كتاب الوضوء (12)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد...
فيقول الشارح –رحمه الله تعالى- شرحًا لقوله: «فلا يُدخل يده في الإناء» قال: "والمراد باليد هنا الكف دون ما زاد عليها اتفاقًا" ذكرنا أن اليد جاءت في النصوص مطلقة ومقيدة في أكثر من نص، فجاءت مقيدة في آية الوضوء، وجاءت مطلقة هنا وفي آية السرقة، وفي آية التيمم، والقاعدة أنه متى اتفق النصان المطلق والمقيد في الحكم والسبب أنه يُحمل المطلق على المقيد، وما اختلفا في الحكم والسبب فإنه لا يُحمل المطلق على المقيد اتفاقًا، وإذا اختلفا في الحكم وإن اتفقا في السبب فإنه لا يُحمل أيضًا، والعكس كذلك إذا اتفقا في السبب واختلفا في الحكم أو اتفقا في الحكم واختلفا في السبب فإنه أيضًا لا يُحمل عند الجمهور.
نأتي إلى هذه النصوص النص المقيد هو في آية الوضوء {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة:6] طيب عندنا آية التيمم مطلقة، اليد مطلقة، والسبب واحد في الآيتين السبب واحد وهو الحدث، لكن الحكم يختلف هذا غَسل، وهذا مسح.
قالوا: في هذه الصورة لا يُحمل المطلق على المقيد، وإن قال الشافعية: بحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة، لكن العبرة بالأكثر.
إذا اختلفا في السبب واتفقا في الحكم مثل الصورة التي معنا، كلاهما غسل، لكن السبب مختلف، هذاك سببه الحدث، وهذا سببه النوم، وإن كان حدثًا، فهل نقول بغسل اليد بحمل المطلق على المقيد؟
تُحمل على آية الوضوء للاتفاق في الحكم، وهاهنا أمرٌ دقيقٌ جدًّا، وهو أن الحكم وإن اتفق في الوجوب، لكن المرتبة متفاوتة، ذاك من فروض الوضوء لا يصح إلا به، وهذا واجب عند من يقول بوجوبه، ولكن لا أثر له في صحة الوضوء؛ لأن الوجوب مراتب، وهنا يتضح في مسألةٍ مهمةٍ جدًّا مسألة الإسبال، مسألة إسبال الثوب تحت الكعب وجر الثوب خيلاء، الحكم كله تحريم، فهل يُحمل المطلق على المقيد أو لا؟
لا يُحمل، لماذا؟ لأن الحكم مختلف، وإن كان كله تحريمًا، لكن درجات التحريم مختلفة «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهو النَّار» هذا حكم، والحكم الثاني مع الخيلاء أشد، فمادام اختلف الحكم وإن شملهما التحريم هناك والوجوب هنا، فإن درجات الحكم مختلفة، وحينئذٍ لا يُحمل المطلق على المقيد.
أظن التنظير ظاهرًا، التنظير واضح، وهذه مسألة دقيقة، بعض من أهل العلم من حمل المطلق على المقيد في الإسبال، وقال: مادام ما فيه خيلاء وفيه نص مُقيِّد فإنه لا يحرم، وهذا قرره جمع من أهل العلم، لكن مادامت درجة التحريم متفاوتة، والسبب وإن كان كله إسبالًا، لكن اقترن بأحدهما ما يقتضي تغليظ الحكم، وهو الخيلاء، فيبقى جر الثوب تحت الكعب ولو من غير خيلاء فإنه يشمله «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ فَهو النَّار».
وعندنا هنا وإلا لو غفلنا عن مثل هذا نقول: السبب حدث النوم حدث، وهناك الناقض حدث اتفقا في السبب وفي الحكم وهو وجوب الغسل عند من يقول: بوجوبه، وهو الأصل في الأمر.
فلماذا لا يُحمل المطلق على المقيد؟
قلنا: للاختلاف في درجة الحكم، نُريد أن نتنبه لمثل هذا الأمر، هل نقول: إنه تُغسل اليد إلى المرفق هنا؟
قال: "اتفاقًا" "والمراد باليد هنا الكف دون ما زاد عليها اتفاقًا" اليد في آية السرقة مطلقة، وفي آية الوضوء مقيدة اختلفا في الحكم والسبب أيضًا، فلا يُحمل المطلق على المقيد اتفاقًا، كما هو معلوم.
"وهذا كله في حق من قام من النوم؛ لما دل عليه مفهوم الشرط، وهو حجةٌ عند الأكثر".
"وهذا كله في حق من قام من النوم" «وَإِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» الشرط إذا استيقظ فليغسل جملة شرطية، وهذا كله في حق من قام من النوم لما دل عليه مفهوم الشرط، وهو حجةٌ عند الأكثر.
طيب ألا يلزم غسلها لو من مستيقظ إذا تلوثت بما يجب غسله؟ بلى، لكنها مسألة أخرى، وهذا لا يختص باليد.
"أما المستيقظ فيُستحب له الفعل؛ لحديث عثمان وعبد الله بن زيد" أن النبي –عليه الصلاة والسلام- أول ما بدأ غسل يديه ثلاثًا قبل أن يبدأ وهو مستيقظ، كما وصف ذلك أكثر من وصف وضوؤه -عليه الصلاة والسلام-.
