كتاب الصلاة (15)

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ قِبْلَةِ أَهْلِ المَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَالمَشْرِقِ لَيْسَ فِي المَشْرِقِ وَلاَ فِي المَغْرِبِ قِبْلَةٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيد، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ –رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا»، قَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ القِبْلَةِ فَنَنْحَرِفُ، وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى، وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ قِبْلَةِ أَهْلِ المَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَالمَشْرِقِ لَيْسَ فِي المَشْرِقِ وَلاَ فِي المَغْرِبِ قِبْلَةٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا»".

قوله –رحمه الله-: "بَابُ قِبْلَةِ أَهْلِ المَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَالمَشْرِقِ" قبلة هذه الجهات أهل المدينة وأهل الشام وأهل المشرق على أن المشرق ضُبِطت بالرفع "بَابُ قِبْلَةِ أَهْلِ المَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَالمَشْرِقُ" قال القاضي عياض: أنه ضبطها في كثيرٍ من النسخ هكذا.

وعلى كل حال الأكثر والجمهور عامة الرواة على أنها معطوفة على ما قبلها، فهي مجرورةٌ مثلها.

قبلة أهل المدينة، النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ»، وقبلة أهل المدينة بالنسبة للمسجد قطعية؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- أثبتها بنفسه، وكذلك المساجد القريبة منه مما اطلع عليه النبي –عليه الصلاة والسلام-، فقبلة أهل المدينة مجزوم بكونها على نص الكعبة.

وأهل الشام على سمت المدينة، فقبلتهُم مثل قبلتهِم وأهل المشرق -الإشكال هنا- أهل المشرق في الحديث الصحيح عن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» قال ابن المبارك: لأهل المشرق، وليس المراد بالمشرق في هذا الحديث الذين هم شرق الأرض نصًّا، بل إن معهم من يميلون إلى جهة الشرق قليلًا عن الشام كأهل خرسان؛ ولذا قال ابن المبارك: قبلة لأهل المشرق، وإلا فالأصل أن القبلة بين المشرق والمغرب لأهل المدينة ومن على سمتها؛ لأنهم واقعون في هذه الجهة بين المشرق والمغرب، إذا وضعت المشرق عن يمينك والمغرب عن يسارك أو العكس إذا وضعت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك أصبت الجهة جهة القبلة بالنسبة لأهل المدينة وأهل الشام ومن على سمتها.

وأما أهل المشرق فإن أغرقت في الإشراق أو التشريق فلا بُد أن تكون القبلة بين الشمال والجنوب ليست بين المشرق والمغرب، لكن ابن المبارك يقول: لأهل المشرق وهذا مراده حتمًا؛ لأنه لا يُريد بأهل المشرق أهل مشرق الأرض نصًّا؛ لأنهم في جهةٍ غير الجهة التي عليها أهل المدينة والشام.

يقول البخاري: "لَيْسَ فِي المَشْرِقِ وَلاَ فِي المَغْرِبِ قِبْلَةٌ" وهذا أيضًا منزَّلٌ على أهل المدينة؛ لأنهم إذا استقبلوا جهة القبلة استقبلوا المشرق أو المغرب لم يستقبلوا القبلة بدليل الحديث الذي استدل به الإمام البخاري، فقال: "لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا»" قبلة المدينة بين الشرق والغرب، فلن تكون لا في الشرق ولا في الغرب، إنما تكون إلى جهة الجنوب، ويُقابلهم أهل اليمن ومن في جنوب الجزيرة على أقاصي الدنيا حُكمهم حُكم أهل المدينة في كون قبلتهم بين المشرق والمغرب.

«وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» يعني هذا خطاب خاص لأهل المدينة ومن على سمتها، لكن لو قيل لأهل نجد: شرِّقوا أو غرِّبوا أصابوا القبلة في الحالين: في الاستقبال أو في الاستدبار.

ولو قيل لأهل مصر كذلك، وإنما هو خطابٌ لأهل المدينة ومن على سمتها.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" وهو ابن المديني.

"قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" وهو ابن عُيينة.

"قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ" الإمام المشهور.

"عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ" زيد بن خالد.

"عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا»" هذا نهي للمسلم أن يمتهن جهة الكعبة باستقبال أو استدبار في حال قضاء الحاجة.

والمسألة بين أهل العلم مختلفٌ فيها؛ منهم من يرى أن هذا خاص بالصحاري دون البنيان، ومنهم من يقول: الاستدبار أخف من الاستقبال، ومنهم من يقول: منسوخ؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- استقبل الشام، واستدبر القبلة قبل أن يُقبَض بعام، فقالوا: هذا الحكم منسوخ.

