كتاب بدء الوحي (084)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه من متعلقات بما شرحنا في الدرس السابق، (أما بعد): يقول كاتبها –وفقه الله- يقول: محمود شاكر في كتبه التي رجعت إليها يذكر بعد الحمد لله: وبعد بالواو.
الواو هذه، هذا عرف عند المتأخرين، يعني في القرن العاشر وما دونه، ما عرف قبل ذلك، واندرج عليه الناس من علماء وعامة يكتبونه كثيرًا، وذكرنا أن صاحب شرح "المواهب" ذكر أن الواو نائبة مناب أمَّا، الزرقاني وكذلك الترمسي في "شرح الكوكب الساطع"، وذكرنا أنه لا يتم الاقتداء والائتساء به –عليه الصلاة والسلام- حتى نلفظها كما لفظها –عليه الصلاة والسلام- ونقلت عنه، أما بعد.
يقول: أقوال بعض أهل العلم في (أما بعد) قال ب"مفاتيح الغيب، معروف ب "تفسير الرازي" من المفسرين من فسر ذلك بأن داود أول من قال بكلامه أما بعد، وأقول: حقًّا إن الذين يتبعون أمثال هذه الكلمات فقد حرموا الوقوف على معاني كلام الله –تعالى- حرمانًا عظيمًا، والله أعلم.

الذين يتبعون أمثال هذه الكلمات فقد حرموا الوقوف على معاني كلام الله –تعالى- حرمانًا عظيمًا، والله أعلم.
ما وجهه؟
الطالب:......
نعم.
الطالب:.....
نعم، معروف أن يتكلم على سورة ص.
الطالب:......
ماذا؟
كلامه، ما وجهه؟  

الذي يتتبع مثل هذا الكلام حُرم، يعني إيراد ما نُقل في هذه المسألة في كتبِ التَّفسِير، أنَّها فصلُ الخطاب الذي أوتيه داود، وأنَّ أوَّل من قال: أما بعد، داود، يقول: إنَّهُ محروم من الوقوف على معاني كلام الله –تعالى-، ما وجهه؟
الطالب:.....
نعم.
الطالب:.....
كأن فصل الخِطاب يعني: الكلام الفصل الجامِع المانِع، ومثلُهُ لمحمدٍ –عليه الصلاة والسلام- الذي أوتي جوامع الكلِم، لكن ما أدري ما وجه حرمان من تتبع مثل هذا أنَّه يُحرَم فهم كلام الله– جل وعلا-، والوقوف على معانيه!
الطالب:....
ما الكتاب الذي معك؟ يقول: إنه أشغل نفسه، يعني: كلمة (أما بعد) ثبتت في سنة نبينا –عليه الصلاة والسلام- وكون الإنسان يتتبعها بالنقل عمن قبلنا كأنه مشغلة عن الأهم، هذا وجهه ليس بظاهر.
الطالب:.....
طيِّب، وسُبِق بها، سُبق بها، لا يمنع أن يكون مسبوقًا بها.
الطالب:...
يعني ينشغل بما ثبت عندنا ويغنينا عما ثبت عند غيرنا أو لم يثبت، ما نقل عن غيرنا، لعله يعني مسألة الأقوال الثمانية، والاستدلال لها، وعزوها إلى مصادرها مثل ما فعل الحافظ ابن حجر.
الطالب:...
وما فيه شك أنَّ ما نحتاج إليه جاء بيانه في الكتاب والسنة، وما سُكت عنه فالمجزوم به أننا لا نحتاج إليه، فلا نتكلف، يعني مثل: لون الكلب، أو الحمار، لونه، أو اسمه، هذه أمور لا نحتاج إليها؛ لأنها لا أثر لها، لا أثر لها في القصة، يعني: ما يترتب عليها زيادة فائدة.
يقول: قال في "التحرير والتنوير:" "وعن أبي الأسود الدؤلي فصل الخطاب هو قوله في خطبه أما بعد، قال: وداود أول من قال ذلك، ولا أحسب هذا صحيحًا؛ لأنها كلمة عربية ولا يُعرف في كتاب داود أنه قال ما هو بمعناها في اللغة العبرية، وسميت تلك الكلمة فصل الخطاب عند العرب؛ لأنها تقع بين مقدمة المقصود وبين المقصود، فالفصل فيه على المعنى الحقيقي، وهو من الوصف بالمصدر، والإضافة حقيقية، وأما أول من قال: أما بعد، فهو سحبان بن وائل خطيب العرب".
 يعني في كلام ابن عاشور هنا نفي كون داود أول من قالها؛ لأنها كلمة عربية، لأنها كلمة عربية من جهة، ولا تُعرف في كتابه الذي هو أيش؟ الزبور، لكن هل الكتاب الموجود في وقت ابن عاشور ومن قبله ومن بعده يمثل الكتاب المنزل على داود؟ محرف كغيره من كتب أهل الكتاب، محرف، ولا يلزم أن تكون في كتابه المنزل عليه، كل ما ينقل عنه، لكن دون تصحيحه وإثباته خرط القتاد؛ لانقطاع الأسانيد بين هذ الأمم وأنبيائها، حاشا هذه الأمة فصلتها بنبيها –عليه الصلاة والسلام- إلى قيام الساعة، قال في "روح المعاني": "وأخرج ابن جرير عن الشعبي وابن أبي حاتم والديلمي، مع أن الشعبي هو ابن أبي حاتم، والديلمي عن أبي موسى الأشعري أن فصل الخطاب الذي أوتيه داود –عليه السلام- هو أما بعد"، ذكر أبو موسى أنه –عليه السلام- أول من قال ذلك، فقيل: هو داخل فصل الخطاب وليس فصل الخطاب، وليس فصل الخطاب منحصرًا فيه؛ لأنه يفصِل المقصود عمَّا سيق مقدمةً له من الحمد والصلاة، ومن ذكر الله –عز وجل- مطلقًا، وظاهره اعتبار فصل الخطاب معنى الكلام الذي ينبه المخاطب على المقصود إلى آخر ما مر".
