كتاب الإيمان (56)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فيقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: (قوله: «وتؤمن بالبعث»، زاد في التفسير: «الآخِر»)، «تؤمن بالبعث الآخِر»، فيه بعث أول وفيه بعث آخِر؟ نحتاج هذا القيد؟

طالب: .......

البعث الأول من النوم.

طالب: .......

نعم، لكن هل يحتاج إلى أن يؤمَن بالبعث الأول؟

طالب: ما يحتاج.

إذًا ما الفائدة من القيد؟

طالب: .......

انظروا لما قال الشارح: (زاد في التفسير: «الآخِر»، ولمسلم في حديث عمر: «واليوم الآخر»)، أحيانًا يُذكر الوصف لمجرد وقوعه في الوقت، «نصف الليل الأوسط» في حديث عبد الله بن عمرو في المواقيت: «إلى نصف الليل الأوسط»، فيه نصف أوسط ونصف أول ونصف أخير؟ هما نصفان، لكن وقوع نصف الليل في وسط الليل، «نصف الليل الأوسط» يعني وقوعه متوسطًا في الليل سمي أوسطًا نظرًا لنهايته؛ لأن نهاية النصف الأول تقع في أوسط الليل. هنا يقول: (فأما «البعث الآخر» فقيل: ذكر «الآخر» تأكيدًا كقولهم: أمسِ الذاهب)، معروف أن أمس ذهب وانتهى، (فقيل: ذكر «الآخر» تأكيدًا كقولهم: أمس الذاهب، وقيل: لأن «البعث» وقع مرتين؛ الأولى الإخراج من العدم إلى الوجود أو من بطون الأمهات بعد النطفة والعلقة إلى الحياة الدنيا، والثانية البعث من بطون القبور إلى محل الاستقرار. وأما «اليوم الآخر» فقيل له ذلك؛ لأنه آخر أيام الدنيا)، وهل اليوم الآخر من أيام الدنيا أو من أيام الآخرة؟

طالب: .......

من أيام الآخرة، قال: (فقيل له ذلك؛ لأنه آخر أيام الدنيا)، ولا شك أن الشيء يضاف إلى الشيء لقربه والتصاقه به، كما يقال في صلاة المغرب: إنها وتر النهار، وهي صلاة ليلية بالإجماع، «إلا المغرب فإنها وتر النهار» كما جاء في الحديث. «شهرَا عيد لا ينقصان: رمضان، وذو الحجة»، ذو الحجة شهر عيد، فيه عيد، لكن رمضان فيه عيد؟

طالب: لا.

لا، العيد في شوال، لكن لالتصاقه بالشهر صحت إضافته إليه.

(فقيل له ذلك؛ لأنه آخر أيام الدنيا أو آخر الأزمنة المحدودة)، (آخر الأزمنة المحدودة) يعني لا لها أول، ولا لها آخر، وأما بقية الأزمنة فيما عداه فإنها ليس لها تقلب لا ليل ولا نهار. (والمراد بالإيمان به التصديق بما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار، وقد وقع التصريح بذكر الأربعة بعد ذكر البعث في رواية سليمان التيمي، وفي حديث ابن عباس أيضًا.

فائدة: زاد الإسماعيلي في مستخرجه هنا: «وتؤمن بالقدر»، وهي في رواية أبي فروة أيضًا، وكذا لمسلم من رواية عمارة بن القعقاع، وأكده بقوله: «كله»)، «كله» يعني بخيره وشره، «حلوه ومره». (وفي رواية كهمس وسليمان التيمي: «وتؤمن بالقدر خيره وشره»، وكذا في حديث ابن عباس وهو في رواية عطاء عن ابن عمر بزيادة: «وحلوُه ومرُّه من الله»)، تكون استئنافية «حلوُه ومرُّه من الله». (وكأن الحكمةَ في إعادة لفظ «وتؤمن» عند ذِكر البعث الإشارةُ إلى أنه نوع آخر مما يُؤمَن به؛ لأن البعث سيوجد بعد)، وأما ما عداه من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، فهذه كلها موجودة، وبالقدر أيضًا موجود. لكن الإيمان بالبعث سيوجد، ولذلك أعيد معه الفعل.