ومنهم من يقول: إن الحكم مصروف من التحريم إلى الكراهة بدليل فعله –عليه الصلاة والسلام- في حديث ابن عمر أنه في بيت أخته، فرقي، فرأى النبي –عليه الصلاة والسلام- يبول مستقبل الشام مستدبر الكعبة، وهذا محمولٌ -كما قاله بعض أهل العلم، وله وجه-: على البنيان دون الصحاري.

وقال بعضهم: إن الترخيص يكون في الاستدبار لا في الاستقبال، ويستدل بهذا الحديث.

«وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» إذا كانت الجهة عندنا الغرب هنا والشرق هنا إذا كانت الجهة كأهل المدينة إلى جهة الجنوب فشرِّق أو غرِّب، ما يضر؛ لأن القبلة هنا، لكن لو كانت مثلنا التغريب إلى جهة القبلة، والتشريق إلى استدبار القبلة، فهذا لا يتجه إليهم هذا الحديث، وإنما يتجه إلى أهل المدينة ومن كان في سمتها.

"وَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: فَقَدِمْنَا الشَّأْمَ" يعني: بعد فتحها "فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ" أماكن مُعدة لقضاء الحاجة "قد بُنِيَتْ قِبَلَ القِبْلَةِ" لأنهم قبل إسلامهم ما يُطالبون بمثل هذا، وإن كانوا مخاطبين بفروع الشريعة.

"فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ القِبْلَةِ" هذه المراحيض التي بناها غير مسلمين، لكن مع الأسف أن كثيرًا من المسلمين في بيوتهم يبنون مراحيضهم قِبل القبلة استقبالًا واستدبارًا من غير استشعارٍ لمثل هذه الأمور، ولا يخطر على بال كثيرٍ منهم هذا الأمر، ولو عُنينا بالسُّنَّة، وتطبيق السُّنَّة، لوجدت الاهتمام بما هو أقل من ذلك، قد يقول قائل: هذا بنيان أمره ما يضر، لكن أنت أيش يضرك وأنت في بداية البناء أن تتجه مع الأوامر ولو لم تكن نصًّا في الموضوع أو تكون مؤوَّلة أو مصروفة أو ما أشبه ذلك؟

 أنت تمشي مع حرفية النص إلا إذا شق عليك ذلك المشقة على الصحابة وبما فيهم أبو أيوب قال: "فَنَنْحَرِفُ –قليلًا- وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى" ينصرفون عن جهة القبلة، ومع ذلكم يستغفرون الله– جلَّ وعلا-؛ لئلا يقعوا في المحظور، والله المستعان.     

"وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أَيُّوبَ" الرواية الأولى عن أبي أيوب، وفي الثانية تصريحٌ بالسماع عن أبي أيوب "عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَه" يعني مثل هذا السياق.

نعم.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق" نقل عياضٌ أن رواية الأكثر ضم قاف المشرق، فيكون معطوفًا على باب، ويحتاج إلى تقدير محذوف، والذي في روايتنا بالخفض، ووجَّه السهيلي رواية الضم بأن الحامل على ذلك كون حُكم المشرق في القبلة مخالفًا لحكم المدينة، بخلاف الشام فإنه موافق".

لكن هل الترجمة حتى على رواية الجر تقتضي التسوية بين قبلة المشرق وأهل الشام وأهل المدينة؟

غير ملزمة، يعني لما أقول: قبلة الشام ومصر والعراق هل يلزم أن تكون قبلتهم واحدة؟ ما يلزم هذا.

"وأجاب ابن رشيد: بأن المراد بيان حكم القبلة من حيث هو، سواءٌ توافقت البلاد أم اختلفت".

هذا الكلام.

"قوله: "ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة" هذه جملةٌ مستأنفة من تفقُّه المصنف، وقد نوزع في ذلك؛ لأنه يحمل الأمر في قوله: «شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» على عمومه، وإنما هو مخصوصٌ بالمخاطبين، وهم أهل المدينة، ويلحق بهم من كان على مثل سمتهم ممن إذا استقبل المشرق أو المغرب لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها، أما من كان في المشرق فقبلته في جهة المغرب، وكذلك عكسه، وهذا معقولٌ لا يخفى مثله على البخاري، فيتعين تأويل كلامه بأن يكون مراده ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة أي: لأهل المدينة والشام، ولعل هذا هو السر في تخصيصه المدينة والشام بالذكر.

 وقال ابن بطال: لم يذكر البخاري مغرب الأرض؛ اكتفاءً بذكر المشرق؛ إذ العلة مشتركة؛ ولأن المشرق أكثر الأرض المعمورة؛ ولأن بلاد الإسلام من جهة مغرب الشمس قليلةٌ. انتهى".

