كتاب الحج (04)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله أجمعين. أما بعد،

 فيقول المؤلف- رحمنا الله وإياه ووالدينا والمسلمين أجمعين-: "باب الركوب والارتداف في الحج:

 قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أُبَي عن يونس الأيلي عن الزهري".

أَبي.

"قال: حدثنا أَبي عن يونس الأيلي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن أسامة -رضي الله عنه- كان رِدف النبي -صلى الله عليه وسلم- من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، قال: فكلاهما قال: لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبِّي حتى رمى جمرة العقبة".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد،

 فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب الركوب والارتداف في الحج" النبي -صلى الله عليه وسلم- كما هو معلوم حجَّ راكبًا، حجَّ راكبًا، وأردف على الدابة في مناسبات كثيرة، أوصلها بعضهم إلى الثلاثين، والقيد في الحج للمناسبة وللمطابقة للحديث وإلا فقد ركب وأردف في الحج وغيره، والركوب اختياره -عليه الصلاة والسلام- واختيار الله لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، ولذا رجحه بعضهم على المشي، وإن كان من أهل العلم من يرجح المشي على الركوب؛ لتقديمه في الآية: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27]، وعلى كل حال الأنسب هو الأرفق متى وُجد، الأرفق بالمكلف هو الأنسب متى وُجد، وأما إذا لم يوجد فالمشقة التابعة للعبادة فيها مزيد أجر كما في الحديث: «أجرك على قدر نصبك».

 والإرتداف على الدواب جائز إذا كانت مطيقة لذلك، وأردف النبي -صلى الله عليه وسلم- جمعًا من أصحابه، ويردف على الدابة الواحد في الغالب، وأكثر من واحد إذا كانت تطيق ذلك من غير مشقة عليها.

 قال -رحمه الله-: "حدثنا عبد الله بن محمد" هو المسندي الجعفي، مولى الإمام البخاري، وكان جدّه هو الذي أعتق جدّ البخاري، ولذلك يقال للبخاري: الجعفي.

 "قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا أَبي عن يونس الأيلي" ابن يزيد الأيلي، "عن الزهري" الإمام، "عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-" حِبَّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وابن حِبِّه، "كان رِدف النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني ركب خلفه على الدابة، "من عرفة إلى المزدلفة" من عرفة إلى المزدلفة، "ثم أردف الفضل بن العباس من المزدلفة إلى منى، فكلاهما" ولعل من الحكمة في إردافهما أن ينقل عنه ما يفعله ويقوله -عليه الصلاة والسلام-، مما هو تشريع وأقواله وأفعاله مع أوصافه هي سنَّته -عليه الصلاة والسلام-.

 "فكلاهما قال" أسامة والفضل بن العباس كلاهما يقول: "لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبِّي حتى رمى جمرة العقبة" حتى رمى جمرة العقبة؛ لأنه لا يزال محرمًا، وجمرة العقبة باعتبارها أول ما يباشره الحاج للتحلل تكون هي الغاية، ولو باشر غيرها مما يجوز تقديمه وتأخيره في ذلك اليوم لكان هو المناط، حتى لو أخَّر جمرة العقبة، طاف وسعى وحلق ولبس ثيابه ولم يرم جمرة العقبة يلبي؟

لا يلبي، إذا باشر أسباب التحلل، وبالنسبة للترتيب الذي فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- أولها: الرمي، والتلبية سنة عند عامة أهل العلم، وأوجبها الحنفية عند عقد الإحرام، وعلى كل حال هي من سنن الحج، والرجل يرفع بها صوته، وكانوا يصرخون بها، والنساء تخفض صوتها لا تسمع الرجال، ولكن تسمع جارتها، والتلبية مشروعة في كل وقت وفي كل مكان ما عدا مساجد الحِل، المساجد غير المسجد الحرام غير المسجد الحرام لا يرفع بها الصوت؛ لئلا يشوش على القراء والمصلين وغيرهم، لا يرفع بها الصوت الذي هو الصراخ، أما الصوت المنبه للحجاج كالتكبير التكبير يرفع به الصوت؛ لينبه الغافل فيكبِّر.

"باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر، ولبست عائشة -رضي الله عنها- الثياب المعصفرة وهي محرمة، وقالت: لا تلثَّم ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبًا بورس ولا زعفران، وقال جابر: لا أرى المعصفر طيبًا، ولم تر عائشة بأسا بالحلي والثوب الأسود والمورد والخف للمرأة، وقال إبراهيم: لا بأس أن يبدل ثيابه:

 قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المُقَدَّمي قال: حدثنا فضيل بن سليمان قال: حدثني موسى بن عقبة قال: أخبرني كريب، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: انطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة بعد ما ترجل وادَّهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابَه".

أصحابُه. وأصحابُه.

"هو وأصحابُه فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس إلا المزعفرة التي تردع على الجلد، فأصبح بذي الحليفة ركب راحلته حتى استوى على البيداء، أهلَّ هو وأصحابه وقلَّد بدنته، وذلك لخمس بقين من ذي القِعدة".

القَعدة القَعدَة.

"لخمس بقين من ذي القَعدَة، فقدم مكة لأربع ليالٍ خلون من ذي الحَجة".

الحِجة.

طالب:...

غلط غلط.

"فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، ولم يحلّ من أجل بدنه؛ لأنه قلدها ثم نزل بأعلى مكة عند الحجون وهو مهلٌّ بالحج، ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة، وأمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يقصروا من رءوسهم ثم يحلّوا، وذلك لمن لم يكن معه بدنة قلدها".

معه بدنةٌ.

