التعليق على الموافقات (1432) - 04

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: أحسن الله إليك. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "فصل: وبقي هنا تقسيم ملائم لما تقدم، وهو أن منافع الرقاب -وهي التي قلنا إنها تابعة لها على الجملة- تنقسم ثلاثة أقسام".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فقد قرر المؤلف -رحمه الله تعالى- في الدرس السابق: أن الأصل في العقود الرقاب، وأن المنافع تابعة لها. وقلنا: إن هذا بالنسبة لعقد البيع صحيح، فالبيع على الرقبة والمنفعة تابعة، أما في عقد الإجارة فالعكس: العقد على المنفعة والرقبة تابعة لها؛ لأنها وعاء لهذه المنفعة. فكلامه ليس على إطلاقه.

طالب: "أحدها: ما كان في أصله بالقوة لم يبرز إلى الفعل لا حكمًا ولا وجودًا، كثمرة الشجر قبل الخروج، وولد الحيوان قبل الحمل، وخدمة العبد، ووطء قبل حصول التهيئة، وما أشبه ذلك".

الحكم على الشيء تابع لوجوده، بالفعل أو بالقوة القريبة من الفعل، بالفعل فيما إذا برز في العيان، وبالقوة القريبة من الفعل هو لم يبرز ولا يرى وإنما هو في حكم البارز المرئي؛ لأن الدلالات والعلامات تدل على وجوده. ولذا يقرر أهل العلم كما قالوا في الإجازة للحمل، قالوا: تجوز الإجازة للحمل؛ لأنه يُعلم، يعني يُعلم حُكمًا لا حقيقة؛ ولذا يُعامل معاملة الموجود في الأحكام كالإرث، وأما كونه يُعلم فلا يَعلم ما في الأرحام إلا الله -جل وعلا-، كيف؟

طالب: .........

الإجازة، إجازة الرواية الحديث، فقد أجزتك ولمن يولد لك، أجزت لكل فلان وحملها، إجازة رواية الحديث.

طالب: "فلا خلاف في هذا القسم أن المنافع هنا غير مستقلة في الحكم؛ إذ لم تبرز إلى الوجود فضلاً عن أن تستقل".

ومعاملتها معاملة المعلوم إنما هي من باب ثبوت التبع: أنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالاً؛ ولذا لا يجوز بيع الحمل بمفرده، ويجوز بيع الدابة والأمة الحامل وحملها تبع لها، وإن كان له وقع في الثمن، يعني كون أن له وقعًا في الثمن يدل على أنه معتبر في العقد، كيف يعتبر في العقد وهو لا يجوز بيعه وهو مجهول؟ قالوا: يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالاً.

طالب: "فلا قصد إليها هنا ألبتة، وحكمها التبعية كما لو انفردت فيه الرقبة بالاعتبار. والثاني: ما ظهر فيه حكم الاستقلال وجودًا وحكمًا، أو حكمًا عاديًّا أو شرعيًّا، كالثمرة بعد اليبس، وولد الحيوان بعد استغنائه عن أمه، ومال العبد بعد الانتزاع، وما أشبه ذلك، فلا خلاف أيضًا أن حكم التبعية منقطع عنه، وحكمه مع الأصل حكم غير المتلازمين إذا اجتمعَا قصدًا".

كأن العقد وقع على شيئين منفصلين، يعني إذا بعت النخل والتمر قد جُذ منه ووُضع في محل التجفيف وجف، أو عُلب وانتهى، هذا ما له علاقة بالنخلة، هذا على سبيل الاستقلال، يختلف عن حاله فيما لو كان قبل الجذاذ وعن حاله فيما لو كان قبل بُدو الصلاح. فالمراتب مختلفة، وكل حال لها حكمها. والولد في بطن أمه له حكم، وإذا وُلد قبل الفصال وقبل الفطام له حكم، وبعد الفطام والانفصال له حكم.

طالب: "لا بد من اعتبار كل واحد منهما على القصد الأول مطلقًا. والثالث: ما فيه الشائبتان".

يعني ما بين الأول والثاني، يعني هو منفصل، لكن ليس بانفصال تام، كيُبس الثمرة، وفصال الولد وعدم احتياجه إلى أمه، هو انفصل انفصالاً جزئيًّا لا انفصالاً كليًّا، ففيه شائبة من القسم الأول، وفيه شائبة من القسم الثاني.