بعض الفقهاء يذكرون كراهية استقبال النيرين: الشمس والقمر أثناء قضاء الحاجة، وهذا يرده الحديث «شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا»؛ لأنهم إذا شرَّقوا استقبلوا الشمس، وإذا غرَّبوا استقبلوها في وقت غروبها، استقبلوها وقت طلوعها، وإذا غرَّبوا استقبلوها وقت غروبها، ولا دليل عليه.

والعلة العليلة التي يذكرونها؛ لِما فيهما من نور الله.

طالب: ..........

العلة يقولون: لِما فيهما من نور الله، المقصود هنا الشمس والقمر.

طالب: النيِّران.

يُكره استقبال النيرين.

"قوله: "وعن الزهري" يعني بالإسناد المذكور، والمراد أن سفيان حدَّث به عليًّا مرتين: مرةً صرَّح بتحديث الزهري له وفيه عنعنة عطاء، ومرةً أتى بالعنعنة عن الزهري وبتصريح عطاءٍ بالسماع، وادعى بعضهم أن الرواية الثانية معلقة، وليس كذلك على ما قررته.

وقال الكرماني: قال في الأول: عن أبي أيوب أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي الثاني سمعت أبا أيوب عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان الثاني أقوى؛ لأن السماع أقوى من العنعنة، والعنعنة أقوى من (أن) لكن فيه ضعفٌ من جهة التعليق، حيث قال: "وعن الزهري" انتهى".

لكن ابن حجر لا يراه معلقًا قال: بالسند المذكور، مع أنه على ما قعَّده أنه حيث يُريد التعليق يأتي بالواو، وهنا فيه الواو.

طالب: ..........

أتى بالواو.

"وفي دعواه ضعف أن بالنسبة إلى عن نظر، فكأنه قلَّد في ذلك نقل ابن الصلاح عن أحمد ويعقوب بن شيبة، وقد بيَّن شيخنا في شرحه منظومته".

طالب: العراقي.

"وهْم ابن الصلاح في ذلك، وأن حكمهما واحدٌ، إلا أنه يستثنى من التعبير بأن ما إذا أضاف إليها قصةٌ ما أدركها الراوي".

أضاف قصةً.

"إلا أنه يُستثنى من التعبير بأن ما إذا أضاف إليها قصةً ما أدركها الراوي".

الفرق بين (أن) و(عن) المرجَّح أنه لا فرق بينهما، بين المؤنن والمُعنعن.

ابن الصلاح أوجد فرقًا ونسبه للإمام أحمد ويعقوب بن شيبة.

........................................
 

 

وَحُكْمُ أَنَّ حُكمُ عَنْ فَالجُلُّ سَوَّوْا
 

وَللقَطْعِ نَحَا البَرْدِيْجِيْ
 

 

حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ في التَّخْرِيجِ
 

المقصود أن (أن) فلانًا قال، أو روى، أو فعل، حكمها حُكم (عن) يُحكم لها بالاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم الذي هو: اللقي أو المعاصرة -على الخلاف- والبراءة من التدليس.

ابن الصلاح اعتمد على أي شيء في زعمه أن الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة يُفرِّقان بين (أن) و(عن)؟

طالب: ..........

محمد بن الحنفية قال: عن عمار مر به النبي –صلى الله عليه وسلم-، عن عمار أنه مر به النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى آخره، قال: هذا متصل؛ لأنه روي بــ(عن) وفي الرواية الأخرى عن محمد بن الحنفية أن عمارًا مر بها النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: منقطع، ونظر إلى أن التفريق بينهما في الحكم نظرًا لاختلاف الصيغة؛ لأن الأولى: (عن) يُحكم لها بالاتصال، والثانية: (أن) ويُحكم لها بالانقطاع.

يقول الحافظ العراقي:

..................................
 

 

كَذا لَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْ صَوْبَهْ
 

"كذا له" يعني: لابن الصلاح، "وَلَمْ يُصَوِّبْ صَوْبَهْ" يعني: ما أصاب مقصد ابن الصلاح في التفريق بينهما، مقصد ابن الصلاح لما ابن الحنفية روى القصة عن صاحبها عن عمار صارت متصلة يرويها عن صاحبها، صاحبها هو الذي حدثه بها.

والصيغة الثانية: ابن الحنفية يروي قصةً لم يشهدها، ولا يرويها عن صاحبها، هل ابن الحنفية شهد القصة التي حصلت بين عمار والنبي -عليه الصلاة والسلام-؟

طالب: ما شهدها.

 ما شهدها، فهي منقطعة؛ لأنه يحكي قصةً لم يشهدها.