الطالب:....
نعم.
الطالب:....
نقلوا هذا، نقلوا: أن أول ما قاله هي فصل الخطاب، فيفصل فصل الخطاب عند من يقول بذلك بأنه قوله: أما بعد، الظاهر أن المراد من أما بعد ما يؤدي مؤداه من الألفاظ لا نفس هذا اللفظ؛ لأنه لفظ عربي، وداود لم يكن من العرب، ولا نبيًّا بل ولا بينهم، فالظاهر أنه لم يكن يتكلم بالعربية، والذي يترجح عندي أن المراد بفصل الخطاب: فصل الخصام، ويتوقف على مزيد علمٍ وفهم وتفهيم وغير ذلك، فإيتاؤه يتضمن إيتاء جميع ما يتوقف عليه، ما يتوقف هو عليه، وفيه من الامتنان ما فيه.
الطالب:.....
ماذا؟
الطالب:....
الكتاب والحكمة، ثم نقل كلامًا طويلًا في هذه المسألة، الباقي يتعلق بالأقوال الأخرى في أول من قالها، وهنا من اختيارات أبي حيان النحوية دلالة (أما) على الشرط، "ذهب جمهور النحاة إلى أن (أما) حرف تفصيل يدل على الشرط، نحو قوله تعالى: {
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى:9]، وأما زيد فمطلق، وأما يوم الجمعة فزيد منطلق، دليلها على شرطيتها لزومها الفاء، تقديره في هذه التراكيب: مهما يكن من شيء فزيد منطلق، ومهما يكن من شيء فاليتيم لا تقهر، ثم حذف جملة يكن من شيء فوقعت الفاء الرابطة للجواب بعد حرف الشرط مباشرة، وفي ذلك قبح، فزحلقت الفاء وقدم عليها بعض الجواب لإصلاح اللفظ؛ لأنه استكرهوا أن تلي الفاء الأداة، وممن نص على أنها تفيد الجزاء سيبويه، وثعلب، والمبرد، والزمخشري، ابن يعيش، والكوفيون، وكثير من المتأخرين،  وذكر بعض المعاصرين –يعني له-، وذكر بعض المعاصرين أن النحاة المتقدمين لم ينصوا على أما من أدوات الشرط، وإنما أقحمها متأخرو النحاة كابن مالك، وغيره وفيه نظر، فنص سيبويه أو فنصُّ سيبويه دلالةٌ واضحةٌ على أنها للجزاء، وكذا قول المبرد وثعلب".
"الثاني: ذهب بعض النحاة إلى أنها حرف تفصيل كما في قوله –تعالى-: {
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا}. [البقرة:26]". هذا تقدم.
الطالب:....
احتسبه قول ابن مالك
الطالب:....
نعم.
الطالب:....
"وذكر بعض المعاصرين أن النحاة المتقدمين لم ينصوا على أما من أدوات الشرط، وإنما أقحمها متأخرو النحاة كابن مالك".
الطالب:...
نعم، ما بعد وصلنا.
"الثاني:  ذهب بعض النحاة إلى أنها حرف تفصيل كما في قوله تعالى..، قال: أي أنها لا تفيد الشرط بل تفصيل فقط، ومذهب بعض المغاربة ومنهم ابن مالك". بعض المغاربة ومنهم ابن مالك، يعني الأصل جيان، من جيان، لكنه استوطن المشرق، ورده النحاة بأنه قد تتخلف عن التفصيل في نحو قولنا: فأما زيد فمنطلق.
الفصل بين الشرط أو التفصيل كما يراها من يراها، إما للشرط أو التفصيل، نقول: ما المانع أن تكون للشرط وفيها شوب تفصيل أو للتفصيل وفيها شوب شرط، كما قلنا في من التبعيضية والبيانية؟  كثير من الأمثلة تصلح لهذا وهذا، ما يقال: إنها للتبعيض فقط أو للبيان فقط، ومثل ما قلنا في خاتم من حديد: تصلح للتبعيض وتصلح للبيان، "الثالث: أن أما تفيد التوكيد نصل على ذلك الزمخشري وهذا أيضًا". كل هذا الكلام الذي فات مؤداه مما أشرنا إليه في الدرس الماضي.
يقول: قال في "نصب الراية": "كتاب النبي –صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة، وهذا النجاشي الذي كتبه له غير الذي صلى عليه؛ لأن النجاشي لقب على من ملك الحبشة، وكونه كتب إلى النجاشي وهو نصراني، وقال له: ملك الحبشة، ومر بنا في كلما شيخ الإسلام أنه جاء في بعض الروايات ملك الروم؛ لأنهم يقولون قال: عظيم الروم، ولم يقل: ملك الروم؛ لأنه لا ملك له، نعم هم يعظمونه، وأما ملكه فمرتفع بالإسلام حتى يولى من قِبَل المسلمين. هكذا قالوا، وقلت أيضًا في وقتها: إذا وجهنا عظيم الرُّوم بأنه هو الذي يعظمه الروم، فما المانع من توجيه ملك الروم بأنه هو الذي ملَّكه الروم على أنفسهم؟ ما فيه ما يمنع، يبقى أنَّ الأسلوب النبوي الذي يحتمل المداراة من أجلِ الدَّعوَة، وهذا معروف في النُّصوص، المدارة إذا ترتب عليها مصلحة فهي شرعية بخلاف المداهنة التي تتناول شيء من التنازل عن شيء من الدين هذه لا تجوز، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم:9].
