كتاب بدء الوحي (063)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال البخاري –رحمه الله تعالى-: "حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود –رضي الله عنه-، أن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره: أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجَّارًا بالشام في المدة التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مادَّ فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه، وحوله عظماءُ الروم، ثم دعاهم ودعا بترجُمَانه، فقال: أيكم أقرب نسبًا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبًا، فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لتَرْجُمانه: قل لهم: إني سائلٌ هذا عن هذا الرجل، فإن كذَبني فكذِّبُوه. فوالله لولا الحياء من أن يأثروا عليَّ كذبًا لكذبت عنه. ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ فقلت: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قطُّ قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون. قال: فهل يرتد أحد منهم سَخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال: ولم تُمْكني كلمةٌ أدخل فيها شيئًا غيرُ هذه الكلمة، قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة. فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها. وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرتَ أن لا، فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله، لقلتُ رجل يأتَسِي بقولٍ قيل قبله. وسألتك: هل كان من آبائه من ملكٍ؟ فذكرتَ أن لا، قلتُ: فلو كان من آبائه من ملكٍ، قلت: رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك، هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرتَ أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله. وسألتك: أشرافُ الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرت أن ضعفاءَهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل. وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرتَ أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتَّى يتم. وسألتك: أيرتد أحدٌ منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرتَ أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب. وسألتك: هل يغدر؟ فذكرتَ أن لا، وكذلك الرسل لا تغدِر. وسألتك: بما يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصَّلاة والصِّدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقًّا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنتُ أعلم أنه خارجٌ، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءَه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه. ثم دعا بكتابِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي بعث به دِحيةُ إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأه فإذا فيه «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ عبدِ الله ورسوله إلى هرقلَ عظيم الروم: سلامٌ على من اتبع الهدى، أمَّا بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتِك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثمَ الأريسيين» و{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:64].
قال أبو سفيان: فلمَّا قال ما قال، وفرغ من قراءةِ الكتاب، كثر عنده الصَّخب وارتفعت الأصوات وأُخرجنا، فقلت لأصحابي -حين أخرجنا-: لقد أمِر أمْر ابن أبي كبشة، إنه يخافه ملك بني الأصفر. فما زلتُ موقنًا أنه سيظهرُ حتى أدخل الله عليَّ الإسلام. وكان ابن الناظور، صاحب إيلياء وهرقل، سُقفًّا على نصارى الشأْمِ يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء، أصبح يومًا خبيث النفس، فقال بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك، قال ابن الناظور: وكان هرقل حزَّاءً ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيتُ الليلة حين نظرتُ في النُّجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟ قالوا: ليسَ يختتن إلا اليهود، فلا يُهمَّنَّك شأنهم، واكتب إلى مداين ملكك، فيقتلوا من فيهم من اليهود. فبينما هم على أمرِهم، أُتي هرقل برجلٍ أرسل به ملك غسان يخبره عن خبرِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما استخبره هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتنٌ هو أم لا، فنظروا إليه، فحدَّثوه أنه مختتن، وسأله عن العرب، فقال: هم يختتنون، فقال هرقل: هذا مُلْكُ هذه الأمة قد ظهر. ثم كتبَ هرقل إلى صاحبٍ له برومية، وكان نظيرَه في العلم، وسار هرقل إلى حمص، فلم يرِم حمص حتى أتاه كتابٌ من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنَّه نبيٌّ، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرةٍ له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغُلِّقت، ثم اطَّلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرُّشد، وأن يثبت ملككم، فتبايعوا هذا النَّبي؟
فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غُلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردوهم عليَّ، وقال: إني قلت مقالتي آنفًا أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيتُ، فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل. رواه صالح بن كيسان، ويونس، ومعمرٌ عن الزهري".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبدِهِ ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...
فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى- في الحديث السابع من الكتاب:
"حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع" أبو اليمان بالمثناة، المفتوحة، تحتيَّة، مخفَّف الميم.
الحكم، بفتحتين. ابن نافع: بالنون والفاء. حمصيٌّ بهراني أو بهرائي، كُتب التراجم أكثرها يقول بالنون بهراني، ومنهم من يقول: بهرائي؛ لأنه مولى امرأةٍ من بهراء بالمد، حمصيٌّ بهرائيُّ مولى امرأة من بهراء.
يقول الكرماني: "بالموحدة المفتوحة والراء والمد" والمد، يُقال لها: أم سلمة، روى عنه الأئمة، أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والزهري، وأبو حاتم، وخلائق من الكِبار، "قال يحيى: قال أبو اليمان: لم أخرِّج من –لم أخرج- كأن العبارة قلقة قليلًا- من المتأولة إلى أحدٍ شيئا". يعني: كأنه لم يروِ عن أحدٍ من المتأولة. يقول: "ولد سنة ثمانٍ وثلاثين ومائة، وتوفي سنة إحدى أو اثنتين وعشرين ومائتين، يقول العيني: ليس له في الكتب الستة، أو ليس في الكتب الستة من اسمه الحكم بن نافع غيرُ هذا، ليس في الكتب الستة من اسمه الحكم بن نافع غير هذا، وفي الرواة الحكم بن نافع روى عنه الطبراني، وهو قاضي القلزم".