أما القصة التي يرويها عن صاحبها فلا إشكال في كونها متصلة، فليس سبب الاختلاف في الحكم في الوصل والقطع سببه الصيغة، وإنما سببه في الأولى يروي قصةً عن صاحبها، وفي الثانية يروي قصةً لم يشهدها.

 أنت لما تحكي عن شخص قصة تنقلها عنه، قصة حصلت له تنقلها عنه، تقول: عن فلان أنه قال كذا، تصير متصلة أم منقطعة؟

طالب: متصلة.

 متصلة، لكن لو قلت: أن فلانًا فعل كذا في حَجته التي لم تُدركها ولم تحضرها تصير متصلة أم منقطعة؟

طالب: منقطعة.

منقطعة بلا شك.    

"وأما جزمه بكون السند الثاني معلقًا فهو بحسب الظاهر".

بحسب الظاهر لماذا؟ لأن فيه الواو.

"وإلا فحمله على ما قبله ممكن".

بناءً على أنه بالسند السابق.

طالب: ..........

على ما قبله، لو ما قلته ماشٍ، الذي قاله فيما تقدم.

طالب: ..........

يعني بالإسناد المذكور هذا الذي قاله، والذي قبله هو الإسناد المذكور.

طالب: ..........

ما الطبعة التي معك؟

طالب: .........

نعم.

"وقد رويناه في مسند إسحاق بن راهويه، قال: حدثنا سفيان فذكر مثل سياقها سواءً، فعلى هذا فلا ضعف فيه أصلًا والله أعلم".

هل بقي شيء؟

طالب: ..........

يقول: "وقد تقدمت فوائد المتن في أوائل الطهارة".

"وقد تقدمت فوائد المتن في أوائل كتاب الطهارة".

طالب: .........

نعم.

طالب: ..........

الأئمة، وهذا مُجرَّب عند البخاري أنه يُنبه على أوضح الواضحات؛ لأنه قد يأتي فيما بعد من يخفى عليه هذا الأمر، وقوله: "باب قول الرجل: ما صلينا"، والرسول قال ذلك، وعمر قال ذلك، واستدل بهذا على جواز قول الرجل: ما صلينا.

طالب: ..........

من يُريده؟ هو لا يجوز لأحدٍ أن يقول: يُكره قول الرجل: ما صلينا؛ لأنه وجِد من يقولها.

وقوله في المناسك -من حضر منكم- حينما قال: وكدى وكداء موضعان، أتى بجديد؟ ماذا يظن أنهم؟ يدخل مع كذا، ويخرج مع كذا، وماذا يُظن أن هذا الذي يُدخل معه ويُخرَج؟ وقال ابن حجر في موضعه: هذا تحصيل حاصل، وليس من ورائه طائل، لكن يأتيك من هذا، صحيح كلنا نتفق على أن وجودها ما له داعٍ كدى وكداء موضعان، ما الذي يُقال؟

طالب: ما أدري.

لكن لا تعدم أن تجد من هذه الفهوم من يؤولها أو يقرنها بشيءٍ آخر.

طالب: ..........

ما يضر.

طالب: ..........

نعم.

طالب: .........

لا، هذه ضد، هذاك شرط، وهذا غير، يعني يحصل الانفصال من النهي بأقل مما يحصل به الإخلال بالشرط.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125].

حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ العُمْرَةَ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: لاَ يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَيْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الكَعْبَةَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ خَرَجَ وَأَجِدُ بِلاَلًا قَائِمًا بَيْنَ البَابَيْنِ، فَسَأَلْتُ بِلاَلًا، فَقُلْتُ: أَصَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الكَعْبَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَكْعَتَيْنِ، بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى فِي وَجْهِ الكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ.

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البَيْتَ، دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الكَعْبَةِ، وَقَالَ: «هَذِهِ القِبْلَةُ»".

يقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125]" اتخذوا صيغة الأمر هذه رواية الأكثر، وراويةٌ أخرى اتخذوا على أنها خبر، وهما قراءتان.

يعني الأمر في قوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] والمقام الحجر الذي فيه أثر وطئه –عليه السلام- قريب من باب الكعبة، وكان ملاصقًا لجدار الكعبة كما هو واقعه في الأصل أنه يصعد عليه إسماعيل؛ ليُناول إبراهيم الحجارة، فاحتمله السيل فأبعده جدًّا، ثم رده عمر إلى مكانه الموجود الآن، أو إلى مكانه الأصلي ثم حُرِّك فيما بعد، مما أثار جدلًا في جواز نقله عن مكانه، وأُلِّفت فيه الرسائل، مقام إبراهيم هل يجوز تقديمه أو تأخيره؟ وألَّف من ألَّف بجواز ذلك، وردَّ عليه عبد الرحمن بن يحيى المعلمي ألَّف في أصل الموضوع، ثم رد عليه الشيخ سليمان بن حمدان هذا كتب مقام إبراهيم، وذكر الاستفهام هل يجوز تقديمه أو تأخيره؟ ورد عليه الشيخ سليمان بن حمدان برسالةٍ أسماها (نقض المباني من فتوى اليماني) ثم إن الشيخ محمد بن إبراهيم –رحم الله الجميع- ردَّ على سليمان بن حمدان.

