شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (249)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح.

مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: أحسن الله إليكم، لا زلنا في حديث أنس -رضي الله عنه- في حديث معاذ لما كان رديف النبي- صلى الله عليه وسلم-، في الحلقة الماضية أشرت إلى نقلين: النقل الأول من كتاب تيسر العزيز الحميد، والثاني فتح المجيد، وكلاهما شرح كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب، وكلاهما أيضًا لتلاميذه من أحفاده وممن بعده، الفرق بين هذين الكتابين- أحسن الله إليك-، هل يكتفي من أراد شرح كتاب التوحيد بأحدهما؟ ما المزايا في هذا وهذا قبل ما نستمر في الحديث -أحسن الله إليك-؟

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم، وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 أما بعد،

أولًا: فتح المجيد معوله في الجملة على...

المقدم: التيسير.

التيسير؛ لأنه قبله؛ إلا أن التيسير ما وجد كاملًا، ومع ذلك أكمل من فتح المجيد، ففتح التيسير العزيز الحميد فيه بسط، وفي فتح المجيد أيضًا فوائد انتقاها الشيخ عبد الرحمن بن الحسن من الشروح لا توجد في تيسير، العزيز الحميد فهما ضروريان لطالب العلم، وهناك شرح مختصر، للشيخ عبد الرحمن بن حسن أيضًا اسمه قرة عيون الموحدين.

المقدم: الموحدين.

هذا أيضًا فيه دقائق، ونفائس لا توجد في الشرحين المطولين على اختصاره، وهناك شروح مطولة للمتأخرين أيضًا، ومازال الكتاب محل عناية أهل العلم إلى يومنا هذا، وهو يشرح.

المقدم: نعم، فيه شروح متأخرة يا شيخ سواءً لطلبة العلم أو قدمت في عبر رسائل ماجستير ودكتوراه، اطلعت على شيء منها.

فيه من شروح المتأخرين شرح الشيخ سليمان بن حمدان.

المقدم: نعم، مطبوع كامل.

مطبوع كامل في مجلد لطيف، وشرح تحليلي، وفيه أيضًا ما قد يهمل في بعض الشروح والكلام على المسائل، والكلام على المسائل التي أوردها الإمام المجدد في غاية الأهمية.

المقدم: نعم.

يعني تدل على براعة فائقة من الشيخ، لا يدركها أكثر المتمكنين من طلاب العلم، فضلًا عن المبتدئين والمتوسطين، فالعناية بها في غاية الأهمية، وأذكر أنه سُجل رسائل في المسائل،

المقدم: نعم.

ويصعب أحيانًا الربط بين المأخوذ، والمأخذ في هذه المسائل، كثير من أهل العلم قد لا يدرك الربط بين مأخذ هذه المسألة من الباب.

المقدم: من الباب.

 فإلى حد يقرب من صنيع البخاري في الصحيح.

المقدم: البخاري في التبويب.

نعم هذا يدل على براعة فطريقة الإمام المجدد في كتاب التوحيد هي طريقة البخاري في الصحيح، مقتبسة.

المقدم: في رسالة المؤخرة خدمت الكتاب للدكتور الوليد الفريان اطلعتم عليها هل هي مفيدة لطلبة العلم فيها إضافات، اطلعت عليها يا شيخ؟

أنا أعرف تحقيق الشيخ في فتح المجيد.

المقدم: نعم.

حققه في جزأين.

المقدم: طيب.

وطبعة الشيخ الوليد من أفضل الطبعات الموجودة.

المقدم: جيد.

 نعود إلى ما قاله الشيخ عبد الرحمن في كلام مرتبط به في فتح المجيد يقول -رحمه الله-: سبب هذا القول، والله أعلم، ما حدث في خلافته من كثرة إقبال الناس على الحديث، من كثرة إقبال الناس على الحديث، يعني هل معنى هذا أن في المتأخرين، أو طريقة المتأخرين في الإكثار من الحديث.

المقدم: مأخذ.

مأخذ؟ نعم، مطعن؟ أو.. يعني طعن في المتأخرين للإكثار، أو طعن في المتقدمين في الإقلال.

المقدم: لا يمكن أن يكون الطعن في الأخذ دون أهله دون فهم، فيخشى على هؤلاء.