"ولا يكره الترك؛ لعدم ورود النهي" الآن من يقول بالوجوب يلزم من قوله تحريم الترك، إذا أثمناه بالترك فمعناه أنه فعل محرمًا، ترك واجبًا؛ لأن التحريم والوجوب متقابلان، لكن هنا قال: يُستحب ولا يُكره الترك.
طالب:..........
أين؟
طالب:..........
"أما المستيقظ فيُستحب" يُستحب الفعل، ولا يُكره الترك، أليس الاستحباب والكراهية متقابلان مثل التحريم والوجوب؟
طالب:.........
ما هو محل البحث هذا.
للمستيقظ مستحب، ترك المستحب إذا قلنا: بالتقابل مثل ما قلنا في التحريم والوجوب ترك المستحب مكروه أم لا؟ في حد المستحب والمكروه بمعنى هل هما نقيضان أو ضدان؟ يعني إذا قلنا: نقيضان، فإذا ترك المستحب وقع في الكراهة، إذا قلنا: ضدان يُمكن أن يرتفعان معًا ويثبت حكم جديد، وهو ما يُعبَّر عنه بخلاف الأولى.
طالب: .........
هذه مسائل تحتاج إلى عناية يا إخوان.
طالب: .........
«أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» يعني تقصد لو ليلًا أو نهارًا؟
طالب:.........
نام، إذا نام نومًا ينقض الوضوء خلاص انتهى يلزمه؛ لأنه لا يدري، أما السِّنة والنُّعاس الخفيف، بحيث يشعر بما يدور حوله فهذا لا ينقض الوضوء من جهة، ولا أيضًا يلزم غسل اليد.
الجالس في المسجد، جالس لمدة ساعة، إن قام يصلى ركعتين فقد فعل سُنَّة، ليست ركعتي الدخول إلى المسجد، لا، جالس يقرأ وينوع العبادات، قام يصلي ركعتين أو أكثر، هما اثنان جالسان، واحد قام يصلى ركعتين، والثاني ما قام، نقول: هذا فعل سُنَّة، لكن الثاني فعل مكروهًا؟
طالب: .........
حتى تتحرر عندنا المسألة؛ لأنه في حدهما تقابل، في حد المكروه مع المستحب تقابل مثل تقابل الواجب مع المحرَّم.
طالب:.........
يعني من ترك ارتكب محظورًا؟
طالب:.........
لا، هذا الأصل؛ لأنهما متقابلان، يعني ما يُثاب فاعله ولا يُعاقب تاركه، والمكروه ما يُثاب تاركه ولا يُعاقب فاعله، فهما متقابلان، فالأصل مثلما قلنا في الوجوب والتحريم: إن من ترك المستحب وقع في الكراهة باعتبار التقابل، لكن ما جعل العلماء مقابل المستحب المكروه، قالوا: لعدم ورود النهي، الكراهة حكمٌ شرعي تحتاج إلى دليل، فهذا الذي ما قام يُصلي ركعتين فعل أمرًا مباحًا، فكيف يقع في الكراهة؟
طالب:........
ماذا؟
ما يجتمعان؛ لأنه من باب الضد، الضدان لا يجتمعان، البياض والسواد لا يجتمعان، لكن ممكن يصير أحمر، يصير أخضر، يصير أصفر وهكذا.
طالب:.........
كل حياته كراهة، أكثر حياته كراهة.
طالب:.........
نعم.
"وقد روى سعيد بن منصور بسندٍ صحيح عن أبي هريرة أنه كان يفعله، ولا يرى بتركه بأسًا، وسيأتي عن ابن عمر والبراء نحو ذلك.
قوله: «قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا»، ولمسلم وابن خزيمة وغيرهما من طرق «فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها»، وهي أبين في المراد من رواية الإدخال؛ لأن مطلق الإدخال لا يترتب عليه كراهة، كمن أدخل يده في إناءٍ واسع، فاغترف منه بإناءٍ صغير من غير أن تلامس يده الماء".
إناء ارتفاعه ذراع، والماء في منتصفه، وجاء بإناء وأدخل يده في هذا الإناء واغترف بإناءٍ صغير هذا ما يدخل، وهو في الحقيقة أدخل يده في الإناء، يعني في الظرف الذي ما فيه ماء، أما أن يغمس فلا بُد أن تُباشر يده الماء؛ ولذلك قال: "وهي أبين في المراد".
طالب:........
في الإناء، إذا قلنا: في وضوئه يعني معناه أنه لا يدخل يده في الماء مثل الغمس.
"قوله: «فِي وَضُوئِهِ» بفتح الواو أي: الإناء الذي أُعد للوضوء".
طالب:.........
موجود رواية، لكن هل الوَضوء الإناء أو الماء المُعد للوضوء؟
طالب:.........
لا شك أنه الماء، وقد تقدم في شرح الترجمة الأصلية.