بقيت المسألة هكذا مع أنه لو وُجِد حاجة إلى إدخال هذا المقام في الأروقة فالخلاف مذكور في هذه الرسائل، لكن الصواب أنه يبقى في مكانه إلا أن تُوجد هناك ضرورة تمنع من مواصلة الطواف الذي هو ركنٌ من أركان النُّسك، فهذه تُقدَّر بقدرها، ويجتهد فيها العلماء.

من الطرائف أني وجدت كتابًا رسالة مماثلة للرسائل التي ذكرت في طباعةٍ من أفخر الطِّبعات اسمه (مقام إبراهيم) عنوانه (مقام إبراهيم) لواحد معاصر توفي -الله يعفو عنَّا وعنه- مقام إبراهيم ففرحت بهذه الرسالة قلت: لعلها يصير فيها شيء جديد.

طالب: للتحقيق.

للتحرير أو تحقيق أو نُقول ما اطلعوا عليها أو شيء، وبين جُملها جُمل هذه الرسالة: سلامٌ على إبراهيم، بين كل جملتين ثلاث سلامٌ على إبراهيم فواصل.

وإذا بهذه الرسالة نعي لعضو من أعضاء مجمع اللغة في دمشق اسمه إبراهيم هنانو.

طالب: ..........

نعي.

طالب: ..........

هنانو.

نعي ومقام إبراهيم وورق فاخر وطباعة وفواصل كأنها فواصل الآيات، وبين كل فاصلتين أو ثلاث سلامٌ على إبراهيم! يعني في موضوعنا إحباط، لكن عندهم لها شأن.

المقصود أنه ما كل ما يُعجبك ينفعك، والاستعجال في الشراء إلا شخصًا يقول: ما يهم ألوف مؤلفة من الكتب والرسائل، هذا ما له حيلة.

طالب: صحيح.

 أما الذي يحتاط لنفسه وحريصٌ على ماله وما ينتفع به، أنا حضرت في مكتبة لما كنا طلابًا أظن في المتوسط أو في الثانوي جاء طالب بعد إغلاق المدراس بيوم، جاء إلى مكتبةٍ أجلس فيها في الصف الرابع الابتدائي، فقال لصاحب المكتبة: أريد كتابًا ينفعني في الإنشاء الذي هو التعبير، أريد كتابًا أقرأه في الإجازة ينفعني، قال: خُذ كتابًا -ولا نُسميه- أخذ كتابًا وأعطاه إياه، قال: بكم؟ قال: بريال ونصف أو ريالين في ذلك الوقت، ذهب الطالب وقرأ فيه في بيته، ثم رجع من الغد، قال: يا عم خُذ الكتاب، والله إنه ضيع ما عندي من تعبير، وهو صحيح كلامه صحيح، هذا يعتني بنفسه ويبني نفسه.

لكن هذا الكتاب ألَّفه مؤلفه –رحمة الله عليه- وأنا سمعته يُحرَّج عليه في الحراج بكمية يمكن ثلاثة أرباع أو تسعين بالمائة من المطبوع، يقول المنادي: فلان بريال، ويُحرِّج على صاحب الكتاب فلان بريال، والله المستعان.

طالب: واشتريت كتابًا.

هذا؟

طالب: ..........

سأهديه لك، وليس بوعد، يعني إن وجدته أعطيتك إيِّاه.

طالب: شيخ مسألة مقام إبراهيم مع الحاجة الآن وكثرة الحجاج.

والله، الرسائل ما فيها شيء ملزم.

طالب: ما فيه شيء يمنع؟

ما فيه ما يمنع إلا أن هذا الأصل أن تكون... وليس في مكانه الطبيعي، الآن ما هو في مكانه الطبيعي.

طالب: أنا أسأل بالنسبة للقول هل أحد قال: يُعاد إلى مكانه الأصلي؟

فيه مطالبة.

طالب: ولأن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان من رغبته ومن أمنيته أن يعود البيت على مقام إبراهيم.

على كل حال مقام إبراهيم هذا على القول بأنه الحجر الذي فيه الأثر، من أهل من قال: مقام إبراهيم مقامات إبراهيم، كل الحرم أو كل ما فيه مناسك أو مشاعر كله مقام إبراهيم من باب أيش؟

طالب: التعظيم.