(وما ذُكر قبله موجود الآن وللتنويه بذكره لكثرة من كان ينكره من الكفار، ولهذا كثر تكراره في القرآن، وهكذا الحكمة في إعادة لفظ «وتؤمن» عند ذكر القدر كأنها إشارة إلى ما يقع فيه من الاختلاف)، كرر الإيمان بالبعث؛ لكثرة من ينكره، وكرر الإيمان بالقدر؛ لأنه سيوجد من ينكره، ووجد من ينكره في عهد الصحابة، كما في حديث ابن عمر عند مسلم. (فحصل الاهتمام بشأنه بإعادة «تؤمن»، ثم قرره بالإبدال بقوله: «خيره وشره وحلوِه ومرِّه»، ثم زاده تأكيدًا بقوله في الرواية الأخيرة: «من الله». والقدر مصدر، تقول: قدَرت الشيء بتخفيف الدال وفتحها، أقدره بالكسر والفتح قدَرًا وقدْرًا)، (تقول: قدَرت الشيء بتخفيف الدال وفتحها)، قَدَرْتُ (أقدره بالكسر والفتح)، أَقدِرُه وأَقدَرُه (قدَرًا وقدْرًا إذا أحطْتَ بمقداره، والمراد أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد ما سبق في علمه أنه سيوجد)، عندنا مما يقارن لفظَ القدر لفظُ القضاء، نعم. القضاء والقدر، ما الفرق بينهما؟

طالب: .......

أيهما؟

طالب: القدر سابق، والقضاء لاحق.

والقضاء لاحق، القضاء والقدر، لماذا في تعبير أهل العلم قاطبة تقديم القضاء على القدر، في القضاء والقدر والحكمة والتعليل ككتاب ابن القيم شفاء العليل؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

في القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لابن القيم -رَحِمَهُ اللهُ-، كلهم، ما وجدت أحدًا في التعبير يقدم القدر على القضاء، كلهم يقول: القضاء والقدر.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

في رواية كذا؟ الذي عنده؟

طالب: .......

ما أدري والله.

ما دام القدر سابقًا في الوجود فلماذا يقدم في تعبير أهل العلم؟

طالب: .......

طالب: ....... تسمية القضاء الأكبر من .......

القضاء أو القدر؟

طالب: .......

قضينا هذا الحكم، ما هو بالقضاء المرادف للقدر.

طالب: ....... التسليم فيه أكثر، ....... يقل فيه التسليم أو الرضا والتسليم.

لا ما هو بلهذا.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

أولاً المراتب الأربع مراتب القدر التي هي: العلم والكتابة والمشيئة والخلق والإيجاد، ما ارتباط القضاء بالمراتب الأربع؟

طالب: .......

المرتبة الأخيرة، فلماذا يُقدَّم على القدر؟

طالب: لأن الثلاث لم تكن إلا بعد القضاء، يوجد الإنسان ثم يُكتب عليه .......

هذا قُدر كما في حديث محاجة آدم وموسى، قُدرت عليه المعصية قبل أن يُخلق بخمسين ألف سنة، قُدر عليه.

طالب: .......

قُدر عليه أنه يفعل هذا قبل أن يُخلق.

طالب: .......

لا، بينهما تفاوت، ولعل الموضوع يُبحث، بدل ما نطول عليه.

طالب: .......

على كل حال يُزاد بحثه.

(والمراد أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد، فكل محدَث صادر عن علمه وقدرته وإرادته، هذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطعية، وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين)، ما قال: السلف من الصحابة والتابعين؛ لأنه وُجد فيهم من ينكر القدر.

(وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين إلى أن حدثت بدعة القدر في أواخر زمن الصحابة، وقد روى مسلم القصة في ذلك من طريق كَهمس عن بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجُهني، قال: فانطلقت أنا وحميد الحميري، فذكر اجتماعهما بعبد الله بن عمر، وأنه سأله عن ذلك، فأخبره بأنه بريء ممن يقول ذلك)، من ينفي القدر، (وأن الله لا يقبل ممن لم يؤمن بالقدر عملاً)؛ لأن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان.

(وقد حكى المصنفون في المقالات عن طوائف من القدرية إنكار كون الباري عالمًا بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها منهم)، (وقد حكى المصنفون في المقالات) كتب الفرق (عن طوائف من القدرية إنكار كون الباري عالمًا بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها منهم، وإنما يعلمها بعد كونها)، يعني جملةً، وإنكار العلم كفر، ولذا يقول الشافعي: ناظرهم بالعلم إن أنكروه كفروا وإن أثبتوه خُصموا.

(قال القرطبي وغيره: قد انقرض هذا المذهب ولا نعرف أحدًا يُنسب إليه من المتأخرين)، من الفلاسفة من ينكر العلم بالجزئيات ويثبت العلم بالكليات، يعني يعرف الأمور إجمالاً ولا يعرفها تفصيلاً، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.

(قال: والقدرية اليوم مُطبقون على أن الله عالم بأفعال العباد قبل وقوعها، وإنما خالفوا السلف في زعمهم بأن أفعال العباد مقدورة لهم وواقعة منهم على جهة الاستقلال)، وهذا هو المعروف عن المعتزلة الذين هم يسمونهم مجوس هذه الأمة، وجاء فيهم حديث. (وهو مع كونه مذهبًا باطلاً أخف من المذهب الأول)؛ لأنهم يثبتون العلم، وينسبون الفعل للعبد نفسه، وأنه يستقل به، فأثبتوا خالقًا مع الله -جَلَّ وعَلا-.

