شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (136)

 

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة ضمن برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، مع بداية هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بفضيلة الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير فأهلًا مرحبًا بكم شيخ عبد الكريم.

 

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

لا زلنا في حديث أبي موسى- رضي الله عنه -في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم» الحديث، أسلفنا معكم- أحسن الله إليكم- الحديث عن الألفاظ الأولى في هذا الحديث، لعلنا نستكمل مع الإخوة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقدم: اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.

انتهى الكلام على قوله في الحديث: «فكان منها نقية»، وما جاء في ضبطها في كونها نقية، أو بقية، أو ثغبة على خلافٍ طويل في ذلك تقدم الحديث عنه، " قبلت الماء"  بفتح القاف وكسر الموحدة من القبول، قال ابن حجر:  كذا في معظم الروايات، قبلت كذا في  معظم الروايات، ووقع عند الأصيلي: "قيلت" بالتحتانية المشددة وهو تصحيف "قيَّلت".

 يقول: بالتحتانية المشددة وهو تصحيف، وتعقبه العيني بقوله: ذكر هذا ها هنا غير مناسب، ذكر هذا ها هنا غير مناسب، يعني في متن الحديث؛ لأن هذا الموضع لا خلاف فيه، أنه "قبلت" لا خلاف فيه كما قاله الشيخ قطب الدين، وإنما يذكر هذا عند قول إسحاق، قول إسحاق الذي ذكره الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بعد رواية الحديث قال:  قال أبو عبد الله، قال إسحاق: "وكان منها طائفةٌ قيلت الماء"، و"كان منها طائفةٌ قيلت الماء".

الذي قاله العيني -رحمه الله تعالى- هو الموافق للطبعة السلطانية من الصحيح؛ لأن الرقم لذكر الفروق إنما هو على "قيلت" في كلام إسحاق، وليس على "قبلت" في متن الحديث..

المقدم: لأن الرقم يا شيخ؟

هم يضعون أرقامًا في الطبعة السلطانية؛ لبيان فروق الروايات، روايات الصحيح،

المقدم: نعم.

 فوضع على "قيلت" في كلام إسحاق رقم، قال: كذا للأصيلي إلى آخره، يعني في حاشية سبع وعشرين من الجزء الأول، من الطبعة السلطانية رقم إحدى عشر هو بالياء التحتية المشددة للأصيلي، قال: ومعنى  "قيلت": أمسكت.

المقدم: نعم.

"فقبلت" في متن الحديث لم يوضع عليها رقم ولا فروق، إنما وضع الرقم على كلام إسحاق، فهل الحق مع العيني أم مع ابن حجر؟ يعني ما قاله العيني هو الموافق للطبعة السلطانية، الذي هي مأخوذة من النسخة اليونانية بذكر الفروق، فهل المرجح قول العيني أو قول ابن حجر؟ نعم، ماذا نرجح؟

الأخ الحاضر: ما وافق الأصول هو الراجح في قول العيني.

يعني كلام العيني هو الراجح في هذا، لكن كلام إسحاق، كلام إسحاق -رحمه الله- الذي عقب به الإمام البخاري الصحيح، هل له ارتباط بالحديث ولا ما له ارتباط؟ أليس مسوقًا على أنه قطعة من الحديث؟

 المقدم: نعم.

نعم.

المقدم: بلى.

فاختلاف الرواية فيه اختلافٌ في رواية الحديث، يعني كلام إسحاق "وكان منها طائفةٌ قيلت الماء قاعٌ يعلوه والصفصف المستوي من الأرض"، هذا كلامه، هذا كلام "وكان منها طائفةٌ قيلت الماء هذا كلام إسحاق، وهو الذي وضع عليه الرقم، وضبط بالياء التحتية المشددة للأصيلي، هل كلام إسحاق منفك عما في الحديث، أو هو رواية من روايات الحديث؟ يعني سياق إسحاق لهذا الحديث بهذا اللفظ.

الأخ الحاضر: رواية إسحاق "قيلت".

لهذا الحديث نعم.

المقدم: نعم.

 لأن رواية الأصيلي للصحيح على كلام إسحاق.

المقدم: "قيلت".

ورواية إسحاق التي نقلها الأصيلي عنه للفظ الحديث، ظاهر أم ليس بظاهر؟

المقدم: نعم.