في خطاب هارون الرشيد إلى عظيم الروم في وقته، نقفور، ماذا قال؟ قال: من هارون الرشيد إلى نقفور كلب الروم، إلى نقفور كلب الروم، هل نقول: إن الرشيد أخطأ في هذا الأسلوب أو أنه قد يُحتاج إليه أحيانًا؟ عرفنا الأدب النبويّ في حديث الباب، وأنه قال: عظيم الروم، وهارون الرشيد قال: إلى نقفور كلب الروم، ما فيه شك أن الأدب النبويّ ممَّا تقتضيه مصلحة الدعوة في الظرف الذي أُرسِل إليه هذا الخطاب الذي أُرسل، مناسب جدًّا، الأدب النبوي الرَّفيع الذي عُرف عنه –عليه الصلاة والسلام- كان خلقه القرآن، ولم يكن فاحشًا ولا متفحِّشًا، الرشيد كتب: كلب الروم، فهل اختلافُ الأحوال، واختلافُ الظُّروف، واختلاف الأشخاص، يؤثِّر في العبارة قوةً وشدَّةً ولينًا؟

لأنَّ بعض النَّاس ينفع معه اللين، وبعضُ النَّاس لا يُجدِي معه إلَّا الشدّة، الله –جل وعلا- أمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولًا لينا، قولاً ليَّنا، لكن لمَّا تبيَّن عنادُه، {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [الإسراء:102] فقد يُحتاجُ إلى هذا، وقد يُحتاج إلى هذا؛ لأن بعض الناس إذا ألنت له الكلام ملكته، وبعض الناس إذا ألنت له الكلام يتمرَّد، وهذا تبع لمعادن الناَّس؛ لأنَّ منهم الكريم، ومنهم اللئيم، وعلى كلِّ حال: الأصل في المسألة كتابه –عليه الصلاة والسلام-.
الطالب:.......
نعم. {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} [النمل:23].
الطالب:....
هي ملكة عليهم، هذا لا يشك فيه أنها ملكة عليهم، لكن هل الملك صوري أو حقيقي؟ يعني إذا ملكوها فهي ملكة عليهم، وإذا كان حكمها شرعيًّا فحكمها حقيقي.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
من الطرائف أن شخصًا من البادية عنده ولد، نزل به إلى الحاضرة في آخر شعبان، وليس المقصود الولد في النزول، إنما بَيْع بعض المواشي، فمر بولده على المقرئ فقال: علمه القرآن؛ لأننا نريد أن يصلي بنا رمضان، التراويح، ما هو بوضعنا الآن، (أما بعد) تريد أن تأخذ درسين، يقول هذه الحروف اليسيرة تريد أن تأخد درسين، لا هذا ولا هذا، فإذا انتهى شرح الحديث وانتهينا من بدء الوحي، نضع آلية تمشي الكتاب مشيًا مع تحقق الفائدة –إن شاء الله -.

 «أما بعد، فإني ادعوك بدعاية الإسلام» «أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام" قال الخطابي في شرحه "صحيح البخاري" المسمى "أعلام" أو الحديث، يعني المطبوع "أعلام الحديث" والمشهور عند أهل العلم "أعلام السنن" مثل "معالم السنن" على سنن أبي داود، على كل حال سواء كان "أعلام حديث" أو أعلام السنن، لا فرق، الذي يبقى أن الحكم لمن يُثبت أن مؤلفه سماه هكذا أو هكذا.
الطالب:.....
"معالم السنن" ماذا؟
الطالب:...
نعم، معروف، لا، لا، "أعلام" "أعلام".
"فإني أدعوك بدعاية الإسلام" قال الخطابي –رحمه الله تعالى- في "أعلام الحديث: "يريد دعوة الإسلام" يعني دعاية الإسلام: دعوة الإسلام، وهي كلمة الشعار التي يُدعى أهل الملل الكافرة، التي هي: الشهادة، «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله»، هو الدعاية مبنيةٌ من قولهم، من قول كدعى يدعو، كما قيل: شكى يشكو شكايةً، وقد تقام المصادر مقام الأسماء، وقد تُقام المصادر مقام الأسماء، وبيانُ الدِّعاية في قوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ} [آل عمران:64]، الآية، بيانُ الدِّعاية، قال: "يريدُ دعوةَ الإسلام وهي: كلمة الشعار" الذي قالوا عنها إنها هي الشهادتان، ثم قال: "وقد تقامُ المصادرُ مقام الأسماء، وبيان الدِّعاية في قوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} [آل عمران:64]" يعني: يُدعى إلى قوله: {تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} [آل عمران:64]، أو يُقال لهم: قولوا: لا إله إلا الله؟

يعني هل قوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} هي كلمة الشِّعار؟ لا، ليست كلمة الشعار، ف{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} دعوة، دعوة، مثل قوله: "فإني أدعوك بدعاية الإسلام" التي هي الشعار الشهادتان، وقال النووي في شرحه للقطعة من أوائل البخاري، "قوله: أدعوك بدعاية الإسلام"، بكسر الدال، وهي دعوةُ الإسلام، أي: آمرك بكلمةِ التَّوحيد، أي: آمرك بكلمة التوحيد، ووقعت هذه اللفظة في رواية لمسلم: بداعية الإسلام" أدعوك بداعية الإسلام" أي: الكلمة الداعية إلى الإسلام"، وقال الكرماني: "ويجوز أن يكون الداعية بمعنى الدعوة كما في قوله تعالى: {لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} [النجم:58]، أي: كشف، يأتي اسم الفاعل ويُراد به: المصدر، كما أن المصدر يأتي ويُراد بهِ اسم الفاعل، يقول الكرماني: "وأقول: دعوة الإسلامِ" تأمل في كلامه، "وأقول: دعوة الإسلام مثل شجر الأراك" "دعوة الإسلام مثل شجر الأراك، أي: أدعوك بالمدعو الذي هو الإسلام" شجرة الأراك: الشجرةُ التي هي الأراك، أي: أدعوك بالمدعو الذي هو الإسلام. وما وجه الشبه بين شجرة الأراك وبين دعوة الإسلام بعد دعوة، دعاية الإسلام ودعوة الإسلام؟
الطالب:....
يعني من إضافة الشيء إلى نفسه، يجوز أم ما يجوز من غير تقدير؟ مسجد الجامع، مسجد الجامع، قالوا: لا بد أن يقدَّر مسجد المكان الجامع؛ لأن الشيء لا يُضاف إلى نفسه، مسجد المكان الجامع.
حبة الحنقاء، قالوا: حبة البقلة الحنقاء، "وأقول: دعوة الإسلام مثل شجرة الأراك، أي: أدعوك بالمدعو الذي هو الإسلام، والباء بمعنى: إلى، والباء بمعنى إلى، وجوَّز بعض النُّحاة إقامة حروف الجرّ بعضها مقامَ بعضٍ، أي: أدعوك إلى الإسلام، وجوَّز بعض النُّحاة إقامة حروف الجر بعضها مقامَ بعض، أي: أدعوك إلى الإسلام".
الباء بمعنى إلى، يعني بعضهم يرى أنَّ الحروف ينوب بعضها من بعض، وهذا قولٌ معتبر عند أهل العلم، إلَّا أنَّه صار بابًا يلجُ منه أهلُ البِدَع، يلِج منه بعض أهل البدع؛ لإنكار ما ينكرون أو تأويل ما يريدون تأويله، ولذا تجدون شيخ الإسلام يتحاشى مثل هذا الإطلاق، ويرى أنَّ تضمين الفعل معنى فعلٍ يتعدَّى بالحرفِ المذكور أولى من تضمين الحرف حرفًا مناسبًا للفعل المذكور.
في "مصابيح الجامع" للبدر الدماميني، هذا أول مرة ننقل منه من غير واسطة، نقلنا منه بواسطة، بواسطة القسطلاني، والتوضيح، نعم، لا، لا، التوضيح من قبله، التوضيح قبلُ، التوضيح قبله، توفي سنة كم؟
الطالب:...
ماذا؟
الطالب:....
لا، متأخر، عندنا ثلاثة: البلقيني، وابن الملقِّن، والعراقي. البلقيني، وابن الملقن، والعراقي. وُلد الأول سنة سبعمئة وثلاثة وعشرين، والثاني أربعة وعشرين، والثالث خمس وعشرين، ومات الأول ثمانمئة وأربعة، والثاني ثمانمئة وخمسة، والثالث ثمانمئة وستة، أي عمرهم واحد، بينما صاحب "المصابيح" بعد ابن الملقن بحدود ربع قرن أو أقل قليلاً، سنة ثمانمئة وسبع وعشرين أو شيء من هذا.
السبب في كوننا ننقل منه من غير واسطة لأول مرة؛ أنه طُبع أخيرًا، طَبْعُهُ متأخر، يعني بعض الكتب، وإن كانت أقدم تجد طبعها  متأخر، أقدم الشروح "شرح الخطابي"، ومع ذلك طبعه تأخر جدًّا، أيضًا ابن بطال، متقدم جدًّا، ومع ذلك تأخر طبعه جدًّا.
الطالب:....
لا، الكرماني مناسب طبعه؛ لأنه من سبعين سنة مطبوع، وأيضًا ليس بمتقدمٍ جدًّا، يعني بعد ابن بطال بمئتي سنة، وبعد الخطابي بأربعمئة سنة، وطبعه من سبعين سنة مناسب أو ثمانين.
في "مصابيح الجامع" هذا المختصر جدًّا، "مصابيح الجامع" مختصر، يكتفي ببيان الغريب، وحل بعض الإشكالات اللغوية والنحوية، قال: "وفي البخاري في الجهاد، وفي مسلمٍ هنا: بداعية الإسلام" في البخاري في الجهاد لم يذكر ابن حجر ولا غيره، ولذلك قلتُ كقوله في البخاري في الجهاد "كذا، والذي فيه بدعاية الإسلام كما هنا" "وفي مسلم هنا بداعية الإسلام، أي: الكلمة الداعية إلى الإسلام، ويجوز أن يكون مصدرًا كالعافية، ويجوز أن يكون مصدرًا كالعافية".
«أسلم تسلم» "«أسلم تسلم» قال في "المصابيح" أيضًا: "هذا من الكلام الجزل المشتمل على الإيجاز والاختصار، وقد انطوى على الدلالة على خيري الدنيا والآخرة، مع ما فيه من بديع التجنيس" هذا من الكلام الجزل «أسلم تسلم» "من الكلام الجزل المشتمل على الإيجاز والاختصار، وقد انطوى على الدلالة على خيري الدنيا والآخرة، مع ما فيه من بديع التجنيس، وقال ابن حجر: قوله: «أسلم تسلم»، يقول: غايةٌ في البلاغ، وفيه نوع من البديع، وهو الجناس الاشتقاقي، قال العيني: قوله: «أسلم تسلم» كلاهما مجزومان" اسم مجزوم؛ لأنه فعل أمر، وتسلم: جواب الطلب، جواب الأمر، أو جوابُ الشَّرط مقدَّر تقديرُه، إن تُسلِم تسلَم، "كلاهما مجزومان، الأول؛ لأنه أمر، والثاني؛ لأنه جواب الأمر، والأول بكسر اللام، أسلِم، لأنه من أسلَم، والثاني بفتحها لأنه مضارعٌ من سَلِمَ".
سبق في كلام العلماء أنهم نصُّوا على أنَّه لو فهِم العموم من قوله: «أسلم تسلم» لما تردد في الإسلام؛ لأن الذي منعه من الإسلام خوفه على نفسِه، فكيف يخافُ على نفسِه وقد ضُمنت له السَّلَامة! فكيف يخاف على نفسه والرسول –عليه الصلاة والسلام- يقول: «أسلم تسلم»، لو استعمل هذا اللفظ على عمومه، على عموم السلامة في الدنيا والآخرة ما تردد في الإسلام، إن كان المانع له حقيقةً الخوف على ملكه.
الطالب:....
لا، هو ضنَّ به، وبخل به في مقابل الإسلام، لكن لو أسلم سلم، لكن كونه يزعم أن السبب في عدم دخوله في الإسلام الخوف على نفسِه، قد يكون غير صحيح، وغير دقيق، إنما هو الخوف على ملكه، صحيح؟ بعضُ المسلمين إذا سمع مثل هذا الكلام، إذا سمع النبي –عليه الصلاة والسلام- يضمن له الجنة، ما يتردد في فعل الشرط ليحصل له الجزاء.
الطالب:...
 وهو من المسلمين! من فعل كذا، دخل الجنة، تجد كثيرًا من المسلمين ما يفعل، فكيف لا يتصور أن كافرًا لا يضمن السلام، ولا يفهم العموم منها، وهو على كفره؟ أظن أن هذا ظاهر.
«يؤتك الله أجرك مرتين» «يؤتك الله أجرك مرتين» قال ابن حجر: قوله" يؤتك: جوابٌ ثانٍ للأمر، جواب ثانٍ للأمر، وفي الجهاد للمؤلف: "أسلم، أسلم" " أسلم أسلم يؤتك" بتكرار أسلِم، فيحتمل التوكيد، ويحتمل أن يكون الأمر الأول للدخول في الإسلام، والثاني للدوام عليه" يعني: أسلم ودُمْ على إسلامك؛ لأنك لما تخاطب مسلمًا فتقول له: أسلم، أو مؤمن فتقول له: آمن، مرادك استمر على دينك، استمر على إسلامك، استمر على إيمانك "، وفي الجهاد للمؤلف: "أسلم، أسلم يؤتك، بتكرار أسلِم فيحتمل التوكيد، ويحتمل أن يكون الأمر الأول للدخول في الإسلام، والثاني للدوام عليه، كما في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء:136] " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} التنظير بين الآية والحديث مطابق أم غير مطابق؟ غير مطابق؛ لأنه في الآية يحتمل التوكيد، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، أخبر عنهم بالإيمان، والثانية أخبرهم به، بينما قوله: أسلم، أسلم، كلاهما أمر، فالتنظير غير مطابق.
الطالب:.....
المقصود أنه في الآية ليس فيه تكرار للفظ بلفظه حتى نقول: للتوكيد، أما كونها تدل على الاستمرار والثبات، فهذا واضح، وسيأتي في كلام العيني التعقيب على ابن حجر، تعقبه العيني بقوله: "الأصوب أن يكون، الأصوب أن يكون من باب التأكيد" "الأصوب أن يكون من باب التأكيد، والآية في حق المنافقين معناها: يا أيها الذين آمنوا نفاقًا آمنوا إخلاصًا، يا أيها الذين آمنوا نفاقًا آمنوا إخلاصًا".

 يقول العيني: "كذا في التفسير" يعني في كتب التفسير والذي في تفسير القرطبي ذكر أقوالًا، قال: "قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} [النساء:136] الآية، نزلت في جميع المؤمنين، نزلت في جميع المؤمنين، والمعنى: يا أيها الذين صدَّقُوا أقيموا على تصدقيكم، واثبتوا عليه، يا أيها الذين صدَّقُوا أقيموا على تصدقيكم، واثبتوا عليه" وقيل: "نزلت" كتب البلاغة تقرر هذا "المراد به الثبات،  فأمر المتصف بالمأمور به يراد منه: الثبات عليه، وقيل: "نزلت فيمن آمن بمن تقدم محمدًا –صلى الله عليه وسلم- من الأنبياء –عليهم السَّلام-، آمنوا، يا أيها الذين آمنوا بعيسى، يا أيها الذين أمنوا بموسى، يا أيها الذين آمنوا بإبراهيم، يا أيها الذين آمنوا آمنوا بمحمد، فالإخبار عنهم بأنهم آمنوا بغير محمد –عليه الصلاة والسلام- والأمر به، بالإيمان به– عليه الصلاة والسلام-، "وقيل: نزلت فيمن آمن بمن تقدم، ومحمد –صلى الله عليه وسلم- من الأنبياء –عليهم السلام. وقيل: إنه خطاب للمنافقين، والمعنى على هذا: يا أيها الذين آمنوا في الظاهر أخلصوا لله، وهذا مراد العيني. وقيل: المراد: المشركون"، كيف يقال عن المشركين: يا أيها الذين آمنوا؟
الطالب:....
ماذا؟
الطالب:....
نعم.
الطالب:....
يعني أقروا واعترفوا، ننظر في القرطبي يقول: "وقيل: المراد المشركون، والمعنى: يا أيها الذين آمنوا باللات والعزى، والطاغوت، آمنوا بالله أي صدِّقوا بالله وكتبه"، ولا شكَّ أنَّ هذا بعيد، والمعتمد عند الأكثر هو الأوَّل.
الطالب:....
نعم.
الطالب:......
يريد أنَّهم في الظَّاهِر يدَّعون ذلك، ويُظهرون التَّصديق، وهم في الباطن كفَّار؛ آمنت ألسِنتهم ولم تؤمن قلوبهم، ويقال في أميَّة بن أبي الصَّلت: آمن قلبُه، آمن لسانه ولم يؤمِن قلبه، هو بالمعنى الأعم.
«أجرك مرتين» «أجرك مرتين» أي: لإيمانك بعيسى –عليه السَّلام- وإيمانِك بمحمدٍ بعدَهُ، قال ابن حجر: "وهو موافقٌ لقوله تعالى: {أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ} [القصص:54]، {أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ} [القصص:54]، وإعطاءُ الأجرِ مرَّتين؛ لكونِه كان مؤمنًا بنبيِّهِ ثم آمن بمحمدٍ –صلَّى الله عليه وسلم- ويحتملُ أن يكونَ تضعيفُ الأجرِ لهُ من جهةِ إسلامِهِ، ومن جهةِ أنَّ إسلامَهُ يكون سببًا لدخولِ أتباعِهِ" يعني: آمن بنبيِّه وآمن بمحمد-عليه الصلاة والسَّلام- يستحق كما جاء في الحديث الصحيح: «ثلاث يؤتون أجرهم مرتين، أو ثلاث لهم أجران»، وهو مخرج في البخاري ومسلم من حديث أبي موسى، وستأتي الإشارة إليه. "ويحتمل أن يكون تضعيف الأجرِ لهُ من جهةِ إسْلامِه، ومن جهة أنَّ إسْلامه يكون سببًا لدخولِ أتْباعِهِ، وسيأتي التصريح بذلك في موضعِه من حديثِ الشَّعبي من كتاب العلم –إن شاء الله تعالى-".
الطالب:.....
هو ما فيه شكَّ أنَّ الغُنْم من الغُرم، أمهات المؤمنين نؤتها، ويُضاعف لها العذاب ضعفين، كل إنسان على حسب منزلته.
الطالب:....
نعم؟
الطالب:....
نعم.
الطالب:....
هؤلاءِ الذين يُظهرون الإيمان حكمهم حكم المنافقين –نسأل الله العافية-.
الطالب:....كيف يقال النصرانية....
إيمان إجمالي ما هو بتفصيلي، هذا وقت التنزيل يقولون هذا، وتحل ذبائحهم ونساؤهم،
في وقت التنزيل يقولون، المسيح ابن الله! ومع ذلِك تحل نساؤهم وذبائحهم.
قلت: في الحديث الصَّحيح، البخاري ومسلم، «ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد –صلى الله عليه وسلم-»، «رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد– صلى الله عليه وسلم-، والعبد المملوك إذا أدَّى حقَّ الله وحقَّ مواليه، ورجلٌ كانت عنده أمَة فأدَّبها وأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران»، متفق عليه من حديث أبي موسى.
استنبط السِّراج البلقيني من مُخاطبتهم بأهلِ الكتاب وهم ليسوا من بنو إسرائِيل "أنَّ كلَّ من دان بدين أهل الكتاب، أنَّ كلَّ من دان بدين أهلِ الكتاب كان في حكمهم، في المناكحة، والذبائح"، يعني لو أن أعرابيًّا تنصر، وتوارث أبناؤه هذا الدين النصرانية، تحل ذبائحهم لأنهم أهل الكتاب.
الطالب: هرقل لم يكن على النصرانية.
ماذا؟
الطالب:.....
يعني من جاء بعد الأب، نعم.
الطالب:....
نسمع كلام البلقيني: "أن كل من دان بدين أهل الكتاب كان في حكمهم في المناكحة، والذبائح؛ لأن هرقل هو وقومُه ليسوا من بني إسرائيل، وهم ممن دخل في النَّصرانية بعد التَّبدِيل، وقد قال له ولقومِهِ:
»يا أهل الكتاب» فدلَّ على أن لهم حكم أهل الكتاب، خلافًا لمن خصَّ ذلك بالإسرائيليين، أو بمن علم أن سلفه ممن دخل في اليهودية أو النصرانية قبل التبديل، والله أعلم"، نقله ابن حجر.

 وقال –رحمه الله- «فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين» «فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين» قال ابن حجر: "فإن توليت أي: أعرضت عن الإجابة إلى الدخول في الإسلام، وحقيقة التولي إنما هو بالوجه، ثم استعمل مجازًا في الإعراض عن الشيء، وهي استعارة تبعية".

قال الكرماني: "فإن توليت أي أعرضت عن الإسلام، فإن عليك إثم اليرسيين، بفتح الياء التحتانية وكسر الراء، وبالياء الساكنة والسين المهملة، ثم الياء الساكنة، جمع يريس على وزن فعيل"، وقد تُقلب الياء الأولى همزة، فيُقال: الأريسيين، وروي أيضًا: بياءين بعد السِّين جمع يريسيٍّ منسوب إلى يريس، وروي: الأريسين بكسر الهمزة وكسر الراء المشددة: الإرِّيسيِّين، الإريسيين بكسر الهمزة، وكسر الراء المشددة وبياءٍ واحدة بعد السِّين، وهم الأكَّارون، الزرَّاعون، وجاء في بعض الروايات في غير الصحيح: فإن عليك إثم الأكَّارين.
يقول التيمي: "الأصل الأريسي، فأبدلت الهمزة بالياء، وفي كلام الكرماني: وقد تُقلب الياء الأولى، تبدل أو تقلب الياء الأولى همزة".
الطالب:....
ما يخالف، لكن أيهما الأصل، الهمز أم الياء؟ كلام الكرماني الأصل الياء، وقد تقلب هذه الياء همزة.
الطالب:.....
تُسَهَّل، تسهل فتكون ياءً، التيمي: "الأصل الأريس فأبدلت الهمزة بالياء". يقول الكرماني: "وأقول: هو على عكس المشهور ثم إنَّه على التقدير معناه: إنَّ عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك، وينقادون بانقيادك، ونبَّه بهؤلاءِ على جميع الرعايا"، "ونبَّه بهؤلاء على جميع الرَّعايا؛ لأن الزراعين كانوا هم الأغلب فيهم، ولأنَّهم أسرع انقيادًا فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا، ويحتمل أن يُراد: إن توليتَ فالمجوس يقلدونك فيه، فيحصل عليك إثمهم، وقيل المراد منهم: أتباع عبد الله بن أريس، الذي تنسب الأروسية من النصارى إليه، وتَقْديم لفظ: عليكَ على اسم إنَّ مفيدٌ للحصر، أي: ليس إثمهم إلا عليك".
يعني: تقديم المعمول على العامل، تقديم المتعلق من الجار والمجرور والظرف على متعلَّقه، كل هذا يدل على الحصر، "مفيد للحصر، أي: ليس إثمهم إلا عليك".
"فإن قلت: وكيف يكون إثمهم معصيةً، وكيف يكون إثم معصية غيره عليه؟" هذا الذي سأل عنه.
"وكيف يكون إثم معصية غيره عليه، قال، وقد قال –جل وعلا-: {
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ} [الأنعام: 164]؟ قلت: أن المُراد، أو المراد: أن إثم الإضلال عليه" يعني: هو الذي أضلهم، وصار سببًا في عدم إسلامهم، كما جاء في حديث أن الميت ليعذب ببكاء أهله، إذا تسبب «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، وعلى ابن آدم الأول كِفل» نسأل الله العافية من كل من يقتل من الوزر؛ وذلكم لأنه سنَّ القتل، فلا شكَّ أنَّ الإنْسَان يكسَب الأجور العظيمة بسبب فِعله الذي يُقتَدى به، وقد يأثم الآثام، والأوزار التي لا طاقة له بها بسبب كلام سطَّره أو تكلم به، فالتأليف شأنه عظيم، فمن استفاد منه فيما ينفع له أجره إلى قيام السَّاعة، ومن تضرَّر به لأنه من الكلام الضَّار المبتدَع المخترَع فإنَّ عليه وزره ووزر من تأثر به إلى يوم القيامة، فليس وزرُ غيرِه عليْه، إنَّما الذي عليه في الحقيقة وزرُ نفسِهِ، الذي عليه وزر نفسه؛ لأن الإضلال والتسبب به كأنه سنَّ هذه السُّنَّة السيئة وتُبع عليها واقتدي به فيها.
الطالب:....
المقصود أنَّهُ لا علاقةَ بفعلِهِم؛ لأنه لم يتسبب، كونُه أسلَم، هل يمكن أن يُسلم وينهاهم عن الإسلام؟ نعم إن أسلم ونهاهم عن الإسلام فعليه أوزارهم، إذا أسلم ومنعهم من الإسلام فعليه أوزارهم.
الطالب:....
نعم ، ماذا قال؟ قال: أريد أن أختبر إيمانك، نقض كل ما فعل.
الطالب:.....
فيه كلام طويل سيأتي، ممكن أن يحتاج إلى درس، فيه ردود، وفيه أشياء.
الطالب:....
نعم، أكثرهم زِرَة، قلت: "المراد أن إثم الإضلال عليه، والإضلال أيضًا وزره، أيضًا وزره"، هذا الإضلال وزره، يعني: الذي يدعو الناس إلى البدع، يُقال: إنه يعذب بعمل غيره أو بعمله بهذه الدعوة؟ فهذا الإضلال، وهذه الدعوة إلى الضلال هذا عمله،" فوزره عليه على أنه معارض بقوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت:13]" معارض {
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}، معارض بقوله: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ}، وما وجه المعارضة؟

أن مفادها غير مفاد الآية الأولى، لكن مع التوجيه السابق ما فيه معارضة.

الجوهري يقول: "الأريس على مثال الفعيل، والإرِّيس مشدد على مثال: الفسِّيق الأكَّار، فالأوَّل جمعه الأريسون، والثاني جمعه الأريسيون، وأرارسة، وأراريس، والفعل منه: أرس يأرس أرسا، أو أرَسًا، وقولهم للأريس أريسي، وللإريس إريسي".  زيادة الياء غير ياء نسب، غير ياء النسب، شائعة.