القلزم أين؟ هو البحر الأحمر، كان يقال له: بحر القلزم. ولعل بجواره إقليم أو منطقة أو بلدة يُقال لها باسمه، تسمى باسمه.
في "التقريب": "الحكم بن نافع البهراني، بالنون" كلام الكرماني يقول: والمد، يعني البهرائي؛ لأنه مولى امرأة من بهراء، بالهمز. يقول: "الحكم بن نافع البهراني بفتح الموحدة، أبو اليمان الحمصي مشهورٌ بكنيته ثقةٌ ثبتٌ يُقال: إن أكثر حديثه عن شعيب مناولَة" عن شيخه شعيب بن أبي الحمزة الذي معنا، يقال: إن أكثر حديثه عن شعيب مناوَلَة، من العاشرة. مات سنة اثنتين وعشرين. يعني؟ ومائتين.
المناولة: نوع من أنواع التحمُّل وقسمٌ من أقسامِهِ، مناولة يناولُهُ الحديث المكتوب، ويقول له: اروِهِ عنِّي، ولا يلزم من ذلك سماع ولا عرض، ومن أنواع العرض ما يُسمى بعرض المناولة، يعني: ينضم إلى المناولة –مناولة المكتوب- أن يكون الطالب قد قرأه على الشيخ ثم يعطيه إياه الشيخ مرة ثانية، يناوله إياه، يسمى عرض المناولة، وأما العرض بدون قراءة فإن كانت مقرونَة بالإجازة فهي أقوى أنواع الإجازة، فهي أقوى أنواع الإجازة، وإن خلت عنِ الإجازة يعني: ناوله الحديث المكتوب، أـو ناوله الكتاب ولا قال له: اروه عني، أخذ كتاب صحيح البخاري مثلاً وأعطاه الطالب، ما قال له: اروه عني أو شيء.
وإن خلت عن إذنٍ المناولة |
|
قيل: تصحُّ والأصحُّ باطلة |
هاه؟
طالب:..........
لا هي أخص من..
قالوا: إذا خلتِ المناولة عن الإذن أخذ الكتاب وأعطاه إياه، هل أعطاه إياه ليرويه عنه أو أعطاه إياه هديَّة، دخل في مكتبة الشيخ، فتناول كتابًا من الرف وأعطاه الطالب، تصح الرواية بهذا أم لا تصح؟
قيل: تصح، والأصح باطلة. كل هذه الأنواع التي حدثت بعد القرن الأوَّل من الإجازة فما دونها فيها الخلاف الطويل لأهل العلم، يعني: السماع من لفظ الشيخ هذا هو الأصل في الرواية، فكان النبي –عليه الصلاة والسلام- يحدِّث والصحابة يسمعون ويتلقَّوْن عنه، هذا أعلى وجوه التحمل، يليه العرض: العرض على خلاف الأصل، خلاف الأصل في التحديث، لكن له أصل شرعي، له أصل، وهو حديث ضمام بن ثعلبة الذي جاء يعرض ما سمع على النبي –عليه الصلاة والسلام- فعرضه، وأقرّ –عليه الصلاة والسلام-.
واتفق العلماء على أن الرِّواية بهذين القسمين صحيحة بالإجماع، والجمهور على أن السماع أفضل من العرض، وفضَّل العرضَ قومٌ أو جمعٌ من أهل الحديث، وعرفنا السبب في ذلك؛ أنه في حال السماع إذا أخطأ الشَّيخ فإن الطَّالب قد لا يُدرك هذا الخطأ من جهة، أو يُدْرِك ويهابُ الشَّيخ فلا يُصحح له، بينما لو أخطأ الشَّيخ أو أخطأ الطالب، لو أخطأ الطَّالب في حال العرض، في قراءته على الشَّيخ فإن الشيخ لن يتردد في الرد عليه، لا سيما وهو يريد أن يروي عنه، فلا يمكن أن يُرَوَّيَه شيئًا فيه خطأ، أما ما يحصل في الدروس فقد يتسامح الشَّيخ مع الطالب لا سيما إذا كان الطالب من الطلَبَة المتقدِّمين المدركين فإن الشيخ قد يتسامح ولا يردُّ على الطالب كلّ شيء، لا شك أن الطَّالِب أو الطُّلاب يتفاوتون، منهم المبتدئ الذي يُرد عليه كل شيء من أجل تقوية عوده وأطره على اللفظ الصحيح، ومنهم المتوسط الذي قد يُتجاوز في الرد عليه عن بعض الشيء، ومنهم المُنتهي الذي قد يهاب ويُنزل منزلته، وهذا معروف عند الشيوخ كلهم، عند الشيوخ كلهم، كلهم يهابون الكبار، ويحترمونهم ويقدرونهم، فلا يردون عليهم كل شيء.
