شرح كتاب التوحيد - 13

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام المجدد رحمه الله تعالى:

بابٌ لا يُذبح لله بمكان يُذبح فيه لغير الله وقول الله تعالى: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} [سورة التوبة:108] وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة فسأل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقال.."

سأل..

"فسأل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال «هل كان فيها وثنٌ من أوثان..»."

لأن بعض النسخ فسُئِل وبقيت النبي مرفوعة باعتبار أنه مبني للمجهول، وهذه النسخة التي اعتمدها المحقق فسأل ومقتضى ذلك أن يقال النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-.

"فسأل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال «هل كان فيها وثنٌ من أوثان الجاهلية يُعبَد» قالوا لا، قال «فهل كان فيها عيدٌ من أعيادهم؟» قالوا لا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أوفِ بنذرك، فإنه لا وفاء لنذرٍ في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم» رواه أبو داود وإسناده على شرطهما. فيه مسائل، الأولى: تفسير قوله {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} [سورة التوبة:108] الثانية: أن المعصية قد تؤثِّر في الأرض وكذلك الطاعة. الثالثة: ردُّ المسألة المشكلة إلى المسألة البينة ليزول الإشكال. الرابعة: استفصال المفتي إذا احتاج إلى ذلك الخامسة أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع. السادسة: المنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله. السابعة: المنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم ولو بعد زواله. الثامنة: أنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة؛ لأنه نذر معصية. التاسعة: الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده. العاشرة: لا نذر في معصية. الحادية عشرة: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك."

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى: "بابٌ لا يُذبَح بمكان يُذبَح فيه لغير الله" كتاب التوحيد مبني على تحقيق التوحيد، ونفي ما يضادُّه من الشرك ووسائله، وحماية جناب التوحيد وسد جميع الذرائع الموصلة إليه، وإذا كان الباب السابق فيما هو شرك ففي هذا الباب منع ما هو وسيلة إلى الشرك، الذبح لله، لكن المكان يكون وسيلة إلى الشرك؛ لأنه إذا ذبح بالمكان الذي يُذبَح فيه لغير الله ولو ذُبِح فيه لله- جل وعلا- فإن الرائي لهذا الذابح الذي لم يشرك بالله جل وعلا قد يقتدي به ويلتبس عليه الأمر ويكون في قلبه شيء من صرف هذه العبادة لغير الله- جل وعلا- فالمكان الذي يُذبَح فيه لغير الله لا يجوز أن يُذبَح فيه، وهذا من باب سد الذريعة؛ لأن الذابح- لله جل وعلا- متقرب إليه ولم يشرك في ذبحه لكن باعتبار المكان، وقد يكون ذلك باعتبار الزمان، كما نُهِيَ عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها؛ لأن الكفار يسجدون لها حين تطلع بين قرني شيطان ويسجدون لها حين تغرب، فنُهِيَ عن الصلاة في هذا الزمان في هذا الوقت؛ لمشابهة المشركين، فيظن الرائي أن هذا الساجد لله- جل وعلا- في هذا الوقت إنما سجد للشمس؛ لأن هذا الوقت يستغله الكفار ويسجدون فيه لغير الله، وهذا المكان يذبحون فيه لغير الله، فيُظَن أن هذا الذابح لله جل وعلا إنما ذبح لهذا الوثن ولو بعد زواله؛ لأن البقاع تتأثر بما يُعمَل فيها من طاعة وما يعمل فيها من معصية، على ما سيأتي "وقول الله- جل وعلا-" "قول الله" سبحانه وتعالى مرفوع قولُ بخلافها في الباب السابق؛ لأن في الباب السابق الباب مضاف لما بعده، وهنا مقطوع عن الإضافة؛ ولذلك هو منون، "بابٌ لا يُذبَحُ بمكان يُذبَح فيه لغير الله، وقول الله تعالى {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} [سورة التوبة:108] هذا في مسجد الضرار {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} [سورة التوبة:108] بعض المنافقين أرادوا أن يفرقوا الصف ويتخذوا هذا المكان مأوى لمن حارب الله ورسوله وإرصادا له، فبنوا مسجدًا يضارُّون به مسجده -عليه الصلاة والسلام- ومسجد قباء ليفرقوا كلمة المسلمين، فطلبوا من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يصلي فيه فيقتدي به الناس فيصلون فيه، فقال، نحن على جناح سفر في غزوة تبوك، فإذا رجعنا صلينا، وفي طريقه -عليه الصلاة والسلام- آيبا راجعا من غزوة تبوك نزل {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ} [سورة التوبة:108]والعلماء يختلفون في المراد بالمسجد المؤسَّس على التقوى من أول يوم، فمنهم من يرى أنه مسجد قباء، وهذا إذا قلنا أن الأولية هنا أولية مطلقة، ولا شك أن مسجد قباء أسسه النبي -عليه الصلاة والسلام- أول قدومه للمدينة قبل مسجده -عليه الصلاة والسلام- {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ} [سورة التوبة:108] في الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل أهل قباء: إن الله مدحكم بالتطهر فما صنيعكم المستحق لهذا المدح؟ قالوا إن بيننا قوما من اليهود يغسلون أدبارهم بعد أن يقضوا حاجتهم، فقال: الزموا هذا فإنه هو الذي مُدِحْتم به وهو التطهر، ولا شك أن الغسل بالماء أقوى في التطهير من الاستنجاء بالحجارة، والحديث فيه كلام، لكن الآية لا شك أن دلالتها على مسجد قباء ظاهرة لولا ما جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سُئِل عن المسجد الذي أُسِّسَ على التقوى فأخذ كبة من حجارة ورماها في مسجده، وقال هذا، ولا اختلاف؛ لأن كلا منهما أسس على التقوى، لمسجد أسس على التقوى من أول يوم، لكن لو أسس مسجد الآن على التقوى من أول يوم بُدِأَ في عمارته أو في التسبب في إنشائه قلنا أيضا هذا المسجد أسس على التقوى، وجل مساجد المسلمين على هذا، قد يدخل النيات شيء لمن يُنشِئ ويؤم مسجدا ويشرف على.. هذا شيء آخر لكن الأصل أن المساجد مؤسَّسة في الغالب على التقوى فلا اعتراض ولا اختلاف بين الآية والحديث {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [سورة التوبة:108] هل من أول يوم قدم فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- أو من أول يوم من إنشائه؟ إذا قلنا من أول يوم قدم فيه -عليه الصلاة والسلام- قلنا مسجد قباء ولا ينازِع في هذا أحد، المسألة فيها خلاف بين الصحابة لظهور الدلالة في الآية على مسجد قباء، والقول الثاني أنه مسجده -عليه الصلاة والسلام- لصحة الحديث في ذلك وهو في الصحيح، وعلى كل حال لا تعارُض ولا اختلاف فكلاهما أسس على التقوى، ويسمى هذا المسجد مسجد الضرار، لما نزلت هذه الآيات في شأنه أمر النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- بهدمه فهُدِم، وسمي مسجد الضرار، وله نظائر على مر التاريخ إذا وُجِد مكان نفع الله به نفعًا عظيما وأُريد تفريق الصف وإن كان مسجدا أو محضن مدرسة علمية مثلا وأريد تفريق الناس يؤسَّس على منواله، والأعمال بالنيات، فإذا كان القصد فيه المضارّة وتفريق الكلمة والإرصاد لمن حارب الله ورسوله صار حكمه حكم مسجد الضرار يجب هدمه، "وعن ثابت بن الضحاك رضي الله تعالى عنه قال نذر رجل أن ينحر إبلا بِبُوَانَة" نذر رجل أن يتقرب إلى الله جل وعلا بنحر إبل، والإبل لا واحد له من لفظه وإنما من معناه واحده بعير، نذر رجلٌ أن ينحر إبلا ببُوانة، موضع قرب يلملم، أو قالوا هضبة عند أو في ينبع، المقصود أن تحديد المكان لا أثر له في الحكم، وإنما المقصود ما جاء من الاستفصال في الحديث، نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، والنذر: إلزام المكلَّف نفسه بواجب يوجبه على نفسه. وحكم النذر معلوم عند أهل العلم عامتهم على الكراهة، ومنهم من حرَّمه لأنه جاء النهي عنه لكن إذا انعقد وجب الوفاء به، فرق بين نذر الطاعة «من نذر أن يطيع الله فليطع ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» هل نقول أن الحكم الدائر بين الكراهة والتحريم خاص بنذر المعصية أو شامل لنذر الطاعة والمعصية؟ شامل في نذر الطاعة، لا شك أنه منهي عنه إنما يستخرج به من البخيل، نذر الطاعة داخل في دائرة النهي، لكن إذا كان النذر وسيلة إلى هذه الطاعة والأصل أن الوسائل لها أحكام الغايات فكيف يُنهى عن شيء يجب الوفاء به؟ يقول أهل العلم هذا بابٌ غريب من أبواب العلم،

 الوسيلة ممنوعة والغاية واجبة! ما حكم الوفاء بالنذر؟ إذا كان طاعة يجب بلا شك الوفاء به ومع ذلكم هو في الأصل منهي عنه، منهي عنه قبل أن ينعقد فإن عقد وجب الوفاء به، وهذا على خلاف ما قرره أهل العلم من أن الوسائل لها أحكام الغايات، "فسأل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-" في كثير من النسخ سُئِل النبي -عليه الصلاة والسلام- فسئل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأبقاها المحقق على أن الفعل سُئِل، لما غيره ما غير ضبط النبي -عليه الصلاة والسلام- وإلا مادام غيَّر سُئِل إلى سأل عليه أن يغير الرفع في لفظه -عليه الصلاة والسلام- النبي إلى النصب وبدلا من أن يكون نائب فاعل يكون مفعولا؛ لأن المفعول ينوب عن الفاعل إذا حذف وبُنِيَ الفعل للمجهول.

ينوب مفعول به عن فاعل

 

فيما له كنيل خير نائل

فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال «هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبَد؟»

هذا الاستفصال.

طالب: ............

ماهو؟

طالب: ............

محتمل واضح  ليس فيه إشكال.

طالب: ............

على كل حال هذه فيها نسخ متعددة ومختلفة في الضبط لا، فسأل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الرجلَ فقال واضح، أو فسأل الرجلُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وإذا أمكن توجيه الكلام على وجه يصح تعيَّن، وهنا يمكن على كلام الأخ وليس فيه إشكال.

فسأل النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فقال يعني في سؤاله للرجل «هل كان فيها وثن؟» لأنه هنا في في (ط) و(ز) و(ش) و(غ) يعني نسخ كثيرة فسُئِل فقال «هل كان فيها وثنٌ من أوثان الجاهلية؟» وثن ما يتخذ ويعبد من دون الله من أشجار أو أحجار والغالب أنه غير مصوَّر فإذا صُوِّر صار صنمًا، ويُطلَق هذا على هذا والعكس «هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟» يعني أنت لماذا خصصت هذه البقعة؟ فاستفصل النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن الاستفصال هنا متعيِّن، لماذا لم يقل له النبي -عليه الصلاة والسلام- لماذا خصصت هذه البقعة؟ فيقول لا لشيء، يعني لاحتمال أن يكون هناك وثن يُعبَد ولم يعلم به، فلا يكفي الإجمال في مثل هذا؛ لأنه قد يقول له: لماذا خصصت هذه البقعة فيقول لا لشيء، هنا قال: هل كان فيها وثن الأوصاف مؤثرة في الحكم «هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبَد؟» قالوا لا، كل الحاضرين قالوا لا، وهذا مهم، يعني لو أن الرجل وحده قال لا، احتمال أن غيره يعرف أن في هذا المكان فيما مضى وثنا يعبد لكنهم كلهم قالوا لا، فتأكد النبي -عليه الصلاة والسلام- من انتفاء هذا المؤثِّر في الحكم، قال «فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟» يترددون عليه في أوقات موسمية حددوها قالوا لا، ليس فيها وثن، ولا كان فيها وثن، وليس فيها عيد وليست مقصدا لأهل الجاهلية فانتفى هذا المحظور، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أوفِ بنذرك» والاستفصال في هذه الأمور من قِبَل المفتي متعيِّن، لا يلزمه الاستفصال في كل مسألة؛ لأنه قد يطول الأمر، كل من جاء يسأل أورد عليه الاحتمالات كلها، يعني رجل عرض سيارته للبيع تقول له كيف ملكت هذه السيارة؟ وهل كان الثمن الذي اشتريت به معلوما؟ وهل فصحتها فحصا جيدا يرفعه عن حد الجهالة؟ وهل وهل كل هذا لا داعي له، والاستفصال في مثل هذا لا داعي له، لكن إذا غلب على ظنه مثلا وجود شيء سأل عنه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أوفِ بنذرك أوفِ بنذرك» لماذا؟ لأنه نذر طاعة «ومن نذر أن يطيع الله فليطعه» نذر أن ينحر إبلا يتقرب بها إلى الله- جل وعلا- ويوزع لحومها على المحتاجين، لكن لو نذر أن ينحر هذه الإبل ويُسَيِّب لحمها للدواب والسباع أو تعفن وتتلف ما صار طاعة، إذا أراد أن يتقرب يتصدق به أما مجرد سفك الدم ورميه هذا قربة؟! لا، ليس بقربة هذا من إضاعة المال، فيكون حينئذ نذر معصية وليس بنذر طاعة «فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله».

طالب: ............

المقصود أنه يُتقَرَّب به إلى الله- جل وعلا- كيف يتقرب به؟ هو إذا كان مأمورا به في الأصل كالهدي، وأدركنا الهدي فيما مضى من عشرين سنة أو أكثر يُتلَف، قد يُدفَن في الأرض بالشيولات لكن هو تقرب به إلى الله؛ لأنه مأمور بذلك، قد لا يتمكن من توزيعه على على الفقراء والمساكين، يكون غريبا ما يدري أين الفقراء والمساكين مع الكثرة الكاثرة من هذه البهائم، بهيمة الأنعام المتقرَّب بها قد يشق عليه توزيعها، على كل حال هو وفَّى بما أُمِرَ به، لكن هنا في هذه الحالة في وقت سعة لا بد أن يصونها؛ لأنها مال، وقد جاء النهي عن إضاعة المال، قال: "فأوفِ بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله" الآن تأكدنا أن المكان ليس فيه إشكال، ليس فيه صنم، ولا فيه عيد، ولا شيء، وأيضًا النذر نذر طاعة، قال: «فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم » قال إن نجحت في الامتحان أعتقت عبد فلان، هذا لا يملكه لكن إذا كان في غلبة ظنه أنه يؤول إلى الملك، نجحتُ في الامتحان أعتقتُ عبدًا نعم ينعقد النذر لكن يبقى في ذمته؛ لأنه احتمال أن يملك لكن عبد فلان المعيَّن؟ وإن كان هناك احتمال أن يملكه بالشراء، لكن الأصل أنه في يد فلان وأن فلانا مستولٍ عليه، على كل حال يقولون:

 إذا كان بالإمكان أو يغلب على ظنه أنه يملكه فيما بعد ينعقد، "فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم" ولم ينص هنا على الكفارة في نذر المعصية ولا فيما لا يملك، وجاء ما يدل على أن كفارة مثل هذا النذر كفارة يمين، فيه نص وكفارته كفارة يمين«لا وفاء لنذر في معصية الله» وفيه دليل على أنه ينعقد لكنه لا يجوز الوفاء به؛ لأنه معصية، ومنهم من يقول أن مثل هذا النذر لا ينعقد أصلا فلا يجوز الوفاء به وليس فيه كفارة، ولأنه لم يُنَص على الكفارة هنا ونُصَّ عليها في موضع آخر، والنص عليها بيان لمثل هذا المجمَل، والبيان لا يلزم أن يُذكَر في كل مناسبة، إذا ثبت في مناسبة لزم،  هناك مسائل قد يكون فيها نوع استواء، تكون مستوية الطرفين، فيختلف فيها الأئمة مع وجد البيان، لكن قد يكون المعارض لهذا البيان قويا فلا يعتمده بعض أهل العلم ويعتمده آخرون، في حديث عبادة قال النبي -عليه الصلاة والسلام- «والثيب بالثيب جلد مائة والرجم » القضايا الخمس التي حصلت في عهده -عليه الصلاة والسلام- ما ذُكر فيها إلا الرجم، ليس فيها جَلد، فهل نقول يكفي ما جاء من البيان في حديث عبادة فيلزم الجلد ثم الرجم، أو نقول أن هذه القضايا والبيان فيها تدعو إليه الحاجة ولم يحصل، وقضايا خمس وليست بواحدة فلا يلزم الجلد بهذا قال كثير من أهل العلم، حصل عندنا بيان في حديث عبادة، والقضايا الخمس حصل فيها إجمال، هل نقول المجمل يحمل على المبيَّن ونحمله على هذا البيان، أو نقول أن القضايا الخمس كلها ما فيها جلد ولو كان مطلوبا لنُصَّ عليه مما يدل على أنه عدل عنه فيكون منسوخا، ونظير ذلك الأمر بقطع الخف لمن لم يجد النعل، في حديثه -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة قال «ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين» وفي خطبته بعرفة قال: "فليلبس الخفين" ما قال فليقطعهما، الذي يقول حصل البيان، يقول: هذا القيد معتبَر ولا بد من قطعهما، والذي يقول أنه حضر في الموقف أضعاف أضعاف من حضر القيد "فليقطعهما" قال: لو كان مطلوبا لنُصَّ عليه؛ لأن الحاجة تدعو إلى البيان. المقصود أن هذا مما يختلف فيه أهل العلم، العبادة في الموضع الذي تُزَاوَل فيه المعصية لاسيما إذا كانت المعصية من الشرك ووسائله في هذا الحديث ما يدل على المنع، لكن جاء عن عمر وغير عمر من الصحابة أنهم صلوا في الكنائس، وجاء الترخيص في ذلك عن الصحابة، والكنائس يُزاوَل فيها الشرك بعيسى وأمه، كيف نصلي في مكان فيه شرك؟! وهنا هل كان فيها وثن يُعبَد من دون الله، هل كان فيه عيد وكذا إلى آخره.

طالب: .........

هنا الصفة صفة معتبَرة، الذبح يستوي فيه المسلم والكافر، معروف الذبح عندهم طريقتهم واحدة، والمسلم إذا ذبح في هذا المكان صنيعه وعمله يشبه عمل الكفار، لكن صلاة المسلمين تختلف عن صلاة النصارى فلا يمكن أن يقال إن عمر صلى في هذه الكنيسة يعني وأشبه النصارى في ذلك، ما أشبههم الصلاة مختلفة.

طالب: .........

ما هي؟

طالب: .........

كنيسة إيه..

طالب: .........

إيه طيب أسست على غير تقوى لكن هل قُصِد بها الضرار هل قُصِد بها تفريق كلمة المسلمين والإرصاد لمن حارب الله.. ما قُصِد لأنه قد تكون العلل مركبة من أكثر من شيء، الصلاة في المقبرة الصفة واحدة والموضع فيه قبور والرائي للمصلي في هذه المقبرة قد يظن أن هذا المصلي يصلي لأهل هذه القبور كما يفعله بعض الغلاة إذًا المنع «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها ».

طالب: .........

أنت ترى العبادة هل هي تتفق مع عباداتهم؟ الأصل «جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا».

طالب: .........

مشغلة للمصلي؟

طالب: .........

الأصل «جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» ومشى على هذا الأصل من غير تقييد ولا تخصيص ابن عبد البر، يقول: لأن الخصائص لا تقبل التخصيص؛ لأن التخصيص تقليل والخصائص تشريف للنبي -عليه الصلاة والسلام- والتخصيص تقليل لهذا التشريف فالخصائص لا تقبل التخصيص فتجوز عنده الصلاة في المقبرة مع ورود النهي الصحيح الصريح؛ لأن الخصائص لا تقبل التخصيص، طيب الصلاة في مواضع الخسف ترجم الإمام البخاري- رحمه الله تعالى- في أبواب متتابعة، قال: الصلاة في مرابض الغنم، الصلاة في مواضع الإبل من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد اللهَ به، باب كراهية الصلاة في المقابر، المعروف أن الكراهية عنده كراهية تحريم، ثم قال: باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب، ويُذكَر أن عليًّا رضي الله عنه كره الصلاة بخسف بابل، ثم أورد بإسناده المتصل عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين إلا أن تكونوا باكين فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم» ثم قال: باب الصلاة في البيعة، وقال عمر_ رضي الله عنه_ "إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور" وكان ابن عباس يصلي في البيعة إلا بيعة فيها تماثيل، ثم قال: باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم- «جُعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» يقول الشارح- رحمه الله- وإيراده له هنا يحتمل أن يكون أراد أن الكراهة في الأبواب المتقدمة ليست للتحريم؛ لعموم قوله «جُعلت لي الأرض مسجدا» أن كل جزء منها يصلح أن يكون مكانا للسجود، أو يصلح أن يبنى فيه مكان للصلاة، ويحتمل أن يكون أراد أن الكراهة فيها للتحريم وعموم حديث جابر حديث الخصائص عام مخصوص بها، والأوَّل أولى، يعني كأن ابن حجر يرى رأي ابن عبد البر والأولى أولى؛ لأن الحديث سيق في مقام الامتنان فلا ينبغي تخصيصه، ولا يرد عليه أن الصلاة في الأرض المتنجسة لا تصح؛ لأن التنجس وصف طارئ والاعتبار بما قبل ذلك، على كل حال إذا قلنا إن الخصائص تشريف له -عليه الصلاة والسلام- وهذه المسألة دقيقة- ولا ينبغي تخصيصها كما يقول ابن عبد البر؛ لأن التخصيص تقليل لهذا التشريف، فمن المحافظة على حقه -صلى الله عليه وسلم- لا يدخلها التخصيص، هذا على سبيل التنزل على كلام ابن عبد البر، لكن سد الذرائع الموصلة إلى الشرك الصلاة في المقبرة وحماية جناب التوحيد حق مَن؟ حق الله- جل وعلا- ولا شك أن حق الله- جل وعلا- مقدَّم على حقه -عليه الصلاة والسلام- وبهذا ننفصل من كل ما قالوا.

طالب: ...........

وش فيها؟

طالب: ...........

إذا كان الإنسان بحيث ينفتن بصورهم ويخشى عليه من ذلك ليس مثل عمر وابن عباس وغيرهم الذين صلوا في الكنائس ما يتصوَّر فيهم هذا.

طالب: ...........

مسألة الدخول على حسب المصالح والمفاسد؛ لأن بعض الناس يُمنَع لأنه ينفتن، وبعض الناس يؤثِّر ولا يتأثَّر، يُظَن بابن عباس أنه يتأثر بصورهم وعباداتهم؟ ومن حفظه الله لا خطر عليه، لكن من يضمن لنفسه الحفظ؟ طالب مبتعَث من أبنائنا إلى بعض الدول الكافرة للدراسة، رأته المعلِّمة وهو يسرح ويشرد ذهنه ووجهه يتغير ويتلوَّن أتت إليه وقالت: لا شك أن  عندك مشاكل، قال: والله عندي مشاكل قالت نذهب في نزهة، ظلمات بعضها فوق بعض، فذهب معها وذهبت به إلى حديقة كنيسة وفيها متعة فيها جو طيب وأشجار، ثم قالت له: هل ترى أن ندعو القس لينظر مشكلتك فيحلها؟ قال إذا كان عنده حل لا مانع، فدعت القس وقال له: لا شك أن عندك مشكلة وكأنه ما دري بالمسألة هي أخبرته، سوف أدعو لك المسيح وأنت أمِّن أن يحل مشكلتك، قال أعوذ بالله من الشرك، أعوذ بالله من الشرك، قال يا بني: مشكلتك محلولة لا تؤَمِّن سوف نصرف لك كذا من الألوف من المكافآت فخاف الولدُ على دينه، وفورًا جاء إلى بلده أنقذه الله وإلا يُذكَر أن هناك أناسا ارتدُّوا نسأل الله السلامة والعافية.

طالب: ..........

توجد أماكن أثرية تُزاوَل فيها البدع، ويأتي بعض المبتدعة فيصلي في هذا المكان، يعني يقال إنه مولد مثلا، ثم يأتي بعضهم ليصلي في صباح كل إثنين ركعتين، يقول نصلي الضحى، صلاة الضحى فيها شيء؟! لا، نقول في هذا المكان لا تجوز الصلاة وهي صلاة الضحى، والله المستعان. يقول الإمام- رحمة الله عليه- فيه مسائل، الأولى: تفسير قوله {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} [سورة التوبة:108] يعني في مسجد الضرار، لا تصلي فيه أبدًا ولو هدمته ثم أعادوا بنايته وقالوا أننا غيرنا نيتنا أبدًا.

طالب: ..........

ما هو؟

طالب: ..........

ما أسمع.

طالب: ..........

حزب بدعي أو ماذا؟

طالب: ..........

لكن هل لهم عبادات تخصهم تخالف ما شرع الله جل وعلا؟

طالب: ..........

السؤال هل لهم عبادات يختصون بها يخالفون فيها ما شرع الله جل وعلا؟

طالب: ..........

ما فيه، ليس فيه إشكال الأصل «جُعلَت لي الأرض مسجدا وطهورا» ومن صحت صلاته صحت إمامته، صلِّ وراءه.

طالب: ..........

على كل حال كون الإنسان رضي بالتحريش والتفريق في آخر الزمان هذا أمر معروف، المنع يأتي من جهة كون الشخص ممن يقتدى به ويدخل في هذا المسجد وهو لهذا الحزب أو لهذه الطائفة وإن كانت صلاتهم صحيحة.

طالب: ..........

وهو ممن يُقتدى به ويقال إنه ما دخل مسجدهم إلا لأنه مقر لعملهم هذا من هذه الحيثية يُمنع، لكن لو أن شخصاً ضاق عليه الوقت فسمع هذا المسجد تقام فيه الصلاة ودخل وصلى معهم صلاته صحيحة لأنها ما فيها مخالفة لما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: ..........

أين يذهب ؟

طالب: ..........

إذا وُجِد مسجد لمن لا مخالفة عندهم أصلا تعيَّن، لكن لا يوجد إلا مسجد هؤلاء ومسجد هؤلاء وليس فيه قبر ولا يزاول فيه عبادة تخالف ما شرع الله- جل وعلا- الأصل «جُعلَت لي الأرض مسجدا وطهورا» إلا إذا كان ممن يقتدى به ويقال إنه تابع لهذه الجماعة أو مقتنع بما عليه هذه الجماعة هنا يُمنَع.

المؤذن يؤذن.

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: رواه أبو داود في حديث ثابت بن الضحاك وإسناده على شرطهما، شيخ الإسلام رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم يقول على شرط الشيخين وهو واضح من كلام المؤلف- رحمه الله- إسناده على شرطهما يعني البخاري ومسلم على شرط البخاري ومسلم، والمراد بشرطهما رواتهما، معروف شرط البخاري وشرط مسلم في السند المعنعن والخلاف فيه، لكن المرجَّح في مثل هذا الموضِع أن المراد بشرطهما رواتهما؛ لأن أول من شهر هذه الكلمة على شرطهما الحاكم، صحيح على شرط الشيخين، على شرط مسلم، على شرط البخاري، أو يقول صحيح فحسب؛ لأنه يقول في مقدمة الكتاب المستدرَك: وأنا أستعين اللهَ في إخراج أحاديث رواتها ثقات، احتج بمثلهم الشيخان، فالمقصود الرواة وهذا ظاهر من صنيعه في المستدرَك وتصرفه فيه، فإنه إذا كان الرواة قد خرَّج لهما الشيخان، كل الرواة خرَّج لهم البخاري وخرَّج لهم مسلم، قال صحيح على شرطهما، على شرط الشيخين، وإن كان الرواة فيهم من لم يخرِّج له إلا البخاري ولو كان بقيتهم خرج لهم الشيخان فقال صحيح على شرط البخاري فقط، وكذلك لو كان فيهم من لم يخرج له البخاري وخرَّج له مسلم قال صحيح على شرط مسلم، أما إذا كان فيهم من لم يخرِّج له البخاري ولا مسلم قال صحيح الإسناد فحسب، ولا يقول على شرطهما ولا على شرط البخاري ولا على شرط مسلم، مما يدل على أنه يريد بالشرط الرواة أنفسهم؛ولذا خرَّج حديثًا من طريق أبي عثمان، فقال أبو عثمان ليس هو النهدي، ولو كان النهدي لقلت على شرطهما، قال صحيح فحسب، ثم قال: وأبو عثمان ليس هو النهدي أبو عثمان التبَّان، طيب هو يقول: احتج بمثلهم الشيخان ما قال احتج بهم، احتج بمثلهم، المثلية أعم من أن تكون هم أنفسهم أو تكون مثلهم في المرتبة والمنزلة، فإذا كان الرواة هم أنفسهم قال صحيح على شرط الشيخين، وإذا كان الرواة مثلهم في المرتبة ولم يخرجوا لهم قال صحيح، كيف نقول أن المثلية تشمل المطابقة؟ وهذا هو الغالب من صنيعه وتصرفه الكلام مفهوم.

طالب: ........

{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [سورة الشورى:11].

طالب: ........

نفي المثل يستلزم نفي الشيء نفسه، العلماء لما تطرقوا لهذا قالوا أن شخصا رأى بيد شخص آخر ثوبا فقال له اشتر لي مثل هذا الثوب، فاشترى له الثوب نفسه، دلال معه ثوب فرآه شخص فقال اشتر لي مثل هذا الثوب، لما وقف السوم اشتراه له، فلما جاء به قال أنا ما قلت لك اشتر لي الثوب وإنَّما قلت لك اشتر لي مثله لا أريده، فتحاكما إلى شريح فألزمه بأخذ الثوب، ثم قال: لا شيء أشبه بالشيء من الشيء نفسه.

طالب: ........

لا، أصل الاستدراك أن يخرِّج أحاديث لا توجد في الصحيحين؛ لأنه يستدرك عليهم يزيد في الصحيح من غيرهم.

طالب: ........

لا، هي قدر زائد من الأحاديث ولذا قال ولم يعمَّاه.

أول من صنف في الصحيح

 

محمد وخُصَّ بالترجيح

ومسلم بعدُ وبعض الغرب مع

 

أبي علي فضلوا ذا لو نفع

ولم يعماه .................

 

......................................

ما عموا الأحاديث الصحيحة فللمستدرِك أن يستدرِك يعني يأتي بأحاديث صحيحة زائدة على الصحيحين.

طالب: ..........

كفارة يمين صحيحة.

فيه مسائل، الأولى: تفسير قوله {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} [سورة التوبة:108] وقلنا أنه لو قُدِّر أنهم لما هدمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أعادوه مرة ثانية وادعوا أنهم أسسوه على التقوى لا يمكن أن يُصلَّى فيه. الثانية: أن المعصية قد تؤثِّر في الأرض. تؤثِّر في البقعة، وكذلك الطاعة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال «هل كان فيها وثن يُعبَد من أوثان الجاهلية يُعبَد» ولو كان انتهى أمره ولو أُزِيْل لكن الأثر باقٍ، وشؤم المعصية باقٍ، كما أن بركة الطاعة باقية وكذلك الطاعة.

طالب: ..............

أين؟

طالب: ..............

الآن هل تظن أن الأسواق مثل المساجد؟

طالب: ..............

خير البقاع المساجد وشرها الأسواق، هذا خير البقاع من أجل الطاعة وذاك من أجل ما يزاوَل فيها.

طالب: ..............

من الناحية الشرعية إيه.

طالب: ..............

ما به؟

طالب: ..............

على ماذا؟

طالب: ..............

{لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} [سورة التوبة:108] هذه البقعة لا يمكن أن يصلى فيها.

طالب: ..............

أنت تدري أن مسجد الرسول -عليه الصلاة والسلام- في أرضه قبل أن تُشتَرى فيها قبور مشركين أزيلت انتهى، لكن هل هذه القبور ممن يُعتَقَد فيها ويُقرَّب لها هل هذه القبور من ذلك؟ لا، لكن لو وجد قبر يعبد من دون الله ويتبرك به وتزاول عنده المنكرات الشركية، ثم قالوا والله نريد أن نهدمه ونبني مكانه مسجدا قلنا لا؛ لأن تعلق القلوب مازال، أما في قبور المشركين التي بُنِيَ على أنقاضها مسجده -عليه الصلاة والسلام- لا أحد يتقرب إليهم ولا أحد يعتقد فيهم. الثالثة: رد المسألة المشكِلة إلى المسألة البيِّنَة ليزول الإشكال. وزال الإشكال بالاستفصال، كانت إذا أخذناها إجمالا يكون فيها إشكال خذوإذا قرنت بالاستفصال منه -عليه الصلاة والسلام- زال هذا الإشكال. الرابعة: استفصال المفتي إذا احتاج إلى ذلك، قلنا أنه مادامت الحاجة لا تدعو إلى الاستفصال فإنه لا داعي له، لكن إذا دعت الحاجة إلى الاستفصال كما في هذا الحديث وفي كثير من الأسئلة يحتاج إلى الاستفصال، يعني لو أن شخصا سأل عن مسألة أوضح من الشمس والأطفال يعرفونها قبل الكبار ما نستفصل؟ يسأل سائل يقول ما حكم الزعابة؟ الزعابة عند السائل ملقي السؤال وعند المسؤول واضحة استخراج الماء بالدلو من البئر أحد يسأل عن هذا؟! لا بد أن نستفصل ماذا تقصد بالزعابة؟ ولذلك لما استعجل المفتي وقال ما فيها شيء استدرك عليه المذيع قال له لا يسأل يا شيخ عن استخراج الماء من البئر، فلا بد أن يسأل فصارت كلمة تُطلَق على ذبيحة يتقرب بها إلى غير الله، من الشرك، فالاستفصال في مثل هذه الأمور توجَد أحيانا قرائن تدل على أن مراد السائل غير مرادك، لا أحد يسأل عن استخراج الماء من البئر بالدلو، المقصود أن الاستفصال عند الاحتياج إليه أو حتى عند ظن الحاجة إليه لا بد منه، فضلا عن كون المسؤول يُسأل ويستعجل في الجواب فيجيب عن غير ما سئل عنه يسأل سائل فيقول أن ابنه يضربه فيريد توجيه كلمة لهذا الابن، قال: تأديب الرجل لولده شرعي، ومن الأدلة ما يدل عليه وكذا وكذا، الآن الولد اكتسب الشرعية في ضرب أبيه؟! وكل هذا من أجل استعجال هذا المفتي، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يُسأل فيسكت -عليه الصلاة والسلام- ثم يقول أين السائل بعد وقت، إمَّا أن ينتظر الوحي كما يقول الشراح، أو ليؤدِّب من يفتي بعده؛ لئلا يتعجَّل؛ لأن بعض الناس يخطف بعض الكلمة ويجاوب من العجلة وقد يكون في غير المسؤول عنه، فالاستفصال مطلوب عند الحاجة إليه، وأما إذا لم تدعُ الحاجة إليه فهو إضاعة وقت وتطويل للكلام. الخامسة: أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع، قوله: «أوفِ بنذرك» أمر فيه وجوب الوفاء بالنذر وله من الأدلة غير ما ذُكِر لكن وفاء النذر بهذا المكان الذي حصل فيه يلزَم أو ما يلزَم إلا إذا كانت له خصيصة شرعية، الذي نذر أن يصلي في بيت المقدس قال النبي -عليه الصلاة والسلام- صلِّ هاهنا في مسجده -عليه الصلاة والسلام- لماذا؟ لأنه أفضل، ما نذر أن يصلي في بيت المقدس إلا لفضله فإذا وُجِد ما هو أفضل منه رُجِّح عليه، فإذا نذر أن يصلي في بيت المقدس يصلي بالمسجد النبوي، ومن باب أولى يصلي بالمسجد الحرام، على ذكر بالمسجد النبوي وبالمسجد الحرام يعني الباء تستعمل للظرفية كثيرا وإلا الأصل "في" وعندنا في الحديث: نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة هذه من هذا الباب، الباء هنا للظرفية في المكان المسمى بوانة وهذه لا شك أنها لغة صحيحة عند العرب فالباء تأتي للظرفية، وتناقل أهل اللغة عن غلام عربي قيل له أين أبوك؟ فقال بالمسجد، وهنا نذر أن ينحر إبلا ببوانة وأنا قلت بالمسجد النبوي أو بالمسجد الحرام من هذا الباب، والسادسة: المنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله،  ولو كان يعني بعد زوال هذا الوثن لأن التعلُّق في القبور لا يزول بسرعة، يبقى هناك أثر ويبقى من يقتدي به، ويربط هذا الفعل بالوثن السابق وإن كان قد اندرس.

طالب: ...........

ما هو؟

طالب: ...........

النبي -عليه الصلاة والسلام- أسس مسجده على ماذا؟ على أرض فيها قبور، ومَنَع من الصلاة في المقبرة هذا يختلف؛ لأن عبادتنا تختلف عن عباداتهم أما إذا اشتبهت العبادة فلا.

طالب: ...........

لكن المسلمون تتعلق قلوبهم بأوثان تُعبَد بغير عباداتنا؟ انظر الفرق في الصلاة، صلاتنا تختلف عن صلاة النصارى فأجاز الصحابة الصلاة في الكنيسة، الذبح يشبه الذبح فيقال أن هؤلاء صنعوا مثل ما صنع الكفار.

طالب: ...........

أُزِيْلَت القبور لا بد أن تُزَال.

السابعة: المنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم، يعني شيء يتكرر في السنة أو في الشهر أو في الأسبوع، يتكرر في يوم معيَّن يُسمَّى عيدا، والعيد اسم لما يعود ويتكرر ولو بعد زواله أُلْغِي هذا العيد. الثامنة: أنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة لأنه نذْر معصية «من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» وهذه معصية لا يجوز الوفاء بها، على خلاف في النذر هل ينعقد فتجب فيه كفارة يمين كما في الحديث الآخر أو لا كما قال به جمع من أهل العلم استدلالا بحديث الباب وغيره مما لم يُذْكَر فيه كفارة.

طالب: ...........

{لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً} [سورة التوبة:108].

طالب: ...........

لا، ما أعيد.

طالب: ...........

 لا، ولم تقم له قائمة محي من الوجود لكن هناك مساجد أثرية يرتادها المبتدعة ويغررون بها الناس ويسمون أنفسهم المزوِّرين وهو لفظ مطابق، أزيل بعضها وبقي بعضها وتزال إن شاء الله.

طالب: ...........

لكن هو له مقصد والمكان خالي من الموانع ما المانع؟

طالب: ...........

يقول لماذا لا يقال له تُزال المعصية ويحوَّل إلى طاعة؟ هذا قصدك؟ يُحوَّل إلى طاعة والأصل نذر أن ينحر لله في هذا المكان فيه معصية، لكن انقله إلى مكان لا معصية فيه الرسول -عليه الصلاة والسلام- منع سماه معصية وقال: "فإنه لاوفاء"، والفاء متعقبة للحكم السابق، تفريع عنه فلا وفاء فيه، نظير هذا كتاب إما مصحف أو صحيح البخاري موقوف على زاوية صوفية مغرقة، يزاوَل فيها الشرك من دون الله جل وعلا والغلو وما أشبه ذلك، الكتاب موقوف على هذه الزاوية هل نقول أن الوقف باطل ويتصرَّف فيه أو يُنقل إلى نظيره؛ لأنه كالوقف الذي تعطَّلت منافعه فيُنقَل إلى نظيره، وهو أوقفه على هذه البقعة فينقَل إلى مسجد مثلا، أو نقول أن الوقف باطل فيُتصَرَّف فيه بما شاؤوا من بيع أو غيره؛ لأن هدف الواقف بعد أن أخرجه من ماله لله- جل وعلا- لكن إذا كان هو الذي أوقفه اترك هو أوقفه ثم وُضِع في هذا المكان يُنقَل بلا شك، لكن إذا كان هو الذي وضعه هل نقول أن الوقف باطل من أصله؟ نعم، وقف باطل يُلغَى مثل هنا «فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله» مثله.

طالب: ...........

كيف؟

طالب: ...........

أنا قلت إذا كان أوقفه وقفا صحيحا ثم تصرف فيه من وضعه في هذا المكان قلنا يُنقَل إلى مكان يصح الانتفاع فيه. الثامنة: أنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة؛ لأنه نذْر معصية، يعني حتى الوقف على هذه البقعة وقْف معصية فلا ينعقد، يبقى أنه قد توجَد المعصية في الوصية والجنف ويتعيَّن التصحيح {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} [سورة البقرة:182] يعني إذا وُجِد هذا الجنف وهو معصية فالآية تدل على التصحيح، فهل نقول يصحَّح هذا الوقف بما يتفق مع ما جاء في الشرع، أو نقول أن العقد باطل فيُتصرَّف فيه ويرجع إلى الورثة؟ احتمال، لكن الحديث دلالته ظاهرة في أنه معصية، والمعصية لا تنعقد أصلا، يعني لو كانت الوصية كلها جَنَف ما أمكن تصحيحها لكن لو كان فيها جانب صحة وجانب جنف صُحِّحَت. التاسعة: الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده، والتشبه فيه أحاديث كثيرة «من تشبه بقوم فهو منهم»- نسأل الله العافية- والمسألة تكلَّم عليها شيخ الإسلام رحمة الله عليه بإفاضة في كتابه في اقتضاء الصراط المستقيم.

طالب: ...........

لا لا، الاسم لا يغير من الحكم شيئا إذا كان ينطبق عليه الحد اللغوي والشرعي، الأسماء لا تغير من الواقع من الأحكام شيئا.

الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده، قال: والله أنا ما قصدت مشابهة المشركين لكن أعجبني هذا اللباس نقول لا. العاشرة: لا نذر في معصية، نص في الحديث: "فإنه لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم" الحادية عشرة: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، يعني إذا كان ملك غيره هذا لا يملكه ويدخل في الحديث دخولا أوليا، لكن إذا نذر شيئا يستحيل أن يملكه هذا من باب أولى مما ذكرنا من المثال، مما ذكره أهل العلم لكن إذا كان هناك احتمال لأن يملكه فيما بعد فإنه يبقى دينًا في ذمته.

 

 والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"