شرح مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

باب: استقبال القبلة

قال: وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماء على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواء كان مطلوباً، أو يخشى فوات العدو...

سواءً كان مطلوباً أو طالباً.

طالب: ليست عندنا أو طالباً عندك يا شيخ؟

وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو.

طالب: نعم ليست عندنا يا شيخ.

وسواءً كان مطلوباً أو طالبا يخشى فوات العدو.

وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة أمنٍ، وله أن يتطوع في السفر على الراحلة.

أمن أو آمن؟

طالب: لا صلاة أمن عندنا، عندك آمن؟

آمن، آمن.

طالب: نعم عندنا صلاة أمن.

ما يختلف المعنى، المعنى واحد.

وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف، ولا يصلي على غير هاتين ولا يصلي على غير... ماذا عندك يا شيخ؟

على.

ولا يصلي على غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نافلة إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها...

في أظهر هنا، في أظهر هنا.

طالب: في أظهر يا شيخ؟

أظهر نعم.

إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها فبالصواب، وإن كان غائباً عنها فالاجتهاد بالصواب...

فبالاجتهاد.

طالب: فبالاجتهاد؟

بالاجتهاد.

طالب: عندي فالاجتهاد.

لا.

وإن كان غائباً عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها، وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه، ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه...

والعامي والعامي.

طالب:.......

ويتبع الأعمى والعامي.

طالب:.......

هنا ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه، هي لا بد من إلحاق.

طالب: سم.

العامي يختلف عن الأعمى.

طالب: الجاهل يشمل العامي ومن دونه.

العامي في هذا الباب ولو كان من أعلم الناس، العلم في كل باب بحسبه.

طالب: كما عندي: ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه.

نعم، على كل حال لا بد مما يكفي، في حكم الأعمى من لا يستطيع الوصول إلى حقيقة الأمر، نعم.

وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم علم أنه قد أخطأ القبلة لم يكن عليه إعادة، وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ، أو الأعمى بلا دليل أعادا، ولا يتبع دلالة مشرك بحال، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره، ولا روايته ولا شهادته؛ لأنه ليس بموضع أمانة.

طالب: عندنا مكتوب إلى آخره، يعني واضح أنها ليست من كلام المصنف، إلى آخره.

لا لا.

طالب: عندي إلى يتبع دلالة مشرك بها.

طالب: عجيب، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ليست عندك؟

التعليل ما ليس عندك؟

طالب: يمكن التعليل أدخل.

لا، هو زيادة من نسخة.

طالب: عندك يا شيخ؟

نعم عندي موجود.

طالب:.......

إن كانت من المغني فهي من الشارح وليست من...

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: استقبال القبلة

استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة التسعة التي هي...، نعم؟

طالب:.......

هم يجعلونها آخر شيء ، استقبال القبلة والنية آخر شيء، نعم؟

طالب:.......

بدون ترتيب، الإسلام والعقل والتمييز، نعم؟

طالب: ودخول الوقت، وستر العورة.

دخول الوقت، وستر العورة، والطهارة، وزوال الخبث، واستقبال القبلة، والنية، تسعة، لا تصح الصلاة إلا إلى القبلة، وكانت القبلة في أول الأمر إلى بيت المقدس، بحيث كان النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة يجعل بينه وبين بيت المقدس الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر، ثم حولت القبلة، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويلها في أول الأمر، كان يرغب في موافقة أهل الكتاب تأليفاً لهم، ثم لما أيس منهم تشوف إلى تحويل القبلة إلى الكعبة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(144) سورة البقرة] فأمر باستقبال الكعبة، ونسخ استقبال بيت المقدس، وهذا من نسخ السنة بالكتاب، ومن أهل العلم من يرى عدم النسخ في مثل هذا إذا اختلفت المرتبة سنة بكتاب، أو كتاب بسنة، الأضعف لا ينسخ الأقوى، والعكس عند بعضهم، إلا أن السنة في مثل هذا الأمر قطعية، مثل هذا الفعل هل يقال: إنه ظني؟ بل هو قطعي، هذا العمل المتواتر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في جميع صلواته هذه المدة الطويلة إلى أن نزل الناسخ لا شك أنه قطعي الثبوت، وقطعي الدلالة باتجاهه إلى تلك الجهة -عليه الصلاة والسلام-، فالقطعي عند أهل العلم ينسخ القطعي، والخلاف القوي في الظني هل ينسخ القطعي أو لا؟ الأكثر على أنه لا ينسخ، ومنهم من يقول: إن النصوص إذا صحت وثبتت عن الشارع جاز نسخ بعضها ببعض، ويستدلون على ذلك بمثل حديث عبادة بن الصامت: ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) قالوا: هذا ناسخ لقول الله -جل وعلا-: {حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [(15) سورة النساء] جعل الله لهن سبيلاً بالحديث هذا.

ومنهم من يقول: إن هذا ليس من باب النسخ وإنما هو من باب البيان، الآية مجملة تحتاج إلى بيان بينت بالحديث، وعلى كل حال إذا صح الخبر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو شرع ملزم يجب العمل به، ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد به من أهل العلم، وطوائف البدع هذه لا عبرة بها الذين لا يرون العمل بخبر الواحد، وإذا وجب العمل به جاز أن ينسخ ويُنسخ ما دام ثبت عن الشرع.

