كتاب الوضوء (15)

هذا يقول: في الدرس الماضي جرى ذكر كتاب المنتهى في اللغة في معرض ذكر الحافظ لمعنى السبتية يقول: لما بحثت في كلام الحافظ في الفتح وجدته ذكر الكتاب ومؤلفه في غير ما موضع من الفتح فقال في كتاب الإيمان شرح الحديث الثاني والعشرين: وقال أبو المعالي في المنتهى.. انتهى، وقال في موضع آخر في كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة في الحديث رقم ستة آلاف وثمانمائة وخمسة وأربعين: وأفاد مغلطاي عن كتاب المنتهى لأبي المعالي اللغوي، وقد ترجم لأبي المعالي اللغوي ياقوت الحموي في معجم الأدباء وعرّف كتابه فقال: محمد بن تميم أبو المعالي البرمكي اللغوي، له كتاب كبير في اللغة، سماه: المنتهى في اللغة، منقول من كتاب الصحاح للجوهري، وزاد فيه أشياء قليلة، وأغرب في ترتيبه، إلا أنه والجوهري كانا في عصر واحد؛ لأني وجدت كتاب الجوهري بخطه قد فرغ منه في سنة ست وتسعين وثلاثمائة، وذكر البرمكي في مقدمة كتابه: أنه صنفه في سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.

 ولا شك أن أحد الكتابين منقول من الآخر نقلاً، والذي أشك فيه أن البرمكي نقل كتاب الصحاح؛ لأن أبا سهل محمد بن علي الهروي كان بمصر، وحكى عن البرمكي، وقد روى الهروي الصحاح عن ابن عبدوس، ولعل الكتاب خرج عن الجوهري، وهو حيٌ وقُدِم به إلى مصر.

لم ينصّ أحدهما على أنه نقل الكتاب الآخر، وإنما التشابه الكبير بين الكتابين يوجد الشك والريب في أن أحدهما منقول من الآخر، ولا شك أن الجوهري نسبة الكتاب له ثابتة بين أهل العلم، وهو إمام في اللغة ومشهور، وتداول العلماء كتابه، وانتقدوه في محل الانتقاد، وشرحوه وتداولوه، وهو من أشهر كتب اللغة، وكتاب البرمكي هذا أقل شهرة، والبرمكي أقل أيضًا في مستواه اللغوي من صاحب الصحاح، فالذي يغلب على الظن أن البرمكي لا سيما وأنه نسخ كتاب الصحاح، استفاد منه، وحَصل التشابه.

 ومثل هذا يقال في كتاب الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى، مع الأحكام السلطانية للماوردي، التشابه بنسبة تسعين بالمائة، وسنة الوفاة متقاربة جدًّا، الماوردي أربعمائة وخمسين والقاضي سنة أربعمائة وثمانٍ وخمسين، فيُشَك أن أحدهما نقل من الآخر؛ للتشابه الكبير بين الكتابين، لكن الجزم يحتاج إلى براهين قوية؛ لأن الجزم باتهام أحدهما دون مبرر دون الآخر هذا يحتاج إلى... قد يقول قائل: إنه قد يقع التقارب لاتحاد المصادر، لكن فيه بعد، بهذه النسبة فيه بُعد، والله المستعان.

هذا أيضًا الكتاب نفسه، وغالب الظن أنه محمد بن تميم بن عالية البرمكي من أهل مصر، لم يُعرَف له تاريخ مولد أو وفاة، لكنه ذكر في مقدمة كتابه أنه صنفه سنة ثلاثمائة وسبعة وتسعين، وبنى كتابه هذا على الصحاح للجوهري، كما في معجم الأدباء، وأشار إليه ابن كثير عرضًا في البداية والنهاية في حوادث سنة سبعمائة وثلاثة وستين، في حوادث سنة ثلاثة وستين وسبعمائة. يقول: لما كان يوم الثلاثاء، العشرين من شعبان، يعني سنة ثلاثة وستين وسبعمائة، دعيت إلى بستان الشيخ العلامة جمال الدين بن الشريشي شيخ الشافعية، وحضر جماعة من الأعيان منهم الشيخ العلامة شمس الدين بن الموصلي، والشيخ الإمام صلاح الدين الصفدي وكيل بيت المال، والشيخ شمس الدين الموصلي، والشيخ مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي من ذرية أبي إسحاق الفيروزآبادي، وهو من أئمة اللغويين، مجد الدين محمد بن يعقوب صاحب القاموس، والخطيب الإمام صدر الدين بن العز الحنفي أحد البلغاء الفضلاء والشيخ الإمام نور الدين علي بن الصارم أحد القراء المحدثين والبلغاء، وأحضروا نيفًا وأربعين مجلدًا، وأحضروا نيفًا وأربعين مجلدًا من كتاب المنتهى في اللغة للتميمي البرمكي، وقف الناصرية، هذا محل الشاهد.

 نيف وأربعين مجلدًا، الصحاح في طبعته الأولى في مجلدين، وصل إلى ستة مع التعليقات والطبعات الجديدة، وإن كان مطبوعًا في بلاد العجم في مجلد واحد، لكن مهما قلنا عن المجلد: إنه صغير فالأربعين كثيرة، ما أدري ما وجه التطابق بين الكتابين، والأحجام مختلفة بهذه النسبة. نعم قد يوجد من يتوسع في الخط، ويصغر الورق، يقلل الورق، فيوجد البخاري في مجلد، ويوجد في ثلاثين مجلدًا، البخاري، وجامع الأصول وجد في مجلد واحد مخطوط، وتهذيب اللغة للأزهري خمسة عشر مجلدًا كبارًا نسخة خطية في مجلد واحد، وهكذا، فإذا كان على طريقة التوسع في الكتابة، الحرف كبير، والورق من القطع الصغير، والأوراق ليست كثيرة يمكن يمكن أن ينسخ الكتاب مثل ما هو موجود الآن في نفخ الكتب في الطبعات، فما يطبع في مجلدين ثلاثة، يطبع الآن في عشرين، ثلاثين مجلدًا، والله أعلم.