(وأما المتأخرون منهم، فأنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد؛ فرارًا من تعلق القديم بالمحدَث، وهم مخصومون بما قال الشافعي: إن سلَّم القدري العلم خُصم، يعني يقال له: أيجوز أن يقع في الوجود خلاف ما تضمنه العلم، فإن منع وافق قول أهل السنة)، (أيجوز أن يقع في الوجود خلاف ما تضمنه العلم، فإن منع) قال: لا يجوز (وافق قول أهل السنة، وإن أجاز لزمه نسبة الجهل، تعالى الله عن ذلك).

 على كل حال القدرية طائفتان طرفان وتوسط أهل السنة، منهم من يبالغ في إنكار القدر، ومنهم من يبالغ في إثباته، قدرية النفاة هؤلاء هم الذين يقولون: إن الأمر أنف، ويثبتون خالقًا مع الله -جَلَّ وعَلا-، وأن العبد يخلق فعله. يقابلهم الجبرية الذين يقولون: إن العبد ليست له إرادة ولا مشيئة ولا حرية ولا اختيار، وحركته كما حركة ورق الشجر في مهب الريح، فيسلبونه الإرادة، ويلزم على قولهم: إن الله -جَلَّ وعَلا- إن عذبهم على تصرفاته، يعني ما هي بتصرفاتهم هم، صارت تصرفات لله -جَلَّ وعَلا-، فهو ظالم لهم، تعالى الله عما يقولون. وأهل السنة توسطوا، هداهم الله، ووفقهم إلى العمل بالنصوص كلها، فيرون أن العبد له حرية وله مشيئة وله اختيار، لكنها غير مستقلة عن مشيئة الله واختياره: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30]، فله حرية، وله اخيار خلافًا للجبرية، ومشيئته وحريته واختياره تابعة لمشيئة الله -جَلَّ وعَلا- خلافًا للقدرية النفاة.

طالب: .......

ماذافيهم؟

طالب: .......

يقول: (وأما المتأخرون منهم فأنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد؛ فرارًا من تعلق القديم بالمحدث)، المتقدمون الذين لا وجود لهم الآن الذين ينكرون العلم بالكلية.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

المتقدمون، يقابلون المتقدمين.

طالب: .......

يقابلهم المتأخرون، (فإنهم أنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد؛ فرارًا من تعلق القديم بالمحدث)، ما معنى تعلق الإرادة بأفعال العباد؟

طالب: .......

 تعلق إرادة الله -جَلَّ وعَلا- بأفعال العباد، لهم إرادة، إرادة مستقلة.

طالب: .......

إذًا ما الفرق بينهم وبين المتقدمين؟

طالب: .......

هؤلاء لا يثبتون العلم علم الله بما يقع، لكن قالوا: إن إرادته لا تتعلق بأفعالهم، وإن كان يعلم ما سيقع منهم.

طالب: .......

(فرارًا من تعلق القديم بالمحدث)، يعني القديم لا يناسب المحدث، ولذلك أي صفة من صفات المحدثات ينفون أو يُفهم منها الحدوث فإنهم ينفونها عن الله -جَلَّ وعَلا-.

(وهم مخصومون بما قال الشافعي: إن سلم القدري العلم خُصم، يعني يقال له: أيجوز أن يقع في الوجود خلاف ما تضمنه العلم؟ فإن منع وافق قول أهل السنة، وإن أجاز لزمه نسبة الجهل، تعالى الله عن ذلك).

طالب: .......

كلام من؟

طالب: .......

ما هو بالكلام، الكلام على تعلق الإرادة، الصفات كلها، كلها قديمة عندهم، كل الصفات التي يثبتونها قديمة، وأهل السنة يقولون هي قديمة النوع، لكن حال متجددة الآحاد فلا يزال الله -جَلَّ وعَلا- خالقًا، ويخلق متكلمًا ويتكلم، إلى آخره.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: الصفات الذاتية؟

نعم قديمة، لكن الصفات الفعلية متجددة.

(تنبيه: ظاهر السياق يقتضى أن الإيمان لا يُطلق إلا على من صدق بجميع ما ذُكر، وقد اكتفى الفقهاء بإطلاق الإيمان على مَن آمن بالله ورسوله ولا اختلاف؛ لأن الإيمان برسول الله -صلى الله عليه وسلم- المراد به الإيمان بوجوده وبما جاء به عن ربه)، الإيمان بالرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لا يشك أنه لا يتم إلا إذا آمن بجميع ما جاء به عن الله، (فيدخل جميع ما ذُكر تحت ذلك والله أعلم.

 قوله: «أن تعبد الله» قال النووي: يحتمل أن يكون المراد بالعبادة معرفة الله، فيكون عطف الصلاة وغيرها عليها لإدخالها في الإسلام)، «أن تعبد الله» في تعريف...