القبلة الثابتة بيقين إلى بيت المقدس حولت بخبر واحد بالنسبة لأهل قباء حين جاءهم وهم يصلون صلاة الصبح، فأخبرهم أن القبلة قد حولت، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى الكعبة، فاستداروا كما هم، قبلوا خبره إلا أن أهل العلم يرون أن هذا خبرا احتفت به القرائن، فيدل على القطع، يفيد العلم اليقيني، الصحابة كلهم يعرفون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويل القبلة من جهة بيت المقدس إلى الكعبة، لا سيما بعد نزول قوله -جل وعلا-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} [(144) سورة البقرة] يتشوف إلى تحويل القبلة ثم حولت، فهذه قرينة على أن خبر هذا الواحد يقين، خلافاً لمن لا يقبل مثل هذا الخبر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ما لامهم، ولا قال لهم: أعيدوا الصلاة، وأما من لم يلتفت إلى هذه القرينة قال: إن خبر الواحد ينسخ القطعي المتواتر، القبلة والاتجاه هذا الاتجاه إلى الكعبة...، كيف؟

طالب:.......

هم يرون أنه لا بد أن يكون المنسوخ أضعف من الناسخ.

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(106) سورة البقرة] فخبر الواحد ليس بخير منه.

طالب:.......

على كل حال قول جمهور أهل العلم هذا ما أحد...

طالب:.......

لا لا قول له هيبة لا إشكال، لكن كون الراجح غيره أولا هذا شيء ثاني.

طالب:.......

لا لا التخصيص أمره أسهل، النسخ الجزئي ليس مثل الكلي.

طالب:.......

القبلة بالنسبة للصلاة شرط من شروطها لا تصح إلا بها، {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [(144) سورة البقرة] والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى جهة الكعبة بعد النسخ، ونقل عنه ذلك نقلاً مستفيضاً متواتراً، ولا خلاف في كون استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في الصور التي ذكرها المؤلف وغيره.

أهل الكتاب يتجهون إلى قبلة، فاليهود قبلتهم؟ نعم؟ {وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [(87) سورة يونس] ما معنى قبلة هنا؟ متقابلة، هذا قول كثير من أهل التفسير، فيجعلون بيوتهم متقابلة، وعلى هذا فلا دخل للصلاة في هذا، ومنهم من يقول: إن بيوتكم يعني مساجدكم، اجعلوها متجهة إلى جهة القبلة، والمراد بالقبلة قبلتهم، ولا يعني أنهم يصلون إلى الكعبة قبلتنا، والنصارى يتجهون إلى جهة؟ نعم؟ الشرق.

على كل حال الذي يهمنا ما هو شرط في صلاتنا وهو استقبال القبلة إلى الكعبة المشرفة، إلى عينها لمن تمكن من ذلك، ممن هو بقربها بحيث يراها، وإلى جهتها إذا كان لا يتمكن من إصابة العين، شطر يعني جهة، نحو {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] جهة المسجد الحرام.

التولي والاستقبال إلى عين الكعبة لمن استطاع ذلك هذا متفق عليه، ممن هو داخل المسجد، لكن يحصل في هذا حرج كبير مع أنه لا خلاف في أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة العين الكعبة، أحياناً يكون أمامه صفوف كثيرة، وأحياناً يكون في مكان لا يستطيع الرؤية يحول دونه أعمدة، أو في مكان لا يتسنى له ذلك في الأدوار المرتفعة عن الكعبة، لا سيما الصفوف المتأخرة، فهل نقول: إنه ما دام في سور المسجد لا بد من إصابة العين، أو نقول: حكمه حكم البعيد؟ هم يذكرون -أهل العلم يذكرون- أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة عين الكعبة.

طالب: ألا يقال يا شيخ: إن كان ما يهتدي به كخطوط أو علامات أو أن الفرش...

الفرش يتصرف فيها.

طالب: لو فرضنا.

الفرش يتصرف فيها، كثير ما ضل الناس بسبب تصرف بعض الناس، تجده يسحب الفراش من أجل العمود يصلي الناس على هذا.

طالب: ألا يخشى عليه من الإثم لأنه يفسد على الناس صفوفهم؟

هو ما استحضر هذا أبداً، ولا جال بخاطره أنه...، هو جر هذا الفراش من أجل أن يستند إلى العمود، وصلى الناس عليه، هؤلاء صلاتهم باطلة بلا شك.

طالب: لكن إذا كان ثم خطوط يا شيخ؟

الانحراف اليسير في مثل هذه الخطوط قد لا تصيب العين معه، وكثير من الناس....... لا يكترثون لمثل هذا، بعض الناس يصلي وهو في صحن الحرم إلى غير الكعبة، كثير من الناس لا يهتم ولا يكترث مع أن هذا شرط، الصلاة بدونه باطلة، فعلى الإنسان أن يتحرى، وأحياناً لا يتسنى للإنسان إصابة عين الكعبة إلا إذا ركع الناس، قد يكبر تكبيرة الإحرام إلى غير الكعبة، ثم يتابع الإمام في قراءة الفاتحة والسورة ثم إذا ركع الإمام رأى أن الكعبة عن يساره أو عن يمينه، عليه أن يستأنف مثل هذا، يجب عليه أن يستأنف، أما إذا استمر أمره بعد اجتهاده ومسامتة الناس في صفهم وكذا القول بإعادة الصلاة في مثل هذا فيه عنت، لكن على الإنسان أن يتحرى؛ لأن هذه صلاة رأس المال، أعظم الأركان بعد الشهادتين، فعليه أن يهتم لذلك ويتحرى، إصابة العين لا بد منها لمن تمكن من ذلك، وأما من عدا ذلك فيكفيه الجهة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة].

