شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (250)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طابت أوقاتكم جميعًا بكل خير، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لا زال الشرح مستمر لحديث أنس -رضي الله عنه- في باب من خصَّ بالعلم قومًا دون قوم كراهية ألا يفهموا، كان الترقيم 105، 128 بحسب الأصل لتذكير الإخوة والأخوات، توقفنا عند قوله: فقال: «يا معاذ».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 أما بعد،

فقد وقفنا في حلقةٍ ماضية على قوله: فقال يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- يا معاذ بن جبل، كذا في الأصل.

المقدم: الأصل الصحيح.

 نعم، عندك يا معاذ.

المقدم: نعم.

 يا معاذ بن جبل، يقول ابن حجر: هو خبر أن المتقدمة، أن النبي قال: يا معاذ، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال هذا خبر أن المتقدمة.

المقدم: هي أيضًا ليست عندنا، ليست في المختصر عندنا، عن أنس قال: «كان معاذٌ رديف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على الرحل فقال: يا معاذ».

ما هذا تصرف من المختصر، وقد التزم كما ذكر في المقدمة أنه يأتي بلفظ الأصل، وقد ينتقي لفظ بابٍ آخر؛ لأنه أكمل عنده أو أوضح أو لأمرٍ يراه؛ لكن هنا الأصل أن يأتي باللفظ.

قال حدثنا أنس بن مالك: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعاذٌ رديفه، ومعاذ رديفه على الرحل، فقال: يا معاذ بن جبل».

المقدم: هذا 128.

128.

المقدم: و129 نفس اللفظ؟ قد يكون أخذه.

لا مختصر جدًّا، قال: سمعت أنسًا قال: ذكر لي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: "من لقي الله لا يشرك به شيئًا" مختصر جدًّا، وبنَ جبل بفتح النون؛ لأن ابن: تعرب تابعة لما قبلها، إما على سبيل النعت، أو البدل، أو البيان، وإذا كانت تابعة فمعاذ، يا معاذُ بنَ، ولما تحفظ حديث يا فاطمةُ بنتَ محمد، والأصل أنه تابع، تابع لماذا؟

لأن الأصل في معاذ أنه منادى، والأصل فيه أنه منصوب، إذا كان مفردًا كمعاذ يبنى على الضم في محل نصب، فتقول: يا معاذُ بنَ جبل، يا فاطمةُ بنتَ محمد، وبنَ جبل بفتح النون؛ وأما معاذ فبالضم؛ لأنه منادى مفرد علم، وهذا اختيار ابن مالك؛ لعدم احتياجه إلى تقدير، وهذا اختيار بن مالك لعدم احتياجه إلى تقدير، واختار ابن الحاجب النصب يا معاذَ بنَ، لماذا؟

على أنه مع ما بعده كاسمٍ واحد مركب، يعني يا معاذَ بن؛ كأنك قلت: يا عبدَ اللهِ، يعني في حكم المركب؛ لكن اختيار ابن مالك أوضح بلا شك؛ لأنه لا يحتاج إلى تقدير، ولا يحتاج إلى تركيب ولا شيء، معاذ: اسم مفرد علم (يبنى على الضم في محل نصب)، نعم لو كان مضافًا مركبًا يا عبد الله انتهى الإشكال، جاء على الأصل، يقول: واختار ابن الحاجب النصب على أنه مع ما بعده كاسمٍ واحدٍ مركب، كأنه أضيف والمنادى المضاف منصوب.

وقال ابن التين: يجوز النصب على أن قوله: معاذ زائد، فالتقدير يا ابن جبل، وهو يرجع إلى كلام ابن الحاجب بتأويل، وعلى كل حال (المختار) كلام ابن مالك، وهو الجاري على الأصل والقاعدة، ولا نحتاج إلى تأويل، ولا يحتاج إلى حذف، ولا تقدير، يقول الكرماني: معاذ يختار فيه فتح الذال، يا معاذَ، ويجوز ضمها، يعني كأنه اختار كلام ابن الحاجب، ومشى على قول ابن التين، ويجوز ضمها على اختيار ابن مالك ويقول: العكس هو الراجح، اختيار ابن مالك هو الواضح؛ لأنه لا يحتاج إلى تقدير، ولا يحتاج إلى حذف، ولا يحتاج إلى شيء.