"وفي رواية الكشميهني: «في الإناء»، وهي رواية مسلم من طرق أخرى، ولابن خزيمة في إنائه أو وضوئه على الشك، والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء، ويُلحق به إناء الغسل؛ لأنه وضوءٌ وزيادة، وكذا باقي الآنية قياسًا، لكن في الاستحباب من غير كراهة؛ لعدم ورود النهي فيها عن ذلك، والله أعلم".
ويُلحق به إناء الغسل؛ لأنه وضوءٌ وزيادة" طيب غيرها من الآنية إناء فيه لبن أي إناء ثانٍ؟ يقول: يُلحق به إناء الغسل، وكذا باقي الآنية قياسًا.
طالب:.........
لكن بعضهم يقول: إن الماء يتأثر إذا غمس يده، فينتقل من كونه طهورًا إلى كونه طاهرًا، هذا المقرر عند متأخري الحنابلة، لكن كيف ينتقل اللبن مثلاً من حالٍ إلى حال؟ هو طاهر على كل حال.
طالب:.........
مثله، نفس الشيء مثل اللبن.
طالب:..........
انتهينا من الوضوء والغُسل؛ لأن الغُسل وضوء وزيادة، لكن إناء شرب مثلاً.
طالب:.........
لكنه للشرب، الشرب ما يُشترط له طهورية، تكفي الطاهرية، خلنا على القول الذي يقول بالوجوب.
طالب:.........
نعم؛ لأن العلة المذكورة في الحديث مظنونة، فالذي يقول: بالوجوب يقول بأن النهي هذا هو أمر للتعبد، لكن أنت افترض أنه للشرب يشرب أم ما يشرب؟
طالب:.........
يشرب، ما عنده إناء أدخل يديه كلتيهما وشرب.
طالب:........
بعد الاستيقاظ من النوم، عمومًا قال الحنابلة: ينتقل من كونه طهورًا يرفع الحدث إلى كونه طاهرًا لا يرفع الحدث، لكن يجوز استعماله في الشرب، في الطبخ، في غيرهما.
طالب:........
لأنها تعبد، وسيأتيك في الكلام هنا.
طالب:........
هو انتقل من كونه طهورًا إلى طاهر.
طالب:.........
ماذا فيه؟
طالب:..........
لا، ولا يعود إلى التيمم، هو عندهم أنه يجمع بينهما مادام طاهرًا، كما لو اشتبه طهورٌ بطاهر، قالوا: يتوضأ من هذا غرفة، ومن هذا غرفة، اشتبه ما يدري أيهما، فالطاهر لا يؤثر في البدن بخلاف النجس الذي يجب تركه وإراقته في بعض الروايات.
طالب:.........
نعم؛ لأنه لا يرفع الحدث، لكن الخلاف -وهذا يصلح مثالًا لدرس الأمس- الخلاف قوي في هذه المسألة، فكونه يعدل ويترك الواجب الأصلي بمجرد خلافٍ يُخالفه من له أدلة قوية، يعني شيخ الإسلام ما يرى فيه بأسًا، وعند المالكية ما فيه شيء.
طالب:..........
نعم.
طالب:..........
الغمس ما فيه شك أنه في الماء، ومجرد الإدخال يحصل في الإناء، ويحصل في الماء؛ ولذلك الغمس أدق في المراد، أو أدل على المراد، هو الأصل، هو الذي قُرر في الترجمة الكبرى كتاب الوضوء.
"لكن في الاستحباب من غير كراهة؛ لعدم ورود النهي فيها عن ذلك، والله أعلم.
وخرج بذكر الإناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها" على تقدير نجاسة اليد فإن النجاسة لا تؤثر فيها إلا إذا غيَّرت أحد الأوصاف.
"فلا يتناولها النهي، والله أعلم" لا سيما وأنه لا يُمكن أن يُستفاد من هذا الماء إلا بالغمس إذا لم يُوجد إناء آخر.
طالب:..........
من أين جاء الإثم؟ بناءً على أن النهي للتحريم فلا يغمس؟ إذا ارتكب محرَّمًا فهو آثم.
"قوله: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ» قال البيضاوي: فيه إيماءٌ إلى أن الباعث على الأمر بذلك احتمال النجاسة؛ لأن الشارع إذا ذكر حكمًا وعقَّبه بعلةٍ دل على أن ثبوت الحكم لأجلها"، والتعليل واضح في هذا التعليل، «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» هذه علة النهي.
"ومثله قوله في حديث المحرم الذي سقط فمات «فإنه يُبعث ملبيًّا» بعد نهيهم عن تطييبه، فنبَّه على علة النهي وهي كونه مُحرمًا" والعلة منصوصة، وأيضًا هي معقولة، بعضهم قال: أنا أدري أين باتت يدي؛ لأنه ربطها، لكن بعضهم عُوقِب، الشارع يقول: فإنه لا يدري، وأنت تقول: أدري، هذا فيه نوع معاندة.
"قوله: «لاَ يَدْرِي» فيه أن علة النهي احتمال هل لاقت يده ما يؤثر في الماء أو لا؟ ومقتضاه إلحاق من شك في ذلك ولو كان مستيقظًا"، لكن عندنا اليقين والعلة مظنونة، مشكوكٌ فيها.
