كتاب الصلاة (10)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب إن صلى في ثوب مصلَّبٍ أو تصاوير هل تفسد صلاته؟ وما ينهى عن ذلك:

 حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس -رضي الله عنه- قال: كان قرام لعائشة -رضي الله عنها- سترت به جانب بيتها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أميطي عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد،

 فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب من صلى في ثوب مصلَّبٍ أو تصاوير" يعني أو في تصاوير، يعني فيه صلبان أو صليب أو فيه صور، والصور هنا مجملة، تشمل ذوات الأرواح كما تشمل غيرها، والصلبان معروفة، المعظمة عند النصارى، هل تفسد صلاته؟

 السترة سترة المصلي شرط لصحة صلاته، فإذا صلى في سترة فيها صلبان أو فيها تصاوير من ذوات الأرواح أو غيرها، أما غير ذوات الأرواح فقد سبق ما يشملها في الحديث السابق حديث الأنبجانية، صور أشجار أو صور أنهار وغير ذلك من الصور التي ليس فيها روح، هذه سبق الحديث عنها في ظل حديث الأنبجانية التي ألهت النبي -عليه الصلاة والسلام- وشغلته عن صلاته، على أن من أهل العلم من يرى أن الصور من مخلوقات الله، صور شيء من مخلوقات الله ولو لم تكن ذات روح فإن النهي يشملها، من ذهب يذهب كخلقي ولو شجرة، وأطلق بعضهم المنع على ذلك ولو لم تكن ذات روح، لكن جماهير أهل العلم على جواز ذلك، والصلاة حينئذٍ صحيحة إلا أنها لإشغالها المصلي وإلهائها له يطلق عليها الكراهة، يطلق عليها الكراهة.

 أما الصور ذوات الأرواح التي يحرم اقتناؤها أو التصاليب أو الصلبان فالأمر فيها أشد، وحينئذٍ إذا صلى في ثوب فيه صلبان أو صور ذوات أرواح فمنهم من يطلق بطلان الصلاة في كل منهي عنه؛ لأن النهي عنده يقتضي البطلان، وهذا المعروف عند الظاهرية، وأما عند غيرهم فلا يكون البطلان ملازمًا للنهي، والتفريق عند أهل العلم بين أن يكون النهي في موضعٍ مشترط للصلاة، أو في ذات المنهي عنه، في ذات المنهي عنه ورد النهي، أو في شرطه، كورود النهي في السترة المشترطة للصلاة، فيقولون حينئذٍ: تبطل الصلاة كما لو صلى في ثوب حرير.

طالب: ......

ماذا؟

طالب:...

والمقصود مثله؛ لأنه حرام منهي عنه، على خلاف بينهم في الصلاة في الدار المغصوبة؛ لأن بعضهم يرى أنه عائد إلى الشرط التي هي البقعة، وبعضهم يقول: إن البقعة خارجة عن الشروط المشترطة لصحة الصلاة، فيصححون الصلاة في الدار المغصوبة.

 على كل حال إذا كان النهي كتصاوير وصلبان في موضع الاشتراط فهذا يقتضي بطلان الصلاة، وأما إذا كان النهي عائدًا إلى أمر خارج عن ذلك كما لو صلّى في عمامة فيها صليب أو صورة، أو عمامة حرير، أو خاتم ذهب، أو ما أشبه ذلك، فإن هذا عندهم لا يقتضي البطلان.

طالب:...

يكون هذا من باب أولى، الترجمة من باب أولى.

طالب:...

لا، ما انفكت، إذا نُهي عنه على الجدار فلأن ينهى عنه فيما يباشر المصلي من باب أولى.

طالب:...

لا لا، المقصود في مكانها أي في مكانها هذا على الجدار، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بإزالته، فمن باب أولى أن يزال إذا كان في موضع العبادة التي هي السترة، هل تفسد صلاته؟ البخاري أورد الترجمة على سبيل الاستفهام؛ لأن الأمر يحتاج إلى تفصيل، فمنه ما يفسد، ومنه ما لا يفسد، كما سيأتي، وما ينهى عن ذلك يعني ما ينهى عنه من ذلك.

 قال -رحمه الله-: "حدثنا أبو معمر" عبد الله بن عمرو،ٍ قال: "حدثنا عبد الوارث" وهو ابن سعيد، قال: "حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: كان قرامٌ لعائشة سترت به جانب بيتها"، قرام يعني قطعة من القماش، تستعمل سترة، وما زال مستعملًا إلى الآن تستر به النوافذ والجدران، وستر الجدران سترت به جانب بيتها، ستر الجدران..

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

جاء النهي عنه، والسلف شددوا في أمره، شددوا فيه، وأبو ذر وبعض الصحابة لما رأوه في البيوت خرجوا ورجعوا، ستر الجدران فكانوا يكرهونه كراهية شديدة، وذكر عن ابن عمر أنه ستر، ستر جدارًا، وهو ابن عمر في تحريه وورعه، على كل حال ..

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم، أبو ذر وأبو الدرداء وجمع من الصحابة امتنعوا من دخول البيت الذي فيه سترة، قال بعضهم ...

طالب:...

لا لا، الجدران ما فيها فتحات. عندكم عندكم، ولو صحيح بعد. ولو بصحيح، الجدران التي تستر البيوت ما فيها فتحات، فيها نوافذ صح تستعمل للتهوية، أما ما عدا ذلك..

طالب:...

لا لا، إن شاء الله ما أجيء عندكم.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

أمحمومٌ بيتكم؟ هل فيه حمة ساترينه تبغونه، على كل حال أمور تعديناها بمراحل، وسترنا بما فيه فخر وخيلاء وإسراف، وتبذير، والله المستعان.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

والله ما هو بعيد؛ لأن ستر الجدار هذا من أسهل ما يفعله الناس في بيوتهم الآن.

طالب:...