لأن الناظر هنا الشيخ قطب الدين الحلبي يقول: لا خلاف في "قبلت" في هذا الموضع؛ لأن من حيث روايات الصحيح ما فيه خلاف، إنما الذي اختلف في ضبطه ما جاء في كلام إسحاق،  وإسحاق هل كلامه ينفك عن الحديث أو هو قطعة من الحديث؟ إذًا الخلاف في كلام إسحاق خلافٌ في الحديث نفسه.

نعم رواة الصحيح لم يختلفوا في "قبلت" الأولى، إنما اختلفوا في ضبط كلام إسحاق، وكلام إسحاق مسوقٌ على أنه قطعة من الحديث، فلكل منهما وجه، لكل منهما وجه، فكلام إسحاق لا يمكن استقلاله على النص، إنما سيق لبيان لفظٍ في النص، فيعود الأمر إلى كلام ابن حجر.

 ثم قال الحافظ ابن حجر معلقًا على كلام إسحاق: قال إسحاق: "وكان منها طائفةٌ قيَّلت"، أي بتشديد الياء التحتانية، أي أن إسحاق وهو ابن راهويه حيث روى هذا الحديث عن أبي أسامة خالف في هذا الحرف، قال الأصيلي: هو تصحيفٌ من إسحاق، قال الأصيلي: هو تصحيفٌ من إسحاق، الآن هذا تصحيفٌ من إسحاق، فهل يستدرك بهذا التصحيف على ما ذكره القطب الحلبي، في أنه لا خلاف في هذا الموضع؟

الأخ الحاضر........ :

الآن لو استدرك على القطب الحلبي، بأن إسحاق ضبطه بهذا اللفظ، لماذا لا خلاف؟ لماذا لا خلاف فيه؟ وإسحاق ضبطه بهذا، يعني ليس الخلاف بين رواة الصحيح، ليس الخلاف بين الرواة الذين رووا الصحيح عن البخاري، إنما الخلاف في الرواة في الصحيح الذين روى عنهم البخاري.

المقدم: نعم.

 ظاهر أم لا؟

 المقدم: بلى.

ابن حجر لحظ ماذا؟ لحظ الرواة الذين هم عمدة الحديث، الذين من طريقهم يروي البخاري، والعيني لحظ الرواة الذين رووا الصحيح عن الإمام البخاري، وهم الذين تذكر، يذكر اختلافهم في الألفاظ غالبًا؛ ولذلك ابن حجر دائمًا يقول: كذا لأبي ذر، وللأصيلي كذا، ولكريمة كذا، يعني رواة الصحيح عن البخاري.

المقدم: عن البخاري بخلاف، من يروي عنهم البخاري؟

نعم، قال الأصيلي: هو تصحيفٌ من إسحاق، وقال غيره: بل هو صواب، كيف صواب "قيَّلت"؟ وقال غيره: بل هو صواب ومعناه شربت، والقيل شرب نصف النهار، يقال: قيلت الإبل أي شربت في القائلة.

الأخ الحاضر......... :

نعم، لا، لا اختلاف روايات، هذه روايته، هذه رواية إسحاق، ولها معنىً وجيه على كلام من صوبها، وتعقب القرطبي هذا القائل: بأن المقصود لا يختص بشرب القائلة، المقصود لا يختص بشرب القائلة، وأجيب بأن كون هذا أصله لا يمنع استعماله على الإطلاق تجوزًا، يعني كون "قيَّلت"  مأخوذةٌ من الشرب نصف النهار الذي هو القائلة، هذا أصل الإطلاق.

فإذا أخذنا هذا الأصل وتجوزنا في استعماله قلنا: هو ما يشرب في كل وقت، حتى في النوم، مثلًا لا يدري أين باتت يده؟ المبيت الأصل فيه..

المقدم: الليل.

الليل، لكن من توسع وقال: نوم النهار مثل نوم الليل؛ لأن المراد وإن كان أصل المبيت النوم بالليل، توسع فيه فاستعمل في النوم في جميع الأوقات، وهذا نظيره.

قال ابن دريد: قيَّل الماء في المكان المنخفض إذا اجتمع فيه، وتعقبه القرطبي أيضًا: بأنه يفسد التمثيل، يفسد التمثيل؛ لأن اجتماع الماء إنما هو مثال الطائفة الثانية، يعني قيلت معناه قيل الماء، يقال: قيل الماء في المكان المنخفض إذا اجتمع، ولكن هل هذا مثال للطائفة الأولى أو الثانية؟ في الحديث، في الحديث موضعها "قبلت".

الأخ الحاضر: الأول.