طالب: الإحسان.

الإحسان، في تعريف الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه».

 (قال النووي: يحتمل أن يكون المراد بالعبادة معرفة الله، فيكون عطف الصلاة وغيرها عليها لإدخالها في الإسلام، ويحتمل أن يكون المراد بالعبادة الطاعة مطلقًا، فيدخل فيه جميع الوظائف، فعلى هذا يكون عطف الصلاة وغيرها من عطف الخاص على العام. قلت: أما الاحتمال الأول فبعيد؛ لأن المعرفة من متعلَّقات الإيمان).

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

نعم، من متعلقاته، يعني أن تعرف ما تؤمن به.

طالب: .......

نعم، ما هو أن تعرف وتؤمن بأشياء لا معنى لها.

(وأما الإسلام فهو أعمال قولية وبدنية، وقد عبر في حديث عمر هنا بقوله: «أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله»، فدل على أن المراد بالعبادة في حديث الباب النطق بالشهادتين، وبهذا تبين دفع الاحتمال الثاني)، (فدل على أن المراد بالعبادة في حديث الباب النطق بالشهادتين).

 ويدل على ذلك قوله -جَلَّ وعَلا-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] معناه ليوحدون، كما جاء التفسير عن السلف، ليوحدون، مع دخول العبادات الأخرى في الهدف الذي من أجله خُلق الإنسان؛ لأن من العبادات ما هو دون التوحيد وداخل تحت أصله مما هو مؤثر في التوحيد.

(ولما عبر الراوي بالعبادة احتاج أن يوضحها بقوله: «ولا تشرك به شيئًا»)، فكأن قوله: «أن تعبد الله» بمثابة، أيش؟ إلا الله، الإثبات. «ولا تشرك به شيئًا» بمثابة لا إله، في الإثبات والنفي.

(ولم يَحتجْ إليها في رواية عمر؛ لاستلزامها ذلك. فإن قيل: السؤال عام؛ لأنه سأل عن ماهية الإسلام)، يعني: فتعريف الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا بمنزلة لا إله إلا الله في حديث عمر «أن تشهد أن لا إله إلا الله»، ليس المقصود به الإحسان.

(فإن قيل: السؤال عام؛ لأنه سأل عن ماهية الإسلام، والجواب خاص لقوله: «أن تعبد» أو «تشهد»، وكذا قال في الإيمان: «أن تؤمن»، وفي الإحسان: «أن تعبد»؟ والجواب: أن ذلك لنكتة الفرق بين المصدر وبين أن والفعل)، أن والفعل هي في حقيقتها مصدر، تُسبك أن مع ما بعدها بمصدر: أن تعبد عبادة الله، «أن تعبد» المراد به عبادة الله. (والجواب: أن ذلك لنكتة الفرق بين المصدر وبين أن والفعل؛ لأن أن تفعل تدل على الاستقبال، والمصدر لا يدل على زمان)؛ لأن المصدر أصل للمشتقات، فهو مجرد عن الأزمنة، وأما أن تفعل: تفعل فعل مضارع للاستقبال، والمصدر أشمل يشمل جميع الأزمنة الماضي والحاضر والمستقبل.

(على أن بعض الرواة أورده هنا بصيغة المصدر، ففي رواية عثمان بن غياث قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وكذا في حديث أنس، وليس المراد بمخاطبته بالإفراد اختصاصَه بذلك، بل المراد تعليم السامعين الحكم في حقهم وحق من أشبههم من المكلفين، وقد تبين ذلك بقوله في آخره: «يعلم الناس دينهم».

فإن قيل: لِم لَم يذكر الحج؟ أجاب بعضهم باحتمال أنه لم يكن فُرض)، لأن المرجح أنه فُرض سنة تسع، (وهو مردود بما رواه ابن منده في كتاب الإيمان بإسناده الذي على شرط مسلم من طريق سليمان التيمي في حديث عمر أوله: أن رجلاً في آخر عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر الحديث بطوله، وآخر عمره يحتمل أن يكون بعد حجة الوداع، فإنها آخر سفراته، ثم بعد قدومه بقليل دون ثلاثة أشهر مات، وكأنه إنما جاء بعد إنزال جميع الأحكام لتقرير أمور الدين التي بلَّغها متفرقةً في مجلس واحد لتنضبط)، ما هي (لتنضبط)؛ لتُضبط، نعم، هي منضبطة، لكن لتُضبط، الآن الحديث المتفرق في عشرين موضعًا يخرجه البخاري، يضبطه طالب العلم أو إذا جمعه في مكان واحد جمع أطرافه كلها؟

طالب: .......

إذًا تُضبط، هي منضبطة ولو فُرقت، أما ضبطها فيحتاج إلى جمع.

(وكأنه إنما جاء بعد إنزال جميع الأحكام؛ لتقرير أمور الدين التي بلغها متفرقة في مجلس واحد لتنضبط)، يقول، والأدق أن يقال: لتُضبط، (ويستنبط منه جواز سؤال العالم ما لا يجهله السائل ليعلمه السامع)، (ليعلمه السامع). وهذا يحصل كثيرًا إلى وقتنا هذا، دخل شخص مسبل في مجلس الشيخ ابن باز -رَحِمَهُ اللهُ- والشيخ ما يراه، كفيف، فجنبه واحد من كبار أهل العلم قال: يا شيخ ما حكم الإسبال؟ هو ما يخفى عليه أنه حرام، لكن من أجل أن يعلم هذا المرتكب لهذه المعصية، وما يخفى على السائل.

في هذا الحديث تعليم لمثل هذا الأسلوب، وبطريقة مناسبة جدًّا. صحيح أنه أحيانًا يعرف أنه هو المقصود، لكن أفضل مما لو قال له: يا أخي أنت مسبل، والإسبال حرام وكذا، يأتي بطريقة المستفهم.

النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- رأى الذي دخل وجلس ولم يصلِّ، فسأله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «هل صليت ركعتين؟»، قال: لا، قال: «قم فاركع ركعتين». فالإتيان بطريقة السؤال لا شك أنه ألطف، من باب التلطف مع الجاهل.

طالب: .......

ما هو؟

طالب: .......

الفقهاء عمومًا ما يقولون: الإيمان بالله ورسوله، وخلاص. هو ما يحفظ ليذكر لك شروط الإيمان كلها؟

طالب: .......

خلاص، أحيانًا يكتفون بغير الإيمان بالله، مثلًا يقول: هذا قول من لا يؤمن بيوم الحساب، ما يلزم أن يقول: من لا يؤمن بالله ورسوله. المقصود أن الاكتفاء أمره سهل، يعني تكتفي وغيره مما يُطلب له منوي، والاكتفاء أسلوب معروف حتى في القرآن {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] يعني والبرد.

طالب: .......

في كتب الفقه حينما يشترطون، مثلاً شروط الصلاة أو شروط أي عبادة من العبادات أن يكون مؤمنًا بالله ورسوله، يحتاج أن يؤمن بالقدر خيره وشره ويفصلون؟ لا ما يحتاج.

(وأما الحج فقد ذُكر، لكن بعض الرواة إما ذهل عنه وإما نسيه، والدليل على ذلك اختلافهم في ذكر بعض الأعمال دون بعض، ففي رواية كهمس: «وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً»، وكذا في حديث أنس، وفي رواية عطاء الخرساني لم يذكر الصوم، وفي حديث أبي عامر ذكر الصلاة والزكاة حسب، ولم يذكر في حديث ابن عباس مزيدًا على الشهادتين)، (ولم يذكر في حديث ابن عباس مزيدًا على الشهادتين) ولعل هذا من باب الاكتفاء، (وذكر سليمان التيمي في روايته الجميع، وزاد بعد قوله: «وتحج»: «وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتمم الوضوء»، وقال مطر الوراق في روايته: «وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة»، قال: فذكر عرى الإسلام)، يعني أركانه.

(فتبين ما قلناه إن بعض الرواة ضبط ما لم يضبطه غيره)، وقد يروي الحديث لشخص ليس بحاجة إلى ما حذفه، يعني الحديث فيه ذكر الزكاة، لكن أنت تروي حديث جبريل مثلاً لشخص ما عنده مال، تذكر الزكاة؟ تذكر ما هو بحاجته؛ لأن الخبر ضُبط وحمل بطريق ملزم، فلا يُلزم أن يُذكر بالتفصيل جميع ما ورد فيه، يعني اختصار الحديث جائز بشرطه كاختصار الآية، مثل ما قلنا في آية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]، إذا كان حديثك عن الأمانة ما يلزمك أن تقول: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}، وإذا كان حديثك عن العدل لا يلزمك أن تقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، فأنت تخاطب السائل بما يحتاج إليه.

(قوله: «وتقيم الصلاة»، زاد مسلم: «المكتوبة» أي المفروضة، وإنما عبر بالمكتوبة للتفنن في العبارة، فإنه عبر في الزكاة بالمفروضة ولاتباع قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103])، يعني مفروضًا في الأوقات.

(قوله: «وتصوم رمضان» استُدل به على قول رمضان من غير إضافة شهر إليه، وستأتي المسألة في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى)، الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- كما سبق وكما سيأتي: «من صام رمضان»، «من قام رمضان»، وأما النهي عن قول رمضان من غير إضافة شهر، وأن رمضان من أسماء الله، هذا قول قال به بعض السلف، لكنه قول ضعيف. (قوله: «الإحسان» هو مصدر، تقول: أحسن يُحسن إحسانًا).

طالب: .......