"ومفهومه أن من درى أين باتت يده كمن لف عليها خرقة مثلاً، فاستيقظ وهي على حالها أن لا كراهة، وإن كان غسلها مستحبًّا على المختار كما في المستيقظ، ومن قال بأن الأمر في ذلك للتعبد كمالك لا يُفرِّق بين شاكٍّ ومتيقن، واستُدل بهذا الحديث على التفرقة بين ورود الماء على النجاسة، وبين ورود النجاسة على الماء، وهو ظاهر".
لما وردت اليد على الماء أثَّرت، لكن لما ورد الماء على النجاسة في غسل بول الأعرابي ما أثَّرت النجاسة، وهذا قال به الشافعية، فرقوا بين ورود الماء على النجاسة، وبين ورود النجاسة على الماء.
طالب:..........
هو إذا وقعت النجاسة في الإناء، وردت عليه فلها حكم، إذا كان قليلًا ولو لم يتأثر ينجس عند الشافعية، والحنابلة، والحنفية ينجس، لكن لو فيه نجاسة وصببت عليها ماءً كما هو الشأن في بول الأعرابي ينجس أم ما ينجس؟
طالب:........
ما تستفيد به، هو يروح للأرض، لكن هل يُطهر الأرض أم لا؟ إذا قلنا: نجس بمجرد ملاقاة النجاسة تستمر النجاسة، ما تطهر أبدًا.
طالب:........
خلاص.
طالب:........
يعني ورود الماء على النجاسة استدلوا ببول الأعرابي، وأن الإناء أو الذَّنوب، الدلو أو الذَّنوب طهرها، فالصورة التي ذكرها ممكنة.
طالب:.........
نعم نجاسة في إناء.
طالب:..........
كيف؟
طالب:..........
لأنها محفوظة.
طالب:..........
يقول: لو بال شخص في سطل، ثم أوردنا الماء عليه يطهر أم ما يطهر؟
طالب:..........
لا فرق بين الأرض التي تشرب ويذهب أثرها، وبين ما إذا كانت محفوظة في إناء ما راحت، فالعين موجودة.
طالب:.........
هذه لاقت نجاسة، فنجست، البركة لكن ما هي بماء، فارغة هي وامتلأت البركة من غير إزالة النجاسة، هذه مكاثرة يسمونها، فتأخذ حكم الماء الكثير إلا إذا بقيت عينها.
الآن بعض الناس –وهذا يحصل كثيرًا- يتوضأ من المواسير العادية، ثم يشم رائحةً ما رائحة نجاسة ويتوضأ يومًا، يومين، عشرة أيام، ثم يطرأ عليه أنه يرى مصدر الرائحة، فإذا به إما حمامة طائحة أو حيوان أو شيء طائح.
طالب:.........
يكون في الخزان، وفي الغالب أنه الأعلى، وقد يوجد في الأسفل إذا كان قطًّا أو شيئًا سقط فيه، فلا شك أن الرائحة... وهو كثير فوق القلتين عند من يقول: بالتفريق، هل يُعيد الصلوات التي مضت أم ما يعيد؛ لأنه غيَّر الرائحة؟
ومقتضى هذا أنه نجس عند أهل العلم، لكن إذا تحقق من وجود النجاسة، أما إذا لم يتحقق فالاحتمال أنه يتغير بمكثه.
"وعلى أن النجاسة تؤثر في الماء وهو صحيح، لكن كونها تؤثر التنجيس وإن لم يتغير فيه نظر؛ لأن مطلق التأثير لا يدل على خصوص التأثير بالتنجيس" الماء تأثر مثل لو سكبت عليه أو وضعت فيه شيئًا طاهرًا يتأثر، صببت على السطل كأس شاي أو لبن وتأثر، لكن هل أثَّر فيه تنجيس كما لو وقعت فيه نجاسة؟ لا؛ ولذلك يقول:
"لأن مطلق التأثير لا يدل على خصوص التأثير بالتنجيس، فيحتمل أن تكون الكراهة بالمتيقن أشد من الكراهة بالمظنون، قاله ابن دقيق العيد"، وهذا لا يعارض فيه أحد، الكراهة بالمتيقن.
طالب:..........
الحديث فيه إشكال كبير مع تعارضه مع قاعدة اليقين لا يرفع الشك، مثل «لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا» هذا الأصل فيه الوضوء، والماء هنا الأصل فيه الطهارة؛ لكن لعل الشارح يُعرِّج إلى شيءٍ من هذا، ولكن القول بأن هذا تعبدي مع أن العلة منصوصة فيه إشكالٌ آخر بعد.
طالب:..........
جزء من أهل العلم.
طالب:............
نعم، لكن هل يؤمر بغسل أذنه؟ «بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ» «يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ».
طالب:...........
يجب غسلها مثل غسل بول الآدمي أو نقول: بول الشيطان أسهل من بول الآدمي؟
"ومراده أنه ليست فيه دلالة قطعية على من يقول: إن الماء لا ينجس إلا بالتغيير.
