التعليق على تفسير القرطبي - سورة يوسف (09)

عائشة ومن معها ممن طلب منه أن يعدل عن تكليف أبي بكر بالصلاة بعده، فشبههن بالنسوة اللاتي قطعن أيديهن؛ لأنهن أظهرن خلاف ما يبطن، وعائشة -رضي الله عنها- حينما طلبت من النبي- عليه الصلاة والسلام- أن يعدل عن تكليف أبي بكر في الإمامة بعده، معللة ذلك -رضي الله عنها- بأنه -رضي الله عنه- رجل أسيف، لا يستطيع أن يقوم مقام النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأبطنت غير ما أظهرت -رضي الله عنها-؛ لأنه جرت العادة أن من يأتي يخلف المحبوب يتشاءم الناس به، وهذا شيء معروف عند الناس، وما زال، لو قُدر أن شخصًا محل ثقة من الناس وبارع ناجح في عمله ومرغوب لدى الخاصة والعامة، ثم فجأة أُبدل بغيره كره الناس البدل؛ لأنه يقوم مقام من اتفق الناس على الرضا به، فقال النبي - عليه الصلاة والسلام-: «إنكن صواحب يوسف»، من هذه الحيثية، وإلا فأوجه الشبه بعيدة كل البعد عن صواحب يوسف بين أمهات المؤمنين وبين صواحب يوسف إلا من هذه الحيثية، فأُطلقت الصحبة لهذه المناسبة.

"{أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ} [يوسف: 39] أي في الصغر والكبر والتوسط، أو متفرقون في العدد. {خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39]".

أو متفرقون في الأماكن، كل رب ممن يُعبد ويُدعى من دون الله في مكان، متفرقون في الأماكن أو متفرقون متفاوتون في الأحجام، أو متفرقون متفاوتون في الأتباع كثرةً وقلة.

"وقيل: الخطاب لهما ولأهل السجن، وكان بين أيديهم أصنام يعبدونها من دون الله -تعالى-، فقال ذلك إلزامًا للحجة، أي آلهة شتى لا تضر ولا تنفع. {خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39] الذي قهر كل شيء، نظيره: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59].

وقيل: أشار بالتفرق إلى أنه لو تعدد الإله لتفرقوا في الإرادة، ولعلا بعضهم على بعض، وبيّن أنها إذا تفرقت لم تكن آلهة".

لا شك أنه لو كانت آلهة متعددة لحصل التفرق، حصل التفرق هذا إذا تُصور أن هذه الآلهة تعقل، فكل إله يدعي أن الأمر له دون من سواه، {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، كل واحد منهم يزعم أنه أحق من غيره، فهو الإله الحق، هذا الذي لا ينبغي أن يعبد دونه، الذي لا ينبغي أن يُعبد سواه، فالتفرق أيضًا من هذه الحيثية، لو قُدر أنها آلهة، ومن شأن الإله أن يعقل، أما وقد كان واقعها أنها لا تعقل، فكيف تُقارن وتُوازن بالله الواحد القهار؟

"قوله -تعالى-: {ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً} [يوسف: 40] بيّن عجز الأصنام وضعفها فقال: {ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ} [يوسف: 40] أي من دون الله إلا ذوات أسماء لا معاني لها. {سَمَّيْتُمُوها} [يوسف: 40] من تلقاء أنفسكم".

هي مجرد أسماء لا حقائق لها، لا حقائق لها، فهل الحجر الذي يُعبد من دون الله، وتُطلب منه الحوائج، وهو حجر لا يضر ولا ينفع، فلكونه، أو لكون وجوده مثل عدمه سيان لا يضر ولا ينفع، ما هو إلا مجرد اسم، هذا في الآلهة المحسوسة، فكيف بالآلهة غير المحسوسة مثل الهوى، {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الفرقان: 43]، هذا غير محسوس، فهو مجرد اسم لا حقيقة له، والمحسوس من الآلهة سوى الله -سبحانه وتعالى- لا وجود له في الحقيقة؛ لأن وجوده كلا وجود، مثل العدم سواء بسواء؛ لأنه لا يضر ولا ينفع.

"وقيل: عنى بالأسماء المسميات، أي ما تعبدون إلا أصنامًا ليس لها من الإلهية شيء إلا الاسم؛ لأنها جمادات. وقال: {ما تَعْبُدُونَ} [يوسف: 40]، وقد ابتدأ بخطاب الاثنين؛ لأنه قصد جميع من هو على مثل حالهما من الشرك".

هما اثنان {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} [يوسف: 39]، لكن وُجه الخطاب لهما ولمن شاكلهما من ساكن السجن كلهم يعبدون أربابًا وآلهة من دون الله، فاستحقوا أن يخاطبوا بمثل هذا الخطاب، والخطاب أيضًا يتعدى المسجونين إلى غيرهم، ومثل ما أشرنا سابقًا أنه ينبغي أن تُستغل الحاجة في الدعوة، وكلٌّ حسب موقعه، المدرس في موقعه والطلبة بحاجته، القاضي في موقعه، والخصوم بحاجته، الطبيب في موقعه والمرضى بحاجته، الحاجب -حاجب الموظف- سكرتير أو مدير مكتب أو، الناس بحاجته؛ لأن يسهل لهم الدخول إلى من يريدون، يستغل، والمحتاج في الغالب يستمع، وإن لم يكن الاستماع مقصودًا لذاته، لكنه يأتي تبعًا، فعلى هذا على كل إنسان أن يستغل موقعه ومكانه، والله المستعان.

"{إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ} [يوسف: 40] فحذف المفعول الثاني للدلالة، والمعنى: سميتموها آلهة من عند أنفسكم.

 {ما أَنْزَلَ اللَّهُ} [يوسف: 40] ذلك في كتاب. قال سعيد بن جبير: {مِنْ سُلْطانٍ} [يوسف: 40] أي من حجة. {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: 40] الذي هو خالق الكل. {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [يوسف: 40]، أي القويم. {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 40]".

{الدِّينُ الْقَيِّمُ} [يوسف: 40] هذا وصف للدين بأنه قويم مستقيم لا اعوجاج فيه، وجاء وصفه بأنه قِيَم {دِيناً قِيَماً} [الأنعام: 161]، أي أخلاق، مجموعة من الأخلاق والآداب تحلى، ينبغي أن يتحلى بها المسلم، والقرآن خُلُقٌ ينبغي أن يطبق، لم يُنزل لمجرد التلاوة أو لمطلق التبرك، نعم يتلى ويتدبر ويطبق ويعمل به، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان خلقه القرآن، فالدين كما أنه قَيّم، فهو قِيَم أيضًا.