طالب: "فمباينة الأصل فيه ظاهرة، لكن على غير الاستقلال، فلا هو منتظم في سلك الأول ولا في الثاني، وهو ضربان: الأول: ما كان هذا المعنى فيه محسوسًا، كالثمرة الظاهرة قبل مزايلة الأصل، والعبد ذي المال الحاضر تحت ملكه، وولد الحيوان قبل الاستغاء عن أمه، ونحو ذلك".

كل هذه محسوسات.

طالب: لكن ما الشائبة هنا في الضرب هذا يا شيخ من النوع الأول؟

الثمرة قبل مزايلة الأصل، مع حاجة، بدا صلاحها، لكن محتاجة إلى الأصل.

طالب: نعم، ما انفصلت؟

ما انفصلت.

طالب: طيب يا شيخ ما الفرق بينها وبين، أم أن العقد هنا العقد وقع على من؟

العقد نعم، يقع العقد عليها، يجوز بيعها.

طالب: يعني هو الآن يمثل هنا كأنه العقد على الثمرة؟

على الثمرة نعم.

طالب: طيب لماذا لا يلحق بالقسم الثاني، الذي هو ما دام؟

ظهر بالاستقلال وجودًا؟

طالب: نعم.

لا يختلف، يعني فرق بين تمر معلب وبأكياس ومجفف، وبين تمر على رءوس النخل بدا صلاحه. لا لا، هو محتاج إلى النخلة، محتاج إليها، الحاجة ما زالت قائمة، لكنه أمن العاهة وجاز بيعه.

طالب: "والآخر: ما كان في حكم المحسوس، كمنافع العروض والحيوان والعقار، وأشباه ذلك مما حصلت فيه التهيئة للتصرفات الفعلية، كاللبس، والركوب، والوطء، والخدمة، والاستصناع، والازدراع، والسكنى، وأشباه ذلك. فكل واحد من الضربين قد اجتمع مع صاحبه من وجه، وانفرد عنه من وجه، ولكن الحكم فيهما واحد. فالطرفان يتجاذبان في كل مسألة من هذا القسم، ولكن لما ثبتت التبعية على الجملة، ارتفع توارد الطلبين عنه، وصار المعتبر ما يتعلق بجهة المتبوع كما مر بيانه. ومن جهة أخرى لما برز التابع وصار مما يقصد، تعلق الغرض في المعاوضة عليه، أو في غير ذلك من وجوه المقاصد التابعة على الجملة. ولا ينازع في هذا أيضًا؛ إذ لا يصح أن تكون الشجرة المثمرة في قيمتها لو لم تكن مثمرةً".

بلا شك أن هذه الثمرة لها وقع في قيمة الشجرة، كما أن هذا الحمل له وقع في قيمة الدابة والأمَة.

طالب: "وكذلك العبد دون مال لا تكون قيمته كقيمته مع المال، ولا العبد الكاتب كالعبد غير الكاتب، فصار هذا القسم من هذه الجهة محل نظر واجتهاد؛ بسبب تجاذب الطرفين فيه".

نعم. هناك عقود تُبرم بعقد واحد وهي في حقيقتها وواقعها على شيئين، فهي مشتملة على عقدين في حقيقة الأمر. تشتري سيارة مضمونة من قبل البائع، شركة تبيع سيارات وعليها ضمان، تبيع جوالات وعليها ضمان، تبيع أشياء وعليها تأمين. وإذا قلنا بأن الضمان عقد على مجهول، والتأمين أيضًا عقد على مجهول فلا يصح، فهل يمكن أن نقول: إنه يثبت تبعًا للعقد الأصلي، وإن لم يثبت استقلالاً كما قُرر؟ أو نقول: إن كان له وقع في الثمن فعقده كالمستقل، وإن لم يكن له وقع في الثمن فهو تابع للعقد الأصلي؟ هذه السيارة مضمونة بمائة ألف، وغير مضمونة بثمانين ألفًا. الضمان عشرون ألفًا، له وقع كبير في الثمن، ويمكن انفصاله؛ لأنهم يخيرونك بين مضمونة وغير مضمونة، فلا يقال: إن هذا يثبت تبعًا. إذا كانت بمائة ألف، سواء قبلت الضمان أو لم تقبل، قلنا: هذا تابع له، تبع، ما له أثر في العقد.