وفي الحديث المخرج في السنن: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) وهذا الخطاب خاص بأهل المدينة، وما سامتها، بحيث إذا جعل المغرب عن يمينه، والمشرق عن شماله أصاب جهة الكعبة، يعني سواءً كان في المدينة أو في الشام مثلاً جهة الكعبة بين المشرق والمغرب، وبالمقابل من كان الجهة الجنوبية يعني شِمال الكعبة، شِمال لا أقول: شَمال، جهتها اليسرى، إيه، من جهة اليمن وما والاها كذلك بين المشرق والمغرب، لكن يجعل المشرق عن يمينه، والمغرب عن يساره، أما من كان في نجد مثلاً، أو في مصر والمغرب فإن جهتهم وقبلتهم ما بين الشمال والجنوب.

ابن المبارك يقول: ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق، يتصور هذا أو ما يتصور؟ لا هو يقصد بالمشرق هنا العراق، والعراق في الجهة الشمالية الشرقية.

قول أهل العلم: يكفي في ذلك إصابة الجهة هل يتسع لمثل هذا الطول بين المشرق والمغرب، أو أنه يحرص على أن يكون إلى جهتها بالأدلة المعروفة التي ذكرها أهل العلم، ولا يتسع الأمر لمثل هذا؟ لكن النص يقضي على الجميع، يعني لو صلينا إلى جهة زاوية المسجد هنا، أو زاويته هنا، الحديث يتسع لمثل هذا أو لا يتسع؟

طالب: الحديث يتسع....

هاه؟

طالب: ظاهر النص يتسع...

إيه؛ لأنه بين جهتين متقابلتين، فالحديث فيه سعة، ولا شك أن هذا مناسب لأحوال الناس، كثير من الناس لا يستطيع أن يهتدي إلى الجهة القريبة من إصابة العين، وإن كان بعض الناس بالعلامات عنده من الدقة ما يستطيع أن يصل به إلى ما يقارب الجهة، إلى ما يقارب إصابة العين، فهذه السعة مناسبة ليسر الشريعة، لكن ليس معنى هذا أن الإنسان إذا وجد محرابا جعله في يساره وكبر، أو في يمينه وكبر، يقول: تكفي الجهة، أهل العلم يقولون: من وجد محاريب إسلامية عمل بها؛ لأنها في الغالب يعني أن المسلمين يهتمون بهذا الأمر، ولا يقررون جهة المحراب إلا بعد التحري، وإن كان بعض الجهات كانوا يصلون إلى جهة، ثم بعد ذلك تبين لهم أن تلك الجهة إما يمين القبلة، أو جهة الشمال اليسار، فعدلت المحاريب، وعدل الاتجاه، وتعديل ليس باليسير، تعديل كبير، يعني في مساجد في جهة القصيم عدلت تعديلا بيِّنا واضحا، وفي الرياض، وفي جهة حائل، وكان ينقل عن الشيخ ابن بليهد -رحمه الله- أنه يقول: إن أهل القصيم جهتهم يقول: متيامنين جداً، يعني مائلين إلى جهة اليمين، وأهل حائل متياسرين، والقبلة بينهما، وعدلت على ضوء هذا.

طالب: الآن لما ظهرت وسائل يمكن أن تحدد بها القبلة بالدقة.

إن كانت لا تخطئ ما المانع؟.

طالب: لكن إذا كانت مع الإنسان.

لكنها غير ملزمة.

طالب: هذا السؤال.

غير ملزمة، وسائل حديثة غير ملزمة {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق].

طالب: إذا كانت مع الإنسان هذه الأجهزة، ومدخل فيها إحداثية الكعبة، ويمكن أن يتوصل إلى الكعبة بالدقة.

على كل حال إذا اطردت نتيجتها لا مانع، مثل الدرابيل والمناظير التي ينظر بها، يرى فيها الهلال.

طالب: لكن إذا كانت معه ولنفترض أنه خارج البلد، هل يلزمه أن يعمل بها، أو يكفي أن يصلي إلى الجهة ويجتهد؟

يكفي، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها.

طالب: ولو كانت معه؟

ولو كانت معه، يعني لو معك دربيل هل يلزمك أن تنظر إلى الهلال ليلة الثلاثين؟ ما يلزمك.

طالب:.......

نعم، معروف، هذا ليس بيسير، يعني تعديل الجهة في بعض المساجد رأينا اختلافا كبيرا جداً، والإشكال أنه يحصل نزاع، تعدل الجهة من قبل الجهات المسئولة ثم يصر أهل المسجد أن يصلوا إلى الجهة القديمة ثقة بمن قررها ووضعها، والله نحن على جهة أحضرنا الشيخ فلان العالم الجليل المقتدى به الذي تبرأ الذمة بتقليده، وقرر لنا هذا، وهو مشهود له بالعلم والمعرفة والخبرة، ويستدل بالعلامات التي وضعها أهل العلم بالنجوم وغيرها، على كل حال الاجتهاد أمره سهل -إن شاء الله-، نعم؟

طالب:.......

