التعليق على تفسير القرطبي - سورة الأحزاب (09)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالي-: "قَوْلُهُ تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}. 

فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ:

 الْأُولَى: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَذِيَّةِ اللَّهِ بِمَاذَا تَكُونُ؟ فَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَاهُ بِالْكُفْرِ، وَنِسْبَةِ الصَّاحِبَ وَالْوَلَدِ وَالشَّرِيكِ إِلَيْهِ، وَوَصْفِهِ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ، كَقَوْلِ الْيَهُودِلَعَنَهُمُ اللَّهُ-: وَقَالَتِ الْيَهُودُ: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ". 

كقول اليهود -لعنهم الله- لم يذكر، وقالت اليهود لكان أولى، كقول اليهود لعنهم الله: يد الله مغلولة، نعم، أنت وقفت عليها الآن؟ وقفت عليها؟ لأنه يقول كقول اليهود لعنهم الله، ماذا قال اليهود؟ يد الله مغلولة، أما الذي قال: وقالت اليهود: يد الله، فالقائل هو الله -جل وعلا-، وقالت اليهود: يد الله مغلولة هذا ليس من قول اليهود، هذا من قول الله -جل وعلا-، أما قول اليهود: يد الله مغلولة، لعنهم الله.

"وَالنَّصَارَى: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ". 

نعم، طردًا لذلك، طردًا لكلامه، عليه أن يقول: والنصارى وقالت النصارى: المسيح ابن الله، لكن هذا ليس بصحيح، واقتصر على قولهم ومنسوب إليهم.

"وَالْمُشْرِكُونَ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ وَالْأَصْنَامُ شُرَكَاؤُهُ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: » كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ» الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ (مَرْيَمَ) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: »يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَقُولُ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا». هَكَذَا جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ".

ولا يمكن أن يقول أبو هريرة هذا من كيسه أبدًا وينسب إلى الله -جل وعلا- ما لم يسمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو مرفوع على كل حال.

"وَقَدْ جَاءَ مَرْفُوعًا عَنْهُ:» يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ»، أَخْرَجَهُ أَيْضًا مُسْلِمٌ".

نعم، هذا صريح في الأذية لله -جل وعلا- وليس معنى هذا أنه يناله بذلك ما يتأذى به ويتضرر به، فلو أن الناس كلهم ولو أن الإنس والجن كلهم من أولهم إلى آخرهم كانوا على أفجر قلب رجل ما نقص من ملك الله شيء، ولكن الله -جل وعلا- خلق الخلق لعبادته، فكونهم يستكبرون عن هذه العبادة بعد أن خلقهم ورزقهم فلا شك أن هذا مما يقلق ويؤذي، لكن الله -جل وعلا- بمعزل عن هذا، هو ينسب ذلك لنفسه -جل وعلا- باعتبار ما يفهمه المخلوق، باعتبار ما يفهمه المخلوق، وقوله: يسب الدهر، وأنا الدهر، فالدهر ليس من أسماء الله -جل وعلا- كما زعم ابن حزم لهذا الحديث »وأنا الدهر»، هذا ليس من أسماء الله -جل وعلا-، وإنما وضحه بقوله: »أقلب الليل والنهار»، فأنا المصرف في الدهر، وأنا المحدث والموجد لما يسب الدهر من أجله، فكأن من يسب الدهر يسب الله- جل وعلا-.

طالب: ..............................

نعم.

طالب: ..............................

يعني وصفه، يعني سب الدهر على الإطلاق، سب الدهر على الإطلاق لا شك أنه فيه كُفران للنعم، فالدهر فيه ما يسر وفيه ما يضر. الأمر الثاني أن الله -جل وعلا- له أن يفعل ما شاء، له أن يقسم بما شاء، له أن يسب ما شاء، له، وليس معنى أننا منعنا من سب الدهر، وأن الله وصفه بهذا الوصف المنطبق عليه، الله -جل وعلا- علم أن هذا يوم نحس، قد يكون نحسًا، ونقدره نحسًا في تقديرنا، لكنه في الحقيقة ليس بنحس؛ لما ترتب عليه من مصالح، نحن لا ندرك هذه الأمور بدقة. نعم

طالب: .........................

على كل حال هو قد لا يطابق الحقيقة، قد لا يطابق الواقع، الله -جل وعلا -عرف بعلمه أن هذا اليوم بالفعل نحس عليهم، وليس فيهم خير لهم ألبتة، لكن قد يكون يوم فيه ضرر على بعض الناس، وإذا تأملته وجدت فيه نفعًا عظيمًا لغيرهم، فلا يُوصف اليوم بهذا.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَعْنَاهُ بِالتَّصْوِيرِ وَالتَّعَرُّضِ لِفِعْلٍ مَا لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا اللَّهُ بِنَحْتِ الصُّوَرِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-» : لَعَنَ اللَّهُ الْمُصَوِّرِينَ» .

قُلْت: وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي قَوْلَ مُجَاهِدٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ تَصْوِيرِ الشَّجَرِ وَغَيْرِهَا؛ إِذْ كُلُّ ذَلِكَ صِفَةُ اخْتِرَاعٍ وَتَشَبُّهٍ بِفِعْلِ اللَّهِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي سُورَةِ (النَّمْلِ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ".

وتقدم أن المفسر –-رحمه الله-- يرجح قول مجاهد، وأنه لا يجوز تصوير مخلوقات الله ألبتة سواء كان فيها روح، أو ليست بذات روح، ما كان من صنع الله -جل وعلا- لا يجوز تصويره، وعامة أهل العلم وجمهورهم الاقتصار على ذوات الأرواح؛ لأنه جاء في بعض النصوص أنه يؤمر أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ، فدل على أن المنع اختص بما فيه روح.

طالب:.................

التصوير والتعرض، نعم، يعني هذا منازعة لحكم الله وملكه، أذية لله -جل وعلا-؛ لأن فيه منازعة.

"وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، تَقْدِيرُهُ: يُؤْذُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ. وَأَمَّا أَذِيَّةُ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- فَهِيَ كُلُّ مَا يُؤْذِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ".

بعد صحة حديث: »يؤذيني ابن آدم» لا داعي لمثل هذا التأويل ومثل هذا التقدير.

"وَأَمَّا أَذِيَّةُ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- فَهِيَ كُلُّ مَا يُؤْذِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي غَيْرِ مَعْنًى وَاحِدٍ، وَمِنَ الْأَفْعَالِ أَيْضًا. أَمَّا قَوْلُهُمْ: (فَسَاحِرٌ. شَاعِرٌ. كَاهِنٌ. مَجْنُونٌ). وَأَمَّا فِعْلُهُمْ: (فَكَسْرُ رَبَاعِيَتِهِ، وَشَجُّ وَجْهِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَبِمَكَّةَ إِلْقَاءُ السَّلَى عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ".

الذين يؤذون رسول الله وعلى رأسهم المشركون الذين قاتلوه، والمنافقون، واليهود، والذين قذفوا في عرضه –عليه الصلاة والسلام-، والذين تسبّبوا للسخرية به، ورسموه برسوم تذري به –عليه الصلاة والسلام-  أو وصفوه بأوصاف لا تليق به، وأيضًا يؤذيه من يخالف أمره، ولو كان بالغلو، يعني إذا كان جانب الحط من شأنه وقيمته -عليه الصلاة والسلام- يؤذيه فأيضًا الغلو والإطراء في المدح له- عليه الصلاة والسلام- الذي نهى عنه أيضًا يؤذيه. وأي أذىً أعظم وأبلغ من الشرك بالله -جل وعلا- مما يؤذي النبي -عليه الصلاة والسلام-.

" وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ طَعَنُوا عَلَيْهِ حِينَ اتَّخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ. وَأُطْلِقَ إِيذَاءُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَقُيِّدَ إِيذَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ لِأَنَّ إِيذَاءَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِغَيْرِ حَقٍّ أَبَدًا. وَأَمَّا إِيذَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْهُ، وَمِنْهُ".

 يعني منه ما يكون بحق، ومنه ما يكون بغير حق، بغير ما اكتسبوا، هناك الأذى للمؤمنين منه ما هو بحق، بسبب من المسلم الذي عرض غيره لأذيته قد يكون هو متسببًا في هذا، ومنه ما هو بمحض الظلم والعدوان على المسلم، هذا الأمر معروف، فأطلق في أذية الله ورسوله؛ لأنه ليس منه شيءٌ يكون بحق، وقيَّد أذية المؤمنين بغير ما اكتسبوا، يعني بما يكون بلا حق ولا تسبب منهم.

طالب:.......................

نعم، من سب الله ورسوله كفر، نسأل الله العافية {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ}[التوبة:66] ، مرتد.

"الثَّانِيَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا".

نعم.

طالب:.................

وفي غير دار الإسلام؟ إذا قُدر عليه قام عليه الحد.

طالب:................

على كل حال هذا يخضع للمصالح والمفاسد. الأصل أن إقامة الحدود للإمام، هذا الأصل. إقامة الحدود للإمام.

"الثَّانِيَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: وَالطَّعْنُ فِي تَأْمِيرِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَذِيَّةٌ لَهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-. رَوَى الصَّحِيحُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمْرَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: »إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمْرَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمْرَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ»، وَهَذَا الْبَعْثُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

عُرف بعد ذلك بوصفه بالحِب ابن الحِب.

 "وَهَذَا الْبَعْثُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- هُوَ الَّذِي جَهَّزَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَ أُسَامَةَ وَأَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَغْزُوَ أُبْنَى وَهِيَ الْقَرْيَةُ الَّتِي عِنْدَ مُؤْتَة، الْمَوْضِعُ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ زَيْدٌ أَبُوهُ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِثَأْرِ أَبِيهِ فَطَعَنَ مَنْ فِي قَلْبِهِ رَيْبٌ فِي إِمْرَتِهِ؛ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمَوَالِي، وَمِنْ حَيْثُ إِنَّهُ كَانَ صَغِيرَ السِّنِّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ إِذْ ذَاكَ ابْنَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَمَاتَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ بَرَزَ هَذَا الْبَعْثُ عَنِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَنْفَصِلْ بَعْدُ عَنْهَا، فَنَفَذَهُ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.

الثَّالِثَةُ".

وليس له أن يحل رايةً عقدها الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما قال لما أشير إليه.

"الثَّالِثَةُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى جَوَازِ إِمَامَةِ الْمَوْلَى وَالْمَفْضُولِ عَلَى غَيْرِهِمَا مَا عَدَا الْإِمَامَةَ الْكُبْرَى".

لأن الأئمة من قريش، كما ذكر في الصحيح، الأئمة من قريش، وهذا في حال الاختيار، أما في حال الاضطرار والإجبار والتولي بغير اختيار، فلو تأمّر عبدٌ حبشي رأسه كأنه زبيبة لوجبت طاعته.

"وَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ عَلَى الصَّلَاةِ بِقُبَاءٍ، فَكَانَ يَؤُمُّهُمْ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ كُبَرَاءِ قُرَيْشٍ. وَرَوَى الصَّحِيحُ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الرحمن".

 أن إيش؟ عبد الحارث

"أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الحارث لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى هَذَا الْوَادِي؟ قَالَ: ابْنُ أَبْزَى. قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا. قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى! قَالَ: إِنَّهُ لَقَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَإِنَّهُ لَعَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ".

يعني بالحلال والحرام. نعم.

»قَالَ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ قَدْ قَالَ: »إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ». الرَّابِعَةُ: كَانَ أُسَامَةُ -رضي الله عنه- الْحِبَّ ابْنَ الْحِبِّ وَبِذَلِكَ كَانَ يُدْعَى، وَكَانَ أَسْوَدَ شَدِيدَ السَّوَادِ، وَكَانَ زَيْدٌ أَبُوهُ أَبْيَضَ مِنَ الْقُطْنِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِح. وَقَالَ غَيْرُ أَحْمَدَ: كَانَ زَيْدٌ أَزْهَرَ اللَّوْنِ وَكَانَ أُسَامَةُ شَدِيدَ الْأُدْمَةِ. وَيُرْوَى".

ولذلك تكلم الناس في نسبه، تكلم بعض الناس في نسبه، فلما جاء مجزز المدلجي القائف المعروف وكان أسامة وأبوه نائمين لم يبدُ منهما إلا أطراف القدمين فقال: هذه الأقدام من هذه الأقدام، ففرح النبي -عليه الصلاة والسلام- بذلك فرحًا شديدًا؛ لأن قوله حجة عندهم.

"وَيُرْوَى» أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُحَسِّنُ أُسَامَةَ وَهُوَ صَغِيرٌ وَيَمْسَحُ مُخَاطَهُ، وَيُنَقِّي أَنْفَهُ وَيَقُولُ: لَوْ كَانَ أُسَامَةُ جَارِيَةً لَزَيَّنَّاهُ وَجَهَّزْنَاهُ وَحَبَّبْنَاهُ إِلَى الْأَزْوَاجِ »".

وتخريجه؟ تخريجه؟

طالب: قال المحقق: منكر أخرجه أحمد من حديث عائشة، مع اختلاف يسير فيه، وإسناده واهٍ لأجل الحجاج بن أرطاة، والمتن منكر، والحديث المسند عن عائشة -رضي الله عنها-: عَثَرَ أُسَامَةُ بأسكفة أو عَتَبَةِ الْبَابِ فَشُجَّ فِي جبهته، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-» : أَمِيطِي عَنْهُ الأَذَى، قالت: فَقَذَرْتُهُ، قالت: فَجَعَلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَمُصُّه ثم َيَمُجُّهُ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه».

أُنَفِّقه يعني يدرجه.

طالب: من طريق شريك عن العباس بن دريج عن البهي، وشريك ضعيف، والبهي نفى سماعه من عائشة أحمد، وأثبته البخاري، وخرج له الإمام مسلم حديثًا واحدًا بالعنعنة عن عائشة في صحيحه، وله شاهد من طريق المجالد عن هشام عن عائشة .... صحيح ... عند ابن سعد، وصححه الألباني... وحسنه محققو المسند.

على كل حال كان أسامة أسيرًا عند النبي -عليه الصلاة والسلام- ويحبه ويحب أباه ولا يلزم أن تكون هذه التفاصيل أيضًا ثابتة.

 "وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ سَبَبَ ارْتِدَادِ الْعَرَبِ بَعْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه لَمَّا كَانَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِجَبَلِ عَرَفَةَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عِنْدَ النَّفْرِ، احْتَبَسَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَلِيلًا بِسَبَبِ أُسَامَةَ إِلَى أَنْ أَتَاهُ، فَقَالُوا: مَا احْتَبَسَ إِلَّا لِأَجْلِ هَذَا! تَحْقِيرًا لَهُ، فَكَانَ قَوْلُهُمْ هَذَا سَبَبَ ارْتِدَادِهِمْ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ بِمَعْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ".

ان عبد البر في الاستيعاب ذكر نحوًا من هذا وقال: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتبس بسببه، فلما جاء قالوا أهل اليمن: حُبسنا من أجل هذا، هذا الأسود الأفطس الذي فيه وما فيه؟ قال: فارتدوا بسبب ذلك. وما أدري هل كان هذا سببًا لردة حصلت منهم، أو أن هذا مجرد اعتراض على النبي -عليه الصلاة والسلام- وعدم موافقة لما يحبه؟ فمثل هذا أمر خطير بلا شك.

"الْخَامِسَةُ: كَانَ عُمَرُ -رضي الله عنه- يَفْرِضُ لِأُسَامَةَ فِي الْعَطَاءِ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَلِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ أَلْفَيْنِ".

ابن الخليفة ألفين، والمولى ابن المولى خمسة آلاف؛ موافقةً لمراد النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: فَضَّلْتَ عَلَيَّ أُسَامَةَ وَقَدْ شَهِدْتُ مَا لَمْ يَشْهَدْ! فَقَالَ: إِنَّ أُسَامَةَ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْكَ، وَأَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أَبِيكَ. فَفَضَّلَ -رضي الله عنه- مَحْبُوبَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى مَحْبُوبِهِ. وَهَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُحَبَّ مَا أَحَبَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَيُبْغَضَ مَنْ أَبْغَض. 

نعم.

وَقَدْ قَابَلَ مَرْوَانُ هَذَا الْحُبَّ بِنَقِيضِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ يُصَلِّي عِنْدَ بَابِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: إِنَّمَا أَرَدْت أَنْ نَرَى مَكَانَكَ، فَقَدْ رَأَيْنَا مَكَانَكَ، فَعَلَ اللَّهُ بِكَ! وَقَالَ قَوْلًا قَبِيحًا. فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: إِنَّكَ آذَيْتَنِي، وَإِنَّك فَاحِشٌ مُتَفَحِّشٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: »إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ»، فَانْظُرْ مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ وَقِسْ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَقَدْ آذَى بَنُو أُمَيَّةَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي أَحْبَابِهِ، وَنَاقَضُوهُ فِي مَحَابِّهِ.

فيه تعليق؟ 
طالب: قال: حسن أخرجه الطبراني كما في المجمع، وابن أبي الدنيا في الصمت، من حديث أسامة وقال: رجاله ثقات، انتهى كلامه، والمرفوع منه له شواهد كثيرة.

نعم معروف.

طالب:......................

ماذا؟

طالب: ...... قَدْ آذَى بَنُو أُمَيَّةَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فِي أَحْبَابِهِ...

نعم، حصل من بعضهم، حصل من بعض الخلفاء أذية، ومن بعض عُمَّالهم أيضًا حصل كالحجاج وغيره حصل لهم أذية، لكن بهذا الإطلاق لم يُسمع.

طالب:..................

لا لا، الإطلاق ليس بمقبول؛ لأن بني أمية يدخل فيهم معاوية -رضي الله عنه-، يدخل فيهم عمر بن عبد العزيز، يدخل فيهم خيار الناس، فهذا ليس على إطلاقه.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَعَنَهُمُ اللَّهُ) مَعْنَاهُ أُبْعِدُوا مِنْ كُلِّ خَيْرٍ. وَاللَّعْنُ فِي اللُّغَةِ: الْإِبْعَادُ، وَمِنْهُ اللِّعَانُ".

لأنه يُبعد الزوجة عن زوجها. نعم.

"{وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}  تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}.

 أَذِيَّةُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ هِيَ أَيْضًا بِالْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ الْقَبِيحَةِ، كَالْبُهْتَانِ وَالتَّكْذِيبِ الْفَاحِشِ الْمُخْتَلَقِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ نَظِيرُ الْآيَةِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[النساء:112] كَمَا قَالَ هُنَا.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مِنَ الْأَذِيَّةِ تَعْيِيرُهُ بِحَسَبٍ مَذْمُومٍ، أَوْ حِرْفَةٍ مَذْمُومَةٍ، أَوْ شَيْءٍ يَثْقُلُ عَلَيْهِ إِذَا سَمِعَهُ؛ لِأَنَّ أَذَاهُ فِي الْجُمْلَةِ حَرَامٌ. وَقَدْ مَيَّزَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ أَذَاهُ وَأَذَى الرَّسُولِ وَأَذَى الْمُؤْمِنِينَ، فَجَعَلَ الْأَوَّلَ كُفْرًا وَالثَّانِيَ كَبِيرَةً، فَقَالَ فِي أَذَى الْمُؤْمِنِينَ: {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} وَقَدْ بَيَّنَّاهُ. وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: قَرَأْتُ الْبَارِحَةَ هَذِهِ الْآيَةَ فَفَزِعْتُ مِنْهَا {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} الْآيَةَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَضْرِبُهُمْ وَأَنْهَرُهُمْ. فَقَالَ لَهُ أُبَيٌّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَسْتَ مِنْهُمْ، إِنَّمَا أَنْتَ مُعَلِّمٌ وَمُقَوِّمٌ. 

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ عُمَرَ رَأَى جَارِيَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَضَرَبَهَا وَكَرِهَ مَا رَأَى مِنْ زِينَتِهَا، فَخَرَجَ أَهْلُهَا فَآذَوْا عُمَرَ بِاللِّسَانِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.

وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ، فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُؤْذُونَهُ وَيَكْذِبُونَ عَلَيْهِ -رضي الله عنه-".

هذا بعد نزول الآية بأزمان، كانوا يؤذونه ويكذبون عليه، الكذب على علي -رضي الله عنه- إنما حصل بعد ذلك بأزمان بعد مقتل عثمان -رضي الله عنه-، وعمر -رضي الله عنه- تأثَّم وخاف أن يدخل في هذه الآية مع أنه يضرب ويؤدب فعل الناصح لا فعل المؤذي.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}".

 يوجد الآن كبير السن إمام مسجد منذ أزمان متطاولة يقوّم الناس بالعصا، ويسويهم بالعصا ويضرب، عند قيامهم للصلاة يسويهم بالعصا، ويحتج بأن عمر كان يضرب الناس بالدِرة، فهل كل عمل يُقبل من عمر يُقبل من غيره؟! الكلام لا شك أنه جهل، هذا جهل، فالذي يُقبل من الكبير لا يُقبل من الصغير.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} فِيهِ سِتُّ مَسَائِل: الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِك}.

قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي تَفْصِيلِ أَزْوَاجِهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً قَالَ قَتَادَةُ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ تِسْعٍ. خَمْسٌ مِنْ قُرَيْشٍ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ، وَسَوْدَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ. وَثَلَاثٌ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ: مَيْمُونَةُ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَجُوَيْرِيَة.ُ وَوَاحِدَةٌ مِنْ بَنِي هَارُونَ: صَفِيَّةُ. وَأَمَّا أَوْلَادُهُ فَكَانَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-".

نُظمت هذه التسع اللواتي تُوفِّي الرسول -عليه الصلاة والسلام- عنهن في بيتين، يقول الناظم:

تُوُفّى رسول الله عن تسع نسوة
 

إليهنَّ تعزى المكرمات وتنسبُ
  

فعائشة ميمونة وصفية
 

وحفصة تتلوهنَّ هند وزينب
  

جويريَّة مع رملة ثم سودة
 

ثلاث وست نظمهنَّ مهذَّبُ
  

هؤلاء التسع تُوفِّي عنهم النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأما العدد فقد تقدم بالتفصيل من مات عنهن، ومن مات في زمنه -عليه الصلاة والسلام-، ومن عقد عليها ولم يدخل بها، ومن خطبها ولم يعقد عليها، كل هذا مضى بالتفصيل.

وَأَمَّا أَوْلَادُهُ فَكَانَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، فَالذُّكُورُ مِنْ أَوْلَادِهِ: الْقَاسِمُ، أُمُّهُ خَدِيجَةُ، وَبِهِ كَانَ يُكْنَى -صلى الله عليه وسلم-، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ، وَعَاشَ سَنَتَيْنِ. وَقَالَ عُرْوَةُ: وَلَدَتْ خَدِيجَةُ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الْقَاسِمَ وَالطَّاهِرَ وَعَبْدَ اللَّهِ وَالطَّيِّبِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقِيُّ: وَيُقَالُ: إِنَّ الطَّاهِرَ هُوَ الطَّيِّبُ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ. وَإِبْرَاهِيمُ أُمُّهُ مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ، وُلِدَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَتُوُفِّيَ ابْنَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَقِيلَ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ. وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: »إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا تُتِمُّ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ»، وَجَمِيعُ أَوْلَادِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ خَدِيجَةَ سِوَى إِبْرَاهِيمَ. وَكُلُّ أَوْلَادِهِ مَاتُوا فِي حَيَاتِهِ غَيْرَ فَاطِمَةَ".

وما لبثت بعده إلا يسيرًا، لحقت به -عليه الصلاة والسلام-.  
"وَأَمَّا الْإِنَاثُ مِنْ أَوْلَادِهِ فَمِنْهُنَّ: فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ بِنْتُ خَدِيجَةَ، وَلَدَتْهَا وَقُرَيْشٌ تَبْنِي الْبَيْتَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ، وَهِيَ أَصْغَرُ بَنَاتِهِ، وَتَزَوَّجَهَا عَلِيٌّ -رضي الله عنهما- فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ فِي رَمَضَانَ، وَبَنَى بِهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ. وَقِيلَ: تَزَوَّجَهَا فِي رَجَبٍ، وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَسِيرٍ، وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ لَحِقَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. -رضي الله عنها- وَمِنْهُنَّ: زَيْنَبُ أُمُّهَا خَدِيجَةُ تَزَوَّجَهَا ابْنُ خَالَتِهَا أَبُو الْعَاصِي بْنُ الرَّبِيعِ، وَكَانَتْ أُمُّ الْعَاصِي هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ. وَاسْمُ أَبِي الْعَاصِي لَقِيطٌ.

 وَقِيلَ: هَاشِمٌ. وَقِيلَ: هُشَيْمٌ. وَقِيلَ مِقْسَمٌ. وَكَانَتْ أَكْبَرَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَتُوُفِّيَتْ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي قَبْرِهَا". 
وهي أم أمامة التي حملها النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته.
طالب:......................

نعم؟

طالب:......................

أمامة تزوجها علي -رضي الله عنه- بعد ذلك.

طالب:...........................

ما أدري، نسيت.

"وَمِنْهُنَّ: رُقَيَّةُ - أُمُّهَا خَدِيجَةُ - تَزَوَّجَهَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، فَلَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ:{ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد:1] قَالَ أَبُو لَهَبٍ لِابْنِهِ: رَأْسِي مِنْ رَأْسِكَ حَرَامٌ إِنْ لَمْ تُطَلِّقِ ابْنَتَهُ، فَفَارَقَهَا وَلَمْ يَكُنْ بَنَى بِهَا. وَأَسْلَمَتْ حِينَ أَسْلَمَتْ أُمُّهَا خَدِيجَةُ، وَبَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هِيَ وَأَخَوَاتُهَا حِينَ بَايَعَهُ النِّسَاءُ، وَتَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَكَانَتْ نِسَاءُ قُرَيْشٍ يَقُلْنَ حِينَ تَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ:

أَحْسَنُ شَخْصَيْنِ رَأَى إِنْسَانُ
 

رُقَيَّةُ وَبَعْلُهَا عُثْمَانُ
  

 وَهَاجَرَتْ مَعَهُ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ الْهِجْرَتَيْنِ، وَكَانَتْ قَدْ أَسْقَطَتْ مِنْ عُثْمَانَ سَقْطًا، ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ عُثْمَانُ يُكْنَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَبَلَغَ سِتَّ سِنِينَ، فَنَقَرَهُ دِيكٌ فِي وَجْهِهِ فَمَاتَ، وَلَمْ تَلِدْ لَهُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ. وَهَاجَرَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَمَرِضَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَجَهَّزُ إِلَى بَدْرٍ، فَخَلَّفَ عُثْمَانَ عَلَيْهَا، فَتُوُفِّيَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِبَدْرٍ، عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ. وَقَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بَشِيرًا مِنْ بَدْرٍ، فَدَخَل َالْمَدِينَةَ حِينَ سُوِّيَ التُّرَابُ عَلَى رُقَيَّةَ. وَلَمْ يَشْهَدْ دَفْنَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم.

 وَمِنْهُنَّ: أُمُّ كُلْثُوم أُمُّهَا خَدِيجَةُ، تَزَوَّجَهَا عُتَيْبَةُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ أَخُو عُتْبَةَ  قَبْلَ النُّبُوَّةِ".

فيه تعليق على شيء من هذا؟ فيه تعليق، لاسيما سبب الوفاة وفاة الولد؟

طالب: ...........

 نعم.

"تَزَوَّجَهَا عُتَيْبَةُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ أَخُو عُتْبَةَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَأَمَرَهُ أَبُوهُ أَنْ يُفَارِقَهَا لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي أَمْرِ رُقَيَّةَ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، فَلَمْ تَزَلْ بِمَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَسْلَمَتْ حِينَ أَسْلَمَتْ أُمُّهَا، وَبَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَ أَخَوَاتِهَا حِينَ بَايَعَهُ النِّسَاءُ، وَهَاجَرَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ حِينَ هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ رُقَيَّةُ تَزَوَّجَهَا عُثْمَانُ، وَبِذَلِكَ سُمِّيَ ذَا النُّورَيْنِ. وَتُوُفِّيَتْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى قَبْرِهَا، وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهَا عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَأُسَامَةُ. وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ أَكْبَرَ وَلَدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الْقَاسِمُ، ثُمَّ زَيْنَبُ، ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ :الطَّيِّبُ وَالطَّاهِرُ، وَوُلِدَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَمَاتَ صَغِيرًا، ثُمَّ أُمُّ كُلْثُومٍ، ثُمَّ فَاطِمَةُ، ثُمَّ رُقَيَّةُ. فَمَاتَ الْقَاسِمُ بِمَكَّةَ ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ.

 الثانية: لَمَّا كَانَتْ عَادَةُ الْعَرَبِيَّاتِ التَّبَذُّلَ، وَكُنَّ يَكْشِفْنَ وُجُوهَهُنَّ كَمَا يَفْعَلُ الْإِمَاءُ، وَكَانَ ذَلِكَ دَاعِيَةً إِلَى نَظَرِ الرِّجَالِ إِلَيْهِنَّ، وَتَشَعُّبِ الْفِكْرَةِ فِيهِنَّ، أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَأْمُرَهُنَّ بِإِرْخَاءِ الْجَلَابِيبِ عَلَيْهِنَّ إِذَا أَرَدْنَ الْخُرُوجَ إِلَى حَوَائِجِهِنَّ، وَكُنَّ يَتَبَرَّزْنَ فِي الصَّحْرَاءِ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الْكُنُفُ، فَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْإِمَاءِ، فَتُعْرَفُ الْحَرَائِرُ بِسِتْرِهِنَّ، فَيَكُفُّ عَنْ مُعَارَضَتِهِنَّ مَنْ كَانَ عَذبًا أَوْ شَابًّا. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ".

عَذبًا ولعلها عَزبًا.

"فَيَكُفُّ عَنْ مُعَارَضَتِهِنَّ مَنْ كَانَ عَزَبًا أَوْ شَابًّا".

نقول لعلها: عَزبًا مثل ما تقدم في أكثر من مناسبة، والطابع يجعل الزاي لكنه قليل جدًّا يجعل الزاي ذالًا، وهذا من شدة حرصهم على النطق بالذال؛ لأنهم يقلبونها زايًا في سائر كلامهم، فمن شدة حرصهم على النطق بالذال أحيانًا يحصل منهم من ردة الفعل هذه أن تقلب الزاي ذالًا، الزاي حقيقة، ولذلك نقول: عذبة وهم يقولون لا، معزبة نعم يقولون: معزبة عن المرأة، وهنا عزبًا وكتبوها عذبًا على جادتهم يعني من ردة الفعل من كونهم يقلبون الذال زايًا، فتجدهم عند التحري في الكلام يعكسون، وهذا ملاحظ عندهم.

 "وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ تَتَبَرَّزُ لِلْحَاجَةِ فَيَتَعَرَّضُ لَهَا بَعْضُ الْفُجَّارِ يَظُنُّ أَنَّهَا أَمَةٌ، فَتَصِيحُ بِهِ فَيَذْهَبُ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَنَزَلَتِ الْآيَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ. قَالَ مَعْنَاهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ. 

الثَّالِثَةُ: قوله تعالى: { مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}  الْجَلَابِيبُ جَمْعُ جِلْبَابٍ، وَهُوَ ثَوْبٌ أَكْبَرُ مِنَ الْخِمَارِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ الرِّدَاءُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ الْقِنَاعُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الثَّوْبُ الَّذِي يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَنْ أُمِّ عَطِيَّة:  قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ. إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا»".

يعني للخروج لصلاة العيد ونحوها. نعم.

"الرَّابِعَةُ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي صُورَةِ إِرْخَائِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ: ذَلِكَ أَنْ تَلْوِيَهُ الْمَرْأَةُ حَتَّى لَا يَظْهَرَ مِنْهَا إِلَّا عَيْنٌ وَاحِدَةٌ تُبْصِرُ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَقَتَادَةُ: ذَلِكَ أَنْ تَلْوِيَهُ فَوْقَ الْجَبِينِ وَتَشُدَّهُ، ثُمَّ تَعْطِفُهُ عَلَى الْأَنْفِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ عَيْنَاهَا، لَكِنَّهُ يَسْتُرُ الصَّدْرَ وَمُعْظَمَ الْوَجْهِ. وَقَال َالْحَسَنُ: تُغَطِّي نِصْفَ وَجْهِهَا".
والثواب أنه تغطي الوجه كاملًا، ولا تُبدي من زينتها شيئًا، لا وجهًا ولا كفين، وكذلك دلت النصوص الصحيحة الصريحة من الكتاب والسنة، وإبراز شيءٌ من الوجه هذا سفور، والسفور معناه الإسفار عن شيء من الوجه، والنقاب المأذون به الذي جاء في بعض النصوص لاسيما في مفهوم رواية البخاري أن المحرمة لا تنتقب، مفهومه أن غير المحرمة تنتقب، فالمراد به النقب يكون في حجاب الوجه بقدر سواد العين، والأصل أن تكون واحدة من أجل دلالة الطريق، لكن إن كشفت العينين بهذه الطريقة بحيث لا يخرج من البشرة شيء ولو يسير فهذا لا بأس به، وإن خرج أو ظهر من البشرة وأسفرت عن شيء من بشرتها فهذا هو السفور.
"الْخَامِسَةُ: أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ جَمِيعَ النِّسَاءِ بِالسَّتْرِ، وَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَا لَا يَصِفُ جِلْدَهَا، إِلَّا إِذَا كَانَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَلَهَا أَنْ تَلْبَسَ مَا شَاءَتْ".

لها أن تلبس ما شاءت ما لم يدخل في التشبه، فاللباس المشتمل على شيء من التشبه فهذا لا يجوز لا في حال الخلوة ولا الجلوة، فإذا انتفى انتفت مسألة التشبه فلها أن تلبس ما شاءت، فله أن يراها عُريانة، فما دون ذلك في حكمه.

 "لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا كَيْفَ شَاءَ. ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ: »سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الْفِتَنِ؟ وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ؟ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجَرِ؟ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ فِي الْآخِرَةِ»". 

نعم، كاسية تظن أنها كاسية عليها كساء وعليها بأغلى الأثمان ما تلبس، لكنها في حقيقة الأمر عارية؛ إما لكونه ضيقًا ضيقًا شديدًا يكشف عما تحته، أو لكونه شفافًا رقيقًا لا يستر، أو لكونه قصيرًا. كل هذا عُري ولو سماه الناس كساءً.

"وَرُوِيَ أَنَّ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ لَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ هِرَقْلَ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قُبْطِيَّةً، فَقَالَ: » اجْعَلْ صَدِيعًا لَكَ قَمِيصًا، وَأَعْطِ صَاحِبَتكَ صَدِيعًا تَخْتَمِرُ بِه، وَالصَّدِيعُ النِّصْفُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: مُرْهَا تَجْعَلُ تَحْتَهَا شَيْئًا؛ لِئَلَّا يَصِفَ»".  

نعم، لا بد من الستر، والتبرج الذي استشرى واستفحل بين الناس فهذا هو تبرج الجاهلية الأولى، وإذا كان من مظاهر تبرج الجاهلية الأولى على ما سبق ذكره عند المصنف قريبًا يعني قبل درسين أو ثلاثة، يعني من مظاهر التبرج شق القميص من الجانبين، من مظاهر تبرج الجاهلية الأولى، فكيف لو رأى الآن ألبسة النساء، وإذا أرادت أن تركب السيارة وتنزل من السيارة خرج كثيرٌ من بدنها، نسأل الله السلامة والعافية.

حديث رُوي أن دحية ماذا يقول؟

طالب: قال: ذكره ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث، ولم أره مسندًا فلينظر. والحديث في السنن الكبرى للبيهقي والحاكم في المستدرك من طريق يحيى بن أيوب قال: حدثني موسى بن جبير، أن عباس بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، حدَّثه عن خالد بن يزيد بن معاوية عن دحية الكلبي: ثم قال البيهقي: وقال بعضهم: عباس بن عبيد الله، قال البخارى: من قال: ابن عبيد الله أكثر، وقد رواه الحاكم وصححه، وأعلَّه الذهبي بالانقطاع، وقال الألباني- رحمه الله-: ضعيف، ولكنه يتقوى بحديث أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله -صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي فَقَالَ: »مَا لَكَ لَمْ تَلْبَسْ الْقُبْطِيَّةَ؟ قُلْتُ: كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَالَ: مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلَالَةً، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا». أخرجه أحمد والبيهقي من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَامَةَ عن أسامة، وإسناده حسن.

نعم.

"وَذَكَر َأَبُو هُرَيْرَةَ رِقَّةَ الثِّيَابِ لِلنِّسَاءِ فَقَالَ: الْكَاسِيَاتُ الْعَارِيَاتُ النَّاعِمَاتُ الشَّقِيَّاتُ. وَدَخَلَ نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَلَيْهِنَّ ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ كُنْتُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَيْسَ هَذَا بِلِبَاسِ الْمُؤْمِنَاتِ، وَإِنْ كُنْتُنَّ غَيْرَ مُؤْمِنَاتٍ فَتَمَتَّعْنَهُ. وَأُدْخِلَتِ امْرَأَةٌ عَرُوسٌ عَلَى عَائِشَةَ -رضي الله عنها- وَعَلَيْهَا خِمَارٌ قُبْطِيٌّ مُعَصْفَرٌ، فَلَمَّا رَأَتْهَا قَالَتْ: لَمْ تُؤْمِنْ بِسُورَةِ (النُّورِ) امْرَأَةٌ تَلْبَسُ هَذَا. وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: »نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ مِثْلُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا»، وَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: مَا يَمْنَعُ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ إِذْا كَانَتْ لَهَا حَاجَةٌ أَنْ تَخْرُجَ فِي أَطْمَارهَا أَوْ أَطْمَارِ جَارَتِهَا مُسْتَخْفِيَةً، لَا يَعْلَمُ بِهَا أَحَدٌ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهَا". 
نعم، تخرج، تخرج غير متبرجة إنما تخرج تفلة لا يجوز لها أن تلبس الجميل من الثياب لتفتن الرجال، كما أنه لا يجوز لها أن تتطيب فتصرف الأنظار إليها، وإن خرجت بهذه الصفة فهي زانية، نسأل الله السلامة والعافية.

"السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ}  أَيِ الْحَرَائِرُ، حَتَّى لَا يَخْتَلِطْنَ بِالْإِمَاءِ، فَإِذَا عُرِفْنَ لَمْ يُقَابَلْنَ بِأَدْنَى مِنَ الْمُعَارَضَةِ مُرَاقَبَةً لِرُتْبَةِ الْحُرِّيَّةِ، فَتَنْقَطِعُ الْأَطْمَاعُ عَنْهُنَّ. وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ تُعْرَفَ الْمَرْأَةُ حَتَّى تُعْلَمَ مَنْ هِيَ".

يعني كما يقول بعض المفتونين يقول: إذا كانت العلة من أجل أن تُعرف فمعرفتها بوجهها أبلغ من معرفتها بجلبابها فلتكشف الوجه إذا كانت هذه العلة. نسأل الله العافية، وهذا تحريف في النصوص تباعًا للهوى.

 "وَكَانَ عُمَرُ -رضي الله عنه- إِذَا رَأَى أَمَةً قَدْ تَقَنَّعَتْ ضَرَبَهَا بِالدِّرَّةِ، مُحَافَظَةً عَلَى زِيِّ الْحَرَائِرِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ يَجِبُ السَّتْرُ وَالتَّقَنُّعُ الْآنَ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ مِنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ".

نعم؛ لفساد الزمان لا بد من الاحتياط إذا وجدت الفتنة مُنع ما يدعو إليها حتى الإماء.

 "وَهَذَا كَمَا أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَنَعُوا النِّسَاءَ الْمَسَاجِدَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَ قَوْلِهِ:» لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» حَتَّى قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: لَوْ عَاشَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى وَقْتِنَا هَذَا لَمَنَعَهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} تَأْنِيسٌ لِلنِّسَاءِ فِي تَرْكِ الْجَلَابِيبِ قَبْلَ هَذَا الْأَمْرِ الْمَشْرُوعِ".

يعني كان فيما مضى، مضى قبل إلزامهن بهذا الحجاب يُعفى عما مضى {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ}[المائدة:95].

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلٌ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}. 

فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ:

 الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ} الآية أَهْلُ التَّفْسِيرِ عَلَى أَنَّ الْأَوْصَافَ الثَّلَاثَةَ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ، كَمَا رَوَى سُفْيَانُ عن سَعِيدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي رَزِين ٍقَالَ: {الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}".

طالب:....................

سفيان بن سعيد إيه، شو؟

مَن سعيد؟

سفيان بن سعيد.

بن سعيد.

ابن مسروق الثوري.

"كَمَا رَوَى سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ".

ابن سعيد الثوري.

عَنْ مَنْصُورٍ".

ابن معتمر.

 "عَنْ أَبِي رَزِين ٍقَالَ: {الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}

 قَالَ: هُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ، يَعْنِي أَنَّهُمْ قَدْ جَمَعُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ. وَالْوَاوُ مُقْحَمَةٌ".

يعني العطف بالواو لا لاختلاف الجنس، وإنما هو لاختلاف اللفظِ.

"كَمَا قَالَ:

إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ
 

وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ
  

أَرَادَ إِلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ ابْنِ الْهُمَامِ لَيْثِ الْكَتِيبَةِ، وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ). وَقِيلَ: كَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ يُرْجِفُونَ، وَقَوْمٌ يَتْبَعُونَ النِّسَاءَ لِلرِّيبَةِ، وَقَوْمٌ يُشَكِّكُونَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ عِكْرِمَةُ وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ: {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} يَعْنِي الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمُ الزِّنَى".

يعني مرض الشهوة، مرض الشهوة، يُطلق المرض ويراد به مرض الشبهة كما هو شأن المنافقين {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}[البقرة:10]، ويُطلق أيضًا المرض يراد به مرض البدن، وذلك في ثلاثة مواضع في الوضوء، في الصيام، وفي الحج من كتاب الله –جل وعلا- المراد به مرض البدن، وما عدا ذلك مرض القلب الناشئ عن شهوة أو عن شبهة.

"وَقَالَ طَاوُسٌ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ: نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الْفَوَاحِشِ، وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. وَقِيلَ: {الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} شَيْءٌ وَاحِدٌ، عُبِّرَ عَنْهُمْ بِلَفْظَيْنِ، دَلِيلُهُ آيَةُ الْمُنَافِقِينَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ (الْبَقَرَةِ). {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ} قَوْمٌ كَانُوا يُخْبِرُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا يَسُوءُهُمْ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَيَقُولُونَ إِذَا خَرَجَتْ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّهُمْ قَدْ قُتِلُوا أَوْ هُزِمُوا، وَإِنَّ الْعَدُوَّ قَدْ أَتَاكُمْ".

وهذا الصنف المخذِّل المرجِف يُمنع من مشاركة الجيش، هذا يُمنع، ولا يُمكّن من الذهاب معهم؛ لأنه يُخذِّل ويقتل المعنويات، ويُسمى بالحروب النفسية، هذه مثل هذا يُمنع من اصطحاب الجيش، وإذا تكلم بكلامٍ مثل هذا يُعاقب عليه.

"قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ كَانُوا يَقُولُونَ: أَصْحَابُ الصُّفَّةِ قَوْمٌ عُزَّابٌ، فَهُمُ الَّذِينَ يَتَعَرَّضُونَ لِلنِّسَاءِ".

قومٌ من فقراء المسلمين ألجأتهم الحاجة إلى هذه الصُفة، الله المستعان.

 "وَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَنْطِقُونَ بِالْأَخْبَارِ الْكَاذِبَةِ حُبًّا لِلْفِتْنَةِ. وَقَدْ كَانَ فِي أَصْحَابِ الْإِفْكِ قَوْمٌ مُسْلِمُونَ وَلَكِنَّهُمْ خَاضُوا حُبًّا لِلْفِتْنَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْإِرْجَافُ الْتِمَاسُ الْفِتْنَة، وَالْإِرْجَافُ: إِشَاعَةُ الْكَذِبِ وَالْبَاطِل لِلِاغْتِمَامِ بِهِ. وَقِيلَ: تَحْرِيكُ الْقُلُوبِ، يُقَالُ: رَجَفَتِ الْأَرْضُ أَيْ تَحَرَّكَتْ وَتَزَلْزَلَتْ تَرْجُفُ رَجْفًا. وَالرَّجَفَانُ: الِاضْطِرَابُ الشَّدِيدُ. وَالرَّجَّافُ: الْبَحْرُ، سُمِّيَ بِهِ لِاضْطِرَابِهِ. قَالَ الشَّاعِرُ:

الْمُطْعِمُونَ اللَّحْمَ كُلَ عَشِيَّةٍ
 

حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ فِي الرَّجَّافِ
  

وَالْإِرْجَافُ: وَاحِدُ أَرَاجِيفَ، الْأَخْبَارُ. وَقَدْ أَرَجَفُوا فِي الشَّيْءِ، أَيْ خَاضُوا فِيهِ. قَالَ الشَّاعِرُ 

فَإِنَّا وَإِنْ عَيَّرْتُمُونَا بِقَتْلِهِ
 

وَأَرْجَفَ بِالْإِسْلَامِ بَاغٍ وَحَاسِدُ
  


وَقَالَ آخَرُ:

أَبِالْأَرَاجِيفِ يَا بْنَ اللُّؤْمِ تُوعِدُنِي
 

وَفِي الْأَرَاجِيفِ خِلْتُ اللُّؤْمَ وَالْخَوَرَ"
  

اللؤمُ، اللؤمُ

 

         "وَفِي الْأَرَاجِيفِ خِلْتُ اللُّؤْمَ وَالْخَوَرَ"
  

في الأراجيف اللؤم.

"فَالْإِرْجَافُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ إِذَايَةٌ. فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِيذَاءِ بِالْإِرْجَافِ". 

نعم، عامة الناس بأمس الحاجة إلى من يربط على قلوبهم فضلًا عن أن يوجد من يُرجف بهم ويستخف بهم، ويزيدهم خوفًا إلى خوفهم، نسأل الله العافية.

 "الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} أَيْ لَنُسَلِّطَنَّكَ عَلَيْهِمْ فَتَسْتَأْصِلُهُمْ بِالْقَتْلِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ إِيذَاءِ النِّسَاءِ وَأَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ أَغْرَاهُ بِهِمْ. ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}، وَإِنَّهُ أَمَرَهُ بِلَعْنِهِمْ، وَهَذَا هُوَ الْإِغْرَاءُ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: قَدْ أَغْرَاهُ بِهِمْ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ مَعَ اتِّصَالِ الْكَلَامِ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}. فَهَذَا فِيهِ مَعْنَى الْأَمْرِ بِقَتْلِهِمْ وَأَخْذِهِمْ، أَيْ هَذَا حُكْمُهُمْ إِذَا كَانُوا مُقِيمِينَ عَلَى النِّفَاقِ وَالْإِرْجَافِ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: »خَمْسٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» فَهَذَا فِيهِ مَعْنَى الْأَمْرِ كَالْآيَةِ سَوَاءٌ. قال  النَّحَّاسُ".

خبر يراد به الأمر، »خَمْسٌ يُقْتَلْنَ» يعني اقتلوهم في »الْحِلِّ وَالْحَرَمِ»؛ لأنهن فواسق مؤذيات".

"قال النَّحَّاسُ: وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ قَدِ انْتَهَوْا عَنِ الْإِرْجَافِ فَلَمْ يُغْرَ بِهِمْ. وَلَامُ {لَنُغْرِيَنَّكَ} لَامُ الْقَسَمِ، وَالْيَمِينُ وَاقِعَةٌ عَلَيْهَا، وَأُدْخِلَتِ اللَّامُ فِي (إِنْ) تَوْطِئَةً لَهَا.

الثَّالِثَةُ".

نعم.

طالب: المنافق في هذه الآية ..........

ماذا؟

طالب: هل يُقتل المنافق أخذًا من هذه الآية؟

هو المنافق الأصل فيه أنه كافر، لكن إذا تذرّع بالشهادة بعد ذلك رُفع عنه القتل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كفَّ عن قتل المنافقين؛ لأنهم معه في الظاهر، فلو قتلهم تحدَّث الناس إن محمد يقتل أصحابه، وإلا فالأصل أنهم كفار.

طالب: يعني لو أخذوا فلا بد من استتابتهم.

نعم لا بد من الاستتابة مثل المنافقين مثل هؤلاء لا يمكن أن تقف عليهم... يُسلمون في وقت، ويكفرون في وقت، بينما يقولون الكلام، الكلام الكفري، وينضمون إلى الكفار، ثم يصلون مع المسلمين، مَن صلى فمسلم حتمًا، ولذلك كان ضررهم على المسلمين أعظم من ضرر الكفار، وعقابهم في الآخرة أشد من عقاب الكفار، {فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}[النساء:145].

طالب: ......................

كيف؟ يعني إذا وُقف عليهم وقُرروا ولم يأتوا بما يُدخلهم في الإسلام بعد ذلك، فحكمهم حكم الكفار، نعم.

طالب: هل نلزمهم بالتوبة يا شيخ؟

ماذا يعني؟

طالب: يعني يُستحسن ....

حُكم بكفرهم {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} [التوبة:66]، على كل حال هذا صنيعه، وهذا موقفه من المنافقين؛ لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه؛ لأنهم معه في الظاهر.

"قال النَّحَّاسُ: وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ. وَقِيلَ: إِنَّهُمْ قَدِ انْتَهَوْا عَنِ الْإِرْجَافِ فَلَمْ يُغْرَ بِهِمْ. وَلَامُ {لَنُغْرِيَنَّكَ} لَامُ الْقَسَمِ، وَالْيَمِينُ وَاقِعَةٌ عَلَيْهَا، وَأُدْخِلَتِ اللَّامُ فِي (إِنْ) تَوْطِئَةً لَهَا.

الثَّالِثَةُ".

يعني لا إن {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ}.

"الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا} أَيْ فِي الْمَدِينَةِ. {إِلَّا قَلِيلًا} نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي {يُجَاوِرُونَكَ}، فَكَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا إِلَّا أَقِلَّاءَ. فَهَذَا أَحَدُ جَوَابَيِ الْفَرَّاءِ، وَهُوَ الْأَوْلَى عِنْدَهُ، أَيْ لَا يُجَاوِرُونَكَ إِلَّا فِي حَالِ قِلَّتِهِمْ. وَالْجَوَابُ الْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى إِلَّا وَقْتًا قَلِيلًا، أَيْ لَا يَبْقَوْنَ مَعَكَ إِلَّا مُدَّةً يَسِيرَةً، أَيْ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا جِوَارًا قَلِيلًا حَتَّى يَهْلِكُوا".

يعني إنما يتم هذا لو تم الإغراء {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ} يعني لو تم الإغراء ترتَّب عليهم أنه لا يجاورونك إلا قليلاً.

" فَيَكُونُ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ أَوْ ظَرْفٍ مَحْذُوفٍ. وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ مَعَكَ سَاكِنًا بِالْمَدِينَةِ فَهُوَ جَارٌ. وَقَدْ مَضَى فِي (النِّسَاء).

 الرَّابِعَةُ".

ومن سكن مكة فهو مجاور، فمن سكن معك في بلدك فهو جارك، {ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا}، ولو كان في أطرافها فهو جار.

لكن ليس هو الجار الذي أوصى به جبريل حتى ظن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه سيورثه؛ لأن هذا يترتب عليه مشقة عظيمة.

طالب: حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ....

نعم.

طالب: يمكن أن يُكيَّف ... على عصر النبي – صلى الله عليه وسلم- ؟

هو الحديث قيل في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لما استوخمها الأعرابي الذي بايع ثم قال: أقلني، ثم قال: أقلني، ثم أقلني، ثم خرج، هذا في وقت النبي -عليه الصلاة والسلام-.

طالب: وليس الحكم عامًّا؟

قد يكون المراد به العموم الذي يراد به الخصوص، حتى إنه يسكن المدينة أصحاب البدع الكبيرة والمغلَّظة على مرِّ العصور.

طالب:....................

نعم.

 "الرابعة: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَلْعُونِينَ} هَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ".

المبرد، نعم.

" وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: {قَلِيلًا مَلْعُونِينَ} وَقْفٌ حَسَنٌ. قال النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّمَامُ إِلَّا قَلِيلًا وَتُنْصَبُ {مَلْعُونِينَ} عَلَى الشَّتْمِ. كَمَا قَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد:4]".

منصوب على الذم، كما أنه يُنصب الاسم على المدح وتُقدر أذم وتقدر هناك أمدح.

"وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ أَنَّهُ قَالَ: يَكُونُ الْمَعْنَى أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا مَلْعُونِينَ. وَهَذَا خَطَأٌ لَا يَعْمَلُ مَا كَانَ مَعَ الْمُجَازَاةِ فِيمَا قَبْلَهُ. وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ إِنْ أَصَرُّوا".

يعني الجملة الشرطية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها.

"وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ إِنْ أَصَرُّوا عَلَى النِّفَاقِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُقَامٌ بِالْمَدِينَةِ إِلَّا وَهُمْ مَطْرُودُونَ مَلْعُونُونَ. وَقَدْ فُعِلَ بِهِمْ هَذَا، فَإِنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ سُورَةُ (بَرَاءَةَ) جُمِعُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: »يَا فُلَانُ قُمْ فَاخْرُجْ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ، وَيَا فُلَانُ قُمْ، فَقَامَ إِخْوَانُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَتَوَلَّوْا إِخْرَاجَهُمْ مِنَ الْمَسْجِد»". 

ماذا عندك؟

طالب: قال: ضعيف أخرجه الطبري بإسناد واهٍ؛ لأجل أبي الحسين بن عمرو.

نعم

"الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {سُنَّةَ اللَّهِ} نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ سَنَّ اللَّهُ -جَلَّ وَعَزَّ- فِيمَنْ أَرْجَفَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَأَظْهَرَ نِفَاقَهُ أَنْ يُؤْخَذَ وَيُقْتَلَ. {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} أَيْ تَحْوِيلًا وَتَغْيِيرًا، حَكَاهُ النَّقَّاشُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ بِحَقٍّ فَلَا دِيَةَ عَلَى قَاتِلِهِ.  قال الْمَهْدَوِيُّ: وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَرْكِ إِنْفَاذِ الْوَعِيدِ، وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ بَقَاءُ الْمُنَافِقِينَ مَعَهُ حَتَّى مَاتَ. وَالْمَعْرُوفُ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ إِتْمَامُ وَعْدِهِمْ وَتَأْخِيرُ وَعِيدِهِمْ، وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي (آلِ عِمْرَانَ) وَغَيْرِهَا".

وإني وإن أوعدته ووعدته
 

لمنجز إيعادي ومخلف موعدي
  

وإني إيش؟

طالب: وإني وإن أوعدته ووعدته.

نعم

طالب: لمنجز إيعادي ومخلف موعدي.

نعم، لمخلف إيعادي ومنجز موعدي.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ} هَؤُلَاءِ الْمُؤْذُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا تُوُعِّدُوا بِالْعَذَابِ سَأَلُوا عَنِ السَّاعَةِ، اسْتِبْعَادًا وَتَكْذِيبًا، مُوهِمِينَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ.

 {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّه} أَيْ أَجِبْهُمْ عَنْ سُؤَالِهِمْ وَقُلْ: عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ، وَلَيْسَ فِي إِخْفَاءِ اللَّهِ وَقْتَهَا عَنِّي مَا يُبْطِلُ نُبُوَّتِي".

لأنه لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله –جل وعلا- لا نبي مرسل ولا ملك مقرب، وهذا لا يقدح في نبوته -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنها مما استأثر الله بعلمه.

وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ النَّبِيِّ أَنْ يَعْلَمَ الْغَيْبَ بِغَيْرِ تَعْلِيمٍ مِنَ اللَّهِ -جَلَّ وَعَزَّ – {وَمَا يُدْرِيكَ} أَيْ مَا يُعْلِمُكَ. {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}  أَيْ فِي زَمَانٍ قَرِيبٍ. وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-:» بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ إِلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى»، خَرَّجَهُ أَهْلُ الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: أَيْ لَيْتَ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا، فَحُذِفَ هَاءُ التَّأْنِيثِ ذَهَابًا بِالسَّاعَةِ إِلَى الْيَوْمِ، كَقَوْلِه: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} وَلَمْ يَقُلْ قَرِيبَةٌ ذَهَابًا بِالرَّحْمَةِ إِلَى الْعَفْوِ، إِذْ لَيْسَ تَأْنِيثُهَا أَصْلِيًّا. وَقَدْ مَضَى هَذَا مُسْتَوْفًى. وَقِيلَ: إِنَّمَا أَخْفَى وَقْتَ السَّاعَةِ؛ لِيَكُونَ الْعَبْدُ مُسْتَعِدًّا لَهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ.

نعم؛ لأنه ما يدري متى تفجأه، ما يدري متى تفجأه الساعة هذا بالنسبة للعموم كما أن ساعته الخاصة لا يدري متى تفجأه، فعليه أن يكون مستعدًّا في كل وقت.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ} أَيْ طَرَدَهُمْ وَأَبْعَدَهُمْ. وَاللَّعْنُ: الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ عَنِ الرَّحْمَةِ. وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ) بَيَانُهُ. {وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} فَأَنَّثَ السَّعِيرَ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى النَّارِ. {لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}  يُنَجِّيهِمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَالْخُلُودِ فِيهِ. 

قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّار} قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ، عَلَى الْفِعْلِ الْمَجْهُولِ. وَقَرَأَ عِيسَى الْهَمْدَانِيُّ وَابْنُ إِسْحَاقَ" {نُقَلِّبُ} بِنُونٍ وَكَسْرِ اللَّامِ. {وُجُوهَهُمْ} نَصْبًا. وَقَرَأَ عِيسَى أَيْضًا: {تُقَلِّبُ} بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ عَلَى مَعْنَى تُقَلِّبُ السَّعِيرُ وُجُوهَهُمْ. وَهَذَا التَّقْلِيبُ تَغْيِيرُ أَلْوَانِهِمْ بِلَفْحِ النَّارِ، فَتَسْوَدُّ مَرَّةً وَتَخْضَرُّ أُخْرَى. وَإِذَا بُدِّلَتْ جُلُودُهُمْ بِجُلُودٍ أُخَرَ فَحِينَئِذٍ يَتَمَنَّوْنَ أَنَّهُمْ مَا كَفَرُوا { يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا} وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: يَقُولُونَ{ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} أَيْ لَمْ نَكْفُرْ فَنَنْجُوَ مِنْ هَذَا الْعَذَابِ كَمَا نَجَا الْمُؤْمِنُونَ. وَهَذِهِ الْأَلِفُ تَقَعُ فِي الْفَوَاصِلِ فَيُوقَفُ عَلَيْهَا وَلَا يُوصَلُ بِهَا. وَكَذَا السَّبِيلَا وَقَدْ مَضَى فِي أَوَّلِ السُّورَةِ،  وقَرَأَ الْحَسَنُ: { إِنَّا أَطَعْنَا سَادَاتِنَا} بِكَسْرِ التَّاءِ، جَمْعُ سَادَةٍ. وَكَانَ فِي هَذَا زَجْرٌ عَنِ التَّقْلِيدِ. وَالسَّادَةُ جَمْعُ السَّيِّدِ، وَهُوَ فَعَلَةٌ، مِثْلُ كَتَبَةٍ وَفَجَرَةٍ. وَسَادَاتُنَا جَمْعُ الْجَمْعِ. وَالسَّادَةُ وَالْكُبَرَاءُ بِمَعْنًى. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمُ الْمُطْعِمُونَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ. وَالْأَظْهَرُ الْعُمُومُ فِي الْقَادَةِ وَالرُّؤَسَاءِ فِي الشِّرْكِ وَالضَّلَالَةِ، أَيْ أَطَعْنَاهُمْ فِي مَعْصِيَتِكَ وَمَا دَعَوْنَا إِلَيْهِ {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} أَيْ عَنِ السَّبِيلِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ، فَلَمَّا حُذِفَ الْجَارُّ وُصِلَ الْفِعْلُ فَنُصِبَ. وَالْإِضْلَالُ لَا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ حَرْفِ الْجَرِّ، كَقَوْلِهِ: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ}". 

يعني لا يتعدى بنفسه إلى مفعولين، يتعدى بنفسه إلى واحد، والثاني بالحرف.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} قَالَ قَتَادَةُ: عَذَابُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ. وَقِيلَ: عَذَابُ الْكُفْرِ وَعَذَابُ الْإِضْلَالِ، أَيْ عَذِّبْهُمْ مِثْلَيْ مَا تُعَذِّبُنَا فَإِنَّهُمْ ضَلُّوا وَأَضَلُّوا".

نعم، عذَّبهم ضعفين، عذاب واحد بسبب كفرهم، والثاني بسبب إضلالهم غيرهم.

" {وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ وَيَحْيَى وَعَاصِمٌ بِالْياءِ. والْبَاقُونَ بِالثَّاءِ".

بالباء، كبيرا بالباء

"قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ وَيَحْيَى وَعَاصِمٌ بِالْباءِ. والْبَاقُونَ بِالثَّاءِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالنَّحَّاسُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} وَهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السُّرِيِّ".

سَري، سَري.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي فِي مَسْجِدِ عَسْقَلَانَ وَكَأَنَّ رَجُلًا يُنَاظِرُنِي فِيمَنْ يُبْغِضُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَثِيرًا، ثُمَّ كَرَّرَهَا حَتَّى غَابَ عَنِّي، لَا يَقُولُهَا إِلَّا بِالثَّاءِ. وَقِرَاءَةُ الْبَاءِ تَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى إِلَى الثَّاءِ، لِأَنَّ مَا كَبُرَ كَانَ كَثِيرًا عَظِيمَ الْمِقْدَارِ". 

الاختلاف بين كبيرًا وكثيرًا أن كثيرًا في الكمية وكبيرًا في الكيفية، وسواءٌ كان هذا أو هذا فالأمر فيه شديد، نسأل الله العافية. سواءٌ كان اللعن كبيرًا في حجمه وما يترتب عليه، أو كان كثيرًا في عدده، نعم.

طالب:....................

لا لا استئناس فقط لا يترتب عليها شيء.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ وَالْكُفَّارَ الَّذِينَ آذَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْمُؤْمِنِينَ، حَذَّرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْإِيذَاءِ، وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّشَبُّهِ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي أَذِيَّتِهِمْ نَبِيَّهُمْ مُوسَى. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَا أُوذِيَ بِهِ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- وَمُوسَى، فَحَكَى النَّقَّاشُ أَنَّ أَذِيَّتَهُمْ مُحَمَّدًا -عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَوْلُهُمْ: زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: أَذِيَّتُهُ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم-» قَسَمَ قَسْمًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَغَضِبَ وَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ مُوسَى، لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ»، وَأَمَّا أَذِيَّةُ مُوسَى -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ: هِيَ مَا تَضَمَّنَهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: »كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، وَكَانَ مُوسَىعَلَيْهِ السَّلَامُ- يَتَسَتَّرُ كَثِيرًا وَيُخْفِي بَدَنَهُ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ آدَرُ وَأَبْرَصُ أَوْ بِهِ آفَةٌ، فَانْطَلَقَ ذَاتَ يَوْمٍ يَغْتَسِلُ فِي عَيْنٍ بِأَرْضِ الشَّامِ، وَجَعَلَ ثِيَابَهُ عَلَى صَخْرَةٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثِيَابِهِ، وَاتَّبَعَهُ مُوسَى عُرْيَانًا يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَأٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِهِمْ خَلْقًا وَأَعْدَلِهِمْ صُورَةً، وَلَيْسَ بِهِ الَّذِي قَالُوا، فَهُوَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا}» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ.

 وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: »كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ وَكَانَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ، قَالَ: فَذَهَبَ يَوْمًا يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ قَالَ: فَجَمَحَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِإِثْرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى وَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ فَقَامَ الْحَجَرُ حَتَّى نَظَرَ إِلَيْهِ قَالَ: فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا»، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللَّهِ إِنَّهُ بِالْحَجَرِ نَدَبٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ".

يعني آثار من آثار الضرب، نعم.

"ضَرْبُ مُوسَى بِالْحَجَرِ. فَهَذَا قَوْلٌ". 

وهل كان اغتسال بني إسرائيل عراة هذا موجود في شرعهم، وأن ما يفعله موسى هو الكمال من باب الحياء والأدب؟ أو أن هذا أعني اغتسالهم عُراة مما خالفوا فيه شريعة موسى كما خالفوا في أشياء كثيرة؟ يعني هل في شريعة موسى أن الاغتسال عراة أمام الناس أمر لا شيء فيه؟ أو أنه ممنوع لكنهم يخالفون؟

طالب:....................

نعم.

طالب:.....................

ماذا؟

 طالب:.....................

يعني أن العري مشروع من أول الأمر، من أول الأمر، وأن وظيفة إبليس هي نزع اللباس فلبَّس عليهم وسوَّل لهم إلا أن نزعوا واغتسلوا عراة، ويكون هذا مما خالفوا فيه، واغتسال موسى -عليه السلام- واحتجابه عن غيره هذا هو الأصل في شرعه وهو اللائق به.

"وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: آذَوْا مُوسَى بِأَنْ قَالُوا: قَتَلَ هَارُونَ، وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى وَهَارُونَ خَرَجَا مِنْ فَحْصِ التِّيهِ إِلَى جَبَلٍ فَمَاتَ هَارُونُ فِيهِ، فَجَاءَ مُوسَى فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: أَنْتَ قَتَلْتَهُ وَكَانَ أَلْيَنَ لَنَا مِنْكَ وَأَشَدَّ حُبًّا. فَآذَوْهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ فَحَمَلَتْهُ حَتَّى طَافُوا بِهِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَرَأَوْا آيَةً عَظِيمَةً دَلَّتْهُمْ عَلَى صِدْقِ مُوسَى، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ الْقَتْلِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَكَلَّمَتْ بِمَوْتِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَ قَبْرِهِ إِلَّا الرَّخَمُ، وَإِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ أَصَمَّ أَبْكَمَ".

يعني الرخم، هذا الطائر جعله أصم أبكم، من أخبار بني إسرائيل هذا.

"وَمَاتَ هَارُونُ قَبْلَ مُوسَى فِي التِّيهِ، وَمَاتَ مُوسَى قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ التِّيهِ بِشَهْرَيْنِ". "وَحَكَى الْقُشَيْرِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ-: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَا هَارُونَ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ، ثُمَّ مَاتَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَذِيَّةَ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- رَمْيُهُمْ إِيَّاهُ بِالسِّحْرِ وَالْجُنُونِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ فَعَلُوا كُلَّ ذَلِكَ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ.

 مَسْأَلَةٌ: فِي وَضْعِ مُوسَى-عَلَيْهِ السَّلَامُ- ثَوْبَهُ عَلَى الْحَجَرِ وَدُخُولِهِ فِي الْمَاءِ عُرْيَانًا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ. وَمَنَعَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ لَمْ يَصِحَّ، وَهُوَ قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-:» لَا تَدْخُلُوا الْمَاءَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ فَإِنَّ لِلْمَاءِ عَامِرًا»".

يعني من الجن، وجاء في حديث أيضًا فيه كلام لأهل العلم ستر ما بين آدم والجن أو »حجام ما بين بني آدم والجن ستر عوراتهم»، الإنسان إذا انكشفت عورته قرب منه شياطين الجن، لكن كل هذا ليس بصحيح، لكن لو فعله من باب الاحتياط، وقال: أنا لا أتركه خارج باب الحمام؛ لئلا يُسرق فأبدو عاريًا، وقد حصل هذا، حصل فيه قضايا، يدخل الحمام ويعلق الثياب خارج الحمام ثم بعد ذلك إذا خرج ما وجد الثوب، فالاحتياط في مثل هذه الأمور مطلوب.

طالب:....................

نعم، هو الظاهر يعني التلبس بهم، التلبس بهم إن سمى الإنسان كُفي شرهم.

 "قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.

 قُلْتُ: أَمَّا إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّسَتُّرُ؛ لِمَا رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ دَخَلَ غَدِيرًا وَعَلَيْهِ بُرْدٌ لَهُ مُتَوَشِّحًا بِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ قِيلَ لَهُ، قَالَ: إِنَّمَا تَسَتَّرْتُ مِمَّنْ يَرَانِي وَلَا أَرَاهُ".

الله أحق أن يُستحيَ منه من الناس. »احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ قُال: أرأيت الرجل يكون خَالِيًا؟ قَالَ: َاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحَى مِنْهُ».

"يَعْنِي مِنْ رَبِّي وَالْمَلَائِكَةِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ نَادَى مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- الْحَجَرَ نِدَاءَ مَنْ يَعْقِلُ؟ قِيلَ: لِأَنَّهُ صَدَرَ عَنِ الْحَجَرِ فِعْلُ مَنْ يَعْقِلُ".

وهو هروبه بالثوب، نعم.

 "و(حَجَرُ) مُنَادًى مُفْرَدٌ مَحْذُوفُ حَرْفِ النِّدَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}[يوسف:29] وَ(ثَوْبِي) مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، التَّقْدِيرُ: أَعْطِنِي ثَوْبِي، أَوِ اتْرُكْ ثَوْبِي، فَحُذِفَ الْفِعْلُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَيْه. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} أَيْ عَظِيمًا. وَالْوَجِيهُ عِنْدَ الْعَرَبِ: الْعَظِيمُ الْقَدْرِ الرَّفِيعُ الْمَنْزِلَةِ. وَيُرْوَى أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَأَلَ اللَّهَ شَيْئًا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: (وَكَانَ عَبْدًا لِلَّهِ). وَقِيلَ: مَعْنَى {وَجِيهًا} أَيْ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ فِي (كِتَابِ الرَّدِّ): زَعَمَ مَنْ طَعَنَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ صَحَّفُوا {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}، وَأَنَّ الصَّوَابَ عِنْدَهُ (وَكَانَ عَبْدًا لِلَّهِ وَجِيهًا) وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ مَقْصِدِهِ وَنُقْصَانِ فَهْمِهِ وَقِلَّةِ عِلْمِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ لَوْ حُمِلَتْ عَلَى قَوْلِهِ وَقُرِئَتْ: (وَكَانَ عَبْدًا) نَقَصَ الثَّنَاءَ عَلَى مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَذَلِكَ أَنَّ وَجِيهًا يَكُونُ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَعِنْدَ أَهْلِ زَمَانِهِ وَعِنْدَ أَهْلِ الْآخِرَةِ، فَلَا يُوقَفُ عَلَى مَكَانِ الْمَدْحِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ وَجِيهًا عِنْدَ بَنِي الدُّنْيَا كَانَ ذَلِكَ إِنْعَامًا مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يَبِينُ عَلَيْهِ مَعَهُ ثَنَاءٌ مِنَ اللَّهِ. فَلَمَّا أَوْضَحَ اللَّهُ تَعَالَى مَوْضِعَ الْمَدْحِ بِقَوْلِهِ: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} اسْتَحَقَّ الشَّرَفَ وَأَعْظَمَ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْوَجَاهَةَ عِنْدَ اللَّهِ، فَمَنْ غَيَّرَ اللَّفْظَ صَرَفَ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ أَفْخَرَ الثَّنَاءِ وَأَعْظَمَ الْمَدْحِ".

نعم؛ لأن هذه الأندية تدل على رفعة المنزلة.

طالب:................

عبدًا لله؟

على كل حال القراءة المتواترة أقوى، من حيث المعنى أقوى.

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} أَيْ قَصْدًا وَحَقًّا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ صَوَابًا. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي قُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا فِي شَأْنِ زَيْنَبَ وَزَيْدٍ، وَلَا تَنْسُبُوا النَّبِيَّ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا".

يعني كما تقدم في بعض القصص الإسرائيلية التي ذُكرت في قصة زينب وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رآها متبذلة فهواها وأحبها ووقع في نفسه أنها لو طلقها زيد كل هذا لم يثبُت..  

"وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: الْقَوْلُ السَّدَادُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُوَافِقُ ظَاهِرُهُ بَاطِنَهُ. وَقِيلَ: هُوَ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ. وَقِيلَ: هُوَ الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الْمُتَشَاجِرِينَ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَسْدِيدِ السَّهْمِ لِيُصَابَ بِهِ الْغَرَضُ. وَالْقَوْلُ السَّدَادُ يَعُمُّ الْخَيْرَاتِ، فَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَغَيْرِ ذَلِكَ". 
يعني هل الذي يُسدَّد السهم أم الذي يُسدَّد القوس؟ يعني يصوب تجاه الغرض السهمُ نفسه أم القوسُ؟

طالب:......................

أو كلاهما. أو لا يتم هذا إلا بهذا؟ لأن بعضهم يستدرك على كتاب اسمه "تسديد القوس" في .... مسند الفردوس، ابن حجر .... على كل حال إذا سدَّد القوس سدّد السهم، هذا من لازم هذا.
"وَظَاهِرُ الْآيَةِ يُعْطِي أَنَّهُ إِنَّمَا أَشَارَ إِلَى مَا يَكُونُ خِلَافًا لِلْأَذَى الَّذِي قِيلَ فِي جِهَةِ الرَّسُولِ وَجِهَةِ الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ وَعَدَ -جَلَّ وَعَزَّ- بِأَنَّهُ يُجَازِي عَلَى الْقَوْلِ السَّدَادِ بِإِصْلَاحِ الْأَعْمَالِ وَغُفْرَانِ الذُّنُوبِ، وَحَسْبُكَ بِذَلِكَ دَرَجَةً وَرِفْعَةً وَمَنْزِلَةً: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}  أَيْ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ. {فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}. 