طالب: "وأيضًا، فليس تجاذب الطرفين فيه على حد واحد، بل يقوى الميل إلى أحد الطرفين في حال، ولا يقوى في حال أخرى".

أحيانًا يكون التابع أضعاف قيمة الأصل، فهل يصح العقد في مثل هذه الحالة؟

طالب: صح هو المقصود.

ناقة عادية تُباع بألفين أو بثلاثة في العادة، في بطنها ولد من فحل مشهور، فجاء شخص وقال: أنا أشتري هذه الدابة بخمسين ألف، الناقة التي هي الوعاء المرئية التي عليها العقد الحقيقي الصحيح قد نقول: إنها لا وقع لها في الثمن، إذا نظرنا إليها أنها تباع بألفين، والذي في بطنها يفرق السعر إلى خمسين ألفًا، يصح مثل هذا العقد أو لا يصح؟ لا يصح؛ لأنه عقد على مجهول، وإن كانت الدابة معلومة؛ لأنه عكس ما قلناه في الضمان: لا وقع له في الثمن، وهنا العين لا وقع لها في الثمن.

طالب: "وأنت تعلم أن الثمرة حين بروزها وقبل الإبار ليست في القصد ولا في الحكم كما بعد الإبار وقبل بُدو الصلاح، ولا هي قبل بدو الصلاح كما بعد بدو الصلاح وقبل اليبس، فإنها قبل الإبار للمشتري، فإذا أُبرت فهي عند أكثر العلماء للبائع إلا أن يشترطها المبتاع".

وفيها النص المخرج في الصحيح وغيره.

طالب: "فتكون له عند الأكثر، فإذا بدا صلاحها فقد قربت من الاستقلال وبعدت من التبعية، فجاز بيعها بانفرادها، ولكن من اعتبر الاستقلال قال: هي مبيعة على حكم الجذ كما لو يبست على رءوس الشجر، فلا جائحة فيها".

يعني أُمنت فيها العاهة، إذا بدا صلاحها قد أمنت فيها العاهة وجاز بيعها.

طالب: "ومن اعتبر عدم الاستقلال وأبقى حكم التبعية، قال: حكمها على التبعية لما بقي من مقاصد الأصل فيها، ووضع فيها الجوائح اعتبارًا بأنها لما افتقرت إلى الأصل كانت كالمضمومة إليه التابعة له، فكأنها على ملك صاحب الأصل، وحين تعين وجه الانتفاع بها على المعتاد صارت كالمستقلة، فكانت الجائحة اليسيرة مغتفرة فيها؛ لأن اليسير في الكثير كالتبع".

هذه الثمرة التي بدا صلاحها يجوز بيعها بالنص، لكن هل الصلاح تام أو بداية وليس بتام؟ بدا صلاحها، يعني ظهر صلاحها، احمرت أو اصفرت. هل يمكن أن تؤكل على هذه الحالة؟

طالب: لا يلزم.

لكنها في حكم ما تم صلاحه وأمن العاهة؛ لأن المدار على الجائحة التي تصيب مثل هذه الثمرة، في الغالب أنها إذا بدا صلاحها، وظهر النجم الثريا فإنها تُؤمن مع العاهة فتصح. والمنع من البيع ما فيه غرر؛ لئلا يتضرر المشتري، وهنا لا يتضرر وإن لم تنفصل انفصالاً تامًّا وتستقل بنفسها، إلا أنها في حكم المنفصل.

طالب: "ومن هنا اختلفوا في السقي بعد بُدو الصلاح: هل هو على البائع، أم على المبتاع؟ فإذا انتهى الطيب من الثمرة، ولم يبق لها ما تضطر إلى الأصل فيه، وإنما بقي ما يُحتاج إليه فيه على جهة التكملة من بقاء النضارة وحفظ المائية؛ اختلف: هل بقي فيها حكم الجائحة أم لا؟ بناءً على أنها استقلت بنفسها، وخرجت عن تبعية الأصل مطلقًا أم لا، فإذا انقطعت المائية والنضارة، اتفق الجميع على حكم الاستقلال، فانقطعت التبعية، وعلى نحو من هذا التقرير يجري الحكم في كل ما يدخل تحت هذه الترجمة".