جزاكم الله خيرًا.

 نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب التيمن في الوضوء والغُسل.

 حدثنا مُسدَّد قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا خالد عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لهن في غسل ابنته: «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها».

حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني أشعث بن سليم قال: سمعت أبي عن مسروق عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، في شأنه كله".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

 فيقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب التيمن في الوضوء والغَسل، أو الغُسل؟

طالب: .......

 ماذا؟

طالب:...

البولاقية: الغَسل، في غَسل ابنته.

طالب: في النسخة الثانية الغَسل.

نعم، لكن الشاهد غَسل ابنته، يقول -رحمه الله تعالى-: التيمن استعمال اليمين، والميامن في الوضوء معروفة، والغسل غَسل الميت، وهل يشمل الاغتسال أو لا؟ بمعنى أنه يبدأ بشقه الأيمن قبل الأيسر، فيكون للثانية وجه، الغُسل، يأتي الكلام في ذلك.

قال -رحمه الله-: حدثنا مُسدد قال: حدثنا إسماعيل، مُسدد هو ابن مسرهد، قال: حدثنا إسماعيل وهو ابن، المسمى المعروف بابن عُلية، قال: حدثنا خالد الحذّاء أم إيش؟

طالب: .......

نعم الحذّاء.

 عن حفصة بنت سيرين، أخت محمد بن سيرين، عن أم عطية، أم عطية المشهورة بحديث غسل الميت، وعنها يأخذ الصحابة والصحابيات الغُسل أو غَسل الميت، قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في غسل ابنته زينب، وفي ابن ماجه: أم كلثوم، ولعلها تولت غسل البنتين، قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في غَسل ابنته: «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها»، «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها». تبدأ بالميامن في غسل الميت لا إشكال فيه، وتقديم مواضع الوضوء أيضًا يؤخذ من لفظ الحديث، والبداءة بالميامن قد يتعارض مع البداءة بمواضع الوضوء، كيف؟

لأن البداءة بالميامن يستلزم غسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى، ابدأن بالميامن، والبداءة بمواضع الوضوء منها يستلزم غسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى، فالعلماء قالوا: إنه يُبدأ بمواضع الوضوء في الغسلة التي فيها الوضوء، ويُبدأ بالميامن في بقية الغسلات، «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا إن رأيتن»، الغسلات متعددة، والوضوء لا يتكرر مع كل غسلة.

 قال -رحمه الله-: "حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني أشعث بن سُليم قال: سمعت أبي عن مسروق" يحدِّث عن عائشة، "قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، في شأنه كله". في شأنه كله، بعض الروايات: "وفي شأنه كله"، ومجرد الإعجاب لا يقتضي الوجوب، إنما هو أحب إليه، هذا مقتضى اللفظ، مع أنه يرد في كلام أهل العلم من الأئمة يعجبني كذا أو لا يعجبني كذا بإزاء الواجب وبإزاء المحرم، وهذا من ورعهم.

 قال -رحمه الله-: باب التيمن أي الابتداء باليمين، قوله: إسماعيل هو ابن عُلية، وخالد هو الحذّاء، والإسناد كله بصريون، قوله: في غسل أي في صفة غسل ابنته زينب - عليها السلام، رضي الله تعالى عنها- كما سيأتي تحقيقه في كتاب الجنائز، إن شاء الله تعالى.

قلنا: إنه في سنن ابن ماجه من حديث أم عطية أنه في غسل ابنته أم كلثوم، قال العلماء: ولعلها تولت غسل البنتين، وإن لجأنا إلى الترجيح فزينب أرجح، وأورد المصنف من الحديث طرفًا؛ ليبين به المراد بقول عائشة: يعجبه التيمن، إذ هو لفظ مشترك بين الابتداء باليمين وتعاطي الشيء باليمين، والتبرك، وقصد اليمين، فبان بحديث أم عطية أن المراد بالطهور الأول، الذي هو الابتداء باليمين.

 قوله: سمعت أبي، هو سليم بن أسود المحاربي الكوفي أبو الشعثاء، مشهور بكنيته أكثر من اسمه، وهو من كبار التابعين كشيخه مسروق، فهما قرينان، فهما قرينان، كما أن أشعث وشعبة قرينان، وهما من كبار أتباع التابعين، في الحديث يعني رواية الأقران، وهذا كثير، قوله: كان يعجبه التيمن قيل: لأنه كان يحب الفأل الحسن؛ إذ أصحاب اليمين أهل الجنة، وزاد المصنف في الصلاة عن سليمان بن حرب عن شعبة ما استطاع، ما استطاع، فنبه على المحافظة على ذلك ما لم يمنع مانع.

 لكن لو نظرنا إلى حالنا في التطبيق هل الواحد منا ينتبه عند لبس النعلين، فلا يمكن أن يقدم الشمال على اليمين؟ أو ما تيسر أو القريبة؟

 الشيخ ابن باز- رحمة الله عليه- في آخر لحظات حياته احتاج الوضوء، فقُدِّمَت له النعل اليسرى فرفضها، وهو بين الصحو والإغماء، حتى قُدِّمت اليمنى فلبسها، نظير ما حصل للإمام أحمد في حال الإغماء في سكرات الموت أشار إلى أنه يحتاج الوضوء، إشارة فهمها عبد الله، فذهبوا به إلى الوضوء، فلما وصل إلى القدمين أشار إشارة فهمها عبد الله قالوا: ماذا يريد؟ قال: يقول: خللوا بين أصابعي. في هذا الوقت الحرج ما ينسون السُّنَّة؛ لأنهم نشأوا عليها، والواحد منا ما يفكِّر، ما يتيسر، والله المستعان.

