شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (212)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرحُ كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلاً ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: قال -رحمه الله تعالى-: عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- العشاء في آخر حياته، فلما سلم قام فقال: «أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة سنة منها لا يبق ممن هو على ظهر الأرض أحد».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد،

فراوي الحديث أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب الصحابي الجليل مر ذكره مرارًا.

 والحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: "باب السمر في العلم"، قال ابن حجر: قوله: باب السمر وهو بفتح المهملة والميم وقيل: الصواب إسكان الميم؛ لأنه اسم للفعل، معناه الحديث بالليل قبل النوم، عندنا المصدر سمر يسمر سمَرًا، والفعل الذي هو فعل السامر سمْر.

المقدم: السمْر.

نعم، ولذا يقول: بفتح المهملة والميم وقيل: الصواب إسكان الميم؛ لأنه اسم للفعل معناه الحديث بالليل قبل النوم؛ لأن سمر بالفتح مصدر واسم المتحدث الفعل.

المقدم: سامر.

اسم الفاعل سامر، لكن الفعل اسمه سمْر، وبهذا يظهر الفرق بين الترجمة والتي قبلها، قوله في العلم كذا في رواية أبي ذر بإضافة الباب إلى السمر، باب السمَر وفي رواية غيره: بابٌ السمرُ في العلم بتنوين باب، وفي شرح العيني: أي هذا باب في بيان السمر في العلم هذه رواية أبي ذر بإضافة الباب إلى السمر.

المقدم: لكن الأقرب لترجمة البخاري أن تكون بالفتح؟

سمْر.

المقدم: نعم.

لكن ابن حجر قيل الصواب إسكان الميم؛ لأنه اسم للفعل، ما المطلوب في الترجمة؟

المقدم: المطلوب مصدر.

إذا قلنا المطلوب الحديث نفسه، حديث المتحدث..

المقدم: فهو سمْر.

سمْر، حديث المتحدث؛ لأنه فرّق بين الفعل وبين المصدر الوُضوء والوَضوء، الوُضوء هو فعل المتوضئ ولا يراد بالفعل الذي هو من باب فَعَل، إنما يراد به فعل الفاعل، وفعل الفاعل هنا سمْر، والمصر سَمَر، وإذا قلنا: إن المراد بالترجمة باب حديث المتحدث فهو سمْر.

المقدم: حديث المتحدث سمْر.

نعم، وتحدثه سَمَر الذي هو المصدر، فيفرق بينهما من هذه الحيثية، والمعنى ظاهر على كلا الحالين.

المقدم: هذا يمكن أن يكون فيه رد على بعض المبتدعة لما يفرقون بين الفعل والفاعل والمفعول.

على كل حال التفريق هو الجادة في العربية.

وهناك فرق بين المصدر والاسم، الذي هو اسم المصدر.

المقدم: نعم.

قال: أي هذا- وفي شرح العيني- أي هذا باب في بيان السمر في العلم، هذه رواية أبي ذر بإضافة الباب إلى السمر، وفي رواية غيره بابٌ السمر في العلم بتنوين الباب وقطع الإضافة وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، كما ذكرنا أي هذا باب، والسمر مبتدأ، وفي العلم محل الصفة، والخبر محذوف تقديره هذا باب فيه السمرُ بالعلم، فيقدر الخبر مقدم أي بيان السمر بالعلم، والسمر بفتح الميم هو الحديث بالليل، ويقال: السمر بإسكان الميم، وقال عياض: الأول هو الرواية، وقال ابن سراج: الإسكان أولى وضبطه بعضهم به، وأصل السمَر لون القمر؛ لأنهم كانوا يتحدثون إليه، ومنه الأسمر؛ لشبهه بذلك اللون، الأسمر يعني التحدث في ضوء القمر، هل يُعطي بياضًا مثل بياض الشمس؟

المقدم: أبدًا.

أو يُعطي رؤية بسُمرة؛ لأنهم كانوا يتحدثون إليه، ومنه الأسمر؛ لشبهه بذلك اللون، وقال غيره: السمر بالفتح الحديث بالليل، وأصله لا أكلمه السمر والقمر.

المقدم: يعني التسامر لا يمكن أن يكون بالنهار، لا يصلح أن يقول الإنسان: أتسامر أنا وإياك في النهار؟ ما يُطلقه العرب إلا عن المحادثة في الليل؟

نعم، وأصله لا أكلمه السمر والقمر أي الليل والنهار، لكن أصله كما يقول أهل العلم: لا أكلمه السمر والقمر أي الليل والنهار، كيف جاء السمر والقمر في مقابل الليل والنهار؟!

المقدم: لأن السمر والقمر هنا من المفترض أن يكونا في وقت واحد.

 نعم، أي الليل والنهار لا أكلمه السمر والقمر أي الليل والنهار، ولو قلنا بالمقابلة بين اللفظين، لقلنا إن السمر بالليل والقمر بالنهار، إي إذا قلنا السمر من السمرة وهي السواد، والقمر من النور وهو الوضوح، فالليل أسود والنهار أبيض، لكن وجود هذه الآية في الليل تمنع من إرادة النهار بها، وفي العُباب: السمر والمسامرة أي الحديث بالليل، وقد سمر يسمر وهو سامر، والسامر أيضًا السُّمَّار، يعني يطلق على الجمع سامر، والسمار وهو القوم يسمرون كما يقال للحجاج: حاج، يعني يقال: جاء حاج البصرة، والمقصود حجاجها، كما قال الله -جل وعلا-: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون:67]، أي سمارًا تتحدثون.

 ثم قال: وجه المناسبة –العيني يقول- وجه المناسبة بين البابين يعني هذا الباب باب السمر في العلم والذي قبله باب العلم والعظة بالليل، وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب الأول العلم والعظة بالليل، وقد كان التحدث بعد العشاء منهيًّا عنه وهو السمر، والمذكور في هذا الباب هو السمر بالعلم، ونبه بهما على أن السمر المنهي عنه إنما هو فيما لا يكون  من الخير، وأما السمر بالخير فليس بمنهي، بل هو مرغوب، فافهم.

 قال: ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، وهو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حدث الصحابة بهذا الحديث بعد صلاة العشاء وهو سمر بالليل.

المقدم: الذين قالوا -أحسن الله إليك-: إن هذا من التخصيص بعد التعميم، وأن المراد بالنهي عن السمر في الليل هو ما كان محرمًا؛ لأن المحرم ممنوع في كل وقت، ويزداد تحريمه في الليل، أما المباحات فلا تدخل في هذا، هل يصح قولهم هذا، أن هذا من التخصيص بعد التعميم بكل جزء.

لو قيل: بالتعميم في منع السمر كله، هذا الأصل، ثم يباح منه ما كان في الخير، بل يُطلب منه على ما سيأتي تقريره ما كان في العلم، ويبقى المباح في معارضة.. كان يكره الحديث بعدها؟

المقدم: نعم.

يبقى على الكراهة أو خلاف أو لا على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.

«صلى بنا النبي -صل الله عليه وسلم-» قال القسطلاني: وفي رواية الأربعة: لنا باللام بدل الباء، يعني إمامًا لنا، وإلا فالصلاة لله لا لهم، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدل قوله: النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإبدال الرسول بالنبي وعكسه -عليه الصلاة والسلام- هذا أمر موسع فيه عند أهل العلم لاسيما إذا كان الحديث عن ذاته -عليه الصلاة والسلام- لا عن نبوته أو رسالته، إذا كان الحديث عن ذاته، عن شخصه في مقام الرواية، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو قال النبي -عليه الصلاة والسلام-، صلى بنا رسول الله أو صلى بنا النبي -عليه الصلاة والسلام- لا فرق؛ لأن الحديث عن ذات واحدة يُعبر عنها بالنبوة، ويعبر عنها بالرسالة، لكن إذا كان اللفظ مقصودًا..

المقدم: مثل الدعاء.

كالنبوة مقصودة لذاتها في السياق، أو الرسالة مقصودة لذاتها في السياق فلا يجوز تغييرها حينئذٍ؛ لأنه يغير المعنى من ذلكم ما تُعبّد بلفظه كالدعاء، دعاء النوم لما أعاده الصحابي -رضي الله عنه- على النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ورسولك الذي أرسلت؟ قال: لا، قل هو نبيك الذي أرسلت؛ لأنه متعبد بلفظه، ذكر في رواية الأربعة، يقول القسطلاني: في رواية الأربعة ويكررها كثيرًا، من الأربعة؟

المقدم: مع البخاري ومسلم.

صلى لنا باللام بدل الباء، يعني الأربعة من رواة الصحيح، من رواة البخاري، وهم أبو ذر والأصيلي وابن عساكر وأبو الوقت، وهذه يكررها كثيرًا –قال الأربعة- والأربعة يقرنهم كثيرًا؛ لأن رواياتهم متفقة في كثير من الحالات.

 «العشاء» أي صلاة العشاء، بكسر العين والمد، وبالفتح والمد العَشاء الطعام، «في آخر حياته» جاء مقيدًا في رواية جابر عند مسلم أن ذلك كان قبل موته -صلى الله عليه وسلم- بشهر. «فلما سلم» عليه الصلاة والسلام من صلاته تلك قام، وهذه جواب لما، فقال -صلى الله عليه وسلم- «أرأيتكم» في شرح الزركشي، يقول الزركشي في شرحه: أرأيتكم بفتح التاء أي أخبروني أو أعلموني، والكاف للخطاب، ولا موضع له من الإعراب، الكاف لا موضع لها من الإعراب. «ليلتكم هذه» هذه موضعه نصب، والجواب محذوف، والتقدير: أرأيتكم ليلتكم هذه فاحفظوها واحفظوا تاريخها. «فإن بعد انقضاء مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد» أي ممن هو حيٌّ اليوم، والزركشي يقول: أرأيتكم أي أخبروني أو أعلموني عن هذه الليلة، أخبروني عنها، والتقدير الثاني: أرأيتكم ليلتكم هذه فاحفظوها واحفظوا تاريخها، هل هذا استفهام؟ أخبروني عن هذه الليلة ما هي؟

المقدم: ما أظن أنها استفهام.

لأنها معلومة عنده -عليه الصلاة والسلام-، لكن لا يُمنع ولا يُستبعد أن يستفهم عن معلومة ليقرر ما يترتب على تلك المعلومة، مثل، أي يوم هذا؟ فلا يمنع أن يستفهم عنه؛ لتستقر في النفوس، وتنغرس في القلوب؛ لزيادة الاهتمام بها وشأنها، أنهم ظنوا أنه سيسميه بغير اسمه، لكن لم يسمه بغير اسمه، إنما أراد أن يؤكد ما يرتب على هذا الاستفهام.

وفي شرح الكرماني: «أرأيتكم» بهمزة الاستفهام وفتح الراء والخطاب، وليلتكم مفعول به، وكم حرف لا محل له من الإعراب، ولو كان اسمًا لكان مفعول رأيت، فيجب أن يقال: أرأيتموكم؛ لأن الخطاب لجماعة، وإذا كان لجماعة وجب أن يكون التاء والميم كما في علمتموكم؛ رعاية للمطابقة. فإن قلت -يقول الكرماني:- فهذا يلزمك أيضًا في التاء، فإن التاء اسم، فيجب أن يكون أرأيتموكم، قلت: لما كان الكاف والميم لمجرد الخطاب يعني لا محل لهم من الإعراب، واسم الخطاب أن الاسم يقع مسندًا ومسندًا إليه، والحرف علامة يستعمل مع استقلال الكلام واستغنائه عنها باعتبار المسند والمسند إليه، يعني لو حذفت الكاف أرأيتم، يستقيم الكلام أم ما يستقيم؟ يستقيم، إذًا فيه مسند ومسند إليه في عمد الجملة بدونها واستقام، وأيضًا اسم الخطاب يدل على عين ومعنى الخطاب، وحرفه لا يدل إلا على الثاني، على عين  ومعنى الخطاب.

المقدم: مع حذف الكاف تصبح التاء مضمومة في هذه الحالة ولا يغير أرأيتُم.

نعم؛ لأنه يخاطب، والتاء فاعل حينئذ، في فتح الباري كلام كثير لأهل العلم حول هذه الكلمة وردود. في فتح الباري: الرؤية بمعنى العلم أو البصر، والمعنى أعلمتم أو أبصرتم ليلتكم هذه؟ وهي منصوبة على المفعولية والجواب محذوف تقديره قالوا: نعم، قال: فاضبطوها، وترد: أرأيتكم للاستخبار كما في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ  عَذَابُ اللَّهِ..} الآية [الأنعام:40]، قال الزمخشري: المعنى أخبروني، ومتعلق الاستخبار محذوف تقديره مَن تدعون؟ ثم بكتهم فقال: {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} [الأنعام:40]. انتهى كلام الزمخشري، يقول ابن حجر: وإنما أوردت هذه الآية، وإنما أوردت هذا؛ لأن بعض الناس نقل كلام الزمخشري في الآية إلى هذا الحديث، وفيه نظر؛ لأنه جعل التقدير: أخبروني ليلتكم هذه فاحفظوها، وليس ذلك مطابقًا لسياق الآية، يعني نقل تفسير الزمخشري للآية لشرح معنى الحديث، وتفسير الزمخشري لا ينطبق على الحديث، كما أن تفسير الحديث لا ينطبق على الآية، أخبروني ليلتكم هذه فاحفظوها هذا تقدير الحديث، فاحفظوها واضبطوها، لكن هل ينطبق هذا على الآية {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ  عَذَابُ اللَّهِ}؟ فاحفظوه واضبطوه، أخبروني إن أتاكم عذاب الله فاحفظوه واضبطوه، ما ينطبق، ولذا لا ينبغي نقل تفسير الآية إلى شرح معنى الحديث.

 ولذا ينبغي لمن يتصدى لتفسير كلام الله -جل وعلا- أو شرح كلام نبيه -عليه الصلاة والسلام- أن يعرف مدلولات الألفاظ بذواتها وبحسب سياقها؛ لأن اللفظ الواحد يرد في اللغة وفي القرآن وفي نصوص السنة لأكثر من معنى، لكن ما المراد من هذه المعاني في هذا السياق؟ ولذا قالوا: لا يتحدث، لا يتكلم في غريب الحديث إلا من جمع بين اللغة وفهم المقاصد النبوية، وحفظ ما يستطيع أن يُفرق به بين المعاني بحسب سياقها، وفي شرح العيني: وقال بعضهم -ويقصد بذلك ابن حجر؛ لأنه تقدم كلام ابن حجر- قال بعضهم: الرؤية بمعنى العلم أو البصر، والمعنى أعلمتم أو أبصرتم ليلتكم؟ قلت: قد بينا أنه لا يصح أن تكون الرؤية من العلم، وهذا تصرف من لا يد له في العربية، من حيث المعنى أرأيتكم، ضع مكانها العلم.

المقدم: أعلمتم.

أعلمتم، وضع البصر أأبصرتم، يقول: هذا تصرف من لا يد له في العربية، ثم قال: وقال بعضهم -وهو يعني ابن حجر أيضًا-: الجواب محذوف تقديره قالوا: نعم، قال: فاضبطوه، قلت: كأن هذا القائل أخذ كلامه من الزركشي فإنه قال: والجواب محذوف تقديره أرأيتكم ليلتكم هذه احفظوها أو احفظوا تاريخها، فإن بعد انقضاء مائة سنة لا يبقى من هو على ظهر الأرض أحدٌ. انتهى. هذا كلام الزركشي، وكلام ابن حجر قريب منه، كأنه أخذه منه، قال العيني: وهذا ليس بشيء؛ لأن المعنى أأبصرتم ليلتكم هذه، ولا يُحتاج فيه إلى جواب؛ لأن هذا ليس باستفهام حقيقي، لكن ما الذي يمنع أن يكون استفهامًا؟! وإن كان المستفهم عنه واضح إلا أنه قد استفهم عن الواضح، وطلب الإخبار واضح، {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} [الماعون:1] ما معناها؟ عندهم أرأيت أخبرني باستمرار عنده، لا إله إلا الله، فإن رأس أولى استدراكات العيني على ابن حجر ما أجاب عنها ابن حجر ولا صاحب المبتكرات، استدراك العيني على ابن حجر الأول يقول: قال بعضهم: الرؤية بمعنى العلم أو البصر والمعنى أعلمتم أو أبصرتم ليلتكم هذه؟ قلت: قد بينا أنه لا يصح أن تكون الرؤية من العلم، وهذا تصرف من لا يدَ له في العربية، وقال بعضهم: أيضًا استدراك الثاني الجواب محذوف تقديره قالوا: نعم، قال فاضبطوه، ثم قال: إنه مأخوذ من كلام الزركشي، ثم قال: وهذا ليس بشيء؛ لأن المعنى أبصرتم ليلتكم هذه، ولا يُحتاج فيه إلى جواب؛ لأن هذا ليس باستفهام حقيقي، يعني كأن العيني يركز على أن أرأيتم أو أرأيتكم هنا، الرؤية هنا بصرية وليست علمية؛ لأن العلمية تحتاج إلى مفعولين، والبصرية تحتاج إلى مفعول واحد، وهنا السياق ليس فيه إلا مفعول واحد، ولو كانت علمية لتطلبت مفعولين، ظاهر أم ليس بظاهر؟

الأمر الثاني: إن التفسير التقدير الذي قدره ابن حجر تبعًا للزركشي لا يُحتاج إليه، اضبطوها واحفظوها يقول: إنه لا يُحتاج إليه، لا يُحتاج إلى مثل هذا، لماذا لا يحتاج إليه؟ لو كان لا يحتاج إليه لما احتيج إلى صدر الكلام، لما احتيج إلى هذا الكلام كله، أرأيتكم ليلتكم هذه، ما الداعي إليها إلا من أجل أن تضبط وتُحفظ، فالتقدير متجه، أقول: التقدير متجه؛ لأنا لو قلنا: إنه لا يحتاج إليه، لا يحتاج فيه إلى جواب كما قال العيني؛ لأن هذا ليس باستفهام حقيقي، ما الذي يمنع أن يكون استفهامًا حقيقيًّا، ويكون ضبط هذه الليلة من باب العناية بها؟ لترتب ما بعدها عليها؛ لأن في الحديث علمًا من علام النبوة، فكيف يُعرف هذا العلم إلا بضبط هذه الليلة على ما سيأتي؟ يعني إذا قلنا: إن أبا الطفيل عامر بن واثلة آخر الصحابة موتًا، وقد مات سنة عشرٍ ومائة، نضبط تلك الليلة، لا بد من ضبط تلك الليلة.

المقدم: والمراد أنه على ظهر الأرض جميعًا يعني واضح أن المقصود كل حي، وليس المقصود الذين حضروا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.

 يأتي الكلام في هذا في كلام أهل العلم عمن يدّعون حياتهم.

المقدم: أحسن الله إليكم ونفع بعلمكم، نستكمل بإذن الله ما تبقى من ألفاظ هذا الحديث وأحكامه في حلقة قادمة وأنتم على خير.

المقدم: أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

شكرًا لطيب متابعتكم ولقاؤنا بكم بإذن الله في حلقة قادمة.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،