ما فيه شيء.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

لا لا، لكن ضعيف شديد الضعف، لا، والأحاديث كثيرة مثل: «من صام رمضان»، و«قام رمضان»، ما فيها إشكال إن شاء الله، وترجم عليها البخاري في كتاب الإيمان.

(«الإحسان» هو مصدر، تقول: أحسن يُحسن إحسانًا، ويتعدى بنفسه وبغيره، تقول: أحسنت كذا إذا أتقنته، وأحسنت إلى فلان إذا أوصلت إليه النفع، والأول هو المراد)، الذي هو الإتقان، (والأول هو المراد؛ لأن المقصود إتقان العبادة، وقد يُلحظ الثاني بأن المخلص مثلاً محسن بإخلاصه إلى نفسه، وإحسان العبادة: الإخلاص فيها والخشوع وفراغ البال حال التلبس بها ومراقبة المعبود).

 هذه المنزلة منزلة الإحسان يجعلها أهل العلم بإزاء المراقبة، منزلة المراقبة، وللعلماء كلام كثير لا سيما ابن القيم في مدارج السالكين أطال في منزلة المراقبة، وأن عدم المراقبة يورث الغفلة، والغفلة توقع في المحظور، أما من يراقب الله -جَلَّ وعَلا- ويعرف أنه مطلع عليه، أنه مطلع على جميع حركاته وسكناته، فإن ذلك يحمله على عدم ترك المأمور أو الإخلال به أو ارتكاب المحظور.

(وأشار في الجواب إلى حالتين، أرفعهما أن يغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه بعينه، وهو قوله: «كأنك تراه» أي وهو يراك)، يعني «كأنك» ما هو قال: أنت تراه؛ لأن الرؤية في الدنيا مستحيلة، لكن «كأنك تراه»، يعني عامل نفسك معاملة من يراه، واجعل ما بلغك بالأخبار وما يترتب عليه بمنزلة المشاهد. نعم ليس الخبر كالعيان، ولكن أنت احرص إلى أن يقرب وضعك ممن يرى، فإن عجزت أو قصرت عن ذلك فلا أقل من أن تجزم وتقطع بأنه يراك.

(وأشار في الجواب إلى حالتين، أرفعهما أن يغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه بعينه، وهو قوله: «كأنك تراه» أي وهو يراك، والثانية أن يستحضر أن الحق مطلع عليه يرى كل ما يعمل وهو قوله: «فإنه يراك». وهاتان الحالتان يُثمرهما معرفة الله وخشيته، وقد عبر في رواية عمارة بن القعقاع بقوله: «أن تخشى الله كأنك تراه»، وكذا في حديث أنس.

 وقال النووي: معناه أنك إنما تراعي الآداب المذكورة إذا كنت تراه ويراك؛ لكونه يراك لا لكونك تراه فهو دائمًا يراك، فأحسِن عبادته وإن لم تره. فتقدير الحديث: فإن لم تكن تراه فاستمِر على إحسان العبادة فإنه يراك.

 قال: وهذا القدر من الحديث أصل عظيم من أصول الدين)، (قال)، يعني النووي: (وهذا القدر من الحديث أصل عظيم من أصول الدين)، يعني لو وصل الإنسان إلى هذه المرتبة وهذه المنزلة يصير وضعه مثل ما نحن فيه، إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل: خلوت، ولكن قل علي رقيب.

(قال: وهذا القدر من الحديث أصل عظيم من أصول الدين، وقاعدة مهمة من قواعد المسلمين، وهو عمدة الصديقين وبغية السالكين وكَنز العارفين ودأب الصالحين، وهو من جوامع الكلم التي أوتيها -صلى الله عليه وسلم-، وقد ندب أهل التحقيق إلى مجالسة الصالحين؛ ليكون ذلك مانعًا من التلبس بشيء من النقائص احترامًا لهم واستحياءً منهم)، (وقد ندب أهل التحقيق إلى مجالسة الصالحين؛ ليكون ذلك مانعًا من التلبس بشيء من النقائص احترامًا لهم واستحياءً منهم).  يعني من باب: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الكهف: 28]، ولا شك أن الحياء خلق مطلوب وشرعي، لكن ينبغي أن يستحي الله من خالقه، وإذا خالط الصالحين وعاشرهم؛ لئلا يفعل ما يُذم به أو يستحيى منهم بحضرتهم بهذه النية، وهي مرحلة بحيث إذا تعلم على هذا الخلق وصار من طبعه، بإمكانه أن يترقى إلى المرحلة التي تليها.

طالب: .......

نعم، تربية.

طالب: .......

ولذلكم من وسائل الثبات لأن بعض الناس يمن الله عليه بهداية، ثم لا يلبث أن يرجع، وعلاج ذلك مخالطة الصالحين وترك جلساء السوء، فالجليس لا شك أن له أثرًا على جليسه.

