شرح الموطأ - كتاب الجمعة (2)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه، سم.
باب فيمن أدرك ركعة يوم الجمعة
عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى، قال ابن شهاب: وهي السنة. قال مالك رحمه الله: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة». قال مالك رحمه الله: في الذي يصيبه زحام يوم الجمعة، فيركع ولا يقدر على أن يسجد حتى يقوم الإمام، أو يفرغ الإمام من صلاته أنه إن قدر على أن يسجد إن كان قد ركع فليسجد إذا قام الناس، وإن لم يقدر على أن يسجد حتى يفرغ الإمام من صلاته، فإنه أحب إلي أن يبتدئ صلاته ظهرًا أربعًا.
يقول رحمه الله تعالى: باب فيمن أدرك ركعة يوم الجمعة
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أنه كان يقول: من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى، يعني بعد سلام الإمام، قال ابن شهاب: وهي السنة، من أدرك ركعة يضيف إليها أخرى؛ لعموم الحديث اللاحق، لكن إن لم يدرك ركعة فإنه يصلي أربعًا، قال مالك: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا، يعني: المدينة وبه قال ابن مسعود وابن عمر وأنس والليث والشافعي وأحمد ومالك، ودليل ذلك -أي قول ابن شهاب- من السنة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة» فالحديث بعمومه يشمل الجمعة، وتقدم الحديث مسندًا في الوقوت، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إن أحرم بالجمعة قبل سلام الإمام صلى ركعتين لحديث: «وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا أو أتموا» فالحديث بعمومه يشمل الجمعة، وقال مجاهد وعطاء وغيرهما: من فاتته الخطبة صلى أربعًا، يعني ولو أدرك الصلاة كاملة، فعندنا طرفان ووسط؛ القول الأخير الذي يقول: من فاتته الخطبة فاتته الجمعة، والذي قبله أن من كبّر قبل سلام الإمام أدرك الجمعة، والقول الوسط وهو قول جماهير أهل العلم أن من أدرك ركعة وأضاف إليها أخرى ويكون حينئذٍ أدرك الجمعة.
قال مالك: فالذي يصيبه زحام يوم الجمعة فيركع ولا يقدر على أن يسجد حتى يقوم الإمام، أو يفرغ الإمام من صلاته، أنه لا يخلو من حالين: إن قدر على أن يسجد، إن كان قد ركع فليسجد إذا قام الناس وتتم صلاته؛ لأن السجود إن كان سجدة واحدة ما تفوته سجدة، لا تفوته، لكن إذا كان الإمام سجد سجدتين والمسألة مفترضة في شخص محتاج لهذا لا يستطيع أن يسجد، يفترض المسألة زحام شديد في الحج مثلاً، يعني في بعض الظروف يعني لا يستطيع القائم أن يجلس، ولا الجالس أن يقوم، ولا الراكع أن يسجد، لكن الإمام مالك رحمه الله تعالى يقول: إن قدر على أن يسجد إن كان قد ركع الكلام في إدراك الركعة، هو أدرك الركوع مع الإمام، ثم سجد الإمام سجدة، فلما قام من هذه السجدة سجد هذه صورة، الصورة الثانية يسجدون سجدتين وهو لا يستطيع، ثم يقومون إلى الركعة الثانية يسجد هو السجدتين ولا يتمكن من السجود حال سجودهم ولا حال جلوسهم بين السجدتين، لكن قام الإمام للثانية فسجد سجدتين ثم لحق بها ما الحكم؟ إن كان قد ركع فليسجد إذا قام الناس، قام الناس معناه أنهم سجدوا سجدتين وإن لم يقدر على أن يسجد حتى يفرغ الإمام من صلاته سلم الإمام، فإنه أحب إلي أن يبتدئ صلاته ظهرًا أربعًا أحب إليّ، والمالكية يقولون وجوبًا؛ لأنه لم يتم له مع الإمام ركعة فيبني عليها ظهر الفرق بين الصورتين، يعني أدرك ركعة بركوعها وسجدتيها أثناء صلاة الإمام وما معه، والثاني أدرك الركوع لكن السجود بعد فراغ الإمام من صلاته فالأول يضيف إليها أخرى وتتم له الجمعة الثاني لا، والصورتان كلتاهما فيمن لم يدرك إلا الركعة الأخيرة من الجمعة نعم سم.
أحسن الله إليك.
باب ما جاء فيمن رعف يوم الجمعة
قال مالك: من رعف يوم الجمعة، والإمام يخطب، فخرج فلم يرجع، حتى فرغ الإمام من صلاته، فإنه يصلي أربعًا. قال مالك رحمه الله في الذي يركع ركعة مع الإمام يوم الجمعة، ثم يرعف فيخرج فيأتي وقد صلى الإمام الركعتين كلتيهما: إنه يبني بركعة أخرى ما لم يتكلم. قال مالك رحمه الله: ليس على من رعف، أو أصابه أمر لا بد له من الخروج، أن يستأذن الإمام يوم الجمعة، إذا أراد أن يخرج.
يقول: باب ما جاء فيمن رعف بفتح العين وضمها على ما تقدم يوم الجمعة
قال مالك: من رعف يوم الجمعة والإمام يخطب فخرج لغسل الدم فلم يرجع حتى فرغ الإمام من صلاته فإنه يصلي أربعًا، هذا ما فيه إشكال، وهذا أمر متفق عليه؛ لأنه لم يدرك شيئًا، قال مالك في الذي يركع ركعة مع الإمام يوم الجمعة، ثم يرعف بضم العين وفتحها فيخرج لغسل الدم فيأتي، أي: يرجع، وقد صلى الإمام الركعتين كلتيهما: إنه يبني بركعة أخرى ما لم يتكلم، وهذه المسألة فرع على مسألة البناء بالنسبة لمن أحدث وهو في صلاته ما لم يتكلم، يبني ما لم يتكلم، ويضيفون أيضًا ما لم يطأ نجاسة ولم يستدبر القبلة بلا عذر، ولم يجاوز أقرب مكان ممكن، إذا وجدت هذه الأمور فيبني، وكل هذا مبني على حديث عائشة، وحديث عائشة ذكرنا سابقًا أنه ضعيف.
قال مالك ليس على من رعف أو أصابه أمر لا بد له من الخروج كالحدث والإمام يخطب مثلاً، أي: يستأذن الإمام يوم الجمعة إذا أراد أن يخرج، أنتم تتصورون الاستئذان، يعني في قاعة الدراسة يخرج الطالب دون استئذان؟! لا، ما يستطيع، لكن والإمام يخطب واحد يريد الدورة عن إذنك، يقول: ليس على من رعف وأصابه أمر لا بد له من الخروج أن يستأذن الإمام يوم الجمعة، إذا أراد أن يخرج، لو قال لنا طالب في قاعة الدرس ما يحتاج استئذان، هذه الجمعة أعظم، الخطبة يجب الإنصات لها، والدرس ما يجب الإنصات له، ما يجب الاستئذان لماذا لا نخرج لو احتج بمثل هذا.
طالب: ..................
لا، هذا هو يأخذ عليه مقابل الدراسة، ويتعلق بها حقوق له وعليه، وقد دخل على هذا العقد أنه يلتزم بالأنظمة والتُزم له بما يترتب على هذه الدراسة في مقابل أنه يلتزم بهذه الأنظمة، ليس له أن يحتج بمثل هذا إذا أراد أن يخرج لا يستأذن الإمام، وبهذا يقول جمهور الفقهاء؛ لأنه يشق على الناس خصوصًا مع كثرتهم كبر المسجد {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج: ٧٨] وقال ابن سيرين: كانوا يستأذنون الإمام هو ما جاء الكلام عبثًا؛ لأنه قد يقول قائل: وما الداعي لمثل هذا الكلام؟ قد يقول قائل: وما الداعي لمثل هذا الكلام؟ هذا الكلام ما يحتاج إلى أن يقال؛ لأنه ما يتصوره، كانوا يستأذنون الإمام يوم الجمعة وهو يخطب في الحدث والرعاف، فلما كان زمن زياد كثر ذلك، فقال زياد: من أخذه مانعه فهو إذن يعني من أراد أن يخرج لحاجة لوجود المانع الذي يمنع من الاستمرار فهو إذن، المقصود أنه جاء الاستئذان مذمومًا، وجاء ممدوحًا والجهة منفكة، معروف كيف يستأذن المنافق وكيف يستأذن المؤمن؟ يستأذن المؤمن للحاجة ولمصلحة العمل، ويستأذن المنافق هروبًا من العمل نسأل الله العافية، سم.
