كتاب الحيض (08)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا يقول: لا يخفى عليكم أهمية صحيح مسلم –رحمه الله- وأنه يحتاج إلى شرح وتعليق، خصوصًا أن الإمام النووي –رحمه الله- ضمَّن شرحه كثيرًا من التأويل وهي بحاجةٍ إلى بيان الحق، كذلك ما يتميز به شرحه –رحمه الله- من رقائق ومواعظ وفوائد لا تُوجد في غيره –وإن شاء الله- إذا بدأتم في شرح صحيح مسلم اكتملت الفائدة، صحيح البخاري يوم الاثنين، وصحيح مسلم يوم الثلاثاء إما بعد العشاء أو بعد المغرب، وأرى أن صحيح مسلم– رحمه الله- الحاجة ماسةٌ لشرحه، ولعل الله يُيسر ذلك بحوله وقوته.
أولاً: صحيح مسلم شُرِح كثيرٌ منه، وهو موجود عند الإخوان في المكتب، ومقدمته مشروحة بشرحٍ مبسوط، والكتاب قُرئ، ماذا صار له؟
إلامَ وصلنا؟
طالب:......
العبادات شُرِح من صحيح مسلم في درس والقارئ.......... والآن هو يُشرح بالمسجد النبوي على شكل دورات، والكتاب كله مع شرح النووي قرأته أكثر من مرة وعلقت على جميع ما فيه من مُخالفات وهي موجودة، يسر الله نشرها.
كون الكتاب يُقرأ ويُعلَّق عليه أمره سهل وينتهي؛ لأنه غير مرتبط بطلاب ظروفهم تخضع للدراسة والإجازات ينتهي، لكن إذا جُعِل في درس مثل البخاري يحتاج إلى عشرات السنين، الآن كم درس في صحيح البخاري ومازلنا في البداية؟
طالب:........
إحدى عشرة سنة، كم فيها من درس؟
طالب:........
كانت البدايات على درسين، والتطويل أولًا، يعني شرح كتاب بدء الوحي والإيمان مائة وعشرة دروس، بينما بدء الوحي ثمانية دروس في شرح التجريد على طوله ثمانية دروس.
فهذه الكتب الطويلة إما أن يُسلك فيها مسلك المتون وتُقرأ ويُعلَّق عليها تعليقًا مناسبًا عند الحاجة، ويُترك الباقي يُحال فيه الطلاب على الشروح، وهذا الطلب ليس بجديد لاسيما في درس اليوم، وفي الأسبوع الماضي واحد من الشيوخ الفضلاء اقترح هذا الاقتراح، وقلنا: إننا عرضناه مرارًا، وحصل فيه الخلاف؛ لأن في الشرح فوائد تحتاج إلى توضيح وبيان يحتاج إليها طالب العلم فيه قواعد، وفيه ضوابط يُحتاج إليها، فالمسألة فيها يعني ليس من الخير المحض أن نُلغي الشرح ونقتصر على المتن ولو كان فيه بريق أو بصيص أمل للإكمال، لكن يبقى أننا يفوتنا فوائد كثيرة وعظيمة في الشرح، وكانت الخطة قبل ذلك أشد مما عليه الآن، لكننا خففنا واقتصرنا على شرح واحد بدلاً من كثير من الشروح.
على كل حال كل شيء له ضريبته التوسع والتفصيل أكثر فائدة، لكنه يحتاج إلى عمر، والإجمال والاختصار أقل فائدة، لكنه يُنجز، فالترجيح في هذا الباب من الأصل متروك للطلاب؛ لأنهم كبار، وعلى مستوى، ويُقدرون الفائدة، ومرت تجربة كافية للحكم.
طالب:........
يصير الكرماني.
طالب:........
أعرف أنه كان علق على المتن.
والمسألة مُحيرة، بعض الناس يهمه الإنجاز بغض النظر عن الفائدة، والبعض الآخر يقول: نستفيد، ما نستفيد والباقي ملحوق عليه أو يُدرك عند شيوخٍ آخرين.
نقول: إذا وصلنا إلى كتاب الصلاة لعلنا إن ترجح لدينا تغيير الطريقة فمن الفراغ من أبواب الطهارة.
طالب:........
لا لا آمالك طويلة وعريضة أنت يا شيخ.
كتاب الصلاة متى ننتهي منه؟ بقي عليه من الحديث التاسع عشر بعد الثلاثمائة.
طالب:........
نعم بقي التيمم، لكن كم كتابًا؟ كم بقي من حديث في....
طالب:........
نعم ثلاثون حديثًا، لكن الثلاثين ونحن نأخذ حديثين ثلاثة تحتاج إلى...
طالب:........
لا الدروس تخلف، الدروس صعب ضبطها، يمر علينا ببعض الدروس تعليق على فائدة أو على شيء، وسماع كلام الإخوان وكذا ويروح الدرس، ما يمكن ضبطه.
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
فقط مائتين ستة وخمسين أنا أظنها أكثر.
طالب:........
الله أعلم.
نعم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب: كيف تُهل الحائض بالحج والعمرة؟
حدَّثنا يحيى بن بكيرٍ، قال: حدَّثنا الليث، عن عقيلٍ، عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرةٍ، ومنا من أهل بحج، فقدمنا مكة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ، فَلْيُحْلِّ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى، فَلاَ يُحِلُّ حَتَّى يُحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ» قالت: فحضت، فلم أزل حائضًا حتى كان يوم عرفة، ولم أهلل إلا بعمرة، فأمرني النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أنقض رأسي وأمتشط، وأهل بحج وأترك العمرة، ففعلت ذلك حتى قضيت حجي، فبعث معي عبد الرحمن بن أبي بكرٍ، وأمرني أن أعتمر مكان عمرتي من التنعيم".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...
فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بابٌ: كيف تُهل الحائض بالحج والعمرة؟" يعني كيف تُحرم بالحج والعمرة الحائض؟ لأن الحائض ممنوعة من دخول البيت ومن الطواف، والطواف آكد أركان العمرة وأول أركانها بعد نية الدخول في النسك، فإذا كانت ممنوعة من أول الأفعال فكيف تُهل؟ فالنبي –عليه الصلاة والسلام- قال لعائشة –رضي الله عنها-: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت».
قال –رحمه الله-: "حدَّثنا يحيى بن بكيرٍ، قال: حدَّثنا الليث" وهو ابن سعد الإمام الشهير.
"عن عقيل" ابن خالد.
"عن ابن شهابٍ" محمد بن مسلم بن شهاب الزهري.
"عن عروة، عن عائشة قالت: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني بعض النُّسخ فيها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-" وفي بعض الروايات مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مَن روايته مع رسول الله؟
الستة، نعم.
طالب:........
لا ترى صيده.
طالب:........
لا، مثله لا تطوف بالبيت، القاعدة التي وضعها النبي –عليه الصلاة والسلام- لها ممنوعة من طوافك، لكن هل لها أن تفعل بقية أفعال العمرة بمعنى أنها تسعى وتُقصِّر؟ نعم، يشترطون لصحة السعي أن يكون بعد الطواف ولو مسنونًا.
على كلٍّ نعود إلى مسألة إبدال النبي بالرسول أو العكس.
طالب:........
قالوا: لا يصح –الجمهور- إلا بعد الطواف ولو مسنونًا، ويرد على هذا سعيت قبل أن أطوف، قال: «افعل ولا حرج» قالوا: هذا شاذ، وحمله بعضهم كابن عبد البر على سعي المفرد والقارن الذي قدم سعي الحج مع طواف القدوم، وقدمه على طواف الحج، فالنبي –عليه الصلاة والسلام- فعله.
نأتي إلى مسألة إبدال النبي بالرسول أو العكس عند أهل العلم، في مثل هذا السياق لا إشكال فيه؛ لأن المقصود الحديث عن ذاتٍ واحدة لا تتغير بهذا الاسم أو بذاك هو الرسول –عليه الصلاة والسلام- ذاته واحدة سواءٌ قلنا: النبي –عليه الصلاة والسلام- أو قلنا رسول الله– صلى الله عليه وسلم- لكن في حديث ذكر النوم لما قال: ورسولك الذي أرسلت، قال: «لا، ونبيك الذي أرسلت» ردَّ عليه.
فمنهم من قال: رد عليه؛ لأن الأذكار توقيفية لا يجوز تغييرها، ومنهم من قال: لأن المعنى يختلف، الرسالة غير النبوة، فإذا قال: ونبيك الذي أرسلت جاء بمعنىً زائد مقصود في الذكر وليس بمقصود في مثل سياقنا، الذي في حديث البراء بن عازب الذكر ذِكر النوم.
"قالت: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع" وهي الحجة الوحيدة التي حجها النبي –عليه الصلاة والسلام- بعد الهجرة سنة عشر ودَّع فيها أصحابه –عليه الصلاة والسلام- قال فيها: «لعلي لا أراكم بعد عامي هذا».
فالمقصود أنها سُميت حجة الوداع لهذا، فلم يحج بعدها ودَّع الناس فيها.
"فمنا من أهل بعمرةٍ، ومنا من أهل بحج" من أهل بعمرة يُريد الحج بعدها، وهذا إهلال المتمتع "ومنا من أهل بحج" وهذا إهلال المفرد.
وقلنا في الصورة والحقيقة، قلنا: المراد المفرد، وإن قلنا في الصورة شمل أيضًا القارن؛ لأن أعمال القارن مثل أعمال المفرد.
"فقدمنا مكة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ، فَلْيُحْلِل» أو «فليُحل» فيها أيضًا اختلاف هنا بالفك أو بالإدغام؟
طالب:........
«فَلْيُحْلِل» بلامين بالفك، يقول: كذا في اليونينية بضم الياء، وقال الكرماني: بفتحها من الثلاثي، فليَحلل.
طالب:........
لا، من الثلاثي من حَل يحل، مَن حلل من كذا فليَحلل، أنت قرأتها بلامٍ واحدة عندك هكذا؟
طالب:........
نعم.
و«مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ، فَلْيُحْلِل» يعني يُحل من إحرامه بالحج المضموم إلى العمرة، هذا قالوا: كما فعل النبي –عليه الصلاة والسلام- ولم يحل النبي –عليه الصلاة والسلام- إلا لأنه ساق الهدي؛ ولذا قال: «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ، فَلْيُحْلِل وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلاَ يُحِلُّ حَتَّى يُحِلَّ بِنَحْرِ هَدْيِهِ» {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ} [البقرة:196].
«وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ» طيب مَن أهل بحج عرفنا أن من أحرم قارنًا ولم يسق الهدي، فليُحلل ويجعلها عمرة هكذا أمرهم النبي –عليه الصلاة والسلام- لكن من أحرم مفردًا، فليُتم حجه، لماذا المفرد؟
طالب:........