هذا يقول: ما أفضل طريقة لتقييد الفوائد أثناء القراءة، وهل هناك مؤلفات في الكناشات وطرق كتابتها وفي المدونات؟

لابن القيم بدائع الفوائد أشبه ما يكون، وكذلك الفوائد، ولغيره من أهل العلم لهم مقيدات نفع الله بها نفعًا عظيمًا، ولشيوخنا وزملائنا كتابات كثيرة في الموضوع. لكن أنا لي شريط في كيفية جرد المطولات وتقييد الفوائد منها، شريط كامل.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

هو يتركها في أول الأمر استحياءً من الناس، ثم تصير طبعًا له، يعني مرحلة.

طالب: .......

لا لا ما فيه شك، هذه مرحلة، ثم بعد ذلك لا يلبث أن يكون خُلقًا له وطبعًا، مثل ما قالوا: تعلمنا العلم لغير الله، ثم صار لله.

طالب: .......

لا، هذا من وسوسة الشيطان.

طالب: .......

(وقد ندب أهل التحقيق إلى مجالسة الصالحين؛ ليكون ذلك مانعًا من التلبس بشيء مثلاً النقائص احترامًا لهم واستحياءً منهم، فكيف بمن لا يزال الله مطلعًا عليه في سره وعلانيته انتهى. وقد سبق إلى أصل هذا القاضي عياض وغيره، وسيأتي مزيد لهذا في تفسير لقمان إن شاء الله تعالى.

تنبيه: دل سياق الحديث على أن رؤية الله في الدنيا بالأبصار غير واقعة)؛ لأنه قال: «كأنك تراه» هذا تشبيه، ما قال: فأنت تراه مثل ما قال: «فإنه يراك». (وأما رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك لدليل آخر)، يعني على الخلاف في ذلك، والمرجح أنه لم يره: «نور أنى أراه»، وعائشة -رَضِيَ اللهُ عَنها- تقول: «من حدثكم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم الفرية». (وقد صرح مسلم في روايته من حديث أبي أمامة بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا»، وأقدم بعض غلاة الصوفية على تأويل الحديث بغير علم، فقال: فيه إشارة إلى مقام المحو والفناء، وتقديره: «فإن لم تكن» أي فإن لم تُبصر شيئًا وفنيت عن نفسك حتى كأنك لست بموجود فإنك حينئذ تراه).

طالب: .......

لا غلاة الصوفية يقولون مثل هذا، ويرون أنهم يرون الله يقظة وعيانًا، يرون ذلك، ومنهم من يرى النبي، ومنهم من يرى الملك على حد زعمه. السيوطي يرى شيئًا من ذلك، السيوطي يرى إمكان رؤية النبي والملَك، ويسأل عن تصحيح أحاديث وأشياء.

طالب: .......

لا، الفاعل، رؤية النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لربه، (رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك لدليل آخر)، لأنه قول معروف عند أهل السنة، منهم من يثبته في ليلة الإسراء، وينزلون عليه قوله -جَلَّ وعَلا-: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13].

(وأقدم بعض غلاة الصوفية على تأويل الحديث بغير علم، فقال: فيه إشارة إلى مقام المحو والفناء، وتقديره: «فإن لم تكن» أي فإن لم تَصر شيئًا)، أو (تُبصر)؟ (فإن لم تُبصر شيئًا).

طالب: (تَصر).

نعم، معروف أنها (تَصر)، لكنها مصححة بقلم: (فإن لم تُبصر). ننظر في الجدول قبل أن نجتهد. ماذا يقول عندك؟

طالب: (تصر).

بدون باء؟

طالب: بدون باء.

نعم، ما فيه.

المسألة مسألة رؤية: «فإن لم تكن تراه»، فالإبصار (فإن لم تَصر شيئًا) هذه نتيجة أم مقدمة؟

طالب: .......

نعم، ما يخالف، الآن الفناء في المقدمة أم في النتيجة؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

نتيجة، (لم تَصر) يعني فنيت، ليست في أول الأمر هذا.

طالب: .......

لا، في البداية الآن قال: (فإن لم تصر شيئًا وفنيت)، الآن عندك «فإن لم تكن تراه» يعني ما تبصر شيئًا، (وفنيت). فهل (تبصر) لها وجه؟ (شيئًا وفنيت عن نفسك حتى كأنك لست بموجود فإنك حينئذ تراه)، ولو نظرنا في شرح ابن أبي جمرة على مختصره يمكن أن يذكر شيئًا من هذا.

طالب: .......

هذه يثبتها بعضهم للنبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- الرؤية القلبية، لكن الكلام فيما عندنا من العبارة. أقول: لو شرح ابن أبي جمرة على مختصره، بهجة النفوس وتحليها بما لها وما عليها، شرح مختصر البخاري، ينقل عنه ابن حجر كثيرًا.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

منام نعم.