"وذلك لمن يكن معه بدنةٌ قلدها، ومن كانت معه امرأته فهي له حلال والطيب والثياب".

قال -رحمه الله تعالى-: باب ما يلبس المحرِم من الثياب والأردية والأزر تقدَّم بيان ما لا يلبسه المحرِم، وهنا ذكر الإمام ما يلبس المحرِم من الثياب والأُزر، والأردية، الأصل في أن المرأة تلبس ما يستر بدنها، ولا يحدَّد بشيء إلا أن يكون فاتنًا للرجال أو مظهرًا لزينتها، كما سيأتي في أن عائشة -رضي الله عنها- لبست المعصفر وهي محرمة.

 والثياب، الثوب ما يغطي جميع البدن، والأردية ما يغطي أعلى البدن، جمع رداء، والأزر جمع إزار وهو ما يغطي أسفل البدن، ولبست عائشة -رضي الله عنها- الثياب المعصفرة، مع أن المعصفر والمزعفر للرجال مكروه، بينما النساء أمرها سهل، ولذا تلبس الملونات، والرجل يلبس من ذلك ما لم يرد فيه نهي من المعصفر والمزعفر والأحمر، كل هذه مما يمنع منه الرجل، وهي محرمة.

 والمعصفر ما صُبِغ بالعِصفِر وليس فيه رائحة، كما هو معلوم بخلاف المزعفر، المزعفر فيه رائحة، وهي محرمة وقالت: لا تلثَّم ولا تتبرقع، البرقع هو النقاب، هو النقاب الذي يظهر العينين واللثام أشد من ذلك، يظهر العينين وما حولهما، فإذا مُنِع النقاب فاللثام من باب أولى، قال: "وقالت: لا تلثَّم" الأصل: لا تتلثم، "ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبًا بورس" يعني طُيِّب بورس، وهو نوع من الطيب، والرجل ممنوع منه أيضًا، "ولا زعفران" لأنه مع كونه له لون له أيضًا رائحة، "وقال جابر: لا أرى المعصفر طِيبًا" لأنه ليست له رائحة، إنما هو مجرد لون، "ولم تر عائشة بأسًا بالحلي والثوب الأسود المورد والخف للمرأة" ولم تر عائشة بأسًا بالحلي، يعني المرأة تلبس الحلي وهي محرمة، ولكن بحيث تكون بعيدة عن الرجال؛ لأنه من التزين، والمرأة ممنوعة من إظهار زينتها للرجال، والثوب الأسود ما فيه إشكال، لم ترَ عائشة فيه شيئًا، ولعله كما هو في بعض الأوقات وبعض البلدان كان فيه نوع زينة، ولكن ليست الأصل، ولذلك قال: لم تر عائشة بالحلي والثوب الأسود، ولولا أن يكون فيه نوع من الزينة ولو عند بعض الناس لما احتاج إلى النصّ عليه، وليس للإحرام ثوب أو لون مخصص بالنسبة للنساء، والمورد يعني المخطط وما فيه نوع ألوان وردية وما أشبه ذلك.

 والخف، المرأة لا تمنع من المخيط، ومنه الخف الذي منع منه الرجل ولا يلبسه إلا إذا لم يجد النعل، على الخلاف في قطعه.

 "وقال إبراهيم النخعي: لا بأس أن يبدل ثيابه" لا مانع إذا توسخت الثياب يبدلها يغيرها، أو يغسلها ويرجع إليها، فهذا خلاف ما يعتقده بعض العامة أنه أحرم في هذا الثوب، فلا ينزعه حتى يحلّ. هذا الكلام لا أصل له، فإذا أراد أن يبدله فعليه أن يبدله بما لم يمنع منه، سواء كان رجلاً أو امرأة.

 "قال -رحمه الله-: حدثنا محمد بن أبي بكر المُقَدَّمي قال: حدثنا فضيل بن سليمان قال: حدثني موسى بن عقبة قال: أخبرني كريب" مولى ابن عباس، "عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: انطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة بعد ما ترجل وادَّهن" تهيأ وتجهز للإحرام، فلا مانع أن يتجهز الإنسان في بيته قبل أن يخرج منه، ثم إذا وصل إلى المحرم لبس ثياب الإحرام وأهلّ، "بعد ما ترجل وادَّهن ولبس إزاره ورداءه" هذا هو المشروع للرجال الإزار والرداء، "هو وأصحابُه هو وأصحابه" هو هنا ضمير فصل لا محل له من الإعراب، وأصحابه معطوف على ضمير الرفع المتصل ليست معطوفة على هو، المستتر في لبس، والمستتر من نوع المتصل.

 "فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر" يعني الأصل الحِلّ إلا ما ورد النهي عنه بعينه، "والأزر تلبس إلا المزعفرة التي تَردَع" أو تُردِع يعني تصبغ ردع الزعفران البقع منه التي قد تنتقل إلى البدن أو إلى ما يلامسها، لما تزوج عبد الرحمن بن عوف وجاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وعليه ثوب فيه ردع زعفران، فقال له: «تزوجت؟» قال: نعم، قال: «على كم؟» على نواة من ذهب، إلى آخر ما قال، لكن قالوا: هذا الردع اللون من الزعفران يعني ما جاء ما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- شيئًا، قالوا: لأنه انتقل إليه من ثوب امرأته وإلا فالأصل أن الرجل لا يتزعفر، التي تردع على الجلد تصبغ.

 "فأصبح بذي الحليفة" التي هي ميقات أهل المدينة، "ركب راحلته".

طالب:...

ما يلزم، هو تجهَّز، تدهَّن وترجل بالمدينة.

طالب:...

من المدينة انطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة بعد ما ترجل وادَّهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه، فلم ينه عن شيء، ما فيه إشكال، يكون تجهز قبل مثل لبس، ظاهر اللفظ أنه لبس، والأحاديث المفسرة تقول: لما وصل الميقات تجرد لإهلاله واغتسل، وعلى كل حال الحديث صحيح ما فيه إشكال، وظاهر في..

طالب:...

ما يلزم، ما يمنع، على كل حال كلها صحيحة، ولا إشكال فيها.

طالب:...

ولو من طِيب امرأته قبل أن يحرِم.

طالب:...

طيب النساء، نعم، التشبه بالنساء كما هو معروف ممنوع، ومن ذلك الطِّيب، وجاء في السُّنَّة أن طيب النساء يختلف عن طِيب الرجال، يختلف عن طِيب الرجال، فطِيب الرجال سمته الرائحة، وطِيب النساء وصفه اللون، لون بدون رائحة، ولا يجوز لها أن تطَّيب بما فيه رائحة وتخرج به، على كل حال إذا تطيب الرجل بما فيه لون حصل شيء من التشبه، ففي قوله -عليه الصلاة والسلام-: «وتطيب ولو من طِيب امرأته»، قالوا بجواز ذلك للرجل، لهذا الحديث، فأصبح بذي الحليفة راكبًا، فأصبح بذي الحليفة، "ركب راحلته حتى استوت على البيداء، أهلَّ هو وأصحابه" هذا حديث ابن عباس، ابن عمر يقول: بيداؤكم التي تكذبون بها على رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وابن عباس يثبت هذا.

وعلى كل حال مثل ما قيل سابقًا: إن منهم من رآه يهلُّ بالمسجد بعد الصلاة فقال: أهلَّ بالمسجد بعد الصلاة، ومنهم من رآه يهلُّ حينما استوت به راحلته فقال: أهلَّ وأحرم وعقد نية الإحرام بعد ما استوت به راحلته، ومنهم من قال أهلَّ بالبيداء كما هنا، "ركب راحلته حتى استوت على البيداء أهلَّ هو وأصحابه، وقلَّد بدنته، وقلَّد بدنته" وفي نسخ: بُدْنه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهدى في حجة الوداع جاء بثلاث وستين بدنة، وجاء علي من اليمن بالباقي حتى صارت مائة، "وقلد بدنته، وذلك لخمس بقين من ذي القَعدَة، لخمسٍ بقين من ذي القعدَة" والقَعدة بفتح القاف عكس الحِجة عند أهل العلم.

 "فقدم مكة لأربع ليالٍ خلون من ذي الحِجة" صار مجموع الطريق عشرة أيام، إذا عددنا يوم الدخول، إذا عددنا يوم الدخول صارت عشرة، وإذا جمعت خمسة مع أربعة صارت تسعة صافية، "فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة" طاف للقدوم، وسعى سعي الحج؛ لأن القارن والمفرد يجوز له تقديم سعي الحج بعد طواف القدوم، "ولم يحلّ" لماذا؟

لأنه ساق الهدي، منعه من الحِلّ سوق الهدي وأمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يحلّوا، "من أجل بدنه؛ لأنه قلَّدها ثم نزل بأعلى مكة عند الحجون وهو مهلٌّ" يعني ملبيًا، "بالحج، ولم يقرب ولم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة" طاف طواف القدوم وسعي الحج، وما جاء البيت إلى أن خرج إلى منى يوم التروية ثم إلى عرفة، ثم نزل إلى مزدلفة ثم إلى منى، ثم بعد ذلك بعد أن رمى وحلق ونحر نزل إلى البيت فطاف به، حتى رجع من عرفة، "وأمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم يقصروا من رؤوسهم" هؤلاء الذين لم يسوقوا هديًا، فأمرهم بالعمرة المفردة المستقلة الكاملة ليأتوا بعد ذلك بحج كامل مستقل، "ثم يقصروا من رؤوسهم ثم يحلّوا وذلك لمن لم يكن معه بدنة قلدها، ومن كانت معه ومن كانت مع امرأته امرأته فهي له حلال والطيب والثياب" يعني حلَّ الحِلّ كله، ولذلك مما استشكله الصحابة أنهم يحلون الحِلّ كله يقولون: نذهب إلى منى ومذاكيرنا تقطر؟ ما المانع؟ حللت، الحمد لله، فهي حلال له، والطيب والثياب كل شيء حلال له، إذا حلَّ من عمرته المستقلة، وهذا في المتمتع يحلّ الحلّ كله قبل أن يتلبس بالحج، يرد سؤال هنا: وهي أنه ما دام حلَّ الحلّ كله هل له أن يرجع إلى أهله ويترك الحج؟

طالب:...

ما دخل بالحج إلى الآن.

طالب:...

لا، قال: لبيك عمرة اعتمر وانتهى وحلّ منها وانتهى.

طالب:...

نعم؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لماذا؟

لم يكن حيلة، هو ما كان مفردًا ولا قارنًا وقال: لا والله يمكن أن أرجع، افترض معتمرًا، هذه حيلة، لكن هو جاء معتمرًا وفي نيته الحج، في نيته الحج ما لم يتلبس به، ما دخل في الحج، ما الذي يلزمه، ما بعد أحرم؟ ومن كانت معه امرأته فهي له حلال والطيب والثياب.

طالب:...

وسن؟

طالب:...

ما يذهب للحرم إلا وإن انتهى فلا مانع، لكن هذه السُّنَّة هذا فعله -عليه الصلاة والسلام-. وقد يكون فعله ذلك لا رغبة عنه، بل رفقًا بالأمة؛ لأن كل من طاف وسعى وتردد على البيت يضيق على الناس.

