كتاب البيوع (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا، واجزه عنا خيرًا.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:130]".

قال: حَدَّثَنَا آدَمُ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ بِمَا أَخَذَ المَالَ، أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:130]" الربا من الموبقات السبع، وهو حربٌ لله ورسوله، وقرر أهل العلم أخذًا من قوله -جلَّ وعلا-: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة:275] أنه يُبعث يوم القيامة مجنونًا، نسأل الله العافية.

وهو من عظائم الأمور، ويُبنى عليه الجسد، وما بُني على سُحت فالنار أولى به، وجاء في بعض الأخبار أن درهمًا من ربا أشد من ست وثلاثين زانية، مع أن المقرر عند أهل العلم أن الزنا أعظم وأوحش.

المقصود أن الأمر ليس بالسهل، وتساهل الناس فيه، وأما مفهوم الآية فليس بالمراد، وليس بالمقصود {لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران:130]، مفهومها لو كان ضعفًا واحدًا أو أقل من ضعف أنه يجوز المنهي عنه أضعافًا مضاعفة، فما دون ذلك مفهومه أنه جائز، لكن هذا ليس بمرادٍ بالإجماع، فالربا حرام، وداخل في النصوص، ولو كانت نسبته يسيرةً جدًّا، ولو كانت واحدًا بالمائة.

 المقصود أنه ربا في الأصناف المذكورة وما قيس عليها.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ} [آل عمران:130] أي: اجعلوا بينكم وبين عذاب الله المرتب على هذا الذنب العظيم وقاية بالتقوى، التي هي فعل المأمورات واجتناب المحظورات.

{لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:130] إذا اتقيتم أفلحتم، ولعل من الله واجبة، كما يقول ابن عباس.

ثم قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا آدَمُ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي المَرْءُ بِمَا أَخَذَ المَالَ، أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ»".

هذا زمانه، وانتشر الربا وكثُر، واستمراء الناس من عامة ومتعلمين، من فقراء، ومن تجار، من كافة الفئات لا يتورع عنه إلا من عصمه الله –جلَّ وعلا-، ومن أهل العلم من لبَّسوا على الناس، وأقحموهم في الربا، وأفتوا البنوك بصورٍ هي من عين الربا، حتى قال من قال: إن الورق النقدي لا يجري فيه الربا، تبعًا لذلك أنه لا يوجد ربا على وجه الأرض؛ لأن التعامل بالذهب والفضة منقطع ما فيه تعامل إلا بورق، وإن قلنا: لا يجري فيها الربا فمعناه أنه ارتفع الربا عن الأرض، ما عدا ذلك فقليل نادر مما يجري فيه الربا، مَن الذي يذهب يشتري ملحًا بملح؟

قد يحتاج الإنسان إلى بيع طعام بطعام وشيء من ذلك، لكن هذا لا وجود له بالنسبة للتعامل بالورق النقدي الذي له أحكام الذهب والفضة؛ لأنها بدل منها، والبدل له حكم المبدل.

سمعنا من يُفتي بذلك ويكتب في الصحف، ويرد على أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين بكل وقاحة وجُرأة، وهذا {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال:42]؛ ليحل ما جاء في الخبر.

«لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ» حتى وُجِد من يُفتي للبنوك بصور محرمة، ويتساهلون فيها قِبل بعض اللجان، والبنك أيضًا يطرد ويتوسع في تطبيق الصورة المباحة عند هذه اللجنة، وبعضهم يقول: إن الإثم على البنك، والمسكين هذا المحتاج كيف نؤثِّمه وهو محتاج لهذه المعاملة، ومحتاج يمشي تجارته، ما هي مسألة أكل وشرب يُقال: ضرورة، لا، عنده مشروع يتعطل، فإذا حرمناه منه فمعناه أننا عطَّلنا تجارته، وقد قيل بهذا من بعض من يُفتي، فالمحرَّم التحريم ينصب على البنك، وماذا يصنع بقوله –عليه الصلاة والسلام-: «لَعَنَ الله آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ»؟

الدنيا كلها لا تقوم للعن، ما تُعاد للعن، وهو: الطرد من رحمة الله.

على المفتي والمفتى أن يتقوا الله –جلَّ وعلا-، والربا شأنه عظيم ليس بالأمر السهل، حرب لله ورسوله؛ {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:279]، هل من أحد يُطيق حرب الله ورسوله؟

ويسأل سائل يقول: إنه بحث عن بيتٍ مناسب واشتراه بمبلغ، ثم ذهب يبحث عن بنكٍ يموله بعدما اشترى البيت، هذا الزبون اشترى البيت وانتهى، ثم ذهب يبحث عن بنكٍ يموله، يعني لو أن البنك من الأصل اشترى البيت، وباعه عليه فهذه مسألة التورق، الجمهور على جوازها إذا ملكه البنك ملكًا تامًّا مستقرًّا، ثم باعه على الزبون بقيمةٍ أكثر في مقابل الأجل فهذه مسألة التورق، والأئمة الأربعة على جوازها، يقول: لا، هذا اشترى بيتًا، وذهب ليبحث عن بنك يموله فيشتري هذا البيت، بعد ما اشتراه وانتهى، قال من قال ممن يتصدى للإفتاء: قال: نعم، إنه اشتراه على طريقة التصرف الفضولي، ما اشتراه له، اشتراه للبنك، البنك يعطيه دراهم يسدد لصاحب البيت، ويعطيه دراهم، ويكتب عليه دراهم أكثر منها، هذا عين الربا، يقول: لا، إنه اشتراه على طريقة التصرف الفضولي، ما اشتراه له، اشتراه للبنك.