"قوله: «أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» أي من جسده، قال الشافعي -رحمه الله- كانوا يستجمرون وبلادهم حارة، فربما عرق أحدهم إذا نام، فيحتمل أن تطوف يده على المحل أو على بثرةٍ أو دم حيوانٍ أو قذرٍ غير ذلك، وتعقَّبه أبو الوليد الباجي بأن ذلك يستلزم الأمر بغسل ثوب النائم". هذا طافت في زمنٍ يسير، لكن ماذا عن الثوب أو السراويل المباشر لمثل هذا؟
"وتعقَّبه أبو الوليد الباجي بأن ذلك يستلزم الأمر بغسل ثوب النائم؛ لجواز ذلك عليه، وأُجيب بأنه محمولٌ على ما إذا كان العرق في اليد دون المحل" المحل يابس، والثوب يابس، واليابس لا يُنجِّس اليابس، لكن اليد فيها عرق دون المحل مع أن هذا بعيد؛ لأن اليد المكشوفة أبعد عن العرق من البدن المغطى.
"وأُجيب بأنه محمولٌ على ما إذا كان العرق في اليد دون المحل، أو أن المستيقظ لا يريد غمس ثوبه في الماء حتى يؤمر بغسله، بخلاف اليد فإنه محتاجٌ إلى غمسها"، لو تسلسلت المسائل وقلنا: إن الماء في بئر، وليس عنده إناءٌ يغترف به، ولا يتمكن من الوصول إليه بيده، قالوا: يغمس ثوبه ويعصره، فيكون حكمه حكم أيش؟ غمس اليد إذا كانت العلة التي قررها الشافعي –رحمه الله- قلنا: الحكم واحد.
طالب:..........
لا، انتقلت النجاسة إلى غير المحل، انتقلت إلى اليد، انتقلت إلى الثوب، فهنا يُشدَّد فيها، إلا عند الحنفية الذين يقولون: بالعفو عن يسير النجاسة.
"بخلاف اليد فإنه محتاجٌ إلى غمسها، وهذا أقوى الجوابين" أوردنا عليه أنه إذا كان يحتاج الثوب لغسل اليد.
"والدليل على أنه لا اختصاص لذلك بمحل الاستجمار ما رواه ابن خزيمة وغيره من طريق محمد بن الوليد، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيقٍ، عن أبي هريرة في هذا الحديث قال في آخره «أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ منه»" يعني: من جسده.
"وأصله في مسلم دون قوله: «منه» قال الدارقطني: تفرَّد بها شعبة، وقال البيهقي: تفرَّد بها محمد بن الوليد، قلت: إن أراد عن محمد بن جعفر فمُسلَّم، وإن أراد مطلقًا فلا، فقد قال الدارقطني: تابعه عبد الصمد عن شعبة، وأخرجه ابن منده من طريقه، وفي الحديث الأخذ بالوثيقة"، يعني بالحزم والاحتياط.
"وفي الحديث الأخذ بالوثيقة والعمل بالاحتياط في العبادة"، لكن لا يجره ذلك إلى الوسوسة؛ لأن الاحتياط إذا أدى إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط.
"والكناية عما يُستحيا منه إذا حصل الإفهام بها" يعني بالكناية.
"واستحباب غسل النجاسة ثلاثًا؛ لأنه أمرنا بالتثليث عند توهُّمها، فعند تيقنها أولى، واستنبط منه قومٌ فوائد أخرى فيها بُعد منها: أن موضع الاستنجاء مخصوصٌ بالرخصة في جواز الصلاة مع بقاء أثر النجاسة عليه، قاله الخطابي".
ما وجه البُعد في هذه الفائدة؟ لو تعدت النجاسة موضع الخارج، ثم أزالها بحجر يكفي أم ما يكفي، تعدت موضع الخارج؟
طالب:..........
لا بُد من الماء إذا تعدت موضع الخارج، وهنا يقول: منها: "أن موضع الاستنجاء مخصوصٌ بالرخصة في جواز الصلاة مع بقاء أثر النجاسة عليه"؛ لأن الحجارة لا تُزيل جميع النجاسة، بل يبقى لها أثر ليست كالماء.
"ومنها: إيجاب الوضوء من النوم، قاله ابن عبد البر"، مع الأدلة الأخرى الدالة على أن المستيقظ من النوم والنائم ينتقض وضوؤه.
"ومنها: تقوية من يقول: بالوضوء من مس الذكر" يعني مسه بيقين، وهنا لا يعلم أبن باتت يده، فقد تقع على ذكره أو على دبره فيغسلها ثلاثًا قبل أن يدخلها في الإناء.
طالب:.........
هذه فيها بُعد، لكن النص فيه الغسل.
"حكاه أبو عوانة في صحيحه عن ابن عيينة، ومنها: أن القليل من الماء لا يصير مستعملاً بإدخال اليد فيه لمن أراد الوضوء، قاله الخطابي" في بعض النُّسخ الخفاف.
طالب:..........
ماذا عندك؟
طالب:.........
في بعض النسخ مثل مخطوطة الرياض: الخفاف.
"قاله الخطابي صاحب الخصال من الشافعية" لو الخطابي ما قال: "صاحب الخصال" الخطابي أوضح من أن يُعرَّف بالخصال، له شرح على البخاري، وشرح على أبي داود، وله كُتب كثيرة جدًّا، فلا يحتاج إلى التعريف به بهذا الكتاب.