طالب: لو اعتمر ثم رجح هل انقطع تمتعه؟

خلاص اعتمر ورجع. ما حجَّ أصلاً.

طالب: لا، ثم رجع إلى الحج.

إلى أهله؟ لا يرجع، ينقطع التمتع؛ لأن حقيقة التمتع الترفه بترك أحد السفرين، وهذا ما ترك، سافر مرتين إلى مكة.

"باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح، قاله ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قال: حدثني عبد الله بن محمد قال: حدثنا هشام بن يوسف قال: أخبرنا ابن جريج قال: حدثنا محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة أربعًا وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوت به أهلّ.

قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر بالمدينة أربعًا وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، قال: وأحسبه بات بها حتى أصبح".

يقول -رحمه الله-: "باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح" هذا مرَّ في روايات كثيرة فيما تقدَّم، "قاله ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: حدثني عبد الله بن محمد قال: حدثنا هشام بن يوسف قال: أخبرنا ابن جريج قال: حدثنا محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة أربعًا"؛ لأنه مقيم، ولم يتلبس بالسفر بعد، "وبذي الحليفة ركعتين"؛ لأنه باشر السبب، باشر السبب المقتضي للترخص وهو السفر، "وبذي الحليفة ركعتين ثم بات" يعني نام بذي الحليفة، "حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوت به" قائمةً "أهلّ" يعني لبى بما يريده من نسك.

 "قال: حدثنا قتيبة" وهو ابن سعيد، "قال: حدثنا عبد الوهاب" وهو ابن عبد المجيد الثقفي، "قال: حدثنا أيوب" السختياني، "عن أبي قلابة" عبد الله بن زيد الجَرمي، "عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر بالمدينة أربعًا، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، قال: وأحسبه بات بها حتى أصبح" وأحسبه بات بها حتى أصبح، وهذا أمر مجزوم به في حديث ابن عمر وغيره، فبات النبي -عليه الصلاة والسلام- بها.

"باب رفع الصوت  بالإهلال: قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب، عن أبي قلابة عن أنس -رضي الله عنه- قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة الظهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين وسمعتهم يصرَخون بهما أو يصرُخون بهما جميعًا".

"باب رفع الصوت بالإهلال" رفع الصوت بالإهلال يعني بالتلبية، التي هي علامة على الدخول في النسك والنية محلها القلب، ويذكر نسكه في تلبيته، لبيك عمرة أو لبيك حجًّا، أو لبيك حجًّا وعمرة، يلبون بهذا، ويصرخون به، وهذا مناسب للترجمة: باب رفع الصوت بالإهلال.

 "قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة الظهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، وسمعتهم يصرَخون بهما، أو يصرُخون بهما جميعًا" يصرخون بهما جميعًا يعني أهلُّوا قارنين بالحج والعمرة، أهلُّوا بالحج والعمرة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- معهم أهلّ بهما، ولكن لما وصلوا أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجعلوها عمرة إلا لمن ساق الهدي، كحاله -عليه الصلاة والسلام- وبعض الصحابة، لكن الذي لم يسق الهدي أُمِر أن يجعلها عمرة، أن يقلب الإهلال بالقران إلى عمرة، يعني إلى أن يتمتعوا بها إلى الحج، يصرخون بهما جميعًا، وجاء في بعض الألفاظ: حتى تُبَحَّ بها أصواتهم.

" باب التلبية:

 قال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان عن الأعمش عن عمارة عن أبي عطية عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إني لأعلم كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي؛ لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، تابعه أبو معاوية عن الأعمش، وقال شعبة: أخبرنا سليمان سمعت خيثمة عن أبي عطية سمعت عائشة -رضي الله عنهما-".

باب التلبية، التلبية من لبى بالمكان أي أقام به، فالملبي مقيم على طاعة الله، ولبيك مثنى لبى عن سيبويه وغيره، وقال بعضهم: مفرد، فمتقضى التثنية: إقامة بعد إقامة على طاعة الله -جل وعلا- من لبى بالمكان أي أقام به.

 قال: "حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك" هذه تلبيته -عليه الصلاة والسلام-، حينما لبى كما جاء في حديث جابر فلبى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد، لبيك لا شريك لك، بينما كانت تلبية المشركين بالشرك: إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك، ولذا قال: فلبى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد، "إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" إن الحمد والنعمة الحمد معروف، والنعمة التي أولاها وأسداها إلى خلقه إلى جميع خلقه له، لا يشركه فيها أحد، والملك لله، وكون الدنيا فيها من يتصف بهذا الوصف أولاً: ملكه تابع لملك الله -جل وعلا-، وهو من تمليك الله إياه، ولولا أن الله -جل وعلا- مكنه ما ملك، فهو تابع لملك الله -جل وعلا-، وفي القيامة: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ} [غافر:16] ولا ملك لغيره، وأما في الدنيا فلرعاية مصالح الناس رتبت هذه الأمور وأُمِر بعقد الولاية لهؤلاء الملوك والولاة الذين يدبرون أمور الناس، ولولا ذلك لما صلح أمر دين ولا دنيا، لا شريك لك.

 "قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان عن الأعمش عن عمارة عن أبي عطية عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: إني لأعلم كيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي" يعني الصيغة التي لزمها النبي -عليه الصلاة والسلام- في التلبية، "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك" ويسمع من الصحابة صيغًا أخرى لا مخالفة فيها، فلا ينكرها، لبيك وسعديك والخير في يديك، إلى آخره.

 "تابعه أبو معاوية عن الأعمش" يعني تابع أبو معاوية محمد بن خازم الضرير تابع سفيان على رواية الحديث عن الأعمش، "وقال شعبة: أخبرنا سليمان، سمعت خيثمة عن أبي عطية سمعت خيثمة عن أبي عطية قال: سمعت عائشة -رضي الله عنهما-" وهذه أيضًا متابعة، متابعة لكن الأولى أكمل منها، الأولى تامة، وهذه ناقصة.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

يتخلله بالتكبير، نعم لا بأس، قالوا: المقيد يبدأ من ظهر يوم النحر بالنسبة للحاج؛ لأنه مشغول بالتلبية، لكن كان عمر له سرادق، ويكبِّر الناس بتكبيره في الموسم، والغالب التلبية في هذا.

نعم.

طالب:...

نعم، علامة.

طالب:...

لا تشرع التلبية لحلال، قالوا: لا تشرع التلبية لحلال.

"باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة:

 حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن معه بالمدينة الظهر أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح ثم ركب حتى استوت به على البيداء، حمد الله وسبح وكبر، ثم أهلَّ بحج وعمرة، وأهلّ الناس بهما، فلما قدمنا أمر الناس فحلوا حتى كان يوم التروية أهلوا بالحج، قال: ونحر النبي -صلى الله عليه وسلم- بدنات بيده قيامًا، وذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة كبشين أملحين، قال أبو عبد الله: قال بعضهم: هذا عن أيوب عن رجل عن أنس".

يقول -رحمه الله-: "باب التحميد والتسبيح والتكبير" يعني وصنوف الذكر، والأولى اقتفاء رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما استوت به على البيداء حمد الله وسبح وكبر، يعني قبل أن ينوي الدخول في النسك، قبل أن يلبي، فهذه من المواطن التي تشرع فيها هذه الأذكار، على أن المسلم ينبغي أن يكون لسانه رطبًا بذكر الله، وهذه المذكورات هي الباقيات الصالحات، وهي غراس الجنة ينبغي للمسلم أن يلزمها في كل وقت وفي كل حين.

 قال: "باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة:

 قال: حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا أيوب عن أبي قلابة" عبد الله بن زيد، "عن أنس -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن معه بالمدينة الظهر أربعًا والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، ثم ركب حتى استوت به على البيداء، حمد الله وسبح وكبر، ثم أهلَّ بحج وعمرة" يعني قارنًا، أهلَّ قارنًا -عليه الصلاة والسلام-، "وأهلّ الناس بهما"، أهلّوا بهما قارنين، اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-.

"فلما قدمنا" يعني مكة "أمر الناس فحلوا" أمر الناس يعني من لم يسق الهدي أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحلّ بعد أن طاف وسعى وقصَّر كما سبق، فحلوا، "حتى كان يوم التروية أهلوا بالحج" وهو اليوم الثامن من ذي الحجة سموه يوم التروية؛ لأنهم يتزودون ويتروون من الماء، ويحملونه معهم إلى المشاعر؛ لأن المشاعر في ذلك الوقت لم يكن بها ماء، أهلوا بالحج حتى أهلوا حتى كان يوم التروية أهلوا بالحج.

 "قال: ونحر النبي -صلى الله عليه وسلم- بدنات" يعني يوم العيد بعد ما رمى، فنحر بدنات، "بيده قيامًا" يُسَن نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، وأما بالنسبة لما عداها من البقر والغنم فإنها تذبح مضطجعة، وأما الإبل فتنحَر قائمة، وهذا كله سنَّة، فلو نحر ما يُذبَح أو ذبح ما ينحَر جاز، "وذبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة كبشين أملحين" ذبحهما إيش؟ أضاحي، أضحية؟

طالب:...

هذا الكلام.

طالب:...

"وذبح بالمدينة كبشين أملحين" هل هو في هذه الحجة أو أوصى من يذبح عنه كبشين أملحين؟ أو لما كان بالمدينة ضحى بكبشين أملحين؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

الذي يظهر أيهم؟

طالب:...

لا، الذي يظهر أنه مع النحر، نحر وذبح، ما الذي يمنع؟

طالب:...

بالمدينة نعم.

طالب:...

بعد ما رجع ينتهي العيد تنتهي الأضاحي وينتهي.

طالب:...

لا.

طالب:...

في سنة مضت أم في هذه السنة؟

طالب:...

هو مفهوم معروف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ضحى بكبشين أقرنين أملحين، هذا مستفيض بل متواتر، لكن في سياق الحديث الذي معنا.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

يعني لبيان أن الغنم تذبَح، والإبل تنحَر، وكلها بيده -عليه الصلاة والسلام-؟

طالب:...

أوصى؟

طالب:...

سياقه في هذا الحديث، والحديث سيق لبيان الحج في وقت الحج ما يمنع أن يكون أوصى وقد ضحى في سنوات مضت، وذبح بيده كبشين أقرنين أملحين هذا ما فيه ما يمنع، ضحى عن نسائه بالبقر، في صحيح مسلم ..

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لفظ ضحَّى، معناه أهدى أم أضاحي؟

طالب:...

ضحّى عن نسائه بالبقر هل هذه أضاحي أم هدي؟

طالب:...

الذين يقولون: لا تشرَع الأضحية للحاج، ما موقفهم من هذه الأحاديث؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم؟

طالب:...

إذا أخذنا بالحرفية ضحَّى عن نسائه بالبقر قلنا: أضاحي ولا كلام مع هذا؛ لأنه في الحجة في حجة الوداع، وهنا يقول: وذبح بالمدينة كبشين أملحين، كونه ذبح الآمر بالشيء فاعل له يعني أمر بذبحهما، ولكن هذا إن قلنا على أعظم تقدير أنه ظاهر فليس بنص، "قال أبو عبد الله" وهو البخاري المؤلف، "قال بعضهم قال بعضهم هذا عن أيوب عن رجل عن أنس" إرشاد الساري ما هذا الكلام؟

طالب:...

قال أبو عبد الله.

طالب:...

ولا إشكال فيه سواء كان عن أبي قلابة أو عن حماد، والذي عندنا هو أبو قلابة، ما الجملة التي قبلها وذبح رسول الله؟

طالب:...

المهمل الذي عندنا عن رجل عن أنس جاء بيانه في الرواية السابقة، وهو أنه أبو قلابة، وأنه أبو قلابة، وجاء في طريق أخرى أنه حماد بن سلمة.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ماذا فيه؟ ما أدري والله.

طالب:...

قال: وحديث أبي أيوب عن أبي قلابة سيأتي في الأضاحي، إن شاء الله تعالى.

طالب:...

نعم.

"باب من أهل حين استوت به راحلته:

 قال: حدثنا أبو عاصم قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني صالح بن كيسان عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أهلَّ النبي صلى الله عليه وسلم- حين استوت به راحلته قائمة".

نعيد ما قلناه في درس مضى أن مثل هذا التكرار ثقيل على كثير من طلبة العلم، فضلاً عن غيرهم، وأهل الحديث وأئمته يتلذذون بمثل هذا، يتلذذون بمثل هذا التكرار وهذه الإعادات التي لا تخلو من فوائد، وكل حديث يكرَّر لا بد أن تجد فيه فائدة إسنادية أو متنية، والقليل النادر جدًّا ذكر نحو عشرين موضعًا كرر البخاري بغير زيادة لا في السند ولا في المتن، ولكن التراجم والفقه موجود.

 "باب من أهل حين استوت به راحلته، قال: حدثنا أبو عاصم" النبيل الضحاك بن مخلد، "قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني صالح بن كيسان، عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: أهلَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- حين استوت به راحلته قائمة" وهذا تقدم نعم.

"باب الإهلال مستقبل القبلة:

 وقال أبو معمر قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا أيوب عن نافع قال: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا صلى بالغداة بذي الحليفة أمر براحلته فرُحلت، ثم ركب فإذا استوت به استقبل القبلة قائمًا، ثم يلبي حتى يبلغ المحرم، ثم يمسك حتى إذا جاء ذا طوى بات به حتى يصبح، فإذا صلى الغداة اغتسل، وزعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك.

 تابعه إسماعيل عن أيوب في الغسل، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع قال: حدثنا فُليح عن نافع قال: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا أراد الخروج إلى مكة ادَّهن بدهن ليس له رائحة طيبة، ثم يأتي مسجد ذي الحليفة فيصلي ثم يركب، وإذا استوت به راحلته قائمة أحرم ثم قال: هكذا رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعل".

قال -رحمه الله-: "باب الإهلال مستقبل القبلة" باب الإهلال مستقبل القبلة، واستقبال القبلة لا شك أن القبلة أشرف الجهات واستقبالها في الصلاة شرط من شروط صحتها واستقبالها في قراءة القرآن والذكر مما يستحبه أهل العلم، وجاء فيه أحاديث تكلم فيها بعضهم، وهنا في التلبية الإهلال مستقبل القبلة، "وقال أبو معمر: قال: حدثنا عبد الوارث" ماذا قبله؟ قال أبو معمر؟

طالب:...

ما يخالف ما ذكر شيئًا قبل أبو معمر؟

طالب:...

معلَّق.

طالب:...

وقال أبو معمر هو عبد الله، لا أسمع، وقد وصله أبو نعيم في المستخرج، من طريق عباس الدوري عن أبي معمر قال: ذكره البخاري بلا رواية، ذكره البخاري بلا رواية، يعني معلقًا عن أبي معمر بلا رواية بلا ذكر للواسطة بينه وبين أبي معمر، وابن حجر في هذه الصيغة التي هي صيغة قال في حديث هشام بن عمار قال: معلَّق، كالمزي وغيرهم خلافًا لابن الصلاح، والعراقي إذا كان من شيوخه فهو موصول، ولو لم يقل: حدثنا ولا أخبرنا.

طالب:...

وصله ابن خزيمة، ووصله الإسماعيلي، أبو نعيم في مستخرجه، أبو نعيم له مستخرج على البخاري ووصله، وأبو نعيم ألصق بالبخاري من ابن خزيمة.

طالب:...

لا لا لا، عن طريقه هو عن طريق المستخرج، لا عن طريق الأصل.

طالب:...

ما فائدة المستخرجات؟

 المستخرج يأتي أبو نعيم مثلاً، أو أبو عوانة، أبو نعيم يأتي إلى صحيح البخاري يخرِّج أحاديث الصحيح بأسانيده هو لا بأسانيد البخاري، وكذلك أبو عوانة بالنسبة لصحيح البخاري، قد يقول قائل ما التعب الذي ما له داعٍ؟

طالب:...

ما دام البخاري موجودًا، فما الذي يصلنا حديث من طريقه هو؟ ما فائدتنا من وصل أبي نعيم أحاديث البخاري من طريقه هو؟

طالب:...

عشر فوائد للمستخرجات، عشر فوائد للمستخرجات، استخرجوا على الصحيح كأبي عوانة ونحوه فاجتنب عزوك ألفاظ المتون لهما إذ خالفت لفظًا ومعنى ربما؛ لأنها تزيد المستخرجات في المتون جُملًا يستفاد منها أحكام، وتزيد في صيغ الأداء، فالبخاري يروي بعن، والمستخرِج يروي بحدثنا مثلاً، فتنتفي تهمة التدليس، وأيضًا في إيضاح المبهمات من الرواة إلى غير ذلك من الفوائد التي ذكرها أهل العلم.

طالب:...

لماذا؟

طالب:...

أحاديث هشام بن عمار قال: مرسل.

طالب:...

أين؟

طالب:...

أين ترى؟

طالب:...

هو الحكم بحكم عام مطرد بقاعدة عامة في مثل هذه الأمور لا يتأتى، فلا بد أن يحكم لحديث بالوصل بحديث؛ لأنه يعلم أنه رواه في مكان آخر أو في ذكر عنه في كتاب آخر أنه رواه مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، والأئمة هم الذين يحكمون بهذا، أما آحاد المتعلمين فضلاً عن المتعالمين فليس لهم مدخل في هذا.

طالب: .......

أين؟

طالب:...

الآن إذا قعدنا القاعدة مثل ما ذكر ابن الصلاح ومشى عليها الحافظ العراقي:

 أما الذي لشيخه عزا بقال فكذي عنعنة حكمه حكم المعنعن، المعنعن ما حكمه؟ حكمه الوصل، حكمه الوصل بالشرطين المعروفين، ألا يوصف الراوي بالتدليس، وأن يثبت سماعه من شيخه على الخلاف في هذا السماع أو اللقاء، أو المعاصرة.

 على كل حال هذه أمور يعرفها أهلها، ولا يدرك شيئًا منها من لا يعاني هذا الفن، ولذلك ضحك على الذهبي حينما قال: من علم حال هذا الرجل يعني الإسماعيلي جزم يقينًا أن المتأخرين على يأس تام من لحاق المتقدمين، كل إنسان في فنه، أنت إذا كنت لا تحسن من هذا الفن شيئًا ما لك علاقة، ولا تثرب على من يحسن في حق من يراه بلغ الغاية في هذا الباب.

 وقال أبو معمر: حدثنا عبد الوارث هو ابن سعيد، "قال: حدثنا أيوب" السختياني "عن نافع مولى ابن عمر قال: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا صلى بالغداة بذي الحليفة" صلى بالغداة بالصبح، بذي الحليفة، "أمر براحلته فرُحلت، ثم ركب فإذا استوت به" يعني على البيداء في استوت به قائمة بعد الصلاة، وابن عمر يقول: بيداؤكم التي تكذبون بها على رسول الله، مع أن ابن عباس يرى أنه أهلَّ بالبيداء، وكلٌّ يذكر ما رأى.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

رُحِلت، نعم، وضع عليها الرحل وجُهِّزت، "فإذا استوت به استقبل القبلة قائمًا" وهذا هو الشاهد من الحديث للترجمة، وأن الإهلال السُّنَّة أن يكون مع استقبال القبلة، "استقبل القبلة قائمًا ثم يلبي ثم يلبي حتى يبلغ المحرم" هنا الرواية الأخرى رواية المستملي وغيره الحرم، "ثم يمسك" ماذا قال عندك؟ المحرم أم الحرم؟

طالب: لا، يقول الحرم فيه نسخة أخرى.

نعم، موجودة الحرم. ماذا يقول؟

طالب:...

ثم يلبي حتى يبلغ.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

يعني أدنى الحرم.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ثم يلبي حتى يبلغ هنا المحرم، وفي الرواية الأخرى الحرم، "ثم يمسك حتى إذا جاء ذا طوى بات به حتى يصبح، فإذا صلى الغداة اغتسل، وزعم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك" المقصود أن الرسول يلبي حين يهلّ بالنسك، ويلبي حتى إذا وصل البيت قطع التلبية، كونه يقطع قبل ذلك إذا رأى بيوت مكة ثم يستأنف بعد ذلك أو التفاصيل التي ذكرها ابن عمر، وابن حجر ثم يمسك الظاهر أنه أراد يمسك عن التلبية، وكأنه أراد بالحرم المسجد، يعني لا يزال يلبي حتى يدخل المسجد، ويرى الكعبة فيمسك، ثم يمسك الظاهر يقول ابن حجر: أنه أراد يمسك عن التلبية، وكأنه أراد بالحرم المسجد والمراد بالإمساك عن التلبية التشاغل بغيرها من الطواف وغيره ولا تركها أصلاً، وسيأتي نقل الخلاف في ذلك، في ذلك وأن ابن عمر كان لا يلبي في طوافه، كما رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق عطاء: كان ابن عمر يدع التلبية إذا دخل الحرم، ويراجعها بعد ما يقضي طوافه بين الصفا والمروة يعني هذا بالنسبة للقارن.

طالب: .......

ماذا؟

طالب:...

بالنسبة للقارن والمفرد؛ لأنه لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- لبى بإحرامه من المحرم، ثم لما رأى الحرم أمسك على القول على كلام ابن عمر أنه قبل المسجد، وكلام ابن حجر يرجح أنه لما دخل المسجد، ورأى الكعبة أمسك، وشرع في الطواف بالكعبة، ثم بين الصفا والمروة، ثم لما فرغ من ذلك عاد إلى تلبيته ليتابعها إلى رمي جمرة العقبة.

طالب:...

نعم.

طالب:...

ما الفائدة؟ ما الحكمة من الإمساك؟ من أول الحرم إلى ذي طوى.

طالب:...

نعم، زاهر في بئر معروفة.

طالب:...

إذا صح كلام ابن حجر وهو صاحب استقراء حملنا كلام ابن عمر أنه ما سمعه يلبي، ما سمع، وإن سمعه غيره؛ لأنه لا يزال يلبي، لا يزال يلبي حتى يرمي جمرة العقبة أمسك حينما رأى المسجد؛ لأنه لا ابن عمر ثبت عنه أنه كان لا يلبي في الطواف، وأن بداية الانقطاع عن التلبية الشروع في الطواف أو رؤية البيت على كلام لأهل العلم، ومستندهم أدلة يروونها، على كل حال ثم يقول: وأن ابن عمر كان لا يلبي في طوافه كما رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق عطاء، قال: كان ابن عمر يدع التلبية إذا دخل الحرم، ويراجعها بعد ما يقضي طوافه بين الصفا والمروة، فهل الحرم المسجد أو الحرم أول مكة؟ الحرم المعروف بداية الحرم؟

طالب:...

حدود الحرم، قال الكرماني: ويحتمل أن يكون مراده بالحرم منى، يعني فيوافق الجمهور في استمرار التلبية حتى يرمي جمرة العقبة، لكن يشكل عليه أنه في الحرم، قال: ويحتمل أن يكون مراده بالحرم منى، يعني فيوافق الجمهور في استمرار التلبية حتى يرمي جمرة العقبة، لكن يشكل عليه قوله في رواية الإسماعيلي ابن علية: إذا دخل أدنى الحرم، والأولى أن المراد بالحرم ظاهره لقوله بعد ذلك: حتى إذا جاء ذا طوى فجعل غاية الإمساك الوصول إلى ذي طوى، والظاهر أيضًا أن المراد بالإمساك ترك تكرار التلبية ومواظبتها، يعني ما هي يقطعها، يعني يقطعها ويعيدها، لكن من غير تواصل.

طالب:...

ما أدري، والأولى أن المراد بالحرم ظاهره؛ لقوله بعد ذلك: حتى إذا جاء ذا طوى فجعل غاية الإمساك الوصول إلى ذي طوى.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ماذا فيه؟

طالب:...

التلبية؟ نعم، يكبر؛ لأنه في العشر.

طالب:...

في أدائها ولا بعدها؟

طالب:...

بعد العمرة يكبر ما المانع؟ لأنه خلاص صار رجلَّا حلّ الحلّ كله فيعود إلى أصله.

طالب:...

ما يلبي، انتهت التلبية. والظاهر أن المراد بالإمساك ترك تكرار التلبية ومواظبتها ورفع الصوت بها الذي يفعل في أول الإحرام لا ترك التلبية رأسًا، والله أعلم.

ذا طوى بضم الطاء وبفتحها، وقيده الأصيلي بكسرها، طِوى، وادٍ معروف بقرب مكة، ويعرَف الآن ببئر الظاهر، وهو مقصور منون، وقد لا ينون، ونقل الكرماني أن في بعض الروايات: حتى إذا حاذى طوى، حاذى انظر التصحيف، جاء ذا طوى، يقول: حاذى بدل جاء ذا حاذى طوى، بحاء مهملة بغير همز وفتح الذال قال: والأول هو الصحيح؛ لأنه اسم الموضع ذو طوى لا طوى فقط، تابعه الإسماعيلي وابن عُلية عن أيوب في الغُسل أو في الغَسل أي وغيره، لكن من غير مقصود الترجمة؛ لأن هذه المتابعة وصلها المصنف كما سيأتي بعد أبواب، عن يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا ابن علية به. ولم يقتصر فيه على الغسل، بل ذكره كله إلا القصة الأولى، وأوله: كان إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية، هذا واضح، وظاهر، والباقي مثله، ولهذه النكتة أورد المصنف حديث فليح عن نافع المقتصر على القصة الأولى بزيادة ذكر الدّهن الذي ليست له رائحة طيبة، ولم يقع في رواية فليح التصريح باستقبال القبلة، لكنه من لازم الموجِّه إلى مكة، يعني يلزم أن يقال الذاهب إلى مكة مستقبل القبلة؟  

هو من لازمه أنه يستقبل القبلة، لكن إذا لفّ الطريق يمينًا ويسارًا يستقبل القبلة؟ لكنه من لازم الموجِّه إلى مكة في ذلك الموضع أن يستقبل القبلة، وقد صرح بالاستقبال في الرواية الأولى وهما حديث واحد، وإنما احتاج إلى رواية فليح للنكتة التي بيَّنتُها، وبهذا التقرير يندفع اعتراض الإسماعيلي عليه في إيراده حديث فليح، وأنه ليس فيه للاستقبال ذكر.

 قال المهلب: استقبال القبلة بالتلبية هو المناسب؛ لأنها إجابة لدعوة إبراهيم، ولأن المجيب لا يصلح له أن يولي المجاب ظهره، بل يستقبله، قال: وإنما كان ابن عمر يدَّهن ليمنع بذلك القمل عن شعره، ويجتنب ما له رائحة طيبة؛ صيانة للإحرام، والله أعلم.     

طالب:...

نعم.

طالب:...

حتى إذا جاء ذا طوى، جاء ذا صحِّفَت حاذى أليست مثلها في الرسم؟

طالب:...

ما هو؟ جاء ذا طوى.

طالب:...

ماذا؟

طالب: .......

نعم، هذا الصحيح، الكرماني الذي ذكر حتى حاذى طوى حتى حاذى طوى، هذا عند الكرماني.

طالب:...

ظهر؟

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.

"