ليس التعظيم، مفرد مضاف يعم جميع المقامات، وعلى كل حال المرجَّح من حديث جابر في حجة النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه اتجه إلى مقام إبراهيم وتلا الآية {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] هو المكان هذا.

طالب: لو أعيد مكانه وأُلصِق بالبيت وانتهت القضية؛ لأن هذا ما يقع فيه إشكال، الإشكال أنه يُبعد إلى الرواق -مثل ما تفضَّلت يا شيخ- فيه مخالفة للسُنَّة العُمرية؟

والصلاة عنده؛ لأنه من لازم اتخاذه مصلى أن يكون بين يديك وبين القبلة.

طالب: أو الأتبع للسُنَّة.

نعم.

طالب: ..........

أين.

طالب: ..........

تصور واحدًا يُعين البنَّاء ويُناوله الحجارة، أين يصير؟

طالب: ..........

اللهم إلا إذا قلنا: إن الأجسام في ذلك الوقت فيها طول، وإذا مد له الحجارة من بعيد يُمكن.

طالب: ..........

أعاده، هو قيل هذا، كل هذا قيل، لكن تبقى أن المسألة للاجتهاد فيها مدخل، لكن لا تحول دون تحقيق السُّنَّة التي هي جعل المقام بين المصلي وبين الكعبة.

طالب: ..........

يعني مكانًا؟

طالب: ..........

يأتي المراد بكلمة مقام.

طالب: ..........

لحظة لحظة، هل هو مكان قيامه؟ فمكان القيام واحد سواءٌ وجِد الحجر أو لم يُوجد، المقام يُطلق ويُراد به الحجر، ويُطلق ويُراد به مكان القيام.

طالب: ..........

كلها احتمالات.

طالب: ..........

نعم، في الحديث نفسه، لكن المقام، صيغة مفعل تدل على المكان أيضًا.

طالب: ..........

أين؟

طالب: ..........

لا، إذا قلنا: المقام الحجر تتبع ...

طالب: يقولون: مكانه قبل أن يحمله السيل.

هو رُجِّع في عهد عمر إلى هذا المكان.

طالب: كان ملاصقًا للكعبة.

كان ملاصقًا أو عدمه هو كان ملاصقًا، والكلام طويل في هذا، والناس توارثوا هذا المكان، يعني العمل به على طريقة تواتر العمل والتوارث، والذي يدخل بالمعمعة يقرأ ثلاثة الكتب أم يقرأ الرابع؟

طالب: .........

لا لا، إزالته مشعر من المشاعر، وارتبطت به عبادة، لكن المتعين منع المخالفة، ووجدت امرأةً تتسمح به، فقلت: هذا حديد جيء به من المصنع ما ينفعك، قالت: عندكم ما ينفع، عندنا ينفع، ماذا تقول لها؟ هذه تحتاج سُلطة تمنعها.

طالب: ..........

الناس ينامون عليه.

طالب: يُصلون عليه، يركعون عليه.

لا لا، احفظ له هذا، لكن مع المراقبة.

طالب: ..........

يسجدون على الخط.

طالب: ..........

المعاصرين، نُقول عن المتقدمين.

طالب: ..........

والله المسألة أقول: اجتهادية، وتخضع للمصالح والمفاسد، ومادام تعلقت به شعيرة وهي ركعتا الطواف فبقاؤه أفضل بلا شك مع تلافي جميع السلبيات.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ" ما اسمه؟

طالب: عبد الله بن الزبير.

عبد الله بن الزبير.

"قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" وهو ابن عُيينة.

"قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ للعُمْرَةَ، وَلَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟" معلوم أن الطواف ركن من أركان النُّسك، سواءً كان حجًّا أو عمرة، وكذلك السعي إضافةً إلى الإحرام والوقوف، هذا طاف بالبيت، ولم يطف بين الصفا والمروة، وعلى هذا ترك ركنًا من أركان العمرة أو الحج "أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ؟" والجماع أعظم المحظورات.

"فَقَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" ابن عمر هذا.

"قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" هذا استدلال بالفعل، ومسألة الطواف هل هو ركن من أركان النُّسك أو واجب من واجباته أو من سُننه؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، والمرجَّح أنه ركن.

قال: "وَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: لاَ يَقْرَبَنَّهَا حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ" ويُذكر عن ابن عباس أنه كان يُفتي بأنه إذا طاف بالبيت حلَّ له ذلك، وأنه حل من إحرامه.