طالب:..........

وافترض أنه ما بعد سجل، لكن اشتراه واتفق مع صاحب البيت ما بقي إلا مسألة الدراهم، يأخذ من البنك مائة، يكتب عليه البنك أكثر منها.

بعض الحيل والصور التي فيها تحايل فيها شيء من الغموض، هذه واضحة مكشوفة مثل الشمس، هذه مسألة حيلة، هذه وقوع في الربا الصريح، نسأل الله العافية.

والذي اشتراه تنزَّل على أنه اشتراه للبنك على مقتضى ما يُسمى بالتصرف الفضولي، فإن أجازه البنك نفذ، وإن لم يجزه رُدَّ، من أجل ماذا؟

أصل مسألة التورق فيها ضعف، والخلاف فيها قوي، وقال فيها ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، وشيخ الإسلام ابن تيمية كلهم يقولون: إذا كان القصد الثمن، القيمة فهو ربا، وقلنا: إنها ضرورة، وتحل مشاكل المسلمين، وجمهور أهل العلم على جوازها وتمشي، لكن يبقى بهذه الطريقة تشتري السلعة، ثم تذهب تبحث عمَّن يمولك، تصرف فضولي لفلان معين، وفلان يُريد السلعة.

وجدت سيارة مناسبة لأخيك مثلاً، وقلت: فرصة، ما أريدها تفوته، أريد أن أشتريها لأخي، واشتريتها لأخيك وأعطيته السلعة ودفع الثمن وانتهى الإشكال، هذا التصرف الفضولي إن أجازك نفذ، وإن لم يُجزك لم ينفذ.

لكن أن تشتري بيتًا تُريده أنت، والبنك يمول بعدما تشتري البيت فهذا الربا، والله لا يشك فيه أحد، ومع ذلك نسمع من قال: إنه يمكن أن يُصحح على طريقة التصرف الفضولي، يشتري للبنك، أي بنك؟ يقول: أي بنك يُريده ما هو بنك بعينه، يبحث على البنوك إلى أن يجد من يموله، بمعنى أنه يدفع قيمة البيت، ويكتب عليه أكثر منها.

فالتحايل على الربا، والمشكلة أنه من بعض من ينتسب إلى العلم أوقع الناس في كثيرٍ من الصور، والعامة يهمهم الكسب، يهمهم قضاء حوائجهم، ولا يُلامون مثلما يُلام طالب العلم إذا جرأ على مثل هذه الصور، وقيس عليها صور كثيرة جدًّا، وينتهي البنك على هذه الصورة التي يُفتات له فيها، كل من جاء أعطاه هذه الفتوى، وتجد في الشروط والبنود شيئًا لا يعرفه لا العاقد ولا حتى العالم الذي أفتاه طالب العلم، في الكتابة يكتبون أشياء يكنون هم في حلٍّ منها، وأنت الله يعينك.

وتساهل الناس بهذا السبب في رهن الذمم، وتحميل الذمم شيئًا لا تُطيقه، فيعيش الإنسان ذليلًا، ويموت وذمته مرهونة، هم يقولون: إن البنك إذا مات المدين يسمح له، ما هو البنك الذي يسمح له، الذي يسمح له شركات التأمين، ظلمات بعضها فوق بعض، البنك ما يمكن أن يضيع له شيء، هم مأمنون عليك وعلى دَينك في البنك، شركة التأمين التي تسمحظت ليس البنك، البنك أحرص على المال من كل أحد، ومن جرَّب الحرام سُعِر بالمال، نسأل الله العافية.

كثير من الأمور تأتي ترد على الإنسان وهو لا يشعر، ولم يكن طرفًا فيها، لكن إلى الله المشتكى، يعني التعامل الكبير مثلاً مثل التعامل مع الدولة أو التعامل مع الجهات التي تُحيله عليها الدولة قد يكون في تعاملها شيءٌ من هذا الغير المقصود، الإشكال في الأمور المقصودة، وإذا تورَّع الإنسان عن كل شيء، واستطاع أن يعيش منفصلاً عن غيره فهذه البنوك التي يودِع عندها الناس أقل الأحوال أنك متعاون معها، معينٌ لها على القيام بنفسها، هذه أقل الأحوال، لكن الآن ما أحد يستطيع أن ينفك عنها، الرواتب كلها تنزل على البنوك، وكثير من الحاجات ما يُمكننا، وصرف الدراهم تكون شايل دراهمك عند إخوانك أو تحتفظ بها في البيت، مسائل الضرورات تختلف، لكن الكلام في الازدياد والطمع والتكثُّر.

واحد يسأل الأسبوع الماضي يقول: إنه محتاج بيتًا وذهب ليرى بيتًا بثمانية عشر مليونًا، ويكتبه البنك بسبعة وعشرين، يعني دَين، ما الذي يجبرك على هذه المبالغ؟ من أجل ماذا؟

امرأة تقول: عندها أربعمائة وثمانون ألفًا –مُدرسة-، وراحت البنك تدفع الأربعمائة وثمانين نقدية، واشترت بيتًا بمليونين وأربعمائة، وتصير مدينة ستة عشر سنة، كل شهر يؤخذ منها سبعة آلاف أو ثمانية، من أجل ماذا؟ الأربعمائة وثمانون يشترون لها بيتًا.

صار التباهي هدفًا ومقصدًا بعد أن كان الناس إلى وقتٍ قريب- البيت يُبنى بأسبوع ما يكلف ألف ريال، بأسبوع واحد يبنون البيت، يُحضر الطين أو غير الطين والماء، ويُخلط ويُجاب الملبن هذا الذي يسوون فيه اللبن، والعمال من الحي، يقف صاحب الحاجة عند باب المسجد: أعان الله من يُعين، هذا يرفع لبنة، وهذا يرفع طينًا وينتهي البيت، لماذا؟

لأنه ما هدفه الحياة، شيء يُكنه فقط عن الحر والقر، لما صارت الحياة هدفًا، وصار الناس يتباهون فيها ويتزوقون في بيوتهم، ويتوسعون توسعًا غير مرضٍ، يعني القادر قد لا يُلام، القادر الذي عنده مال، الناس من قديم الزمان وهم أصحاب الأموال يتوسعون، لكن الإشكال فيمن يرهن ذمته عشرين سنة، وخمسة عشر سنة، وعشر سنين، من يضمن حياتك؟ إضافة إلى أن العقود فيها شبهات كثيرة، وفي بعضها الربا الصريح، ولو اقتصد الناس ما احتاجوا إلى مثل هذه الأمور.

واحد يسأل-هو غني، وأمير عنده أموال طائلة عنده بيوت من الزكاة، يقول: هل أشتري لأخي بيتًا من الزكاة؟ قلت له: والله إذا كانوا فقراء يُشترى لهم البيت، البيت حاجة أصلية، لكن بيت المحتاج غرفة بقدر الحاجة أو غرفة ونصف أو غرفتان، لماذا نُضيق على بقية المحتاجين من أجل هذا بمليونين، وهذا بثلاث، وهذا بمليون، تنتهي الزكاة على ثلاثة أشخاص أربعة؛ من أجل ماذا؟

 يعني فقير محتاج يأخذ من الزكاة يُشرى له بيت بمليونين من الزكاة؟! ليس بصحيح، يُعطى بقدر حاجته، يُنظر إلى أسرته، ويُرى عدد الغُرف التي تكفيهم، ما يُقال: والله يتوسعون.

الآن التوسع من الفقراء كثير جدًّا، يعني خمسة عشر جوالًا ببيت فقير يأخذ من الزكاة، مَن يتصور هذا؟! ما المسألة فقط الجوال، المسألة أي باد وما أدري، أمور فُتِحت على الناس، والفقير يُسارع إليها وهو يأخذ من الزكاة قبل الغني.

هذه مشكلة، هذا خلل ما فيه شك، والزكاة شأنها عظيم، الله –جلَّ وعلا- ما وكَل قسمتها لأحد، ثم بعد ذلك هذا الفقير يتحمل ديونًا، ويأخذ من الزكوات، ويموت تعيسًا، حتى متوسطي الناس الموظفين نادر من يوجد منهم ما عليه دَين، والمسألة مسألة تدبير، وقلنا مرارًا: وفي بعض الدوائر الحكومية الفراش يُداين المدير، صحيح، هذا هو الحاصل؛ لأن هذا اعتاد الاقتصاد والتوفير، وذاك اعتاد البذخ، هذا مدير يجب أن يظهر بمظهر مناسب، ثم ماذا؟ ثم الذُّل بالنهار والهَم بالليل.

«لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ» هذا وقته «لاَ يُبَالِي المَرْءُ بِمَا أَخَذَ المَالَ، أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ» والأصل أن (ما) إذا اقترن بها حرف الجر، وصارت للاستفهام تُحذف الألف (بِمَ، وعلامَ) هذا الأصل، لكن يجوز إثباتها، وقد جاءت بها النصوص من هذا الحديث، لكن الغالب هو الحذف.

ماذا يقول الكرماني؟

"قوله: «بِمَا» فإن قلت: القياس حذف الألف من ما الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر قلت: ذلك هو الغالب، وجاء بدون الحذف أيضًا".

اقرأ الحديث الذي يليه.

"بَابُ آكِلِ الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:275].

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ البَقَرَةِ قَرَأَهُنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَسْجِدِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ.

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ، فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُ الرِّبَا»".

قال –رحمه الله تعالى-: "بَابُ آكِلِ الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ"، وفي الباب الذي يليه مُوكله؛ لأنه جاء اللعن في حقهم جميعًا «لَعَنَ الله آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ».

قد يقول قائل: أنا موظف في بنك ربوي، لكن لا آكل، ولا أوكِل، ولا أكتب، ولا أشهد، هل يجوز العمل؟ نعم يُوجد من يُفتيه أنت خارج، لست آكل ربا، ولا موكِل ربا، ولا كاتبًا، ولا شاهدًا، لكنك متعاون، الذي يؤجِّر البنك الربوي متعاون معه على الإثم والعدوان، الفتاوى كلها على المنع والتحريم.

قد يقول قائل: أنا في معزلٍ عنهم كلهم، أسدد فواتير ما فيها شيء، لكنك داخل في قوله: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] فأنت منهي.

طالب:........

هذا تسبيح عندهم، بالنسبة لآكل الربا، صلى وزين هذه تُقال: أيام الأسهم، تجد كثيرًا من الناس جهده ووقته كله منصب على هذه الصالة والشاشات، وإذا حضر وقت الصلاة قفلوا الأبواب وصلوا، والحمد لله أنهم يُصلون، ومع ذلك عيونهم للشاشات وهم يصلون؛ ولذلك سُمِع الإمام وهو ساجد يقول: ولا الضالين، ومن وراءه كلهم قالوا: آمين، وحصل ما حصل من الخسارات والكوارث التي صار من جرائها وسببها الجلطات، والهلوسة والموت أحيانًا، نسأل الله العافية.

وهؤلاء يزعمون أنهم يتكسبون ويربحون، ثم ماذا؟ يعني هو يربح تدريجيًّا، ثم يأتي ما يكنس الجميع، هذا واضح ومجرَّب.

الأمر الثاني: ثم ما قيمة الحياة لو استمر يربح؟ يُوجد في بعض البنوك من التجار يسهرون -شيبان في السبعين والثمانين- إلى الصبح يُراقبون الشاشات، زاد الذهب أكل حبة، نزل ما أدري أيش أكل حبة، هذه حياة؟! هذه تجارة هذه؟!

والفقير صلى العشاء وتعشى مع عياله ونام، ما يحس بشيء، هذا كل ليلة إما أكل حبة ضغط، أو أكل حبة سكر، أو ما أدري أيش، وكثيرًا ما يُدعى له الإسعاف، ثم ماذا؟

بالفعل هذه حياة؟!

تجار كبار، وليسوا بكبار سن أموال، طائلة بالمليارات، وسِنه ما وصل بل هو بالأربعينات أو الخمسينات ولا يستطيع أن يأكل، ولا ينام مع أهله في الفراش، تعطلت المنافع، ثم ماذا؟

وإذ قيل له: تبرع بألف رفض وسد الأبواب، وإذا فُتِح باب شر أول من يُبادر هم، نسأل الله العافية.

ما قيمة الحياة بهذه الطريقة؟! نسأل الله العافية.

طالب:.........

استدان من يهودي نعم.

طالب:.........

الإجابة أنه محتاج بعقدٍ صحيح ما هو بربا، احتاج لهذا المُد من الشعير بعقدٍ صحيح، ولو ذهب إلى أي مسلم ما رضي يبيع عليه ويشتري منه، ما يُطيعونه، يبيعون عليه بدون مقابل، مَن يأخذ قيمة مُد شعير من النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ فخشيةً من إحراجهم عمد إلى هذا اليهودي؛ ولبيان الجواز، لكن مع ذلك لا بُد أن تكون المعاملة صحيحة.

طالب:.........

استدان صار تبع اليهودي! أنت تبع المرابين أنت تبع لهم.

طالب:.........

نعم أن أُجيب الآن الرسول صار تابعًا لليهودي؟!

طالب:..........

إذًا خلاص، وأنت تابع لهؤلاء رواتبك منهم، ومصيرك بأيديهم على ما زعموا.

الصورة المطابقة لو احتاج الإنسان إلى سلعة، وهي موجودة عند هذا البنك، يحتاج إليها ويشتريها بعقدٍ صحيح يقول: الرسول تعامل مع اليهود.

وفرقٌ بين من يتعامل بالشيء مع اعتقاده إباحته، وبين من يتعامل به مع اعتقاد تحريمه، النصراني إذا شرب الخمر مثل المسلم إذا شرب الخمر؟ لا؛ لأنه يعتقد إباحته.  

قال –رحمه الله-: "بَابُ آكِلِ الرِّبَا وَشَاهِدِهِ وَكَاتِبِهِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ} [البقرة:275]" قال بعض المفسرين: إنه يُبعث يوم القيامة مجنونًا، نسأل الله العافية.  

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة:275] قالوا: هذا من تشبيه العكس، الأصل أن الربا مثل البيع؛ لأن البيع مقررٌ جوازه عند الجميع، وقالوا: إنما الربا مثل البيع، فمن باب المبالغة في التشبيه قلبوا وجعلوا المشبَّه مُشبَّهًا به والعكس، مبالغة، البيع الذي هو مُجمع عليه مثل الربا، ما قالوا: إن الربا مثل البيع، كما هو الأصل، لكن قلبوا من أجل المبالغة في عدم تأثُّمهم من أكل الربا.

{وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة:275] له رأس ماله، {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة:279] انتهى فله ما سلف.

رأس المال بالنسبة للمرابي هل المقصود به وقت دخوله في الربا أو وقت التوبة؟ {فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة:275].

طالب:.........

وأما وقت التوبة فلا يجوز له أن يستوفي شيئًا من الربا له رأس ماله وقت التوبة.

على كل حال الجمهور يقولون: له رأس ماله قبل التعامل الربا، وظاهر {فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة:275] أن له ما كسبه قبل التوبة، يعني خلاص «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ، كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ».

طالب:.........

يعلم ذلك ومُصر ومُعاند كمن يعلم الزنا ومُصر ومُعاند وتاب، تقول له: ما لك توبة؟

طالب:..........

المقصود هل له رأس ماله وقت التوبة أو وقت الدخول في الربا؟ تاجر توفي قبل عشر سنين أو أكثر داخل التجارة ببنك، مؤسس بنكًا، وأتى من بلده بعشرين ريالًا، تاب عمَّا يقرب من مائة مليار، تقول له: ما لك إلا عشرين ريالًا؟! واللفظ مُحتمل، يعني ما قبل الإسلام معفوٌ عنه، وهذا ما قبل التوبة معفوٌ عنه، التوبة تهدم ما كان قبلها.

طالب:..........

يرجع ما يُمكن؛ ولذلك من المرجحات لهذا القول وهذا قُلته قبل سنين طويلة، قلت: من المُحال أن يحث الله –جلَّ وعلا- على التوبة ويأمر ويفرح بها ويصد الناس عنها، هذا الذي عنده مائة مليار لو قلت له: ما لك إلا عشرين ريال، ماذا يقول؟ وقت توبته متبرع بعشرة مليارات لإخراج السجناء.

على كل حال المسألة مُحتملة، والجمهور على القول الأول، يعني ما له إلا وقت دخوله، ما له إلا رأس ماله الذي بدأ به التجارة العشرون، ومادام النص مُحتملًا فما الذي يمنع من أن يُرجَّح الثاني بالأدلة؟

{فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ} [البقرة:275] لكن بعد هذه التوبة عاد إلى الربا {فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:275]، نعوذ بالله، نسأل الله العافية؛ لأن الربا من عظائم الأمور.

طالب:..........

موعظة قلبية، وإلا فهو يعرف النصوص، شارب الخمر يعرف النص، والزاني يعرف النص، كلهم ما لهم توبة، وهم يعرفون الحدود، وهم يعرفون الأدلة، الحكم بدليله يعرفونه، وكل من عصى الله فهو جاهل.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ" المعروف ببندار.

"قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ" وهو محمد بن جعفر.

"قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ" وهو ابن الحجاج.

"عَنْ مَنْصُورٍ" وهو ابن المعتمر.

"عَنْ أَبِي الضُّحَى" ما اسم أبي الضحى؟ اسمه ابن صبيح.

ماذا قال؟

طالب: اسمه مسلم.

نعم اسمه مسلم.

"عَنْ مَسْرُوقٍ" وابن الأجدع.

"عَنْ عَائِشَةَ" أم المؤمنين -رضي الله عنها-.

"قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ آخِرُ البَقَرَةِ قَرَأَهُنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِمْ فِي المَسْجِدِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ" يعني ما يحتاج إلى أن ينص على تحريم الربا، هو منصوصٌ عليه في الآيات، وحرَّم مع ذلك التجارة في الخمر.   

"قال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ" العُطاردي.

عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ مِنْ دَمٍ فِيهِ رَجُلٌ قَائِمٌ، وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُج» من هذا الدم «رَمَى الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فِي فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كَانَ» إذا قرب من الشاطئ شاطئ هذا النهر الذي فيه دم قذف فيه حجرًا فرده.

«فَجَعَلَ كُلَّمَا جَاءَ لِيَخْرُجَ رَمَى فِي فِيهِ بِحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كَمَا كَانَ، فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: الَّذِي رَأَيْتَهُ فِي النَّهَرِ» مَن هو؟ «آكِلُ الرِّبَا» نسأل الله العافية.    

اقرأ كلام الشارح.  

"قوله: "أبو الضحى" بضم المعجمة اسمه مسلم مر مع الحديث في أبواب المسجد، فإن قلت: ما وجه دلالته على حكم الشاهد والكاتب؟ قلت: هما معاونان على الأكل فحكمها حكمه، أو هما راضيان بفعله والرضا بالحرام حرام، أو هما بسبب فعلهما كأنهما قائلان أيضًا: إنما البيع مثل الربا، وهو العلة في قيامهم متخبطين أو عَقد الترجمة لهما ولم يذكر في الباب ما يدل على حكمهما إشارةٌ إلى أنه لم يجد حديثًا فيهما بشرطه".

مع أنه جاء الحديث «لَعَنَ الله آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ».                 

"قوله: "جرير" بفتح الجيم وكسر الراء الأولى "ابن حازم" بالمهملة بالزاي، "أبو رجاء" ضد الخوف عمران العطاردي مر في التيمم، "سمُرة" بفتح المهملة وضم الميم وسكونها".

الحديث عند مسلم وغيره، يقول: فعند مسلم وغيره من حديث جابر لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: «هُم فِي الإِثْمِ سَوَاءٌ»، ولأصحاب السُّنن صححه ابن خزيمة من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا، وموكله، وشاهده، وكاتبه وفي رواية الترمذي بالتثنية "كاتبيه" وسواءٌ قلنا: وشاهده أو شاهديه، فالمعنى واحد؛ لأن شاهد مفرد مضاف فيعُم، لو كانوا عشرة شهود شملهم اللعن.

وفي رواية النسائي من وجهٍ آخر عن ابن مسعود: آكل الربا، وموكله، وشاهداه، وكاتبه ملعونون على لسان رسول الله –صلى الله عليه وسلم– نسأل الله العافية.     

"ابن جندب" بضم الجيم وسكون النون وفتح المهملة وضمها في آخر الحيض".

يعني مر في آخر الحيض من هذا الشرح.

"قوله: «أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ» يحتمل الإطلاق والتقييد بأن المراد منه أرض المسجد الأقصى، فإن قلت: فلمَ نكَّر؟ قلت: التنكير للتعظيم، قال الزمخشري في سورة النمل: فإن قلت: لمَ نكَّر الكتاب المبين؟ قلت: ليُبهِم بالتنكير، فيكون أفخم له.

قوله: «وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ» متعلق بقوله قائم، فإن قلت: في بعضها «وَعَلَى وَسَطِ النَّهَرِ» بالواو قلت: تقديره وهو على وسط النهر بحذف المبتدأ وهو جملةٌ حالية، فإن قلت: لمَ لا يكون خبرًا مقدمًا على المبتدأ الذي بعده وهو رجلٌ بين يديه حجارة؟".

وذات واوٍ بعدها انوِ مبتدأ.

 مثل ما هنا قدرنا لها (وهو).

"قلت: لأن في بعضها "ورجل" بالواو، ولا يجوز دخول الواو بين المبتدأ والخبر؛ ولأنه مخالفٌ لسائر الروايات مثل ما تقدم في آخر كتاب الجنائز أن الرجل الذي بين يديه الحجارة هو على شط النهر لا على وسطه.

فإن قلت: فما ربط رجل بما قبله؟ قلت: مبتدأ وخبره محذوف أي: نحو ثمة أو على الشط ونحوه (وهو) جملةٌ حالية سواء كان بالواو أو بدونها".

(وهو) جملةٌ حالية سواءً كانت بالواو فيُقدَّر بعدها مبتدأ، أو بدون واو فتكون لا تحتاج إلى تقدير.

قوله: «رَمَى الرَّجُلُ» أي: الذي في فم النهر الذي في وسط النهر بحجر من الحجارة التي بين يديه".

يعني رمى الرجل الذي في فم النهر، رمى الرجل الذي في وسط النهر.

"«رَمَى الرَّجُلُ» أي: الذي في فم النهر الذي في وسط النهر بحجر من الحجارة التي بين يديه، فرده إلى حيث كان ولا يخليه يخرج منه".

طالب:..........

والمصب واحد.

طالب:.........

هو ما فيه شك أنه كلما كان أخف كان التعامل معه أفضل، المتمحض للربا مائة في المائة هذا ليس كمن له فرع يتعامل بالمعاملات الصحيحة، والاقتصار على العمل على هذا الفرع الذي يتعامل بالمعاملات الصحيحة لا شك أنه أفضل من البنك الذي لا فروع له صحيحة، والبنك السليم أولى من الجميع.

الإنسان ينظر في حاجته، وينظر من يُعين، أنت من تُعين، تُعين شخصًا مجردًا من الخير أو فيه نوع خير أو مجردًا للخير؟ لا شك أن أولى الناس أبعد الناس عن الحرام، وما كان ضرره أخف لا شك أنه أولى ممن هو متمحضٌ للشر والضرر.

طالب:.........

العمل ما يعمل، ويجد من يُفتيه والحديث جازم يجد.

"بَابُ مُوكِلِ الرِّبَا؛ لِقَوْلِه اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:278-281] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنِ الوَاشِمَةِ وَالمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ المُصَوِّرَ".

يقول –رحمه الله تعالى-: "بَابُ مُوكِلِ الرِّبَا" وهذه تمام العدة الذين لُعِنوا على لسانه –عليه الصلاة والسلام-كما تقدم.

لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة:278-279].

{اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة:278] موكِل الربا هل يستطيع أن يذر ما بقي من الربا؟ موكِل الربا أبرم معاملة، وأخذ مبلغًا من المال، وأُضيف إليه على طريقة الربا الصريح، ثم لما أراد الوفاء قال: ما أدفع إلا ما أخذت، ما أدفع ربا؛ لئلا أكون موكِلًا للربا، وليس بيده، هذا يلزمونه بالدفع، وليس إليه، فهل من تمام توبته ألا يدفع إلا ما أخذ وهو لا يستطيع؟

هذا متوجه إلى آكل الربا، لا يجوز له أن يأخذ إلا رأس ماله، لكن الموكِل إذا أُجبِر على الدفع مع أنه إذا حصل حكم بالإلزام يصير من نوع المحرمات، يعني لو جاء شخص إلى امرأةٍ عفيفة وراودها عن نفسها، وقال لها: أدفع لك مبلغ مليون ريال ومكنيني من نفسك، ما قاومت وهي عفيفة؛ لأنه مبلغ كبير، ثم لما فرغ قال: النبي –عليه الصلاة والسلام- يقول: «مَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ»، وأنا لا أستطيع أن أدفع شيئًا خبيثًا، ولا أمكنك من الشيء الخبيث، نقول: ادفع يا خبيث، ولا يحل للمرأة، صحيح يلعبون على الناس بهذه الطريقة، فيؤخذ من هذا الذي تعامل به، ومع ذلك لا يُعطى لآكله، وإلا فكل الناس يأتون للبنوك ويتحايلون عليهم، ويأخذون الأموال، ثم بعد ذلك يقولون: والله ما لك إلا رأس مالك، والله المستعان.

الأصل المنع من الأساس، عدم التمكين من هذه المعاملات، هذه مسؤولية عظيمة مُناطة بولي الأمر الذي يستطيع أن يأطرهم على الحق.

طالب:.........

إذا تحايل على إسقاط المحرَّم فهي حيلةٌ شرعية، لكن ما يتحايل وداخل مبيت أنه يتحايل، تاب وأراد أن يرجع.

طالب:.........

له أن يتحايل، وهذه حيل شرعية، الذي يتوصل إلى فعل واجب أو ترك محظور بالحيلة لا بأس، كما قال الله –جلَّ وعلا- لمن كان في بلاد الكفر وما استطاع أن يهُاجر إلى بلاد المسلمين من ذلك الحيلة، لو تيسر له حيلة لزمته الهجرة، {لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [النساء:98].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة:278-279] هذا تقدم. 

{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة:279] وهذا تقدم الكلام فيه في الباب السابق، وأن المتجه أن له رأس ماله وقت التوبة.

{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:280] كان هذه تامة لا تحتاج إلى خبر {ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة:280] صاحب عسرة مُعسر، مدين مُعسر {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة:280] فالواجب نظرةٌ إلى ميسرة إذا صدق عُسره.

{وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:280] يعني على هذا المعسر إذا تصدقت عليه بشيء أو بالدَّين كله لا شك أن هذا خير {إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة:280-281] هذا تحذير وتخويف وتهديد لمن يتعامل بهذه المعاملات المحرمة.

{ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281] إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر.

"قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" على خلافٍ بين أهل العلم في آخر ما نزل، منهم من يقول هذه الآية، وهذا قول كثير من أهل العلم، وهو قول ابن عباس حبر الأمة وتُرجمان القرآن، ومنهم من يقول: سورة النصر، ومنهم من يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3] إلى غير ذلك من الأقوال المعروفة في علوم القرآن.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ" مَن هو؟ الطيالسي هشام بن عبد الملك.

"قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ" أبو جحيفة، وهب بن عبد الله السوائي.

"قَالَ: رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَثَمَنِ الدَّمِ" لكنه قال: «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ».

"رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا" طيب كسب الحجام خبيث، كيف يشتريه وهو صحابي؟ النبي– عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجام أجرته، ولو كان حرامًا ما أعطاه، لكن الخبث هنا يعني دنيء رديء {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة:267] يعني الرديء ما هو بالمحرم.

"فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَثَمَنِ الدَّمِ" الآن يُباع الدم، بعض الناس ما يتبرع إلا بمقابل، ولا يجوز بيع الدم.

"وَنَهَى عَنِ الوَاشِمَةِ وَالمَوْشُومَةِ" الفاعلة والمفعول بها، الواشمة التي تفعل الوشم، والموشومة التي يُفعل بها هذا الفعل.

"وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ" لما لم يكن حديث اللعن على شرطه أورد هذا الحديث بالنهي "وَمُوكِلِهِ".

"وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ المُصَوِّر" المصور ملعون، والتصوير بجميع أشكاله وآلاته حرام، والله المستعان.

التصوير الآن عم وطم، وصار الناس يتعاطونه من غير نكير، واسترسل الناس، وجر عليهم المصائب والويلات، والابتزاز، كله بسبب التصوير، نسأل الله العافية.

ويتوسع الرجال والنساء في هذا الباب حتى كأنه لا شيء فيه، وفي المسجد الحرام في أقدس البقاع، في المطاف يصورون، يُصورون النساء، ويُصورون أنفسهم وأولادهم، كأن الأمر ليس فيه شيء ألبتة.

بنات يأتين متبرجات ويقفن على شباب ويقلن لهم: صورونا، لا يعرفنهم ولا يعرفونهمن، والله أنه رأيناه، كل ذلك سببه التساهل في الفتوى.

هي الآن بغض النظر هل يدخل في النص أو لا يدخل؟ هل يُسمى تصوير ًا أو لا يُسمى تصوير ًا؟

هل فيه مفسدة أم ما فيه مفسدة؟ حتى لو قلنا: إنه غير داخل في نصوص التصوير، انظر الواقع، اسأل رجال الحسبة إذا أمسكوا أحد ًا من هؤلاء الفجرة انظروا ماذا يروا في جواله، نسأل الله العافية.

وأما عندي فهو داخل دخولاً أوليًّا في نصوص التصوير.          

"قوله: "عون" بفتح المهملة وبالنون "ابن أبي جحيفة" بضم الميم وفتح المهملة وسكون التحتانية وبالفاء اسمه وهب ومر.

قوله: "ثمن الدم" يعني أجرة الحجامة، وأطلق الثمن عليه تجوزًا".

يعني ما يتصورون أن الدم الآن يُباع، يُستخرج من الإنسان أو من الحيوان ويُباع.

"فإن قلت: فلمَ اشتراه؟ قلت: ليكسر محجمته ويمنعه عن تلك الصناعة".

لا، ما يلزم أن يكسر محجمته، الحجامة طب شرعي، ولا بُد أن تُوجد لنفع الناس، لكن يتبرع، النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ»؛ من أجل أن يتعاطى الناس مثل هذه المهن بينهم بدون مقابل، وإلا فالنبي –عليه الصلاة والسلام- لما احتجم أعطى الحجام أجرته، ولو كان حرامًا ما أعطاه، ثم هنا يقول: "ليكسر محجمته ويمنعه عن تلك الصناعة" الناس يحتاجون إليها، والحديث فيها صحيح.   

"وفي بعضها بعد لفظ حجامًا، فأمر بمحاجمه فكسرت "فسألته" يعني عن الكسر.

قوله: "الواشمة" وشم يده إذا غرزها بإبرةٍ، ثم ذر عليها النيلج، و"الموكِل" المُطعِم يُقال: أكلته".

آكلته.

أحسن الله إليك.

" آكلته إيكالاً أي: أطعمته، والمراد من الآكل آخذه كالمقرض، ومن الموكِل مُعطيه كالمستقرض.

 فإن قلت: النهي إنما يكون عن الفعل لا عن الفاعل.

 قلت: الفعل مُقدَّر أي: نهي عن فعل الآكل والموكِل، وخص الأكل من بين سائر الانتفاعات؛ لأنه أعظم المقاصد".

أعظم وجوه الانتفاع الأكل.

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [يس:71-72] قدَّم الركوب على الأكل؛ لأنه في بعض الأحوال تكون الحاجة إلى الدابة في الركوب أعظم من حاجته إلى الأكل، وإلا فالأصل أن الانتفاع أعظمه الأكل الذي به بقاء الحياة.

"الخطابي: نهيه عن ثمن الكلب يُوجب فساد البيع؛ لأن أحد طرفيه الثمن، والآخر المثمن، فإذا بطل أحدهما بطل الآخر، وظاهر النهي موجبٌ للفساد إلا أن يقوم دليلٌ على خلافه،.

وأما النهي عن ثمن الدم أي: أجرة الحجام؛ فللتنزيه لأنه -عليه الصلاة والسلام- أعطى الحجام أجره.

وأما نهيه عن الواشمة فنهي عن فعلها، وهي أن تشم يد صاحبتها بدراتٍ ونقوش غرزًا بالإبر حتى يدمي، ثم تحشى بكحلٍ أو نيل، فإذا اندملت بقيت آثارها خضراء، وهو من عمل الجاهلية، وفيه تغيير الخلقة.

وأما أكل الربا فقد أغلظ الله الوعيد فيه، وإنما سوى في الإثم بين آكله وموكله، وإن كان أحدهما وهو الرابح مغتبطًا، والآخر مهتضمًا؛ لأنهما في الفعل شريكان متعاونان.

وأما ولعن المصورين فيرجع إلى من يصور الحيوان دون الشجر، إذ الفتنة فيه أعظم".

وإن من أهل العلم من قال: التصوير ممنوع ولو كان للأشجار وغيرها مما لا روح فيه، هذا القول نقله القرطبي عن جمع من أهل العلم، لكن الجمهور على أنه لا يحرم إلا ما فيه مضاهاة لخلق الله، وهو ما فيه روح.

"أقول: ولأن الأصنام التي يعبدونها كانت على صور الحيوانات، وقال أبو حنيفة -رضي الله عنه-: يجوز بيع الكلاب، ويحل ثمنها، وتُضمن بالقيمة عند الإتلاف، وعن مالك روايات".

مع أن النهي عن ثمن الكلب ثابت في الصحيح ليس لأبي حنيفة ولا غيره قول مع قوله- عليه الصلاة والسلام-.

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.