"قوله -تعالى-: {يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ} [يوسف: 41]، فيه مسألتان:

الأولى: قوله -تعالى-: {أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً} [يوسف: 41] أي قال للساقي: إنك ترد على عملك الذي كنت عليه من سقي الملك بعد ثلاثة أيام، وقال للآخر: وأما أنت فتدعى إلى ثلاثة أيام فتصلب فتأكل الطير من رأسك، قال: والله ما رأيت شيئًا، قال: رأيت أو لم تر {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ} [يوسف: 41]".

خاف، خاف من التأويل فأنكر، والله ما رأيت شيئًا، خاف من التأويل فأنكر، وعلى كل حال إذا ادعى شخص أنه رأى رؤيا فأُولت، هل تقع أو لا تقع؟

طالب: ..........

هل تقع أو لا تقع؟ هنا وقعت، وقد أنكر أنه رأى، وقد يكون وقوعها عقوبة له على كذبه، والكذب في ادعاء الرؤيا أعظم من الكذب في اليقظة، وإن كان الكذب في الأصل يتفاوت بتفاوت الأثر المترتب عليه، وبتفاوت المكذوب عليه أيضًا.

 وعلى كل حال هذه المسألة معروفة عند أهل العلم، كثير من أهل العلم يقول: إذا كانت الرؤيا كذبًا فإنها لا يمكن تأويلها، لا يمكن تأويلها، ولو أخطأ مخطئ فأولها فإنها لا تقع، ومنهم من قال: إنها تقع، وليس للمعبر إلا ما سمع، لكن كثيرًا من المعبرين يعرفون أنها بالفعل من أحوال المدعي أنها بالفعل واقعة أو لم تقع، ومن مجموع الرؤيا هذا الخبير العارف بالتعبير قد يقول له: كذبت، ما رأيتَ شيئًا، وقد يسأل الشخص عن رؤيا يزعم أنها حصلت له، فيقول المعبر العارف بالتعبير: ما حصلت لك الرؤيا، حصلت لغيرك؛ لأنها تليق بشخص صفته كذا وكذا، ومرد ذلك الخبرة والمعرفة، وعلى كل حال حصلت مثل هذه القصة لعمر سيذكرها المؤلف -إن شاء الله تعالى-.  

طالب: ..........

لا، هو إذا ذكر رقم، إذا ذكر رقم يستفاد منه في التعبير، إذا ذكر رقم أو ذكر ما يستشف ما يستنبط منه رقم، أما يذكر شيء لا مساس له بالأرقام فيستنبط منه رقم، هذا شيء آخر.

طالب: ..........

أما بالنسبة لمن يكثر الكذب في حديثه مع الناس، فلا يكاد يصدق له رؤيا، ومن يلازم الصدق لا شك أن هذا في الغالب لا تخطئ له رؤيا.

طالب: ..........

نعم، كثير منهم توسعه غير مرضي، ويخبرون عن دقائق وعن أشياء لا ينبغي الإخبار بها، أو لا يمكن إدراكها من خلال الرؤيا، لا شك أنه أحيانًا في بعض التعبيرات التي يزاولها بعض الناس قد جاوزت حد الرؤيا، وقد يخبرون عن أشياء يترتب عليها شيء من الفتنة للناس أو لبعضهم كالإخبار بالمغيبات، والله المستعان، توسعوا في ذلك توسعًا غير مرضي.

"وحكى أهل اللغة أن سقى وأسقى لغتان بمعنى واحد، كما قال الشاعر:

سقى قومي بني مجد وأسقى

 

نميرًا والقبائل من هلال

قال النحاس: الذي عليه أكثر أهل اللغة أن معنى سقاه ناوله فشرب، أو صب الماء في حلقه، ومعنى أسقاه جعل له سقيًا، قال الله -تعالى-: {وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً} [المرسلات: 27].

الثانية: قال علماؤنا: إن قيل: من كذب في رؤياه ففسرها العابر له أيلزمه حكمها؟ قلنا: لا يلزمه، وإنما كان ذلك في يوسف؛ لأنه نبي، وتعبير النبي حكم، وقد قال: إنه يكون كذا وكذا، فأوجد الله -تعالى- ما أخبر كما قال تحقيقًا لنبوته، فإن قيل: فقد روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني رأيت كأني أعشبت ثم أجدبت ثم أعشبت ثم أجدبت، فقال له عمر: أنت رجل تؤمن ثم تكفر، ثم تؤمن ثم تكفر، ثم تموت كافرًا، فقال الرجل: ما رأيت شيئًا، فقال له عمر: قد قضى لك ما قضى لصاحب يوسف، قلنا: ليست لأحد بعد عمر؛ لأن عمر كان محدثًا".

قد، لكن أيضًا قد يكذب، قد يكذب في دعواه أنه لم ير شيئًا، قد يكذب في دعواه أنه لم ير شيئًا.

"لأن عمر كان محدثًا".

يعني ملهمًا كما جاء في الحديث الصحيح.

"وكان إذا ظن ظنًا كان، وإذا تكلم به وقع، على ما ورد في أخباره، وهي كثيرة، منها: أنه دخل عليه رجل فقال له: أظنك كاهنًا، فكان كما ظن، خرجه البخاري. ومنها: أنه سأل رجلًا عن اسمه فقال له: فيه أسماء النار كلها، فقال له: أدرك أهلك فقد احترقوا، ".

اسمه شهاب بن جمرة بن لظى، ما أدري إيش، فقال: أدرك أهلك، كيف؟

طالب: ..........

نعم.

طالب: ..........

ابن حرقة، من الحرقة، من الحرقة، فقال: أدرك أهلك فقد احترقوا، فوجدهم كذلك، هذا استنباط من الألفاظ التي ينبغي أن يتداول منها أحسنها.

طالب: ..........

هذا من باب الفأل، من باب الفأل ينبغي تحسين الأسماء، من باب الفأل ينبغي تحسين الأسماء.

"فكان كما قال، خرجه في الموطأ".

طالب: ..........

الذي هو أدرك أهلك؟

طالب: ..........

هذا بسند صحيح إلى عبد الرزاق.

"خرجه في الموطأ، وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة الحجر -إن شاء الله تعالى-.

قوله -تعالى-: {وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42].

 فيه خمس مسائل:

الأولى: قوله -تعالى-: {وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ} [يوسف: 42]، {ظَنَّ} [يوسف: 42] هنا بمعنى أيقن، في قول أكثر المفسرين".

يعني كما في قوله -تعالى-: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ} [البقرة: 46]، ما يكفي الظن في مثل هذا، لا يكفي الظن في مثل هذا، بل لا بد من اليقين.

"وفسره قتادة على الظن الذي هو خلاف اليقين".

يعني الذي يحتمل النقيض، الاحتمال الراجح من وجهي الاحتمال يسمى ظنًا، ويقابله الوهم، الاحتمال المرجوح.

"قال: إنما ظن يوسف نجاته؛ لأن العابر يظن ظنًّا وربك يخلق ما يشاء، والأول أصح وأشبه بحال الأنبياء، وأن ما قاله للفتيين في تعبير الرؤيا كان عن وحي، وإنما يكون ظنًّا في حكم الناس، وأما في حق الأنبياء، فإن حكمهم حق كيفما وقع.

الثانية: قوله -تعالى-: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42] أي سيدك، وذلك معروف في اللغة أن يقال للسيد: رب، قال الأعشى:

ربي كريم لا يكدر نعمة

 

وإذا تنوشد في المهارق أنشدا

أي اذكر ما رأيته، وما أنا عليه من عبارة الرؤيا للملك، وأخبره أني مظلوم محبوس بلا ذنب.

وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يقل أحدكم: اسق ربك، أطعم ربك، وضئ ربك، ولا يقل أحدكم: ربي، وليقل: سيدي مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أمتي، وليقل: فتاي، فتاتي، غلامي».

وفي القرآن: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]، {إلى ربك} [يوسف: 50]، {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ} [يوسف: 23] أي صاحبي، يعني العزيز".

هذا في شرع من قبلنا، شريعة يوسف -عليه السلام-، وُجد بعض الأشياء التي  جاء شرعنا بخلافها؛ كما هنا، وكما في سجوده، سجود أبويه مع إخوته، {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} [يوسف: 100].

طالب: ..........

الجمهور على أنه مكروه فقط، لكن صريح النهي يدل على التحريم.

طالب: ..........

المسألة فيها شيء من المبالغة، وإن كثر إطلاقها.

"ويقال لكل من قام بإصلاح شيء وإتمامه: قد ربه يربه، فهو رب له. قال العلماء: قوله -عليه السلام-: «لا يقل أحدكم، وليقل» من باب الإرشاد إلى إطلاق اسم الأولى، لا أن إطلاق ذلك الاسم محرم؛ ولأنه قد جاء عنه -عليه السلام-: «أن تلد الأمة ربها» أي مالكها وسيدها، وهذا موافق للقرآن في إطلاق ذلك اللفظ، فكان محل النهي في هذا الباب ألا نتخذ هذه الأسماء عادة فنترك الأولى والأحسن.

وقد قيل: إن قول الرجل: عبدي وأمتي يجمع معنيين: أحدهما: أن العبودية بالحقيقة إنما هي لله -تعالى-، ففي قول الواحد من الناس لمملوكه: عبدي وأمتي تعظيم عليه، وإضافة له إلى نفسه بما أضافه الله -تعالى- به إلى نفسه، وذلك غير جائز. والثاني: أن المملوك يدخله من ذلك شيء في استصغاره بتلك التسمية، فيحمله ذلك على سوء الطاعة. وقال ابن شعبان في الزاهي".

فرق بين أن ينسب هذا اللفظ إلى نفسه فيقول: عبدي وأمتي، عبدي مثلًا، وبين أن يُنسب من قبل غيره فيقال: عبد فلان، فالذي ينسب الشيء إلى نفسه مع لفظ يفيد شيئًا من التعظيم، لا شك أن مثل هذا مجانب للتواضع، أما أن ينسبه غيره إلى ذلك، فالأمر أسهل؛ لأنه حينئذ يسلم من التزكية.

طالب: ..........

نعم.

طالب: ..........

والله على حسب الطعن، إن كان غير متعدٍ، إذا كان الطعن خاصًّا لازمًا غير متعدٍّ، فالأولى ألا ينتصر لنفسه، وإذا كان الطعن فيه يتعدى ضرره ينبغي أن يدافع عنه، وإن دافع عن نفسه فلا بأس، وإن اقتضى الأمر إلى ذكر شيء من مناقبه ومحاسنه، فالله -سبحانه وتعالى- لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم، وهو مظلوم في هذه المسألة، ولذا لما قيل في ابن عمر: إنه كان عييًّا، قال: كيف يكون عييًا من في جوفه كتاب الله؟ وهذا كثير في سيرهم أنهم إذا ظُلموا أو اتُّهموا بشيء دافعوا عن أنفسهم، لكن كونه يتولى الدفاع غيره أولى.

" لا يقل السيد: عبدي وأمتي، ولا يقل المملوك: ربي ولا ربتي، وهذا محمول على ما ذكرناه.

وقيل: إنما قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا يقل العبد: ربي، وليقل: سيدي»؛ لأن الرب من أسماء الله -تعالى- المستعملة بالاتفاق، واختلف في السيد هل هو من أسماء الله -تعالى- أم لا؟ فإذا قلنا: ليس من أسماء الله، فالفرق واضح، إذ لا التباس ولا إشكال، وإذا قلنا: إنه من أسمائه فليس في الشهرة ولا الاستعمال كلفظ الرب، فيحصل الفرق.

وقال ابن العربي: يحتمل أن يكون ذلك جائزًا في شرع يوسف -عليه السلام-".

يعني إطلاق الرب.

"الثالثة: قوله -تعالى-: {فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} [يوسف: 42] الضمير في {فَأَنْساهُ} [يوسف: 42] فيه قولان: أحدهما: أنه عائد إلى يوسف -عليه السلام-، أي أنساه الشيطان ذكر الله -عزَّ وجلَّ-، وذلك أنه لما قال يوسف لساقي الملك -حين علم أنه سينجو ويعود إلى حالته الأولى مع الملك-: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42] نسي في ذلك الوقت أن يشكو إلى الله ويستغيث به، وجنح إلى الاعتصام بمخلوق، فعوقب باللبث. قال عبد العزيز بن عمير الكندي: دخل جبريل على يوسف النبي -عليه السلام- في السجن فعرفه يوسف، فقال: يا أخا المنذرين! مالي أراك بين الخاطئين؟! فقال جبريل -عليه السلام-: يا طاهر ابن الطاهرين! يقرئك السلام رب العالمين ويقول: أما استحيت إذ استغثت بالآدميين؟! وعزتي! لألبثنك في السجن بضع سنين، فقال: يا جبريل! أهو عني راضٍ؟ قال: نعم! قال: لا أبالي الساعة.

 وروي أن جبريل -عليه السلام- جاءه فعاتبه عن الله -تعالى- في ذلك وطول سجنه، وقال له: يا يوسف! من خلصك من القتل من أيدي إخوتك؟! قال: الله -تعالى-، قال: فمن أخرجك من الجب؟ قال: الله -تعالى- قال: فمن عصمك من الفاحشة؟ قال: الله -تعالى-، قال: فمن صرف عنك كيد النساء؟ قال: الله -تعالى-، قال: فكيف وثقت بمخلوق وتركت ربك فلم تسأله؟! قال: يا رب كلمة زلت مني! أسألك يا إله إبراهيم وإسحاق والشيخ يعقوب -عليهم السلام- أن ترحمني، فقال له جبريل: فإن عقوبتك أن تلبث في السجن بضع سنين.

وروى أبو سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «رحم الله يوسف، لولا الكلمة التي قال: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42] ما لبث في السجن بضع سنين».

وقال ابن عباس: عوقب يوسف بطول الحبس بضع سنين".

حديث أبي هريرة من قوله -عليه الصلاة والسلام-: «لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي»، وفي هذا مدح ليوسف -عليه السلام-، «لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي»، يعني داعي الملك حينما طلبه الملك، فقال له: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ} [يوسف: 50]؛ ليقترن خروجه بالبراءة مما نُسب إليه، فإذا أُمر بالخروج وخرج مباشرة، ما تحصل البراءة مثل رده لرسول الملك وقوله له: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ} [يوسف: 50]؛ لكي يبحث الملك، ويطلب الجواب، ويُسمع الجواب الصحيح، وحينئذ تنتشر براءة يوسف -عليه السلام-، لكن العادة أن المسجون مجرد ما يُفتح الباب، ولو لم يقل، ولم يقل له أحد: اخرج، ينظر إلى الباب، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: «لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي»، ولا شك أن هذا مدح ليوسف -عليه السلام-.

طالب: ..........

يعني واحد يسجن في السجن بضع سنين، سبع سنين، أو أقل أو أكثر - على الخلاف في ذلك-، سنين، ثم يقال له: الملك يدعوك، يقول له: ارجع إلى الملك، يعني عادة الإنسان وجبلته تدعو إلى أنه مجرد ما يفتح الباب بالنسبة للمسجون ينظر إلى الباب ويخرج، هذا من تواضعه -عليه الصلاة والسلام-، وإرادة رفع شأن يوسف -عليه السلام-؛ لئلا يتطاول الناس عليه بسبب ما ذُكر عنه في هذه السورة.

"وقال ابن عباس: عوقب يوسف بطول الحبس بضع سنين لما قال للذي نجا منهما: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]، ولو ذكر يوسف ربه لخلصه.

وروى إسماعيل بن إبراهيم عن يونس عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لولا كلمة يوسف- يعني قوله: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]- ما لبث في السجن ما لبث» قال: ثم يبكي الحسن ويقول: نحن ينزل بنا الأمر فنشكو إلى الناس".

هذه يمكن تكون من خير ما يقوله الناس، لا تنسنا يا فلان، اذكر حاجتي إلى فلان، اذكر وأنت ذاهب للمدير اذكر كذا، وأنت ذاهب إلى المستشفى اسأل الطبيب عن كذا، هذه أمر اعتاده الناس، ولا شك أن مزاولة الأسباب أمر لا بأس به، وكل بحسب موقعه، وقد يكون من بعض الناس مقبولًا، ولكنه من بعضهم غير مقبول، فالناس منازل؛ كما يقولون: حسنات الأبرار سيئات المقربين، يليق بفئة من الناس ما لا يليق بغيرهم، ويُقبل من قوم ما لا يقبل من غيرهم، فإذا وجدت شابًّا فاته بعض الصلاة تفرح أنه جاء يصلي، قبلت منه هذا القدر الذي أدركه من الصلاة، لكن كبير سن يفوته شيء من الصلاة، ما يناسب هذا، طالب علم الأمر فيه أشد، فلا شك أن الناس منازل، فيُطلب من بعض الناس ويُتوقع منهم غير ما يتوقع من البعض الآخر، ولا شك أن من كان بالله أعرف كان منه أخوف، فيوسف -عليه السلام- هذه منزلته، والله المستعان.

طالب: ..........

الذي يزاول الأسباب ولا يلتفت إليها، لا شك أنه أفضل، الذي يزاول الأسباب ولا يلتفت إليها بقلبه، بل يعتمد على ربه هذا أفضل، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- باشر الأسباب، أما من يزاول الأسباب مع التفاته إليها بحيث لو تركها تشكَّى وتذمَّر، ولو أني فعلت كذا، ولو أني، هذا يزاول الأسباب أفضل من كونه يتركها، وشخص إذا زاول الأسباب اعتمد عليها اعتمادًا كليًّا، ورأى أنه لو لم يعالج ما برئ، مثل هذا محض التوكل أفضل له؛ لأنه ينقله من مجرد كونه سببًا إلى كونه مؤثرًا، وهذا خطر.

"وقيل: إن الهاء تعود على الناجي، فهو الناسي، أي أنسى الشيطانُ الساقي أن يذكر يوسف لربه، أي لسيده، وفية حذف، أي أنساه الشيطان ذكره لربه، وقد رجح بعض العلماء هذا القول فقال: لولا أن الشيطان أنسى يوسف ذكر الله لما استحق العقاب باللبث في السجن، إذ الناسي غير مؤاخذ.

 وأجاب أهل القول الأول بأن النسيان قد يكون بمعنى الترك، فلما ترك ذكر الله ودعاه الشيطان إلى ذلك عوقب، رد عليهم أهل القول الثاني بقوله -تعالى-: {وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45]، فدل على أن الناسي هو الساقي لا يوسف، مع قوله -تعالى-: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ} [الحجر: 42]، فكيف يصح أن يضاف نسيانه إلى الشيطان، وليس له على الأنبياء سلطنة؟!

قيل: أما النسيان فلا عصمة للأنبياء عنه إلا في وجه واحد، وهو الخبر عن الله -تعالى- فيما يبلغونه، فإنهم معصومون فيه، وإذا وقع منهم النسيان حيث يجوز وقوعه فإنه ينسب إلى الشيطان إطلاقًا، وذلك إنما يكون فيما أخبر الله عنهم، ولا يجوز لنا نحن ذلك فيهم، قال -صلى الله عليه وسلم-: «نسي آدم فنسيت ذريته». وقال: «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون». وقد تقدم".

قوله: النسيان قد يكون بمعنى الترك، يعني منه قوله -تعالى-: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67]، {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67]، أي تركوا عبادته، فنسيهم، يعني تركهم من هدايته ومغفرته، وتركهم في عذابه في الآخرة، أما بالنسبة للنسيان وجريانه على الأنبياء، فنسيانهم تشريع، ونسيانهم شيئًا مما أُمروا بتبليغه هذا ما يمكن أن يحصل، فالإجماع قائم على عصمتهم من مثله، يعني أُمر بتبليغ شيء فنسيه، الإجماع قائم على عصمتهم من مثل ذلك، وكونهم ينسون ليسنوا ويشرعوا، وقد حصل النسيان والسهو في أعظم العبادات في الصلاة؛ ليكون ذلك شرعًا لأمته -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: ..........

{أَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} [يوسف: 42]، ما فيه شك أن الاحتمال قائم أنه يحتمل أن يكون الساقي نسي، أنساه الشيطان، ويحتمل أن يكون الناسي هو يوسف، والذي أنساه الشيطان، فعوقب، {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42].

"الرابعة: قوله -تعالى-: {فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف: 42] البضع قطعة من الدهر مختلف فيها، قال يعقوب عن أبي زيد: يقال بضع وبضع بفتح الباء وكسرها، قال أكثرهم: ولا يقال بضع ومائة، وإنما هو إلى التسعين".

يعقوب هذا من؟ وأبو زيد من؟

طالب: ..........

صحيح، وأبو زيد؟ أبو زيد الأنصاري الإمام اللغوي الثقة الذي إذا قال سيبويه: حدثني الثقة، يقصده.

"وقال الهروي: العرب تستعمل البضع فيما بين الثلاث إلى التسع. والبضع والبضعة واحد، ومعناهما القطعة من العدد. وحكى أبو عبيدة أنه قال: البضع ما دون نصف العقد، يريد ما بين الواحد إلى أربعة، وهذا ليس بشيء.

وفي الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه-: «وكم البضع؟» فقال: ما بين الثلاث إلى السبع. فقال: «اذهب فزائد في الخطر». وعلى هذا أكثر المفسرين، أن البضع سبع، حكاه الثعلبي".

يعني في مراهنة أبي بكر للمشركين في غلبة الروم راهنهم على أنهم سيغلبون في بضع سنين.

"قال الماوردي: وهو قول أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وقطرب.

وقال مجاهد: من ثلاث إلى تسع، وقاله الأصمعي. قال ابن عباس: من ثلاث إلى عشرة. وحكى الزجاج أنه ما بين الثلاث إلى الخمس. قال الفراء: والبضع لا يذكر إلا مع العشرة والعشرين إلى التسعين، ولا يذكر بعد المائة.

وفي المدة التي لبث فيها يوسف مسجونًا ثلاثة أقاويل: أحدها: سبع سنين، قاله ابن جريج وقتادة ووهب بن منبه، قال وهب: أقام أيوب في البلاء سبع سنين، وأقام يوسف في السجن سبع سنين.

الثاني: اثنتا عشرة سنة، قاله ابن عباس.

الثالث: أربع عشرة سنة، قاله الضحاك.

وقال مقاتل: عن مجاهد عن ابن عباس قال: مكث يوسف في السجن خمسًا وبضعًا. واشتقاقه من بضعت الشيء أي قطعته، فهو قطعة من العدد، فعاقب الله يوسف بأن حبس سبع سنين أو تسع سنين بعد الخمس التي مضت، فالبضع مدة العقوبة لا مدة الحبس كله. قال وهب بن منبه: حبس يوسف في السجن سبع سنين، ومكث أيوب في البلاء سبع سنين، وعذب بخت نصر بالمسخ سبع سنين.

وقال عبد الله بن راشد البصري عن سعيد بن أبي عروبة: إن البضع ما بين الخمس إلى الاثنتي عشرة سنة.

الخامسة: في هذه الآية دليل على جواز التعلق بالأسباب، وإن كان اليقين حاصلًا، فإن الأمور بيد مسببها، ولكنه جعلها سلسلة، وركب بعضها على بعض، فتحريكها سُنَّة، والتعويل على المنتهى يقين. والذي يدل على جواز ذلك نسبة ما جرى من النسيان إلى الشيطان كما جرى لموسى في لقيا الخضر، وهذا بيّن فتأملوه ".

التعلق بالأسباب يعني فعل الأسباب، التعلق بها يعني فعلها، وليس المراد بذلك الركون إليها، وادعاء أنها مؤثرة بذاتها، كما يقوله بعض المبتدعة، فمذهب أهل السنة وسط بين طرفي نقيض، فالمعتزلة تأثير الأسباب، والأشعرية يلغون أثر الأسباب، وأن الأسباب وجودها مثل عدمها، وأن الأشياء التي عُلقت عليها تحصل عندها لا بها، تحصل عندها لا بها، والمعتزلة على النقيض من ذلك يرون أنها مؤثرة بذاتها، وأهل السنة يرون أنها مؤثرة بجعل الله -سبحانه وتعالى- الأثر فيها، لا شك أن الثياب تقي من البرد، لكن لا لذاتها، بجعل الله -سبحانه وتعالى- ذلك الأثر فيها، وعند الأشعرية الدفء إنما حصل عندها لا بها، الإبصار إنما حصل عند البصر لا به، ولذلك لا فرق عندهم بين الأعمى والمبصر، العين لا أثر لها، وجودها مثل عدمها، وإنما عندها يحصل الإبصار لا بها، ولذا استفاض عنهم وقالوه بالحرف: إنه يجوز -يعني في عقولهم الكبار- أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس؛ لماذا؟

لأن البصر سبب، والسبب لا قيمة له، ولا أثر له، وهذا شيء ما هو بإلزام، نصوا عليه بالحرف، ما هو بإلزام، يعني يلزمهم أن يقولوا كذا، لا.

فعلى من سلك هذا المسلك الوسط والمنهج السوي أن يحمد الله -سبحانه وتعالى- على هذه النعمة؛ إذ لو تركه وعقله لضل وزل، كم فيهم من الأذكياء والعباقرة من الطائفتين -من المعتزلة والأشعرية-! لكن العقل وحده لا يهدي، العقل إن لم يُلزم ويُزم بزمام الشرع، فإنه في الغالب نقص لا يستقل بالهداية، نعم يستفيد منه من يسخره لفهم الشرع، وما جاء عن الله وعن رسوله، لا شك أنه نعمة، لكن النعم إذا لم تستخدم فيما يرضي الله -سبحانه وتعالى-، فهي نقم، كثير من الأذكياء يستغل ذكاءه فيما يضر الناس ويؤذيهم به، مثل هذا ذكاؤه وبال عليه، والله المستعان.

"قوله -تعالى-: {وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ} [يوسف: 43] لما دنا فرج يوسف -عليه السلام- رأى الملك رؤياه، فنزل جبريل فسلم على يوسف وبشره بالفرج وقال: إن الله مخرجك من سجنك، وممكّن لك في الأرض، يذل لك ملوكها، ويطيعك جبابرتها، ومعطيك الكلمة العليا على إخوتك، وذلك بسبب رؤيا رآها الملك، وهي كيت وكيت، وتأويلها كذا وكذا، فما لبث في السجن أكثر مما رأى الملك الرؤيا حتى خرج، فجعل الله الرؤيا أولًا ليوسف بلاء وشدة، وجعلها آخرًا بشرى ورحمة، وذلك أن الملك الأكبر الريان بن الوليد رأى في نومه كأنما خرج من نهر يابس سبع بقرات سمان، في إثرهن سبع عجاف- أي مهازيل- وقد أقبلت العجاف على السمان فأخذن بآذانهن فأكلنهن، إلا القرنين، ورأى سبع سنبلات خضر قد أقبل عليهن سبع يابسات فأكلنهن حتى أتين عليهن فلم يبق منهن شيء وهن يابسات، وكذلك البقر كن عجافًا فلم يزد فيهن شيء من أكلهن السمان، فهالته الرؤيا، فأرسل إلى الناس وأهل العلم منهم والبصر بالكهانة والنجامة والعرافة والسحر، وأشراف قومه، فقال: {يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ} [يوسف: 43]، فقص عليهم، فقال القوم: {أَضْغاثُ أَحْلامٍ} [يوسف: 44]، قال ابن جريج: قال لي عطاء: إن أضغاث الأحلام الكاذبة المخطئة من الرؤيا.

وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: إن الرؤيا منها حق، ومنها أضغاث أحلام، يعني بها الكاذبة.

وقال الهروي: قوله -تعالى-: {أَضْغاثُ أَحْلامٍ} [يوسف: 44] أي أخلاط أحلام. والضغث في اللغة الحزمة من الشيء كالبقل والكلأ وما أشبههما، أي قالوا: ليست رؤياك ببينة، والأحلام الرؤيا المختلطة.

وقال مجاهد: أضغاث الرؤيا أهاويلها.

وقال أبو عبيدة: الأضغاث ما لا تأويل له من الرؤيا. قوله -تعالى-: {سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ} [يوسف: 43] حذفت الهاء من {سَبْعَ} [يوسف: 43] فرقًا بين المذكر والمؤنث {سِمانٍ} [يوسف: 43] من نعت البقرات، ويجوز في غير القرآن سبع بقرات سمانًا، نعت للسبع، وكذا خضرًا، قال الفراء: ومثله {سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً} [نوح: 15]، وقد مضى في سورة البقرة اشتقاقها ومعناها".

الوصف والتابع عمومًا إذا تبع المضاف مع المضاف إليه، هل يكون تابعًا للمضاف أو للمضاف إليه؟

هنا {سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ} [يوسف: 43]؟

طالب: ..........

لماذا؟

طالب: ..........

نعم، للمضاف إليه، {سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً} [نوح: 15] للمضاف، للمضاف، لكن إذا اتحدت الحركة فصارت المضاف بكسرة، مررت بغلام زيدٍ الفاضل، وصف لأيهما؟

طالب: غلام.

ماذا يدريك؟

طالب: ..........

كلاهما مجرور، غلام وزيد كلاهما مجرور، نعم هنا يميز الإعراب، علامة الإعراب، مررت بغلام زيدٍ الفاضل، وما يدريك أن الغلام هو الفاضل؟ هنا يحتاج إلى النظر في السياق وما يدل عليه.

في مثل قوله -تعالى-: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو} [الرحمن: 27]، {ذُو الجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 27]، {ذُو} [الرحمن: 27] مع قوله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي} [الرحمن: 78]، هذا واضح إذا كان الإعراب بالحروف سهلًا، وإذا اختلفا إعراب المضاف مع المضاف إليه، كان هذا مرفوعًا وهذا مجرورًا هذا أمره سهل، لكن إذا كانا مجرورين فلا بد من فهم السياق كاملًا ليُعرف التابع لمن، هل هو للمضاف أو للمضاف إليه.

ولذا عندنا {سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ} [يوسف: 43]، {سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً} [نوح: 15]، لماذا هذا نُصب؟ قد يقول قائل: لماذا هذا نُصب وهذا جُر؟ تكون القاعدة واحدة إما للمضاف أو للمضاف إليه؟ نقول: لا، أحيانًا يكون الوصف للمضاف، وأحيانًا يكون للمضاف إليه، وإذا اختلف إعراب المضاف عن المضاف إليه فالأمر سهل.

طالب: ..........

هذا في غير القرآن، في غير القرآن، الوصف لأي شيء؟ الوصف للسبع أو للسماوات؟ السماوات الطباق ولا السبع الطباق؟ يجوز هذا وذاك؛ لأن السبع هي السماوات، لأن السبع هي السماوات.

"وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: المعز والبقر إذا دخلت المدينة، فإن كانت سمانًا فهي سني رخاء، وإن كانت عجافًا كانت شدادًا، وإن كانت المدينة مدينة بحر وإبان سفر قدمت سفن على عددها وحالها، وإلا كانت فتنًا مترادفة، كأنها وجوه البقر، كما في الخبر: «يشبه بعضها بعضًا».

وفي خبر آخر في الفتن: «كأنها صياصي البقر» يريد لتشابهها، إلا أن تكون صفرًا كلها فإنها أمراض تدخل على الناس".

لأن لون الصفرة دليل المرض.

"وإن كانت مختلفة الألوان، شنيعة القرون وكان الناس ينفرون منها، أو كأن النار والدخان يخرج من أفواهها فإنه عسكر أو غارة، أو عدو يضرب عليهم، وينزل بساحتهم. وقد تدل البقرة على الزوجة والخادم والغلة والسَّنة، لما يكون فيها من الولد والغلة والنبات. {يأكلهن سبع عجاف} [يوسف: 43] من عجف يعجف، على وزن عظم يعظم، وروي عجف يعجف على وزن حمد يحمد.

قوله -تعالى-: {يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ} [يوسف: 43] جمع الرؤيا رؤى: أي أخبروني بحكم هذه الرؤيا. {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43]، العبارة مشتقة من عبور النهر، فمتى عبرت النهر، بلغت شاطئه، فعابر، الرؤيا يعبر بما يؤول إليه أمرها. واللام في {لِلرُّءْيا} [يوسف: 43] للتبيين، أي إن كنتم تعبرون، ثم بيّن فقال: للرؤيا، قاله الزجاج.

{قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ} [يوسف: 44]، فيه مسألتان".

طالب: ..........

تأويل، يعني إذا رئي هذا يكون كذا، إن ثبت، إن ثبت، إن ثبت.

طالب: ..........

الفعل رأى، المصادر الثلاثة تختلف باختلاف المعاني، تقول: رأى رؤيا يعني في النوم، ورأى رأيًا يعني بعقله، ورأى رؤية ببصره، قد يستعار بعضها مكان بعض، لكن هذا هو الأصل، فرؤيا الأحداث يعني تحليل الأحداث يشبه تعبير الرؤيا؛ لأنه يستدل بهذا بالقرائن التي تحتف بهذه الأحداث على تفسيرها، وتأويلها كما يستدل بالقرائن التي تحتف بالرؤيا لتأويلها، مجرد استعارة.

"الأولى: قوله -تعالى-: {أَضْغاثُ أَحْلامٍ} [يوسف: 44] قال الفراء: ويجوز (أَضْغاثَ أَحْلامٍ) [يوسف: 44] قال النحاس: النصب بعيد؛ لأن المعنى: لم ترَ شيئًا له تأويل، إنما هي أضغاث أحلام، أي أخلاط. وواحد الأضغاث ضغث، يقال لكل مختلط من بقل أو حشيش أو غيرهما: ضغث".

النصب، النصب على ماذا؟ (قَالُوا أَضْغاثَ أَحْلامٍ) [يوسف: 44]، منصوب بالفعل رأيت، بالفعل رأيت أضغاثَ أحلام؛ كما في قوله -تعالى-: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ} [سبأ: 23].

"قال الشاعر:

كضغث حلم غر منه حالمه

{وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ} [يوسف: 44] قال الزجاج: المعنى بتأويل الأحلام المختلطة، نفوا عن أنفسهم علم ما لا تأويل له، لا أنهم نفوا عن أنفسهم علم التأويل.

وقيل: نفوا عن أنفسهم علم التعبير".

ما قالوا: نحن بالتأويل، ما نحن بالتأويل عالمين، لم يقولوا: وما نحن بالتأويل بعالمين، إنما نفوا عن أنفسهم تأويل الأحلام التي هي الأضغاث.

"وقيل: نفوا عن أنفسهم علم التعبير، والأضغاث على هذا الجماعات من الرؤيا التي منها صحيحة، ومنها باطلة، ولهذا قال الساقي: {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: 45] فعلم أن القوم عجزوا عن التأويل، لا أنهم ادعوا ألا تأويل لها.

وقيل: إنهم لم يقصدوا تفسيرًا، وإنما أرادوا محوها من صدر الملك حتى لا تشغل باله، وعلى هذا أيضًا فعندهم علم".

قد يستعمل بعض الناس إذا طُلب منه تأويل رؤيا قال: خير يكون، خير يكون، وانصرف عن صاحب الرؤيا؛ لأنه لا يشتغل بها، هذا قد يُسلك من قبل بعض الناس.

{الْأَحْلامِ} [يوسف: 44] جمع حلم، والحلم بالضم ما يراه النائم، تقول منه: حلم بالفتح واحتلم، وتقول: حلمت بكذا وحلمته، قال:

فحملتها وبنو رفيدة دونها

 

لا يبعدن خيالها المحلوم

أصله الأناة، ومنه الحلم ضد الطيش، فقيل لما يرى في النوم: حلم؛ لأن النوم حالة أناة وسكون ودعه.

الثانية: في الآية دليل على بطلان قول من يقول: إن الرؤيا على أول ما تعبر؛ لأن القوم قالوا: {أَضْغاثُ أَحْلامٍ} [يوسف: 44]، ولم تقع كذلك، فإن يوسف فسرها على سني الجدب والخصب، فكان كما عبر، وفيها دليل على فساد أن الرؤيا على رجل طائر، فإذا عبرت، وقعت".

دليل على بطلان قول من يقول: إن الرؤيا على أول ما تُعبر، لكن هل هم عبروها؟ أو رفضوا تعبيرها؟ هل هم عبروها؟ {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ} [يوسف: 44]، ما عبروا، فليس في الآية دليل على البطلان على قوله، وأما كون الرؤيا على رجل طائر أو جناح طائر، قد جاء في الحديث، عندك مخرج؟ ما خُرج عندكم؟

طالب: ..........

معروف أنه الترمذي، لكن ما تكلم عليه؟

طالب: ..........

ما خرج عندك؟

طالب: ..........

فيها دليل على فساد أن الرؤيا على رجل طائر، فإذا عُبرت وقعت، هذا يدل له الحديث الصحيح أن الرؤيا إذا لم تكن حسنة، فإن كانت مما يسوء فإنه لا يحسن تعبيرها؛ لئلا تقع، بل ينفث عن شماله، ويستعيذ من الشيطان، وحينئذٍ لا تقع، فإذا عُبرت تقع، إذا لم تعبر لم تقع، كما دل له هذا الحديث، سواء كانت حسنة أو ليست حسنة.

طالب: ..........

فيها دليل على فساد أن الرؤيا على رجل طائر، وهذا يؤكد لنا أن المؤلف -كما مر بنا مرارًا- ليس من أهل الحديث كما هو معروف، وقد يسوق بعض الأحاديث الضعيفة، وقد يصدر الأحاديث الصحيحة بصيغة التمريض.

 وعلى كل حال الكمال لله، يبقى أن التفسير تفسير جامع على اسمه، تفسير نافع ماتع ومفيد، إلا أنه في هذه الجهة أنه ضم أحاديث كثيرة، وُجد فيه أحاديث كثيرة، يعني فيه معدل، يعني ما يقرب من عشرة آلاف حديث الكتاب، الكتاب بمجموعه فيه ما يقرب من عشرة آلاف حديث، فهي كمية طيبة، لكن يبقى أنه ليس من أهل الصناعة، ولذا قد ينسب الحديث إلى السنن، وهو موجود في الصحيح، قد ينسب الحديث إلى السنن وهو موجود في الصحيح، وقد ينسبه إلى مسلم وهو في البخاري، وهكذا.

وعلى كل حال الكمال لله.

"قوله -تعالى-: {وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما} [يوسف: 45] يعني ساقي الملك. {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45] أي بعد حين، عن ابن عباس وغيره، ومنه: {إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} [هود: 8]، وأصله الجملة من الحين. وقال ابن درستويه: والأمة لا تكون الحين إلا على حذف مضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، كأنه قال- والله أعلم-: وادكر بعد حين أمة، أو بعد زمن أمة، وما أشبه ذلك، والأمة الجماعة الكثيرة من الناس. قال الأخفش: هو في اللفظ واحد، وفي المعنى جمع، وكل جنس من الحيوان أمة".

الجماعة الكثيرة من الناس، يعني كما جاء في سورة القصص {لَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ} [القصص: 23].

"وفي الحديث: «لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها»".

جاء الأمر بقتلها، ثم نُسخ ذلك الأمر.

"قوله -تعالى-: {وَادَّكَرَ} [يوسف: 45] أي تذكر حاجة يوسف، وهو قول: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42]".

طالب: أحسن الله إليكم، ما استثني من الكلاب شيء؟

استثني الأسود وغيره، والكلب الكَلِب الذي هو العقور وما أشبه ذلك.

"وقرأ ابن عباس -فيما روى عفان عن همام عن قتادة عن عكرمة عنه-: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف: 45]. قال النحاس: المعروف من قراءة ابن عباس وعكرمة والضحاك (وادكر بعد أَمَهٍ) [يوسف: 45] بفتح الهمزة وتخفيف الميم، أي بعد نسيان، قال الشاعر:

أمهت وكنت لا أنسى حديثًا

 

كذاك الدهر يودي بالعقول"

بلا شك، الدهر يعني طول العمر يعرض الإنسان للنسيان، والله المستعان.

"وعن شبيل بن عزرة الضُبَعي: (بعد أَمْهٍ) [يوسف: 45] بفتح الألف وإسكان الميم وهاء خالصة، وهو مثل الأمه، وهما لغتان، ومعناهما النسيان، ويقال: أمه يأمه أمهًا إذا نسي، فعلى هذا: (وادكر بعد أمه) [يوسف: 45]، ذكره النحاس، ورجل أمه ذاهب العقل. قال الجوهري: وأما ما في حديث الزهري (أمه) [يوسف: 45] بمعنى أقر واعترف، فهي لغة غير مشهورة.

وقرأ الأشهب العقيلي: (بعد إمة) [يوسف: 45] أي بعد نعمة، أي بعد أن أنعم الله عليه بالنجاة. ثم قيل: نسي الفتى يوسف لقضاء الله -تعالى- في بقائه في السجن مدة.

وقيل: ما نسي، ولكنه خاف أن يذكر الملك الذنب الذي بسببه حبس هو والخباز".

لأنه إذا أخبره بطلب يوسف ذكر أنه جاء من السجن من عند يوسف، وإذا عرف أنه ممن سُجن عرف الذنب الذي بسببه سُجن، والله المستعان.

"فقوله: {وَادَّكَرَ} [يوسف: 45] أي ذكر وأخبر. قال النحاس: أصل ادكر اذتكر، والذال قريبة المخرج من التاء، ولم يجز إدغامها فيها؛ لأن الذال مجهورة، والتاء مهموسة، فلو أدغموا ذهب الجهر، فأبدلوا من موضع التاء حرفًا مجهورًا وهو الدال، وكان أولى من الطاء؛ لأن الطاء مطبقة، فصار اذدكر، فأدغموا الذال في الدال لرخاوة الدال ولينها، ثم قال: {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ} [يوسف: 45] أي أنا أخبركم. وقرأ الحسن: (أنا آتيكم بتأويله) [يوسف: 45]، وقال: كيف ينبئهم العلج؟! قال النحاس: ومعنى {أُنَبِّئُكُمْ} [يوسف: 45] صحيح حسن، أي أنا أخبركم إذا سألت. {فَأَرْسِلُونِ} [يوسف: 45] خاطب الملك ولكن بلفظ التعظيم، أو خاطب الملك وأهل مجلسه. {يُوسُفُ} [يوسف: 46] نداء مفرد، وكذا {الصِّدِّيقُ} [يوسف: 46] أي الكثير الصدق".

أصلها: يا يوسف، حُذف حرف النداء للعلم به.

"{أَفْتِنا} [يوسف: 46] أي فأرسلوه، فجاء إلى يوسف فقال: أيها الصديق!".

حُذفت هذه الجمل؛ لعدم اللبس.

"وسأله عن رؤيا الملك. {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ} [يوسف: 46] أي إلى الملك وأصحابه. {لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} [يوسف: 46] التعبير، أو {لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} [يوسف: 46] مكانك من الفضل والعلم فتخرج، ويحتمل أن يريد بالناس الملك وحده تعظيمًا له".

بارك الله فيك.

 اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.

"