اقرأ الباب الذي يليه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: " بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ.
حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو –رضي الله عنه- قَالَ: تَخَلَّفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا العَصْرَ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا".
يقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ" المسح على القدمين معروفٌ عن الرافضة استدلالاً بقراءة {امْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة:6]، وتسليط المسح على الرأس وعلى الرجلين في هذه القراءة ظاهر، ونُسِب إلى الإمام محمد بن جرير الطبري أنه يقول بالمسح، وذكر المسح في تفسيره، وأطال الكلام على قضية المسح؛ ولذا قالوا: إنه يقول بالمسح، ويوافق في ذلك الرافضة، ومراده بالمسح الغسل؛ لأنه يُطلق في لغة العرب المسح مرادًا به الغسل.
ما الذي جعلنا نقول: إن الطبري يرى أن المسح هو الغسل؟ أنه أورد هذا الحديث من طرق كثيرة جدًّا، هل يُمكن حمل المسح في كلامه على المسح المعروف، وهو يُورد حديث «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» من طرق متعددة جدًّا إلا أنه أطلق المسح وأراد به الغسل؟ يجتمع مسح مجرد مسح على ظاهر القدم مع إيراد الحديث من جميع طرقه «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» واللغة تحتمل، وفيها تفسير المسح بالغسل؟
والذي دعا من نسب هذا القول إلى الطبري محمد بن جرير هذه الكلمة في تفسيره وعرفنا أنه يُريد بها الغسل بدليل إيراد حديث «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» من طرقه، وأيضًا هناك شخص يُقال له: محمد بن جرير بن رستم الطبري، قرر المسح على مذهب الرافضة، وهو منهم، فاشتبه اسمه باسم الإمام محمد بن جرير الطبري المفسِّر، التبس على القراء، وبيَّن ذلك الألوسي في تفسيره، قال: محمد بن جرير الطبري الذي يُقرر المسح مسح القدم هو من الشيعة، واسمه محمد بن جرير بن رستم، وكُنيته أيضًا أبو جعفر مثل الطبري.
"بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلاَ يَمْسَحُ القَدَمَيْنِ" طيب ماذا عن قراءة الجر؟ منهم من قال: المراد بقراءة الجر إذا كانت مُغطاة بالخُف.
ومنهم من قال: إن الجر للمجاورة، وهذا وارد في لغة العرب أنها تجر بالمجاورة، هذا جُحر ضبٍّ خربٍ مجرور بالمجاورة. "وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ" بدليل «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ».
قال: "حَدَّثَنَا مُوسَى" ابن التبوذكي، موسى بن إسماعيل التبوذكي، وقلنا: إن التبوذكي نسبة إلى أيش؟
طالب:.........
نعم قوانص الدجاج.
"قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ" وهو الوضاح اليشكري.
"عَنْ أَبِي بِشْرٍ" واسمه، ما اسم أبي بشر؟
طالب...........
أبو بشر، جعفر.
طالب:...........
نريد أن نتأكد يا أبا أبا عبد الله انظر في التقريب.
"عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ" بفتح الهاء وعدم الصرف "مَاهَكَ" على أنه أعجمي، وإذا قلنا: ماهكٍ على أنه على وزن اسم الفاعل فيُصرف.
أحيانًا يكون الاسم أعجميًّا وهو علم في العربية مثل: عبد الله بن سياهٍ، مصروف، وأصل الكلمة أعجمية، لماذا صُرِفت وهو علم على والد عبد الله وصُرِف، والكلمة أعجمية؟ قالوا: لأن استعماله في الأعجمية وصف، وليس بعَلَم، فصُرِف.
"عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" يعني تأخر.
"عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا العَصْرَ"
طالب:........
ماذا يقول؟
طالب:........
جعفر بن إياس مثل ما قال معروف.
"وَقَدْ أَرْهَقْنَا العَصْرَ" وفي روايةٍ أخرى "أَرْهَقْنَا العَصْرُ" يعني ضيَّق علينا أو ضيقنا عليه، المقصود أنها ضُبطت بهذا وهذا.
"فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ" تعرف المتأخر يستعجل في وضوئه.
"فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا"؛ لأنهم تأخروا في صلاة العصر.
"فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ" عليه الصلاة والسلام، "«وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا"
يقول الشارح: "قوله: "باب غسل الرجلين" كذا للأكثر، وزاد أبو ذرٍّ "ولا يمسح على القدمين".
طالب:.........
عند ابن حجر.
طالب:.........
لا، هو في الشرح، الكلام على ما في الشرح، المفترض أن يقول ابن حجر: مادامت في رواية أبي ذر "ولا يمسح" يُدخلها في المشروح ما يُخرجها عنه.
طالب:..........
من الكتاب؟
طالب:..........
ما يخالف كأنه.. انظر الشرح، انظر الشرح ماذا قال؟ مادام اعتمد رواية أبي ذر المفترض أنه بين القوسين، يقول: قوله: "باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين" وللأكثر كذا.