المقدم: موضعها الأول.

 موضعها الأول.

المقدم: نعم.

 وعلى تفسير ابن دريد.

المقدم: ما يكون للأول.

 يكون للثاني، للطائفة الثانية التي أمسكت.

المقدم: نعم.

 نعم، والكلام هنا إنما هو في الأولى التي شربت وأنبتت، قال: والأظهر أنه تصحيف، فأنبتت، يقول: قبلت الماء فأنبتت. المنبت من هو؟ وإطلاق الإنبات، وإسناد الإنبات إلى غير الله– جل وعلا- كالأرض، أو المطر أنبت المطر، أنبتت الأرض، هذا من باب التوسع، فالله -جل وعلا- هو المحيي وهو المميت، قال: مات فلان، وفلان في هذا التركيب فاعل، من باب التوسع، وفي الأساس للزمخشري: نبت، ظهر النبت والنبات في الأرض، ونبت البقل نباتًا، وأنبته الله ونبته، ونبت الناس الشجر غرسوه، ونبتوا الحبة حرثوه، وفي بصائر ذوي التمييز، البصائر لمن؟ للفيروز آبادي، وفي بصائر ذوي التمييز: النبت والنبات بمعنىً، ونبت البقل والمنبِت موضع النبات، والنوابت من الأحداث الأغمار، وأنبتت الأرض النبات، وأنبت البقل أي نبات، وأنكر الأصمعي أنبت البقل، وقال: لا أعرف إلا نبت البقل، ولا يقول عربي: أنبت في معنى نبت، وأنبته الله فهو منبوتٌ على غير قياس، وأنبت الغلام راهق واستبان شعر عانته.

والنبات عامٌّ في كل ما ينبت، لكن صار في التعارف اسمًا لما لا ساق له، بل اختص بما يأكله الحيوانات، وعلى هذا قوله تعالى: {لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا} [النبأ: 15] ، ومتى اعتبرت الحقائق فإنه يستعمل في كل نامٍ نباتًا كان، أو حيوانًا، أو إنسانًا، هذا  في الحقيقة ماذا؟ اللغوية.

المقدم: اللغوية.

اللغوية، أما الحقيقة العرفية فهو ما تقدم، والإنبات يستعمل في كل ذلك كما قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 14]، يعني إذا استعمل الفعل أنبت فمصدره إنبات، واستعمل المصدر نباتًا ففعله نبت، قال النحويون: نباتًا موضوعٌ موضع الإنبات وهو مصدر، وقيل: نباتًا حال لا مصدر الكلأ بفتح الكاف واللام، وآخره همزةٌ مقصورة، يقول الصاغاني: الكلأ العشب، وقد كلئت فهي كليئةٌ، ثم قال في باب العشب: العشب الكلأ الرطب، يقول: الكلأ العشب، وفي باب العشب قال: العشب الكلأ الرطب، الآن بين الكلام في الموضعين اختلاف، يقول: الكلأ العشب، يعني الكلأ يساوي..

المقدم: العشب.

 العشب، معناه العشب، إذًا العشب هو الكلأ على الموضع الأول، على الموضع الثاني في باب العشب، قال: العشب الكلأ الرطب خصه...

المقدم: بالكلأ.

 بالرطب، ولا يقال: حشيش حتى يهيج، وأعشب الأرض إذا أنبتت العشب، يعني أعشبت الأرض إذا أنبتت العشب.

وقال في باب الحشيش: وقال في باب الحشيش: الكلأ اليابس، العشب الكلأ الرطب، والحشيش الكلأ اليابس، ولا يقال له: رطبًا حشيش نقله العيني، ثم قال: علم من كلامه أن الكلأ يطلق على الرطب من النبات، واليابس منه، وكذا صرح به ابن فارس، والجوهري، والقاضي عياض، وأن الحشيش لا يطلق على الرطب، كذا صرح به الجوهري، وهو منقولٌ عن الأصمعي، وذكره البطليوسي في أدب الكتاب، ونقل عن أبي حاتم إطلاق إطلاقه عليه، ذكره البطليوسي في أدب الكتاب ونقل عن أبي حاتم إطلاقه عليه، البطليوسي يقال له: ابن من؟ ابن السيد، السِّيْد كذا أم السَّيِّد؟ 

الأخ الحاضر: ابن السِّيْد.

نعم ولماذا السِّيدْ؟ السيد الذئب، السيد هو الذئب، البطليوسي في أدب الكتاب له كتاب في هذا الباب اسمه " الاقتضاب في شرح  أدب الكتاب" مطبوع، مطبوع مرارًا ونقل عن أبي حاتم إطلاقه عليه، أبو حاتم هذا من؟ في هذا الباب يمكن أن...

المقدم: أبو حاتم الرازي؟

لا الرازي ما هو بلغوي، السجستاني، أبو حاتم السجستاني، وقال الكرماني: الكلأ بالهمز هو النبات يابسًا ورطبًا، هو النبات يابسًا ورطبًا، وأما العشب والخلا مقصور فمختصان بالرطب، والحشيش مختص اليابس، وعطف العشب عليه، وعطف العشب على الكلأ من باب عطف الخاص على العام، والتخصيص بالذكر لفائدة الاهتمام، الكلأ والعشب الكثير، عطف العشب على الكلأ من باب عطف الخاص على العام، نعم؛ لأن.

المقدم: لأن العشب أقل من الكلأ.

مختص بالرطب، العشب والكلأ مختص والكلأ أعم، العشب والخلا مختصان بالرطب، والكلأ أعم من ذلك، نعم؛ لأنه قال: الكلأ بالهمز والنبات يابسًا ورطبًا، أما العشب والخلا فمقصور، فمختصان بالرطب، فهو من باب عطف الخاص على العام، والتخصيص بالذكر لفائدة الاهتمام به لشرفه ونحوه.

 وقال الجوهري: الخلا مقصور الحشيش اليابس، الواحدة خلأةٌ، قال العيني: والصواب مع الكرماني، فالجوهري يبسها فيه؛ لأن الخلا الرطب، فإذا يبس فهو حشيش، وكانت منها أجادب، بالجيم والدال المهملة بعدها موحدة جمع جدب، بفتح جَدَبَ جمع جَدَب بفتح الدال المهملة على غير قياس، وهي الأرض الصلبة التي لا ينضب منها الماء، وضبطه المازري بالذال المعجمة، ووهمه القاضي ورواها الإسماعيلي عن أبي يعلى، عن أبي كريبٍ:  أحارب بحاءٍ وراءٍ مهملتين.

قال الإسماعيلي: لم يضبطه أبو يعلى، قال الخطابي: والأحارب ليس بشيء، وقال بعضهم: أجارد، بالجيم والدال وهو صحيح في المعنى إن ساعدته الرواية، في شرح الخطابي يقول: هو صحيحٌ في المعنى إن ساعدته الرواية، قال الأصمعي: الأجارد من الأرض ما لم تنبت الكلأ، هي جرداء بارزةٌ لا يسترها النبات، كذا في شرح الخطابي، يقول ابن حجر: وأغرب صاحب المطالع فجعل الجميع روايات، جعل الجميع روايات، أحارب وأجارد، وغيرها وأجادب جعلها روايات، وليس في الصحيحين سوى روايتين فقط، وكذا جزم القاضي أغرب صاحب المطالع من هو؟

الأخ الحاضر: ابن قرقول .

ابن قرقول، وليس في الصحيحين سوى روايتين فقط وكذا جزم القاضي، والروايتان اللتان أشار إليهما الحافظ هما أجادب، الثانية إخاذات، وهي التي اعتمدها الحافظ، أجادب التي سبق الحديث عنها، والثانية إخاذات بكسر الهمزة والخاء والذال المعجمتين، وآخرهم مثناةٍ من فوق قبلها ألف، جمع إخاذة، وهي الأرض التي تمسك الماء، وهي رواية أبي ذر كما في الفتح، اعتمد عليها ابن حجر؛ لأن عمدته في الشرح..

الأخ الحاضر: رواية أبي ذر.

 على رواية أبي ذر، ولذلك اعتمدها وشرحها وأشار إلى ما عداها كما هي عادته -رحمه الله-.

قال الخطابي، وقال بعضهم: إنما هي إخاذات سقط منها الألف، والإخاذات مساكات الماء، واحدتها إخاذة، وقال العيني هي الأرض التي تمسك الماء، ويقال: هي الغدران، هي الأرض التي تمسك الماء، ويقال: هي الغدران، وقال أبو الحسين عبد الغافر الفارسي: هو الصواب.

وفي العباب: الأُخُذ جمع إخاذ، وهو الغدير مثل كتاب وكتب.

 "أمسكت الماء"، جملةً من الفعل والفاعل والمفعول في محل الرفع، على أنها صفة أجادب.

 "فنفع الله بها"، جملةٌ معطوفة على التي قبلها، والفاء تعقيبيه أي نفع الله بالإخاذات، وللأصيلي: به، أي بالماء، أي بالماء الذي أمسكته هذه الأرض.

"فشربوا وسقوا"، قال أهل اللغة: سقا وأسقى بمعنىً لغتان، وقيل: سقاه ناوله ليشرب، وأسقاه جعل له سقيًا، وزرعوا وهذه جمل شربوا، وسقوا، وزرعوا جمل معطوفٌ بعضها على بعض، "وزرعوا" بالزاي من الزرع، أي زرعوا ما يصلح للزرع، ولمسلمٍ والنسائي: "ورعوا" من الرعي بغير زاي، قال النووي: كلاهما صحيح، ورجح القاضي عياض رواية مسلم" رعوا".

قال ابن حجر: بلا مرجح، رجح بلا مرجح؛ لأن رواية زرعوا تدل على مباشرة الزرع، لتطابق في التمثيل مباشرة طلب العلم، يعني المطابقة في المشبه والمشبه به، لكن من ناحية أخرى، كيف يرعون والأرض لا تنبت؟

المقدم: جدبة.

 نعم، بإمكانهم أن يأخذوا هذه الماء، وينقلونه إلى مكانٍ آخر ويزرعوا، فتكون رواية البخاري أرجح من هذه الحيثية، ظاهر أم ليس بظاهر؟

المقدم: بلى.

كيف يقول: ورعوا وهي أرضٌ لا تنبت؟ جاء في وصفها أنها لا تنبت، يقول: رجح القاضي عياض رواية مسلم، يعني وراءه قال: ابن حجر بلا مرجح؛ لأن رواية زرعوا تدل على مباشرة الزرع؛ لتطابق في التمثيل مباشرة طلب العلم، وإن كانت رواية رعوا مطابقة لقوله: أنبتت، مطابقة لقوله: أنبتت، هذا كلام ابن حجر.

المقدم: في الأولى يعني؟

مطابقة لقوله: أنبتت، الآن الكلام في الأولى أم في الثانية؟

المقدم: نحن في الثانية الآن.

نعم، لكن المراد أنها قابلة للإنبات، كيف قابلة للإنبات؟ وهي ماذا؟

المقدم: وهي أجادب.

 أجادب نعم، والذي يترجح عندي "وزرعوا"؛ لأن الأرض الثانية تمسك لمن يستفيد منه، لمن يستفيد منه، ولو أنبتت لكانت من القسم الأول.

وقال القاضي: قوله:  "ورعوا" راجعٌ للأولى؛ لأن الثانية لم يحصل منها نبات، "ورعوا" راجعٌ للأولى لا يرجع إلى الثانية، لكن إذا أمكن عوده إلى الثانية من غير تكلف مع صحة الرواية، بقوله: "وزرعوا" كانت أرجح من أن نعيدها إلى الطائفة الأولى، وبينهما فواصل، ويمكن أن يرجع إلى الثانية أيضًا، بمعنى أن الماء الذي استقر بها سقيت منه أرضٌ أخرى فأنبتت.

 لكن كل السياق يدل على اتساق أو نسق السياق يدل على أنهم "زرعوا"،  والماء ما نقل إلا ليزرع، ما نقلوه.. الإنبات ليس من خصيصة هذه الأرض، وقيل: إنه روي "ووعوا" بواوين، ولا أصل لذلك، قاله: الحافظ.

 الآن الفرق بين الروايات "زرعوا، ورعوا، ووعوا ".

"زرعوا" هو المناسب، وهي رواية البخاري، رواية مسلم "رعوا"، وعرفنا أن رواية البخاري أنسب؛ لأن الماء الذي أمسكته هذه الأرض التي لا تنبت نقل إلى مكانٍ ثانٍ فزرع به.

المقدم: نعم.

أما "رعوا...

المقدم: يدل على أنها أخرجت.

يدل على أنها أنبتت هذا الرعي، فرعوه.

المقدم: وهي أجادب.

نعم.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، لعلنا نستأذنكم فضيلة الدكتور في استكمال ما تبقى من ألفاظ الحديث -بإذن الله- في حلقةٍ قادمة، وأنتم على خير.

أيها الإخوة والأخوات كنا وإياكم مع برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، شكرًا في ختام هذه الحلقة لفضلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، نلقاكم-بإذن الله تعالى-  في حلقةٍ قادمة، وأنتم على خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.