قالوا: العرض أفضل من السماع لهذا السبب، مع أن جماهير أهل العلم يقولون: السماع أفضل من العرض، وأفضل أنواع السماع وأعلاها ما كان بطريق الإملاء، بطريق الإملاء لما عُرِف من تحرز الشيخ والطالب. انتهينا.
من أهل العلم من قال: هما سواء. من قال: هما سواء، العرض والسماع من لفظ الشيخ، هذه هي أصول الرواية، أصول طرق التحمل.
يبقى أن أُحدث بعد ذلك، لما كثر الطلاب وصار شبه متعذر أن يجلس المحدث لكل من يأتيه من الأقطار فيقرأ عليهم أو يقرأون عليه، هذا فيه صعوبة لا سيما مع التفاوت الكبير، هذا يأتي في هذا اليوم، وبعد أسبوع يأتي ثانٍ، وبعد شهر يأتي ثالث، ما يتفقون يأتي إلى الشيخ مجموعة يمكن أن يقرأ عليهم الشيخ الكتاب الذي يرويه أو يقرأه، أو يقرأ واحد منهم عليه إذا صاروا مجموعة ممكن أن يحدَّثوا بطريق السماع والعرض، لكن إذا كانوا متفاوتين؟ هذا جاء في هذا اليوم وشرع في صحيح البخاري، يوم انتهى من كتاب الطهارة وشرع في كتاب الصلاة إذا جاء واحد، كيف يقرأ على الشيخ أو يقرأ على الشيخ من أول الكتاب؟ ثم جاء ثالث لما انتهى من الصلاة وبدأ في الزكاة وهكذا.
لما رأى أهل العلم المشقة الكبيرة في رواية الحديث بعد أن كثر الطلاب وتباينت أقطارهم، وصاروا يحرصون على الرحلة في طلب الحديث، ولا يرحلون جماعات يرحلون وحدان، أحدثت الرواية بالإجازة، وهي: الرواية أو الإذن الإجمالي، الإذن الإجمالي بالرواية. يعني: يقول له: ارو عني صحيح البخاري، ارو عني صحيح البخاري، فيروي بهذه الإجازة، وأجازها جماهير أهل العلم ومنعها بعضهم، وقال: يقول الإمام أحمد: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة، وقال بعضهم: من قال لغيره: اروِ عني ما لم تسمعه مني، اروِ عني ما لم تسمعه مني فكأنه قال له: أذنت لك أن تكذب عليّ. هذه الإجازة المجردة، لكن إذا اقترنت الإجازة بالمناولة، أخذ البخاري وقال: خذ، هذا صحيح البخاري فاروه عني، هذه أقوى من الإجازة المجرَّدة، أقوى من الإجازة المجردة، لكن المناولة المجردة عن الإجازة، الإجازة المجردة أقوى منها، والأصح أنها باطلة. مثل ما قلنا: إن دخل الطالب مع الشيخ إلى مكتبته فأخذ الشيخ كتابًا ودفعه إليه..
هذا..، كيف دفعه إليه من أجل أن يرويه أو من باب الإهداء؟ الأصل أصل الرواية بالإجازة والمناولة أصلها فيه ضعف، والاستدلال لصحتها فيه عسر، لكن الحاجة دعت إليها، وتزداد ضَعفًا بهذا التوسع، بهذا التوسع، فقالوا: يقال: إن أكثر حديثه عن شعيب مناولة، لكن هل مناولة العرض –عرض المناولة- أو المناولة المقرونة بالإجازة، أو المناولة المجرَّدَة عن الإجازة؟ يعني: رواية البخاري للحكم بن نافع، عن أبي اليمان عن شعيب، والإكثار من ذلك، يدل على أن الطريق معتبر، طريق صحيح ومعتبر، ليست مناولة مجردة عن الإجازة، والذي يغلب على الظن أنها من باب عرض المناولة، وسيأتي في كتاب "العلم" من "صحيح البخاري" يقول، "كتاب العلم" فيه طرق .... يقول: "قول المحدث: أخبرنا" يقول: "باب قول المحدث: حدثنا، وأخبرنا، وأنبأنا، وقال لنا الحميدي، كان عند ابن عيينة، حدثنا وأخبرنا، وأنبأنا، وسمعت واحدًا" هذا في صيغ الأداء.
