طالب علم، حتى إذا تأهل بعد المران الكثير، والتخريج للأحاديث، والنظر في الأسانيد، والنظر في أحكام الأئمة؛ تتولد لديه الملكة التي يستطيع بها أن يحاكي المتقدمين، وأما التمرين فيكون على طريقة المتأخرين.

 

اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.

"
هذا يقول: ما معنى أن يترك تدليس المدلس، ولو من مرة واحدة، مع أن البخاري ومسلمًا يحتويان على ذلك، ويعمل بها؟

هذا رأي الإمام الشافعي أن المدلس إذا دلس مرة واحدة حكم عليه بأنه مدلس، وصنف مع المدلسين، وإلا فما الضابط إن لم يقل بذلك، ونقل عنه التدليس، وأهل العلم يعدون مثل هذه الهفوة والزلة مرة واحدة أو شيء لا يؤثر، لكن هذا من احتياط الإمام الشافعي، والتنظير بالكذب، أنه إذا ثبت الكذب مرة واحدة في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- استحق هذه المرتبة، وهذا الوصف، ورد حديثه كله؛ لأن الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس كالكذب على غيره، والمسألة مثل ما سقنا في الدرس الماضي خلافية.
طالب:......
يعني يستخلف؟
طالب:......
نعم، يعني الإمام الأصلي يقرأ سورة، والمستخلف لا يحفظها، يقرأ في سورة، ثم سبقه الحديث، فاستخلف، نعم فاستخلف غيره، وهذا المستخلف لا يقرأ، لا يحفظ هذه السورة، فهل نقول: إن قراءة الإمامين قراءة واحدة؟ أو لكل إمام قراءته؟ هل نقول إنها قراءة واحدة، فإن استطاع أن يكمل وإلا يركع، كالإمام إذا ارتج عليه؟ أو نقول: إن لكل إمام حكمه في قراءته؟ والمتجه أنهما في حكم الإمام الواحد.
طالب:.....
نعم، خلاص يركع، يركع مثل ما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، أخذته سعلة فركع، يعني ما استطاع أن يقرأ.
طالب:......
قرأ من سورة أخرى؟
طالب:......
يعني انتقل، ما يظهر، هذا تلفيق ذا، في ركعة واحدة، لكن في ركعتين له أن يقرأ من سورة والثانية من سورة كما جاء في ركعتي الصبح؛ يقرأ آية من البقرة، وآية من آل عمران، ما فيه بأس.

ذكرت في الدرس الماضي أن شعبة -رحمه الله- شدد في التدليس، أليس شعبة بن الحجاج موصوفًا عند الأئمة بهذا النوع وهو التدليس؟

لا، أبدًا، شعبة أبعد الناس عن التدليس، ويكفينا تدليس المدلسين.

هذا يقول: عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونحن نقرأ القرآن، وفينا الأعرابي، والعجمي فقال: ((اقرءوا فكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح؛ يتعجلونه، ولا تأجلونه))

هذا يقول: عن جابر بن عبد الله قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونحن نقرأ القرآن، وفينا الأعرابي، والعجمي فقال: ((اقرءوا فكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح؛ يتعجلونه، ولا تأجلونه))، يقول: صححه الألباني في السلسلة برقم مائتين وتسعة وخمسين؛ هل في هذا دليل على أن الأداء في القرآن ليس بواجب، وما شرح الحديث؟
أما بالنسبة لأول الأمر، فالأمر كذلك، القرآن نزل على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي صحابته الكبير، والصغير، وفيهم من القبائل متعددة اللغات، وكل قبيلة تؤدي على ما يسهل عليها؛ ولذا جاء قراءة القرآن على سبعة أحرف؛ للتوسعة على الناس، السبعة الأحرف ليست هي القراءات السبع التي هي باقية إلى الآن؛ لا، السبعة الأحرف يختلف بعضها عن بعض في الحروف في الشكل، وبعضها في المعنى؛ هلم، أقبل، تعال، ففيه توسعة على الناس؛ لأن فيهم مثل ما سبق الكبير، والصغير، الكبير لا يطاوعه لسانه، الآن لو أن شخصًا أراد أن يقرأ القرآن، وهو عامي لا يقرأ، ولا يكتب، وعمره سبعون سنة، هل يطاوعه لسانه مثل ما يطاوع الصغير لسانه؟ لا يمكن، شخص شرع في حفظ القرآن، وترك ذلك من أجل كلمة يرددها عليه المقرئ، ولا يستطيع أن ينطقها كما هي: {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى} [(6) سورة العلق]، ينطقها ليطقى، المقرئ يقول: ليطغى، يقول: ليطقى، ما فيه فائدة، وأيس، وترك القراءة، فلوحظ هذا في أول الأمر؛ لأنه ليس هناك تفريط، يعني ما فرط الكبير إلى أن كبر، فعجز، لا، القرآن نزل عليه وهو كبير، فيلاحظ أما الذي يفرط، ويضيع العمر والفرص، ثم بعد ذلك يلتفت وهو كبير، مثل هذا يلزم، المقصود أن الأحرف السبعة تحتمل مثل هذا، وفيها توسعة، ثم لما حصل ما حصل من الاختلاف الذي كاد أن يهلك الناس بسببه؛ جمع عثمان -رضي الله تعالى عنه- المصاحف على قراءة واحدة، وهي التي ثبتت في العرضة الأخيرة، وعليها القراءات السبع، أو العشر المتواترة، وفي آخر الأمر، واستقرار الأمر، وفي العرضة الأخيرة لا يرد مثل هذا الكلام: ((كل حسن))، في قصة عمر مع هشام بن حكيم ما يدل على شيء من هذا، قال له: اقرأ، كان يقرأ على غير القراءة التي يقرأها عمر، فعمر -رضي الله تعالى عنه، وأرضاه- ما يحتمل مثل هذا الاختلاف، ما يتحمل، فأخذه بردائه، وأتى به النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأخبره بما حصل، فقال: ((أرسله))، ثم قال له: ((اقرأ))، فقرأ، قال: ((هكذا أنزل))، ثم قال لعمر: ((اقرأ))، فقرأ، فقال: ((هكذا أنزل))؛ لأنه في أول الأمر فيه سعة، والأحرف سبعة، لكن السبعة التي أنزل بها القرآن في أول الأمر فيها توسعة، ثم لما ذلت الألسنة، والألسنة أخذت على القرآن، صاروا يستطيعون أن يقيموا الحروف مع اختلاف يسير بين لهجات القبائل مما تحتمله صورة الكلمة؛ بقي هذا الأمر الذي هو أصل القراءات السبع.
فمثل هذا الحديث يقال: إنه في أول الأمر: ((اقرءوا فكل حسن)).

يقول: هل في هذا دليل على أن الأداء في القرآن ليس بواجب؟

التوسعة فيما تحتمله الكلمة هذا تقتضيه القراءات المتواترة، أما ما لا تحتمله صورة الكلمة، ورسم المصحف الذي أجمع عليه الصحابة، وأرسله عثمان إلى الأمصار، فهذا لا تجوز القراءة به، إذا كانت خارجة عن هذه المصاحف الأربعة التي بعث بها عثمان إلى الأمصار، في هذه المصاحف شيء من الاختلاف، شيء من الاختلاف اليسير الذي قالوا: يحتمل مثل: {تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ} [(100) سورة التوبة]، و: {مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [(25) سورة البقرة]، قالوا: إن المصاحف الثلاثة: تحتها الأنهار، وفي المصحف الشامي: من تحتها الأنهار، وإلا في مثل هذا الاختلاف لا يحتمله الرسم، ولولا وجود مثل هذا الحرف لقلنا: إن المصاحف العثمانية واحدة، والعلماء -كما سمعنا سابقًا- يقررون أن القراءة، وأن الصلاة لا تصح بقراءة خارجة عن مصحف عثمان؛ لأن الصحابة أجمعوا عليها، ولا يمكن أن يجمعوا على شيء إلا وقد اعتمدوا فيه على نص عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولعل ما أجمعوا عليه هو ما ثبت في العرضة الأخيرة، في السنة الأخيرة من عمره -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:.....
لا، لا الإمام إذا ارتج عليه، وعجز أن يأتي بالآية على وجهها، وهو إمام يصلي بالناس في الصلاة يركع، لا يبدل كلام الله، ولو كانت آية قريبة منها، أو آية مشابهة لها، تختلف عنها بحروف يسيرة، إذا ارتج عليه، ولا يجزم بأن هذه الآية الموجودة في هذا الموضع هي التي يقرأها لا يجوز له ذلك، بل عليه أن يركع، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- شرع في القراءة، ثم أخذته سعلة فركع، إذا عجز عن القراءة يركع، ولا يبدل آية بآية، أو مقطع بمقطع، يعني كأن يقرأ في سورة المؤمنون مثلًا، ثم ارتج عليه، وعجز أن يأتي ينتقل إلى سورة أخرى، يعني بعد أن أخذ منها شيئًا، أما إذا كان في أول السورة مثلًا، وأراد أن يضرب عن قراءة هذه السورة، وينتقل إلى غيرها؛ لأنه عجز عنها، هذه محل نظر.
طالب:......
يرجع فيصحح ما لم يطل الفصل.
في مسجد معمور بالمصلين في التراويح، أو في صلاة التهجد في آخر الليل، فيه واحد من المشايخ له كلمة في المسجد، فتكلم هذا الشيخ عن قصة موسى مع ابنتي صاحب مدين، والإمام يقرأ في أواخر القرآن، يعني السورة في القصص، وأظنه في ذلك اليوم يقرأ في يس، أو الصافات، فهذا الذي تكلم عن القصة، فقال: ليت إمامنا وفقه الله قرأ القصة من القرآن في الصلاة ليسمعها المصلون، ويتدبروها، ويتأملوا ما فيها، فشرع الإمام في الصلاة بعد الكلمة فقرأ القصة من سورة القصص، ثم انتقل إلى سورة يس، استجابة لرغبة الشيخ، يعني قرأ القصة فقط، ما قرأ من أول السورة، ولا من آخرها، قرأ القصة فقط، ثم انتقل إلى ما وقف إليه، مثل هذا فيه إشكال، وإلا ما فيه إشكال؟
طالب:......
في ركعة واحدة، في ركعة واحدة، لا، هذا لا يجوز هذا تلفيق.
طالب:......
سورة مستقلة، وأحبها؛ لأنها صفة الرحمن، وأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأقره على ذلك، يقرأ أكثر من سورة ما فيه مانع، يقرأ أكثر من سورة، لكن يقرأ آيات، ثم ينتقل إلى آيات؛ ما يأتي هذا، على كل حال إذا عجز عن شيء يتركه، العلماء يقولون: إذا عجز عن تعلم الفاتحة يقرأ بقدرها إن استطاع من القرآن، وإلا فمن الذكر.