فنبه على المحافظة على ذلك ما لم يمنع مانع. إذا وجد مانع فالحمد لله الأمر فيه سعة.

 قوله: في تنعله أي لبس نعله، وترجِّله أي ترجيل شعره، وهو تسريحه ودهنه، قال في المشارق: رجَّل شعره إذا مشطه بماء أو دُهن لِيَلين، ويُرسَل الثائر ويُمَد المنقبض، زاد أبو داود عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة: وسواكه، قال في المشارق، من الذي قال؟

طالب: .......

 ماذا؟

طالب:...

عياض نعم، القاضي عياض له مشارق الأنوار مطبوع، ومختصره المطالع، مطالع الأنوار، وهو عند الشُّراح كأنه أشهر من المشارق؛ إذ استعمالهم له والرجوع إليه أكثر، لابن؟

طالب: .......

 قُرقُول نعم، طُبِع أخيرًا، المشارق مطبوع قديمًا من مائة سنة.

 وسواكه، البداءة باليمين في السواك هل معناه اليد اليمنى؟

طالب:...

أو بالشق الأيمن؟ نعم بالشق الأيمن قبل الأيسر، وأما استعمال السواك فالجمهور على أنه باليد اليسرى الشمال بالشمال؛ لأنه من باب إزالة القذر، فيتسوك بشماله، وشيخ الإسلام يقول: لا أعلم أحدًا من الأئمة قال بالتسوك باليمين مع أن المجد جده، المجد يقول بالتسوك باليمين؛ لأنه عبادة وطاعة، وهو قول متجه إذا كانت الأسنان نظيفة ما فيها شيء يزال، إنما هو مجرد اتباع.

 وعلى كل حال قول عامة أهل العلم على أنه باليد اليسرى.

 قوله: في شأنه كله، كذا للأكثر من الرواة بغير واو، للأكثر من الرواة بغير واو، وفي رواية وفي رواية أبي الوقت، ما اسم أبي الوقت؟

طالب: .......

اسمه إيش؟

طالب: .......

عبد الأول، عبد الأول.

 بإثبات الواو، وهي التي اعتمدها صاحب العمدة، وهي التي اعتمدها صاحب العمدة، لذلك أي واحد يقرأ الحديث يقوله بالواو؛ لأنها في العمدة التي تُقرَأ في أول ما يقرأ في كتب الحديث فيحفظها الصغار فينشؤون على ذلك، وعليها ملاحظات يسيرة مثل هذا، ومثل رواية الكشميهني: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم» من الإثم ما هي موجودة برواية الصحيح إلا عند الكشميهني، وأثبتها صاحب العمدة تبعًا لرواية الكشميهني، وانتقده الحافظ في فتح الباري، وقال: إن الكشميهني ليس من الحفاظ، يعني إذا تفرد بشيء ما يعتمد، ومع ذلكم وقع فيها في البلوغ، في البلوغ وقع فيها، فالكمال لله.

طالب: .......

 ماذا؟

طالب: .......

هذه الملاحظة ثانية، لكن في مثل هذا الموضع، وهي التي اعتمدها صحاب العمدة الحافظ عبد الغني المقدسي الفقيه المحدِّث العابد المعروف- رحمة الله عليه- ذكروا في ترجمته أنه يصلي بين ارتفاع الشمس إلى قرب زوالها ثلاثمائة ركعة، يعني لو افترضنا أن الركعة بدقيقة يحتاج إلى خمس ساعات، يحتاج إلى خمس ساعات، معناه أنه لا يفتر، والإمام أحمد ذكروا عنه أنه في يومه وليلته يصلي ثلاثمائة ركعة، وهذا أقرب، يعني أقرب إلى الواقع، والمستحيل ما ذكره صاحب منهاج الكرامة من الرافضة المطهِّر قال: إن عليًّا يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، ولذا قال شيخ الإسلام: الوقت لا يستوعب، ألف ركعة! يعني ألف ركعة..

طالب: .......

 ماذا؟

طالب:...

جرِّب وشف، احكم بعد التجربة، أنت جربت؟ دقيقة نعم، قلنا، أنا ذكرت هذا أنها دقيقة، وبين طلوع الشمس إلى ارتفاعها، من ارتفاع الشمس إلى قرب الزوال أكثر من ذلك، يعني خمس ساعات، افترض في الصيف كم؟

طالب: .......

سبع ساعات.

طالب:...

حتى الشتاء خمس ساعات موجودة، الآن متى ترتفع الشمس؟ ستة وربع، طيب ومتى يأذن؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب:...

كم عندنا من ساعة؟ خمس ساعات وربع، يعني في أقصر الأيام، على كل حال نحن نستبعد؛ لأننا ما تعودنا، وفي أيام الدراسة ذكر الأستاذ هذا الكلام وقال طالب من الطلاب، آثار الفسق عليه ظاهرة، وحليق، قال للأستاذ، لهذا الشيخ: هذا ما هو معقول ما هذا الكلام؟ ما هو معقول، قال: نعم؛ لأن الإمام أحمد عنده صالون يتحلق فيه، ثلاث ساعات باليوم؛ لأنه حليق، يعني من لم يجرب يستبعد، والذي جرَّب الوقت فيه بركة، إذا صلينا ركعتين وقت الضحى خلاص ونستدل: «ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى»، يحسب هذا الغاية، والله المستعان.