لأن ما بدا صلاحه متفاوت: إما أن يكون مجرد بُدو يظهر اللون في بعض الثمرة، يعني لما يكون إذا بدا في شيء منها فالبستان كله حكمه واحد، بدا صلاحه. وهل يستغني عن الماء في هذه الحالة؟ مجرد بدو صلاح؟ لا يستغني عن الماء، فيلزم سقيه على البائع؛ لأن من تمام صلاحه أن يُسقى. طيب، استمر على هذه الحال حتى طاب للأكل، وطولب المشتري.

طالب: بالاستلام.

بجذه، وقال المشتري: أنا لا أريد أن أجذه الآن حتى ييبس. هذا قدر زائد على ما في العقد، وحينئذ لا يتأثر بفقد الماء؛ لأنه يريد أن ييبس، واليبس يحصل مع عدم الماء.

طالب: لكن ينتقل الضمان يا شيخ إلى المشتري؟

نعم، ينتقل الضمان، خلاص انتهى، في حكم المجذوذ الآن.

طالب: ما يفسد يا شيخ؟

ما يصاب، لا لا، إذا تم نضجه؟

طالب: نعم.

إذا تم نضجه يُترك حتى ييبس على رءوس النخل، وإذا ما دام يسقى ما هو بيابس، هم يبغونه ييبس، فيُقطع عنه الماء في هذه الحالة.

طالب: "فصل: وعلى هذا الأصل تتركب فوائد؛ منها: أن كل شيء بينه وبين الآخر تبعية جار في الحكم مجرى التابع والمتبوع المتفق عليه، ما لم يعارضه أصل آخر، كمسألة الإجارة على الإمامة مع الأذان أو خدمة المسجد، ومسألة اكتراء الدار تكون فيها الشجرة، أو مساقاة الشجر يكون بينها البياض اليسير، ومسألة الصرف والبيع إذا كان أحدهما يسيرًا، وما أشبه ذلك من المسائل التي تتلازم في الحس أو في القصد أو في المعنى، ويكون بينها قلة وكثرة؛ فإن للقليل مع الكثير حكم التبيعة، ثبت ذلك في كثير من مسائل الشريعة، وإن لم يكن بينهما تلازم في الوجود، ولكن العادة جارية".

أخذ الإجارة على الإمامة الأصل أنه لا يجوز، والجعالة من بيت المال كالقضاء والتعليم ما فيه إشكال. لكن لو قلنا: إنها جعالة وتجوز، ثم حصل كسوف، قال الإمام: أنا واللهِ ما اتفقت معكم إلا على الفرائض الخمس، ما أصلي بكم كسوفًا ولا تراويح ولا استسقاءً. هل نقول: إن هذا تابع بالعقد يثبت تبعًا للعقد ويُلزم به أم لا؟

طالب: كأنه كذلك.

لأن هذه يسيرة ومغتفرة في العقود الكبيرة التي لا يلزم أن يُنص على كل دقيقة فيها. ما يقال واللهِ... بخلاف الخطابة هذه لا بد أن يُنص عليها، لو جاء وتولى، ولوه على أنه إمام مفروض فجاءت خطبة الجمعة فقالوا ما لك لا تخطب؟ قال: ما اتفقنا على هذا؛ لأن في الخطابة في الجعالة وقعًا أكثر من وقع الإمامة، أكثر من الضعف الخطيب يأخذ. فما هي مثل صلاة الكسوف لا أثر لها في العقد، صلاة الكسوف ما يحسب لها حساب؛ لأنه احتمال أن يصير كسوف واحتمال ما يصير، هذا يمكن ما يُستحضر عند إبرام العقد وتوقيع العقد. فمثل الأول يثبت تبعًا، والثاني لا يثبت، بل هو بالمتبوع أولى؛ لأن أجرته وجعالته أكثر من الأصل. وهذا مثل ما قلنا في ولد الناقة إذا كان من فحل مشهور.

طالب: ويلزم........

نعم يلزم؛ لأنه ما وقع مع العقد إلا على أن يتولى الصلاة في هذا المسجد. لكن لو افترضنا أنه ما حفظ إلا سورًا تكفيه لصلاة الفرض، بل لا يحسن قراءة إلا السور القصار، وتقوم بها الفريضة، فحينئذ يُنظر في أمره.