قال: القراءة والعرض على المحدِّثِ، القراءة والعرض على المحدِّثِ، ورأى الحسن والثوريُّ ومالكٌ القراءة جائزة، احتج بعضهم في القراءة على العالم بحديث ضمام بن ثعلبة، إلى آخره. وقال مالك.. وقال: "وسمعت أبا عاصم يقول: عن مالك وسفيان القراءة على العالم، وقراءته سواء". يعني: وهذا القول الثالث في المسألة. "باب ما يذكر في المناولة أو ما يذكر في المناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان". وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان. وقال أنسٌ: "نسخ عثمان المصاحف فبعث بها إلى الآفاق. قال: ورأى عبد الله بن عمر، ويحيى بن سعيد، ومالكٌ ذلكَ جائزًا". "واحتج بعض أهل الحجاز في المناولة بحديث النبي –صلى الله عليه وسلم- حيث كتب لأمير السريَّةِ كتابًا وقال: «لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا»، فلما بلغ ذلك المكان قرأه على الناس، وأخبرهم بأمر النبي –صلى الله عليه وسلم-".
وقال السمعاني -أبو سعد في الأنساب-: البَهْرَاني، بفتح الباء المنقوطة بواحدة، وسكون الهاء وفتح الراء وفي آخره نون. في آخره نون، أي كلام الكرماني في أول الأمر. بالمد، بالموحدة المفتوحة والراء والمد، بهرائي. وهنا يقول: بفتح الباء المنقوطة بواحدة وسكون الهاءِ وفتح الراء وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى بهراء، بالهمز. وهي قبيلة من قضاعة نزل أكثرها بلدة حمص من مدن الشَّام في "اللباب" لابن الأثير، ومختصر من الأنساب، قال: "لم يذكر أبو سعد، يعني السمعاني من أي العرب هم، وهم قبيلة من قضاعة، وهو بهراء بن عمروٍ بن الحاف بن القضاعة، أخو بلي بن عمروٍ، منهم المقداد بن عمرو البهراني المعروف بابن الأسود، وكان له فيهم حلفٌ فنُسب إليه".
الآن بهراني أو بهرائي، الأصل: بهرائي، هذا الأصل، لكن في مثل هذه النسبة يمتنع إبدال الهمزة بالنون. النسبة إلى صنعاء صنعاني، هي من هذا النوع، يعني: لو قلت على الأصل صنعائي أو صنعاوي، هذا هو الأصل، لكن يبقى أن الإبدال في مثل هذا مقبول ومطروق في لغة العرب، فذا يقول بدلاً من صنعائي تقول: صنعاني، بدلًا من أن تقول: بهرائي بهراني، يعني يمكن يجرؤ أحد ويعدل هنا، صح أم لا؟ لكن يستطيع أن يعدل صنعاني التي لاكتها الألسنة وعرفها كل طالب علم؟ لا.
طالب:.....
أين؟
طالب:......
هو التخفيف يبدل بحرف علَّة، مثل: صنعاوي، يخففونها. لكن الإبدال وزيادة الحروف أحيانًا، إبدال حرف بحرف أو زيادة بعض الحروف، مثل: الري، تقول: الرازي. نعم؟ تقول: الرازي، وإبدال حرف بحرف: يمنيّ، بالتشديد، بإمكانك أن تقول: يماني، فأنت أبدلت إحدى اليائين في ياء النسب، لإن ياء النسب مشددة، بالألف، فخففت إذا.. إذا أبدلت لابد أن تخفف؛ لأنه لا يمكن أن يجمع بين البدل والمبدل، تقول: هذا رجل يماني، وهذه امرأةٌ يمانية. «الإيمان يمانٍ والحكمةُ يمانيَّة» بالتخفيف، بينما لو قلت: يمانيَّة لا بد أن تشدد، يعني مع الأسف نسمع بعض طلاب علم بل من يتصدرون للناس بالدعوة، تجد كثيرًا من يقول: ابن تيميَة، كثيرًا: ابن تيمية، وهي ياء النسب.
ياء كـ "يا" الكرسي زيدت للنسب
قال: قال: "أخبرنا شعيب عن الزهري"، "حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، قال: أخبرنا شعيب عن الزهري" أكثر الرواية –رواية الحكم بن نافع على ما قيل عن شعيب بالمناولة- فما الصيغة المناسبة للمناولة؟ -صيغة الأداء- البخاري يروي عن أبي اليمان بحدثنا، قال: أخبرنا شعيب، البخاري معروف من مذهبه أنه لا يفرِّق بين صيغِ الأداء فيروي بأخبرنا وحدثنا ما كان مرويًا بالسماع، أو العرض، من غير فرق، ومسلم وغيره يفرقون بدقة بين هذه الصيغ، فيقولون: حدثنا فيما طريقه السماع، وأخبرنا فيما طريقه العرض. طيب: ماذا عن المناولة والإجازة؟ كثيرٌ منهم يستعمل: عن، وكثر استعمال عن في ذا الزمن إجازةً.