سترت به جانب بيتها، إذا أطلقوا الكراهة فهي تزول بأدنى حاجة، إذ لو وجد حاجة انتفت الكراهة، على كلام أهل العلم، قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «أميطي» يعني أزيلي، «عنا قرامك هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي» أو تعرض في صلاتي، مشغلة، وفتنة للمصلي، المراد بالفتنة المشغلة كادت تفتني، يعني تشغلني في صلاتي، وفتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلاة، والصدقة، وهذه الفتنة المراد بها الانشغال بهذه الأمور عما هو أهم.

طالب:...

إذا كان الأمر متعلقًا بمسألة الإسراف واستعمال ما زاد عن الحاجة فهو قدر زائد عن الحاجة، لكن إذا قلنا: إن الأمور تعود إلى العرف، وعرف كل زمان معتبر، يعني الآن لو تبني بيتًا ومن الطين واللَّبِن ولا تليسه ولا بالطين ولا شيء، كان هذا محل سخرية من الناس، والناس تعارفوا على ما هو أحسن من ذلك، فمثل هذا أمر سهل، الكلام فيما يشغل المصلي، ولذا تغيرت الأمور حينما جددت البنايات حول المسجدين، المسجد الحرام والمسجد النبوي، وصار الناس يباهون ويتفاخرون، أنا استأجرت بكذا، أنا أخذت في فندق كذا، وإذا صفَّ في صلاته شرد عقله، وقلبه، هذا حاصل، لما كانت البيوت متواضعة كان الإنسان مستجمعًا قلبه، وقل مثل هذا في بيوت الناس العادية، فكل ما يشغل ويلهي ينهى عنه، لكن البيوت بإمكانه أن يضع مكانًا لاستقبال الرجال وما أشبه ذلك والضيوف فيه نوع أناقة ومناسبة، ما عدا ذلك يخفف فيه ويجعل مكان العبادة أيضًا مناسبًا ما فيه شيء، والله المستعان.

قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: (باب إن صلى في ثوب مصلَّب) بفتح اللام المشددة، أي فيه صلبان منسوجة أو منقوشة أو تصاوير، أي في ثوب ذي تصاوير، كأنه حذف المضاف؛ لدلالة المعنى عليه. وقال الكرماني: هو عطف على ثوب لا على مصلَّب، والتقدير أو صلى في تصاوير. ووقع عند الإسماعيلي "أو بتصاوير" وهو يرجح الاحتمال الأول".

العطف على نية تكرار العامل هل يمكن أن يصلي في تصاوير؟ معطوف على الثوب الذي فيه تصاوير، الثوب المصلَّب أو تصاوير أو ثوب فيه تصاوير نعم.

"ووقع عند الإسماعيلي: "أو بتصاوير" وهو يرجح الاحتمال الأول، وعند أبي نعيم "في ثوب مصلب أو مصور".

قوله: (هل تفسد صلاته) جرى المصنف على قاعدته في ترك الجزم فيما فيه اختلاف، وهذا من المختلف فيه. وهذا مبني على أن النهي هل يقتضي الفساد أم لا؟ والجمهور إن كان لمعنى في نفسه اقتضاه، وإلا فلا.

قوله: (وما ينهى من ذلك) أي وما ينهى عنه من ذلك، وفي رواية غير أبي ذر: "وما ينهى عن ذلك"، وظاهر حديث الباب لا يوفي بجميع ما تضمنته الترجمة إلا بعد التأمل; لأن الستر وإن كان ذا تصاوير لكنه لم يلبسه ولم يكن مصلَّبًا ولا نهي عن الصلاة فيه صريحًا. والجواب أما أولاً فإن منع لبسه بطريق الأولى.

 وأما ثانيًا فبإلحاق المصلَّب بالمصور؛ لاشتراكهما في أن كلاًّ منهما قد عبد من دون الله تعالى.

 وأما ثالثًا فالأمر بالإزالة مستلزم للنهي عن الاستعمال. ثم ظهر لي أن المصنف أراد بقوله: مصلَّب الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق هذا الحديث كعادته، وذلك فيما أخرجه في اللباس من طريق عمران عن عائشة قالت: "لم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يترك في بيته شيئًا فيه تصليب إلا نقضه". وللإسماعيلي: "سترًا أو ثوبًا".

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

المشبه المطابق لصلبان النصارى. يشمله كله.

طالب:...

أين؟

طالب:...

لا لا.

طالب:...

ولو، عموم الناس يسمونه صليبًا.

طالب:...

لكن هل صلبان النصارى مثل علامة زائد؟

طالب:...

هاه؟ لكن الدلو الذي ينضح به الماء من البئر ما فيه صليب؟ يشمله النهي؟

 طالب:...

ماذا؟

طالب:...

زائد يقول هذا في الحساب امسح، علامة الزائد.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

يقول لك مثله، فيه صلبان مثله.

طالب:...

لكن أنت إذا مددت يديك بعد ما تصير صليبًا؟ الأمور غير المقصودة، لا تدخل الأمور العادية التي يفعلها الإنسان من غير قصد ولا روية ما يؤاخذ عليها.

طالب:...

ماذا ؟

طالب:...

ابعدوا عن الوسواس، أنا جاءني رجل وأراني في ثوبه ما يشبه علامة الزائد مما لا يرى إلا بمجهر، يقول: إني وقفت خلف السيارة من الشكمان خرج شيء أسود ووقع على ثوبي وانتشر علامة صليب، يقول ما الحكم؟ والله إني ما رأيته إلا بصعوبة، الشكمان أحيانًا يصدر منه أشياء.

طالب:...

شكمان السيارة شيء أسود.

طالب:...

نعم.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

قصصنا. قصصنا هذا حكم؟ ما هذا يا ابن الحلال؟ تريد أن نقص ثوبه؟ ولا سيما وأنت قد استغنيت الآن.

طالب:...

نعم.  

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ما يدريك؟

طالب:...

لكن هي اصطلاحات قديمة.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا لا لا الخوارزمي وغيره يستعملونها.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

على كل حال مثل هذه الأمور غير مقصودة، ولا تدخل لا من قريب ولا من بعيد.

طالب:...

إذا كانت مقصودة فتحرم نعم.

"قوله: (عبد الوارث) هو ابن سعيد، والإسناد كله بصريون. قوله: (قرام) بكسر القاف وتخفيف الراء: ستر رقيق من صوف، ذو ألوان. قوله: «أميطي» أي أزيلي وزنًا ومعنى. قوله: «لا تزال تصاوير» كذا في روايتنا، وللباقين بإثبات الضمير، والهاء في روايتنا في: «فإنه» ضمير الشأن، وعلى الأخرى يحتمل أن تعود على الثوب".

ما روايته؟

طالب:...

رواية أبي ذر التي اعتمدها رواية أبي ذر وأشار إلى ذلك.

طالب:...

نعم، يقول: والاعتماد على رواية أبي ذر، وأشرنا إلى غيرها، وأشرنا إلى غيرها عند الحاجة.

"قوله: «تعرض» بفتح أوله وكسر الراء أي تلوح، وللإسماعيلي "تعرَّض" بفتح العين وتشديد الراء، أصله تتعرض. ودل الحديث على أن الصلاة لا تفسد بذلك; لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقطعها ولم يعدها، وسيأتي في كتاب اللباس بقية الكلام على طرق حديث عائشة في هذا، والتوفيق بين ما ظاهره الاختلاف منها إن شاء الله تعالى، والله أعلم".

نعم.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب من صلى في فرُّوج حرير ثم نزعه، حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال: أهدي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فرّوج حرير فلبسه فصلى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا كالكاره له وقال: «لا ينبغي هذا للمتقين»".

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.

 قال -رحمه الله-: باب من صلى في فرّوج حرير، في فرّوج حرير ثم نزعه، فرّوج نوع من الألبسة من الثياب لكنه من نوع الحرير، بعضهم يقول: هو القَباء، وهو مصنوع من مادة الحرير، ثم نزعه، قد يكون صلى فيه -عليه الصلاة والسلام- قبل التحريم، أو أنه تورع عن لبسه، يعني حُرِّم في أثناء الصلاة ثم نزعه، أو أنه -عليه الصلاة والسلام- تورع عن لبسه؛ لأنه يعني المناسب للمسلم الخشونة وليست النعومة لا سيما الرجال، فمثل هذا الحرير يدخل في القلب من الكبر والغرور ما لا يدركه إلا من باشره.

 الآن الإنسان إذا لبس من الألبسة الفاخرة سواء كان من الثياب أو من البشوت والمشالح وجد في نفسه شيئًا من ذلك، وإن كانت من النوع المباح، ولما قال: إن هذا لا ينبغي للمتقين يعني أصحاب المقامات العالية في الدين ما يناسبهم هذا، وعلى رأسهم النبي –صلى الله عليه وسلم-، ثم نزعه، ولا يقال في هذا مثل ما قيل لما لبس النعل وصلى فيه ثم خلعه؛ لأنه لم يعلم به أصلاً، لم يعلم بالنجاسة أصلاً، ولو علم بالنجاسة ما صلى، والحرير يعرفه ولبسه متعمدًا له، لكن كل هذا قبل المنع ونزعه من باب الورع.

 قال -رحمه الله-: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال: أهدي إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يعني من قِبل الأُكَيدِر أُكَيدِر دومة، إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فرّوج حرير فلبسه فصلى فيه، ثم انصرف، ثم انصرف يعني انتهى من صلاته، أو نزعه في صلاته؟ لا يمكن أن ينزعه في صلاته، لماذا؟ لأنه قد يكون سترته، ثم انصرف فنزعه نزعًا شديدًا، يعني كما نزع الخاتم، خاتم الذهب، نزعًا شديدًا كالكاره له، وقال: «لا ينبغي هذا للمتقين»، إذا قلنا: إن الكراهة هنا كراهة تنزيه وترفع من العلية كالنبي -عليه الصلاة والسلام-، قلنا: المتقين على بابها، وإذا قلنا: إنه للتحريم فعلى هذا كل المسلمين يلزمهم هذا الحكم، وكلهم يتقون النار على وجه العموم، يعني في الجملة.

قال -رحمه الله تعالى-: "قوله: (باب من صلى في فروج) بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وآخره جيم، هو القباء المفرج من خلف".

المفرج من خلف يعني فيه فرجة فتحات.

طالب:...

عكس الباطن مثل لبس العمليات وما العمليات الله يكفينا شرها.

"وحكى أبو زكريا التبريزي عن أبي العلاء المعري جواز ضم أوله وتخفيف الراء.

قوله: (عن يزيد) زاد الأصيلي: هو ابن أبي حبيب، وأبو الخير هو اليَزني بفتح الزاي بعدها نون، والإسناد كله مصريون.

قوله: (أهدي) بضم أوله، والذي أهداه هو أُكيدِر كما سيأتي في اللباس، وظاهر هذا الحديث أن صلاته -صلى الله عليه وسلم- فيه كانت قبل تحريم لبس الحرير، ويدل على ذلك حديث جابر عند مسلم بلفظ: "صلى في قباء ديباج ثم نزعه وقال: «نهاني عنه جبريل»، ويدل عليه أيضًا مفهوم قوله: لا ينبغي هذا للمتقين; لأن المتقي وغيره في التحريم سواء، ويحتمل أن يراد بالمتقي المسلم أي المتقي للكفر، ويكون النهي سببَ النزع، ويكون ذلك ابتداء التحريم، وإذا تقرر هذا فلا حجة فيه لمن أجاز الصلاة في ثياب الحرير؛ لكونه -صلى الله عليه وسلم- لم يعد تلك الصلاة; لأن ترك إعادتها لكونها وقعت قبل التحريم، أما بعده فعند الجمهور تجزئ لكن مع التحريم، وعن مالك يعيد في الوقت، والله أعلم".

نعم.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة في الثوب الأحمر، حدثنا محمد بن عرعرة قال: حدثني عمر بن أبي زائدة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالاً أخذ وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورأيت الناس يبتدرون ذاك الوضوء، فمن أصاب منه شيئًا تمسح به، ومن لم يصب منه شيئًا أخذ من بلل يد صاحبه، ثم رأيت بلالاً أخذ عنزة فركزها، وخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في حلة حمراء مشمرًا صلى إلى العنزة بالناس ركعتين، ورأيت الناس والدواب يمرون من بين يدي العنزة".

قال -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة في الثوب الأحمر" جاء النهي عن لبس الأحمر بالنسبة للرجال، والمزعفر، والأحمر أشد، وبعضهم يوصل الحكم إلى التحريم؛ لأنه جاء وصفه بأنه لباس أهل النار، ولم يرد السلام على الذي سلّم عليه وعليه ثوب أحمر، وبعضهم يقول: يطلق الكراهة، وكون النبي -عليه الصلاة والسلام- كما جاء في هذا الحديث عليه حُلة حمراء أجاب عنه العلماء ومنهم ابن القيم أنها لم تكن حمراء خالصة، بل فيها خطوط من اللون غير الأحمر، فتخرج عن النهي الوارد في الأحمر الخالص.

 قال -رحمه الله تعالى-: "حدثنا محمد بن عرعرة قال: حدثني عمر بن أبي زائدة عن عون بن أبي جحيفة" عون بن أبي جحيفة واسمه وهب بن عبد الله السوائي، وهو ابن عبد الله، السوائي هو أبو جحيفة، "عن أبيه" وهب، "قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قبة حمراء من أدم" من أدم يعني خيمة من جلد، ولون الجلد أحمر.

 "ورأيت بلالاً" المؤذن، "أخذ وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني الماء الذي يريد أن يتوضأ منه -عليه الصلاة والسلام-، "أخذ وضوء رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ورأيت الناس يبتدرون ذاك الوضوء" يعني ما يسقط ويتناثر من أعضائه -عليه الصلاة والسلام- يبتدرونها رجاء البركة، قد جعل الله فيه البركة، بخلاف غيره، فما أثر عن صحابي واحد أنه ابتدر وضوء أبي بكر أو عمر، بل هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام-؛ لما جعل الله فيه من البركة، يبتدرون يتسابقون ويسارعون ذلك الوضوء.

 "فمن أصاب منه شيئًا تمسح به" مسح به وجهه وما أقبل وما أدبر من جسده، "ومن لم يصب منه شيئًا أخذ من بلل يد صاحبه"، وهذا موجود عند بعض الطوائف من المتصوفة مع شيوخهم، يفعلون مثل هذا وما هو أشد منه، وهذا من غلوهم بشيوخهم الغلو المنهي عنه، أخذ من بلل يد صاحبه.

 "ثم رأيت بلالاً أخذ عنزة فركزها" عصا في طرفها زُجّ الذي هو محدب الذي يدخل في الأرض فركزها يعني في الأرض، "وخرج النبي -صلى الله عليه وسلم-" أخذ هذه العنزة؛ لتكون سُترة، وخرج النبي –صلى الله عليه وسلم-  "في حلة حمراء" حلة مكونة من ثوبين، ولونها أحمر، في حلة حمراء، "مشمرًا" يعني حاسرًا عن ذراعيه، حمراء مشمرًا.

 "صلى إلى العنزة، صلى إلى العنزة بالناس ركعتين" يعني جعلها في قبلته سترة له، وصلى بالناس ركعتين، "ورأيت الناس والدواب يمرون من بين يدي العنزة" يعني من وراء العنزة، من وراء السترة، وإذا وُجدت السترة فإن المرور بين يدي المصلي دون السترة أو وراء السترة لا يضر، نعم.

قال الحافظ -رحمه الله-: قوله: (باب الصلاة في الثوب الأحمر) يشير إلى الجواز، والخلاف في ذلك مع الحنفية فإنهم قالوا: يكره، وتأولوا حديث الباب بأنها كانت حُلّة من برود فيها خطوط حمر، ومن أدلتهم ما أخرجه أبو داود".

يعني عكس ما تأوله ابن القيم وغيره قالوا: الأصل حمراء وفيها خطوط من غير الحمرة، وهؤلاء قالوا: حُلة من برود فيها خطوط حمر.

طالب:...

الأصل غير الأحمر في كلام الحنفية، وفي العلماء ومنهم ابن القيم جعلوا الأصل الحمرة، وفيها خطوط من غير الأحمر.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا، لا تنظر إلى الشماخ،  لا تنظر إلى الشماخ؛ لأنه متقارب، لكن ألا يوجد من رآه وقال: أحمر خالص وفيه خطوط صغيرة من غير الأحمر يخرج بها من النهي، أو العكس تصير بيضاء وتصير فيها خطوط حمر كأنه ما يخط.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

مستنده الجمع بين النصوص، هذا معارض بأحاديث كثيرة.

طالب:...

 لا ليست رواية.

"فإنهم قالوا: يكره، وتأولوا حديث الباب بأنها كانت حُلّة من برود فيها خطوط حمر، ومن أدلتهم ما أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو قال: "مرّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم- رجل وعليه ثوبان أحمران، فسلم عليه فلم يرد عليه" وهو حديث ضعيف الإسناد، وإن وقع في بعض نسخ الترمذي أنه قال: حديث حسن; لأن في سنده أبا يحيى القتات، وعلى تقدير أن يكون مما يحتج به فقد عارضه ما هو أقوى منه وهو واقعة عين".

طالب:...

لا لا لا.

طالب:...

أنه قال: حديث حسن.

طالب: نعم يقول يا شيخ هكذا في عين وهو صواب، وفي ألف وسين مكان أبي يحيى القتات كذا وأبو يحيى القتات ضعيف.

لا، الذي في سين التعليق ما هو؟

طالب: وفي.

لأن في سنده كذا. نعم.

طالب: نعم، تريد أن نقرأ المتن يا شيخ.

لا ما هو بالمتن.

طالب: قال: هكذا.

هذه رواية الترمذي وأبي داود، نعم.

طالب: يقول: هكذا في عين وهو صواب وفي ألف وسين مكان أبي يحيى القتات كذا، وأبو يحيى القتات ضعيف.

في سنده. لأن في سنده أبا يحيى.

طالب: نعم.

أبا يحيى القتات وهو ضعيف.

طالب:...

وعلى تقدير.

"وعلى تقدير أن يكون مما يحتج به فقد عارضه ما هو أقوى منه، وهو واقعة عين، فيحتمل أن يكون ترك الرد عليه بسبب آخر".

الردَّ.

نعم، "فيحتمل أن يكون ترك الردَّ عليه بسبب آخر، وحمله البيهقي على ما صبغ بعد النسج. وأما ما صبغ غزله ثم نسج فلا كراهية فيه. وقال ابن التين: زعم بعضهم أن لبس النبي -صلى الله عليه وسلم- لتلك الحلّة كان من أجل الغزو، وفيه نظر; لأنه كان عقب حجة الوداع، ولم يكن له إذ ذاك غزو.

 قوله: (أخذ وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) بفتح الواو".

يعني في الغزو، يعني من باب إغاظة العدو والإظهار والظهور بمظهر القوة يباح للإمام ما لا يباح له في حال السعة.

"قوله: (أخذ وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) بفتح الواو أي الماء الذي توضأ به، وقد تقدم استدلال المصنف به على طهارة الماء المستعمل، ويأتي باقي مباحثه في أبواب السترة إن شاء الله تعالى".

لكن الماء المستعمل طهارته لا خلاف فيها إلا مع الحنفية، في قول عندهم، أما طهارته فلا إشكال فيها، لكن الكلام في طهوريته، وهل يرفع الحدث أو لا؟ والخلاف في ذلك مع الحنابلة والشافعية.

طالب:...

شمر قبل أن يدخل الصلاة، خرج مشمرًا قبل أن يدخل الصلاة.

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب:

 قال أبو عبد الله: ولم ير الحسن بأسًا أن يصلى على الجمد والقناطر وإن جرى تحتها بول أو فوقها أو أمامها إذا كان بينهما سترة، وصلى أبو هريرة على سقف المسجد بصلاة الإمام، وصلى ابن عمر على الثلج.  

حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا أبو حازم قال: سألوا سهل بن سعد: من أي شيء المنبر؟ فقال: ما بقي بالناس أعلم مني، هو من أثل الغابة عمله فلان مولى فلانة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين عمل ووضع فاستقبل القبلة كبر وقام الناس خلفه، فقرأ وركع، وركع الناس خلفه، ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر ثم ركع ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى حتى سجد بالأرض، فهذا شأنه.

قال أبو عبد الله: قال علي بن المديني: سألني أحمد بن حنبل -رحمه الله- عن هذا الحديث قال: فإنما أردت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أعلى من الناس فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث، قال: فقلت: إن سفيان بن عيينة كان يسأل عن هذا كثيرًا فلم تسمعه منه؟ قال: لا.

 حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سقط عن فرسه فجحشت ساقه أو كتفه، وآلى من نسائه شهرًا فجلس في مشربة له درجتها من جذوع، فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم جالسًا وهم قيام، فلما سلم قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإن صلى قائمًا فصلوا قيامًا»، ونزل لتسع وعشرين فقالوا: يا رسول الله، إنك آليت شهرًا، فقال: «إن الشهر تسع وعشرون»".

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.

 يقول البخاري -رحمه الله تعالى-: باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، يعني أنه لا يلزم أن تكون الصلاة على الأرض، بل إذا صلى على مكان مستقر فإنه لا مانع من ذلك، ولو صلى على مكان تمكن الصلاة فيه من غير خلل يتطرق إليها كالسفن والسيارات والطائرات فإنه يجوز، باب الصلاة في السطوح والمنبر، المنبر الذي يخطَب عليه وهو معروف من النبر، وهو الارتفاع، والخشب يعني إذا كان السطح من خشب فإنه لا مانع من الصلاة فيه.

 قال أبو عبد الله، يعني البخاري: ولم ير الحسن يعني البصري بأسًا بأن يصلى على الجَمد أو الجُمد، وجاء فتح الميم جمَد، المراد به الماء الجامد هو الثلج كما سيأتي، والقناطر إذا وجد قنطرة فيها ماء يجري، ووضع عليها سقف فلا مانع من الصلاة على هذا السقف المستقر الذي لا يعرض المصلي للخطر، وإن جرى تحتها بول، يعني مع الماء الذي يجري في القنطرة جرى بول، فإنه لا يؤثر؛ لأنه غير مباشر للمصلي، فلا يتنجس به.

 أو فوقها يعني وهذا يسأل عنه في مثل سطح الحمام، تحته بول، أو تحت في دورٍ يوجد فوقه حمام مع أمن انسياب هذه النجاسة إلى المصلي، أو بقعته، أو فوقها أو أمامها إذا كان بينهما ستر، يعني شيء واقٍ يمنع من وصول النجاسة إلى المصلي، إذا كان بينهما سترة، وصلى أبو هريرة على سقف المسجد بصلاة الإمام، صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- كما سيأتي على المنبر الإمام أعلى من المأمومين، وصلى أبو هريرة على سقف المسجد بصلاة الإمام، وحينئذٍ المأموم أعلى وأرفع من الإمام.  وصلى ابن عمر على الثلج، الماء المتجمد.

 قال: حدثنا علي بن عبد الله هو الإمام المديني، ابن المديني الشهير، قال: حدثنا سفيان وهو ابن عيينة، قال: حدثنا أبو حازم سلمة بن دينار، قال: سألوا سهل بن سعد من أي شيء المنبر؟ سهل بن سعد الساعدي، من أي شيء المنبر؟ يعني من أي المادة التي صنع منها، فقال: ما بقي في الناس أعلم مني، هو من أثل الغابة، الأثل شجر معروف مشهور، والغابة موضع خارج المدينة، عمله فلان مولى فلانة، امرأة من الأنصار، قالوا: اسمه ميمون، لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقام عليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حين عُمل ووضع، قام عليه وخطب، وصلى عليه، كما في حديث الباب، فاستقبل القبلة، كبّر وقام الناس خلفه وهو على المنبر استقبل القبلة وصف الناس خلفه وهم على الأرض، كبّر وقام الناس خلفه فقرأ وركع وركع الناس خلفه، ثم رفع رأسه، هذه الصلاة هل هي صلاة اعتيادية يؤخذ منها حكم؟ أو هي صلاة للتعليم، وليراه الناس؟ يعني ما تجوز هذه الصورة؟

طالب:...

ماذا قلنا؟

طالب:...

هي حقيقة ما أحد ينكر أنها حقيقة، لكن قد يصلي الصلاة المفروضة بصفة خاصة؛ ليصاحبها التعليم.

طالب:...

وقام الناس خلفه فقرأ وركع وركع الناس؛ لأن الركوع -عليه الصلاة والسلام- ممكن، الركوع ممكن، لكن الإشكال في السجود؛ لصغر المنبر، ثم رفع رأسه ثم رجع القهقهرى فسجد، نزل من المنبر فسجد على الأرض؛ لأن المكان لا يستوعب المصلي في حال السجود، ولو كان يستوعبه لما احتاج إلى الحركة الزائدة التي هي رجوع ونزول، فسجد على الأرض ثم عاد إلى المنبر ثم ركع ثم رفع رأسه ثم رجع القهقهرى حتى سجد بالأرض، فهذا شأنه حتى تمت الصلاة.

 قال أبو عبد الله يعني البخاري: قال علي بن عبد الله المديني: سألني أحمد بن حنبل الإمام كلهم أئمة، الثلاثة كلهم أئمة، -رحمه الله تعالى- عن هذا الحديث، قال: إنما أردت أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان أعلى من الناس، من القائل؟ قائل إنما أردت؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

قال: فإنما أردت أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان أعلى من الناس، فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث، قال: فقلت: إن سفيان بن عيينة كان يُسأل عن هذا كثيرًا فلم تسمعه منه؟ قال: لا، الضمائر؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

أردتُ مضبوطة عندنا أردتُ.

طالب:...

طالب: شيخ، الشيخ يقول علي بن المديني.

من الشيخ؟

طالب: القسطلاني.

يقول قال علي بن المديني، إنما قال علي بن المديني هذا ظاهره، قال: سألني أحمد بن حنبل عن هذا الحديث قال: فإنما أردتُ أن النبي –صلى الله عليه وسلم-، ما ضابط أردت؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

القسطلاني.

طالب: ما ذكر الضبط، أردت أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان أعلى من الناس، ولابن عساكر أن يكون الإمام أعلى، أي بدلالة هذا، قال: أي علي بن المديني فقلت: أي لأحمد بن حنبل.

قال علي بن المديني: فقلت لأحمد بن حنبل: إن سفيان بن عيينة؛ لأن كلها محتملة، هم أقران.

طالب:...

هو لا يمنع أن يقع، ولا يمنع أن يقع؛ لأنه جاء على لسان معاصر وإمام ثقة حافظ.

طالب:...

هي الضمائر محتملة، الضمائر الموجودة في آخر الحديث كلها محتملة؛ لأنهم كلهم علي بن المديني والإمام أحمد وابن عيينة كلهم حول بعض، فنستعين بالشراح.

طالب:...

من الذي قال: إنما أردت؟

طالب:...

هو يسأل علي بن المديني.

طالب:...

طيب، فيكون بيان الحكم من أحمد أو من علي؟

طالب:...

طالب:...

قال أبو عبد الله عندكم إشكال في هذا أنه البخاري؟ قال علي بن عبد الله هو ابن المديني: سألني أحمد بن حنبل -رحمه الله-.

طالب:...

هذا واضح سألني أحمد -رحمه الله- عن هذا الحديث قال: إنما أردتُ أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان أعلى من الناس، يعني المطلوب من سؤال الإمام أحمد أن يبين للناس حكم هذه المسألة لأنه قد يكون واحد من الطلاب يعرف حكم مسألة، يعرف حكم المسألة، ويعرف دليلها، لكن يريد أن يوصل هذه المعلومة إلى الطلاب فيوردها بصيغة سؤال.

طالب:...

فقال يعني هذا صيغة سؤال؟

طالب:...

قال: فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث، قال ابن المديني فقلت لأحمد.

طالب:...

إن سفيان بن عيينة كان يسأل عن هذا كثيرًا فلم تسمعه منه؟ قال: لا، ويأتي في كلام الشارح ما يبين شيئًا، هو الاحتمالات، الضمائر هذه ما دام ما بُيِّنت من القائل فكلها احتمالات لمراده الذي ما أفصح عنه.

طالب:...

أنا أقول: ما دام ما فسروا ضمائرهم بأنفسهم فلا يعلم ما في القلوب إلا علام الغيوب، تبقى احتمالات.

طالب:...

قد يرد البيان بصيغة سؤال، وقد يؤخذ من الجواب.

 اقرأ.

قال الحافظ -رحمه الله-: "قوله: (باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب) يشير بذلك إلى الجواز، والخلاف في ذلك عن بعض التابعين وعن المالكية في المكان المرتفع لمن كان إمامًا. قوله: (قال أبو عبد الله) هو المصنف، والحسن هو البصري، والجمد بفتح الجيم وسكون الميم بعدها دال مهملة: الماء إذا جمد، وهو مناسب لأثر ابن عمر الآتي أنه صلى على الثلج، وحكى ابن قُرقول أن رواية الأصيلي وأبي ذر بفتح الميم".

من ابن قُرقول؟

طالب:...

صاحب إيش؟

طالب:...

ما هو كثير، ما مرّ ولا يمر كل يوم؟

طالب:...

نعم ماذا؟

طالب:...

ما اسم الكتاب؟

طالب:...

هو مختصر من المشارق هو مختصر من المشارق صار أشهر من المشارق، مطالع الأنوار لابن قرقول، والقزاز كتابه اسمه الجامع.

قال القزاز: الجمْد".

الجمَد.

"الجمَد محرك الميم هو الثلج، نقل ابن التين عن الصحاح: الجُمُد بضم الجيم والميم وبسكون الميم أيضًا مثل عسر وعسر المكان الصلب المرتفع.