قال الشيخ تقي الدين المعروف بابن دقيق العيد: هو عام مخصوص؛ لأن دخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما يبدأ فيهما باليسار انتهى. وتأكيد الشأن بقوله: كله يدل على التعميم؛ لأن التأكيد يرفع المجاز، فيمكن أن يقال: حقيقة الشأن ما كان فعلاً مقصودًا، وما يستحب فيه التياسر ليس من الأفعال المقصودة، بل هي إما تروك وإما غير مقصودة، وهذا كله على تقدير إثبات الواو، وهذا كله على تقدير إثبات الواو، وأما على إسقاطها فقوله في شأنه كله متعلق بيعجبه لا بالتيمن، أي يعجبه في شأنه كله التيمن في تنعله يعني في الموجود، يعجبه في شأنه على جميع أحواله يعجبه التيمن في طهوره إلى آخره، في المذكور يعني، هذا عند مع حذف الواو، وأما مع إثبات الواو ففي جميع شئونه -عليه الصلاة والسلام- فيما ذُكر وغيره يعجبه التيمن، ولذا نحتاج إلى المخصِّص، والمخصِّص موجود.

 وأما على إسقاطها فقوله: في شأنه كله متعلق بيعجبه لا بالتيمن أي يعجبه في شأنه كله التيمن وفي تنعله، ولذا تبيَّن الفرق بين الروايات، بين إثبات الواو وحذفها؛ لأنه ما نحتاج إلى نصٍ آخر مع حذف الواو، أي لا يترك ذلك سفرًا ولا حضرًا ولا في فراغه ولا شغله ونحو ذلك، قال الطيبي: في قوله: في شأنه بدل من قوله: في تنعله، بإعادة العامل، قال: وكأنه ذكر التنعل؛ لتعلقه بالرجل، والترجل لتعلقه بالرأس، والطهور لكونه مفتاح أبواب العبادة، فكأنه نبّه على جميع الأعضاء، فيكون كبدل الكل من الكل.

 قلت: ووقع في رواية مسلم بتقديم قوله: في شأنه كله على قوله: في تنعله إلى آخره، وعليها شرح الطيبي، وجميع ما قدمناه مبني على ظاهر السياق الوارد هنا، لكن بيّن المصنف في الأطعمة من طريق عبد الله بن المبارك عن شعبة أن أشعث شيخه كان يحدث به تارة مقتصرًا على قوله: في شأنه كله، وتارة على قوله: في تنعله، وزاد الإسماعيلي من طريق غُندَر عن شعبة، أن عائشة أيضًا كانت تجمله تارة وتبينه أخرى.

فعلى هذا يكون أصل الحديث ما ذكر من التنعل وغيره، ويؤيده رواية مسلم من طريق أبي الأحوص وابن ماجه من طريق عمرو بن عبيد كلاهما عن أشعث بدون قوله: في شأنه كله، وكأن الرواية المقتصرة على في شأنه كله من الرواية بالمعنى، ووقع في رواية لمسلم: في طهوره ونعله، بفتح النون وإسكان العين أي هيئة تنعله، وفي رواية ابن ماهان في مسلم: ونَعَله بفتح العين، عندي المتعلِّق في شأنه كله اختلاف المعنى إذا قلنا: إنه يتعلق بيعجبه له معنى، وإذا قلنا: متعلق بالتيمن في شأنه كله له معنى.

 قريب من ذلك: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} [سورة الحج: 25] الآن من يرد فيه الإرادة هذه المتعلَّق فيه بإلحاد بظلم هل الإرادة أو المتعلَّق يتعلق بالإرادة أو بالإلحاد؟ يرد فيه، أو إلحاد فيه؟ والمعنى يختلف اختلافًا كبيرًا، إذا قلنا: من يرد فيه بإلحاد قلنا: إذا كانت الإرادة في الحرم، والإلحاد ولو كان خارج الحرم، المقصود أن الإرادة تكون في الحرم، فيؤاخذ عليها بخلاف غيرها من البلدان، إنه مجرد الإرادة نعم ما لم يعمل غير مؤاخذ فيها، لكن هنا يؤاخذ فيه، وعلى القول بأنه متعلق بالإلحاد قلنا: من يرد الإلحاد في الحرم ولو كان خارج الحرم، بينهما فرق أم ما بينهما فرق؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

فرق كبير، أيهما الأقرب؟ العلماء يقولون يعني يستدلون بالآية على أن مجرد الإرادة يؤاخذ عليها في الحرم، وبهذا يختلف عن سائر البلدان، مجرد إرادة الذنب أو الإلحاد، ولا شك أن وقوع الإلحاد في الحرم هذا ما فيه إشكال أنه أعظم من وقوعه في غيره، إذا كانت العقوبة على مجرد الإرادة فوقوع الإلحاد من باب أولى، لكن الإرادة خارج الحرم، شخص بالصين أو بالهند قرر أنه إذا حجّ سيفعل كذا، قرر أنه سيفعل كذا، يلحد في الحرم، يعني يعصي في الحرم.

طالب: .......

لا، عندنا أمران: الأول أن تكون الإرادة في الحرم، والمعصية خارج الحرم، إذا كانت الإرادة في الحرم، والمعصية في الحرم فهذا أمر مفروغ منه، لكن بين أن تكون الإرادة في الحرم، والمعصية خارج الحرم، أو العكس، الإرادة خارج الحرم، والمعصية في الحرم فأيهما أشد؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ولو كانت المعصية خارج الحرم.

طالب:...

طيب، وإذا كانت الإرادة خارج الحرم، يعني الكلام على الأرجح في الآية.

طالب:...

لكن شخص أراد أن يلحد في الحرم وهو بالصين، وشخص بالحرم أراد أن يلحد في الصين، أيهما أشد؟

طالب:...