يعني في الإجازة، وهي محتملة، صيغة محتَمِلة لأي نوع من الأنواع. ومنهم من يقول: لابد من أن تُصرِّح بالمُراد، بحيث لا يلتبس على السامع أو على القارئ، إذا قلت: أخبرنا، وهي مناولة، إذا قلت: أخبرنا، قال: أخبرنا شعيب، وهي مناولة كأنك دلَّستَ على السَّامِع بأنَّ أبا اليمان رواهُ عن شيخه شعيب بطريق العرض، والقراءة على الشَّيْخ. القراءة على الشيخ. وهذا الذي لو وجدنا مثل هذا في "صحيح مسلم"، قلنا: إن المناولة التي ذُكرت في ترجمة أبي اليمان، قلنا: هي عرض المناولة، ليست المناولة المعروفة عند المتأخرين المقرونة بالإجازة، أو المجردة عنها.
"قال: أخبرنا شعيب" يقول النووي: "وشعيب بن أبي حمزة، واسم أبي حمزة: دينار القرشي الأموي بضم الهمز، نسبةً إلى أميَّة"، أمية أموي، يعني ما يمكن ضبطه بالفتح؟
طالب:.......
نعم، تصير إلى أيش؟ أَمَوْ. أين أمو هذا؟ جبل بالأندلس، وينسب إليه ابن خير الإشبيلي صاحب "الفهرسة" المعروف، أموي، نسبة إلى جبلٍ هناك، ونظيرهُ: الأُبِّي شارح "مسلم"، ينسب إلى أُبَّة، بلدة بإفريقية، بينما النسبة إلى إبّ في اليمن بالكسر، "شعيب بن أبي حمزة، واسم أبي حمزة: دينار القرشي الأموي، مولاهم الحمصي، سمع نافعًا والزُّهري وابن المنكدِر وهشام بن عروة وغيرهم من التَّابعين، وروى عن جماعاتٍ من الكِبار وأثنى عليه بالثِّقةِ والحفظِ والإتقان جماعاتٌ منهم أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وأبو حاتم، وإسحاق بن يسار، توفِّيَ سنة اثنتين وستين ومائة".
يقول ابن الملقِّن: "وهذا الاسم مع أبيه من أفراد الكتب الستة ليس فيها سواه، وفي "التقريب": شعيب بن أبي حمزة الأموي مولاهم، واسم أبيه دينار، أبو بشر الحمصي، ثقةٌ عابد. قال ابن معين: من أثبتِ الناس في الزُّهْري" هو من أثبت الناس في الزهري من السابعة، "مات سنة اثنتين وستين أو بعدها". يعني: ومائة. الزهري تقدم، ومحمد بن مسلم بن شهاب الإمام المشهور، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، تقدم أيضًا في الحديث الذي قبله، وعبد الله عباس بن عبد المطلب حبر الأمة وترجمان القرآن، تقدم أيضًا. وأبو سفيان، أنه قال: "أخبرنا شعيب عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أن عبد الله بن عباسٍ أخبره، أن عبد الله بن عباسٍ أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره" يعني: هل يجري هنا الخلاف في السند المأنأن؟ المأنن، لا يجري لماذا؟ لأن فيه التصريح بالإخبار بعد ذلك، لو فيه أن عبد الله بن عباسٍ أخبرهُ أن أبا سفيان أرسل إليه هرقل في ركب، قلنا أيش؟ احتمال الانقطاع، لماذا؟ لأن ابن عباس لم يشهد القصَّة، هو يحكي قصة لم يشهدها، لكن لما قال: أن أبا سفيان بن حرب أخبره. انتهى الإشكال، أبو سفيان.
أن أبا سفيان بن حربٍ، هو: "صخر بن حرب بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي المكِّي أسلم زمن فتح مكة، أسلم زمن فتح مكة –رضي الله عنه- شهد مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حنينًا وفتح الطَّائف وشهدَ بعدَ النَّبي –صلى الله عليه وسلم- اليرموك. وشهد بعد النبي –عليه الصلاة والسلام- اليرموك، نزل المدينة وتوفي بها، سنة إحدى وقيل: أربع وثلاثين، وهو ابن ثمانٍ وثمانين سنة". هذا الصواب في وفاتِه، وفي شرح النووي الذي نقلنا عنه هذا الكلام على البخاري: وهو ابن ثمانٍ وثلاثين، وهو ابن ثمانٍ وثلاثين، يكون عمره وقتَ الهجرة أربع سنين، وهو ابن ثمانٍ وثمانين، وصلى عليه عثمان– رضي الله عنهما-.