معاذ: مفرد علم منادى مبني على الضم في محل نصب، ابن: نعت له أو بدل أو بيان، ومحله منصوب، قال معاذ -رضي الله عنه-: «لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثًا» «لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثًا»، اللبُّ بفتح اللام معناه هنا الإجابة، والسعد المساعدة؛ كأنه قال: لبًّا لك وإسعادًا لك، لبًّا لك وإسعادًا لك، ولكنهما ثنيا على معنى التأكيد، والتكثير، ثنيا على معنى التأكيد، والتكثير.

المقدم: إجابة بعد إجابة وإسعادًا بعد إسعاد.

 التثنية لا شك أنها مثل تكرار القول، التثنية تثنية اللفظ مثل تكرار اللفظ، والتكرار هو تأكيد، كما أن جمع اللفظ تأكيد كتكراره ثلاثًا.

والإمام البخاري -رحمه الله- في تفسير سورة {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} يقول: إن العرب تؤكد فعل الواحد بضمير الجمع، ولكنه ما ثني على معنى التأكيد، والتكثير أي إجابة بعد إجابة وإسعادًا بعد إسعاد، وقيل في أصل لبيك واشتقاقها غير ذلك، قاله ابن حجر.

 وفي عمدة القاري: لبيك بفتح اللام تثنية لبى، ومعناه الإجابة، وقال الخليل: لبى بالمكان أقام به، حكاه عنه أبو عبيدة، قال الفرّاء منه قولهم: لبيك أي أنا مقيمٌ على طاعتك، وكان حقه أن يقال: لبًّا لك، فثُني على معنى التأكيد أي إلبابًا بعد إلباب، وإقامةً بعد إقامة.

قال ابن الأنباري: في لبيك أربعة أقوال:

 أحدها: إجابتي لك إجابةً بعد إجابة، إجابةً لك بعد إجابة، ولعل هذا هو المراد بالنسبة إلى اللفظ الذي معنا؛ لأنه في حق الرسول -عليه الصلاة والسلام-.

 الثاني: اتجاهي يا رب، وقصدي لك، وهذا يكون في تلبية الحج، لبيك وسعديك اتجاهي يا رب وقصدي إليك، وهذا لا يصلح في الحديث؛ لأن هذا إجابة للرسول -عليه الصلاة والسلام-.

 الثالث: محبتي لك يا رب، ومنه كما قالوا: المرأة اللبيبة المحبة.

 الرابع: إخلاصي لك يا رب، ولُباب الشيء خالصه، إخلاصي لك يا رب، وكل ما كان في حق الرب -جلا وعلا- لا يصلح أن يكون مرادًا في هذا الحديث، انتهى ملخصًا.

«وسعديك» بفتح السين (تثنية سعد)، والمعنى إسعادًا بعد إسعاد؛ أي أنا مسعد طاعتك إسعادًا بعد إسعاد، فثني للتأكيد كما في عمدة القاري، يقول: أنا مُسعدٌ طاعتك، لكن هكذا في عمدة القاري، وأقول: ولا يبعد أن يكون المراد "أنا سعيدٌ باتباعك يا رسول الله ومحبتك"؛ لأن مُسعد اسم فاعل، يعني كون المجيب هو المسعد سواءٌ كان في حق الرسول -عليه الصلاة والسلام-، أو في حق الله -جل وعلا- هذا فيه ما فيه؛ لكن لو قال: أنا سعيدٌ بطاعتك يا رب، وأنا سعيدٌ باتباعك ومحبتك يا رسول الله، السعد (مصدر)، سعد مصدر وبدل من أن أقول.. اشتق منها مسعد اسم فاعل، لماذا لم يشتق منها سعيد؟ ما الفرق بين سعيد ومسعد من حيث الاشتقاق إلا أنها هذه فعيل صيغة مبالغة، وهذه اسم فاعل، ولا فرق، فاشتق من المصدر ما يليق بالمقام؛ لأنه يقول: مسعدٌ طاعتك إسعادًا بعد إسعاد، يعني الفعل هو للطاعة إسعاد لهذه الطاعة، أو السعادة ترجع إليه، كما أن فائدة العمل، فائدة العبادة إنما يعود نفعها إلى العابد.