ومادام ابن حجر اعتمد رواية أبي ذر المفترض أنه يجعل رواية أبي ذر بين القوسين؛ لأنها المعتمدة عنده، ويشير إلى ما عداها.
"قوله: "حدثني موسى" وهو ابن إسماعيل التبوذكي.
قوله: "عنا في سفرة" زاد في رواية كريمة "سافرناها" وظاهره أن عبد الله بن عمرٍو كان في تلك السفرة، ووقع في رواية لمسلم أنها كانت من مكة إلى المدينة، ولم يقع ذلك لعبد الله محققًا إلا في حجة الوداع، أما غزوة الفتح فقد كان فيها، لكن ما رجع النبي –عليه الصلاة والسلام- فيها إلى المدينة من مكة، بل من الجعرانة، ويحتمل أن تكون عمرة القضية، فإن هجرة عبد الله بن عمرٍو كانت في ذلك الوقت أو قريًبا منه".
طالب:.........
نعم كانت من مكة إلى المدينة.
طالب:.........
رواية مسلم أنها كانت من مكة إلى المدينة.
طالب:.........
يعني في حجة الوداع؟ ماشٍ، هل يُمكن أن يُقال: رجع من المدينة إلى مكة؟ لا، سافر إلى مكة ورجع إلى المدينة، يعني سفره إلى بلده، ثم رجوعه، ومن بلده يُقال له: سفر.
"قوله: "أرهقنا" بفتح الهاء والقاف، والعصرُ مرفوعٌ بالفاعلية كذا لأبي ذر، وفي رواية كريمة بإسكان القاف والعصر منصوبٌ بالمفعولية، ويقوي الأول رواية الأصيلي "أرهقتنا" بفتح القاف بعدها مثناة ساكنة، ومعنى الإرهاق: الإدراك والغشيان، قال ابن بطال: كأن الصحابة أخَّروا الصلاة في أول الوقت؛ طمعًا أن يلحقهم النبي -صلى الله عليه وسلم- فيُصلوا معه"، يعني تأخيرهم لصلاة العصرح رجاء أن يأتي النبي –عليه الصلاة والسلام- فيؤمهم فيها.
"فلما ضاق الوقت بادروا إلى الوضوء؛ ولعجلتهم لم يسبغوه، فأدركهم على ذلك فأنكر عليهم.
قلت: ما ذكره من تأخيرهم قاله احتمالاً؛ ويحتمل أيضًا أن يكونوا أخَّروا لكونهم على طُهرٍ أو لرجاء الوصول إلى الماء، ويدل عليه رواية مسلم "حتى إذا كنا بماءٍ بالطريق تعجل قومٌ عند العصر أي: قرب دخول وقتها فتوضؤوا وهم عجال" ما معنى هذا الكلام؟
"تعجل قومٌ عند العصر أي: قرب دخول وقتها فتوضؤوا وهم عجال".
طالب: .........
الاستعداد وأخَّروا الصلاة.
"قوله: "ونمسح على أرجلنا"، انتزع منه البخاري أن الإنكار عليهم كان بسبب المسح لا بسبب الاقتصار على غسل بعض الرجل؛ فلهذا قال في الترجمة: "لا يمسح على القدمين"، وهذا ظاهر الرواية المتفق عليها، وفي أفراد مسلم "فانتهينا إليهم وأعقابهم بيضٌ تلوح لم يمسها الماء". الآن المنكر عليهم تركهم لغسل الأعقاب؛ ولذلك نص عليها ولم يذكر غيرها، فهل أنكر عليهم المسح أو أنكر عليهم ترك غسل الأعقاب، ومن لازم المسح الذي يقول به المبتدعة ترك الأعقاب؛ لأنه من معقد الشِّراك، الكعب عندهم العظم الناتئ على ظهر القدم عند معقد الشِّراك.
"فتمسك بهذا من يقول: بإجزاء المسح، ويُحمل الإنكار على ترك التعميم، لكن الرواية المتفق عليها أرجّح، فتُحمل هذه الرواية عليها بالتأويل، فيحتمل أن يكون معنى قوله: "لم يمسها الماء" أي: ماء الغسل جمعًا بين الروايتين" يعني هل الآن الإنكار عليهم؛ لأنهم مسحوا أو لأنهم تركوا العقبين؟
المنصوص عليه تركهم العقبين، وهل يُمكن أن يُقر المسح ويُنبَّه على العقبين؟ المسح بمعناه عند المبتدعة لا يتناول العقبين هذا معروف.
"وأصرح من ذلك رواية مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً لم يغسل عقبه فقال ذلك، وأيضًا، فمن قال: بالمسح لم يوجب مسح العقب"؛ لأنه يُمكن أن يستدل مستدل أنه ما أنكر المسح، فيُجزئ المسح، لكن المتعين غسل العقب.
"وأيضًا، فمن قال: بالمسح لم يوجب مسح العقب، والحديث حجةٌ عليه، وقال الطحاوي: لما أمرهم بتعميم غسل الرجلين حتى لا يبقى منهما لمعة دل على أن فرضها الغسل".
"لما أمرهم بتعميم غسل الرجلين حتى لا يبقى منهما لمعة" لحديث اللمعة، والأمر بإحسان الوضوء مشهور.