قال ابن الملقن: "يُكنى بأبي حنظلة أيضًا. يعني إضافةً إلى أبي سفيان، ولد قبل الفيل بعشر سنين" ولد قبل الفيل بعشر سنين. يعني: أكبر من النبي –عليه الصلاة والسلام- سنًّا بعشر سنين، "أسلم ليلة الفتح، وشهد الطائف وحنينًا، وأعطاه النبي –صلى الله عليه وسلم- من غنائم حنين مائة من الإبل، وأعطاه النبي –عليه الصلاة والسلام- من غنائم حنين مائة من الإبل وأربعين أوقية، وفقئت عينه الواحدة يوم الطائف. فقئت عينه، يعني الأولى يوم الطائف، والأخرى يوم اليرموك، تحت راية ابنه يزيد، وهو والد معاوية، وإخوتِهِ"...
طالب:.........
نعم.
طالب:.....
يعني: مكث بعد النبي –عليه الصلاة والسلام- أربعًا وعشرين سنة، أربعًا وعشرين سنة، إضافة إلى ثلاث وسبعين سنة، على ثمان وتسعين.
طالب:......
لا، هو مات أربعة وثلاثين، مات أربعة وثلاثين، أربعة وثلاثين إذا أضيفت إلى إحدى عشر، يعني إذا حذفنا كم بين إحدى عشر ووفاة النبي –عليه الصلاة والسلام- وأربعة وثلاثين، ثلاث وعشرون سنة، تضاف إلى ثلاث وستين.
طالب:....
لا، ثلاث وستين، خلِّ عمر النبي –عليه الصلاة والسلام- ست وثمانون وعشر قبل الفيل ست وتسعون.
طالب:....
لا، هو قال: وهو ابن ثمانٍ وثلاثين، غيره يقول: ابن ثمان وثمانين، لكن إذا نظرنا وحسَّبْنا ودققنا أنه ولد قبل النبي –عليه الصلاة والسلام- بعشر سنين، فلو مات في السنة التي مات فيها النبي– عليه الصلاة والسلام- صار عمره ثلاثًا وسبعين، إذا أضفنا إلى ذلك: ثلاثًا وعشرين سنة، يعني: ستًا وتسعين.
طالب:.....
نعم، يعني: وفاته معروفة لكن ...
طالب:....
الولادة، الله أعلم بها.
طالب:....
لا، كان من أسنان النبي –عليه الصلاة والسلام- ولد عام الفيل، فالمسألة محتملة.
"والد معاوية وإخوته وأمه صفيَّة بنت حزن بن بجير بن الهُزَم بن رؤيْبَة، وهي عمة ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين، قالوا: ذكر ابن عساكر في تاريخه أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال له: لما ذهبت عينُه، لما ذهبت عينه، في الطائف. قال له: «أيُّما أحبُّ إليك، عينٌ في الجنة، أو أدعو الله أن يردها عليك؟» قال: بل عين في الجنة".
في مناسبة الحديث للباب. سمعنا الحديث، ما المناسبة بين الحديث والباب: بدء الوحي؟
طالب:.....
لكن هو في بدئه أم في أثنائه؟ سنرى، يقول العيني: "وجه مناسبة ذكر هذا الحديث في هذا الباب: هو أنه مشتملٌ على ذكر جملٍ من أوصاف من يوحى إليه. أنه مشتملٌ على ذكر جملٍ من أوصاف من يوحى إليه. وفي الباب: والباب في كيفية بدء الوحي". يعني: لو أتينا بكتاب "الشمائل" كله ووضعناه هنا، يناسب أن يُجعل في بدء الوحي؟ لأنه في أوصاف من يوحى إليه. هذا كلام العيني، وأيضًا يقول: "فإن قصَّة هرقْل متضمنَّةٌ كيفيةَ حالِ النبي –صلى الله عليه وسلم- في ابتداء الأمر، وأيضًا: فإن الآية المكتوبة إلى هرقل والآية التي صدَّر بها الباب وأيضًا: فإن الآية المكتوبة إلى هرقل، والآية التي صدر بها الباب مشتملتان على أن الله تعالى أوحى إلى الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بإقامةِ الدين وإعلاء كلمةِ التوحيد، يظهرُ ذلك بالتأمل".
و{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ} [آل عمران:64]، هذه دعوة النبي ومن قبله من الأنبياء، يدعون إلى التوحيد. قال: "وأيضًا: فإن الآية المكتوبة إلى هرقل والآية التي صدَّر بها الباب مشتملتان على أن الله تعالى أوحى إلى الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام- بإقامة الدين وإعلاء كلمة التوحيد. قال: يظهر ذلك بالتأمل".
طالب:...
يعني أخص خصائصه –عليه الصلاة والسلام- أنه يوحى إليه، أنه يوحى إليه، ولو لم يقل إنه يوحى إليه يمكن ما ينتشر الخبر، حتى يصل إلى بلاد الروم، على كل حال: المناسبة ليست يعني من الظهور بحيث ..
طالب:....
نعم. ظهوره في بدء أمره.
طالب:...
ماذا؟
طالب:....
على كل: هذا ينبني على هذه القصة وقعت سنة كم؟ ..