على كل حال المسجد النبوي قطعية قبلته.

طالب:.......

لا لا، المسجد النبوي، النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على خطأ، وأهل العلم يتفقون على أن قبلة المسجد النبوي قطعية، ما عداه اجتهاد، نعم؟

طالب:.......

نعم، لكن من الذي قرر أن هذه هي القبلة؟ يعني اطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأقره؟ ما اطلع عليه، وهو مثل مسجد جواثى بالأحساء، صلي فيه على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لا يلزم أن يصيب عين الكعبة.

طالب: ومسجد قباء يا شيخ هل يقال فيه ما يقال في المسجد النبوي؟

مسجد قباء الذي أسسه النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: هل يقال كذلك يقال: إن قبلته قطعية؟

نعم، لكن تأسيسه قبل تحويل القبلة، لكن يرد على هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام-يأتيه في كل سبت ويصلي فيه، نعم النبي -عليه الصلاة والسلام-لا يقر على خطأ، لكن قد يقول قائل: إن إصابة الجهة ليست خطأ.

طالب: هي فرض.

هي فرض البعيد، مسجد قباء يمكن يصير إلى الجهة، لكن يرد عليه ما يرد على المسجد النبوي، نعم؟

طالب:.......

بعد ذلك، ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، إيه.

طالب:.......

لا لا هو قبلته -عليه الصلاة والسلام- ومحرابه ومنبره كلها معروفة متوارثة ليس فيها إشكال.

طالب:.......

لا، متوارثة، هناك تواتر يسميه أهل العلم تواتر العمل والتوارث، وهذا منه.

قال -رحمه الله-: "وإذا اشتد الخوف" صلاة الخوف معروفة، وعقد لها المؤلف باباً مستقلاً يأتي -إن شاء الله تعالى-، وصحت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على أوجه، فإذا كان العدو في غير جهة القبلة، أما إذا كان في جهة القبلة فلا تدخل معاً، إذا اشتد الخوف وهو مطلوب، ابتدأ الصلاة إلى القبلة، صلاة الخوف على ما سيأتي مشروعة بالكتاب والسنة وبعمل الصحابة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، مما يدل على عدم نسخها، وعدم اختصاصها بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، خلافاً لأبي يوسف الذي يقول: إن صلاة الخوف لا تفعل بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(102) سورة النساء] لكن معروف أن الخطاب له ولأمته {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] لا يعني أن الزكاة لا تؤخذ بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وهكذا.

إذا اشتد الخوف بحيث لا يتمكن المسلمون من أداء الصلاة بشروطها التي منها استقبال القبلة، والحديث عن الاستقبال الذي قد يكون العدو في غير جهة القبلة، فيستحيل حينئذٍ الاستقبال مع مراقبة العدو، وهو مطلوب يعني يطلبه العدو، مفهومه أنه لو كان طالباً هو الذي يطلب العدو فلا؛ لأنه بإمكانه أن يأتي بالصلاة على وجهها.

يقول: "وهو مطلوب" ويأتي بعد قليل "وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" كيف يقول في أول الأمر: وهو مطلوب، ثم يقول: وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو؟ أما بالنسبة للمطلوب فهذا ظاهر، لا يتمكن من استقبال القبلة، وأما بالنسبة للطالب فيتمكن من استقبال القبلة في صلاته كلها، ثم يلتفت إلى عدوه.

المطلوب لا يستطيع، إن استقبل القبلة والعدو من جهة اليمين أو الشمال أو الخلف قد يبغته وهو في صلاته، هذا المطلوب، وأما بالنسبة للطالب فبإمكانه إذا سلم من صلاته أن يلحق بعدوه، وفي نفس الباب أو الفصل يقول: "وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" فإما أن نقول: إن قوله: وهو مطلوب يخرج الطالب الذي لا يخشى فوات العدو، المطلوب ما فيه إشكال، وأما بالنسبة للطالب فلا يخلو من حالين: إما أن لا يخشى فوات العدو، وهو المفهوم من القيد الأول، أو يخشى فوات العدو وحينئذٍ يدخل فيما صرح به فيما بعد سواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو، وبهذا تلتئم العبارتان.

اختيار أبي بكر غلام الخلال أن حكم المطلوب يختلف عن حكم الطالب، ماذا يقول؟

الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله.

قال -رحمه الله تعالى-:

المسألة الحادية عشر:

قال الخرقي: إذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماءاً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو وهي الرواية الصحيحة؛ لأن المقصود الاحتراز والنكاية بالعدو، فإذا جاز تركها للتحرز كذلك النكاية، والثانية: لا يجوز، اختارها أبو بكر، وبها قال أكثرهم؛ لقوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} [(239) سورة البقرة] فشرط الخوف في ذلك، وهو في هذه الحالة آمن، انتهى.