أحسن الله إليك.
باب ما جاء في السعي يوم الجمعة
عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] فقال ابن شهاب رحمه الله: كان عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- يقرؤها إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة: فامضوا إلى ذكر الله، قال مالك رحمه الله: وإنما السعي في كتاب الله العمل والفعل، يقول الله تبارك وتعالى {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ} ا[لبقرة: ٢٠٥] وقال تعالى: {وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى* وَهُوَ يَخْشَى}[عبس:8-9] ، وقال: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى}[النازعات:22] ، وقال: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل:4], قال مالك رحمه الله: فليس السعي الذي ذكر الله في كتابه بالسعي على الأقدام، ولا الاشتداد، وإنما عنى العمل والفعل.
يقول رحمه الله: باب ما جاء في السعي يوم الجمعة
السعي الواجب المستدل عليه بقوله تعالى: {إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ } [الجمعة: ٩]؛ لأن الأمر بالسعي يدل على الوجوب، وجوب الذهاب إلى الصلاة، وجاء النهي عن الإسراع: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون» «إذا أقيمت الصلاة فائتوها وأنتم عليكم السكينة والوقار» المقصود أن هل ما جاء في قوله جل وعلا:{فَاسْعَوْا} [الجمعة: ٩] ينافي السكينة والوقار المأمور بهما.
حدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة:9] نودي للصلاة أُذن لها عند قعود الإمام على المنبر من يوم الجمعة (من) هذه بيانية، وقيل: إنها بمعنى "في" في يوم الجمعة: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩] ، المراد بذلك الخطبة والصلاة، فقال ابن شهاب: كان عمر بن الخطاب يقرؤها: إذا نودي الصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله، يقرؤها كذلك قراءة بها التفسير، يريد قراءة تفسيرية، فمعنى اسعوا: امضوا.
قال مالك رحمه الله تعالى: وإنما السعي في كتاب الله العمل والفعل، وإن أطلق لغة على الإسراع والجري، ومنه السعي بين الصفا والمروة، السعي بين الصفا والمروة سعي شديد، السعي بين الصفا والمروة، وقد جاء النهي عن الإسراع إذا أقيمت الصلاة، فقبل الإقامة من باب أولى، إذا كان السرعة في المشي ليس من أجل إقامة الصلاة، وإنما خشية المشقة على المأمومين، هذا يرد كثيرًا، إمام ينتظره المأمومون وتأخر عليهم وأسرع من أجل ألا يشق على المأمومين، وليس من أجل إدراك الصلاة؛ لأنه منهي عن السعي والإسراع يدخل في هذا أم لا يدخل؟ وهو من أجل ألا يشق على المأمومين في انتظاره، نعم.
ما نقول: إن السعي ينهى عنه قبل الإقامة من باب أولى إذا نهي عن السعي بعد الإقامة لغرض صحيح فمن باب أولى إذا لم يكن ذلك الغرض موجودًا، مع أن السعي السرعة في المشي له أثر على الصلاة يصاب هذا بالبهر، قد يشق عليه أن يصلي، وقد يغفل عن صلاته بسبب ذلك، فإذا سعى قبل الإقامة وحضر إلى المسجد وارتاح وانتفت هذه المفسدة هل نقول: إن النهي عن السعي قبل الإقامة من باب أولى؟
نعود إلى مسألة الإمام الذي لا يريد أن يشق على المأمومين، مع ملاحظة أن بعض الأئمة لا يقيم للمأمومين أي وزن، وإنما لا يريد أن يتكلموا فيه، هذا أيضًا له أثر في الحكم، فرق بين من يريد ألا يشق على المأمومين بغض النظر عن كونهم تكلموا أو ما تكلموا، وبين من ينظر إلى نفسه دون غيره، يجر إزاره خشي أن تكون الساعة عليه الصلاة والسلام.
على كل حال هي الأمور بمقاصدها، فإذا كانت المشقة اللاحقة بالمأمومين بالغة ومؤثرة لا شك أن استدراك مثل هذا مطلوب؛ ولذا أمر بتخفيف الصلاة لئلا يشق على المأمومين، وإنما السعي في كتاب الله العمل، الفعل، يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [البقرة: ٢٠٥] ويقول جل وعلا: {وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى} [عبس: ٨] يعني مسرعًا وهو يخشى الله عز وجل وقال: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى}[النازعات:22] في الأرض بالفساد، وقال:{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل:4] إن سعيكم –عملكم- لشتى مختلف، فاعل للطاعات يريد بذلك وجه الله جزاؤه الجنة، وعامل بالمعاصي المسخطة لربه جل وعلا فجزاؤه النار.
قال مالك: فليس السعي الذي ذكر الله في كتابه بالسعي على الأقدام ولا الاشتداد أي الجري، وإنما عنى العمل أو الفعل، ومن ذلك قوله تعالى:{وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: ١٩] ولو كان مقعدًا، ولو كان مقعدًا يسمى حينئذٍ ساعيًا إذا عمل بما يرضي الله جل وعلا، قوله جل وعلا: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: ١٠٤] هذا كثير في النصوص، نعم.
أحسن الله إليك.
باب ما جاء في الإمام ينزل بقرية يوم الجمعة في السفر
قال مالك رحمه الله: إذا نزل الإمام بقرية تجب فيها الجمعة، والإمام مسافر، فخطب وجمّع بهم، فإن أهل تلك القرية وغيرهم يجمّعون معه. قال مالك رحمه الله: وإن جمّع الإمام وهو مسافر بقرية لا تجب فيها الجمعة، فلا جمعة له ولا لأهل تلك القرية، ولا لمن جمّع من غيرهم، وليتمم أهل تلك القرية وغيرهم ممن ليس بمسافر الصلاة. قال مالك: ولا جمعة على مسافر.
يقول رحمه الله تعالى: باب ما جاء في الإمام ينزل بقرية يوم الجمعة في السفر
كذا ترجم ولم يذكر تحت الترجمة شيئًا، وإنما ذكر الحكم من قِبله رحمه الله، قال مالك: إذا نزل الإمام بقرية تجب فيها الجمعة بأن كانوا مستوطنين والإمام مسافر، خطب وجمّع بهم، فإن أهل تلك القرية وغيرهم يجمّعون معه، ذكر ابن إسحاق وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في مسجدهم، قال مالك: فإن جمّع الإمام وهو مسافر بقرية لا تجب فيها الجمعة على أهلها لفقد شروطها فلا جمعة له ولا لأهل تلك القرية، ولا لمن جمّع معهم من غيرهم، وليتمم أهل القرية وغيرهم ممن ليس بمسافر الصلاة، هذا مسافر وجاء إلى قوم غير مستوطنين فصلى بهم جمعة، وهذا يحصل بعض الاجتهادات من الشباب إذا خرجوا في رحلة أو نزهة يخطبهم ويصلي، يقول: وإن جمّع الإمام وهو مسافر بقرية لا تجب فيها الجمعة فلا جمعة له ولا لأهل تلك القرية، ولا لمن جمّع معهم من غيرهم، وليتمم أهل تلك القرية وغيرهم، يعني: أربع ركعات؛ لأن الإمام ومن معهم مسافرون، فهؤلاء يكفيهم وإن كانت بنية الجمعة إلا أنها تكفي عن الظهر؛ لأنها مقصورة ركعتين وهو مسافر، لكن أهل القرية وغيرهم يتمموا صلاتهم، يأتون بركعتين أخريين ممن ليس بمسافر.