"ونحن منه في مدة" "ونحن منه في مدة" في الصلح، في الصلح، يعني متأخرة جدًّا، يقول: ابن الملقن: "هذا الحديث وجه مناسبته للباب عدم اتهامه بالكذب، عدم اتهامه بالكذب، وأنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله تعالى"، يعني: وما يقوله عن الله –جل وعلا- هو الوحي، ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب فيما يزعم أنه يدعو إليه من الوحي، قال: "وجه مناسبته للباب عدم اتهامه بالكذب، وأنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله تعالى. وأيضًا: فهو مشتملٌ على ذكرِ آياتٍ أنزلت على من تقدَّم من الأنبياء. وعلى ذكر جملةٍ من أوصاف من يوحى إليه".
في كتاب اسمه "النور الساري" "النور الساري" هذه حاشية على "صحيح البخاري" مطبوعة على الحجر، قبل مائة وخمسين سنة ما هو بهذا المقصود، لكن هذا أشهر "النور الساري" للعدوي مطبوع على الحجر سنة ألف ومائتين واثنين وثمانين أو كذا.. حجره في عشرة أجزاء، حاشية، لكن هذا غيره حتى نفرق بين الكتابين، الحاشية هذه متداولة، عشرة أجزاء معدودة من طبعات البخاري النادرة وحواشيه، لكن هنا "النور الساري على صحيح البخاري" من أمالي شيخ الهند محمود الحسن، على تلميذه مشتاق أحمد الفنجابي، هذا في الربط بين الأحاديث والتراجم، كتاب مختصر يعني، حدود مائة وخمسين صفحة، موجز جدًّا في التراجم والربط بينها وبين الأحاديث. قال: "مناسبة حديث هرقل للباب كونه مشتملاً على أوصاف النبي –صلى الله عليه وسلم-" يعني كما قال العيني. "مشتملاً على أوصاف النبي –صلى الله عليه وسلم- والوحي موقوفٌ عليها"، ماذا؟
والوحي موقوف عليها، على هذه الأوصاف. "والشراح اكتفوا في مناسبته بأن الآية {تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} [آل عمران:64].. إلى آخره موجودة فيه". يعني: الرابط بين الحديث فيه آية والترجمة فيها آية، الحديث فيه آية والترجمة فيها آية، لكن ما الرابط بين الآية الأولى وقول الله– جل ذكره-: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ} [النساء:163] هذه من التَّرجمة، هذه من الترجمة، والنبي –عليه الصلاة والسلام- أوحي إليه: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران:64]، هنا {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ} [النساء:163]، يعني: دعوة الناس، وأنت تدعو أهل الكتاب وغير أهل الكتاب، {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران:64]، والحوار الذي يُدعَى إليه بين الأديان إن كان في ضوء هذه الآية فهو شرعيّ، كان دعوة إلى التوحيد، فهو شرعي، فهو الحوار الشرعي الذي يُقتدى فيه بالنبي –عليه الصلاة والسلام-، فإنه أوحي إليه: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} [آل عمران:64]، أي: نستوي فيها نحن وإياكم، {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} [آل عمران:64].
طالب:.....
ماذا؟
طالب:....
لأن الآية الأولى جزء من الترجمة.
طالب:....
نعم، يكفي، يكفي، لكن هات. نحن استعرضنا ما قاله الشُّراح، هات شيء أوضح من هذا.
طالب:....
نعم. يقول: في الأحاديث الستَّة "بدء الوحي" في الأحاديث المشروحة، يعني كلها تتعلق بمن حوله، يعني بدأ الوحي وظهر في دعوةِ من حوله، والحديث الأخير يتعلَّق بدعوةِ من بعدُ عنهُ، من بعدَ عنه، في بدء دعوته من بعدَ عنه، أرسل له كتاب، الذي جاء به دحيةُ الكلبي على ما في الحديث. هل هذه بداية دعوة من بَعُد؟ هو في المدَّة، في المدَّة لما وُجِدَت وقت الهُدْنة بعثَ إلى الأقطار.
طالب:...
بعث إلى الملوك .. نعم. لما بعث معاذًا إلى اليمن، وبعث أبا موسى إلى اليمن، هل هذه دعوة لهم، وهل هذه بداية الدعوة، ومتى كانت؟ متأخر. نعم.
طالب:.....
تقصد الحبشة؟ هجرتهم إلى الحبشة، لا هي مجرد لجوء، هذه مجرد لجوء؛ طلبًا للأمن.
يقول: ألا تكون المناسبة في ذكرِ هذا الحديث في بدء الوحي أن الحديث فيه أول آيةٍ من الوحي وصلت إلى أهل الكتاب؟
هذا فيه نوع مما يعني شيء التفات إلى مما، بعض مما أشير إليه سابقًا.
ألا تكون المناسبة في ذكر هذا الحديث في بدء الوحي أن الحديث فيه أوَّل آيةٍ من الوحي وصلت إلى أهل الكتاب؟
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} [آل عمران:64]، وسيأتي ما فيها من كلام. هذا كلام جيد.