فإن خفتم والطالب ليس بخائف بخلاف المطلوب، على أنه يمكن أن يقال: إن الخوف أعم من أن يكون على النفس أو على فوات المقصود، مع أن الأمن اشترط للقصر فقد يشرع الحكم لعلة فترتفع العلة، ويبقى الحكم، وهذا نظيره، فيكون لكلام المؤلف وجه، ولا شك أن فوت العدو، وإفلاته من يد المسلمين بعد أن تجهزوا لغزوه فوات أمر مقصود شرعاً، ومطلوب شرعاً، فكلام المؤلف سواءً كان طالباً أو مطلوباً متجه، أما كون المسلمين يهتمون لغزو عدوهم، ويهتمون له، ويبذلون في سبيله ما يستطيعون، ثم بعد ذلك يفوتهم ويفرط بهذا العدو المقدور عليه بسبب استقبال القبلة، لا شك أن مثل هذا يفوت مصلحة عظيمة راجحة فرط بسبب الجهاد والغزو بكثير من الأركان، بل بصورة الصلاة، واكتفي منها بأقل القدر المجزئ الذي لا يجزئ بحال في حال الأمن، يعني الصلاة أحياناً يكتفى فيها بالإيماء في حال المسايفة، وأحياناً يكتفى بأي جزء منها بركعة، فلئن يفرط بشرط من الشروط لهذا المقصد العظيم الجليل من باب أولى، وحينئذٍ يتجه قول المؤلف: "سواءً كان طالباً أو مطلوباً" نعم؟

طالب: أقول: قوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ} [(239) سورة البقرة] التي احتج بها أبو بكر ألا يمكن أن يدخل فيها خوف فوات العدو؟

نعم أنا أقول: الفوات أعم من أن يكون على النفس، فوت المقصود والهدف خوف، وأيضاً مسألة القصر اشترط فيها الخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ومع ذلك القصر مشروع وإن ارتفع الخوف؛ لأن هذا الحكم من الأحكام التي شرعت لعلة، فارتفعت العلة، وبقي الحكم.

"وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً" و(أو) هذه كما في النسخة المشار إليها المخطوطة (أو) هذه للتقسيم "وأذن بالناس في الحج يأتوك رجالاً أو ركباناً" فـ(أو) هذه للتقسيم قسم يأتي كذا وقسم يأتي كذا، قسم يأتي راكبا، وقسم يأتي راجلا، والواو أيضاً سائغة في مثل هذا؛ لأنها للمغايرة، فالرجال غير الركبان، رجالاً وركباناً، يعني تأتي بمعنى (أو) و(أو) تأتي بمعنى الواو أيضاً و"ربما عاقبت الواو" كما يقول ابن مالك.

"تدع الصلاة إلى القبلة" استفتح الصلاة إلى القبلة ثم ينحرفون إلى جهة غيرها، التي هي جهة العدو، "راجلاً أو راكباً" لئلا يقال: إن الراجل يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك، أن يستفتح إلى القبلة، ويركع إلى القبلة، ويسجد إلى القبلة، نقول: يكتفى بافتتاح الصلاة وابتداء الصلاة إلى جهة القبلة "وصلى إلى غيرها، راجلاً أو راكباً" يعني يستوي في ذلك الراجل الذي يسهل عليه استقبال القبلة في حال الركوع والسجود، والراكب الذي يصعب عليه ذلك.

ابتدأ الصلاة إلى القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، وبها قال جمع من أهل العلم، سواءً كانت الصلاة في خوف، أو في حال التطوع على الراحلة على ما سيأتي، يستفتح ويبتدئ إلى جهة القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، ومنهم من يقول: إنه لا يلزم ولا الاستفتاح إلى جهة القبلة؛ لأن هذا قد يشق.

الآن إذا كانت السيارة متجهة من مكة إلى الرياض القبلة في ظهره، خلفه القبلة، فنقول: إذا افتتحت الصلاة صلاة النافلة عليك أن تستقبل القبلة، تخرج من الطريق تستقبل القبلة ثم تنحرف إلى جهتك، لا شك أن هذا فيه مشقة، لكن إن أمكن بغير مشقة فهو الأولى، وهو الأحوط والأبرأ، ولذا يستثنون الصلاة على القاطرة، في كتب الفقه يستثنون من الاستفتاح إلى جهة القبلة الصلاة على القاطرة؛ لأنه يشق الاستقبال في حال الافتتاح، القاطرة معناها الإبل المقطورة المربوط بعضها ببعض، هذا هو معناها، وفي حكمها القاطرة الجديدة المستحدثة المخترعة في العربات المربوط بعضها ببعض.

هناك ألفاظ يظنها كثير من الناس جديدة مثل القاطرة هذه، مثل الفنادق، الفنادق يظنها الناس مستحدثة، وهي قديمة يعرفها أهل العلم، وذكروها في كتبهم، وذكروا أحكامها.

إذا كان يشق الاستقبال إلى جهة القبلة في الافتتاح، فالقول الثاني يحتمل الرجحان في مثل هذه الصورة، لكن إن أمكن من غير مشقة أن يستقبل القبلة فالخروج من الخلاف مطلوب.

طالب:.......

أي قاطرة؟ قاطرة إبل أو قاطرة...؟

طالب:.......

هذا إن أمكنه أن يستقبل القبلة ما تصح صلاته، يستقبل القبلة في كل صلاته.

طالب:.......

حتى النافلة نعم، إذا أمكنه، لكن إذا لم يمكنه مثل الكراسي اتجاهها معروف، ولا يستطيع أن يعكس الاتجاه هذا أمر فيه سعة، إن أمكنه من غير مشقة فهو الأصل، لكن إن أمكنه أن يستقبل القبلة في جميع صلاته هذا هو الأصل أيضاً، مثل ما لو كان في سفينة، أو سيارة واسعة المراتب مأخوذة، ويستدير حيثما دارت القبلة، هذا هو الأصل؛ لأن الرخصة في الصلاة على الراحلة إنما هو خلاف الأصل، وسيأتي الكلام في هذا.

"وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً، يومئ إيماءً على قدر الطاقة" يأتي بما يستطيع من العبادة، والقدر المستطاع لا بد منه، إذا كان مقصوداً لذاته، كما في القاعدة المقررة عند أهل العلم؛ لأن من عجز عن بعض العبادة واستطاع البعض يأتي بما يستطيع إذا كان مقصوداً في العبادة، أما إذا كان مما يثبت تبعاً للمعجوز عنه فلا يأت به، يعني عاجز عن القراءة نقول: حرك شفتيك؟ نعم؟ ما نقول: حرك شفتيك، كما قالوا في الأصلع في الحج من أهل العلم من يقول: يمر الموسى على رأسه، نقول: ما يلزم يا أخي، إمرار الموسى ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو تبع للمعجوز عنه.

"يومئ إيماءً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه" يعني مثل العاجز عن القيام يصلي جالسا ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) القاعد يجعل ركوعه أعلى من سجوده؛ لأن بعض الناس حافظ جملة، وإذا جيء به بسرعة مشى على..، يعني مر بنا في الدرس الماضي هنا يقول: إن وضع الخطوط فوق الجمل التي يراد التنبيه إليها هي عادة أسلافنا، معروف أن الكتب القديمة الطبعات القديمة الخط فوق الكلمة المهمة، المخطوطات كلها بدون استثناء، الخط يجعله أهل العلم والنساخ فوق الكلمة، والناس تتابعوا تبعاً للمستشرقين بوضع الخط تحت الكلمة، وذكرت أنا في الدرس الماضي أو الذي قبله أنه مرة في الأسئلة قلت: اشرح الكلمات التي فوقها خط، فالطلاب جلهم شرحوا الكلمات التي فوق الخط، لا التي تحت الخط، جرياً على العادة.

فنقول: يجعل ركوعه أعلى أو أرفع من سجوده، و المؤلف يقول: "يجعل سجوده أخفض من ركوعه" لتتميز العبادات بعضها عن بعض، ولو جعلنا الركوع مثل السجود ما تميزت.

"وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" على ما تقدم.

"وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى" أبو عبد الله هو الإمام، إمام المذهب، الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- "رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة آمن" لأنه بإمكانه أن يؤدي الصلاة وهي أعلى مطلوب، وآكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، ثم بعد ذلك يلتفت إلى عدوه، وهذه الرواية سبق الكلام فيها، وهي التي يرجحها أبو بكر غلام الخلال.

طالب:.......

وين؟

طالب:.......

لا، على كلامهم أنه لا يصلي إلا صلاة آمن، على الرواية الثانية، لكن إذا رجحنا الرواية الأولى التي اختارها المؤلف، وقلنا: إن أقل الأحوال أن يستقبل القبلة، لكن مع ذلك يلاحظ فيه المشقة.

طالب:.......

الخوف معروف، لا يحتاج إلى تفسير، والمخوف متعدد، سواءً كان عدواً من آدمي أو حيوان سبع صائل، أو ماء غرق، أو نار أو ما أشبه ذلك، كل هذا مخوف.

يبقى الخوف الموهوم، بعض الناس يتوهم أن هذا المكان مخوف، أو يخاف في الظلام مثلاً، فهل يلحق به أو لا يلحق؟ يعني ليس بخوف حقيقي، وإنما هو متوهم، فهل يصلي صلاة خوف، ولا يخرج لطلب الماء، ويقال: إنه خوف مبرر لترك مثل هذه الأمور؟ معروف أن عامة أهل العلم يعلقون الحكم بالأمر المحقق، وأنه لا مدخل إلى الأوهام في مثل هذا، مع أن بعض الأوهام بالنسبة لبعض الناس أشد من الخوف المحقق عند بعضهم.

يقول -رحمه الله-: "وعن أبي عبد الله -رحمه الله تعالى-رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه إلا أن يصلي إلا صلاة آمن" يعني يأتي بالصلاة كاملة بشروطها وواجباتها وأركانها، ولا يتنازل عن شيء من صلاته؛ لأنه لا يسمى خائفا، ولا يدخل في الخوف، والمقصود بالخوف الخوف على النفس، وإذا قلنا بالمعنى الأعم بالنسبة للخوف فالذي يخاف فوت المطلوب خائف.

هناك خوف لكنه لا يصل إلى حد تضيع فيه الصلاة، وتؤدى على غير وجهها الشرعي، في صلاة الخوف {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] يعني أتوا بها على الوجه المطلوب {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] هناك خوف من غريم مثلاً، عرفنا أن الخوف من عدو، من صائل، سبع أو ماء، أو يخشى غرقا، يخشى حرقا، يخشى من انهدام بيوت، أو ما أشبه ذلك، أو سقوط شيء يغلب على الظن سقوطه، هذا لا شك أنه خوف ومبرر، لكن خوف غريم، غريم طالب أو مطلوب؟ يقول: إن صليت صلاة كاملة واتجهت إلى القبلة وركعت وسجدت يفوت هذا الشخص الذي هو غريم بالنسبة لي، هل هذا مبرر لئن يتنازل عن جوهر الصلاة؟ لا، ليس بمبرر، ولذا يتحايل بعضهم فإذا رأى الغريم الدائن كبر حتى يخرج، يطيل الصلاة، وقد يتحايل الدائن، فإذا رأى غريمه وأراد أن يطمئنه كبر، وهو لا يريد الصلاة، فإذا اطمأن؛ لأنه يحسب حساب الصلاة، هذا مسلم كبر، والصلاة أقل شيء ركعتين، يعني بدقيقتين، يعني ما يلزم أن تكون سرعته بقدر سرعته لو كان غريمه خارج الصلاة، ولذا أدخل الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- الصلاة في كتاب الحيل، باب الحيل في الصلاة، وأشكل أمر إدخال الصلاة في الحيل على كثير، بل على جميع الشراح، يعني أنا ما وجدت جوابا كافيا إلا أن يمكن هذا، فلا شك أنه إذا كان الدائن يخافه المدين ثم بعد ذلك يصلي صلاة خوف، خوفاً من دائنه أن يطالبه بالدين، أو يتسبب في إذائه بسجن ونحوه، هل يكون هذا مبررا مثل خوف العدو أو مثل خوف السبع والغرق والحرق؟ لا، هذا لا يبرر له أن يصلي صلاة خوف، هذا إذا كان مطلوباً فضلاً عن أن يكون طالباً.

"وله أن يتطوع في السفر على الراحلة".

طالب:.......

كيف؟

طالب:.......

هذا لم يرد به وجه الله، لكن على حسب ما وقر في قلبه، إذا كان يخشى من غريمه أنه يؤذيه أو يسجنه وتحايل بمثل هذا لا شك أن أمره أخف ممن لا مبرر له، ويذكر عن أبي حنيفة -ولا أخاله يثبت عنه- أن شخصاً فقد مالاً فجاء يستشير أبا حنيفة، فقال: صل ركعتين تذكر -إن شاء الله-، ما يمكن يثبت هذا عن الإمام، وإن تداوله الناس، ولاكته ألسنتهم، ودون في الكتب، هذا موجود، لكن لا يمكن، إمام كأبي حنيفة يرشد إنسانا إلى أن يصلي من أجل الدنيا، نعم؟

طالب:.......

نعم، هذه مرجحات للرواية الثانية.

طالب:.......

لا لا.

طالب:.......

لا لا، لوجود المعنى المنطوق فيه، هذا خوف كله خوف، هذه مرجحات للرواية الثانية، هذه مرجحات للرواية التي اختارها المؤلف.

ثم قال -رحمه الله-: "وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف" يعني يجوز له أن يتطوع، يعني نفلاً لا فرضاً، وجاء في الحديث الصحيح: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يوتر على الراحلة، ولا يفعل ذلك في الفريضة، وهذا من أدلة الجمهور على أن الوتر ليس بواجب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي على الراحلة الفريضة، ويوتر إذاً الوتر ليس بواجب وليس بفريضة.

"وله أن يتطوع في السفر" فليس له أن يتطوع في الحضر، مع أنه قد يحتاج إليه، قد يحتاج إلى ذلك، صلى المغرب، وزيارة مريض مثلاً في مستشفى، تنتهي بعد الصلاة بمسافة الطريق فقط، ولو تنفلت صليت الراتبة فاتت زيارة المريض، فأتنفل في السيارة، الجمهور على أنه ليس له أن يتنفل على الراحلة في الحضر، وإن ذُكر عن أنس -رضي الله عنه- أنه كان يفعله، ولا شك أن أمر التطوع مبني على التيسير والتخفيف، التيسير في أداء العبادة، بمعنى أنه يتجاوز عن بعض الأركان في النافلة دون الفريضة، كالصلاة من قيام مثلاً، الصلاة من قعود صحيحة إذا كان نافلة على النصف من أجر صلاة القائم، لكن الفريضة لا تجوز بحال، وبعضهم يطرد هذا التيسير والتسهيل والتخفيف بالنسبة للنافلة إلى ما تثبت به، يعني فرق بين أن نقول: مبنى التطوع على التخفيف، يعني في الأداء، والفرض يحتاط له أكثر، وبين أن نثبت نافلة تطوع بما لا تثبت به الفريضة من خبر لا يصلح للاحتجاج، يعني من أهل العلم من يقول: النافلة مبناها على التخفيف، فنخفف من كل وجه، يعني نثبت نافلة تطوع بخبر ضعيف، ويتوسعون في مثل هذا، على رأي من يقول: بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، وهو قول الأكثر، لكن ليس معنى هذا أننا حتى على قول الجمهور ما يثبتون صلاة بخبر ضعيف، لا سيما إذا كان الضعف لا وجه لتحسينه، يعني لا يقرب من الحسن ولا لغيره، يعني هل مثلاً الذي يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال يثبت صلاة الرغائب بالحديث الضعيف؟ منهم من أثبت، لكن أكثرهم لم يثبت، وإن كانوا ممن يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، نعم؟

طالب:.......

لا، على أنه ضعيف، يقر بضعفه ويقول: لكنه في فضائل الأعمال، صلاة التسابيح الحديث ضعيف لكنه في فضائل الأعمال، نعم هو جارٍ على قاعدتهم، لكن يتفاوتون في إثبات مثل هذه الصلاة تبعاً لتفاوتهم في تقرير ضعفه قوة وضعفاً، فمن قال: إنه شديد الضعف قال: ما نقبله في مثل هذا، ومن قال: إنه خفيف الضعف قال: نقبله، وأقول: إن التخفيف الوارد في النصوص، والتفريق بين الفرض والتطوع إنما هو في كيفية الأداء لا في الثبوت، الثبوت كله شرع، لا يجوز أن تثبت شرعا بما لا يثبت به بقية الأبواب، لا تثبت تطوعا بما لا يثبت به فرض والعكس، فلا بد من ملاحظة مثل هذا، لا يعني أن جمهور أهل العلم يقبلون الضعيف في فضائل الأعمال أنهم يثبتون عبادة لم تثبت به، لا تثبت إلا بهذا الضعيف، ولذلك يشترطون أن يكون له أصل، تكون العبادة هذه مندرجة تحت أصل عام، أما العبادات التي لا يوجد لها ما يشهد لها فمثل هذه لا تثبت، والله المستعان.

طالب:.......

يعني من الرياض إلى مكة، بإمكانه، نعم؟

طالب:.......

يعني صلى جالساً على النصف من الأجر.

طالب: النوافل مطلقة يا شيخ في الحضر السيارة كما يفتي به بعضهم.

هو مرد الاختلاف ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى النافلة في الحضر، ومن يقول بأنه تصلى النافلة على الراحلة في الحضر يقول: النافلة مبناها على التخفيف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى النوافل على الراحلة والسفر والحضر ليسا من الأوصاف المؤثرة في مثل هذا، المؤثر أن هذه العبادة مبناها على التخفيف أو على التشديد؟ نعم؟ التخفيف، وهذه مبناها على التشديد، إذاً الوصف المؤثر كونها نافلة، بغض النظر عن كونه سفراً أو حضراً؛ لأن وصف السفر لا ينظر إليه في مثل هذه الحالة بدليل أنهم لا يفرقون بين السفر الطويل والقصير، ولو كان السفر وصفاً مؤثراً لجعلوا طول السفر وقصره مؤثرا كما في بقية الرخص، فيصلي على الراحلة النافلة في السفر الطويل والقصير، نعم؟

طالب:.......

قائد السيارة إذا كان يترتب على صلاته النافلة ضرر، ويخشى من وقوع الضرر بسبب صلاته، لا يجوز له أن يصلي، أما إذا أمن من ذلك، وأمكنه الركوع والسجود بالإيماء ومع مطالعة الطريق فهو كغيره.

طالب:.......

هنا ما هو أهم من ذلك، ويتفرع عليه ما ذكرت.

الصلاة في السفر على الراحلة قبلته -قبلة المصلي على الراحلة- جهته التي يقصدها، جاء من مكة إلى الرياض جهته جهة الشرق، وهو في أثناء صلاته احتاجت السيارة إلى وقود، ومحطة الوقود عن يمين أو عن شمال الطريق، هل له أن ينصرف عن جهته وقبلته التي أرادها باعتبار أنها هي القبلة بالنسبة له كالكعبة بالنسبة للمتجه إليها، أو نقول: ما دام ساغ له أن يصلي إلى جهة الشرق تاركاً القبلة المشترطة لصحة الصلاة فله أن يصلي إلى أي جهة كانت؟ منهم من يقول: إن جهته حيثما توجهت به راحلته من الطريق الذي يقصده، فإذا احتاج أن ينصرف يمينا شمالا ليس له ذلك، نعم؟

طالب: لكن عفواً التفاته للحاجة في سيارته قد يلتفت يحتاج أن ينظر عن يمينه ينظر جانب الطريق عن يمينه وعن يساره، وهو في صلاته، لازالت السيارة متجهة إلى...

إذا كان لحاجة العلماء إذا كان بالرأس فقط...

طالب: بالرأس.

يطلقون الكراهة، والكراهة عندهم تزول لأدنى حاجة، نعم؟

طالب:.......

يعني مفسد.

طالب:.......

هذا يكثر السؤال عنه، إن أمكن التناوب فهو الأصل، بحيث تؤدى الصلاة على وجهها.

طالب:.......

وخشوا فوات مثل هذا الذي يخشى ضرره، يخشى ضرره متعدي.

طالب: ألا يقال بالجميع يا شيخ، وتبقى الصلاة على صورتها الأصلية، ويسوغ لهم الجمع في مثل هذه الحالة يا شيخ.

نتأملها جزاكم الله خيرا.

اللهم صل على محمد...

هذه يكثر السؤال عنها، والناس بحاجة إليها...

"