طالب: لا يجوز أن يصلي...... من المصحف في الكسوف؟

يصلي، لكن أحيانًا ما يعرف ولا يقرأ من المصحف، يحفظ سورًا على طريقة معينة قصارًا وتكفي في الفروض.

طالب: طيب يا شيخ، لم يرد حديث ينص على أنه يصلي صلاة الكسوف؟

لا، أنا أقول مثل هذه الأمور تثبت تبعًا، لكن إذا كان لا يحسنها فهل يكلف بها ولا يحسنها؟

طالب: لا، أنا أقصد يا شيخ ما ورد حديث.......

لا لا لا، لو مشارطة فصلاته غير صحيح، ومن يصلي خلف هذا؟ هذا رجل سوء.

طالب: ........

لا لا ما هو بشرط، هذه جعالة من بيت المال، جعالة وليست مشارطة وليست إجارة.

طالب: لكن إذا شارط أنه لا يصلي الكسوف إلا بأجرة؟

مثل من قال: ما أصلي رمضان إلا بكذا، قال الإمام أحمد: هذا رجل سوء لا ينبغي أن يصلى خلفه. هذه الأمور أمور دقيقة، وللنوايا فيها دور كبير، ولا شك أن المشارطة الظاهرة تدل على فساد في النية وخبث في الطوية. المشارطة على هذه الأمور التي هي محض تعبد، لكن إذا نظرنا إليها من جهة أخرى أنها قد تعوقه عن تحصيل مصالحه، فرق بين إمام أو مؤذن مرتبط بمسجد، أو معلم مرتبط بمدرسة معينة، أو جالس للناس يقرؤهم العلم والحديث وفي بيته نفر من الناس يطالبونه بالنفقة، أهل العلم أجازوا أخذ الأجرة على التحديث من هذا الباب؛ لأنه ينقطع لهم.

طالب: لكن أحسن الله إليك، في الإمامة صارت مثل مسألة الجعالة والمنزل التابع في هذا الإمام مقصدًا، يعني كأنه صار.....؟

نحن نقول: إذا كان القصد الراتب ما يجوز، لكن بعض الناس يقول: أنا أريد أن أستعين بمثل هذا على طلب العلم، هذا مسجد فيه دروس، إذا صرت إمامًا أو مؤذنًا في هذا المسجد تيسر لي حضور الدروس، وأيضًا الإمامة تعينني على الحفظ، تعينني على مراجعة حفظي، تعينني على إدراك تكبيرة الإحرام باستمرار، هذه أمور ومقاصد شرعية إذا قصدها الإمام لا شك أنه يؤجر عليها.

طالب: ...........

لأن السكن لا يكفيه، جماعة مسجد فقدوا إمامهم، فقدوه، وبعد مدة واجهه واحد منهم قال: أين أبو فلان ما بأيناه منذ وقت؟ قال: وجدت مكانًأ زاد غرفة، ما معنى زاد غرفة؟ يعني السكن الذي عنده فيه أربع أو خمس، وذلك خمس أو ست غرف. فهذا قصده الدنيا، هذا همه ظاهر ومقصده جلي.

طالب: لكن بعض الأئمة يا شيخ...... لأنه يكون قريبًا.

هذا مقصد صحيح، لا تفوته الصلاة، ولا يتعب في ذلك، جيد هذا. لكن هو وزوجته ما عندهم ولا طفل وفيه ثلاث، أربع غرف يقولك: نزود غرفة؟ لا، أبدًا هذا غير معتبر شرعًا.

طالب: ..........

تابعي أو خدمة المسجد.

طالب: ..........

أين؟

طالب: ..........

نعم، لكن الأذان لا بد من وجوده من أجل الصلاة، والخطابة حينما قلنا: إنها لها جهة استقلال باعتبار أن الأجرة أجرتها أكثر من الإمامة، فلا يمكن أن يكون الأكبر تابعًا للأقل، بينما المأذنة أقل، فتصلح أن تكون تابعة.

طالب: حتى لو اختلفت المفاضلة يا شيخ؛ لأنه في الشريعة أحيانًا فيه خلاف على أنه قد يكون التأذين أفضل من الإمامة؟

لا، الكلام كله هذا في الجعالة، كمسألة الإجارة على الإمامة مع الأذان أو خدمة المسجد، بغض النظر عن الأجر.