طالب:.....
نعم؟
طالب:.....
هي مسألة .. نعم.
طالب:....
هذه سنة تسع.
طالب: سنة تسع متأخر
لكن قوله: "ونحن منه في مدة" سيأتي كل ما في هذا من التفصيل –إن شاء الله-.
يقول: هل لابد أن تكون، أو ترجح أو ما أدري والله، مناسبة الحديث للباب بالوضوح وإلا يكون قصد المؤلف هو تحريك ذهن الطالب للبحث عن المناسبة، وليس هدفه هو الوضوح فقط؟
لو هي واضحة ما قلنا هذا الكلام، وصنيعنا ما هو من باب التحريك هذا؟
طالب:.....
ماذا؟
طالب:....
النبي لابد أن يكون ما أوحي إليه..
طالب:...
يعني إذا قلنا بهذا الكلام أدخلنا كل الصحيح في "بدء الوحي".
طالب:....
ماذا؟
طالب:.....
لا، يعني هو مثل ما قال الأخ، المسألة مسألة شحن الذهن.
ويلحظ الإمام البخاري بعض الأمور الخفية التي لا يلحظها غيره.
طالب:.....
ما هي؟
طالب:.....
التي ذُكرت بالتفصيل بأجوبتها.
طالب:....
نحن انتهينا من الصفة، لو نجيب كل الشمائل نحطها هنا صلحت.
طالب:....
على كل حال: الالتماس مطلوب، وأحيانًا كثير من الشروح يعجز، يعجز عن وجود المناسبة، وأحيانًا يقول بعضهم يسيء الأدب مع الإمام، البخاري في كتاب "التفسير"، الكرماني في كتاب التفسير لما عجز عن إيجاد مناسبة قال: هذا تعجرف، لكن الشراح ما تركوه. يعني كونه يخفى عليه المناسبة خلاص الحمد لله، يقول: ما أدركنا وينتهي الإشكال، ينتهي الإشكال، لا فيه واحد سأل سؤالًا ما أدري إيش.
يقول: إذا غيَّرْنا براهئي إلى براهني يمكن أن نغير في السند، ويمكن أن يأتي رجل ضعيف..
بهرائي وبهراني، إيه.
هو يقول: براهئي إلى براهني، يمكن أن يغير في السند ويمكن..
لا لا ما يمكن أن يغير في السند ولا غيرنا، يعني النسبة هذه قبل أن، قبل أن يُروى عنهُ الحديث، يعني نسبته إلى بهراء أو بهران، المسألة تسديد ومقاربة وشيء بدقة..
هذا يقول: شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" يقول: فرضي الله عن أحمد حيث يقول: ينبغي للمتكلم في الفقه أن يجتنب هذين الأصلين المجمل والقياس، وقال أيضًا: أكثرُ ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس. ليس معناه أنَّ القياس يجتنب بالكلِّيَّة، لكن الكلام في القياس الذي يُعارض به النُّصوص أو يتوسَّع فيه مع عدم الحاجة إليه، وإلا فالإمام أحمد ممن يقول بالقياس.
هذا يقول: صدر مؤخرًا شرح النووي على مسلم بتحقيق محمد صبحي الحلاق طبعة الرشد، ما رأيكم في هذه الطبعة، وهل تنصحون بتحقيقات محمد الحلاق؟
على كل حال: هو يجتهد ويخرِّج ويعلِّق وتحقيقه "لسبل السلام" في الجملة جيد، وفيه أخطاء، لكنه فيه تعليقات نافعة ومفيدة وإحالات على الكتب والمراجع يستفيد منها طالب العلم، وأما تحقيقه ل "نيل الأوطار" فلا نظير له، وتحقيقه "لمسلم" لشرح مسلم ما رأيته.
يقول: ما اسم شرح ابن سيد الناس في "الترمذي"، وما أحسن طبعاته؟
أولًا: اسمه "النفح الشذي" "النفح الشذي على جامع الترمذي" طبع منه مجلدان بتحقيق الشيخ أحمد معبد، وأطال التعاليق، وفيه تعاليق مفيدة جدًّا، يعني بعض التعليقات لو تفرد برسائل يستفاد منها طلاب العلم، لكنه –على صنيعه- يطول الكتاب جدًّا جدًّا، ويتأخر، والمجلدان طبعًا منذ سنين طويلة، والثالث يقولون تحت الطبع أيضًا من سنين، ثم جاء من طبع الكتاب طبعة تجارية، .. يعني لا، لا تقارب ولا تداني طبعة الشيخ، لكنها يسرت الحصول على الكتاب في أربع مجلدات، والكتاب معروف أنه ناقص، ما أكمله ابن سيد الناس، أكمله الحافظ العراقي.
نكتفي بهذا، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين