كتاب الإيمان (49)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم.
طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا يا ذا الجلال والإكرام.
قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: بَابٌ: حُسْنُ إِسْلاَمِ المَرْءِ".
ما يجيء، ما تتمة الجملة؟ "بابٌ"؟
طالب: .......
إذًا أضف، لو صارت جملة ما هي بتامة أضف، تصير إضافة للمفرد، "بابُ حسنِ".
طالب: نعم.
"بَابُ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ.
قَالَ مَالِكٌ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا».
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا»".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فيقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى- في شرحه: "بَابُ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ. قَالَ مَالِكٌ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ، يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا»"، "الحسنة بعشر أمثالها" هذا أقل ما يُكتب من المضاعفات، أقل ما يُكتب المائة ألفًا، هذا في مقياس أهل الدنيا أرباح عظيمة، فكيف إذا كان إلى سبعمائة ضعف؟ هذا ما يتخيله أحد في أمور الدنيا. وجاء في المسند حديث، لكنه مُضعف عند أهل العلم: «إن الله ليضاعف إلى بعض عباده الحسنة إلى ألفي ألف ضعف» مليونين الحسنة الواحدة! والحسنة تُدرك بأدنى سبب مع الإخلاص، ولله الحمد والمنة.
ومن نظر في أحاديث الأذكار التي لا تكلِّف شيئًا أو تلاوة القرآن: الحرف الواحد بعشر حسنات، ثلاثمائة ألف حرف بثلاثة ملايين حسنة، هذا أقل ما يُكتب، والختمة الواحدة تقرأ بكل يُسر وسهولة، إذا قرأ الإنسان ساعة في يوم قرأ القرآن في سبع. بينما أمور الدنيا فيها التعب، وفيها المشقة، وفيها التبعات، ومع ذلك يلهث الناس وراءها. وهذه الأجور المرتبة على أعمال ميسورة يسيرة لمن يسَّرها الله عليه، لكن الحرمان أيضًا ما فيه شك أنه موجود بكثرة، والسبب ما كسبت اليدان، والإنسان يتمنى أن يعمل ويمني نفسه أن يفعل، لكن تقيده ذنوبه هذا العمل، يسوِّف: سأفعل الأسبوع القادم، الشهر القادم، بداية رمضان، بداية كذا، إذا حججنا ورجعنا... وينتهي العمر بهذه الطريقة، تخترمه المنية وهو لا يشعر، لكن إذا هممت بأمر خير فاعجل الآن، عنَّ لك أمر خير ابدأ به، واشرع من الآن، لا تسوِّف. السيئة الواحدة سيئة بمثلها، يقول أهل العلم: خاب وخسر من فاقت آحاده عشراته.
يقول -رَحِمَهُ اللهُ-: (قوله: "قال مالك" هكذا ذكره معلقًا، ولم يوصله في موضع آخر من هذا الكتاب)، وهذا من الأحاديث المائة والستين التي لم يصلها البخاري في موضع آخر، لكنه معلق بصيغة الجزم، هو صحيح إلى مالك ومن بعده أيضًا يصحّح له، فالخبر صحيح. (هكذا ذكره معلقًا ولم يوصله في موضع آخر من هذا الكتاب، وقد وصله أبو ذر الهروي)، عبد بن أحمد راوي الصحيح، أشهر الرواة وأتقنهم في نظر الحافظ ابن حجر، روايته أتقن الرواة، واعتمد عليها في شرحه، وأشار إلى ما عداها عند الحاجة.
(وقد وصله أبو ذر الهروي في روايته للصحيح فقال عقبه: أخبرناه النضروي، هو العباس بن الفضل، قال: حدثنا الحسن بن إدريس، قال: حدثنا هشام بن خالد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن مالك به)، كم بين البخاري وبين مالك؟ واحد، أكثر ما يروي عن واحد عن مالك، عبد الله بن يوسف عن مالك. وهنا كم بين أبي ذر وبين مالك؟ النضروي العباس بن الفضل، الحسن بن إدريس، هشام بن خالد، الوليد بن مسلم، عن مالك. أربعة، وأبو ذر معروف أنه متأخر عن الإمام البخاري بثلاثة، فإسناده مناسب لإسناد مالك، وهذه تُسمى موافقة من أسامي الأسانيد العالية.
(حدثنا الوليد بن مسلم عن مالك به، وكذا وصله النسائي من رواية الوليد بن مسلم، قال: حدثنا مالك، فذكره أتم مما هنا كما سيأتي، وكذا وصله الحسن بن سفيان من طريق عبد الله بن نافع، والبزار من طريق إسحاق الفروي، والإسماعيلي من طريق عبد الله بن وهب والبيهقي في الشعب من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلهم عن مالك)، إسماعيل ابن أخت مالك، إسماعيل بن أبي أويس.
(وأخرجه الدارقطني من طرق أخرى عن مالك، وذكر أن معن بن عيسى)، وهو أحد رواة الموطأ عن مالك، معن بن عيسى القزاز (رواه عن مالك فقال: عن أبي هريرة بدل أبي سعيد، وروايته شاذة، ورواه سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن عطاء مرسلاً، ورُويناه في الخُلعيات، وقد حفظ مالك الوصل فيه، وهو أتقن لحديث أهل المدينة من غيره)، يعني إذا رُوي الخبر مرسلًا، وروي موصولاً اختُلِف في المقدم من الوصل والإرسال، منهم من قدَّم الوصل؛ لأن فيه زيادة علم، ومنهم من قدَّم الإرسال؛ لأنه متيقّن، والوصل مشكوك فيه، ومنهم من يقدِّم الأكثر، ومنهم من يقدِّم الأحفظ كما هنا، مالك -رَحِمَهُ اللهُ- (أتقن لحديث أهل المدينة من غيره، وقال الخطيب هو حديث ثابت، وذكر البزار أن مالكًا تفرَّد بوصله)، لكنه مقدم في روايته على أقرانه؛ لأنه نجم السنن، ولا يعني أنه معصوم لا يخطئ، لا، حُفظت عليه أخطاء، لكن يبقى أنه إذا خولف فمن هو دونه يرجح عليه الإمام مالك.
طالب: .......
هنا.
طالب: .......
المقصود أنه عندنا في رواية البخاري ما هو موجود أصلاً.
طالب: .......
في رواية النسائي نعم صرَّح.
(قوله: «إذا أسلم العبد» هذا الحكم يشترك فيه الرجال والنساء، وذكره بلفظ المذكر تغليبًا)، ولا شك أن النساء يدخلن في خطاب الرجال، إلا فيما دل الدليل على اختصاصه بالرجال، ولا أدل على ذلك من قوله -جَلَّ وعَلا- عن مريم: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: 12]، هي المفردة، والأصل أن يقال: من القانتات، لكن دخول النساء في الرجال أمر مقرر، وفي النصوص أكثر من أن يُحصر.
(قوله: «فحسن إسلامه» نعم صار إسلامه حسنًا باعتقاده وإخلاصه ودخوله فيه بالباطن والظاهر، وأن يستحضر عند عمله قرب ربه منه، واطِّلاعَه عليه كما دل عليه تفسير الإحسان في حديث سؤال جبريل كما سيأتي).
يعني منزلة المراقبة، وهي منزلة عالية إذا تصوَّرها الإنسان وصارت على باله وذكره أتقن أعماله وأحسنها وجوَّدها؛ لما يرى، أو لما يتوقع وينظر أن الله -جَلَّ وعَلا- ناظره، فضلاً عن أن يكون كأنه يرى الله التي هي المنزلة العليا، لا أقل من أن يعتقد ويجزم ويعتقد أن الله يراه.
(قوله: «يُكفرُ الله» هو بضم الراء؛ لأن «إذا» وإن كانت من أدوات الشرط، لكنها لا تجزم)، هذا معروف عند صغار الطلاب، لا تجزم من حيث الإعراب، لكنها من حيث المعنى تجزم، بخلاف [إن] التي تجزم في الإعراب، ومن حيث الحكم لا تجزم. ما معنى هذا الكلام؟
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
(أن) يكون الخبر مشكوكًا فيه، و(إذا) مجزومًا فيه، بينما أثر إن على الفعل الجزم، وأثر إذا على الفعل عدم الجزم.
أنا إن شككت وجدتموني جازمًا وإذا جزمت فإنني لم أجزم
وأنا أعجب من الحافظ حينما يذكر: (هو بضم الراء لأن «إذا» وإن كانت من أدوات الشرط لكنها لا تجزم؛ لأن هذا أمر معروف مقرر عند صغار الطلاب)، وليست من عادته أن يذكر مثل هذا الأمر البيِّن الواضح.
طالب: .......
إذا ما حسن إسلامه تخلف الشرط.
طالب: .......
مما يناسب المعتقد الذي استمر عليه.
(واستعمل الجواب مضارعًا وإن كان الشرط بلفظ الماضي لكنه بمعنى المستقبل، وفي رواية البزار: «كفَّر الله» فواخى بينهما)، يعني كل من الشرط والجزاء بلفظ الماضي. (قوله: «كان أزلفها» كذا لأبي ذر، ولغيره: «زَلَفها»، وهي بتخفيف اللام كما ضبطه صاحب المشارق)، المشارق؟
طالب: مشارق الأنوار.
مشارق الأنوار، لمن؟
طالب: .......
للقاضي عياض؟
طالب: .......
مشارق الأنوار على صحيح الأخبار في الصحيحين غريب الصحيحين والموطأ.
طالب: ....... أليس بقاؤه على الكفر أو دخوله في الإسلام....... هذه البدعة أولى من بقائه على الكفر؟
بلا شك، لكن هذا الوعد العظيم هذا.
طالب: لكن دخوله في التوحيد يا شيخ؟
ما يخالف، لكنه حسن.
طالب: .......
سيجيء الكلام عليه، لا تستعجل.
(كذا ضبطه صاحب المشارق، وقال النووي بالتشديد)، «زلَّفها» (ورواه الدارقطني من طريق طلحة بن يحيى عن مالك بلفظ: «ما من عبد يُسلم فيحسن إسلامه إلا كتب الله له كل حسنة زلَفها، ومحا عنه كل خطيئة زلَفها» بالتخفيف فيهما، وللنسائي نحوه، لكن قال: «أزلَفها»، وزلَّف بالتشديد وأزلَف بمعنًى واحد، نعم أسلف وقدَّم؛ قاله الخطابي.
وقال في المحكم)، والمحيط الأعظم لابن سِيده: (أزلَف الشيء قرَّبه وزلفه مخففًا ومثقلاً قدَّمه، وفي الجامع: الزلفة تكون في الخير والشر)، والجامع في اللغة كما هو معروف للقزاز.
(وقال في المشارق: زلَف بالتخفيف نعم جمع وكسب، وهذا يشمل الأمرين، وأما القُربة فلا تكون إلا في الخير، فعلى هذا تترجح رواية غير أبي ذر)، «أزلَفها» بالهمز، (فعلى هذا تترجح رواية غير أبي ذر)، والمعروف أن ابن حجر يرجح رواية أبي ذر، لكنه ترجيح جملي ليس بكلي، لا يلزم من أن يكون الراوي راجحًا أن يكون في كل لفظة لفظة. (لكن منقول الخطابي يساعدها، وقد ثبت في جميع الروايات ما سقط من رواية البخاري وهو كتابة الحسنات المتقدمة قبل الإسلام.
وقوله: «كتب الله» أمر أن يكتب، وللدارقطني من طريق زيد بن شعيب عن مالك بلفظ: «يقول الله لملائكته: اكتبوا»)، ولا شك أن الفعل يُنسب إلى الآمر به، كما ينسب إلى المباشر له. (فقيل: إن المصنف أسقط ما رواه غيره عمدًا؛ لأنه مشكِل على القواعد)، (لأنه مشكِل على القواعد) كتابة الحسنات المتقدمة قبل الإسلام، أسقطه البخاري، لماذا؟ لأنه كيف تُكتب حسنات وشرطها مفقود؟
طالب: .......
شرطها مفقود.
طالب: ما دام الشرط ما وُجد فلا تكتب، إن وُجد الشرط.......
لأن الشرط أن يكون مسلمًا.
طالب: نعم نعم.
هل يُقبل عمل من كافر؟ هذه قاعدة أنه ما يُقبل عمل من كافر: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23].
طالب: .......
هذا كلام ابن حجر، نحن نفسِّر كلامه حينما قال: (لأنه مشكل على القواعد)، ووجه إشكاله على القواعد أن الكافر عمله هباء منثور، فكيف يقال: تكتب الحسنات المتقدمة قبل الإسلام، أسلمت على ما أسلفت من خير، هذا مشكل على القواعد، هذا وجه الإشكال، نحن نقرِّر وجه الإشكال وسيجيب المؤلف.
(فقيل: إن المصنف أسقط ما رواه غيره عمدًا؛ لأنه مشكل على القواعد، وقال المازري: الكافر لا يصح منه التقرب، فلا يثاب على العمل الصالح الصادر منه في شِركه؛ لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفًا لمن يتقرب إليه، والكافر ليس كذلك. وتابعه القاضي عياض على تقرير هذا الإشكال، واستضعف ذلك النووي فقال: الصواب الذي عليه المحققون، بل نقل بعضهم فيه الإجماع، أن الكافر إذا فعل أفعالاً جميلةً كالصدقة وصلة الرحم ثم أسلم ومات على الإسلام، أن ثواب ذلك يُكتب له، وأما دعوى أنه مخالف للقواعد فغير مسلَّم؛ لأنه قد يُعتد ببعض أفعال الكافر في الدنيا ككفارة الظهار فإنه لا يلزمه إعادتها إذا أسلم وتُجزئه، انتهى.
والحق أنه لا يلزم من كتابة الثواب للمسلم في حال إسلامه تفضلاً من الله وإحسانًا أن يكون ذلك لكون عمله الصادر منه في الكفر مقبولاً)، يعني من باب الترغيب له في الإسلام، يكون من باب الترغيب له في الإسلام، كمن أسلم قبل قسمة تركة مورثه الكافر، أسلم قبل قسمة تركته، هو كافر ثم أسلم، والمورث مسلم، فإنه يورث ترغيبًا له في الإسلام. (والحديث إنما تضمن كتابة الثواب ولم يتعرض للقبول).
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
لا، القبول له شروط، والثواب تفضل من الله -جَلَّ وعَلا-.
طالب: .......
فضل من الله -جَلَّ وعَلا-؛ ترغيبًا له في الإسلام يثيبه ولو لم يقبل عمله لتخلف شرطه.
طالب: يعني هو يا شيخ أثر المقاصد؟
ماذا؟
طالب: .......
كيف؟
لكنه مات، الميت المسلم ووارثه كافر، ثم أسلم هذا الكافر قبل قسمة التركة.
طالب: .......
أنت تسأل أم تصحح؟
طالب: لا يا شيخ.......
أسلم متى؟ قبل موت مورثه.
طالب: نعم.......
لا، ما يرث، ماذا؟
طالب: .......
لا يرث، هذا لا يرث.
طالب: أعرف يا شيخ أنه ما يرث.
أنت تريد أن يرث ترغيبًا له في الإسلام.
طالب: .......
والله....... ما يورثونه، متفقون على عدم توريثه.
طالب: .......
نعم هذا الكلام الذي نقوله.
(ويحتمل أن يكون القبول يصير معلقًا على إسلامه فيُقبل ويثاب إن أسلم وإلا فلا، وهذا قوي)، يعني أمور تعلق والله -جَلَّ وعَلا- لا تخفى عليه العواقب، يعني مثل ما يقال: من وصل رحمه زاد عمره وبسط له في رزقه، فيبقى زيادة العمر والبسط في الرزق معلقًا بالصلة.
طالب: .......
على كل حال الدعوة سببها تخفيف العذاب بشفاعة النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- له؛ بسبب حياطته وعنايته ودفاعه عن الإسلام وعن النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.
طالب: .......
لكن من الذي يشفع له؟ انتهت الشفاعة، هباء منثور.
طالب: والمقاصد يا شيخ في هذا ما لها أثر؟
كيف؟
طالب: إذا كان الكافر يحسن ويصل الرحم ويعطي المساكين والقصد دنيوي، هم يقال إنه يثاب هذا.......
ما هذا؟ يمكن أنه تقرب إلى الله؟ في غير هذا القصد؟
طالب: لا، الآن يقال: يثاب جزاء لفعله، يثاب لكنه ثواب دنيوي، أما القبول فإن أسلم وحسن إسلامه.
هذا الذي قرره الحافظ.
طالب: نعم هذا يستنبط.......
هذا الذي قرره.
(وقد جزم بما جزم به النووي إبراهيم الحربي وابن بطال وغيرهما من القدماء، والقرطبي وابن المنير من المتأخرين، قال ابن المنير: المخالف للقواعد دعوى أن يُكتب له ذلك في حال كفره، وأما أن الله يضيف إلى حسناته في الإسلام ثوابَ ما كان صدر منه مما كان يظنه خيرًا فلا مانع منه، كما لو تفضل عليه ابتداءً من غير عمل، وكما يتفضل على العاجز بثواب ما كان يعمل وهو قادر، فإذا جاز أن يُكتب له ثواب ما لم يعمل ألبتة جاز أن يُكتب له ثواب ما عمله غير موفَّى الشروط. وقال ابن بطال).
طالب: .......
نعم لكن هذا في حال إسلامه، الشرط موجود، وهنا موضوع البحث الشرط مفقود.
(وقال ابن بطال: لله أن يتفضل على عباده بما شاء، ولا اعتراض لأحد عليه)، الله -جَلَّ وعَلا- لا يُسأل عما يفعل، (واستدل غيره بأن من آمن من أهل الكتاب يؤتى أجره مرتين كما دل عليه القرآن والحديث الصحيح، وهو لو مات على إيمانه الأول لم ينفعه شيء من عمله الصالح، بل يكون هباءً منثورًا، فدل على أن ثواب عمله الأول يُكتب له مضافًا إلى عمله الثاني، وبقوله -صلى الله عليه وسلم- لما سألته عائشة عن ابن جدعان وما كان يصنعه من الخير هل ينفعه؟ فقال: «إنه لم يقل يومًا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين»، فدل على أنه لو قالها بعد أن أسلم نفعه ما عمله في الكفر)، (فدل على أنه لو قالها بعد أن أسلم) لكن هل هو أسلم؟ لا، ما أسلم، إذًا ما معنى هذا الكلام؟ (فدل على أنه لو قالها بعد أن أسلم نفعه ما عمله في الكفر)؟
طالب: .......
نعم نعم، قوله: «رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» ما يُتصور أن يقولها إلا بعد أن يُسلم.
(قوله: «وكان بعد ذلك القصاص»).
طالب: .......
وما هي؟
طالب: .......
إذا أسلم تكتب، نعم إن شاء الله.
طالب: .......
سيئاته لا، حسناته.
طالب: سيئاته.
لا، سيئاته، الخلاف في الحسنات.
طالب: .......
لا لا لا، لا.
طالب: .......
حسناته تكتب إن شاء الله.
طالب: .......
تكتب حسنة واحدة، مثل الحسنات المبدلة من سيئات تُكتب حسنة واحدة؛ لأن البدل له حكم المبدل، ولذلك ينحل الإشكال الذي يورده بعضهم أنه لو وُجد شخصان عاشا سبعين سنة مثلاً، وهذا عمره معمور بالطاعات وهذا عمره معمور بالجرائم والمنكرات إلا أنه تاب في آخر عمره، هنا تُبدل سيئاته حسنات، لكن هل يكون مثل ذاك؟ ذاك حسناته أصلية ومضاعفة، وهذا حسناته منقلبة عن سيئات، والسيئة لا تضاعف فبدلها لا يضاعف، وبهذا يظهر العدل الإلهي. شيخ الإسلام -رَحِمَهُ اللهُ- كأنه يميل إلى أنها تضاعف، وما المانع أن يصيروا سواءً؟
طالب: ....... جاء بأثر رواه ابن ماجه وبعض أهل السنن.
ماذا يقول؟
طالب: أنه «يتمنى العاصي أنه ازداد من عصيانه».
نعم؛ لأنها صارت حسنات، ولو غير مضاعفة زين.
طالب: نعم، استنبط من هذا الحديث.
على كل حال، لو هي غير مضاعفة فزين أن تصير حسنات.
طالب: .......
نعم، لكن بالنسبة للعدد، سيئات، جرائم، منكرات، العمر معمور بهذه الجرائم والمنكرات ثم تاب.
طالب: .......
تاب وعمل عملاً صالحًا، يبدل الله سيئاته حسنات، لكن حسناته مقدارها مثل مقدار حسنات العابد الذي منذ ما ظهر ما له صبوة ولا شيء؟
طالب: .......
لا، مسألة ثانية، لكن أيضًا حتى لو ساوينا بينهما في عدد الحسنات ولو قلنا: إنها غير متساوية في الكيف، هذا ما يناسب. شخص منذ أن نشأ وهو في طاعة الله -جَلَّ وعَلا- وفي نفع عباده، مثل شخص مؤذٍ؟
طالب: .......
المهم أن العدد واحد، السيئات تنقلب حسنات، وتضاعف مثل العابد هذا.
طالب: .......
ما هو بأسلم، هذا منذ ولد وهو على الطاعة، وهذا منذ ولد وهو على الفجور والمعاصي، وعاشوا سبعين وماتوا جميعًا.
طالب: .......
هذا أسلم على ما أسلف من خير، هذا ما أسلف خيرًا، فرق بينهم.
طالب: .......
يعني كل جرائمه وكفره، «الإسلام يهدم ما كان قبله» ويكفي.
طالب: .......
المقصود أن فضل الله واسع ولا يُحد.
(قوله: «وكان بعد ذلك القصاص» نعم كتابة المجازاة في الدنيا، وهو مرفوع بأنه اسم كان، ويجوز أن تكون كان تامةً وعبَّر بالماضي لتحقق الوقوع فكأنه وقع)، يعني وُجد القصاص وانتهى، كأنه وقع. (كقوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 44])، يعني مثل: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1]. ({وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 44].
وقوله: «الحسنة» مبتدأ، و«بعشر» الخبر، والجملة استئنافية. وقوله: «إلى سبعمائة» متعلق بمقدر، نعم منتهية)، إلى سبعمائة، (وحكى الماوردي أن بعض العلماء أخذ بظاهر هذه الغاية فزعم أن التضعيف لا يتجاوز سبعمائة، ورُد عليه بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261]، والآية محتملة للأمرين، فيحتمل أن يكون المراد أنه يضاعف تلك المضاعفة بأن يجعلها سبعمائة، ويحتمل أنه يضاعف السبعمائة بأن يزيد عليها، والمصرح بالرد عليه حديث ابن عباس المخرَّج عند المصنف في الرقاق ولفظه: «كتب الله له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة»)، هو ما أشار إلى الحديث الذي ذكرناه، والعادة أنه يذكره.
طالب: .......
ما هو؟
طالب: .......
هذا مجمل، ما فيه بيان محدد، ما فيه عدد محدد.
(قوله: «إلا أن يتجاوز الله عنها»، زاد سمويه في فوائده: إلا أن يغفر الله وهو الغفور. وفيه دليل على الخوارج وغيرهم من المكفِّرين بالذنوب والموجبين لخلود المذنبين في النار، فأول الحديث يَرد على من أنكر الزيادة والنقص في الإيمان؛ لأن الحُسن تتفاوت درجاته، وآخره يرد على الخوارج والمعتزلة).
قال: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا»".
(قوله: "عن همام" هو ابن منبه، وهذا الحديث من نسخته المشهورة)، صحيفة همام بن منبه، وهي مشتلمة على جمل أكثر من مائة وثلاثين جملة أوردها الإمام أحمد في موضع واحد؛ لأن ترتيبه يساعد على أسانيد الصحابة، أوردها في مسند أبي هريرة؛ لأن سندها واحد وهي مروية على أنها صحيفة واحدة. وفرقها البخاري ومسلم فرق هذه الجملة في أبوابها التي تستنبط منها أحكامها، فالبخاري يأتي بالسند ثم يأتي بالجملة الأولى منها: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة»، ثم يأتي بما يريده من جملها بما يناسب الباب، يأتي بالجملة الأولى البخاري، ثم يعطف عليها ما يريد ويترك الباقي.
طريقة مسلم: إذا أورد الإسناد عن همام عن أبي هريرة فذكر أحاديث منها ثم يقتصر على ما يريد.
(وهذا الحديث من نسخته المشهورة المروية بإسناد واحد عن عبد الرزاق عن معمر عنه، وقد اختلف العلماء في إفراد حديث من نسخة هل يساق بإسنادها ولو لم يكن مبتدأً به أو لا؟ فالجمهور على الجواز، ومنهم البخاري)، إذا كان الحديث مشتملاً على جمل مروية بإسناد واحد، فأنت تذكر هذا الإسناد وتقتصر من الجمل على ما تريد وتترك ما لا تريد، يعني كما أنك تقول: قال الله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]، لا يلزم أن تأتي بما قبلها: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، ولا بما بعدها، وتقول: قال الله تعالى، وهذا أولى، إذا جاز هذا في القرآن فغيره من باب أولى.
(فالجمهور على الجواز، ومنهم البخاري، وقيل: يمتنع، وقيل: يبدأ أبدًا بأول حديث ويذكر بعده ما أراد، وتوسط مسلم فأتى بلفظ يُشعر بأن المفرد من جملة النسخة، فيقول في مثل هذا إذا انتهى الإسناد فذكر أحاديث منها كذا، ثم يذكر نعم حديث أراد منها)، لكن البخاري في مواضع من صحيحه يذكر منها ما يريد ويتقدمه في الجملة الأولى: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة».
(قوله: «إذا أحسن أحدكم إسلامه» كذا له ولمسلم ولغيرهما، ولإسحاق بن راهويه في مسنده عن عبد الرزاق: «إذا حسن إسلام أحدكم»، وكأنه رواه بالمعنى؛ لأنه من لازمه، ورواه الإسماعيلي من طريق ابن المبارك عن معمر كالأول. والخِطاب بـ«أحدكم» بحسب اللفظ للحاضرين)، يعني هل يختص بالمخاطبين أو يشمل غيرهم؛ لأن خطابه -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- للواحد خطاب للجميع؟
(لكن الحكم عام لهم ولغيرهم باتفاق وإن حصل التنازع في كيفية التناول أهي بالحقيقة اللغوية أو الشرعية أو بالمجاز)، لكنها حقيقة شرعية دل الشرع على هذا، وإلا اللغة على أنه لا يخاطب الغائب بخطاب المخاطب الحاضر.
(قوله: «فكل حسنة» ينبئ أن اللام في قوله في الحديث الذي قبله: «الحسنة بعشر أمثالها» للاستغراق)؛ لأنه صح أن يوضع مكانها: كل، مثل: الحمد لله، إذا وضعت مكانها: كل حمد فهو لله، صح. إذًا هي للاستغراق.
(قوله: «بمثلها»، زاد مسلم وإسحاق والإسماعيلي في روايتهم: «حتى يلقى الله -عز وجل-»).
اللهم صل على محمد،
نعم.
طالب: .......
ما هو؟
طالب: مسألة كونه يدخل في دين مبتدعة ثم يهدم له ما كان في الكفر، أن التوحيد.......؟
إذا كان فاسقًا، أسلم واستمر فاسقًا.
طالب: التوحيد النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: .......
لحظة لحظة، أسلم وصار مستمرًّا على شرب الخمر مثلاً، هل يقال: حسن إسلامه؟
طالب: ما حسن.
أليس هذا الشرط في الحديث قيدًا؟
طالب: بلى.
البدعة أشد من شرب الخمر.
طالب: النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما قبله، والجهاد يهدم ما قبله، والحج يهدم ما قبله»؟
إذًا ألغى القيد هذا «وحسن إسلامه».
طالب: نبغي الجمع بين.......
حديث «أما علمت يا عمرو» مقيد بما ورد في هذا الحديث.
طالب: على حسن إسلامه؟
بلا شك، القيد معتبر.
طالب: .......
كيف؟
طالب: .......
لأنه مُصر عليه، مُصر عليه، مع الإصرار يعني.
نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
"بَابٌ: أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَدْوَمُهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنها-، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: فُلاَنَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا، قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا». وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ".
قال -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابٌ: أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، قَالَ: «مَنْ هَذِهِ؟» قَالَتْ: فُلاَنَةُ، تَذْكُرُ مِنْ صَلاَتِهَا، قَالَ: «مَهْ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَوَاللَّهِ لاَ يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا». وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ".
جاء في تسميتها أنها الحولاء بنت توَيت، وأنها تضع حبلاً إذا غشاها النوم تتعلق به، فشقت على نفسها؛ ولذا قيل لها: «مه»، يعني: اُكفف.
(قوله: "باب أحب الدين إلى الله أدومه"، مراد المصنف الاستدلال على أن الإيمان يطلق على الأعمال؛ لأن المراد بالدين هنا العمل، والدين الحقيقي هو الإسلام، والإسلام الحقيقي مرادف للإيمان)، الدين أشمل من الإسلام والإيمان والإحسان؛ لأن جبريل لما سأل النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- عن الثلاثة، قال: «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم»، فالدين يشمل الحقائق الثلاث: الإسلام والإيمان والإحسان. وإن كان الإسلام والإيمان مترادفين عند المصنف عند البخاري، لكن جمهور أهل السنة على أن بينهما فرقًا في المعنى إذا اجتمعا، إذا اجتمعا في الذكر حُمل الإسلام على حقيقة، وحمل الإيمان على حقيقة، حُمل الإسلام على الأعمال الظاهرة، والإيمان على الأعمال الباطنة، وإذا افترقا اجتمعا، فإذا جاء مدح المسلم دخل فيه المؤمن، وإذا جاء مدح المؤمن دخل فيه المسلم.
(والإسلام الحقيقي مرادف للإيمان، فصح بهذا مقصوده ومناسبته لما قبله من قوله: «عليكم بما تطيقون»؛ لأنه لما قدم أن الإسلام يحسن بالأعمال الصالحة، أراد أن ينبه على أن جهاد النفس في ذلك إلى حد المغالبة غير مطلوب، وقد تقدم بعض هذا المعنى في "باب الدين يسر"، وفي هذا ما ليس في ذاك على ما سنوضحه إن شاء الله تعالى.
قوله: "حدثنا يحيى" هو ابن سعيد القطان، "عن هشام" هو ابن عروة بن الزبير.
قوله: «فقال: من هذه؟»، للأصيلي: «قال: من هذه؟» بغير فاء، ويوجَّه على أنه جواب سؤال مقدَّر، كأن قائلاً قال: ماذا قال حين دخل؟ قالت: قال من هذه؟
قوله: "قلت فلانة" هذه اللفظة كناية عن كل عَلم مؤنث فلا ينصرف)، كما أن فلانًا كناية عن كل عَلم مذكر، مع أنه يجوز عند بعض العرب أن يقال أن يذكَّر الفعل لفلانة، حكى سيبويه قال فلانة؛ لأنه لا يعني حقيقة محددة معينة، فهو بالمجاز أقرب منه إلى الحقيقة، فيذكَّر الفعل له ويؤنث.
(زاد عبد الرزاق عن معمر عن هشام في هذا الحديث: حسنة الهيئة. قوله: "تَذكُر" بفتح التاء الفوقانية والفاعل "عائشة"، ورُوي بضم الياء التحتانية على البناء لما لم يُسم فاعله)، يعني: يُذكَر (أي: يَذكرون أن صلاتها كثيرة، ولأحمد عن يحيى القطان: لا تنام، تصلي. وللمصنف في كتاب صلاة الليل معلقًا عن القعنبي عن مالك عن هشام، وهو موصول في الموطأ للقعنبي وحده)، يعني دون سائر رواة الموطأ، وعدتهم سبعة عشر راويًا، (في آخره: لا تنام بالليل. وهذه المرأة وقع في رواية مالك المذكورة أنها من بني أسد، ولمسلم من رواية الزهري عن عروة في هذا الحديث أنها الحَوْلاء بالمهملة والمد وهو اسمها، بنت تُويت بمثناتين مصغرًا، ابن حَبيب بفتح المهملة، ابن أسد بن عبد العزى من رهط خديجة أم المؤمنين -رضي الله عنها-.
وفي روايته أيضًا: وزعموا أنها لا تنام الليل، وهذا يؤيد الرواية الثانية في أنها نقلت عن غيرها)، (أنها) يعني عائشة (نقلت) الخبر (عن غيرها): يُذكر، أو: يَذكرون.
(فإن قيل: وقع في حديث الباب، حديث هشام دخل عليها وهي عندها، وفي رواية الزهري أن الحولاء مرت بها، فظاهره التغاير)، حتى لو كانت موجودة، لا يلزم من وجودها عند عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنها- أن تصرح بأنها كانت تقوم الليل ولا تنام، لكن عائشة سمعت الخبر من غيرها. (وفي روايته أيضًا: وزعموا أنها لا تنام الليل، وهذا يؤيد الرواية الثانية في أنها نقلت عن غيرها.
فإن قيل: وقع في حديث الباب حديث هشام دخل عليها وهي عندها، وفي رواية الزهري أن الحولاء مرت بها، فظاهره التغاير، فيحتمل أن تكون المارة امرأةً غيرها من بني أسد أيضًا أو أن قصتها تعددت)، يعني مرةً مرت، ومرة مكثت.
(والجواب: أن القصة واحدة، ويبين ذلك رواية محمد بن إسحاق عن هشام في هذا الحديث، ولفظه: مرت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحولاء بنت تويت، أخرجه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له، فيُحمل على أنها كانت أولاً عند عائشة، فلما دخل -صلى الله عليه وسلم- على عائشة قامت المرأة كما في رواية حماد بن سلمة الآتية، فلما قامت لِتَخرج مرت به في خلال ذهابها فسأل عنها، وبهذا تجتمع الروايات.
تنبيه: قال ابن التِّين: لعلها أمنت عليها الفتنة، فلذلك مدحتها في وجهها)، (فلذلك مدحتها في وجهها) لعل عائشة أرادت أن تعرف حكم إحياء الليل كله لتفعله إن كان محمودًا، أو لتتركه الحولاء إن كان مذمومًا، ولا يمنع هذا.
طالب: .......
على كل حال هذا زيادة على المشروع، ويخشى منه أن يترك، والنبي وجَّهها، والتصوف ما يلزم أن يكون في كل ما أصله مشروع، التصوف فيه نوع ابتداع اختراع، هذه ما جاءت يشيء جديد، تصلي ركعتين ركعتين إلى أن تصبح.
طالب: .......
هذه زيادة على القدر المشروع، لكن ما هو بتصوف كامل، زيادة عبادة، التصوف مصحوب بابتداع واختراع، شيء لم يُشرع أصله.
طالب: .......
إن كان عندها خبر سابق بأن هذا الفعل مذموم، لكن ما يُدرى، يمكن أن تعرف الحكم إن كان ممدوحًا تفعله عائشة ما المانع؟ وإن كان مذمومًا تنتهي عنه الحولاء.
طالب: .......
(قلت: لكن رواية حماد بن سلمة عن هشام في هذا الحديث تدل على أنها ما ذكرت ذلك إلا بعد أن خرجت المرأة، أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده من طريقه، ولفظه: كانت عندي امرأة فلما قامت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من هذه يا عائشة؟»، قلت: يا رسول الله، هذه فلانة وهي أعبد أهل المدينة، فذكر الحديث.
قوله: «مه» قال الجوهري: هي كلمة مبنية على السكون، وهي اسم سمي به الفعل)، يسمونها اسم فعل، (والمعنى اكْفُف، يقال: مهمهته إذا زجرته، فإن وصلت نونت فقلت: مَهٍ. وقال الداودي: أصل هذه الكلمة ما هذا؟ كالإنكار، فطرحوا بعض اللفظة فقالوا: مَهْ، فصيروا الكلمتين كلمةً)، يعني مثل ما يقولون: أيش، أي شيء هذا؟ يقولون: أيش هذا؟
(وهذا الزجر يحتمل أن يكون لعائشة، والمراد نَهيها عن مدح المرأة بما ذكرت، ويحتمل أن يكون المراد النهي عن ذلك الفعل، وقد أخذ بذلك جماعة من الأئمة فقالوا: يكره صلاة جميع الليل كما سيأتي في مكانه)، النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول: «لكني أصلي، وأنام»، وما عُرف عنه أنه قام ليلة كاملة إلا أن يكون في العشر يُحيي ليله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-. (قوله: «عليكم بما تطيقون» نعم اشتغلوا من الأعمال بما تستطيعون المداومة عليه، فمنطوقه يقتضي الأمر بالاقتصار على ما يطاق من العبادة، ومفهومه يقتضي النهي عن تكلف ما لا يطاق.
وقال القاضي عياض: يحتمل أن يكون هذا خاصًّا بصلاة الليل، ويحتمل أن يكون عامًّا في الأعمال الشرعية).
«اكلفوا من العمل»، «عليكم من العمل بما تطيقون»، فالعمل أشمل من أن يكون الصلاة، يشمل جميع الأعمال. (ويحتمل أن يكون عامًّا في الأعمال الشرعية.
قلت: سبب وروده خاص بالصلاة، ولكن اللفظ عام، وهو المعتبر)؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
(وقد عبر بقوله: «عليكم» مع أن المخاطب النساء؛ طلبًا لتعميم الحكم، فغُلبت الذكور على الإناث)، وعرفنا أن المرأة تدخل في خطاب الرجل إلا ما دل الدليل على تخصيص الرجال به.
(قوله: «فوالله» فيه جواز الحلف من غير استحلاف، وقد يستحب إذا كان في تفخيم أمر من أمور الدين أو حث عليه أو تنفير من محذور)، وحصرت الأمور التي حلف عليها النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- فبلغت ثمانين، يعني حلف -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- في ثمانين موضعًا. (قوله: «لا يمَل الله حتى تمَلوا» هو بفتح الميم في الموضعين)، أي: «يمَل»، و«تمَلوا»، (والمَلال استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته، وهو محال على الله تعالى باتفاق، قال الإسماعيلي وجماعة من المحققين: إنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازًا كما قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] وأنظاره)، يعني نظائره، أن يكون هذا من باب المشاكلة، ولا يقصد به حقيقة اللفظ، ولو قيل: إن سبب هذا الكلام تصور ملال المخلوق، فاضطروا إلى نفيه كما نفوا الصفات الثابتة التي أثبتها سلف هذه الأمة، وإذا قلنا: مَلل يليق بجلاله وعظمته غير مشابه لملل المخلوق، فقد أثبته له نبيه -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وله وجه.
طالب: .......
ما هو؟
الملل على ما يليق بجلاله وعظمته.
طالب: .......
طيب، الملل مثل ما نقول بالاستهزاء أو السخرية: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15]، {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79]، إلى آخره، من الصفات: الهرولة ما معناها؟ أمور واضحة لا تحتاج إلى تفسير معنى، وتفسير معناه يفضي إلى بيان كيفيتها، فإذًا يُسد الباب.
طالب: .......
ما هو؟
طالب: .......
طيب السخرية؟
طالب: .......
الاستهزاء، المكر والكيد، تريد أن تنفيهم؟
طالب: .......
ماذا؟
طالب: .......
ما هو؟
طالب: .......
على كل حال مثل هذه الصفات التي يختلف فيها السلف الأمر فيها سعة، أما الصفات التي يجمعون عليها فليس لأحد أن يناقش.
طالب: .......
نعم. يعني ما فيه فرق بين الصفات المثبتة والصفات المنفية، لكنه نفي مرتب على ما لا بد من وقوعه، فكأنه مثبت، إذا رتبت أمرًا نفيت أمرًا، ورتبت النفي على أمر لا بد من وقوعه فكأنك أثبته. ظاهر؟
طالب: ظاهر.
طيب.
(قال القرطبي: وجه مجازه أنه تعالى لما كان يقطع ثوابه عمن يقطع العمل ملالاً عُبر عن ذلك بالملال من باب تسمية الشيء باسم سببه، وقال الهروي: معناه لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فتزهدوا في الرغبة إليه، وقال غيره: معناه لا يتناهى حقه عليكم في الطاعة حتى يتناهى جهدكم. وهذا كله بناءً على أن «حتى» على بابها في انتهاء الغاية وما يترتب عليها من المفهوم، وجنح بعضهم إلى تأويلها فقيل معناه: لا يمل الله إذا مللتم)، مثل ما يقال: فلان خطيب لا ينقطع حتى ينقطع خصمه، يعني إذا انقطع خصمه انقطع وما صار له عليه مزية، لكن معناه ولو انقطع خصمه.
(معناه: لا يمل الله إذا مللتم، وهو مستعمل في كلام العرب يقولون: لا أفعل كذا حتى يبيض القار، أو حتى يشيب الغراب، ومنه قولهم في البليغ: لا ينقطع حتى ينقطع خصومه؛ لأنه لو انقطع حين ينقطعون لم يكن له عليهم مزية، وهذا المثال أشبه من الذي قبله؛ لأن شيب الغراب ليس ممكنًا عادةً بخلاف الملل من العابد، وقال المازري: قيل إن «حتى» هنا بمعنى الواو فيكون التقدير: لا يمل وتملون، فنَفى عنه الملل وأثبته لهم، قال: وقيل: «حتى» بمعنى حين، والأول أليق وأجرى على القواعد، وأنه من باب المقابلة اللفظية، ويؤيده ما وقع في بعض طرق حديث عائشة بلفظ: «اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل»)، «لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل» فيه جديد هذا؟ الملل موجود.
(لكن في سنده موسى بن عبيدة)، الربذي (وهو ضعيف، وقال ابن حبان في صحيحه: هذا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطَب أن يعرف القصد مما يخاطَب به إلا بها، وهذا رأيه في جميع المتشابه)، والإشكال أن منهم من يجعل الصفات من المتشابه، ونسب لمالك ولا يثبت عنه.
(قوله: «أحب»، قال القاضي أبو بكر بن العربي: معنى المحبة من الله تعلُّق الإرادة بالثواب، نعم أكثر الأعمال ثوابًا أدومها) إليه، وعلق الشيخ تفسير المحبة بإرادة الثواب، علق الشيخ ابن باز على هذا قال: هذا من تأويل الباطن، والحق الذي عليه أهل السنة أن معنى المحبة غير معنى الإرادة، والله -سُبحانه وتعالى- موصوف بها على الوجه الذي يليق به، فمحبته لا تشابه محبة خلقه، كما أن إرادته لا تشابه إرادة خلقه، وهكذا سائر صفاته كما قال -جَلَّ وعَلا-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
طالب: .......
لأنه يحتمل، ما هو مثل هذا المجمع عليه، المحبة مجمع عليها.
(نعم أكثر الأعمال ثوابًا أدومها.
قوله: "إليه"، في رواية المستملي وحده: إلى الله، وكذا في رواية عبدة عن هشام عند إسحاق بن راهويه في مسنده، وكذا للمصنف ومسلم من طريق أبي سلمة، ولمسلم عن القاسم كلاهما عن عائشة، وهذا موافق لترجمة الباب، وقال باقي الرواة عن هشام: وكان أحب الدين إليه، نعم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصرَّح به المصنف في الرقاق في رواية مالك عن هشام، وليس بين الروايتين تخالُف)؛ لأن الأحب إلى الله هو الأحب إلى رسوله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.
(وليس بين الروايتين تخالف؛ لأن ما كان أحب إلى الله كان أحب إلى رسوله)، عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ. (قال النووي: بدوام القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله، بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة)، أنت الآن لو قررت أن تحفظ كل يوم ورقة من القرآن، وخلال سنة تحفظ القرآن، لكن حافظتك لا تسعف، فتجلس لحفظ هذه الورقة الليل والنهار. ثق أنك لن تكمل. لكن لو قرَّرت أن تحفظ كل يوم خمس آيات، ما أتعبت نفسك وأدركت ما تريد وحفظت، لكن زد لك سنتين أو ثلاثًا لا يضر، أحسن لك من أن تنقطع.
(وقال ابن الجوزي: إنما أحب الدائم لمعنيين؛ أحدهما أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمُعرض بعد الوصل، فهو متعرض للذم، ولهذا ورد الوعيد في حق من حفظ آيةً ثم نسيها، وإن كان قبل حفظها لا يتعين عليه، ثانيهما: أن مداوم الخير ملازم للخدمة، وليس من لازم الباب في كل يوم وقتًا ما كمن لازم يومًا كاملاً ثم انقطع.
وزاد المصنف ومسلم من طريق أبي سلمة عن عائشة: وإن أحب الأعمال إلى الله ما دُوِّوم عليه وإن قل).
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: .......
لأنها مختلف فيها، يعني الكلام محتمل بخلاف المحبة، المحبة مجمع عليها.
طالب: .......
ماذا؟
طالب: شرط قبول حسنات الكافر إذا أسلم.......
هو يتقرب به إلى الله.......
"