قال الباجي يحتمل معنيين: أحدهما يعود إلى الإتمام، والثاني أن يتموا على ما تقدم من صلاتهم وهو الظاهر من اللفظ، يعني يقول: يحتمل معنيين أحدهم يعود إلى الإتمام والثاني أن يتموا على ما تقدم من صلاتهم، وهو الظاهر من اللفظ؛ لأنه لو أراد الاحتمال الأول لقال: وليعد جميع المصلين معه فيتم المقيم ويقصر المسافر، المقصود أن الاحتمالين الذي ذكرهما أن الصلاة باطلة على الاحتمال الأول، والصلاة على الاحتمال الثاني صحيحة، إلا أنها غير مجزئة عن الجمعة، فالمسافر تصح له ظهرًا مقصورة، والمقيم لا بد أن يضيف إلى هاتين الركعتين ركعتين أخريين، فلما خص المقيمين بالذكر عُرف أن صلاة المسافرين صحيحة، فإذا كانت صلاة المسافرين صحيحة وليست جمعة إذًا هي ظهر مقصورة، فإذا صحت للمسافرين صحت للمقيمين على أن يضيفوا إليها ركعتين أخريين كما جاء في الحديث: «أتموا فإنا قوم سَفر»، فلما خص المقيمين بالذكر كان الأظهر أن صلاة المسافرين جائزة.
قال مالك: ولا جمعة على مسافر، وقد نقل الإجماع على هذا أنه لا جمعة عن مسافر، ولم يحفظ أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الجمعة في السفر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء
قال الإمام يحيى رحمه الله تعالى: باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة
عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة، فقال: «فيها ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا، إلا أعطاه إياه، وأشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده يقللها».
عن مالك، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: خرجت إلى الطور فلقيت كعب الأحبار فجلست معه، فحدثني عن التوراة، وحدثته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان فيما حدثته، أن قلت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «خير يوم طلعت عليه الشمس، يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أهبط من الجنة، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة، من حين تصبح حتى تطلع الشمس؛ شفقًا من الساعة إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبدٌ مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئًا، إلا أعطاه إياه» قال كعب: ذلك في كل سنة يوم؟ فقلت: بل في كل جمعة، فقرأ كعب التوراة فقال: صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال أبو هريرة رضي الله عنه: فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور، فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه، ما خرجت، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام، وإلى مسجدي هذا، وإلى مسجد إيلياء أو بيت المقدس» يشك، قال أبو هريرة: ثم لقيت عبد الله بن سلام، فحدثته بمجلسي مع كعب الأحبار، وما حدثته به في يوم الجمعة، فقلت: قال كعب: ذلك في كل سنة يوم؟، قال عبد الله بن سلام: كذب كعب، فقلت: ثم قرأ كعب التوراة، فقال: بل هي في كل جمعة، فقال عبد الله بن سلام: صدق كعب، ثم قال عبد الله بن سلام: قد علمت أية ساعة هي. قال أبو هريرة: فقلت له أخبرني بها ولا تضن علي، فقال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة في يوم الجمعة, قال أبو هريرة: فقلت وكيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة؟ وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا يصادفها عبدٌ مسلم وهو يصلي وتلك الساعة ساعة لا يصلى فيها, فقال عبد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من جلس مجلسًا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي؟» قال أبو هريرة فقلت: بلى، قال: فهو ذلك.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة، يعني: الساعة التي يجاب فيها الدعاء من يوم الجمعة، واختلف في تعيينها على أقوال كثيرة بلغت عند ابن حجر أكثر من أربعين قولاً، أكثر من الأربعين قولاً، وقبل ذكره للأقوال ذكر عدة استفهامات تحصر هذه الأقوال فقال: اختلف أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في هذه الساعة هل هي باقية أو رفعت؟ وعلى البقاء هل هي في كل جمعة أو جمعة واحدة من كل سنة؟ وعلى الأول يعني كونها في كل جمعة، هل هي في وقت معيّن أو مبهم؟ وعلى التعيين هل تستوعب الوقت كله أو تبهم فيه؟ يعني في بعضه، في شيء منه؟ وعلى الإبهام ما ابتداؤه وما انتهاؤه؟ وعلى كل ذلك هل تستمر، يعني تلزم وقت معيّن في كل جمعة أو تنتقل؟ يعني كما قيل في ليلة القدر، وعلى الانتقال هل تستغرق اليوم أو بعضه؟ فذكر بعد ذلك تفريعًا على هذه الاستفهامات ثلاثة وأربعين قولاً، وفي المسألة -يعني في تعيين هذه الساعة- أقوى ما ورد في ذلك حديثان حديث الباب حديث أبي هريرة ومحاورته مع كعب أولاً، ثم مع عبد الله بن سلام، وأنها هي آخر ساعة في يوم الجمعة، وهذا الحديث مخرج في السنن صححه الترمذي وغيره، وأصح منه ما في صحيح مسلم أنها من جلوس الخطيب على المنبر إلى انصرافه من الصلاة. ابن حجر لما ذكر الأقوال قال: وأرجحها ما يسنده الدليل من جلوس الإمام وهو في صحيح مسلم عن أبي موسى ورجحه البيهقي وابن العربي والقرطبي والنووي وغيرهم، القول الثاني من أرجح الأقوال بعد العصر إلى المغرب لحديث عبد الله بن سلام رجّحه أحمد وإسحاق وجمع غفير من أهل العلم أنها آخر ساعة من يوم الجمعة، على القول بأنها تنتقل لا إشكال، لكن على القول بلزوم ساعة واحدة، والحديث حديث أبي موسى صحيح وحديث أبي هريرة أيضًا مصحح، وترجيح حديث أبي هريرة من أئمة كبار أنها آخر ساعة، فعلى الإنسان أن يحرص على أن يستغل هذين الوقتين بالدعاء الذين ورد فيهما الخبر بأنها ساعة الإجابة.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة فقال «فيه ساعة» وهي هنا مبهمة عينت في الحديثين الذين سبق ذكرهما «ساعة لا يوافقها» الرواية الأخرى في حديث أبي هريرة: «لا يصادفها» وهما بمعنى، والموافقة والمصادفة أعم من أن تكون بقصد أو من غير قصد، يوفق للدعاء في هذه الساعة ولو لم يقصد فيستجاب دعاؤه؛ لأن لفظ المصادفة والموافقة لا يفيد أنه يتحرى هذه الساعة «لا يوافقها عبد مسلم» يعني هي خاصة بالمسلمين «وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا» قائمٌ، عبدٌ مسلمٌ وهو قائم يصلي يسأل، عبد وصف بكونه مسلمًا، ووصف أيضًا بكونه قائمًا، قائم يصلي ووصف أيضًا بكونه يسأل الله تعالى «عبد مسلم وهو قائم» الجملة حالية، والحال أنه قائم «يصلي» أيضًا جملة حالية «يسأل الله شيئًا» حالية «وهو قائم» تحتاج إلى رابط؛ ولذا جيء بالواو «يصلي» يحتاج إلى رابط «يصلي يسأل» هذه أحوال، المضارع يحتاج إلى رابط أو لا يحتاج؟ يستوي أن يكون بذلك مثبتًا أو منفيًا، يحتاج أو لا يحتاج؟ ما يحتاج.
وذات بدء بمضارع ثبت |
|
حوت ضميرًا ومن الواو خلت . |
هذه أحوال لعبد، وعبد فاعل تبين هيئة الفاعل، ومجيء الحال من الصاحب النكرة حكمه، الصاحب النكرة بحاجة إلى حال أو لوصف؟ وصف، لكنه وصف بقوله: «مسلم» فساغ بيان حاله بعد الوصف «يسأل الله شيئًا» مما يليق أن يسأله المسلم ربه بألا يكون محرمًا، ولا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم، وأن يحرص على الأسباب، أسباب استجابة الدعاء، ويحرص على ترك الموانع التي تحول دونه ودون إجابة دعائه، ومن أوضح ذلك أكل الحرام، نسأل الله العافية: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة»؛ لأنه قد يقول شخص: أُقسِّم اليوم إلى ساعات؛ اليوم أجلس من أذان الصبح إلى ساعة أو ساعتين إلى أن تطلع الشمس أدعو الله، الجمعة الثانية أجلس من طلوع الشمس ساعتين، الثالثة من مضي الوقت الأول ساعتين، وهكذا إلى آخر اليوم، يقول أهل العلم: من فعل هذا لا بد أن يصادفها إلا على القول بأنها تنتقل؛ لأنه قد يجلس على القول بأنها تنتقل من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس هذه الجمعة، وهي انتقلت إلى ما بعده، ثم في الجمعة الثانية رجعت إليها فلا يصادفها، لكن على القول بثبوتها ولزومها وقتا معينًا، إذا قسّم يوم الجمعة لا بد أن يدركها، لكن إذا أدركها هل يلزم من خلال النص، النص فيه وعد بإجابة الدعوة، فإذا وافقها صادفها «يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه» يعني يقتضي ذلك مع وجود الموانع، فهل نقول: إن هذا يشمل من تلبس بمانع، أو نقول: إن النصوص لا بد أن يشد بعضها بعضًا، ويقوي بعضها بعضًا، ولا يضرب بعضها ببعض؟ «أنّى يستجاب له» «مطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له» استبعاد، وهنا وعد بلا شك، ووعد ممن لا يخلف الميعاد، لكن تسبب الإنسان في حرمان نفسه من إنفاذ هذا الوعد لا يلوم إلا نفسه.
وأشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده يقللها؛ للترغيب فيها والحض عليها لقلتها وغزارة فضلها، أشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التصريح بذكر المشير وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكره الحافظ من رواية أبي مصعب، فهل رواية يحيى موافقة رواية أبي مصعب؟ يعني كونه يقول الذي صرح بالمشير أبو مصعب في روايته للموطأ، هل يعني هذا أن أنها لا توجد في رواية يحيى؟ لا تعول على أنه وجد في نسخة مطبوعة، ومر بنا نظير هذا، مر بنا نظير هذا، لكن هل كون ابن حجر ينص على أن المشير في رواية أبي مصعب هو الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يعني أنه يوجد في الروايات الأخرى، لكن رواية يحيى يعني لو كان موجود في رواية يحيى لكانت أولى بالإشارة من رواية أبي مصعب هي الموطأ، إذا أطلق وعليها جميع الشروح إلا ما ندر ما فيه أي طبعة فيها إبهام للمشير؟
طالب: .............
لا، هو الكلام على الاستذكار هو الذي يبين والتمهيد أيضًا، لكن ما رجع الآن فيه طبعة ما فيها ذكر المشير أو كلها اتفاق؟
طالب: .............
لا، لا يمكن، أنا أخطأت مادام في رواية أبي مصعب غير موجودة وفي الروايات التي بأيدينا، النسخ كلها موجودة تحتاج إلى إعادة نظر، يمكن أنا فهمت خطأ ما يبعد.
طالب: .............
الحديث مخرج في الصحيح من رواية عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك ثم قال: وحدثني عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، هكذا يتواطؤون على أنه بدون ياء، الهاد والعاص، والأصل أنهما بالياء؛ لأنه منقوص مقترن بأل، فالأصل أنه بالياء الهادي والعاصي، هذا الأصل، لكن تواطؤوا على كتابتها بدون ياء، لكن هل هذا على سبيل اللزوم؟ لا شك أن القرآن جاء بهذا وبهذا {مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي}[الأعراف:178] ماذا؟ بالياء أو بدون ياء؟ بالاثنين، بالأمرين، فدل على الجواز تذكر الياء وتحذف، النووي يتعقب كثيرًا ذكرها بدون الياء، ويقول: الأصل القاعدة أنه بالياء وحذفها خطأ، لكن إذا نظرناها في أفصح الكلام تذكر وتحذف ليس للتعقب ما جاء حقيقة عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنه قال: خرجت إلى الطور الباجي، يقول: الطور هو في الأصل كل جبل يقال له: طور، إلا أنه في النصوص الشرعية -نصوص الكتاب والسنة- جبل بعينه، وهو الذي كلم الله جل وعلا فيه موسى عليه السلام.
فلقيت كعب الأحبار، كعب بن ماتر الأحبار حميري، الأحبار جمع حَبر والا حِبر؟ الأصل ماذا؟
طالب: .............
لا، الأصل عند أهل اللغة أنه بكسر الحاء والمحدثون يفتحونها هذا عند الأكثر، فجلست معه، نحن توارثنا أن ابن عباس حَبر الأمة، يعني لو تقول: حِبر الأمة تنتقد، ولا شك أن أهل الحديث هم أهل الرواية إذا ثبتت عندهم الرواية بالفتح فلا كلام ولو كانت في أصل اللغة بكسر الحاء.
فجلست معه فحدثني عن التوراة، حدثني عن التوراة يعني لا مانع من سماع ما في الكتب السابقة من أهلها، وجاء الأمر بالتحديث عن بني إسرائيل ولا حرج وفيهم الأعاجيب، أما أن يعمد المسلم إلى التوراة فيقرأ فيها فهذا ممنوع، النبي -عليه الصلاة والسلام- أنكر على عمر أشد الإنكار، والنظر في كتب أهل الكتاب والنقل منها ألف فيه الحافظ السخاوي كتابا أسماه "الأصل الأصيل في ذكر الإجماع على تحريم النقل من التوراة والإنجيل" نعم، يبقى أن هذا هو الأصل، لكن عند الحاجة للرد عليهم، أو لإثبات تحريفهم، عمله أهل الإسلام وعمله أئمة كبار مثل شيخ الإسلام ابن تيمية ينقل عنهم، نقل عنهم في الجواب الصحيح وغيره، وابن القيم وجمع من أهل العلم نقلوا، وقل مثل هذا في النظر في كتب البدع والمبتدعة، لا يسوغ لآحاد طلاب العلم أن ينظر فيها؛ لئلا يسبق إلى قلبه شبهة يصعب عليه اجتثاثها، لكن العالم المتمكن الذي لا يخشى عليه من أن يتأثر بقصد الرد عليهم من كتبهم فهذا لا مانع، وهو أيضًا مطروق عند أهل العلم، لكن ينبغي على طالب العلم أن يجتنب النظر في كتب أهل البدع؛ لأن الشبه تسرع إلى القلوب والبدع كذلك، وما صح عن الله وعن رسوله وعن أهل العلم الموثوقين فيه كفاية، كفاية لشغل حياة المسلم، وتجد طلاب العلم يجمعون الكتب من غير تمييز، وبعضهم يشتري الكتاب ويعرف أنه مشحون بالبدع، وتمنيه نفسه أنه أهل للرد، أو سوف يتأهل للرد، فيكون الكتاب بين يديه، وتوثيق المعلومات من مصادرها هذه التي ينادي بها الكثير من أهل الاختصاص والبحث وتوثيق المعلومات، تجعل الطلاب يقتنون هذه الكتب وفيها ضرر كبير لمن لا يدرك خطورة هذا الكلام.
وحدثته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان فيما حدثته أن قلت له: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة» خير، خير وشر يستعملان للمفاضلة، يعني على أساس أنهما أفعل تفضيل ولغيرها {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا}[الفرقان:24] هو أفعل تفضيل، وهنا أفعل تفضيل، فيوم الجمعة مفضل على سائر الأيام، وأصله أخير «طلعت عليه الشمس» «خير يوم طلعت عليه الشمس» الوصف هذا قيد أم ليس بقيد؟ يوم طلعت عليه الشمس، فيه يوم ما تطلع عليه الشمس؟ هو المقصود أنه هذا، لكن الكلام على قوله: «خير يوم طلعت عليه الشمس» مفهومه أن هذا خاص بالأيام التي تطلع عليها الشمس، أما الأيام لا تطلع عليها الشمس ما تدخل في المفاضلة، لكن هل هناك يوم لا تطلع عليه الشمس؟ إذًا كلكم بتقولون: لا، صح أم لا؟
طالب: .............
فيه خلاف، لا هو الكلام على الجملة، آية النهار الشمس.
طالب: .............
نعم، لا مفهوم لها، التنصيص على كون السموات بغير عمد تُرى، هل يعني هذا أن هناك عمد لا ترى؟ نعم، قيل بهذا، «يوم الجمعة» استدل به من فضّله على يوم عرفة، استدل بهذا الحديث من فضل يوم الجمعة على يوم عرفة، والتحقيق أن يوم عرفة أفضل أيام العام، وأن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع.
«فيه خلق آدم» وفي بعض الروايات: «وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبط من الجنة» أيضًا «وفيه تيب عليه وفيه مات» وله من العمر -كما يقال-: ألف سنة، وقيل: إلا ستين أو سبعين، أقوال لأهل العلم.
«وفيه تقوم الساعة» تقوم القيامة تنقضي الدنيا «وما من دابة إلا وهي مصيخة» مصيخة مستمعة مصغية يوم الجمعة، «من حين تصبح حتى تطلع الشمس» من حين تصبح حتى تطلع الشمس يعني: هل إذا طلعت الشمس يوم الجمعة خلاص أمنت هذه الدواب؟ يعني طلوعها من المغرب يعني قيام الساعة، أو قبل قيام الساعة؟ هم الآن استماعهم وإصغاؤهم خشية قيام الساعة؛ لأنها لا تقوم إلا على الأشرار، لكن إذا كانت هذه الدواب هذا وضعها، فماذا عن أولي الألباب؟ هل مجتمع طلاب العلم، هل يحسون بمثل هذه الأمور، فضلاً عن عامة الناس؟ نعم، يجعلون يوم الجمعة لقضاء الحوائج والرحلات البرية والاستراحات، مجموعة من الشباب في استراحة ليلة جمعة، فقام أحدهم في منتصف الليل، لماذا يا فلان؟ قال: الليلة جمعة، قالوا له: اجلس؛ لأن الليلة جمعة، هو يقوم لأن الليلة جمعة وهم يلزمون عليه اجلس لأن الليلة جمعة، يعني ما فيه دوام ولا فيه شيء، ولكن فيه استعداد للصلاة والله المستعان.
«شفقًا من الساعة» يعني: خوفًا منها كأنها أعلمت أن الساعة تقوم يوم الجمعة، ولا شك أن الدواب لديها قوى مدركة، وإن لم يكن لها عقول، لديها قوى مدركة يصدر عنها من الأفعال ما يعجب منه، لكن ليس لها عقول؛ لأن العقل مناط التكليف وليست مكلفة، فلديها قوى، ما الذي أخبر الذباب أن يضع الجناح الأيسر من الأيمن في الإناء؟ ومن الذي ألهم النملة أن تقسم الحبة نصفين؛ لئلا تنبت؟ ولديها شفقة ورأفة وحنو على أولادها، وتدرك أن الطعام مرغوب فيه، وأن الذئب مهروب منه، بل فيها من الغيرة ما لا يوجد عند كثير من البشر، وذكر الحافظ ابن حجر أن فرسًا أجبر على أن ينزو على أمه فرفض، رفض السياط تقطع جلده ويرفض، فجللت الأم حتى لا يعرفها فنزى عليها، لما كشف الجلال ماذا حصل؟ قطع آلته بأسنانه والله المستعان.
إلا الجن والإنس استثناء من الجنس الأعم وهو الدواب {وَمَا مِن دَآبَّةٍ ... إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا}[هود:6] يعني: يشمل جميع ما يدب على الأرض، كل دابة، ومنهم من يستثني الطيور لعطفها على الدواب {وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم}[الأنعام:38] فعطفت على الدواب، لكن ليس هذا القول بجيد؛ لأن الخاص يعطف على العام ولا إشكال أيضًا، الحقيقة العرفية للدابة أنها من ذوات الأربع.
«وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي» يصادفها المصادفة يعني من غير ترتيب الموافقة، ومن هذا قولهم: رأيت فلانًا صدفة، وكونه صدفة من غير ترتيب بالنسبة للبشر لا يعني أنه كذلك بالنسبة لله عز وجل، بل كل شيء بقدر؛ لأن بعض الناس ينكر يقول: والله وجدته صدفة، يا أخي هذا قدر الله، نعم قدر الله، لكن بالنسبة لك أنت الذي لا تعلم ماذا قدره الله لك، بعض الناس يشدد النكير على من يقول: صدفة ومصادفة، هذا بالنسبة لك؛ لعلمك القاصر أيها المخلوق بدون ترتيب {وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ}[الأنفال:42] ، فالصدفة بالنسبة للمخلوق تقع من غير ترتيب، لكن بالنسبة لله -جل وعلا- لا يقع شيء إلا مقدر «وهو يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه» ما لم يكن أمرًا محرمًا فشيئًا نكرة في سياق الإثبات تعم أم لا؟ ما تعم، إذًا ما نحتاج إلى إخراج المحرم، لكن النكرة في سياق الامتنان تعم ولو كان إثبات، إذا كان في سياق الامتنان، وهنا يمتن الله -جل وعلا- على عباده في هذه الساعة، ويبقى أن النصوص يوجَّه بعضها مع بعض، ولا يضرب بعضها ببعض كما يفعل أهل البدع أو يؤخذ ببعضها ويترك البعض، لا، يؤخذ بالنصوص مجتمعة.
قال كعب: ذلك في كل سنة يوم؟ فقال: بل في كل جمعة، فقرأ كعب التوراة، يعني الأول قاله من اجتهاده، كل سنة يوم اجتهاد لا يستند فيه إلى نص، فقرأ كعب التوراة فقال: صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. يعني يعرف اليهود أن هذا اليوم عظيم، وأن فيه ساعة، ومع ذلكم أضلهم الله عن هذا اليوم وادخره لهذه الأمة لشرفها ومزيد فضلها، فقرأ كعب التوراة ثم قال: صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال أبو هريرة: فلقيت بصرة بن أبي بصرة، والمحفوظ أن الحديث لوالده أبي بصرة حميل بن بصرة الغفاري، فقال من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور، كأنه فهم أن أبا هريرة يتعبد بالذهاب إلى الطور لما حصل فيه من مكالمة، من تكليم الله جل وعلا لموسى، وأن له فضل بهذه المزية؛ ولذا استدل بالحديث على أنه لا ينبغي الخروج وقصد الطور، وشد الرحل إلى الطور. من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور، فقال: لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «لا تعمل المطي» جمع مطية، تجمع أيضًا على مطايا، ألستم خير من ركب المطايا «لا تعمل» أي لا تسير ويسافر عليها «إلا إلى ثلاثة مساجد» وفي الصحيحين: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: إلى المسجد الحرام» في مكة «وإلى مسجدي هذا» في المدينة النبوية «وإلى مسجد إيليا» بيت المقدس المسجد الأقصى، هذه الثلاثة التي تشد إليها الرحال للمضاعفة الثابتة، وأما ما عداها فهي مستوية، بحيث لو نذر أن يصلي في مسجد في أقصى الدنيا قيل له: صلِّ هنا ما فيه فرق، لكن لو نذر أن يصلي في المسجد الحرام يكفيه أن يصلي في المسجد النبوي؟ لا يكفيه، لكن العكس صحيح، لو نذر أن يصلي في المسجد النبوي يكفيه أن يصلي في المسجد الحرام؛ لأنه أفضل «أو بيت المقدس»، يشك الراوي، قال أبو هريرة: ثم لقيت عبد الله بن سلام بالتخفيف، أبا يوسف، كان اسمه الحصين فسمّاه النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد إسلامه عبد الله، وسلام بالتخفيف، والقاعدة أن كل سلام بالتشديد إلا والد عبد الله، والخلاف في محمد بن سلام شيخ البخاري هل هو بالتشديد أو بالتخفيف؟
فحدثته بمجلسي مع كعب الأحبار وما حدثته به في يوم الجمعة، فقلت له: قال كعب: ذلك في كل سنة يوم؟ كعب رجع عن قوله قبل أن تلقى عبد الله بن سلام، يحتاج أن تخبره بالخطأ بالاجتهاد هو رجع عن هذا الخطأ، لكن لا يمنع أن يخبره بالخطأ لينظر ما عنده، يمكن قول مشهور عندهم يتداوله أحبار اليهود أنها في كل سنة يوم، يمكن لا يظن به أنه قال ذلك من باب التحريش، أو من باب نقل الخطأ والتحدث به؛ لأن بعض الناس يتفكه بنقل الأخطاء، يتفكه، هذا خطأ، فقلت: قال كعب: ذلك في كل سنة يوم؟ قال: قال عبد الله بن سلام: كذب كعب، كذب يعني أخطأ، وفيه الرد على من أخطأ، لكن ينبغي أن يكون بالأسلوب المناسب المقبول، أنت تريد أن تقول: لو يفتي شخص وتنقل إليك فتوى، وتقول: كذب فلان، ومرادك أخطأ، لا يحتمل مثل هذا الكلام، أما هم يحتملون؛ لأن الكذب عندهم يرد بمعنى الخطأ، هو مخالفة الواقع بغض النظر عن كونه مقصودًا أو غير مقصود. فقلت: ثم قرأ كعب التوراة، فقال: بل هي في كل جمعة، فقال عبد الله بن سلام: صدق كعب؛ لأن هو الواقع، وبعض الناس إذا نقل إليه فتوى من شخص يبادر بتفنيدها، ثم لو نقل له أنه رجع عن هذه الفتوى أخذ يتعلل، ويذكر أمورًا يلتمسها؛ لئلا يقبل عذره ورجوعه أكيد مضغوط عليه أو خائف، وهذا موجود يا إخوان، وهذا كله من سوء القلوب، نسأل الله العافية، وعدم سلامتها. ما فيه شك أن هذا من التحريش الموجود الآن، وظهر بكثرة بين الناس، ويوجد له أمثلة حتى بين طلاب العلم مع الأسف {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُون*إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم}[الشعراء:88-89] يعني الذي يقول مثل هذا يظن به أن قلبه سليم؛ ولذلك مباشرة قال: صدق كعب، ما قال: خائف منك أو تتهمه أو كذا، مباشرة قال: صدق، كذب؛ لأنه طابق الواقع.
ثم قال عبد الله بن سلام: قد علمت أية ساعة هي، فالإنسان يخبر بما عنده من علم إذا لم يكن على سبيل الفخر والإعجاب، قال أبو هريرة: فقلت له: أخبرني بها ولا تضن علي، يعني لا تبخل علي، وأبو هريرة حافظ الصحابة، قال: أنا لست بحاجة إلى عبد الله بن سلام، يهودي أسلم ما عنده من الحديث ولا واحد من ألف مما عندي، قال أبو هريرة: فقلت له: أخبرني بها ولا تضن به علي، تضن علي يعني: تبخل {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِين}[التكوير:24] فقال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة في يوم الجمعة، قال أبو هريرة: قلت: وكيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي» وتلك الساعة ساعة لا يصلى فيها، يعني لثبوت النهي عن الصلاة بعد العصر، هذا إشكال أورده أبو هريرة على قول عبد الله بن سلام، ثم أجاب عبد الله بن سلام، فقال عبد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من جلس مجلسًا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي» هذا جواب الإشكال، أي: في حكم المصلي، مادامت الصلاة تحبسه، "قائم" هل هذا يمحض الصلاة بفعلها، أو يجوز أن يراد انتظار الصلاة ولو قيل: قائم، يعني ظاهر اللفظ "وهو يصلي" يعني بالفعل، متلبس بالصلاة إذا أضيف إلى ذلك أنه قائم، ما هو بجالس بعد، قوي فعل الصلاة؛ ولذا قال -جواب عبد الله بن سلام- ليس بالسديد، قال بعضهم، لكن يطلق القيام ويراد به الاستمرار؛ دليله {إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا}[آل عمران:75] ما يلزم أن تكون واقفًا؛ ولذا استشكل أبو هريرة ويزداد الإشكال حينما قال: "قائم"، لكن أمكن الجواب على الجميع، وهو يصلي ينتظر الصلاة، وهو في صلاة مادامت الصلاة تحبسه. و"قائم" يعني ملازم وانتهى الإشكال، يعني ملازم له.
قال أبو هريرة: فقلت: بلى، أي قال ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: هو ذلك، أي: مثله هو ذلك، أي مثله، ما معنى مصيخة شرحناه؟ مستمعة: مصغية.
طالب: .....................
للصلاة أم لليوم؟ يعني: لا شك أن اليوم فاضل، بل أفضل الأيام، أيام الأسبوع، وله خصائص يختص بها كما أورد السيوطي في رسالته من الخصائص، أورد خصائص كثيرة جدًّا، المقصود أن هذا من أقوى ما قيل، هذا مرجح عند جمع غفير من أهل العلم، الإمام أحمد وإسحاق وجمع غفير من الصحابة والتابعين، قول له حظ من النظر.
طالب: .....................
يعني لو تركه عبد الله بن سلام لو أراد ما قلت لقال: ألم ينه عن الصلاة في هذا الوقت؟ قال: لا إلا في هذا اليوم، لكن لما قال له الانتظار دل على أنه كغيره نعم.
أحسن الله إليك.
باب الهيئة وتخطي الرقاب واستقبال الإمام يوم الجمعة
عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته» عن مالك عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان لا يروح إلى الجمعة إلا ادّهن وتطيب إلا أن يكون حرامًا.
عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عمن حدثه عن أبي هريرة، أنه كان يقول: لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة، خير له من أن يقعد، حتى إذا قام الإمام يخطب، جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة. قال مالك رحمه الله: السنة عندنا أن يستقبل الناس الإمام يوم الجمعة، إذا أراد أن يخطب، من كان منهم يلي القبلة وغيرها.
يقول رحمه الله تعالى: باب الهيئة يعني: تحسين الهيئة والاهتمام بالنظافة، نظافة البدن والثوب، نظافة البدن تؤخذ من الأمر بالغسل، ونظافة الثوب من الحديث الأول. وتخطي الرقاب وما جاء فيه واستقبال الإمام يوم الجمعة، يستقبل الناس أثناء الخطبة.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته» «ما على أحدكم» يكون هذا استفهام تنبيه لمن غفل عن هذا، وهو توبيخ لمن لم يغفل: «لو اتخذ ثوبين» قميص ورداء، أو إزار ورداء، أو جبة وإزار أو ما أشبه ذلك «لجمعته» يخصص هذين الثوبين لصلاة الجمعة سوى ثوبي مهنته أي: بدلته وخدمته، يقول الأصمعي: المهنة هي الخدمة، وهذا الحديث وصله أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن سلام، ووصله ابن عبد البر من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة، ومن طريق مهدي بن ميمون عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، وهذا يدل على استحباب لبس أحسن الثياب للجمعة والعيد، وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل ذلك.
يقول: وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يروح إلى الجمعة إلا ادهن، استعمل الدهن لإزالة شعث الشعر، وتطيب؛ ليجمع بين حسن المنظر والمظهر وطيب الرائحة، إلا أن يكون حرامًا أي مُحرمًا بحج أو عمرة؛ لأن المحرم ممنوع من الطيب.
يقول: حدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عمن حدثه عن أبي هريرة أنه كان يقول –موقوف-: لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة، وهي أرض ذات حجارة سوداء خارج المدينة، وهناك الحرة الغربية والشرقية، وهما حدود الحرم من جهة الشرق والغرب، وأما من جهة الشمال والجنوب فما بين عَيْر إلى ثور. لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة خير له من أن يقعد، حتى إذا قام الإمام يخطب جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، يعني: يرتكب محظورات في إتيانه إلى هذا المكان الفاضل، جاء مرفوعًا في حديث عند أحمد وأبي داود وصححه، المقصود أنه ليس مرفوعا بلفظه، وإنما فيه التحذير من تخطي رقاب الناس، فإذا كان يترتب على المجيء إلى المكان الفاضل محظور، لو افترضنا شخصًا بمكة مثلاً أو بالمدينة، والمضاعفة ثابتة في المسجدين، من تقدم وراح في الساعة الأولى أو في الثانية أو بعد ذلك بحيث يغلب على ظنه أنه يجد مكانًا لا يتأذى فيه ولا يؤذي، هذا معروف حكمه، لكن من يتأخر إلى قرب دخول الإمام، ثم تزدحم هذه المساجد المأهولة، تزدحم ازدحامًا شديدًا بحيث يتأذى هو ولا يطمئن في صلاته ويؤذي غيره، ألا يقال له: إن صلاتك في أقرب جامع عندك أفضل من أن تفعل هذا، لماذا؟ لأن المحافظة على ذات العبادة أولى من المحافظة على مكانها أو زمانها، ما لم يكن المكان أو الزمان شرط، أما إذا كان المكان أو الزمان شرط ما فيه مندوحة تأذى أو ما تأذى.
لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة خير له من أن يقعد حتى إذا قام الإمام يخطب، جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، وليس بمعنى أنه يتأذى أنه يشق عليه الذهاب، أو مثلاً الجلوس في المكان الحار مثلاً، أو شيء من هذا، المسجد غير مكيف، وكذا يجلس يقتصر على أدنى مكان في أدنى مسجد عنده؛ طلبًا للراحة وإخلادا إليها، لا، فرق بين مشقة لا تطاق وبين مشقة تطاق، بين مشقة يترتب عليها إضرار بالآخرين، وبين مشقة لازمة وليست متعدية، فلا يكون في مثل هذا الكلام دافع لأن يتكاسل الناس ويرضوا بالأقل، لا.
قال مالك: السنة عندنا أن يستقبل الناس الإمام يوم الجمعة، كلهم يستقبلون الإمام إذا أراد أن يخطب، من كان منهم يلي القبلة وغيرها حتى الذي يتسند على الجدار إلى جهة الشمال أو إلى الشرق لا بد في الخطبة أن يستقبل الإمام، هذه هي السنة عندهم في المدينة، ولا شك أنها هي المناسبة للاستماع والإصغاء، والإفادة من كلام الخطيب من أجل أن يتفرغوا لسماع الخطبة ويتدبروا كلام الخطيب ويستفيدوا منه، ولا يشتغلوا بغيره؛ لأن الانصراف عن الخطيب مظنة لإشغال القلب وليكون أدعى إلى الانتفاع، وبهذا يتبين الفرق الكبير بين من يحضر الدروس وينتبه يفرغ نفسه لذلك، وبين من يقتصر على سماع أشرطة وما أشبه ذلك، أو أجهزة إنترنت أو غيره، لا، هناك فرق كبير ولو لم يكن من الفرق إلا أن هذا سلك الطريق «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة» لكن قد يتعذر الحضور من بعض الناس، ويبيت في نفسه أنه لو تمكن من الحضور لحضر، لن يعدم الأجر، ولو قيل: إنه يكتب له أجر من حضر ما بعد إذا لم يتمكن من الحضور، أو لم يكن ببلده شخص يعلم الناس الخير، الأصل في الخطبة أن تكون مفيدة، أصل مشروعية الخطبة لإفادة الناس، يعني كونه يأتي على خلاف الأصل أنت ما يدريك أنه ما هو مفيد، المستمع ما يدريه أن هذه الخطبة غير مفيدة؟ إلا بعد أن انتهى. على كل حال هو مأمور بالإنصات قولاً واحدًا وكونه يستمع، إن اشتملت الخطبة على أمور محرمة من سب أو شتم أو غيبة أو شيء من هذا ينصرف عنها، لا يجوز له أن يستمع المحرم؛ لأن هنا مفاضلة بين قول الإمام رحمه الله: يستقبل الناس، الإمام لا شك أن استقبال الإمام فيه تحقيق مصلحة تحقيق مصلحة، واستقبال القبلة سنة، فالمسألة موازنة بين هذه السنن، نعم.
أحسن الله إليك.
باب القراءة في صلاة الجمعة، والاحتباء، ومن تركها من غير عذر
عن مالك، عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما: ماذا كان يقرأ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة؟ قال: كان يقرأ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَة}[الغاشية:1].
عن مالك، عن صفوان بن سليم, قال مالك: لا أدري أعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أم لا؟ أنه قال: من ترك الجمعة ثلاث مرات، من غير عذر ولا علة، طبع الله على قلبه.
عن مالك، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب خطبتين يوم الجمعة، وجلس بينهما.
يقول رحمه الله تعالى: باب القراءة في صلاة الجمعة والاحتباء ومن تركها لغير عذر، يعني: ماذا يقرأ الإمام في صلاة الجمعة؟ والاحتباء وهو جمع الظهر والساقين بثوب أو غيره، وقد يكون باليدين ولم يذكر في الباب ما يستدل به على الاحتباء من الاستحباب والكراهة والإباحة، ما ذُكِر شيء يستدل به على ذلك، وهو فعله بعض الصحابة، ولا بأس به إذا لم يترتب عليه انكشاف العورة، ومن تركها من غير عذر.
قال: حدثني يحيى عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود -أحد الفقهاء السبعة- أن الضحاك بن قيس الفِهْري سأل النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي: ماذا كان يقرأ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة بعد الفاتحة في الركعة الثانية على إثر سورة الجمعة التي يقرؤها في الركعة الأولى، قال: كان يقرأ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَة}[الغاشية:1] قد يقول قائل: إن هذا ملفق من صلاتين، السائل يسأل عن الصلاة التي يقرأ في الركعة الأولى الجمعة، الجواب سورة المنافقون، المجيب قال {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَة}[الغاشية:1] في الركعة الثانية التي يقرأ في أولاها بسبح، كل هذا ثابت، قال أبو عمر: قوله: على إثر سورة الجمعة، يدل على أنه كان يقرأها فلم يحتج إلى السؤال عن ذلك لعلمه به، فدل على أنه لا يلزم شيئا معينًا، لكن الغالب ما ذكر، يعني الغالب أنه يقرأ سبح والغاشية، أو الجمعة والمنافقون، لكن أحيانًا قد يفعل ما دل عليه الخبر.
طالب: .................
الجمعة والغاشية.
طالب: .................
التوجيه لهذا الكلام الحديث في مسلم.
طالب: .................
يفعلها؛ لأنها ثابتة بصحيح مسلم، ما لأحد كلام، لكن قد يتبادر إلى الذهن أن السائل في وادٍ والمجيب في وادٍ، ما يمكن أن يتبادر إلى الذهن؟
طالب: .................
هذا لماذا أقول ما ذكر خلافه حتى الروايات كلها ما فيه دليل على الاتباع؟ يعني في بعض الروايات دون بعض، في بعض الروايات دون بعض قد تشترك الروايات في ترجمة، ثم تتفاوت الروايات في الأحاديث المستدل بها لهذه الترجمة.
طالب: .................
نعم، معروفه لأنه وجد في بعض الروايات.
وحدثني عن مالك عن صفوان بن سليم المدني قال مالك: لا أدري أعن النبي -عليه الصلاة والسلام- أم لا؟ أنه قال: من ترك الجمعة، يعني: ممن تجب عليه ثلاث مرات من غير عذر سفر ولا علة، العلة: المرض، من غير سفر أو بعد أو خوف أو ما أشبه ذلك، ولا علة كمرض، طبع الله على قلبه، أي: ختم عليه فلا يصل إليه شيء من الخير، نسأل الله السلامة، وقال ابن عبد البر هذا يسند من وجوه؛ لأن شك مالك عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يسند يعني يرفع من وجوه، أحسنها حديث أبي الجعد الضمري، والحديث مخرج في السنن ومصحح من قبل بعض العلماء.
طالب: .................
هو إذا كان في مكان بحيث يتعذر عليه حضور الجمعة، ورحلته كانت قبل النداء الثاني على قول أو قبل طلوع الشمس على القول الثاني، فكونه محرومًا لا شك أنه محروم، لكن كونه يأثم هذا محل نظر، إلا إذا كان خرجه بقصد ترك الجمعة.
وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد الباقر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب خطبتين يوم الجمعة وجلس بينهما، قال ابن عبد البر: كذا رواه جماعة من رواة الموطأ مرسلاً عن أبيه محمد الباقر الباقر، ما وضعه؟ تابعي؟ محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبوه تابعي لكن ما يمنع أن يكون أيضًا أن يكون أبوه تابعيًّا كبيرًا وهو تابعي صغير. خطب خطبتين يوم الجمعة وجلس بينهما، البخاري وصله عن عبيد الله بن عمر القواريري قال: حدثنا خالد بن الحارث قال: حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب قائمًا ثم يقعد ثم يقوم كما تفعلون الآن، قال ابن المنذر: الذي عليه جل أهل العلم من علماء الأمصار أن الإمام يخطب قائمًا، ونقل غيره عن أبي حنيفة أن القيام سنة وليس بواجب، وعن مالك رواية أنه واجب، فإن تركه صحت صلاته صحت خطبته، وعند الباقين أن القيام في الخطبة يشترط بالنسبة للقادر كالقيام للصلاة شرط لصحة الصلاة.
طالب: .................
شرط صحة نعم بلا شك عند من لم يذكر من الحنابلة والشافعية وجمع من أهل العلم.
لا يقضي، لكن إن كانت دون ثلاثة فهو شبيه بالنوم، عند أهل العلم عليه القضاء، أما ثلاثة أيام فأكثر فلا.
تقول: آمين بالمد المعتبر، بحيث لا تزيد أكثر من المد ولا تنقص عنه، واحرص على ذلك وافعل ما أمرت به واجتنب ما نهيت عنه، وسوف توفق لذلك إن شاء الله تعالى.
الحجز يأتي ويضع شيئًا لمكان مناسب، ثم يستحق الجلوس في هذا المكان ويتقدم فيه على من جاء قبله، والأصل أن من سبق إلى مباح فهو أحق به، نعم إن جلس الشخص في مكانه وقام ليعود إليه قريبًا فهو أحق، أما يأتي مثلاً لصلاة العصر أو لصلاة المغرب، ثم يحجز المكان من أجل أن يجلس فيه بعد صلاة العشاء فلا، لا في الصف ولا في حلقة الدرس ولا في غيره، فالسبق هو الأصل، من تقدم إلى شيء فهو أحق به، وفي قوله جل وعلا بالنسبة للمسجد الحرام: (الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد) الحج: ٢٥ سواء المقيم في المسجد والذي يأتي من البادية ليؤدي فرضًا أو فرضين ما يختلف من تقدم إلى شيء فهو أحق به، ثم قال جل وعلا: ﮋ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﮊ الحج: ٢٥ ليس معنى الإلحاد معناه الأعظم وهو الخروج والميل عن الدين بالكلية، لا، الإلحاد مجرد الميل عن الجادة وحجز الأماكن منه، والله المستعان.
لا، لا بد من إرشاده وتبيين الحق له؛ لأن هذا هو الذي به السنة، هذا هو ما ثبتت به السنة.
نعم، إذا كان عليه دين لا يجوز له أن يحج إلا بإذن صاحب الدين، الدين مقدم.
هذا في مسألة ما إذا لم يوجد صارف ألبتة، لكن ما هو معنى هذا أن طالب العلم نظر في كتاب وكتابين، ورأى أن الأمر للوجوب وقال الجمهور للاستحباب وقال الظاهرية للوجوب انتهى الإشكال، لا، لا بد أن يستفرغ جهده يبذل الجهل يستفرغ الوسع حتى لا يوجد صارف، وحينئذٍ الأصل في الأمر الوجوب حتى عند الجمهور، والله المستعان.
على كل حال الدين في هذا الباب واضح، وما جاء في النصوص الشرعية في تنظيف الثياب والبدن وتسريح الشعر معروفة، ثابتة في الصحيحين وغيرهما، على ألا يكون الأمر يصل إلى حد الإسراف والمبالغة.
لا أدري ما وجه الإشكال، فيه إشكال؟
طالب: .................
لا، ما هو بكلام هو جاء في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أكل على خوان ولا سكرجة، وفسرت السكرجة بالأواني الصغيرة التي توضع فيها المشهيات مثل السلطة تمامًا كونه -عليه الصلاة والسلام- ما فعل لا يعني أن هذا ممنوع أو مكروه إن قلنا: إنه خلاف الأولى فلا بأس، وإلا فلا يعني أنه ممنوع ولا مكروه، مع أنها فسرت السكرجة بالأواني التي ترتفع عن الأرض، يعني مثل الصياني ومثل غيرها.
يريد أنهم يخرجون في وقت الدوام لقضاء حوائجهم مع علم الإدارة بذلك، إذا كانت الحوائج هذه لا يوجد من يقوم بها، والعمل أو خروجهم لقضائها لا يخل بالعمل مع رضى المسؤول الذي يملك وعلمه بذلك، فالأمر فيه سعة، لكن لا يترتب على الإخلال بالعمل.
الحواجب كله من تقليد الكفار، على كل حال إذا كان بلون البشرة بحيث إذا رآها من رآها ظن أنها لا حواجب لها، يقول أهل العلم بالمنع.
هي فرق منهم الغلاة الذين يصلون إلى حد يسقطون التكاليف عنهم، ومنهم الذين يزعمون أنه لا فرق بين الخالق والمخلوق، يرون وحدة الوجود، هؤلاء ينتسبون إلى التصوف ومنهم مَن دون ذلك، لا شك أنهم فرق منهم الغلاة، ومنهم من بدعتهم أخف، والله المستعان.
عامة أهل العلم على أن الركعة تدرك بإدراك الركوع هذا بالنسبة للمسبوق، إذا وجد الإمام راكعًا فإنه يصنع كما يصنع الإمام بعد أن يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يكون بعد ذلك أدرك الركعة وحديث أبي بكرة صريح في هذا.
لا، هو عمل موروث لا يستند إلى ملزِم.
في الحديث الثابت: «أنه لا صلاة للمنفرد، للفذ خلف الصف» فعلى هذا لا تصح الصلاة خلف الصفوف، بل ينتظر حتى يأتي من يصف معه ولو اقتضى الأمر الفراغ من الصلاة كلها ولو فاتته الجماعة، تفوته الجماعة ولا يعرض صلاته للبطلان، نعم يحرص على أن يكون معه يجد فرجة يسوي الصفوف إن وجد مساغًا يصف عن يمين الإمام لا بأس، لكن إذا لم يجد شيئًا من ذلك فلا يصح حتى يأتي معه أحد، الاختلاج حديثه ضعيف، وهو أيضًا اعتداء على الآخرين، لكن لو عرف شخص من الذين في الصف المؤخر وأراد أن يتأخر إحسانًا على هذا المتأخر فما الحكم؟ أما كونه يجذب شخصًا، الاختلاج حديثه ضعيف كما هو معروف، وهو أيضًا اعتداء على هذا الشخص المختلج المجذوب وتفويت للفضل عليه، فلا يسوغ، لكن لو عرف شخص في الصف المؤخر أن هذا الشخص لم يجد من يصف معه وأحسن إليه وتأخر من أجله، فماذا يقال؟ ماذا نقول؟ نقول: هذا محسن؟ مسألة الإيثار بالقرب وجه الإيثار أنه ترك الصف المفضل من أجل هذا لا له، من أجله لا له، والإيثار لو تركه له كما هو معروف لكن إذا تركه من أجله فرق، نعم، ماذا نقول؟ نقول: مأجور على قدر هذا الإحسان، أو نقول: المسألة موازنة بين أجر الإحسان وبين الخلل الذي تركه في الصف، وما تركه من فضيلة الصف المقدم هذه تحتاج إلى موازنة، فأيهما أفضل؟ وماذا عما لو كان المتأخر لئيمًا؟ فلما ترك الفرجة تقدم إليها هذا المتأخر.
على كل حال المسألة تحتاج إلى موازنة، وإذا فعل ذلك أحدٌ فلا إشكال إن شاء الله تعالى؛ لأنه نفع متعدٍّ مقدم على النفع اللازم في الجملة، إن كان قد اقتدى بإمام تبرأ الذمة في تقليده فلا يعيد، وإن كان اجتهد وليس من أهل الاجتهاد يعيد.
هذه من باب الإشارة، ولا شك أن المسلم عليه أن يتمعر وجهه إذا رأى من يعصي، والكلام في الخطبة معصية، فإذا تغير وجهه من أجل وقوع هذه المعصية وأفاد في الكف عنها، فهذا شيء طيب إن شاء الله.
لا شك أن الزيادة من الأعمال الصالحة تزيد في الإيمان، الازدياد من الأعمال الصالحة مما يزيد الإيمان.
عليه القضاء، هذا عليه القضاء؛ لأن الأصل بقاء النهار.
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: قراءة القرآن على الوجه المأمور به يعني بالتدبر والترتيل تزيد القلب من الإيمان والطمأنينة واليقين ما لا يدركه إلا من فعل هذا الفعل فعلينا بذلك.
نعم يلزمه؛ لأن تعمد الزيادة يبطل الصلاة، فالذي يبطل عمده يجب فيه سجود السهو، وهي أيضًا زيادة في الصلاة.
نعم ما يؤديه مع الإمام هو أول صلاته وما يقضيه بعد السلام هو آخر صلاته، هذا هو الراجح، وهو مذهب المالكية والشافعية.
على كل حال هذه عبادات توقيفية وألفاظ متعبد بها، يلزمه الإتيان بها كما وردت.
أقول: أقل الأحوال أنها ليست راحة؛ لأنها ليست جلسة طويلة يرتاح فيها الإنسان بعد أن تعب، لا هي جلسة لا شك أنها لو قام الإنسان مباشرة من السجود أيسر عليه من أن يثني رجليه ثم يقوم؛ ولذا يسميها الجمهور جلسة استراحة، ليقرروا أنه لا يفعلها إلا من يحتاجها ليرتاح بها.
إن كان سياق الإمام مالك لخبر ابن عمر وأنه يجهر بما فاته على سبيل الإقرار فنعم، وإلا فالمعروف من مذهبهم مع الشافعية.