كتاب الإيمان (46)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعم.
طالب: أحسن الله إليك. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: بَابُ عَلاَمَةِ المُنَافِقِ.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ أَبُو سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» تَابَعَهُ شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فيقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: ("بَابُ عَلاَمَةِ المُنَافِقِ")، المنافق عند أهل العلم هو الذي يُظهر الإسلام ويبطن الكفر، وكثير من أهل العلم يذكر أن المنافق في زمنه -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- هو المعروف بالزنديق عند المتأخرين، فالمنافق هو الزنديق عندهم. وفي عُرفنا أن الزنديق لا يختص بمن يبطن الكفر فقط، بل قد يظهره، والغالب أنه يظهره. فالزنديق في عرفنا يساوي الملحد. وظهرت أسماء واصطلاحات في الأحكام جديدة لم تكن عند من قبلنا، ظهرت أسماء وأحكام يُحكم بها على أفراد وعلى جماعات غير معروفة عندنا، وهذه الأسماء وهذه الأحكام لا شك أنها تتجدد وتتعدد بعدد ما يُحدثه الناس في دين الله من بدع مغلظة تصل إلى حد الخروج من الدين، ومن بدع دونها تُعد أكبر من الكبائر، ومن بدع خفيفة.
وألوان البدع موجودة في عصر الصحابة فمن دونهم، لكن وُجد في عصرنا أشياء لم تكن معلومة من قبل، وأحدث في حياة الناس ما لم يكن معهودًا من ذي قبل. فالسلف ومن جاء بعدهم إلى وقت قريب لا يعرفون العلماني ولا الليبرالي ولا يعرفون هذه الأسماء الجديدة والأحكام، كما أنهم لا يعرفون بعض الجماعات الموجودة الآن وإن كانت أصولها موجودة في السابق، أصولها قد يكون لها ارتباط وتعلق بالجماعات وبالفرق السابقة.
على كل حال: النفاق أمره عظيم، وشأنه خطير، وُجد في عهد النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، ونجم في المدينة حينما قويت شوكة الإسلام وخافوا على أنفسهم، فصاروا يُظهرون الإسلام ويجتمعون مع الناس ويصلون معهم، وقد يخرجون إلى الجهاد معهم على ما انطوت عليه قلوبهم من الكفر، نسأل الله العافية. وشأنهم أعظم وأخطر من شأن الكفار الأصليين؛ لأن الكفار معروفة أحوالهم ويتقى شرهم؛ لأن أمرهم ظاهر، بينما المنافق -نسأل الله العافية- قد لا يظهر أمره لكثير من الناس فيغتر به، ولذا كان الصحابة يسألون حذيفة -رَضِيَ اللهُ عنهُ-، وحذيفة صاحب سر النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، أخبره بالمنافقين، فصاروا يسألونه، كل واحد يسأل عن نفسه منهم أم ليس منهم؟ من خوفهم على أنفسهم، ومعلوم أنه ما خافه إلا مؤمن، وما أمنه إلا منافق، نسأل الله العافية.
والسبب في خطورتهم، أو نشأ عن خطورتهم واجتماعهم وصلتهم بالمسلمين وإظهارهم الإسلام، نتج عن ذلك أن أمرهم كان أخطر، وشأنهم كان أعظم، فاستحقوا أن يكونوا في الدرك الأسفل من النار، نسأل الله العافية. وما ذلكم إلا لأنهم كفروا بعد علم يقيني واطلاع على أحوال المسلمين واطلاع على حجج الله على خلقه، فقد كفروا بعد أن عرفوا الحق، وقامت عليهم الحجج بأجلى الصور، وخالطوا المسلمين وعرفوا ما عندهم. بخلاف الكافر الأصلي الذي قد يخفى عليه كثير من الأمور، بل قد لا تتضح له وإن قامت عليه حجة. لكن الحجج تتفاوت بلوغها، ويتفاوت فهمها، ويتفاوت المانع من قبولها من شخص إلى آخر. لكنْ المنافقون بلغتهم بأجلى صورة وفهموها فهمًا لا تردد معه ولا خفاء فيه ولا غباء، وانتفت الموانع من دخولهم في الإسلام الصحيح وانطواء قلوبهم على الإيمان، فهم في الدرك الأسفل من النار.
من ذلكم أبو طالب عم النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وقد دافع عنه -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- وعن دينه وعن ملته ونافح وأوذي بسبب ذلك، ومع ذلك لولا شفاعة النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لكان في الدرك الأسفل من النار، نسأل الله العافية، كما جاء بذلك الحديث الصحيح، لماذا؟
لأنه قامت عليه الحجة، عرف الدين من قرب، وعرف الأدلة، وعرف كيف يبين النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- للناس ما نُزل إليه، من قرب عرف فصار في حكم المنافقين وإن كان كافرًا يُظهر الكفر، لكن العلة موجودة التي من أجلها صار المنافقون في الدرك الأسفل من النار، موجودة عند أبي طالب، ومع ذلك خُتم له بخاتمة الشقاء، ولولا شفاعة النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لكان مع المنافقين، لكنه «في ضحضاح من نار يغلي دماغه»، وفي حديث: «عليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه»، نسأل الله العافية.