المقدم: ولا يشتق منها المفعول مسعد.

ممكن سعيد ومسعد ممكن، ما المانع؛ لأنه يقول: مُسعِدٌ طاعتك، لو قال: مُسعَدٌ بطاعتك، ثلاثًا أي كرر ذلك ثلاث مرات، وهو متعلقٌ بقول كل واحد من النبي -عليه الصلاة والسلام- ومعاذ، يعني النداء والإجابة، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «يا معاذ، يا معاذ، يا معاذ»، أو يا معاذ قال: «لبيك وسعديك» «يا معاذ قال: لبيك وسعديك» كررها ثلاثًا في الطرفين والإجابة قيل: ثلاثًا ثلاثًا، ويعني الإجابة والنداء قيل ثلاثًا ثلاثًا، وصرح بذلك في رواية مسلم.

 وقال الكرماني: لفظ ثلاثًا يتعلق بقول معاذ، يتعلق بقول معاذ؛ يعني أن معاذًا أجاب ثلاثًا، ويحتمل أن يتعلق بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضًا.

يعني قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يا معاذ» ثلاث مراتٍ، وقال معاذ: «لبيك» ثلاث مراتٍ أيضًا، فيكون من باب تنازع العاملين، يعني التنازع ثلاثًا، يعني قال ذلك ثلاثًا، قال: يا معاذ وقال: لبيك ثلاثًا متنازع بين الفعلين قال وقال، هذا التنازع معروف، باب معروف في النحو، ويؤيد ذلك الحديث المتقدم في باب (من أعاد حديث ثلاثًا ليُفهم عنه)؛ إذا تكلم، تكلم ثلاثًا، إذا سلم، سلم ثلاثًا، إذا دعا، دعا ثلاثًا، هذه عادته -عليه الصلاة والسلام-.

قال: «ما من أحدٍ»، ما: نافية، ومن زائدة لتأكيد النفي، و«أحد» اسم ما، ويشهد خبرها يشهد أن لا إله إلا الله، يقر بالوحدانية لله -عز وجل- على ما يقتضيه النفي والإثبات، على ما يقتضيه النفي والإثبات، يعني لا إله: نفي لجميع ما يعبد من دون الله إلا الله: إثبات للإلوهية لله وحده -جل وعلا-، وأن محمدًا رسول الله؛ أي يعترف بنبوته، مصدقًا له فيما أخبر، مطيعًا له فيما أمر، مجتنبًا عما نهى عنه وزجر، هذا مقتضى شهادة أن محمدًا رسول الله.

صدقًا يحترز به عن شهادة المنافقين، قالوا: نشهد إنك لرسول الله، لكن يشهدون صدقًا؟ لا، إنما يقولونها كذبًا يتقون بها السيف، صدقًا يحترز به عن شهادة المنافقين، ولفظ من قلبه، من قلبه يمكن تعلقه بـ صدقًا؛ فالشهادة لفظية، يمكن تعلقه بـ صدقًا، فالشهادة لفظية، ويمكن تعلقه بـ يشهد، فالشهادة قلبية، الآن صدقًا يقابلها كذبًا، إذا كانت الشهادة اللفظية، وإذا كانت الشهادة القلبية؟

المقدم: يشهد.