"دل ذلك على أن فرضها الغسل، وتعقَّبه ابن المنير بأن التعميم لا يستلزم الغسل، فالرأس تُعم بالمسح وليس فرضها الغسل" يعني لو استوعب القدم بالمسح يدخل في النهي أم لا في هذا الحديث؟ على ظاهر الحديث ما يدخل لو استوعبها، لكن كل من يقول بالمسح يقتصر على ظاهر القدم.
"وقال الطحاوي: لما أمرهم بتعميم غسل الرجلين حتى لا يبقى منهما لمعة، دل على أن فرضها الغسل، وتعقَّبه ابن المنير بأن التعميم لا يستلزم الغسل، فالرأس تُعم بالمسح وليس فرضها الغسل.
"قوله: "أرجلنا" قابل الجمع بالجمع فالأرجل موزعة على الرجال فلا يلزم أن يكون لكل رجلٍ أرجل" يعني مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفرادًا، لكن هل نقول على هذه القاعدة: إن لكل رَجلٍ رِجلًا نفينا أن يكون لكل رجل أرجل، واستدللنا بالقاعدة أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفرادًا.
طالب:..........
لا، هو مقرر هذا أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفرادًا، لكن الفردية بحسب الحال، نحن لو قلنا: إن بعض الناس أو هؤلاء المخاطبين لما قوبِل الجمع بالجمع واقتضت القسمة أفرادًا أن لكل رجلٍ رجلًا الواقع يرد، ما فهمنا أو طبقنا من القواعد ما نُطبق لا يُمكن أن تجري على ما عندنا.
"قوله: «وَيْلٌ» جاز الابتداء بالنكرة؛ لأنه دعاء، واختُلف في معناه على أقوال أظهرها ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد مرفوعًا «ويلٌ وادٍ في جهنم»، قال ابن خزيمة: لو كان الماسح مؤديًا للفرض لما تُوعِّد بالنار، وأشار بذلك إلى ما في كُتب الخلاف عن الشيعة أن الواجب المسح؛ أخذًا بظاهر قراءة {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة:6] بالخفض، وقد تواترت الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في صفة وضوئه أنه غسل رجليه وهو المبين لأمر الله، وقد قال في حديث عمرو بن عبسة الذي رواه ابن خزيمة وغيره مطولاً في فضل الوضوء: «ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ»، ولم يثبت عن أحدٍ من الصحابة خلاف ذلك إلا عن على وابن عباسٍ وأنس، وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك.
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على غسل القدمين، رواه سعيد بن منصور، وادعى الطحاوي وابن حزمٍ أن المسح منسوخ" يعني وجوده في آية الوضوء على قراءة الجر هو ما يُفهم من هذا الحديث، لكنه نُسِخ بدليل أنه لم يقل به أحدٌ من الصحابة، قبل التمكن من الفعل النسخ قبل التمكن من الفعل.
طالب:.........
ولا يمنع منه أيضًا عقل، ما فيه ما يمنع من النسخ قبل التمكن من الفعل.
"قوله: «لِلْأَعْقَابِ» أي: المرئية إذ ذاك" لأن اللام أو (أل) للعهد، يعني أعقاب الناس كلها ويلٌ لها أو الذين فرَّطوا في غسلها واستيعابها؟
"أي: المرئية إذ ذاك، فاللام للعهد ويلتحق بها ما يشاركها في ذلك" يعني لو أن إنسانًا أخل بغسل عقيبيه توجه إليه هذا الكلام.
"والعقب مؤخر القدم، قال البغوي: معناه: ويلٌ لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها" لأصحابها والعقب جزءٌ منه، يعني إن قلنا: إن الذي يُجازى العقب أدى الحديث الغرض، لكن «مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزار فِي النَّار» قد يقول قائل -ممن لا فهم عنده-: الإزار خله يروح النار ما المشكلة؟ القسم الذي تحت الكعب مثل ما قال بعضهم.. لكن إذا قلنا: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّار» فالعقب جزءٌ منه يمكن أن يختص به العذاب.
وقوله: والمراد أصحاب الأعقاب، نحن نقول: المراد صاحب الثوب «وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ» نقول: صاحب الضلالة، ليس المراد بها الضلالة نفسها.
"وقيل: أراد أن العقب مختصٌ بالعقاب إذا قُصِّر في غسله، وفي الحديث: تعليم الجاهل" هؤلاء جهلوا الحكم فعلمهم النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"ورفع الصوت بالإنكار"؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- نادى ورفع صوته.
"وتكرار المسألة لتفهم كما تقدم في كتاب العلم"؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- كرر قوله: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّار».
والله أعلم.
طالب:.........
لكونهم على طهر ضامنين أنهم على طُهر.
طالب:.........
أخروا صلاة العصر، هم تطهروا في أول الوقت، وتأخروا في أداء الصلاة في كونهم على طهر، ما يحتاجون إلى وقتٍ زائد للتطهر والبحث عن الماء.
طالب:.........
كلمة عذاب.
طالب:.........
ومن قالوا: إنها كلمة عذاب أو وادٍ في جهنم.
"