قلت: وليس ذلك مرادًا هنا، بل صوب ابن قرقول وغيره الأول; لأنه المناسب للقناطر؛ لاشتراكهما في أن كلاًّ منهما قد يكون تحته ما ذكر من البول وغيره، والغرض أن إزالة النجاسة يختص بما لاقى المصلي، أما مع الحائل فلا.

قوله: (وصلى أبو هريرة على ظهر المسجد)، وللمستملي: "على سقف". وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة من طريق صالح مولى التوأمة قال: "صليت مع أبي هريرة فوق المسجد بصلاة الإمام"، وصالح فيه ضعف، لكن رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن أبي هريرة فاعتَضَد".

طالب: لكن عندي يا شيخ ضابطها فاعتُضد.

اعتضَد.

"قوله: (حدثنا علي بن عبد الله) هو ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، وأبو حازم هو ابن دينار. قوله: (ما بقي بالناس) وللكشميهني في الناس (أعلم مني) أي بذلك. قوله: (من أثل) بفتح الهمزة وسكون المثلثة شجر معروف، والغابة بالمعجمة والموحدة موضع معروف من عوالي المدينة.

قوله: (عمله فلان مولى فلانة) اختلف في اسم النجار المذكور كما سيأتي في الجمعة، وأقربها ما رواه أبو سعيد في "شرف المصطفى" من طريق ابن لهيعة عن عمارة بن غزية عن عباس بن سهل عن أبيه قال: كان بالمدينة".

أبو سعيد الخركوشي تعرفه يا عبد الله؟ مطبوع كتابه طبع أخيرًا، أخيرًا طبع، في سبع مجلدات. في كتاب اسمه شرف المصطفى.

"عن أبيه قال: كان بالمدينة نجار واحد يقال له ميمون فذكر قصة المنبر. وأما المرأة فلا يعرف اسمها، لكنها أنصارية. ونقل ابن التين عن مالك: أن النجار كان مولى لسعد بن عبادة، فيحتمل أن يكون في الأصل مولى امرأته، ونسب إليه مجازًا، واسم امرأته فُكيهة بنت عبيد بن دليم، وهي ابنة عمه، أسلمت وبايعت، فيحتمل أن تكون هي المرادة. لكن رواه إسحاق بن راهويه في مسنده عن ابن عيينة فقال: مولى لبني بياضة. وأما ما وقع في الذيل".

الدلائل.

طالب: عندكم في الدلائل، يقول: تحرفت في سين إلى دلائل، والذيل هذا فيه أبو موسى المديني على كتابه معرفة الصحابة لابن منده، وقد نقل عنه هذه الترجمة ابن الأثير في أُسد الغابة.

نعم.

"وأما ما وقع في الذيل لأبي موسى المديني نقلاً عن جعفر المستغفري أنه قال: في أسماء النساء من الصحابة عُلاثة بالعين المهملة وبالمثلثة، ثم ساق هذا الحديث من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال: وفيه أرسل إلى علاثة امرأة قد سماها سهل".

الظاهر أنها تصحفت من فلانة، نعم.

"فقد قال أبو موسى: صحف فيه جعفر أو شيخه، وإنما هو "فلانة"، انتهى. ووقع عند الكرماني قيل: اسمها عائشة، وأظنه صحف المُصَحَّف، ولو ذكر مستنده في ذلك لكان أولى. ثم وجدت في الأوسط للطبراني من حديث جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي إلى سارية في المسجد ويخطب عليها ويعتمد عليها".

إليها.

طالب: نعم.

إليها. ما يمكن أن يخطب عليها.

"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي إلى سارية في المسجد ويخطب إليها ويعتمد عليها، فأمرت عائشة فصنعت له منبره، فذكر الحديث وإسناده ضعيف. ولو صح لما دل على أن عائشة هي المرادة في حديث سهل هذا إلا بتعسف، والله أعلم".

وقد يسند الفعل فعل الشيء إلى من أمر به، إلى من أمر به نعم.

"والغرض من إيراد هذا الحديث في هذا الباب جواز الصلاة على المنبر، وفيه جواز اختلافُ".

جوازُ اختلافِ.

طالب: جوازُ اختلافُ.

اختلافِ. مضاف إليه.

"وفيه جواز اختلافِ موقف الإمام والمأموم في العلو والسفل، وقد صرح بذلك المصنف في حكايته عن شيخه علي بن المديني عن أحمد بن حنبل. ولابن دقيق العيد في ذلك بحث، فإنه قال: من أراد أن يستدل به على جواز الارتفاع من غير قصد التعليم لم يستقم; لأن اللفظ لا يتناوله، ولانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتبارُه فلا بد منه".

اعتبارَه.

"ولانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتبارَه فلا بد منه، وفيه دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة كما سيأتي في موضعه".

البحث الذي ذكره عن ابن المديني وابن دقيق العيد مناقشة للمسألة، هو في احتمال كذا وكذا، نعم.

"قوله: (قال: فقلت) أي قال علي لأحمد بن حنبل. قوله: (فلم تسمعه منه؟ قال: لا) صريح في أن أحمد بن حنبل لم يسمع هذا الحديث من ابن عيينة. وقد راجعت مسنده فوجدته قد أخرج فيه عن ابن عيينة بهذا الإسناد من هذا الحديث قول سهل: "كان المنبر من أثل الغابة" فقط، فتبين أن المنفي في قوله: "فلم تسمعه منه؟ قال: لا" جميع الحديث لا بعضه، والغرض منه هنا وهو صلاته -صلى الله عليه وسلم- على المنبر داخل في ذلك البعض، فلذلك سأل عنه عليًّا، وله عنده طريق أخرى من رواية عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه.

 وفي الحديث جواز الصلاة على الخشب، وكره ذلك الحسن وابن سيرين، أخرجه ابن أبي شيبة عنهما. وأخرج أيضًا عن ابن مسعود وابن عمر نحوه، وعن مسروق أنه كان يحمل لبنة ليسجد عليها إذا ركب السفينة، وعن ابن سيرين نحوه. والقول بالجواز هو المعتمد".