يعني هل تتصور أن من الصحابة من يحفظ مثل ما يحفظ الإمام أحمد من الحديث؟

المقدم: لا.

حتى قال بعضهم: الخير ينقص، والحديث يزيد؛ يعني من هذا أخذوه.

المقدم: نعم، نعم.

لكن هل معنى هذا أن العلم الذي حفظ وتكفل.. الدين الذي تكفل الله بحفظه، كان مفرقًا بين الصحابة، جمع القرآن بين الصحابة وقت التنزيل.

المقدم: صحيح.

يعني كم جمع القرآن كاملًا من الصحابة؟

المقدم: معدودين.

معدودين، ويقول مثل هذا في السنَّة؛ لأن العلم يأتي تدريجيًّا، يبلغ هذا ولا يبلغ هذا، ويبلغ هذا ما يخفى على هذا والعكس، فما تجد منهم من أحاط بالعلم كله.

المقدم: صحيح.

بينما من المتأخرين لما جُمع العلم وتيسر.

المقدم: أدرك عدد كبير.

أمكنت الإحاطة، ولذلك في سؤال يمكن أن يفاد منه في هذا محمد رشيد رضا في فتاويه سُئل عن شيخ الإسلام ابن تيمية هل هو أعلم من الأئمة الأربعة أم هم أعلم منه؟ نظرًا لإيش؟ لإحاطة شيخ الإسلام بما كتبه الأئمة، وما كتبه أتباعهم.

المقدم: نعم.

نعم وُجد مثل هذا السؤال، وهو لصيق بموضوعنا.

المقدم: بموضوعنا.

قال: شيخ الإسلام باعتبار إحاطته بما كتبه الأئمة وما كتبه أتباعهم؛ هو أشمل منهم من هذه الحيثية، ولذلك تجده يحيط بقول مالك، يحيط بقول أبي حنيفة، لكن بعضهم ما يحيط بقول بعض كما هو معروف. والأئمة وأتباعهم باعتبار أن الفضل لهم عليهم؛ لأنه ما تخرج إلا من كتبهم وكتب أتباعهم.

المقدم: صحيح فهم أفضل.

فهم أفضل منه من هذه الحيثية.

مسألة ثانية: مسألة الإكثار من الكلام، وتشقيق، وتفريع المسائل، والكلام على المسألة الواحدة بالصفحات بدلًا من أن تكون عند السلف بكلمة أو جملة، تجدها عند المتأخرين مبسوطة بمصنف، يعني هل هذا محل مدح وثناء على المتأخرين، وإزراء بالمتقدمين أو العكس؟ يعني هذه مسألة أشار إليها الحافظ ابن رجب- رحمه الله- في فضل علم السلف على الخلف، يقول: علم السلف قليل الكلام، قليل، وعلم مُبارك، نفعه كثير، يقود إلى العمل، وتجد علم الخلف كثيرًا، لكنه أقل بركة من علم السلف، وتجد بعضه يضرب بعضًا فيعوق عن العمل. وعلى كل حال العلم كله خير، ويقول: من مدح عالمًا بكثرة كلامه، بكثرة كلامه على آخر لقلة كلامه، يعني من هذه الحيثية فقط، فقد أزْرَى بالسلف، الذي جرنا إلى هذا أنه انتشر العلم وتوسع بعد الصحابة.

المقدم: بعد الصحابة.

نعم، وتيسرت أسبابه، وحفظ وكتب لكن ماذا عن البركة التي في علم الصحابة، وعملهم ثم التابعين، ثم من يليهم من الأئمة؟ تجد الإمام أحمد يجيب يعجبني، أو لا يعجبني، وتجد شيخ الإسلام يبسط المسألة في مائة صفحة، وأيضًا طبيعة الناس اختلفت الذي يقبل من الإمام أحمد جملة، لا يقبل جملة من شيخ الإسلام، يحتاج إلى... القلوب دُخلت، والشبه انتشرت فلابد من تفنيدها.

المقدم: صحيح.

فهذا هو السبب في كثرة، وانتشار العلم أكثر من ذي قبل.

نعود إلى كلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد، يقول: سبب هذا القول، والله أعلم، ما حدث في خلافته أي يعني في خلافة علي من كثرة إقبال الناس على الأحاديث، وكثرة القصاص، وأهل الوعظ فيأتون في قصصهم بأحاديث لا تعرف من هذا القبيل، فربما استنكرها بعض الناس وردها، وقد يكون لبعضها أثر، أو معنى صحيح، فيقع بعض المفاسد لذلك، فأرشدهم أمير المؤمنين -رضي الله عنهم- إلى أنهم لا يحدثون عامة الناس إلا بما هو معروف ينفع الناس في أصل دينهم، وأحكامه من بيان الحلال، والحرام الذي كلفوا به علمًا، وعملًا، دون ما يشغل عن ذلك ما قد يؤدي إلى رد الحق، وعدم قبوله، فيفضي بهم إلى التكذيب، ولاسيما مع اختلاف الناس في وقته، وكثرة خوضهم، وجدلهم، وقد كان شيخنا المصنف -رحمه الله-.

المقدم: الشيخ محمد.

الشيخ محمد، وقد كان شيخنا المصنف -رحمه الله- لا يحب، لا يحب أن يُقرأ على الناس إلا ما ينفعهم في أصل دينهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم التي لا غنى لهم عن معرفته، وينهاهم عن القراءة في مثل كتب ابن الجوزي، كالمنعش، والمرعش، والتبصرة، لاشك أن مثلها تُوجد رقة في القلب، لكنها تصرف الناس عن الكتاب والسنَّة؛ لأن التعلق بها لا يمنع من النظر فيها أحيانًا كالنظر في كتب ابن رجب، وابن القيم. هذه مهمة، لكن التعلق بها بكتب ابن الجوزي لاسيما وأكثرها مجرد سجع، ومحتوية على أحاديث ضعيفة، بل فيها الموضوع، بينما لا تجد مثل هذا في كتب ابن رجب، وكتب ابن القيم.

يقول: وينهاهم عن القراءة مثل كتب ابن الجوزي كالمنعش، والمرعش، والتبصرة لما في ذلك من الإعراض عما هو أوجب، وأنفع، وفيها ما الله به أعلم مما لا ينبغي اعتقاده، والمعصوم من عصمه الله. ثم قال الشيخ عبد الرحمن، وقد كان أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- ينهى القُصَّاص عن القصص؛ لما في قصصهم من الغرائب والتساهل في النقل، وغير ذلك فهو يقول: لا يقص إلا أمير أو مأمور، يعني مأذونًا لهم من قبل الأمير، وكل هذا محافظة على لزوم المحافظة على الثبات على الصراط المستقيم علمًا، وعملًا، ونيةً، وقصدًا، وترك كل ما كان وسيلة إلى الخروج عنه من البدع ووسائلها، والله الموفق للصواب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 نعم، هذا كلام الشيخ عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله- في كتب ابن الجوزي، هناك كتب أمر الشيخ محمد، وأتباعه بإحراقها؛ لما فيها من الضرر على الاعتقاد.

المقدم: لابن الجوزي

لا، ما هي لابن الجوزي، لغيره، على كل حال، وكتب فيها شيء من النفع، وكانوا ينهون عن قراءتها؛ لما فيها من مخالفات عقدية، وفيها أيضًا، وفيها أيضًا أحاديث يبنى عليها، وهي لا أصل لها.

المقدم: لكن يا شيخ لازم هنا ملحظ مهم، أن المرجع هنا للعلماء الراسخين ليس للطلبة فحسب.

إلامِ؟

المقدم: يعني الذي أمر هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن حوله.

لا الكلام كله أوله وآخره للمرجع لمن يرجع إلى قوله.

المقدم: الآن صار فتح باب للمتعالمين ليحرقوا...

هؤلاء حصل منهم، حصل منهم المضحكات، حصل منهم مضحكات في شرح ابن بطال قال المهلب فيه: إنه يجب أن يخص بالعلم قومًا لما فيهم من الضبط، وصحة الفهم، ولا يبذل المعنى اللطيف لمن لا يستأهله من الطلبة، ومن يخاف عليه الترخص، والاتكال لقصر فهمه، كما فعل -عليه السلام-، وقد قال مالك بن أنس من إذالة العلم، أو من إذالة العالم.. كذا.. أن يجيب كل من سأله، لعله من ذله أو من ذلة العالم كما في شرح ابن بطال، بأن يجيب كل من سأله، وإنما أراد ألا يوضع العلم إلا عند من يستحقه.

حديث معاذ يقول العيني في مطابقته للترجمة، يقول العيني في مطابقة الحديث للترجمة من حيث، من حيث المعنى: وهو أنه -عليه الصلاة والسلام- خص معاذًا بهذه البشارة العظيمة دون قومٍ آخرين مخافة أن يقصروا في العمل مخافة أن يقصروا في العمل متكلين على هذه البشارة، فإن قلت: ترجمة الباب لتخصيص قوم، ترجمة الباب لتخصيص قوم، وما في الحديث دل على تخصيص شخص، وهو معاذ، قلت: المقصود منه: جواز التخصيص إما بشخص أو بأكثر.

المقدم: أو بقول.

قلت: المقصود من جواز التخصيص إما بشخص، وإما بأكثر، وأما أمر اختلاف العبارة فسهل، سواءً قال البخاري: تخصيص قوم أو تخصيص شخص، فسهل، أو نقول: ليس ها هنا مخصوصًا بشخص؛ لأن أنسًا أيضًا سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما دل عليه السياق، كما دل عليه السياق، السياق يقول: حدثنا أنس بن مالك أن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومعاذ رديفه، هو ما ينقل الخبر عن معاذ، إنما يحكي القصة التي حصلت من النبي -عليه الصلاة والسلام- لمعاذ.

المقدم: كأنه سمعها.

فكأنه سمعها، ولذا الحديث من مسند أنس، وليس من مسند معاذ.

المقدم: لكنه رواه معاذ أيضًا في مواضع أخرى.

نعم معروف، أحيانًا يكون من حديث معاذ، وأحيانًا من حديث أنس؛ لأن أنسًا أيضًا سمعه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كما دل عليه السياق، وأقل اسم الجمع اثنان، أو معاذ كان أمة قانتًا لله حنيفًا، قاله ابن مسعود -رضي الله عنه-، وقيل له يا عبد الرحمن إن إبراهيم كان أمة قانتًا، قال: إنا كنا نشبه معاذًا بإبراهيم- عليه السلام- فكأنه قوم ليس بشخص واحد.

المقدم: -رضي الله عنه- هو الذي اهتز لموته عرش الرحمن.

سعد.

المقدم: هذا سعد بن معاذ. نعم. لكن أعلم الأمة بالحلال، والحرام بلا شك.

لكنه أعلم الأمة بالحلال والحرام بلا شك - رضي الله عنه-.

كان معاذ هو ابن جبل بن عمر بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن، من أعيان الصحابة شهد بدرًا وما بعدها، وكان إليه المنتهى في العلم في الأحكام، في الحلال والحرام، والقرآن، مات بالشام سنة ثماني عشرة، مات بالطاعون، طاعون عمواس.

 رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الرديف كما في المصباح الذي تحمله خلفك، الذي تحمله خلفك على ظهر الدابة، تقول: أردفته إردافًا، تقول: أردفته إردافًا، وارتدفته فهو رديف وردف، ومنه ردف المرأة وهو عجزها، والجمع أرداف، واستردفته سألته أن يردفني، وأردفت الدابة وأردفت الدابة ورادفت إذا قبلت الرديف، وقويت على حمله، وجمع الرديف رداف على غير قياس، وقال الزجاج: ردفتَ الرجل بالكسر إذا ركبت خلفه، وأردفته إذا أركبته خلفك، ردفت الرجل بالكسر إذا ركبت خلفه، وأردفته إذا أركبته خلفك، وردفته بالكسر لحقته، وتبعته، ردفته لحقته وتبعته، وترادف القوم تتابعوا، وكل شيء تبع شيء فهو ردفه.

المقدم: نعم.

وفي المفردات الردف التابع. المفردات لمن؟

المقدم: الراغب.

للراغب، نعم في غريب القرآن.

المقدم: .. القرآن.

وفي المفردات: الردف التابع، وردف العجوز، وردف المرأة عجيزتها، وردف المرأة عجيزتها، والترادف التتابع، والرادف المتأخر، والمردف المتقدم الذي أردف غيره، قال تعالى: فاستجاب لكم ربكم، فاستجاب لكم.

المقدم: لهم.

أني ممدكم، نعم.

المقدم: هناك..

 أني ممدكم بألف.. فاستجاب لكم..

{فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9]

قال أبو عبيدة: مردفين جائين بعده.

المقدم: نعم.

جائين بعده، فجعل ردف وأردف بمعنى واحد، وأنشد:

                إذا الجوزاء أردفت الثريا

 وقال غيره: معناه مردفين ملائكة أخرى، مردفين ملائكة أخرى، فعلى هذا يكون ممدين بألفين من الملائكة.

المقدم: {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9]، {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9].

{فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9] كم يكون العدد؟

المقدم: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} [الأنفال:9] الاستغاثة الأولى كانت...

لا، الآن من خلال الآية بألف من الملائكة مردفين، مردفين لكم يعني يركبون خلفكم أو هم مردفين كل واحد..

المقدم: كل واحد معه واحد.

كل واحد معه واحد.

المقدم: إذا هكذا يكون ألفان.

نعم، وقال غيره: معناه مردفين ملائكة أخرى، وعلى هذا يكونون ممدين بألفين من الملائكة، وقيل عني بـ مردفين: المتقدمين للعسكر، المردفين المتقدمين للعسكر، يلقون في قلوب العدا الرعب، وقرئ: مردَفين أي أردف كل إنسان ملكًا، ومردَفين يعني مرتدفين، فأدغم التاء في الدال، وطرح حركة التاء على الدال، انتهى.

 سبق أن ذكرنا أن هناك من صنف فيمن أردفه.. من أردفه النبي -عليه الصلاة والسلام-.

المقدم: -عليه الصلاة والسلام-، صحيح.

نعم، وبلغوا أكثر من ثلاثين من الصحابة من أردفهم النبي -عليه الصلاة والسلام-. وفي ذلك جواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك، وهذا أيضًا تقدم، الآن معاذ رديف النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا كانت الدابة تطيق هذا فعل المعصوم -عليه الصلاة والسلام-، هل يجوز إرداف ثالثًا؟

المقدم: إذا تطيق.

إذا كانت تطيق فما المانع؟! وكم من اثنين، أو ثلاثة، أو أربعة في مقام واحد، أو اثنين؛ لأن هذا يتبع ثقل الراكب من جهة، وقوة تحمل المركوب، فلا حد حينئذ. يرد على هذا مما أثرناه في دروس مضت تحميل...؛ الآن هذا في الدابة التي تتألم، لكن إذا كانت سيارة مثلًا أو شاحنة.

المقدم: يقول: تتأثر الطريق.

تتأثر الطريق، تتأثر الشاحنة، لا شك أنها إن حملت أكثر مما تطيق فإنه يترتب عليه إتلاف المال، يترتب عليه إتلاف المال، فيمنع من هذه الحيثية.

المقدم: الحيثية.

وفيه فضيلة لمعاذ بن جبل من جهة ركوبه خلف النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن جهة إفضائه -صلى الله عليه وسلم- له بهذا السر دون غيره؛ لأنه لا يخشى عليه أن يتكل على مثل هذا؛ لأن بعض الناس إذا سمع مثل هذا الكلام.

المقدم: قال: ومعاذ؟

أريد من جهة ثانية، بعض الناس حتى إنه موجود الآن، بعض الناس إذا سمع أحاديث الرجاء خفف، وبعض الناس يزيد، بعض الناس اعتمادًا على هذا الرجاء يخفف، وبعضهم من باب شكر الرب -جل وعلا- يزيد في العمل، ليس بالضرورة أن يؤثر سلبًا مثل هذا.

المقدم: صحيح.

لكن عموم الناس يتكلون، عموم الناس، فلعل معاذًا ممن يشكر الله -جل وعلا- على هذه النعمة، فلا يزيد عن حد المشروع، لكن مثل هذا لا يثنيه عما اعتمده من الاتباع.

على الرَّحل بفتح الراء وسكون الحاء المهملتين، وهو للبعير، وهو أصغر من القتب ولكن...  

المقدم: الرحل عموماً للبعير؟

يقولون: هو للبعير، الرحل، وهو أصغر من القتب، ولكن معاذًا -رضي الله عنه- كان في تلك الحالة رديفه- صلى الله عليه وسلم- على حمار..

المقدم: نعم هنا الإشكال.

معاذ كان رديفه في تلك الحالة، رديفه -صلى الله عليه وسلم- على حمار، هو ما جاء أنه رديفه على بعير، لكن الرحل للبعير عند...

المقدم: عند العرب.

 نعم، على حمار كما سيأتي في الجهاد -إن شاء الله تعالى، وفي العباب: الرحل رحل البعير، وهو أصغر من القتب، وهو مراكب الرجال دون النساء، النساء لهن الهوادج؛ لأن الرجال ينكشفون إذا ركبوا الدواب بينما النساء تستر.

المقدم: لابد بالهودج.

فلا تقود البعير إنما يقاد بها.

المقدم: نعم.

إنما النساء لهن الهوادج، وليس لهن الرحل، وبهذا يرد على من يستدلون بركوب المرأة على الدابة على جواز...

المقدم: قيادة المرأة للسيارة.

قيادة المرأة للسيارة، وهذا ليس بصحيح المرأة يقاد بها، وفي هودج تستر من كل جهة، ويقاد بها، هي لا تقود، ولا مانع أن يقاد بالمرأة السيارة، ولا خالف أحد في أن يقاد بها السيارة، ولا خالف أحد في أن يقاد بها السيارة، وفي العباب: الرحل رحل البعير، العباب لمن؟

المقدم: الصاغاني.

الصاغاني نعم، رحل البعير، وهو أصغر من القتب، وهو مراكب الرجال دون النساء، وثلاثة أرحل، والكثير رحال، ورحلت البعير أرحله رحلاً، إذا شددت على ظهره رحلًا، والقتب بالتحريك رحل صغير على قدر السنام، ذكر ذلك العيني.

 والجار والمجرور متعلق برديفه، رديفه، كنت رديفًا على رحل، والجملة حال -قاله الكرماني-، وفي تيسير العزيز الحميد: على حمار؛ لأن الشيخ أورد رواية كتاب الجهاد.

المقدم: نعم.

على حمار، في رواية اسمه عفير بعين مهملة مضمومة ثم فاء مفتوحة، قال ابن الصلاح: وهو الحمار الذي كان له -صلى الله عليه وسلم- قيل: إنه مات في حجة الوداع، الرسول -عليه الصلاة والسلام- حج على إبل.

المقدم: نعم.

نعم، حج على الإبل، أم على الحمار؟

المقدم: على الإبل.

كونه مات في حجة الوداع أي في المدينة، لا يلزم أن يكون بصحبة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا من فضول العلم، من طرفه، وليس من ملح العلم، ولا من متينه، كون أهل العلم يقيدون مثل هذا، وفيه تواضعه- صلى الله عليه وسلم- للإرداف، ولركوب الحمار، خلافًا لما عليه أهل الكبر، وفي باب الحج، في باب الحج على الرحل من كتاب الحاج، ذكر البخاري بسنده عن ثمامة بن عبد الله بن أنس قال: «حج أنس على رحل ولم يكن شحيحًا»، وحدّث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رحل وكانت زاملته، دليل على التواضع؛ لأن الرحل مركوب متواضع، فأهل هذه الأسفار الشرعية التي يبتغى بها وجه الله -جل وعلا- ينبغي أن يلاحظ مثل هذا التواضع، وكانت زاملته، أي الراحلة التي ركبها، وهي البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع من الزمل، وهو الحمل، وقوله: ولم يكن شحيحًا إشارة إلى أنه فعل ذلك تواضعًا، واتباعًا لا عن قلة وبخل، وأشار البخاري في الترجمة إلى أن التقشف أفضل من الترفه، أقول: لاسيما في الرحلات..

المقدم: الدعوية يعني خير.

والرحلات التي يتعبد بها لله -جل وعلا-.

المقدم: الشرعية، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

لعلنا نكتفي بهذا على أن تستكمل بإذن الله تعالى ما تبقى في حلقة قادمة.

 أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام حلقتنا في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح. نلقاكم بإذن الله تعالى وأنتم على خير، شكرًا لطيب متابعتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.