أراد أن يلحد في الحرم؛ لأن البقعة أعظم، لكن الكلام تعظيم الإرادة في الحرم أو تعظيم الذنب في الحرم؟ كلاهما مشكِل، وإذا قلنا بالاشتراك شمل الصورتين، فلو طبقنا هذا على ما عندنا تراه قريبًا جدًّا.

طالب:...

هم، الإرادة هم ركزوا عليها في الحرم أكثر منها في غيره قالوا: إنه يأثم بمجرد الإرادة، أما الإرادة خارج الحرم فلا مؤاخذة فيها حتى يعمل.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

وليس معنى الإلحاد أن ينكر وجود الخالق، أو يقتل أو.. ما الذي بعد هذا الكلام بعد الآية؟

طالب:...

نعم، طيب، فيه سواء العاكف فيه والباد، هذه قبلها؛ لأن {لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}، {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} [سورة الحج: 25]؟

طالب:...

مما يدل على أن الذي يفرِّق بين العاكف والبادي، المقيم في الحرم والذي يأتي لصلاة واحدة، بينهما فرق أم لا؟

طالب: .......

ماذا؟

 ما بينهم فرق، سواء العاكف فيه والباد، الله سوى بينهم، فيه فرق؟ ما فيه فرق. مما يدل على أن ما يحصل في المواسم من التضييق على الناس وإزعاجهم، وبعضهم يحجز المكان، ويؤذي الناس، وهو ما هو بموجود، بل بعضهم يتعدى على من جلس في مكان جلس هو فيه أمس مثلاً، هذا نوع من الإلحاد، وفي أضواء البيان للشنقيطي قال: التصوير في الحرم إلحاد، لكن حكم التصوير في ذلك الوقت يختلف عن حكمه الآن يختلف؛ لأنه بان لبعض أهل العلم أن هذا النوع ليس من التصوير فتوسعوا فيه.

طالب:...

ماذا؟

طالب: .......

عندي أنا أم عند الشنقيطي أم عند الناس؟

طالب: .......

والله عندي أنا تعرفون رأيي في التصوير، ما تعرفه؟

طالب: .......

لا ما يتغير شيء. لكن لا حجر، يعني هناك علماء كبار لهم رأيهم واجتهادهم، وهم مأجورون على كل حال إن شاء الله تعالى، ما هو بأن تنكر، تنصح، ما يمكن أن تنكر، المسألة عمت وطمّت، من ينكر عليها الآن، تنكر على المفتي والفوزان وفلان وعلان؟!

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

والله ليس بكل المسائل الخلافية ما ينكر، الذي فيه نصّ له حكم، والاجتهاديات ما ينكر عليه.

طالب:...

نعم.

طالب:...

في البخاري: ولعن المصور، و«أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون» هذه نصوص ما تقبل التأويل، لكن انطباق هذه النصوص على ما في هذه الآلات هذا الذي يختلف فيه.

 قال: وفي الحديث استحباب البداءة بشق الرأس الأيمن، في الترجل والغسل والحلق، وفي الحديث استحباب البداءة بشق الرأس الأيمن، في الترجل والغسل والحلق، ولا يقال: هو من باب الإزالة فيبدأ فيه بالأيسر، بل هو من باب العبادة والتزين، وقد ثبت الابتداء بالشق الأيمن في الحلق كما سيأتي قريبًا، يعني في حديث أبي طلحة في حجه -عليه الصلاة والسلام-، بدأ بشقه الأيمن، وفيه البداءة بالرجل اليمنى في التنعل، وفي إزالتها باليسرى، وفيه البداءة باليد اليمنى في الوضوء، وكذا الرجل، وبالشق الأيمن في الغسل يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- أفاض الماء على رأسه ثلاثًا في الغُسل، ثم غسل سائر جسده، ثم غسل سائر جسده، لو قلنا: هذا عموم أو إجمال يبينه ما بالحديث قلنا: يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر، كما يقرره الفقهاء. واستدل به على استحباب الصلاة عن يمين الإمام، وفي ميمنة المسجد، وفي الأكل والشرب باليمين.

 على ذكر ميمنة المسجد، يعني يمين الصف، كان عندنا كبير سن في هذا المسجد يحرص على أن يكون عن يسار المؤذن، ويجيء أول واحد، توفي -رحمة الله عليه-، قلت له: يا أبا أحمد، يمين الصف أفضل، قال: أجل عندي اقتراح، لمَ لا نضع المحراب بهذه الزاوية حتى يصير كلنا يمينًا، وأصر على طريقته، ما يجلس إلا عن يسار الإمام، الله يغفر له، يصير المحراب من هنا حتى يصير كلنا أفضل، رحمه الله. رجل طريف، حريص على الصلاة، عامي لا يقرأ ولا يكتب، لكن يرجى له الخير إن شاء الله.

وفي الأكل والشرب باليمين، وقد أورده المصنف في هذه المواضع كلها، يعني كم موضعًا أورده المؤلف؟ ثلاثة عشر موضعًا، ثلاثة عشر موضعًا، أورده البخاري -رحمه الله-. قال النووي..

طالب: .......

ماذا؟

اثنا عشر غير ذا؟ إحدى عشر؟

طالب:...

أنا عددتها ثلاثة عشر.

طالب:...

إحدى عشر نعم، في اثني عشر موضعًا.

قال النووي: قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين، وما كان بضدهما استحب فيه التياسر، قال: وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سُنَّة، يعني غسل اليمنى قبل اليسرى في اليدين والرجلين، أجمع العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سُنَّة، من خالفها فاته الفضل، وتمّ وضوؤه انتهى، ومراده بالعلماء أهل السُّنَّة، وإلا فمذهب الشيعة الوجوب، يعني وجوب غسل اليد اليمنى قبل اليسرى، وغسل الرجل اليمنى قبل اليسرى، وغلط المرتضى منهم فنسبه للشافعي، يعني الوجوب، وكأنه ظن أن ذلك لازم من قوله بوجوب الترتيب، لكنه لم يقل بذلك في اليدين ولا في الرجلين؛ لأنهما بمنزلة العضو الواحد، ولأنهما جمعا في لفظ القرآن، لكن يشكل على أصحابه حكمهم على الماء بالاستعمال إذا انتقل من يد إلى يد أخرى، إذا انتقل من يد إلى يد أخرى، يعني المستعمَل الماء ما دام على العضو فإنه باقٍ على طهوريته، ما يكون طاهرًا، إنما طهورًا، إذا كان في عضو واحد، لكن إذا انتقل من يد إلى يد، وهما بمنزلة العضو الواحد يصير طهورًا أم طاهرًا؟

طالب:...

ماذا؟

طالب: .......

نعم.

طالب:...

لكن أليس هو منفصلًا من مكان لمكان انفصل عن محل الفرض؟

طالب: .......

إذا نظرنا إلى الانفصال فهو طاهر على مذهبهم، وإذا نظرنا إلى أنهما بمنزلة العضو الواحد حصل الإشكال الذي ذكره الحافظ، لكن يشكل على أصحابه حكمهم على الماء بالاستعمال إذا انتقل من يد إلى يد أخرى مع قولهم بأن الماء ما دام مترددًا على العضو فلا يسمى مستعملاً، وفي استدلاله على وجوب الترتيب بأنه لم ينقل أحدٌ في صفة وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه توضأ مُنَكَّسًا، وكذلك لم يَنقل أحد أنه قدّم اليسرى على اليمنى، يعني هم استدلوا على وجوب الترتيب بأنه بيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- الوضوء المجمَل في القرآن في جميع ما نُقِل عنه مرتبًا، لكن من ضمن الترتيب الذي نُقِل اليمنى قبل اليسرى فهل هذا من البيان الواجب الذي اعتمدوه في الترتيب بين الأعضاء؟

قال: يشكل عليه، على كل حال وكذلك لم ينقل أحد أنه قدّم اليسرى على اليمنى، ووقع في البيان للعمراني، البيان طُبِع أخيرًا، من أشهر كتب الشافعية، تأخر طبعه، والتجريد للبَندَنِيجي نسبة القول بالوجوب إلى الفقهاء السبعة، نسبة القول بالوجوب إلى الفقهاء السبعة، وجوب غسل اليمنى قبل اليسرى، وهو تصحيف من الشيعة.

طالب: .......

ماذا؟

طالب:...

قريب، السبعة والشيعة متقاربة، وفي كلام الرافعي ما يوهم أن أحمد قال بوجوبه، ولا يُعرَف ذلك عنه، بل قال الشيخ الموفق في المغني: لا نعلم في عدم الوجوب خلافًا لا نعلم في عدم الوجوب خلافًا، وعلى كل حال وإن كان الأمر كذلك وليس بواجب ولا يبطل الوضوء بتقديم اليسرى على اليمنى، لكن السُّنَّة تقديم اليمنى على اليسرى، فاللائق بالمسلم المحافظة على ذلك.

طالب:...

ماذا؟

طالب: .......

إن رأيتن ذلك. يعني الحاجة؛ لأنه قال: «إن رأيتن ذلك» رده إلى الحاجة لا إلى التشهي، إنما مرد ذلك إلى الحاجة إن رأيتن ذلك، يعني إن رأيتن التكرار إلى السبع فلا بأس. 

طالب:...

خلاص. نعم.

طالب:...

نعم.

طالب:...

كيف؟

طالب:...

نعم.

طالب:...

نعم، كونه يعتد بالشيعة؟

طالب: .......

لا، نصّ ابن حجر في مواضع كثيرة أنهم لا يُعتَد بهم لا في الخلاف ولا في الاتفاق، الاستدراك من باب العلم فقط، لا لأن له أثرًا.

طالب:...

أين؟

طالب:...

هو الأصل أنه في الأعضا. أين؟

طالب:...

الذي لا يرى الترتيب لا يرى مانعًا أن ينكس، ما المانع؟

طالب: .......

المقصود أنه وضوؤه صحيح.

طالب: .......

 لا، حتى على قول من يقول بالترتيب يصح وضوؤه؛ لأنه صح أنه غسل رأسه قبل يده، غسل وجهه قبل يديه نعم ولو كانت في المرة الرابعة ثم الثالثة وهكذا.

طالب: .......

 لا لا ابتداء غسل منكسًا، الذي لا يرى الترتيب ما عنده مشكلة.

طالب:...

ما تعرف الخلاف في المسألة وأنه أقوال أئمة معتبرين؟ من خالف في الترتيب من الأئمة؟ الحنفية، اقرأ.

طالب:...

بلا شك.

"باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة، وقالت عائشة: حضرتُ الصبح فالتُمِس الماء فلم يوجد".

حضَرتْ.

"حضَرتْ الصبح فالتُمِس الماء فلم يوجد، فنزل التيمم.

حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوَضوء، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الإناء يده، وأمر الناس أن يتوضؤوا منه، قال: فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه حتى توضؤوا من عند آخرهم".

يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة، يعني أنه لا يلزم أن يبحَث عن الماء قبل دخول وقت الصلاة، إنما يلتمَس ويبحَث عنه إذا حانت الصلاة ودخل وقتها، وقالت عائشة: حضرت الصبح، يعني دخل وقتها، فالتُمِس الماء فلم يوجد فنزل التيمم. يعني في قصة حادثة.

طالب:...

العقد نعم، قال عبد الله بن يوسف التِّنِّيسي قال: "أخبرنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحانت صلاة العصر" الواو واو الحال، يعني والحال أن صلاة العصر قد حانت، "فالتمس الناس الوَضوء" الماء، "فلم يجدوه، فأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوَضوء" يعني بماء قليل في إناء صغير ضاق بأصابعه -عليه الصلاة والسلام-، "فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الإناء يده، وأمر الناس أن يتوضؤوا منه"؛ لأن الماء نبع من أصابعه -عليه الصلاة والسلام-، وفي هذا معجزة عظيمة جدًّا، وهي أعظم من معجزة موسى لما ضرب الحجر بالعصا فتفجر ماءً؛ لأن الحجر مظنة للماء، والمياة تنزل من الجبال، أما بالنسبة ليد الإنسان فهذه ما جرت بها عادة، فهو أعظم في الإعجاز، "فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الإناء يده، وأمر الناس أن يتوضؤوا منه، قال: فرأيت الماء ينبع".

 ماذا عندكم الباء؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب:...

الطبعة التي معك؟ حتى السلفية ينبع؟

طالب: .......

نعم، مثلثة، لكن الأكثر بالضم من باب نصر.

طالب:...

الصحيح الأشهر والأكثر الضم؛ لأنه من باب نصر.

"من تحت أصابعه حتى توضؤوا من عند آخرهم" قوله: باب التماس الوضوء بفتح الواو أي طلب الماء للوضوء، إذا حانت بالمهملة إذا قرُبت الصلاة، يعني إذا دخل وقتها، والمراد وقتها الذي تُوقَع فيه، وقتها الذي تُوقَع فيه، قوله: قالت عائشة، هذا طرفٌ من حديثها في قصة نزول آية التيمم، وسيأتي في كتاب التيمم، إن شاء الله تعالى، وساقه هنا بلفظ عمرو بن الحارث عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها، ساقه هنا بلفظ ..

طالب:...

نعم، يعني المعلَّق، المعلَّق.

طالب:...

لأنه بالمطابقة في هذا اللفظ على ما أورده البخاري في مواضع أخرى من الألفاظ وُجِد أن هذا لفظ عمرو بن الحارث عن عبد الرحمن بن قاسم عن أبيه عنها، وهو موصول عنده في تفسير المائدة.

 قال ابن المنيِّر: أراد الاستدلال على أنه لا يجب طلب الماء للتطهر قبل دخول الوقت؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر عليهم التأخير، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر عليهم التأخير، فدل على الجواز، لما أرادوا الصلاة ما وجدوا ماءً ما قال لهم: لماذا تتأخرون، لماذا تأخرتم؟ لماذا لم تبحثوا عن الماء قبل ذلك؟ ما أنكر عليهم، مما يدل على الجواز.

 قوله: فالتُمِس بالضم على البناء للمفعول، وللكشميهني: فالتَمسوا. قوله: وحان، وللكشميهني: وحانت، والواو للحال بتقدير قد، قوله: الوَضوء بفتح الواو أي الماء الذي يتوضأ به، قوله: فلم يجدوا، وللكشميهني: فلم يجدوه بزيادة الضمير، قوله: فأُتي بالضم على البناء للمفعول، وبيّن المصنف في رواية قتادة أن ذلك كان بالزوراء، وهو سوق المدينة، قوله: بوَضوء بالفتح أي بإناء فيه ماء؛ ليتوضأ به، ووقع في رواية ابن المبارك: فجاء رجل بقدَح فيه ماء يسير، فصغُر أن يبسط -صلى الله عليه وسلم- فيه كفه فضمّ أصابعه. يعني ما يكفي واحدًا، وجيء به للنبي -عليه الصلاة والسلام- ليتوضأ منه، ونحوه في رواية حميد الآتية في باب الوضوء من المخَضب.

قوله: ينبُع بفتح أوله وضم الموحدة ويجوز كسرها وفتحها، وسيأتي الكلام على فوائد هذا الحديث في كتاب علامات النبوة مستوعبًا إن شاء الله تعالى.

قوله: توضؤوا من عند آخرهم، قال الكرماني: حتى للتدريج، حتى توضؤوا يعني واحدًا بعد بعد الآخر، فتكون حتى للتدريج ومن للبيان، أي توضأ الناس حتى توضأ الذين عند آخرهم، وهو كناية عن جميعهم، قال: وعند بمعنى في؛ لأن عند وإن كانت للظرفية الخاصة لكن المبالغة تقتضي، لكن المبالغة تقتضي أن تكون لمطلق الظرفية، فكأنه قال: الذين هم في آخرهم. وقال التيمي: المعنى: توضأ القوم حتى وصلت النوبة إلى من في الآخِر، وقال النووي: من هنا يحتمل، من هنا بمعنى إلى، من هنا بمعنى إلى، إلى يعني إلى آخرهم وهي لغة، يعني توضؤوا إلى آخرهم، وتعقبه الكرماني بأنها شاذة، يعني هي لغة لكنها شاذة، قال: ثم إن إلى لا يجوز أن تدخل على عند، ثم إن إلى لا يجوز أن تدخل على عند، ويلزم عليه وعلى ما قال التيمي ألا يدخل الأخير يعني بقي الأخير ما توضأ، والسياق يدل على أنهم توضؤوا كلهم، لكن ما قاله الكرماني من أن إلى لا تدخل على عند ويلزم عليه وعلى ما قال التيمي، طيب لكن ما قاله الكرماني تكرار هذا.

طالب:...

ماذا؟

لا، كان فيه تكرار، قال لك إنما قاله الكرماني من أن إلى لا تدخل على عند، ويلزم..

طالب:...

اصبر! ويلزم عليه وعلى ما قاله التيمي ألا يدخل الأخير هذا تكرار، لكن ما قاله الكرماني من إن إلى لا تدخل على عند لا يلزم في مثله من في من، لا يلزم مثله في من. يبدو أن السطر مكرر.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لكن ما قاله الكرماني من أن إلى لا تدخل على عند لا يلزم مثله في من، إذا وقعت بمعنى إلى، إذا وقعت بمعنى إلى. دخول الحرف على عند هل المراد به لفظه أو معناه؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

لا، هو يقول: إذا كان القصد أنه إذا كان معناه إذا كانت من يجوز دخولها فما كان بمعناها، نعيد الكلام، لكن ما قاله الكرماني من أن إلى لا تدخل على عند لا يلزم مثله في من إذا وقعت بمعنى إلى.

طالب:...

العبرة باللفظ نعم، العبرة باللفظ لا إلى المعنى، وعلى توجيه النووي يمكن أن يقال: عند زائدة، وعلى توجيه النووي يمكن أن يقال: عند زائدة، ماذا قال النووي؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

من هنا بمعنى إلى، وهي لغة، وتعقبه الكرماني بأنها شاذة. هل يُفهم منه أنها زائدة؟ بمعنى أنها لو حُذِفَت استقام الكلام. وعلى توجيه النووي ماذا قال النووي؟ قال: ...

طالب:...

ماذا؟

طالب: .......

بمعنى إلى، كيف؟ طيب لغة ولو كانت في معانها الأصلي يمكن أن تزاد، إذا استقام الكلام بدونها سواء كانت..

طالب:...

يمكن أن يقال: عند زائدة، يعني توضؤوا إلى آخرهم، فتكون عند زائدة، طيب، وفي الحديث دليل على أن المواساة مشروعة عند الضرورة، لمن كان في مائه فضلٌ عن وضوئه كما هو الشأن في حاله -عليه الصلاة والسلام-، أنه زاد الماء عن حاجته، فأمرهم أن يتوضؤوا، لكن لو كان بقدر الحاجة فالإيثار هنا جائز أم غير جائز؟ لا يجوز؛ لأنه إيثار بواجب، إيثار بواجب، طيب لو كان عندك ماء، اشتريت قارورة ماء مثل هذه وما وجدت غيرها، وأبوك عندك يريد أن يتوضأ، وأنت تريد أن تتوضأ تؤثر أباك أم لا؟

طالب:...

مقتضى كلامهم لا، إنه إيثار بواجب، ويطلقون أن الإيثار بالقُرَب لا يجوز، لكن إذا كانت القربة ليست بواجبة وإنما مستحبة، ويترتب على الإيثار فيها مصلحة أعظم، إذا كانت مستحبة، افترض أن هذا الماء والوالد موجود، وأنت على وضوء، والوالد كذلك متوضئ، وقال الوالد: أنا أريد أن أجدد الوضوء، وأنت تريد أن تجدد الوضوء، برّك بأبيك نعم لا شك أنه أولى من عدم الإيثار في مثل هذا.

طالب:...

هو إذا كانت تتوقف عليها الحياة غير، الاضطرار مسألة أخرى. وفيه اغتراف المتوضئ من الماء القليل، وفيه أن اغتراف المتوضئ من الماء القليل لا يصير الماء مستعملاً، استدل به الشافعي على أن الأمر بغسل اليد قبل إدخالها الإناء أمر ندب لا حتم، أمر ندب؛ لأنهم أدخلوا أيديهم فهل غسلوها ثلاثًا قبل؟ لكن..

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

أدخل يده وهم أدخلوا أيديهم واغترفوا، لكن يعني ليس بدائم، ليس بساكن، لكن الأمر بغسل اليد قبل إدخالها في الإناء ثلاثًا محمول على القائم من النوم إذا استيقظ من نومه، والمسألة متصورة في أنهم مستيقظون، واستدل به الشافعي على أن الأمر بغسل اليد قبل إدخالها الإناء أمر ندب لا حتم.

 يقول: تنبيه: قال ابن بطال: هذا الحديث يعني حديث نبع الماء شهده جمعٌ من الصحابة، إلا أنه لم يروَ إلا من طريق أنس؛ وذلك لطول عمره، ولطلب الناس علو السند؛ إلا أنه لم يرو إلا من طريق أنس؛ وذلك لطول عمره، توفي سنة ثلاثة وتسعين، ولطلب الناس علو السند؛ لأنه قد يوجد بواسطة تابعي عن صحابي آخر؛ لأنه مشهود، فهم يطلبون علو الإسناد، وإذا حصل البلاغ بواحد من الصحابة كفى، كما في حديث عمر: الأعمال بالنيات على المنبر، مخطوب به على المنبر، وما نقله إلا أفراد، ولطلب الناس علو الإسناد كذا قال.

 وقد قال القاضي عياض: هذه القصة رواها العدد الكثير من الثقات، عن الجمع الغفير عن الكافة متصلاً عن جملة من الصحابة، بل لم يؤثر عن أحد منهم إنكار ذلك، فهو ملتحق بالقطعي من معجزاته انتهى.

فانظر كم بين الكلامين من التفاوت! هذا يقول: ما رواه إلا أنس، ما روي إلا عن طريق أنس، وهذا يقول: رواه الجمع الغفير عن الكافة متصلاً عن جملة من الصحابة. بل لم يؤثر عن أحد منهم إنكار ذلك، فهو ملتحق بالقطعي من معجزاته انتهى، فانظر كم بين الكلامين من التفاوت، وسنحرر هذا الموضع في كتاب علامات النبوة، إن شاء الله تعالى. والله أعلم.

"