ليتقي السجود على الخشب يحمل لبنة من طين؛ ليسجد عليها، ليتقي السجود على الخشب.  

"وعن مسروق أنه كان يحمل لبنة ليسجد عليها إذا ركب السفينة، وعن ابن سيرين نحوه".

يعني وموافق لكراهة الحسن وابن سيرين، نعم.

"والقول بالجواز هو المعتمد. قوله: (حدثنا محمد بن عبد الرحيم) هو الحافظ المعروف بصاعقة".

خلنا نشوف، هو ما تكلمت عليه أنا، يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا محمد بن عبد الرحيم الإمام الحافظ المعروف بصاعقة، نعم، قال: حدثنا يزيد بن هارون قال أحمد: أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- سقط عن فرسه فجُحِشت ساقه يعني جُرِحَت، فجحشت ساقه أو كتفه هذا للشك، وفي بعض الروايات: فجُحِش شقه الأيمن، وآلى من نسائه شهرًا، يعني حلف ألا يدخل على نسائه بيوتهن لمدة شهر، وليس المراد به الإيلاء الذي يذكر في كتب الفقه وهو الحلف على الجماع فقط.

طالب:...

وآلى من نسائه شهرًا، فجلس في مشربة غرفة مرتفعة، في مشربة له درجتها من جذوع يعني من جذوع النخل -عليه الصلاة والسلام-، فأتاه أصحابه يعودونه، فأتاه أصحابه يعودونه، فصلى بهم جالسًا وهم قيام، فلما سلم قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإن صلى قائمًا فصلوا قيامًا» بقية الحديث في الرواية الأخرى: «وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعين» أو أجمعون، ونزل لتسع عشرين فقالوا: يا رسول الله إنك آليت شهرًا، فقال: «إن الشهر تسع وعشرون»، يعني غالب الشهور تسع وعشرون، والثلاثون تمام الشهر، المقصود أنهم زاروه فصلى بهم.

طالب:...

أين؟

طالب:...

جاءت في أحاديث كثيرة.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا، أكمل الشهر. أكمل الشهر.

طالب:...

لا بد ليفي بيمينه.

طالب:...

لكن ما تخلط ما تم، إذا غربت الشمس من التاسع والعشرين تم الشهر.

طالب:...

بعد غروب الشمس لكن الثلاثين ما بعد ما فات منه شيء.

طالب:...

نعم، لا بد أن يتمه.

طالب:...

يعني كونه حلف لا يدخل بيوته سبب آخر، في بعض الروايات أنهم أرهقوه بطلب النفقة، وفي روايات أخرى..

طالب:...

فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم جالسًا وهم قيام، صلى بهم جالسًا وهم قيام، عند المالكية لا تصح إمامة الجالس مطلقًا، صلوا قيامًا أو قعودًا، إمامة الجالس لا تصح، ماذا يقول المالكية؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم، لكن الجالس ما أتى بالأركان، ما يأتي، أنا أقول: المالكية لا يصححون إمامة الجالس مطلقًا، الشافعية والحنفية يقولون: يصلي جالسًا يصلي جالسًا لكن يلزم القيام المأمومون على أي حال، الحنابلة قالوا: إذا ابتدأ إمام الحي لعلة يرجى زوالها إذا صلى ابتدأها من أول الصلاة وهو إمام الحي لعلة يرجى زوالها وصلى جالسًا فإنهم يصلون جلوسًا؛ لحديث: «وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعين»، والحديث دليل للحنابلة، والمالكية الشافعية والحنفية قالوا: إن هذا منسوخ لصلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- في مرضه خلف أبي بكر وهو قائم والناس من ورائه قيام، ونزل لتسع وعشرين فقالوا: يا رسول الله إنك آليت شهرًا، قال: «إن الشهر تسع وعشرون».

 كمِّل، كمِّل، اقرأ.  

"قوله: (حدثنا محمد بن عبد الرحيم) هو الحافظ المعروف بصاعقة. قوله: (عن أنس) في رواية سعيد بن منصور عن هشيم عن حميد: "حدثنا أنس".

قد يعبرون عن المتميز وتميزكم بقوة قد يقولون: صاعقة، وقد يقولون: واقعة، وهذا معروف في أساليبهم، نعم.

"قوله: (فجحشت) بضم الجيم وكسر المهملة بعدها شين معجمة، والجحْش الخدش أو أشد منه قليلاً".

الجحَش.

طالب: لا، عندنا الجحْش.

ماذا؟

طالب: الجحْش.

جحَش. المصدر. نعم؛ لأن الجحش معروف.

طالب:...

عندك مضبوط؟ خله على ما هو عليه وراجعه.

طالب:...

ماذا؟

"قوله: (ساقه أو كتفه) شك من الراوي، وفي رواية بشر بن المفضل عن حميد عند الإسماعيلي "انفكت قدمه"، وفي رواية الزهري عن أنس في الصحيحين: "فجحش شقه الأيمن"، وهي أشمل مما قبلها. قوله: (وآلى من نسائه) أي حلف لا يدخل عليهن شهرًا، وليس المراد به الإيلاء المتعارف بين الفقهاء".

لأنه حلف عن الجماع، ولا يشمل الدخول.

"قوله: (مشربة) بفتح أوله وسكون المعجمة وبضم الراء ويجوز فتحها، هي الغرفة المرتفعة. قوله: (من جذوع) كذا للأكثر بالتنوين بغير إضافة، وللكشميهني من جذوع النخل، والغرض من هذا الحديث هنا صلاته -صلى الله عليه وسلم- في المشربة، وهي معمولة من الخشب، قاله ابن بطال. وتعقب بأنه لا يلزم من كون درجها من خشب أن تكون كلها خشبًا، فيحتمل أن يكون الغرض منه بيان جواز الصلاة على السطح إذ هي سقف في الجملة. وسيأتي الكلام على بقية فوائده في أبواب الإمامة، إن شاء الله تعالى".

إن شاء الله.