طالب: "وإن لم يكن بينهما تلازم في الوجود، ولكن العادة جارية بأن القليل إذا انضم إلى الكثير في حكم الملغى قصدًا، فكان كالملغى حكمًا.

ومنها: أن كل تابع قصد فهل تكون زيادة الثمن لأجله مقصودةً على الجملة لا على التفصيل، أم هي مقصودة على الجملة والتفصيل؟ والحق الذي تقتضيه التبعية أن يكون القصد جمليًّا لا تفصيليًّا؛ إذ لو كان تفصيليًّا لصار إلى حكم الاستقلال، فكان النهي واردًا عليه فامتنع، وكذلك يكون إذا فُرض هذا القصد، فإن كان جمليًّا صح بحكم التبعية، وإذا ثبت حكم التبعية فله جهتان: جهة زيادة الثمن لأجله".

يعني له وقع في الثمن، الشيء الذي لا وقع له في الثمن لا أثر له في العقد، مثل ما قلنا في الضمان: السيارة بمائة ألف قبلت الضمان أو ما قبلت. الجوال بألف قبلت أو ما قبلت، هذا ما له أثر في العقد. لكن إذا كانت السيارة ضمانها بعشرين ألف، هذا له وقع في الثمن. الجوال ضمانه بمائتين وثلاثمائة مضمون وبدونه بألف، هذا أيضًا له وقع في الثمن. لا بد من اعتبار الشروط في التابع كاشتراطها في الأصل، ولا يكون تبعًا، ولا يقال: يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالاً.

طالب: أحسن الله إليك،.........

هو الخلل في الضمان أنك تدفع شيئًا معلومًا من المال في مقابل مجهول، سيارة يمكن أن ينتهي وقت الضمان ما وقفت عليها أبدًا، ما احتاجت له، وسيارة تحتاج إليه في كل أسبوع، تراجعهم ويصلحون لك ويغيرون وما أدري أيش، وفي النهاية ضمانها أكثر من قيمتها؛ هذا مجهول، والأصل أنه لا يصح العقد على مثل هذا. لكن إذا كان ما له وقع فهو شبيه بالتبرع من البائع.

طالب: ..........

يجيء بها أصلية ويشتري من الوكالة الأصلية ولا يكون مزورًا ولا شيئًا، لكن إذا احتاج الضمان يذهب إليهم أم لا؟

طالب: يذهب.....

وله وقع في الثمن؟

طالب: .......

طالب: .......

لا يصح، ما يصح؛ لأنه منظور إليه يعني كأنه عقد مستقل.

طالب: أحسن الله إليك........

لا، هذا غش، يروج على أنه أصلي وهو تقليد ما يجوز.

طالب: .......

لو قيل بدون ضمان فكم يبيعه؟

طالب: .......

كم يبيعونه بدون ضمان؟

طالب: .......

طالب: تنقص نصف القيمة.

إذًا له وقع في الثمن.

طالب: .......

لا لا، بنفس المضمون هذا الأصلي بدون ضمان.

طالب: .......

لا، إذا وُجد بنفس الجودة ونفس المواصفات وبدون ضمان، هذا البيع الأصلي، هذا الذي لا إشكال فيه ولا شبهة فيه، وإن احتاج إلى إصلاح، ذهب إلى مهندس ويصلحونه بأجرة التصليح. لكن الإشكال في الضمان الذي أُلزم به الناس ودخلوا بغير طوعهم ولا اختيارهم ولا انفكوا منه، هذا محل مثار البحث: إن كان له وقع في الثمن فكالعقد المستقل.

طالب: .......

لا، إذا لم يكن له وقع في الثمن كان كالمتبرع من البائع، فالأمر لا يعدوه.

طالب: "وجهة عدم القصد إلى التفصيل فيه. فإذا فات ذلك التابع، فهل يرجع بقيمته أم لا؟ يُختلف في ذلك، ولأجله اختلفوا في مسائل داخلة تحت هذا الضابط، كالعبد إذا رُد بعيب وقد كان أتلف ماله، فهل يرجع على البائع بالثمن كله أو لا؟ وكذلك ثمرة الشجرة، وصوف الغنم، وأشباه ذلك".

اشترى شاة فجذ صوفها، ثم تبين أن فيها عيبًا، هل يرجع بالثمن أو يحسم قيمة الصوف؟ أو نقول: الخراج بالضمان، والصوف هذا في مقابل ضمانها وقت كون يده عليها، وأيضًا طعامها وشرابها عليه، فهل نقول: إن هذا في مقابله، أو نقول كما قلنا فيما إذا حلب المصراة يرد صاعًا؟

طالب: .......

البائع؟

طالب: نعم.

نعم.

طالب: .......

كامل، مثل ما قلنا في الأمة البكر، إذا دلس عيبها لا يستحق أرش البكارة، وإذا باعها من غير تدليس ولو لم يبين العيب استحق أرش البكارة.

طالب: وإذا باع مثلاً الخروف يا شيخ ثم جذه البائع؟

كيف جذه البائع؟

طالب: جذه قبل أن يسلمه للمشتري؟

والعقد عليه الشعر؟

طالب: نعم.

يجب أن يبيعه بشعره، يعطيه.

طالب: يغرم، يرجع عليه؟

يغرم. نعم.

طالب: "ومنها: قاعدة الخراج بالضمان، فالخراج تابع للأصل، فإذا كان الملك حاصلاً فيه شرعًا فمنافعه تابعة، سواء طرأ بعد ذلك استحقاق أم لا، فإن طرأ الاستحقاق بعد ذلك كان كانتقال الملك على الاستئناف، وتأمل مسائل الرجوع بالغلات في الاستحقاق أو عدم الرجوع؛ تجدها جاريةً على هذا الأصل.

ومنها: في تضمين الصناع ما كان تابعًا للشيء المستصنع فيه، هل يضمنه الصناع؟ كجفن السيف، ومنديل الثوب، وطبق الخبز، ونسخة الكتاب المستنسخ، ووعاء القمح، ونحو ذلك".

معروف أن الخبز يباع بوعاء له قيمة، واتفق معه الخباز على عشر حبات بعشرة ريالات، احترق الخبز في الفرن، فهل يضمن قيمة الخبز مع قيمة الوعاء؟ أو يضمن قيمة الخبز؛ لأن الوعاء غير المقصود لذاته؟ وعاء القمح وجفن السيف أشياء لا تُستعمل لذاتها، لا تُملك لذاتها. فيه واحد منكم ذهب للمكتبة واشترى جلد كتاب؟ اشتريت جلد كتاب؟

طالب: ...........

 ماذا تبغي بالجلد؟ من أجل الكتاب، فلا قيمة له بمفرده، فتلف الكتاب وبقي الجلد. فإذا كان الثمن للكتاب، والجلد تابعًا يضمن قيمة الكتاب التي دفعها المشتري، وإذا كان للجلد على جهة الاستقلال؛ لأن بعض الجلود أهم من الكتاب، بعض الكتب اشتراها من أجل الجلدة، موجود في السوق الآن أنواع من التجليد يُشترى الكتاب من أجلها، وهذا موجود وموجود بكثرة ما هو بقليل، في الترف الذي يعيشه الناس اليوم يوجد مثل هذا.

طالب: .......

يأخذ، لو يركِّب عليه لوحًا خشبيًا! صحيح، فيه جلود تباع بأقيام، وترى مخطوطًا يقال لك هذا جلد مملوكي، أنت تشتري الجلد، ما تشتري الكتاب، جلد عثماني، جلد أموي، كل شيء له قيمته. فلا نظن أن مثل هذه الأمور التوابع صارت أصولًا، يعني مع الترف الذي يعيشه الناس صارت أصولًا، وإلا فما معنى أن يباع الكتاب بعشرة آلاف وصورته بمائة ريال تباع في السوق؟ ما الفرق بينهما؟

طالب: من حيث المضمون ما فيه شيء.

في المضمون الحروف هي هي، ولا يقال: إن هذا أصح وذا، لا، كلها صحيحة، كلها نفس الشيء مأخوذ بحروفه تصوير.

أيضًا البيع مع اختلاف الدراهم، بِيع بمبلغ من غير تمييز، كم هذا الكتاب؟ واللهِ بعشرين ألفًا، هذه واقعة جيء به من مصر بعشرين ألفًا، المشتري ما تحاسبه عميل اللغة لا تحاسبه، المشتري على أنه بعشرين ألف جنيه، جاء به هنا باعه بعشرين ألف ريال، كسبان أم ما هو بكسبان؟

طالب: كسبان.