شائعة في المتقدمين والمتأخرين، لكن عند التحرير تُحذف كقول العجاج:

"والدهر بالإنسان دوّاريّ".

أي: دوار. "وكان أهل السواد ومن كان هو على دين كسرى، أهل فلاحة وكان الروم أهل أثاثٍ وصنعة، فأعلمهم النبي –صلى الله عليه وسلم- أنَّهم وإن كانوا أهل كتاب فإن عليهم من الإثم إن لم يؤمنوا به، فإن عليهم من الإثم إن لم يؤمنوا به مثل إثم المجوس الذين لا كتاب لهم". يعني: إن لم يؤمنوا بمحمد –صلى الله عليه وسلم- ما نفعهم إيمانهم بنبيهم، نعم إن آمنوا به –عليه الصلاة والسلام- كان لهم أجران، وإن لم يؤمنوا به لا ينفعهم إيمانهم بعد بعثته– عليه الصلاة والسلام- لا بموسى ولا بعيسى ولا بغيرهما، فاليهود والنصارى إن لم يؤمنوا بمحمد –عليه الصلاة والسلام- كفَّارٌ بالإجماع.

وفي شرح الخطابي: "قال بعض أهل اللغة: واحد الأريسيين أريسي، وهو منسوب إلى الأريس وهو الأكَّار".
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى -المعروف بثعلب- وهو من أئمة اللغة الثقات. قال أبو العباس بن يحيى ثعلب: "قال ابن الأعرابي: الأريس: الأكار، ويجمع على الأريسيين بتخفيف الياء، وقد أرس يأرس أرَسًا إذا صار أريسًا، ويقال أيضًا: الأريسي، ويجمع على أريسيين وآرارسة، والمعنى: إنك إن لم تُسلم وأقمت على دينك كان عليك إثم الزراعين والأجراء الذين هم خولٌ وأتباع لك، ويقال: إنهم كانوا مجوسًا، فأما اليريسي -إن صح من الرواية- فإن الياء فيه مبدلةٌ عن الهمزة". وسيأتي كلام ابن حجر، ورد العيني عليه –إن شاء الله تعالى- في الدرس اللاحق، يوم الثلاثاء.
يقول: ذكرتَ مرارًا أن الهمم تكون عالية في بداية الكتب، ثم تقِلُّ شيئًا فشيء، وكان ذلك على سبيل الإنكار أو الذم، فهل عدولكم عن هذه الطريقة التي استفدنا منها كثيرًا، وذلك بعد الانتهاء من كتاب بدء الوحي، هل يكون هذا من باب نقص الهمم، ولا نذكر ذلك إلا لبيان الأمر. إلى آخر كلامه...
لا شك أنَّ أنا مع التطوير، أنا مع التطوير، لكن الطلب كثير على أن نرجع إلى طريقة الشرح للبخاري السابقة، وبدلًا من أن نقرأ في، الآن أكمل سنة حديث هرقل إذا أكملناه إلى الإجازة، معناه سنة.
الطالب: سمعت كثيرًا من شروح البخاري ما فيها... المتقدمين..
نحن نشرح الشروح، ونعلق على الشروح.
الطالب: الشروح صوتية للمشايخ، .. قائمة على الاختصار.. كأنها صارت حركة قراءة للبخاري.
على كل حال الأمر لا يعدوكم، الأمر لا يعدوكم، إن كانت الصدور تتسع لمثل هذا فأنا ما عندي مشكلة.
الطالب:.....
بيَّنا، لكن الطول يقطع الظهور.
الطالب:....
يكملون، أنا أعرف أن البخاري كمل عند بعض المشايخ سنة، كله.
يقول: عنوان الدرس الماضي كان: أما بعد، والتفصيل والإفاضة ممتعة، وفيها فوائد جمة للطالب كإطالة نفسه في البحث، ماذا؟ وتلقح فكره بالفنون والعلوم إلا أنه لو استمررنا بمثل هذا التفصيل لاحتجنا أربعين سنة قادمة نتمنى ونطلب...
ليت أربعين، ولا أربعمائة، يعني سبعة أحاديث كم لنا؟ كم لنا؟ ثلاث، نعم، من غير صاحب السبرة، السبرة الأجرة لأمد بعيد، وكانوا يؤجرون مائة سنة، مائتين سنة، ثلاثمائة إلى ألف، فواحد من العامة أبرم عقد السبرة عند القاضي بخمسمائة سنة، يوم طلع رجع للقاضي قال: يا شيخ إلى غدا أخرجنا من البيت وحاجياتنا وأطفالنا وما أدري.. قال: إذا تمت تعال أجد لك، هذه مثلها، هذه تصير سبرة، ما فيه شك أنها تطول، لكن الأمر إليكم، أنا ما عندي أدنى مشكلة؛ لأننا نرى بعض الإخوان يعني العدد ينقص.
الطالب: بل يزيد...
عسى.
راضون بالتفصيل؟
الطالب:...
والله سنرى، يعني كوننا نأخذ بعض الكتاب، ونترك أبوابًا مهمة جدًّا، هذه سلبية، وكوننا أيضًا نشرح الكتاب على وجهٍ فيه قصور شديد أيضًا هذه سلبية، لكن في وقته أنا ما أدري، ولا هذه السنة ما يكمل حديث هرقل، والله ما نضمن، على الطريقة هذه ما نضمن.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه