شرح الموطأ – كتاب العلم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

كتاب العلم

باب: ما جاء في طلب العلم

حدثني عن مالك أنه بلغه أن لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: "يا بني جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة، كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- كما في الكتب التي بأيدينا:

كتاب العلم

والأصل أن هذا الباب داخل في ضمن الكتاب الجامع.

قال:

باب ما جاء في طلب العلم

طلب العلم تضافرت عليه نصوص الكتاب والسنة، ومع ذلكم المؤلف -رحمه الله تعالى- ما ذكر فيها شيء لا من الكتاب ولا من السنة، ولعله رأى أن ما ورد فيه من نصوص الكتاب والسنة محفوظ، لدى الخاص والعام، ومعروف عند الجميع، والاستدلال عليه بالنص قد لا يحتاج إليه لأنه مما عرف من الدين بالضرورة، فلا يحتاج إلى استدلال، وإلا فالبخاري أطال جداً في كتاب العلم، وتقرير مسائله، والحث عليه، وهنا ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- قال:

"حدثني عن مالك أنه بلغه أن لقمان الحكيم" هذا لا من الكتاب ولا من السنة، يعني ممن تقدم، وكأن ما جاء في الكتاب والسنة مثلما ذكرنا محفوظ عند الجميع، لا يحتاج إلى تستطير ولا تدوين، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) وهذا مما اتفق الأئمة في تخريجه، لكن مالك -رحمه الله- عدل عن ذلك كله إلى ما بلغه أن لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: "يا بني جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك" لأنه قد تكون النصوص في الحث على العلم معروفة لدى طالب العلم، لكن كيف يطلب العلم؟ هل يطلب العلم من خلال الكتاب والمصنفات وهذا موجود قديماً؟ أو يكتفي بالآلات كما وجد الآن؟ يكتفي بسماع الأشرطة، وتفريغها على المتون؟ أو يحضر الدرس من خلال الشبكة؟ أو يزاحم العلماء؟ لا شك أن الأجر المرتب على سلوك الطريق، والتماس العلم إنما هو بالذهاب إلى أهل العلم، ومزاحمتهم في أماكنهم، يقول: "يا بني جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك" ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً)) هل نقول: إن الذي شغل المسجل، أو الآلة في منزله سلك الطريق؟ نعم إذا لم يوجد وسيلة إلا هذه، هذا معذور، ويكون سلك طريقاً مناسباً له، ويرجى أن يدخل في الوعد، لكن من أمكنه الوصول إلى أهل العلم ثم جلس في بيته إيثاراً للراحة، وطلباً للسلامة هذا لا يحصل له ما وعد به؛ لأنه ما سلك طريقاً، إذا عجز عن سلوك الطريق، إذا منع من سلوك الطريق بغير إرادته هذا يثبت له الأجر مثل هذا، لكن من كان بإمكانه أن يسلك الطريق على الجادة المعروفة عند أهل العلم، بالمثول لديهم، أو عندهم، "جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك" زاحمهم، يعني كلما استطعت أن تقرب من الشيخ فاحرص، يعني ليس المراد بالعلم هو مجرد الكلمات التي تخرج من العالم، والتوجيهات التي تصدر منه، لا، كثير من الطلاب يستفيد من بعض الشيوخ لا أقول: جميع الشيوخ من بعض الشيوخ من سمته وهديه أكثر مما يستفيد من علمه، وعلى هذا قال: "وزاحمهم بركبتيك، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة" يعني بالعلم من الكتاب والسنة "بنور الحكمة كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء" نعم القلوب تحتاج إلى الغيث الغيث المعنوي، إلى الشفاء من نصوص الكتاب والسنة، والجهل داء.  

والجهل داء قاتل وشفاؤه

 

أمران في التحقيق متفقانِ

نعم؟

طالب:......

وش هو؟

طالب:......

لا، في التحقيق وشفاؤه أمران في التحقيق متفقان.

نص من كتاب أو من سنة

 

وطبيب ذاك العالم الرباني

ثم عاد أخذ يمدح الشيخ -رحمه الله-.

طالب:......

لا لا يجمع بين الأمرين، يجمع بين علم المتقدمين وعلم المتأخرين، يعني في القرن الماضي مثلاً ما قال العلماء أو طلاب العلم: نبي نجلس نقرأ كتب شيخ الإسلام والإمام أحمد والأئمة المتقدمين ونترك شيوخنا، يعني يجمع بين هذا وهذا.

 

"فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الله الأرض الميتتة بوابل السماء" لا شك أن القلوب تحتاج إلى علم تحيا به، وبالمقابل القلوب تموت بالمعاصي، وسواء كانت مادية أو معنوية، بما يخرج به عن دائرة الالتزام سواء كان أمراً عملياً كفعل المنكرات والمحرمات، أو عقدياً كالنظر في كتب المبتدعة، كتب المبتدعة تميت القلوب، المعاصي تميت القلوب، الذنوب تميت القلوب، وكذلك النظر في الكتب المخالفة للكتاب والسنة، فإذا كانت حياة القلوب بالكتاب والسنة فموت القلوب بضد ذلك مما يخالف الكتاب والسنة، والنووي -رحمه الله- يقول: إنه اقتنى كتاب القانون لابن سينا كتاب طب، يقول: لما اقتنيته أظلم قلبي، وعالجت الحفظ، فلم أستطع، حاولت الفهم ما استطعت، حتى أخرجته من بيتي، والله المستعان.