كسبان، لما راح لهم مرة ثانية وتحاسبوا قال: عشرين ألف دولار. أقول لك: قضية رفعت للمحكمة. مثل هذه الأمور أنتم تظنون أن ما لها وجودًا؛ لها وجود، يعني أمور غير معتبرة في عرف سائر الناس، لكن كل صنعة لهم عرفهم وعاداتهم، والاستثبات في مثل هذه الأمور لا بد منه، فرق كبير من عشرين ألف جنيه إلى عشرين ألف دولار، عشرون ألف دولار أكثر من مائة ألف جنيه. فمثل هذه كيف تُحل؟ بمَ يحكم القاضي في مثل هذه القضية؟

طالب: .........

نقد الباقي، بعشرين ألف جنيه. لكن عُرف الكتبيين وعرف الباعة هناك تراهم، إذا كانت السلعة غير ثابتة، هذا في لبنان ما تُعرف الليرة ما فيه إلا دولار، وفي كثير من الأقطار كذلك، لكن مصر الجنيه معتبر، لكن يبقى أنه في بعض المهن والصنائع ما يتعاملون إلا بالدولار. فيقولون: النافق هو المحكَّم.

 وعلى كل حال لا ضرر ولا ضرار. يعني قد نقول للمصري: أنت ما بينت ولا الكل بعشرين ألف جنيه، لكن يقول: هذه فاتورتي، شارٍ بثمانين ألف جنيه فكيف أبيعه بعشرين؟ أنا مجنون؟ فمثل هذه الأمور اجتهد فيها القاضي والصلح خير.

طالب: .........

ونسخة الكتاب المستنسخ، أنت معك كتاب تالفـ وذهبت إلى ناسخ وقلت له: انسخ لي من هذا الكتاب نسخة، كتاب لا يصلح للاستعمال، وقلت له: انسخ لي من هذا الكتاب نسخة. الكتاب المستنسخ الذي أُخذ منه نسخة هل يرميه الناسخ أم يرجعه مع النسخة المستنسخة؟ لا بد أن يرجعها.

طالب: "ونحو ذلك بناءً على أنه تابع، كما يضمن نفس المستصنع أم لا؟ فلا يضمن؛ لأنه وديعة عند الصانع. ومنها: في الصرف ما كان من حلية السيف والمصحف ونحوهما تابعًا أو غير تابع. ومسائل هذا الباب كثيرة".

يعني أنت اشتريت سيفًا وفيه حلية ذهب، هل يجوز أن تشتري هذا السيف بذهب، باعتبار أنك شريت ذهبًا وغير ذهب؟ أنت إذا اشتريت ذهبًا بذهب، ومع الذهب المشترى غيره من الذهب فلا بد من فصله، إذا كان الأصل وغيره تبعًا، لكن إذا كان الأصل غير الذهب، والذهب تبعًا؟ سيف، أنت تشتري ذهبًا، وفيه شيء من حلية السيف، نقول: يُفصل أم ما يُفصل مثل ما يقال في الخرز مع الذهب؟

طالب: ما يُفصل.

ما يُفصل كمال العبد؛ لأن مال العبد غير مقصود لذاته، فمثله تابع له، كأنك اشتريت دراهم بدراهم وعبدًا. لكن لما كانت هذه الدراهم مغمورة ولا وقع لها في القيمة ثبتت تبعًا، أما العكس: لو اشتريت ذهبًا بذهب ومعه شيء فلا بد أن يُفصل؛ لأن المقصود الذهب، والله أعلم.

طالب: .......

نعم.

طالب: .......

إذا فرط المستودع يضمن.

طالب: .......

لكن الذي جاء المشتري، الذي جاء يشتري جاء ليشتري سيفًا أم ليشتري ذهبًا؟

طالب: يشتري سيفًا.

يشتري سيفًا.

طالب: .......

ذهب.

طالب: .......

لا يجوز استعماله.

طالب: نسبة قليلة جدًّا.

ولو كانت، إذا أمكن فصلها لا يجوز استعمالها؛ لأنه مستعمل للذهب.

طالب: .......

كذلك.