نعم علقناها بـ يشهد، فيكون حينئذٍ قلب، ماذا يكون المقابل لصدق؟ يعني صدق من قلبه، وصدق القلب يعني اليقين الذي يقابله الشك، والارتياب؛ لأن الصدق والكذب متعلقة باللسان، وقال بعضهم: الصدق كما يعبر به قولاً لمطابقة القول المخبر عنه، قد يعبر به فعلًا عن تحري الأفعال الكاملة، قال تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر:33] أي حقق ما أورده قولًا بما تحراه، أو صدق ما أورده قولًا بما تحراه فعلاً، قاله الكرماني، ونقله ابن حجر، ونسبه إلى الطيبي، فلعله المبهم في كلام الكرماني، لعله المبهم في كلام الكرماني؛ لأنه قال: وقال بعضهم، لعله هو الطيبي، إلا حرمه الله على النار، قال الكرماني: معنى التحريم: المنع، كما في قوله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا} [الأنبياء:95]، فإن قلت: هل في المعنى فرقٌ بين حرمه الله على النار، وحرم الله عليه النار؟ هذا من كلام الكرماني، قلت: يجيب "لا اختلاف إلا في المفهومين، إلا في المفهومين، وأما المعنيان فمتلازمان"، يعني أنه حرم على النار، فمعناه أن النار حرامٌ عليه، هذا بالنسبة للمعنى متلازمان، لكن يقول: إلا في المفهومين، حرمه الله على النار، وحرم الله عليه النار، ما الذي يقابل حرمه الله على النار؟ مفهومها، وما الذي يفهم من قول حرم الله عليه النار؟ في المفهومين.

المقدم: المفهومين وجوب الجنة.

يلزم من الجملتين وجوب الجنة.

المقدم: إذا حرم الله عليه النار.

 إذا حرم الله عليه النار زحزح النار دخل الجنة، انتهى. إذا زحزح النار يعني حُرِم على النار، وإذا حرمت عليه يلزم أن يدخل الجنة؛ لأنه يقول: لا اختلاف إلا في المفهومين، وأما المعنيان فمتلازمان سواءٌ حرمت عليه، أو حرم عليها، واحد، يعني منع عليها، أو منعت منه لم تصبه، لكن هل يقتضي قوله: « حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»...؟

المقدم: إيجاب الجنة له؟

نعم، والثاني «حرم الله عليه النار»؛ لأن المسألة فيها دقة، يقول: لا اختلاف إلا في المفهومين، معنى أن واحدة منهما مفهوم أحدهما يلزم منهم دخول الجنة، ولا يلزم بالمفهوم الثاني دخول الجنة، إنما يحرم على النار وينتهي، لكن من اللفظ نفسه نأخذ من مفهوم اللفظ أم من أدلةٍ أخرى؟ {فقد حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة:72] {حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة:72]، وهنا حرم الله عليه النار إذًا فمأواه الجنة؛ يعني الجملة الثانية مفهومها واضح من الآية الأخرى التي ذكرناها.

لكن مفهوم الأولى «حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» يعني يلزم لدخول الجنة لا تقل: جنة ونار باعتبار نصوص أخرى، لكن هل من هذا اللفظ نأخذ أنه يدخل الجنة، ما فيه إلا شقي أو سعيد، ما فيه إلا شقي أو سعيد، هذا من حيث نصوص الشريعة المتكاملة؛ لكن هو يريد أن نأخذ من اللفظين من غير نظرٍ إلى أدلةٍ أخرى، هل يفهم من قول: «حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»أنه يدخل الجنة؟ وهل يفهم من قول: «حرم الله عليه النار» أنه يدخل الجنة؟ لو نظرنا إلى الآية الأخرى {فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة:72]، يعني يجب أن نستصحب هذه الآية لنفهم، أنه مأواه هنا الجنة؛ لأن من حرم الله عليه النار فمأواه الجنة، من حرم الله عليه الجنة فمأواه النار؛ انتهينا من هذه الجملة، لكن الثانية يلزم منها أو لا يلزم؟ هو أخذها وفرق في المفهومين، وإن كان التفريق قد يخفى علينا أو على غيرنا.

نقول: فإن قلت: هل تفاوتٌ بين ما في الحديث وبين ما ورد في القرآن {حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة:72] «إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ»، والذي في الآية {حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة:72]؟ فإن قلت: هل تفاوتٌ بين ما في الحديث وبين ما ورد في القرآن {حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة:72]؟ قلت: يحتمل أن يقال: النار متصرفة، والجنة متصرفٌ فيها، النار متصرفة، والجنة متصرفٌ فيها، ما معنى هذا الكلام؟ النار متصرفة: يعني وضع فيها شيء تأكله وتحرقه، لكن الجنة.

المقدم: متصرفٌ فيها لازم أنت الذي تبادر.

نعم، أو يبادر لك، يعني في فرق أم ما فيه فرق؟ قد يقال قد يحتمل أن يقال؛ هذا كله من كلام الكرماني، وأكثر احتمالاته عقلية، وأكثر احتمالاته عقلية، وفي المعاني يدرك كثيرٌ منها بالعقل، إذا لم يخالفه الشرع؛ لكن في الأمور النقلية تفيد هذه الاحتمالات؟ في الأمور النقلية، لا، التي مردها النقل ما أحد بالكلام، ولذلك لما ذكر بعض الاحتمالات في بعض الروايات، قال: يحتمل أن يكون معلقًا، ويحتمل أن يكون موصولاً، قال ابن حجر: الاحتمالات العقلية المجردة لا مدخل لها في هذا الفن، يقول: الاحتمالات العقلية المجردة لا مدخل لها في هذا الفن، يعني ما مرده النقل نرجع إلى النقل، قال: والتحريم إنما هو على المتصرف أنسب، فروعي المناسبة؛ فإن قلت: «إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ» استثناء عن ماذا؟ «إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ» استثناء عن ماذا؟ قلت: من أعم عام الصفات؛ أي ما من أحدٍ يشهد كائنًا لصفةٍ إلا لصفة التحريم، يعني الاستثناء من عموم الأحوال، الاستثناء من عموم الأحوال.

وقال ابن حجر: ظاهر الخبر "يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار؛ لما فيه من التعميم والتأكيد، التعميم نكرة في سياق النفي ما من، والتأكيد دخول من لتأكيد النفي، وأيضًا بقية السياق على العموم، ظاهر الخبر "يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار"، لما فيه من التعميم والتأكيد؛ لكن دلت الأدلة القطعية عند أهل السنة والجماعة على أن طائفةً من عصاة المؤمنين يعذبون، ثم يخرجون من النار بالشفاعة، دلت الأدلة القطعية عند أهل السنة والجماعة على أن طائفةً من عصاة المؤمنين يعذبون، ثم يخرجون من النار بالشفاعة، فعلم أن ظاهره غير مراد.

يعني، هل تكفي الشهادتان؟ لا يكفي؛ لأنه علم بالأدلة القطعية من نصوص الكتاب والسنة أن من ارتكب كبيرة منهم يعذب، وهم تحت المشيئة على كل حال، فعلم أن ظاهره غير مراد؛ فكأنه قال: إن ذلك مقيدٌ بمن عمل الأعمال الصالحة، مقيدٌ بمن عمل الأعمال الصالحة، قال: ولأجل خفاء ذلك لم يؤذن لمعاذ في التبشير به، ولأجل خفاء ذلك لم يؤذن لمعاذ في التبشير به، وقد أجاب العلماء عن الإشكال أيضًا بأجوبةٍ أخرى، منها أن مطلقه مقيدٌ بمن قالها تائبًا ثم مات على ذلك، يعني إما تائبًا توبةً نصوحًا جبَّت وهدمت ما كان قبلها من معاصٍ، أو مسلم إسلامًا جديدًا، يشهد الشهادتين صدقًا، ولا يتمكن منها العمل، يعني هذا جواب أن مطلقه مقيدٌ بمن قالها تائبًا ثم مات على ذلك، ومنها أن ذلك كان قبل نزول الفرائض، ومنها أن ذلك كان قبل نزول الفرائض، ونسبه ابن بطال في شرحه إلى سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، والزهري، وعطاء، فقهاء التابعين، قبل نزول الفرائض، نسبه ابن بطال في شرحه بالأسانيد إلى سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، والزهري، وعطاء، وفيه نظر، يقول ابن حجر: وفيه نظر؛ لأن مثل هذا الحديث وقع لأبي هريرة، كما رواه مسلم، وصحبته متأخرةٌ عن نزول أكثر الفرائض، وكذا ورد نحوه من حديث أبي موسى، رواه أحمد بإسنادٍ حسن، وكان قدومه في السنة التي قدم فيها أبو هريرة .

المقدم: أحسن الله إليكم، نكتفي بهذا على أن نستكمل ما تبقى في حلقةٍ قادمة، أيها الإخوة والأخوات بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

لقاؤنا بكم بإذن الله في حلقة قادمة، وأنتم على خير، شكرًا لطيب المتابعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.