وعلى كل حال المرجَّح عند أكثر أهل العلم أنه لا بُد من الطواف بين الصفا والمروة، والكلام على الحنفية سيأتي كثير، ويستدلون {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة:158] رفع الجناح والإثم لا يقتضي أن يكون ركنًا، لو استُدرج معهم لقيل: لا يلزم أن يكون واجبًا، ولكن فهم عائشة –رضي الله عنها- للآية "لو كان المراد كما تقول يا عروة" تُخاطب عروة "لو كان كما تقول لقال: فلا جناح عليه ألا يطَّوف بهما"، وإنما كانوا يتحرَّجون من السعي بين الصفا والمروة؛ لِما كانوا يفعلونه في الجاهلية بين الصنمين وهكذا.

نعم، أو نكمل الحديث؟

طالب: ............

اقرأ؛ لأنه طويل.

قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125]"، وقع في روايتنا: واتخِذوا بكسر الخاء على الأمر، وهي إحدى القراءتين، والأخرى بالفتح على الخبر، والأمر دالٌّ على الوجوب، لكن انعقد الإجماع على جواز الصلاة إلى جميع جهات الكعبة، فدل على عدم التخصيص، وهذا بناءً على أن المراد بمقام إبراهيم الحجر الذي فيه أثر قدميه، وهو موجودٌ إلى الآن.

وقال مجاهدٌ: المراد بمقام إبراهيم الحرم كله، والأول أصح، وقد ثبت دليله عند مسلم من حديث جابر، وسيأتي عند المصنف أيضًا".

طالب: ............

هو الحجر للصعود عليه لما ارتفع جدار الكعبة جيء بالحجر؛ ليتم تناول الحجارة من إسماعيل إلى إبراهيم.

طالب: ............

هكذا نعم، هو لما ارتفع الجدار احتيج إلى الحجر؛ ليقف عليه إبراهيم ويُناوله إسماعيل.

طالب: ............

صحيح، أنت تقول: وقفة رجل تخفس الحجر، أنت تتصور هذا؟

طالب: ............

أنا أعرف أن المُشكِل عليك أن وقفة رجل ليست بخاسفةً حصاة، صح؟

طالب: ............

أليس هذا السبب الذي أنا قلته؟

طالب: ............

كل إنسان يرى هذه الحجارة مخفوسة من وطئة آدمي يشك، أليس بطبيعي أن يشك؟

طالب: ............

لكن هذا الحاصل توارثته الأمم أجيال بعد أجيال، وأمم بعد أمم.

طالب: ............

لا.

طالب: ............

هو مسح، الناس ما تخليه حُفر.

طالب: ............

لا، هو موجود.

طالب: ............

مع المعجزات موجودة.

طالب: ............

على كل حال هذا أمرٌ فوق مقدورنا.

طالب: ............

ندبات بالحجر، ندبات، لكن فرق بين أن يأتي بحجارة ويضرب بعضًا تتأثر أو عصا غليظة أو شيء من حديد، بينما وطأة القدم تختلف.

"قوله: "مصلى" أي: قبلة قاله الحسن البصري وغيره، وبه يتم الاستدلال.

وقال مجاهد: أي: مدعىً يُدعى عنده، ولا يصح حمله على مكان الصلاة؛ لأنه لا يصلى فيه بل عنده، ويترجَّح قول الحسن: بأنه جارٍ على المعنى الشرعي.

واستدل المصنف على عدم التخصيص أيضًا بصلاته -صلى الله عليه وسلم- داخل الكعبة، فلو تعيَّن استقبال المقام لما صحت هناك؛ لأنه كان حينئذ غير مستقبله، وهذا هو السر في إيراد حديث ابن عمر عن بلالٍ في هذا الباب".

الذي يستدل به على أن استقبال المقام وجعله بين يدي المصلي غير لازم، وإنما هو مستحب.

"وقد روى الأزرقي في (أخبار مكة) بأسانيد صحيحة أن المقام كان في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكرٍ وعمر في الموضع الذي هو فيه الآن، حتى جاء سيلٌ في خلافة عمر فاحتمله، حتى وجِد بأسفل مكة، فأُتي به فرُبط إلى أستار الكعبة؛ حتى قدم عمر فاستثبت في أمره حتى تحقق موضعه الأول، فأعاده إليه وبنى حوله فاستقر ثَمَّ إلى الآن".

طالب: ............

طالب: عند المؤرخين يا شيخ أنه كان بجوار الكعبة، فكان يضيق على الطائفين.

الذي في التواريخ غير هذا.

طالب: ............

ماذا قال؟ "حتى جاء سيلٌ في خلافة عمر فاحتمله، حتى وجِد بأسفل مكة، فأُتي به فرُبط إلى أستار الكعبة" يعني وضِع ملاصقًا.

طالب: ............

"حتى قدم عمر فاستثبت في أمره حتى تحقق موضعه الأول، فأعاده إليه، وبنى حوله فاستقر ثَمَّ إلى الآن".