لا، المفرد مادام أُمر القارن أن يُحل ويجعلها عمرة، ثم يحج بعدها؛ لأنه لم يسق الهدي، طيب المفرد ما ساق هديه وأحرم بحجٍّ مُفرد.
طالب:........
أمر القارن الذي ما معه هدي، القارن الذي لا هدي معه.
طالب:........
القارن مستعد أنه يذبح هديه، ما يفرق عنده أنه يحرم قارنًا ولا متمتعًا، لكن المفرد يقول: ما أنا مهدٍ؛ لأن القارن مستعد للهدي، فما يوجد فرق إلا أنه يفرد للعمرة عن الحج.
طالب:........
يتم؛ لأنه ما عنده نية يُهدي فجاء بحجٍّ مفرد.
"قالت: فحضت فلم أزل حائضًا حتى كان يوم عرفة" "كان" تامة، و"يوم" فاعل، "عرفة" مضاف إليه.
"ولم أهلل إلا بعمرة، فأمرني النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أنقض رأسي" يعني شعر رأسي، تنقض شعر رأسها.
"وأمتشط، وأهل بحجٍّ وأترك العمرة" "وأترك العمرة" التي هي في الصورة مستقلة أحرمت بها مستقلة، فتركت هذه العمرة المستقلة، وأدخلت عليها الحج فصارت قارنة؛ ولذا المرجح في إهلال عائشة أنها كانت متمتعة قبل أن تُوجه إلى أن تُدخل الحج، تنقض شعرها وتُهل بالحج؛ خشية أن يفوت الحج؛ لأنها ما طهرت إلا يوم النحر.
طالب:........
نقضت العمرة يوم عرفة؛ لأنها ما طهرت، طهرت في يوم النحر، أمرها أن تحول الإحرام من عمرة إلى حج.
طالب: يوم عرفة.
يوم عرفة، لكن ما طهرت، لو طهرت في يوم عرفة لأمكنها الحج.
"ففعلت ذلك حتى قضيت حجي، فبعث معي عبد الرحمن" تعني أخاها "عبد الرحمن بن أبي بكرٍ، وأمرني أن أعتمر مكان عمرتي" التي رفضت صورتها، أي لما كانت متمتعة كانت تعتمر عمرة كاملة مثل صواحبها، لكن لما خشيت فوات الحج أمرها –عليه الصلاة والسلام- أن تُدخل الحج عليها وتصير قارنة "مكان عمرتي من التنعيم".
نعم.
قال الحافظ –رحمه الله-: "باب كيف تهل الحائض بالحج والعمرة" مراده بيان صحة إهلال الحائض، ومعنى كيف في الترجمة الإعلام بالحال بصورة الاستفهام لا الكيفية التي يراد بها الصفة، وبهذا التقرير يندفع اعتراض من زعم أن الحديث غير مناسب للترجمة، إذ ليس فيها ذكر صفة الإهلال".
نعم، ليس المراد من الكيفية الصفة وإلا لو كان الأمر كذلك فالحائض كغيرها تقول: لبيك حجًّا مثل غيرها، أو تقول: لبيك عمرة، أو تقول: بما تنويه من نُسك.
"قوله: «من أهل بحج» في رواية المستملي «بحجةٍ» في الموضعين، وكذا للحموي في الموضع الثاني.
قوله: "قالت: فحضت" أي بسرف قبل دخول مكة.
قوله: "حتى قضيت حجتي" في رواية كريمة وأبي الوقت "حجي"، والكلام على فوائد الحديث يأتي في كتاب الحج، إن شاء الله تعالى".
تغيير النية في المناسك يختلف حكمه عن غيره من العبادات، يختلف عن غير الحج من العبادات، يجوز قلب النية في الصلاة في صور المنفرد الذي يُصلي منفردًا، يجوز له أن يقلب فرضه نفلاً في الوقت المتسع يجوز له ذلك، لكن في كثير من الصور خلاص.
طالب:........
لا لا، على حسب ما تقرر عند أهل العلم، وأنها حجت قارنة...... لكن إبطال للصورة، ما فعلت مثل صواحبها ذهبت إلى البيت وطافت وسعت وقصَّرت وحلَّت، لا، حجت مع الناس بنية الحج والعمرة معًا.
قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب إقبال المحيض وإدباره:
وكُن نساءٌ يبعثن إلى عائشة –رضي الله عنها- بالدَّرجة".
الدِّرجة.
طالب:.......
والدُّرجة، نعم.
"وكُن نساءٌ يبعثن إلى عائشة بالدُّرجة فيها الكُرسف وفيه الصفرة".
هي أخف الدُّرجة أخف لك.
"وكُن نساءٌ يبعثن إلى عائشة بالدُّرجة فيها الكُرسف وفيه الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، تُريد بذلك الطهر من الحيضة، وبلغ ابنة زيد بن ثابتٍ أن نساءً يدعون بالمصابيح من جوف الليل ينظرن إلى الطهر، فقالت: ما كان النساء يصنعن هذا وعابت عليهن.
حدَّثنا عبد الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا سفيان، عن هشامِ، عن أبيه، عن عائشة –رضي الله عنها- أن فاطمة بنت أبي حبيشٍ، كانت تُستحاض، فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالحَيْضَةِ»".
ذلكِ.
"فقال: «ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَتْ بِالحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلاَةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي»".
يقول الإمام –رحمه الله تعالى-:"باب إقبال المحيض وإدباره" والمحيض هو الحيض وإقباله بانطلاق الدم، وإدباره بالطهر الذي يرى بعضهم أنه جفاف، والذي يراه المؤلف أنه القصة البيضاء.
"وكن نساءٌ" نساءٌ ما إعرابها؟
طالب:........
"وكن نساءٌ" إذا قلنا: بدل من كُن تلافينا مسألة البراغيث تلافينها، وإذا قلنا: إن "كن" اسم كان أو فاعلها إن كانت تامة، قلنا: هذا جارٍ على لغة ما يقولون: وأكلوني البراغيث.
وعلى كل حال الجمهور لا يرون جواز مسألة البراغيث، ويجعلون ما بعد المضمر بدلاً منه.
"وكُن نساءٌ يبعثن إلى عائشة بالدِّرجة" أو "بالدُّرجة" مضبوط بهذا.
"فيها الكُرسف" القطن، وهذا القطن يُدخَل في موضع الحيض؛ ليُختبر هل جف وخلص من الدم وتوابعه من صُفرةٍ وكُدرةٍ أو لا؟
"فيها الصُّفرة" إذا وجدت الصُّفرة "فتقول: لا تعجلن" يعني ما بعد طهرتم مادام توجد الصُّفرة؛ لأن الصُّفرة والكُدرة في زمن الحيض حيض، وأما بعد زمن الحيض "كنا لا نعد الصُّفرة والكُدرة بعد زمن الحيض".
"فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء" القصة البيضاء سائل أبيض يفرزه الرحم بعد فراغ الدورة العادة الحيض.
"تُريد بذلك الطهر من الحيضة، وبلغ ابنة زيد بن ثابتٍ أن نساءً يدعون بالمصابيح من جوف الليل" تستيقظ المرأة من جوف الليل طهرت لترى أو ما طهرت، ولا تنتظر حتى تقوم إلى صلاة الصبح أو إلى قيام الليل، هذا لا شك أن فيه حرصًا على معرفة وقت وجوب الصلاة أو عدم وجوبها؛ لكن هذا قدرٌ زائد على ما كان يفعله نساء الصحابة.
طالب:........
انظر جوابها.
"أن نساءً يدعون بالمصابيح من جوف الليل ينظرن إلى الطهر، فقالت: ما كان النساء يصنعن هذا وعابت عليهن" هذا قدر زائد على ما كان يفعله الصحابة، من شؤون المرأة الأمور تمشي بالبركة وعلى العادة متى ما رأت الطهر صلَّت، فهي لا تُفرِّط في عبادتها، ولا تضيع وقت صلاتها، لكن مع ذلك تحتاط مثل هذا الاحتياط بحيث تركِّب الساعة مثلاً على وقت خروج وقت العشاء مثلاً إذا قلنا: نصف الليل مثلاً تركِّب الساعة قبل نصف الليل بمدةٍ يسيرة وترى، هذا ما كانوا يفعلونه، وإنما يُطالبون متى؟ بوقت بالعلم بالتكليف المطالبة بوقت العلم بالتكليف، كما هو شأن العمل بالناسخ متى يُعمل به؟ إذا بلغه، قد يعمل الإنسان بالمنسوخ؛ لأنه ما بلغه الناسخ ومن غير تفريط صلواته صحيحة.
قال –رحمه الله-: "حدَّثنا عبد الله بن محمدٍ" مَن هو؟ المسندي الجعفي، البخاري مولى للجعفي، الإمام البخاري مولى للجعفيين، جد عبد الله بن محمد هذا هو الذي أعتق جد البخاري.
طالب:........
مروية عن عثمان.
طالب:........
الآن أنت وأنت تقرأ في النص، هل يلزمك أنت تبحث –مع أنهم يُشددون على معرفة الناسخ والمنسوخ-، لكن أنت ما بلغك نسخ ولا عملت به إلا من حين بلوغه، وكذلك الطهر لا يلزمها إلى من حيث بلوغها مع عدم التفريط، ما يُقال: غمضي فقط واستمري، المسألة دين، بعض الناس هم بين طرفي نقيض والحق في الوسط، بعض الناس يُشدد عل نفسه ويتحرَّج من أمور ما كان يفعلها السلف، وبعضهم يتساهل وقد يستيقظ بالليل ولا ينظر إلى الساعة؛ لأن الأصل استصحاب الليل، وكأن الفجر ما طلع، وهو ما يدري أن الفجر طلع، لكن الساعة أمامه.
فرق بين من إذا استيقظ وغلب على ظنه عدم طلوع الفجر، وقام لا ليُصلي إنما لينظر في الوقت وما تيسر له الوصول إلى الحقيقة فصار يتصل على فلان وعلان، وبين من الساعة أمامه استيقظ في وقتٍ يحتمل فيه طلوع الفجر، ويقول: خلاص...... أما الثاني أنت ما سمعت شيئًا، ويكون أذن.
طالب: ............
فلا بُد من التوسط في الأمور.
"عبد الله بن محمدٍ" قلنا: هو المسندي.
"قال: حدَّثنا سفيان" وهو ابن عُيينة؛ لأنه لم يُدرك الثوري.
"عن هشامِ" ابن عروة "عن أبيه" عروة بن الزبير "عن عائشة" خالته.
"أن فاطمة بنت أبي حبيشٍ، كانت تُستحاض" جمع من النسوة ابتُلين بهذه الاستحاضة على عهد النبي –عليه الصلاة والسلام-، ويطول وقت نزول الدم من باب الاستحاضة لا من باب الحيض.
"فسألت النبي –عليه الصلاة والسلام- فقال: «ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالحَيْضَةِ»" وكلا الدمين الحيض والاستحاضة يخرجن من عروق، أصل الدم أن يخرج من أين؟ من عرق سواءً كان من أدنى الرحم أو قعر الرحم، فإن كان من قعر الرحم فهو الحيض، وإن كان من أدنى الرحم فهو الاستحاضة، يُعبر عنه الفقهاء بدم الفساد، والمتأخرون يقولون: نزيف.
«فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلاَةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» كيف تعرف إقبال الحيضة الذي عليها الترجمة؟ بنزول الدم في وقته.
«وَإِذَا أَدْبَرَتْ» إدبارها يكون بالقصة البيضاء أو بالجفاف عند بعض العلماء.
نعم.
قال الحافظ –رحمه الله-: "باب إقبال المحيض وإدباره" اتفق العلماء على أن إقبال المحيض يُعرف بالدفعة من الدم في وقت إمكان الحيض، واختلفوا في إدباره فقيل: يُعرف بالجفوف، وهو أن يخرج ما يُحتشي به جافًّا، وقيل: بالقصة البيضاء، وإليه ميل المصنف كما سنوضحه".
الفرق بين الجفاف يخرج ما يُحتشى به من قطنٍ وغيره جافًّا ناشفًا، وأما القصة البيضاء تخرج وفيها سائل أبيض ينزل من الرحم، فهو علامة على أنه انتهى فرغ من كل وجه، والجفاف قد يخرج بعده شيء؛ لأنه قد يُوجد هذا الجفاف في أثناء الحيض.
قوله: "وكن" هو بصيغة جمع المؤنث، و "نساءٌ" بالرفع وهو بدلٌ من الضمير نحو: أكلوني البراغيث، والتنكير في نساء للتنويع، أي كان ذلك من نوعٍ من النساء لا من كلهن.
وهذا الأثر قد رواه مالكٌ في الموطأ عن علقمة بن أبي علقمة المدني عن أمه - واسمها مرجانة مولاة عائشة، قالت: "كان النساء".
قوله: "بالدِّرجة" بكسر أوله وفتح الراء والجيم جمع دُرج بالضم ثم السكون.
قال ابن بطالٍ: كذا يرويه أصحاب الحديث، وضبطه أن عبد البر في الموطأ بالضم ثم السكون، وقال: إنه تأنيث دُرج، والمراد به: ما تحتشي به المرأة من قطنةٍ وغيرها لتعرف هل بقي من أثر الحيض شيءٌ أم لا؟".
ماذا يقول: والمراد به....
طالب: ما تحتشي به المرأة من قطنةٍ وغيرها لتعرف هل بقي من أثر الحيض شيءٌ أم لا؟
إذًا هو نفس القطن، والمتن ماذا يقول؟
طالب: "الكرسف وفيه الصفرة".
"بالدُّرجة فيها الكُرسف" الذي هو القطن لعلهن يبعثن بوعاءٍ فيه هذه القطنة، أما تفسير الشارح، الذي جعل الدُّرجة هي القطن يختلف مع ذلك.
طالب:........
نعم، لكن ما تصير القطن؛ لأنه يقول: "بالدُّرجة فيها الكُرسف" فهي وعاء للكرسف.
"قوله: "الكرسف" بضم الكاف والسين المهملة بينهما راءٌ ساكنة هو القطن.
قوله: "فيه الصفرة" زاد مالكٌ من دم الحيضة.
قوله: "فتقول" أي: عائشة.
والقَصة بفتح القاف وتشديد المهملة هي النورة، أي: حتى تخرج القطنة بيضاء نقية لا يُخالطها صُفرة، وفيه دلالةٌ على أن الصُفرة والكدرة في أيام الحيض حيضٌ، وأما في غيرها فسيأتي الكلام على ذلك في بابٍ مفردٍ، إن شاء تعالى.
وفيه: أن القصة البيضاء علامةٌ لانتهاء الحيض، ويتبين بها ابتداء الطهر، واعتُرض على من ذهب إلى أنه يُعرف بالجفوف بأن القطنة قد تخرج جافةً في أثناء الأمر فلا يدل ذلك على انقطاع الحيض، بخلاف القَصة وهي ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض.
قال مالك: سألت النساء عنه، فإذا هو أمرٌ معلومٌ عندهن يعرفنه عند الطهر.
قوله: "وبلغ ابنة زيد بن ثابت" كذا وقعت مُبهمةٌ هنا، وكذا في الموطأ حيث روى هذا الأثر عن عبد الله بن أبي بكر، أي: ابن محمد بن عمرو بن حزمٍ عن عمته عنها، وقد ذكروا لزيد بن ثابت من البنات حسنةٌ وعمرةٌ وأم كلثوم".
حسنة.
طالب:........
ذكروا حسنة.
"حسنة وعمرة وأم كلثومٍ وغيرهن، ولم أر لواحدةٍ منهن روايةٌ إلا لأم كلثوم، وكانت زوج سالم بن عبد الله بن عمر، فكأنها هي المبهمة هنا.
وزعم بعض الشراح أنها أم سعد قال: لأن ابن عبد البر ذكرها في الصحابة.
انتهى.
وليس في ذكره لها دليل المدعي؛ لأنه لم يقل: إنها صاحبة هذه القصة، بل لم يأت لها ذكرٌ عنده ولا عند غيره إلا من طريق عنبسة بن عبد الرحمن، وقد كذبوه، وكان مع ذلك يضطرب فيها، فتارةً يقول: بنت زيد بن ثابت، وتارةً يقول: امرأة زيد، ولم يذكر أحدٌ من أهل المعرفة بالنسب في أولاد زيدٍ من يُقال لها: أم سعد".
هل يمنع أن تكون هذه الكنية أم سعد كُنية لإحدى البنات الثابت ذكرها؟ الذي يقول....
طالب: "وقد ذكروا لزيد بن ثابت من البنات".
ممكن يكون كُنية لحسنة أو عمرة أو...
طالب: لا يلزم أن يكون اسمًا.
ممكن أن يصير كُنية لأم كلثوم؟
طالب: لا.
إذا كان اسم أم كلثوم ما هو كُنية ممكن.
واحد من الشيوخ يقول: أنا أعجب من كون الأئمة الأربعة كُناهم أبو عبد الله، كلهم حتى أبو حنيفة تأتي الغفلة في مثل هذه الأمور؟ ولكن لا يمنع إذا سُميت بأم كلثوم، وليست أم كلثوم كُنيتها أن تُكنى بأم سعد.
"وأما عمة عبد الله بن أبي بكرٍ، فقال ابن الحذاء: هي عمرةُ بنت حزم عمة جد عبد الله بن أبي بكر، وقيل: لها عمته مجازًا.
قلت: لكنها صحابيةٌ قديمةٌ، روى عنها جابر بن عبد الله الصحابي، ففي روايتها عن بنت زيد بن ثابت بُعد، فإن كانت ثابتةٌ فرواية عبد الله عنها منقطعة".
نعم؛ لأنه لم يُدركها؛ لأنها عمة جده.
"لأنه لم يدركها، ويحتمل أن تكون المرادة عمته الحقيقية وهي أم عمروٍ أو أم كلثوم، والله أعلم.
قوله: "يدعون" أي: يطلبن.
وفي رواية الكشميهني "يدعين" وقد تقدم مثلها في "باب تقضي الحائض المناسك كلها".
الفاعل فاعل يدعو مذكر أم مؤنث؟ "أن نساءً يدعون بالمصابيح" مذكر أم مؤنث؟ مؤنث، فهل الأليق يدعون أو يدعين؟
طالب: يدعين.
نعم؛ لأنه يقول: "يدعون" أي: يطلبن وفي رواية الكشميهني: "يدعين" وقال صاحب القاموس: دعيت لغةٌ في دعوت، يعني فلا فرق بينهما.
"وقال صاحب القاموس: دعوت لغةٌ في دعوت".
دعيت.
"دعيت لغةٌ في دعوت، ولم ينبه على ذلك صاحب المشارق ولا المطالع".
مع أنها هي المخصصة والمتخصصة في غريب الحديث.
"قوله: "إلى الطهر" أي: إلى ما يدل على الطهر واللام في قولها "ما كان النساء" للعهد أي نساء الصحابة، وإنما عابت عليهن؛ لأن ذلك يقتضي الحرج والتنطع وهو مذمومٌ، قاله ابن بطالٍ وغيره.
وقيل: لكون ذلك كان في غير وقت الصلاة وهو جوف الليل؛ وفيه نظرٌ؛ لأنه وقت العشاء، ويحتمل أن يكون العيب لكون الليل لا يتبين به البياض الخالص من غيره، فيحسبن أنهن طهرن وليس كذلك، فيُصلين قبل الطهر.
وحديث فاطمة بنت أبي حبيشٍ تقدم في باب الاستحاضة، وسفيان في هذا الإسناد هو ابن عيينة؛ لأن عبد الله بن محمد وهو المسندي لم يسمع من الثوري".
نعم.
قال الحافظ –رحمه الله-: قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "باب النوم مع الحائض وهي في ثيابها:
حدَّثنا سعد بن حفصٍ، قال: حدَّثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن زينب بنت أبي سلمة".
طالب:......
طالب: نعم.
"بابٌ: لا تقضي الحائض الصلاة:
وقال جابرٌ بن عبد الله وأبو سعيدٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تَدَعُ الصَّلاَةَ».
حدَّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدَّثنا همامٌ، قال: حدَّثنا قتادة، قال: حدثتني معاذةٌ، أن امرأةً قالت لعائشة –رضي الله عنها-: أتجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟ فقالت: أحرورية أنت؟ كنا نحيض مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يأمرنا به أو قالت: فلا نفعله".
قال المؤلف –رحمه الله تعالى-: "بابٌ: لا تقضي الحائض الصلاة" الحائض لا تقضي الصلاة بخلاف الصوم.
"وقال جابرٌ، وأبو سعيدٍ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «تَدَعُ الصَّلاَةَ»" ما المطابقة بين لا تقضي الصلاة وبين «تَدَعُ الصَّلاَةَ»؟ يحتمل أن تكون تدع الصلاة في الأداء كالصيام ولا يمنع أن تقضي، لكن قولهما: تدع الصلاة في الحديث «تَدَعُ الصَّلاَةَ» يعني أداءً وقضاءً تدعها مطلقًا، فيشمل القضاء، فيُطابق الترجمة.
قال –رحمه الله-: "حدَّثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدَّثنا همامٌ، قال: حدَّثنا قتادة" موسى بن إسماعيل معروف، وهمام بن منبِّه.
طالب: ابن يحيى.
ابن يحيى نعم.
"وقتادة" هو ابن دعامة السدوسي.
"قال: حدثتني معاذةٌ، أن امرأةً قالت لعائشة" في بعض الروايات ما يدل على أن المرأة المبهمة هي معاذة.
"أن امرأةً قالت لعائشة: أتجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟" صلاتَها أو صلاتُها ماذا يصير إعرابها؟ على المفعولية، ويُروى "أتجزئ" بضم أوله والهمز، أي: تكفي، وحينئذٍ تكون الصلاة مرفوعة، فاعلًا.
"إذا طهرت؟" يعني هل تكفي هذه الصلاة أم تقضيها إذا طهرت؟
"فقالت: أحروريةٌ أنت؟" يعني من الخوارج المنسوبين إلى حروراء، بلدة بالعراق سكنها الخوارج في أول الأمر فنُسبت إليهم أو نسبوا إليها.
"أحروريةٌ أنت؟" يعني أنت من الخوارج، والخوارج من رأيهم أن الحائض تقضي الصلاة كالصوم.
"كنا نحيض مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يأمرنا به" أي: القضاء.
"أو قالت: فلا نفعله" "فلا يأمرنا به" أي: القضاء، ولا يبعد أن يفعلنه يعني لو لم تقل: "فلا نفعله" لا يبعد أن يفعلنه، وعدم الأمر ترك الأمر به بناءً على الأصل، لكن لما قالت: "فلا نفعله" دليلٌ على أنه لا يُوجد أو لم يُوجد أصلاً، لم يؤمر به، ولم يُوجد؛ لأنه قد لا يُؤمر به، لكن النساء فهمنه من ترك الصلاة فعليه القضاء، «من نام عن صلاةٍ أو نسيها فليُصلها» وليكن هذا منه.
لكن لما كانوا بمجملهم لا يفعلونه دل على أنهم لا يرون القضاء بأمره -عليه الصلاة والسلام-.
قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "بابٌ لا تقضي الحائض الصلاة" نقل ابن المنذر وغيره إجماع أهل العلم على ذلك، وروى عبد الرزاق عن معمر أنه سأل الزهري عنه، فقال: اجتمع الناس عليه، وحكى ابن عبد البر عن طائفةٍ من الخوارج أنهم كانوا يوجبونه، وعن سمرة بن جندب أنه كان يأمر به، فأنكرت عليه أم سلمة، لكن استقر الإجماع على عدم الوجوب كما قاله الزهري وغيره.
قوله: "وقال جابر بن عبد الله وأبو سعيد" هذا التعليق عن هذين الصحابيين ذكره المؤلف بالمعنى، فأما حديث جابرٍ فأشار به إلى ما أخرجه في كتاب (الأحكام) من طريق حبيبٍ، عن عطاء، عن جابرٍ في قصة حيض عائشة في الحج وفيه: غير أنها لا تطوف ولا تصلي، ولمسلم نحوه من طريق أبي الزبير عن جابر.
وأما حديث أبي سعيدٍ فأشار به إلى حديثه المتقدم في "باب ترك الحائض الصوم"، وفيه: أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟.
فإن قيل: الترجمة لعدم القضاء، وهذان الحديثان لعدم الإيقاع، فما وجه المطابقة؟ أجاب الكرماني بأن الترك في قوله: «تَدَعُ الصَّلاَةَ» مطلقٌ أداءٌ وقضاء.
انتهى.
وهو غير متجهٍ؛ لأن منعها إنما هو في زمن الحيض فقط، وقد وضح ذلك من سياق الحديثين.
والذي يظهر لي أن المصنف أراد أن يستدل على الترك أولاً بالتعليق المذكور، وعلى عدم القضاء بحديث عائشة، فجعل المعلق كالمقدمة للحديث الموصول الذي هو مطابقٌ للترجمة، والله أعلم".
والترك في قوله في قول النبي –عليه الصلاة والسلام-: «تَدَعُ الصَّلاَةَ» يشمل الأداء والقضاء، فتكون الترجمة مطابقة.
طالب:.......
فهمن، تواطئن عليه، لو هو فهمٌ خاطئ ما صار من الجميع.
"قوله: "حدثتني معاذة" هي بنت عبد الله العدوية، وهي معدودةٌ في فقهاء التابعين، ورجال الإسناد المذكور إليها بصريون.
قوله: "أن امرأةً قالت لعائشة" كذا أبهمها همام، وبيَّن شعبة في روايته عن قتادة أنها هي معاذة الراوية.
أخرجه الإسماعيلي من طريقه، وكذا لمسلمٍ من طريق عاصمٍ وغيره عن معاذة.
قوله: "أتجزي" بفتح أوله، أي: أتقضي.
وصلاتها بالنصب على المفعولية، ويروى: أتجزئ بضم أوله والهمز، أي: أتكفي المرأة الصلاة الحاضرة وهي طاهرةٌ ولا تحتاج إلى قضاء الفائتة في زمن الحيض؟ فصلاتها على هذا بالرفع على الفاعلية، والأولى أشهر.
قوله: "أحروريةٌ" الحروري منسوب إلى حروراء بفتح الحاء وضم الراء المهملتين، وبعد الواو الساكنة راءٌ أيضًا، بلدةٌ على ميلين من الكوفة، والأشهر أنها بالمد.
قال المبرد: النسبة إليها حروراوي، وكذا كل ما كان في آخره ألف تأنيثٍ ممدودة، ولكن قيل: الحروري بحذف الزوائد، ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج: حرورى؛ لأن أول فرقة منهم خرجوا على عليٍّ بالبلدة المذكورة، فاشتهروا بالنسبة إليها، وهم فرقٌ كثيرة، لكن من أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن، ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقًا؛ ولهذا استفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار.
وزاد مسلم في رواية عاصم عن معاذة فقلت: لا، ولكني أسأل، أي سؤالاً مجردًا لطلب العلم لا للتعنت، وفهمت عائشة عنها طلب الدليل، فاقتصرت في الجواب عليه دون التعليل.
والذي ذكره العلماء في الفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر، فلم يجب قضاؤها؛ للحرج بخلاف الصيام، ولمن يقول: بأن الحائض مُخاطبةٌ بالصيام أن يفرق بأنها لم تُخاطب بالصلاة أصلاً".
ما الفرق بينهما؟ "ولمن يقول: بأن الحائض مُخاطبة بالصيام أن يفرق بأنها لم تُخاطب بالصلاة أصلاً"، يعني هل المخاطبة بالأصل مع عموم المسلمين بالنصوص التي تُوجب الصلاة، أو أنها خارجة عن هذه النصوص؟ يعني كما يُقال: الأصل أنه يلزمها طواف الوداع، لكنه خُفف عنها.
هل هي مُخاطبة بالطواف كالطاهرات ثم خُفف عنها، أو هي لم تُخاطب به أصلاً؟
طالب:........
ما هو بمثل الصلاة «غير ألا تطوفي بالبيت».
طالب: مرفوع عنها.
لا ما هو بهذا، أنا أعرف التفريق بينهما، لكن هل هي مخاطبة بالصلاة كمخاطبتها بالصيام، ثم خُفف عنها كما خُفف عنها في طواف الوداع أو نقول: هي غير مخاطبة أصلاً كالصبي والمجنون؟ العلماء يقولون: ولا يصحان منها، بل يحرُمان، حرامٌ عليها أن تصوم وتصلي في وقت الحيض.
لكن التنظير الذي أوردته في "ولمن يقول: بأن الحائض مُخاطبة بالصيام أن يفرق بأنها لم تُخاطب بالصلاة أصلاً" يعني هل الحائض في هذا الباب كالصبي والمجنون؟
طالب:........
أجل، لا يصح منها الصيام إذًا غير مخاطبة.
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
يعني في الطواف هي مخاطبة مع عموم الحجاج، لكن خُفف عنها؛ لأنها حائض.
طالب:........
الذي أوجد الإشكال ما ذكره هنا "ولمن يقول" يقول هنا قبل وهمت عائشة.... والذي ذكره العلماء في الفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر يعني في اليوم خمس مرات، وفي حيضها أكثر من ثلاثين مرة، فلم يجب قضاؤها للحرج بخلاف الصيام.
قد يقول قائل: إن الحرج بصيام يوم أشد من الحرج بصلاة خمس فروض.
طالب:........
الخلاف لفظي، لكن إذا قلنا: المخاطبة خُفف عنها بسبب الحيض كالحاجة المخاطبة لكن خُفف عنها بسبب الحيض أو غير مخاطبة أصلاً كالصبي والمجنون، ولو صامت مثلاً غير مخاطبة؟
يبقى أن الحائض وهي ممنوعة من هذه العبادات هل يُكتب لها أجرها كما يُكتب للمريض والمسافر؟
طالب:........
كانت تفعل هذه الأمور قبل مجيء الحيض، والذي منعها هو الشرع، فهل يُقال: أنه يُكتب لها ما كانت تفعله في وقت طهرها أو لا يُكتب؟
طالب:........
كيف تصير ناقصة ويُكتب لها الأجر؟
طالب:........
ماذا؟
طالب:........
هذا محل السؤال نعم.
طالب:........
يُرجى غير الجزم؛ لأنها لو كُتب لها الأجر ما صارت ناقصة عقل ودين، ما صارت ناقصة دين كامل دينها مثل غيرها؛ لأنه يُكتب لها {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة:222] هو مرض أم أذى؟
طالب:........
كمل كمل.
طالب:........
يقولون.
طالب:........
نعم كمل كمل.
"وقال ابن دقيق العيد: اكتفاء عائشة في الاستدلال على إسقاط القضاء بكونها لم تؤمر به يحتمل وجهين:
أحدهما: أنها أخذت إسقاط القضاء من إسقاط الأداء، فيُتمسك به حتى يوجد المعارض وهو الأمر بالقضاء كما في الصوم.
ثانيهما: قال وهو أقرب: أن الحاجة داعيةٌ إلى بيان هذا الحكم لتكرر الحيض منهن عنده- صلى الله عليه وسلم- وحيث لم يُبين دل على عدم الوجوب، لاسيما وقد اقترن بذلك الأمر بقضاء الصوم كما في رواية عاصم عن معاذة عند مسلم.
قوله: "فلا يأمرنا به، أو قالت: فلا نفعله" كذا في هذه الرواية بالشك، وعند الإسماعيلي من وجهٍ آخر "فلم نكن نقضي ولم نؤمر به" والاستدلال بقولها: فلم نكن نقضي أوضح من الاستدلال بقولها فلم نؤمر به؛ لأن عدم الأمر بالقضاء هنا قد يُنازع في الاستدلال به على عدم الوجوب، لاحتمال الاكتفاء بالدليل العام على وجوب القضاء.
والله أعلم".
قف على هذا.
اللهم صلِّ وسلم على نبيك.
"