(وفنيت عن نفسك حتى كأنك ليس بموجود، فإنك حينئذٍ تراه، وغفل قائل هذا للجهل بالعربية عن أنه لو كان المراد ما زعم لكان قوله «تراه» محذوفَ الألف)، تَره، «فإن لم تكن» يعني لم توجد تره، فتكون جواب الشرط: تره، وكان هذه تامة بمعنى الوجود، «فإن لم تكن» يعني لم توجد وفنيت، تره.

طالب: .......

ما أدري؛ لأنه في البداية، لم يصل بعد مرحلة الفناء، في البداية قبل أن يصل إلى مرحلة الفناء، ما زال الأمر محتملاً، يعني ما...

(لأنه يصير مجزومًا؛ لكونه على زعمه جواب الشرط، ولم يرد في شيء من طرق هذا الحديث بحذف الألف، ومن ادعى أن إثباتها في الفعل المجزوم على خلاف القياس فلا يُصار إليه؛ إذ لا ضرورة هنا، وأيضًا فلو كان ما ادعاه صحيحًا)، يعني الاستدلال على صحة المعنى أو بطلانه بموافقة العربية ومخالفة العربية، يعني بعضهم يقول: «ما نقص مال من صدقة، بل تزده»، قالوا: «بل تزده» هذه باطلة؛ لأنها لو كانت مما يدل على بطلانها أنها مخالفة للعربية، بل تزيده. عكس ما عندنا؛ لأن الداعي للجزم موجود، والداعي للجزم بالحديث الثاني غير موجود.

ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- استدل على بطلان الوثيقة المكتوبة بين النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- ويهود خيبر بكتابة علي بن أبي طالب على بطلانها، بختم الوثيقة بقوله: وكتب علي بن أبو طالب. ابن كثير يريد أن يبطل مع الأدلة الأخرى، فيه أدلة أخرى تدل على ذلك، لكن من الأدلة على بطلان أنه مستحيل أن يكتب علي هذا الكلام. ومع ذلكم هذا الكلام في التفسير تفسير ابن كثير وفي تاريخه مصحَّح، فكتب: علي بن أبي طالب.

طالب: .......

طبعة أيش؟

طالب: ترك.

لا ما عُدل في طبعة ترك، لا لا، عدل في طبعة ابن كثير الأخيرة هذه، دار ابن كثير السورية.

طالب: .......

عُدل يمكن بطبعة ثانية، أنا عندي الطبعة الأولى أنا متأكد منها.

طالب: .......

أنا متأكد منها، وأشرت إليها ونبهت على هذا، لو عدله الثاني زين؛ لأنه مشكلة، الآن ابن كثير لماذا ساقه؟

بطل استدلال ابن كثير على بطلان الوثيقة باللحن بتعديلهم، صار ما يفيد.

(وأيضًا فلو كان ما ادعاه صحيحًا لكان قوله: «فإنه يراك» ضائعًا؛ لأنه لا ارتباط له بما قبله)، «فإنه يراك» يعني بعد الفناء والمحو صرت لا شيء في الوجود، (ضائعًا؛ لأنه لا ارتباط له بما قبله، ومما يفسد تأويله رواية كهمس فإن لفظها: «فإنك إن لا تراه فإنه يراك»، وكذلك في رواية سليمان التيمي، فسلَّط النفي على الرؤية لا على الكون الذي حمل على ارتكاب التأويل المذكور. وفي رواية أبي فروة: «فإن لم تره فإنه يراك»، ونحوه في حديث أنس وابن عباس، وكل هذا يبطل التأويل المتقدم والله أعلم.

فائدة: زاد مسلم في رواية عمارة بن القعقاع قول السائل: صدقت، عقب كل جواب من الأجوبة الثلاثة، وزاد أبو فروة في روايته: فلما سمعنا قول الرجل صدقت أنكرناه، وفي رواية كهمس: فعجبنا له يسأله ويصدقه)، (فعجبنا له يسأله ويصدقه) مما يدل على أنه عنده خبر، وإلا فكيف يصدق على شيء ما يدري ما هو.

(وفي رواية مطر: انظروا إليه كيف يسأله؟ وانظروا إليه كيف يصدقه؟ وفي حديث أنس: انظروا وهو يسأله وهو يصدقه كأنه أعلم منه، وفي رواية سليمان بن بريدة: قال القوم: ما رأينا رجلاً مثل هذا، كأنه يعلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول له: صدقت صدقت. قال القرطبي: إنما عجبوا من ذلك؛ لأن ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يُعرف إلا من جهته، وليس هذا السائل ممن عُرف بلقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا بالسماع منه، ثم هو يسأل سؤال عارف بما يسأل عنه؛ لأنه يخبره بأنه صادق فيه، فتعجبوا من ذلك تعجُّب المستبعد لذلك، والله أعلم).

يا حي يا قيوم.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

ممكن.

طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، قول ....... بحكم أكل لحم الإبل؟

"