طالب: هذا كأنه يُشير إلى الواقعة الحقيقية أنه كان بجوار الكعبة، ثم أبعده.

"حتى تحقق موضعه الأول" يعني بعد إبعاده عن جدار الكعبة.

طالب: ............

كلّ صار إلى الآن، كل المرتين في موضعها الآن.

طالب: ............

يعني أيهما المكان الأصلي؟

طالب: ............

انظر نحتاج إلى تاريخ مكة (أخبار مكة) للأزرقي موجود ومتداول ونُحضره.

طالب: ............

فيه كلام.

طالب: ............

معروف فيه كلام، لكن التواريخ لا بُد منها ماذا تفعل به؟ التواريخ تجدهم ينقلون من تاريخ من أخبار المدينة لابن شبَّة، وينقلون من التواريخ التي ألفها ضعاف، بل ضعفهم شديد.

طالب: ............

لأنه أعاده إلى موضعه الأول.

طالب: ............

الأول قبل احتمال السيل؟

طالب: ............

يعني بعد تأخيره عن جدار الكعبة أو قبل؟

طالب: قبل.

يعني ما فرغ منه؛ لأن هذا هو موضعه الأصلي.

طالب: ............

هو كونه قولًا، هو الأصل أن الحجر هذا الذي يُوضَع عليه، الذي يرتفع عليه الباني لا بُد أن يكون ملاصقًا، اللهم إلا إذا كان في أجسامهم طول فيصِلون إلى الموضع الذي يريدونه؛ لأنه حتى الرجل العادي ما يضع الحجر ملاصقًا لبطنه يبعده قليلًا، الجدار ما يكون ملاصقًا لبطنه وصدره، يُبعده قليلًا، فإذا كان في يديه طول زائد عن طول الأمم المتأخرة، فلا يبعد أن يكون هذا موضعه الأصلي.

طالب: ............

لكن هذا مجرد احتمال.

طالب: ............

لكن نحن نقول: الأصل أن الحجر في هذا المكان، والمستعمِل لهذا الحجر لهذه الغاية يُريد أن يُحقق الهدف بارتياح، فيكون محله، يعني كونه أُخِّر أو أُبعِد من طريق إبراهيم أو من جاء بعده هذه مسائل أخرى، لكن هل يمنع أن يكون ملاصقًا للبيت وقت البناء؟

طالب: ............

لكن ذُكِر في التواريخ؟ تواطأت عليه التواريخ؟

طالب: ............

عقلي ما ينفع، الاحتمالات العقلية ما تنفع.

طالب: ............

نرى في التواريخ أكثر من واحد.

"قوله: "طاف بالبيت للعمرة" كذا للأكثر، وللمستملي والحموي".

طالب: يا شيخ ضبط الحموي هي نفس...؟

هو مرد الضبطين إلى أيش؟ ما خُتم بويه كيف يُنطق؟ تقول: سِيبَوَيْه - سيبُويَه، راهَوَيه أو راهُويَه؟ هؤلاء لهم نطق، وهؤلاء لهم نطق، وإذا نسبت اختلف النطق من هذا إلى هذا، هذا مرد الكلام كله.

"قوله: "طاف بالبيت للعمرة" كذا للأكثر، وللمستملي والحموي طاف بالبيت لعمرة بحذف اللام من قوله: "للعمرة" ولا بُد من تقديرها؛ ليصح الكلام.

قوله: "أيأتي امرأته؟" أي: هل يحل من إحرامه حتى يجوز له الجماع وغيره من محرمات الإحرام؟

 وخصَّ إتيان المرأة بالذكر؛ لأنه أعظم المحرمات في الإحرام، وأجابهم ابن عمر بالإشارة إلى وجوب اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- لاسيما في أمر المناسك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»، وأجابهم جابر بصريح النهي، وعليه أكثر الفقهاء. وخالف فيه ابن عباسٍ فأجاز للمعتمر التحلل بعد الطواف وقبل السعي، وسيأتي بسط ذلك في موضعه من كتاب الحج -إن شاء الله تعالى- والمناسب للترجمة من هذا الحديث قوله: "وصلى خلف المقام ركعتين، وقد يُشعِر بحمل الأمر في أمره: {وَاتَّخِذُوا} [البقرة:125] على تخصيص ذلك بركعتي الطواف، وقد ذهب جماعةٌ إلى وجوب ذلك خلف المقام كما سيأتي في مكانه في الحج إن شاء الله تعالى".

طالب: .........

نعم؟

طالب: .........

ماذا؟

طالب: .........

طالب: ............

{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125].

قف على هذا؛ لأنه طويل، حديثان.