فالأمر خطير، على الإنسان أن يهتم بما يصلح القلب، ويحرص على أخذ الاحتياط، ويضع السياج المنيع؛ لئلا يخرج من هذا الدين وهو لا يشعر: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2]، و«الرجل يقول الكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار سبعين خريفًا»، نسأل الله العافية.
ومع كثرة الفتن في آخر الزمان تجد التغير كثيرًا وسريعًا حتى في صفوف طلاب العلم، وهذا سببه أن الإنسان ما يهتم، قد يميل عن الجادة باجتهاد أو بتقليد أو باغترار وهو لا يشعر، ويترك الجادة التي كان عليها هو وشيوخه الملتزمون المتمسكون بالكتاب والسنة، ثم تجده فجأة يذهب يمينًا وشمالاً، ثم تجد في كلامه ما هو مخالف للكتاب والسنة، مخالف لما كان عليه هو قبل ذلك، لماذا تغير فلان؟ وقد جاء الخبر عن النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «أنه في آخر الزمان يمسي الرجل مؤمنًا، ويصبح كافرًا، ويصبح مؤمنًا، ويمسي كافرًا»،- نسأل الله العافية-.
يعني أناس دعاة، ولهم أتباع ولهم حضور، الآن عندهم مخالفات، وتجد في ثنايا كلامهم مدحًا للباطل وأهل الباطل أحيانًا، وقد يزدرون، وقد يحتقرون بعض من ثبت على جادته في السابق، والله المستعان.
يقول -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: ("باب علامات المنافق" لما قدم أن مراتب الكفر متفاوتة)، فمنه الأكبر المخرج من الملة، ومنه ما دونه: كفر دون كفر، (وكذلك الظلم) ظلم دون ظلم، كما تقدم. (أتبعه بأن النفاق كذلك)؛ لأن الكفر منه ما يُخرج من الملة، والظلم منه ما يخرج من الملة: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]، والنفاق منه ما يُخرج من الملة، ومنه ما لا يخرج، كما في هذا الحديث.
(وقال الشيخ محيي الدين)، المراد به النووي: (مراد البخاري بهذه الترجمة أن المعاصي تُنقص الإيمان كما أن الطاعة تزيده)، لا شك أن المقرر عند أهل السنة أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، خلافًا لمن قال: إن حقيقته واحدة لا تزيد، ولا تنقص، ومنهم من قال: إن الزيادة ثبتت بالنصوص، وأثبت البخاري منها ثماني آيات، لكن النقص ما فيه ما يدل عليه صراحة، فيرى أنه يزيد ولا ينقص. لكن المقرر عند أهل العلم أن ما قبل الزيادة يقبل النقص، وعلى ذلك أدلة كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
(وقال الكرماني: مناسبة هذا الباب لكتاب الإيمان أن النفاق علامة عدم الإيمان، أو ليُعلم منه أن بعض النفاق كفر دون بعض. والنفاق لغة مخالفة الباطن للظاهر)، وكما قالوا: أخذوه من نافقاء اليربوع، يضع في جحره بابين، يغطي أحدهما بتراب رقيق بحيث لو أريد الإساءة إليه من الباب الظاهر خرج من الباب الثاني.
(والنفاق لغة: مخالفة الباطن للظاهر، فإن كان في اعتقاد الإيمان فهو نفاق الكفر، وإلا فهو نفاق العمل، ويدخل فيه الفعل والترك، وتتفاوت مراتبه)، (ويدخل فيه الفعل والترك، وتتفاوت مراتبه) يدخل فيه في النفاق الاعتقادي أو العملي؟ أقرب مذكور العملي، (وتتفاوت مراتبه.
قوله: "حدثنا سليمان أبو الربيع" هو الزهراني بصري نزل بغداد، ومن شيخه فصاعدًا مدنيون، ونافع بن مالك هو عم مالك بن أنس الإمام.
قوله: «آية المنافق ثلاث» الآية العلامة، وإفراد الآية إما على إرادة الجنس أو أن العلامة إنما تحصل باجتماع الثلاث)، (على إرادة الجنس) ولا شك أن المفرد المضاف يفيد العموم، تقول: اللهم اغفر لي ذنبي، تقصد ذنبًا واحدًا أم جميع من الذنوب؟ جميع الذنوب. {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18]، النعمة الواحدة محصاة معروفة، لكن المقصود بذلك العموم.
(أو أن العلامة إنما تحصل باجتماع الثلاث، والأول أليق بصنيع المؤلف، ولهذا ترجم بالجمع وعقب بالمتن الشاهد لذلك)، (ترجم بالجمع) أو ترجم الجمع؟
طالب: لا، هو عند الشارح .......
نعم، رواية أبي ذر إذا اعتمدها الشارح علامات.
(ولهذا ترجم بالجمع، وعقب بالمتن الشاهد لذلك، وقد رواه أبو عوانة في صحيحه بلفظ: «علامات المنافق»)، يعني في المتن، ولا فرق بين أن يؤتى به مفردًا أو مجموعًا؛ لأن المفرد المضاف يفيد العموم. (فإن قيل ظاهره الحصر في الثلاث)، «آية المنافق ثلاث»، لكن لا يمنع أن يزاد على الثلاث في علم يتجدد له -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.
جاء الحصر أيضًا في حديث صحيح: «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة»، مع أنه ثبتت الأحاديث بما يوصلهم إلى سبعة، حتى قال بعض الشراح ممن أساء الأدب مع النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: قوله: «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة»، قال: في هذا الحصر نظر! يُنظِّر في كلام من؟ يُنظر في كلام شارح؟؟! بل في كلام النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، ولا شك أن هذا غفلة شديدة وسوء أدب.
(فإن قيل: ظاهره الحصر في الثلاث، فكيف جاء في الحديث الآخر بلفظ: «أربع من كن فيه» الحديث؟ أجاب القرطبي باحتمال أنه استجد له -صلى الله عليه وسلم- من العلم بخصالهم ما لم يكن عنده.
وأقول: ليس بين الحديثين تعارض؛ لأنه لا يلزم من عَد الخصلة المذمومة الدالة على كمال النفاق كونها علامةً على النفاق)، ما معنى هذا الكلام؟ «آية المنافق ثلاث»، والحديث الثاني: «أربع من كن فيه كان منافقًا»، وإذا جمعت ما في الحديثين وغيرها يصير خمس. قال: (ليس بين الحديثين تعارض؛ لأنه لا يلزم من عَد الخصلة المذمومة الدالة على كمال النفاق كونها علامةً على النفاق)، يعني كونها مع غيرها لا يعني أنها إذا أُفردت صارت علامة، يعني كونها مع غيرها إذا اجتمعت.
طالب: .......
نعم. قال: (لاحتمال أن تكون العلامات دالات على أصل النفاق، والخصلة الزائدة إذا أضيفت إلى ذلك كمل بها خلوص النفاق. على أن في رواية مسلم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ما يدل على عدم إرادة الحصر، فإن لفظه: «من علامة المنافق ثلاث»)، كما جاء في أكثر من جواب له -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- عن أعظم الذنوب أو أكبر الكبائر أو كذا، يجيب بأجوبة، أو أفضل الأعمال، يجيب بأجوبة مختلفة. فمن أجوبة أهل العلم على ذلك: تقدير مِن...
طالب: السائل.
ماذا؟
طالب: النظر إلى حال السائل.
تقدير مِن وتفاوت الجواب نظرًا لحال السائل.
(على أن في رواية مسلم من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ما يدل على عدم إرادة الحصر، فإن لفظه: «مِن علامة المنافق ثلاث»)، و«مِن» تبعيضية، بعضها ثلاث. (وكذا أخرج الطبراني في الأوسط من حديث أبي سعيد الخدري، وإذا حُمل اللفظ الأول على هذا لم يَرد السؤال، فيكون قد أخبر ببعض العلامات في وقت، وببعضها في وقت آخر. وقال القرطبي أيضًا والنووي: حصل من مجموع الروايتين خمس خصال؛ لأنهما تواردتا على الكذب في الحديث والخيانة في الأمانة، وزاد الأول الخلف في الوعد، والثاني الغدر في المعاهدة والفجور في الخصومة.
قلت: وفي رواية مسلم الثاني بدل الغدر في المعاهدة الخُلف في الوعد كما في الأول، فكأن بعض الرواة تصرَّف في لفظه؛ لأن معناهما قد يتحد، وعلى هذا فالمزيد خصلة واحدة وهي الفجور في الخصومة، والفجور: الميل عن الحق والاحتيال في رده)، (الفجور في الخصومة، والفجور: الميل عن الحق والاحتيال في رده)؛ ليحذر الذين يخاصمون سواء كانوا لأنفسهم أو نيابة عن غيرهم كالمحامين، من الوقوع في هذه الخصلة التي هي من خصال المنافقين، سيما إذا كانت أجرته على النجحان كما يقولون، إذا ما أدرك شيئًا فما له شيء، فقد يحرص على أن يدرك بأي وسيلة تكون وبأي أسلوب، فمثل هذا يُخشى عليه.
(وهذا قد يندرج في الخصلة الأولى، وهي الكذب في الحديث، ووجه الاقتصار على هذه العلامات الثلاث أنها مُنبهة على ما عداها؛ إذ أصل الديانة منحصر في ثلاث: القول والفعل والنية، فنبَّه على فساد القول بالكذب، وعلى فساد الفعل بالخيانة، وعلى فساد النية بالخُلف؛ لأن خُلف الوعد لا يقدح فيه إلا إذا كان العزم عليه مقارنًا للوعد، أما لو كان عازمًا)، يعني على الوفاء (ثم عرض له مانع أو بدا له رأي، فهذا لم توجد منه صورة النفاق؛ قاله الغزالي في الإحياء).
يعني فرق بين أن تُبرم وعدًا مع شخص: أزورك العصر، أو آتيك الظهر، أو تأتيني كذا، مع إبرام العقد هو يريد أن يتخلص منه فقط يكفه ثم لا يفي، وقد بيَّت هذا، هذه من خصلة النفاق. لكن إذا كان في نيته الوفاء ثم عرض له ما يمنعه من ذلك، أو بدا له ألا يفي، هذا أخف من كونه مقارنًا لأول الأمر.
(قاله الغزالي في الإحياء، وفي الطبراني في حديث طويل ما يشهد له، ففيه من حديث سلمان: «إذا وعد وهو يحدِّث نفسه أنه يخلف»، وكذا في باقي الخصال، وإسناده لا بأس به، ليس فيهم من أُجمع على تركه، وهو عند أبي داود والترمذي من حديث زيد بن أرقم مختصر بلفظ: «إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يفِ فلا إثم عليه»)، لكن الضرر المرتب على هذا الوعد يختلف في كونه من أول الأمر لا ينوي الوفاء وفي آخره أو في آخر الأمر، الضرر المترتب على الموعود، الضرر واحد، تطلب أن تجيء العصر وأنت ناوٍ تجيء وما جئت، هل يختلف الضرر في الواقع عما لو قلت: سأجيء وأنت ناوٍ ألا تجيء؟ الضرر واحد في الصورة ما يختلف، لكن النية لها مدخل في هذا، ما فيه شك أن النية لها مدخل في هذا، وأن نية عدم الوفاء من أول الأمر استخفاف بما أمر الله به من الوفاء بالعقود، وأيضًا استخفاف بأخيه المسلم، وتضييع لوقته من أول الأمر. أما إذا كان في نيته أن يفي له، كما يقال: «من أخذ أموال الناس وهو ينوي أداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذها وهو لا ينوي أداءها أتلفه الله».
المقصود أن النية لها مدخل كبير، وإن كان ظاهر العمل في الصورة والأثر المرتب عليه لا يختلف.
طالب: شيخ.
نعم.
طالب: قول ابن حجر ....... إلى الطبراني.
نعم.
طالب: ....... أي المعاجم يقصد؟
الكبير، إذا أطلق فهو الكبير.
طالب: لو حصل ضرر يا شيخ للموعود الذي لم يُوفَ له، هل له أن يطالب بالتعويض عن الضرر، خسارة في سلعة أو نقص فيها؟
هو وعده من أجل ماذا؟
طالب: أن يشتري أو يتم له البيعة أو...
يقول: وعده أن يشتري هذه السيارة منه بمبلغ كذا وما وفَّى، هل نقول: إن هذا مجرد سوم ما ثبت العقد، فلا يلزمه شيء، أو نقول: إن انتظاره حتى يفي بالوعد يفوت عليه الزبائن فيلزم بشيء؟ إذا اشترط شيئًا من الشروط التي يسمونها الجزائية فقد يُلزم، أما إذا لم يشترط شيئًا وفرَّط وضيَّع حقه فليس له أن يلزم بشيء.
طالب: .......
كيف؟
طالب: .......
هذا بيع وشرط.
طالب: نعم.
طالب: .......
وعد على وليمة أو على شيء.. أزورك الليلة.
طالب: .......
هو ما فيه شك أن الوفاء هو الأصل، ويبقى أنه لا يلزمه، ولا يُذم به إلا إذا قرنه بالعهد، إذا قرنه بالعهد نعم: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: 75]، والعقوبة: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} [التوبة: 77]، إذا قرنه بالعهد فالأمر أشد.
طالب: .......
ماذا عليه؟
طالب: .......
هو إذا ترتب عليه ضرر بقدر هذا الضرر، يعني شخص قال له: أنا سأمر عليك الليلة نشرب قهوة أنقضي مصلحة، والثاني وجلس ضيع أعماله، وكان له مشوار بعد لأهله وتركهم وجلس ينتظر، هذا لا شك أنه إن كان ناويًا ألا يفي من أول الأمر فهي الخصلة المذكورة في الحديث، وإن كان ناويًا وحصل له مانع لا سيما مع وجود آلات الاتصال الموجودة معنا، واتصل عليه وقال: والله ما تيسر، لا تنتظر، أو شيء من هذا، يبرأ من عهدته.
طالب: .......
يعني بالتحديد ما أدري والله، لكن ....... هو ما وُجد إلا بالمدينة.
طالب: .......
نعم، ما فيه شك أنه قبل ذلك لا داعي له، ما يحتاجون إلى نفاق. الآن الذين يستعملون التقية، الآن هم يحتاجونه؟ ما يحتاجونه، ما هم بخائفين من أحد، والله المستعان.
(وإسناده لا بأس به ليس فيهم من أُجمع على ترك)، هل يلزم من هذا أن يكون إسناده لا بأس به؟ لأنه إذا وُجد في إسناده من قيل بأنه متروك لكن لم يُجمع على تركه، متروك لم يُجمع على تركه، والراجح أنه متروك، لكن ما أُجمع على تركه.
طالب: .......
لا، يقول: (إسناده لا بأس به ليس فيهم من أُجمع على تركه)، هذا شرط النسائي: أنه يُخرج أحاديث رواة ليس فيهم من أُجمع على تركه، لكن مع ذلك يوجد فيها الضعيف.
طالب: .......
ما هو بصحيح، لا.
طالب: .......
ما هي بقائد، وابن حجر ما يطبقها؛ لأن فيهم.. هو يجرح بالراوي المتروك ولو لم يكن تركه مجمعًا عليه، إنما الراجح أنه متروك.
(وهو عند أبي داود والترمذي من حديث زيد بن أرقم بلفظ: «إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يفِ فلا إثم عليه»)، يعني لو قال: إنه يشهد له ما سيأتي وبه يرتقي لا بأس.
(قوله: «إذا وعد أخلف» قال صاحب المحكم)، وهو مَن؟ ابن سِيده. (قال صاحب المحكم: يقال: وعدته خيرًا، ووعدته شرًّا)، لكن الصواب: أَوعدتُه، يعني إذا ذُكر الخير والشر فلا فرق.
(قال صاحب المحكم: يقال: وعدته خيرًا ووعدته شرًّا، فإذا أسقطوا الفعل)، يعني ما قالوا خير، ولا شر، (فإذا أسقطوا الفعل قالوا في الخير: وعدته وفي الشر: أوعدته).
وإني وإن أوعدته ووعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
(وحكى ابن الأعرابي في نوادره: أوعدته خيرًا بالهمزة، فالمراد بالوعد في الحديث الوعد بالخير)، يعني نظير البشارة، البشارة الغالب أنها في الخير فيما يَسر، لكن قد تطلق على خلافه.
(وحكى ابن الأعرابي في نوادره أوعدته خيرًا بالهمزة، فالمراد بالوعد في الحديث الوعد بالخير، وأما الشر فيستحب إخلافه، وقد يجب ما لم يترتب على ترك إنفاذه مفسدة)، يعني أعظم من هذا الشر الذي يترتب عليه.
(وأما الكذب في الحديث، فحكى ابن التِّين عن مالك أنه سئل عمن جُرب عليه كذب؟ فقال: أي نوع من الكذب، لعله حدَّث عن عيش له سالف فبالغ في وصفه فهذا لا يضر)، أسلوب المبالغة لا شك أنه يخرج عن مطابقة الواقع، وقد جاء ذلك في النصوص، النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- قال عن أبي جهيم أنه «كان لا يضع عصاه عن عاتقه»، هل معنى أنه عصاه على كتفه ليل نهار وجالس قائم يصلي يأكل؟
هذه مبالغة، وقد جاءت بها النصوص، فخروجها عن مطابقة الواقع من أجل المبالغة لا تُدخله في الكذب. وقلنا أيضًا: المناظرات التي يعقدها أهل العلم هي مخالفة للواقع بلا شك، مناظرة غير حقيقية، أما مناظرة حقيقية بين شخصين معروفين زيد وعمرو هذا ما فيه إشكال، لكن إذا عقد مناظرة من شخص واحد يناظر بين شيئين إما حسيين أو معنويين، فأحيانًا يجعل مناظرة بين جبري وسني وبين جبري وقدري وبين معتزلي وجهمي وبين جهمي ومرجئ وهكذا، يفعلها أهل العلم وابن القيم يفعل ذلك، هل نقول: إنه ما فيه لا مناظر ولا مناظَر، فهو كذب؟ وهو غير مطابق للواقع؟
في صبح الأعشى مناظرة بين العلوم وهي عند غيره، قال: علم التفسير يفتخر بذلك على غيره، ثم قال علم الحديث، ثم قال علم الفقه، ثم قال كذا وكذا، معروف. وأحيانًا تُعقد مناظرات على ألسنة الطيور أو على ألسنة الحيوانات، هذا موجود، وهو مخالف للواقع، وهو موجود في كلام أهل العلم، هل نقول: إن هذا من «إذا حدث كذب»؟ المقامات: حدث الحارث بن همام قال، ما فيه حارث ولا محروث ولا قائل ولا مقول له، في مقامات الحريري وغيرها من المقامات، هذه أيضًا غير مطابقة للواقع، وجرت على ألسنة أهل العلم، وصنفوا فيها وأفادوا منها، أفادت فائدة كبيرة بين طلاب العلم.
طالب: .......
طيب هو لا يخرج عن دائرة الكذب؛ لأن الأصمعي يتكلم أم مسكت؟ يتكلم الأصمعي أم مسكت؟
طالب: .......
لا، في المناظرة، أقصد في المناظرة.
طالب: .......
كلها كذب هذا.
طالب: .......
من نفس الشيء، مثل المناظرة من طرفين.
طالب: .......
أنا ما قلت المناظرات، خلوها من طرف واحد أو من طرفين ما تختلف. الذي عقده ابن القيم في شفاء العليل مناظرات كثيرة.
طالب: .......
والقارئ يعرف أنها مناظرة وغير حقيقية، وأن هذا متأخر؟ يعني الكلام فيه ما يدل على عدم إرادة الحقيقة.
طالب: أحيانًا يشير يا شيخ بعض المؤلفين في أول كتابه: وعقدت مناظرة بين فلان وفلان، وقال المتوكل على الله، وقال المستنصر بالله؟
نفس الشيء، هي مخالفة للواقع، لكن هل هذا من المغتفر عنه، هل هذا من المغتفر عند أهل العلم أم لا؟
طالب: .......
ومصلحة راجحة في كثير من الأحوال في المقامات في المناظرات في كذا.
طالب: .......
فيه مناظرة عُقدت قبل ستين أو سبعين سنة بين ذي لحية ومحلوقها، وطبعت قديمًا، ثم جُددت حديثًا. لكن الإشكال -عفا الله عن الجميع- أن صاحب اللحية في الطبعة الثانية حلق لحيته!
طالب: .......
ومناظرة قوية في الباب، والناس يستفيدون، والله المستعان، نسأل الله العفو للجميع.
طالب: لكن لو أشار إلى أنه ما يوجد مناظرة حقيقية فلا شيء ....... تدارس العلم وتباحثه .......
كابن القيم ما قال ولا شيء، القلقشندي حينما نصب مناظرة بين العلوم ما ذكر شيئًا. لكن الغالب أن القارئ يدرك، لا سيما إذا كانت ممن لا يعقل.
طيب التمثيل هل يدخل في هذا الباب؟ هو مخالف للواقع، يأتي شخص على أنه شيخ كبير وهو شاب أو العكس؟
طالب: .......
الذي يُجوزه يقول ذلك، ويستدل له بقصة داود -عليه السلام-: {نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21]، ملائكة ما بينهم خصوم في الواقع، وأيضًا قصة الثلاثة الأعمى والأقرع والأبرص، وجاءهم ملك يختبرهم. هذه من أدلتهم، لكن يبقى أن هل هو معهود عند السلف مثل هذا؟ ما هو معهود عند السلف، والخير كله في اتباعهم، والإحداث لا سيما وأن الأصل المنع، هو مخالفة الواقع، والتوسع في مثل هذا أيضًا غير مرضي، وقد يوجد من هؤلاء الذين يمتهنون التمثيل من يكون في مقام رجل كافر، وتصدر منه ألفاظ كفرية شركية، يقسم مثلاً بغير الله على أنه فلان من أهل الجاهلية، وهو مسلم، فهذا خطر عظيم، مثل هذا ما يخاطر بالعقيدة من أجل أي مصلحة كانت، هذه المفسدة لا يعدلها أي مصلحة.
طالب: .......
على كل حال وجهات النظر ما يُحجر عليها، لكن يبقى أن كل خير في اتباع من سلف.
فيه مصنف في التمثيل اسمه: إقامة الدليل على حرمة التمثيل.
طالب: .......
وما المانع؟
طالب: .......
تثبيت هذا وتكرار، ما فيه شيء، يعني وقر الإيمان في قلبه قبل. تشهد أم ما تشهد؟
طالب: نعم.
وتشهد، ثم على الملأ يعلن إسلامه، هذه مصلحة واردة ما فيه شيء، ما يدل على أنه قبل ساعة كافر، الثبات مطلوب.
طالب: .......
لكن الآن عندنا أشياء قائمة نستعمل أم ما نستعمل؟ نقرأ شفاء العليل لابن القيم أم لا؟ نقرأ المناظرة التي في بدائع الفوائد من أبدع ما كُتب بين القائل بالنجاسة والطهارة، أو نقرأ مقامات الحريري، وفيها فوائد لغوية، وثروة لغوية كبيرة، أو مقامات البديع أو غيرها من المقامات.
طالب: .......
لكن ما نؤلف من جديد؟ لماذا، إذا أجزناه فما المانع؟
طالب: ....... يترتب عليها من مفاسد أكثر .......
على كل حال هو خلاف الأصل، الأصل أن ما لا يطابق الواقع هذا كذب.
(وأما الكذب في الحديث فحكى ابن التين عن مالك أنه سئل عمن جُرب عليه كذب، فقال: أي نوع من الكذب؟ لعله حدث عن عيش له سالف فبالغ في وصفه فهذا لا يضر، وإنما يضر من حدَّث عن الأشياء بخلاف ما هي عليه قاصدًا الكذب، انتهى.
وقال النووي: هذا الحديث عده جماعة من العلماء مشكلاً من حيث إن هذه الخصال قد توجد في المسلم المجمع على عدم الحكم بكفره. قال) النووي: (وليس فيه إشكال، بل معناه صحيح، والذي عليه المحققون أن معناه أن هذه خصال نفاق، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم.
قلت: ومحصل هذا الجواب الحَمل في التسمية على المجاز)، يعني ما هو نفاق حقيقي. (أي صاحب هذه الخصال كالمنافق، وهو بناء على أن المراد بالنفاق نفاق الكفر، وقد قيل في الجواب عنه: إن المراد بالنفاق نفاق العمل كما قدمناه، وهذا ارتضاه القرطبي، واستدل له بقول عمر لحذيفة: هل تعلم فيَّ شيئًا من النفاق؟ فإنه لم يُرد بذلك نفاق الكفر، وإنما أراد نفاق العمل).
نفاق العمل يعرفه الإنسان من نفسه، ما يحتاج أن يسأل عنه، لكن الكلام في النفاق الاعتقادي الذي قد يزل فيه الإنسان وهو لا يشعر.
(ويؤيده وصفه بالخالص في الحديث الثاني بقوله: «كان منافقًا خالصًا»، وقيل: المراد بإطلاق النفاق الإنذار والتحذير عن ارتكاب هذه الخصال، وأن الظاهر غير مراد، وهذا ارتضاه الخطابي، وذكر أيضًا أنه يحتمل أن المتصف بذلك هو من اعتاد ذلك، وصار له ديدنًا.
قال: ويدل عليه التعبير بإذا فإنها تدل على تكرر الفعل، كذا قال، والأَولى ما قال الكرماني: إن حذف المفعول من «حدَّث» يدل على العموم).
«حدث» يعني بأي حديث كان، يعني من أساليب التعميم حذف المتعلق، حذف المفعول؛ ليسرح الذهن فيه كل مسرح، كل ما يحتمله من المفعولات يدخل فيه. (والأَولى ما قال الكرماني: إن حذف المفعول من «حدَّث» يدل على العموم، أي: إذا حدَّث في كل شيء كذب)..
يعني صار عادته وديدنه أنه لا يَصدق، لكن هل يُتصور أحد أنه لا يصدق؟ لكن قد يُحمل على الغالب غالب حديثه كذب، وإلا فالشيطان «صدقك هو كذوب»، ومهما بلغ الإنسان من الكذب لا بد أن يصدق.
طالب: .......
ظاهره غير مراد.
طالب: .......
إي من حديث الوعيد والتنفير والزجر.
(أي إذا حدث في كل شيء كذب فيه، أو يصير قاصرًا، أي إذا وجد ماهية التحديث كذب)، كيف (أو يصير قاصرًا، أي إذا وجد)؟
يعني وجد فرصة للتحديث كذب، نعوذ بالله.
(وقيل: هو محمول على من غلبت عليه هذه الخصال، وتهاون بها، واستخف بأمرها، فإن من كان كذلك، كان فاسد الاعتقاد)، يعني: ولو كانت عملية، وهي بمفرداتها لا تصل إلى هذا الحد، ونازع بعضهم في اجتماعها، إلا أنها لا تجتمع في قلب مسلم تكون عادة له، وديدنًا له. (فإن من كان كذلك كان فاسد الاعتقاد غالبًا. وهذه الأجوبة كلها مبنية على أن اللام في المنافق للجنس، ومنهم من ادعى أنها للعهد، فقال: إنه ورد في حق شخص معين أو في حق المنافقين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتمسك هؤلاء بأحاديث ضعيفة جاءت في ذلك، لو ثبت شيء منها لتعين المصير إليه، وأحسن الأجوبة ما ارتضاه القرطبي)، أيهم؟
طالب: .......
نفاق العمل يعني لا نفاق الاعتقاد.
طالب: .......
نفاق الاعتقاد نعم، ما يمكن، مجبولين على هذه الصفات، لكن هل هو طردي عكسي أم طردي فقط؟ يعني من وُجدت فيه هذه الخصال كان منافقًا، وكل منافق فيه هذه الخصال.
طالب: .......
ما هو؟
طالب: .......
يعني قد لا يتسنى للإنسان أن يخاصم، وفي قرارة نفسه أنه لو خاصم فجر، مُصرّ على هذا، ويستعمل بقية الخصال وهو ما عنده فرصة ليخاصم، ماذا يكون أمره؟ فهو مثل من «إذا خاصم فجر»؛ لأنه قاصد ذلك وعازم عليه.
طالب: .......
نعم، لكن ماذا يقصد بذلك؟ ما يقصد بذلك وجه الله والدار الآخرة، يقصد بذلك تجارته وسمعته، أو تربيته؟
طالب: .......
المقصود أنه حتى تربيته احتمال أن يكون مربى على هذا، فإذا كان الحيوان يقبل التربية فالإنسان من باب أولى.
طالب: .......
هذا الذي جاءت به النصوص؟ لا، يُستثنى.
طالب: .......
ما هو؟
طالب: .......
نعم، خارج العموم، طيب عندك من رأى بأم عينه ما يطابق الحقيقة مثل الشمس، نقول: صادق أم كاذب؟
طالب: صادق.
باطراد؟
طالب: لا.
يخرج منه صور مثل الشهادة، القذف، ثلاثة قذفوا وكلهم ثقات ورأوا بأم أعينهم، والله -جَلَّ وعَلا- يقول: {فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13]، وكلامهم مطابق للواقع.
طالب: .......
ما هو؟
طالب: .......
لأنه لو كان يتركها باطراد أو يفعلها أحيانًا ويتركها أحيانًا ما يقال: «حتى يدعها»؛ لأنها يدعها، كان يدعها أحيانًا.
على كل حال الأمر مخوف، والناس تساهلوا، كثير من الناس يتساهل في الشيء اليسير إلى أن يصل إلى حد يجد نفسه في أمر صعب جدًّا، يعني بعض الناس تساهلوا في الكلام، ثم يُستدرج ويعاقب بما هو أشد منه إلى أن يصل إلى أن يقول مثل ما قال -نسأل الله العافية-: سبحان ربي الأسفل! أو: ألا بذكر الله تزداد الذنوب وتنطمس البصائر والقلوب! يعني ما يخطر على قلب عاقل أنه يصل إلى هذا الحد، لكنها عقوبات، بعضها يرقق بعضًا حتى يصل إلى هذا الحد.
طالب: .......
«أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا».
طالب: .......
ما فيه شك أن المزاح لا سيما إذا كان يعرف المخاطب أنه غير مطابق للواقع، لكن على كل حال المتعين تركه، لكن يبقى أنه هل يأثم مثل إثم الكاذب الذي ينصرف الناس عنه على أنه صادق؟ هذا يختلف.
(قوله: "تابعه شعبة" وصل المؤلف هذه المتابعة في كتاب المظالم، ورواية قبيصة عن سفيان وهو الثوري ضعفها يحيى بن معين، وقال الشيخ محيي الدين)، (ورواية قبيصة عن سفيان) أين الرواية؟
طالب: .......
نعم، قبيصة شيخ البخاري.
(ورواية قبيصة عن سفيان، وهو الثوري ضعفها يحيى بن معين، وقال الشيخ محيي الدين: إنما أوردها البخاري على طريق المتابعة لا الأصالة، وتعقَّبه الكرماني بأنها مخالفة في اللفظ والمعنى من عدة جهات، فكيف تكون متابعةً؟
وجوابه: أن المراد بالمتابعة هنا كون الحديث مخرجًا في صحيح مسلم وغيره من طرق أخرى عن الثوري)، يعني لا يلزم أن يكون الأصل عند البخاري والمتابعة عنده، ولو كان الأصل عند غيره، الأصل معول عليه ومعتمد عليه عند غيره والمتابعة عنده.
(وجوابه: أن المراد بالمتابعة هنا كون الحديث مخرجًا في صحيح مسلم وغيره من طرق أخرى عن الثوري، وعند المؤلف من طرق أخرى عن الأعمش منها رواية شعبة المشار إليها، وهذا هو السر في ذكرها هنا)، لما قال: تابعه، (وكأنه فهم أن المراد بالمتابعة حديث أبي هريرة المذكور في الباب، وليس كذلك، إذ لو أراده لسماه شاهدًا)، (إذ لو أراده لسماه شاهدًا)؛ لأنه عن صحابي آخر. لكن هل هذا الاصطلاح الذي استقر عليه عمل المتأخرين في تسمية ما يتحد الصحابي متابعًا، وما يختلف الصحابي شاهدًا هو المعروف عند المتقدمين؟ ما يلزم، قد يسمون المتابع شاهدًا، والعكس. (وأما دعواه أن بينهما مخالفةً في المعنى فليس بمسلَّم لِما قررناه آنفًا، وغايته أن يكون في أحدهما زيادة وهي مقبولة؛ لأنها من ثقة متقن والله أعلم).
طيب زيادة من ثقة يعني زيادة في حديث الثقة أو الزيادة في حديث من تُكلم فيه؟
طالب: من تكلم فيه.
ما فيه شك أنها من رواية قبيصة، هو يقول: (وغايته أن يكون في أحدهما زيادة وهي مقبولة؛ لأنها من ثقة متقن)، يعني إذا ضممنا إليها رواية مسلم صارت زيادة ثقة. (والله أعلم).
يقول: (فائدة: رجال الإسناد الثاني كلهم كوفيون، إلا الصحابي، وقد دخل الكوفة أيضًا، والله أعلم).
اللهم صل على محمد.
طالب: .......
ثلاث كذبات.
طالب: .......
ثلاث كذبات، نعم. «وكلها في ذات الله» كما في صحيح البخاري: قوله {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89]، وقوله لزوجته: هذه أختي، وقوله في الثالثة: {فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} [الأنبياء: 63]، كلها في ذات الله، فهو من المستثنى من كونه كذبًا، المصلحة راجحة.
طالب: .......
نعم، هذا هل هو مناظر أو ناظر؟ هل هو ناظر أو مناظر؟ يختلف أهل العلم في ذلك.
طالب: .......
ماذا فيها؟
طالب: .......
عمل إبراهيم -عليهِ السَّلامُ-؟
طالب: .......
نعم، ما فيه شك.
طالب: .......
على كل حال من أراد أن يُظهر الحق إن شاء الله .......
طالب: .......
نعم، ولو لغةً.
اللهم صل على محمد.
"