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنَ الْأَحْكَامِ مَا بَيَّنَ، أَمَرَ بِالْتِزَامِ أَوَامِرِهِ. وَالْأَمَانَةُ تَعُمُّ جَمِيعَ وَظَائِفِ الدِّينِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. رَوَى التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَوْهَرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: » قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ: يَا آدَمُ إِنِّي عَرَضْتُ الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَلَمْ تُطِقْهَا، فَهَلْ أَنْتَ حَامِلُهَا بِمَا فِيهَا؟ فَقَالَ: وَمَا فِيهَا يَا رَبِّ؟ قَالَ: إِنْ حَمَلْتَهَا أُجِرْتَ، وَإِنْ ضَيَّعْتَهَا عُذِّبْتَ، فَاحْتَمَلَهَا بِمَا فِيهَا. فَلَمْ يَلْبَثْ فِي الْجَنَّةِ إِلَّا قَدْرَ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْأُولَى إِلَى الْعَصْرِ»".

يعني الظهر، ما بين صلاة الظهر إلى العصر، الصلاة الأولى هي صلاة الظهر؛ لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي -عليه الصلاة والسلام-.

»"حَتَّى أَخْرَجَهُ الشَّيْطَانُ مِنْهَا»".

على أن هذا الخبر إذا تفرد به الحكيم الترمذي فضعيف.

"فَالْأَمَانَةُ هِيَ الْفَرَائِضُ الَّتِي ائْتَمَنَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْعِبَادَ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفَاصِيلِ بَعْضِهَا عَلَى أَقْوَالٍ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هِيَ فِي أَمَانَاتِ الْأَمْوَالِ كَالْوَدَائِعِ وَغَيْرِهَا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا فِي كُلِّ الْفَرَائِضِ، وَأَشَدُّهَا أَمَانَةً الْمَالُ. وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: مِنَ الْأَمَانَةِ أَنِ ائْتَمِنَتِ"

ائْتُمِنَتِ.

"أَنِ ائْتُمِنَتِ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا. وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ". 

وهتك هذه الأمانة خيانة بلا شك.

وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: غُسْلُ الْجَنَابَةِ أَمَانَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمَن ابْنَ آدَمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ دِينِهِ غَيْرَهَا".

لأنه يحصل في خفاء من الناس، فبالإمكان أن يقول: اغتسلت وهو لم يغتسل.

وَفِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ:» الْأَمَانَةُ الصَّلَاةُ، إِنْ شِئْتَ قُلْتَ: قَدْ صَلَّيْتُ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: لَمْ أُصَلِّ»".

ولذلك لا يُستحلف الإنسان على دينه، فإذا قال: صليت، فما يقال له: احلف أنك صليت.

"وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ وَغُسْلُ الْجَنَابَةِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْإِنْسَانِ فَرْجَهُ وَقَالَ: هَذِهِ أَمَانَةٌ اسْتَوْدَعْتُكَهَا، فَلَا تَلْبَسُهَا إِلَّا بِحَقٍّ. فَإِنْ حَفِظْتَهَا حَفِظْتُكَ، فَالْفَرْجُ أَمَانَةٌ، وَالْأُذُنُ أَمَانَةٌ، وَالْعَيْنُ أَمَانَةٌ، وَاللِّسَانُ أَمَانَةٌ، وَالْبَطْنُ أَمَانَةٌ، وَالْيَدُ أَمَانَةٌ، وَالرِّجْلُ أَمَانَةٌ، وَلَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ".

وهتك هذه الأمور خيانة، ومن ذلك خائنة الأعين.

 "وَقَالَ السُّدِّيُّ: هِيَ ائْتِمَانُ آدَمَ ابْنَهُ قَابِيلَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ، وَخِيَانَتُهُ إِيَّاهُ فِي قَتْلِ أَخِيهِ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَهُ: (يَا آدَمُ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ لِي بَيْتًا فِي الْأَرْضِ) قَالَ: (اللَّهُمَّ لَا) قَالَ: (فَإِنَّ لِي بَيْتًا بِمَكَّةَ فَأْتِهِ) فَقَالَ لِلسَّمَاءِ: احْفَظِي وَلَدِي بِالْأَمَانَةِ؟ فَأَبَتْ، وَقَالَ لِلْأَرْضِ: احْفَظِي وَلَدِي بِالْأَمَانَةِ فَأَبَتْ، وَقَالَ لِلْجِبَالِ كَذَلِكَ فَأَبَتْ. فَقَالَ لِقَابِيلَ: احْفَظْ وَلَدِي بِالْأَمَانَةِ، فَقَالَ نَعَمْ، تَذْهَبُ وَتَرْجِعُ فَتَجِدُ وَلَدَكَ كَمَا يَسُرُّكَ. فَرَجَعَ فَوَجَدَهُ قَدْ قَتَلَ أَخَاهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا}. الْآيَةَ".

علَّق عليه هذا، الخبر عليه تعليق؟

طالب: قال: الخبر ذكره السدي، وهو ...

نعم، معروف.

طالب: الولد من الأمانة؟

كيف؟

طالب: كيف يكون الولد من الأمانة.

يعني هي أمانة، هي وديعة عندك، وكذا كالخبر ليس بصحيح.

طالب:.........................

نعم.

طالب: ...........................

كيف؟

طالب: ...........................

الخبر ليس بصحيح، ما له اعتبار.

 "وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْأَمَانَةَ عُرِضَتْ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ، قَالَتْ: وَمَا فِيهَا؟ قِيلَ لَهَا: إِنْ أَحْسَنْتِ جُوزِيتِ وَإِنْ أَسَأْتِ عُوقِبْتِ. فَقَالَتْ: لَا .قَالَ مُجَاهِدٌ: فَلَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمُ عَرَضَهَا عَلَيْهِ، قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: إِنْ أَحْسَنْتَ أَجَرْتُكَ، وَإِنْ أَسَأْتَ عَذَّبْتُكَ. قَالَ: فَقَدْ تَحَمَّلْتُهَا يَا رَبِّ. قَالَ مُجَاهِدٌ: فَمَا كَانَ بَيْنَ أَنْ تَحَمَّلَهَا إِلَى أَنْ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا قَدْرَ مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ}  قَالَ: الْأَمَانَةُ الْفَرَائِضُ، عَرَضَهَا اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ، إِنْ أَدَّوْهَا أَثَابَهُمْ، وَإِنْ ضَيَّعُوهَا عَذَّبَهُمْ. فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَأَشْفَقُوا مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَلَكِنْ تَعْظِيمًا لِدِينِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَلَّا يَقُومُوا بِهِ. ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى آدَمَ فَقَبِلَهَا بِمَا فِيهَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ".

نعم، هذا هو المعروف عند المفسرين وعند الكافة، وإن كان صحيفة على بن أبي طلحة عن ابن عباس فيها شيء من الانقطاع عند أهل العلم.

 وَقِيلَ: لَمَّا حَضَرَتْ آدَمَ -صلى الله عليه وسلم- الْوَفَاةُ أُمِرَ أَنْ يَعْرِضَ الْأَمَانَةَ عَلَى الْخَلْقِ، فَعَرَضَهَا فَلَمْ يَقْبَلْهَا إِلَّا بَنُوهُ. وَقِيلَ: هَذِهِ الْأَمَانَةُ هِيَ مَا أَوْدَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ وَالْخَلْقِ، مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ أَنْ يُظْهِرُوهَا فَأَظْهَرُوهَا، إِلَّا الْإِنْسَانَ فَإِنَّهُ كَتَمَهَا وَجَحَدَهَا، قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ. وَمَعْنَى عَرَضْنَا أَظْهَرْنَا، كَمَا تَقُولُ: عَرَضْتُ الْجَارِيَةَ عَلَى الْبَيْعِ. وَالْمَعْنَى {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} وَتَضْيِيعَهَا عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ { فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا}  أَيْ أَنْ يَحْمِلْنَ وِزْرَهَا، كَمَا قَالَ -جَلَّ وَعَزَّ-: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ}  قَالَ الْحَسَنُ: الْمُرَادُ الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ. {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا} لِنَفْسِهِ {جَهُولًا} بِرَبِّهِ".

حيث لم يحفظ هذه الأمانة، ولم يؤدِّ هذه الأمانة، لكن الإنسان الأصل فيه الجنس، جنس الإنسان مما يشمل المؤمن والصالح والفاجر والمنافق والكافر.

طالب:..........................

ماذا؟

طالب: عرض الأمانة؟

نعم؟

طالب: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} هل هو عرض اختياري؟

في الأول اختياري، لكن لما التزموا صار إجبارًا.

 "فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَجَازًا، مِثْل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:82]. وَفِيهِ جَوَابٌ آخَرُ عَلَى أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةَ أَنَّهُ عَرَضَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ الْأَمَانَةَ وَتَضْيِيعَهَا وَهِيَ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، أَيْ أَظْهَرَ لَهُنَّ ذَلِكَ فَلَمْ يَحْمِلْنَ وِزْرَهَا، وَأَشْفَقَتْ وَقَالَتْ: لَا أَبْتَغِي ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا، وَكُلٌّ يَقُولُ: هَذَا أَمْرٌ لَا نُطِيقُهُ، وَنَحْنُ لَكَ سَامِعُونَ وَمُطِيعُونَ فِيمَا أُمِرْنَ بِهِ وَسُخِّرْنَ لَهُ، قَاله َالْحَسَنُ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْلُومٌ أَنَّ الْجَمَادَ لَا يَفْهَمُ وَلَا يُجِيبُ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ الْحَيَاةِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَخِيرِ. وَهَذَا الْعَرْضُ عَرْضُ تَخْيِيرٍ لَا إِلْزَامٍ. وَالْعَرْضُ عَلَى الْإِنْسَانِ إِلْزَامٌ. وَقَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ".

أما كونها جمادات لا تجيب فقد أجابت قالت {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}[فصلت:11]، القدرة الإلهية الذي خلقها بهذه الصفة وعلى هذه الكيفية قادر على إنطاقها.

طالب: شيخ، وحملها الإنسان، هل هو آدم؟

جنس الإنسان، كل الإنسان. جنسه، جنسه.

طالب: في قوله .............

بالعرض على الإنسان.

طالب: في العرض على آدم ...........

المقصود آدم وذريته وقت التخيير.

"وَقَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ: الْعَرْضُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ضَرْبُ مَثَلٍ، أَيْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى كِبَرِ أَجْرَامِهَا، لَوْ كَانَتْ بِحَيْثُ يَجُوزُ تَكْلِيفُهَا لَثَقُلَ عَلَيْهَا تَقَلُّدُ الشَّرَائِعِ؛ لِمَا فِيهَا مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، أَيْ أَنَّ التَّكْلِيفَ أَمْرٌ حَقُّهُ أَنْ تَعْجِزَ عَنْهُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ، وَقَدْ كُلِّفَهُ الْإِنْسَانُ وَهُوَ ظَلُومٌ جَهُولٌ لَوْ عَقَلَ. وَهَذَا كَقَوْلِه: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ} [الحشر:21]، ثُمَّ قَالَ: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ} [الحشر:21] قَالَ الْقَفَّالُ: فَإِذَا تَقَرَّرَ فِي أَنَّهُ تَعَالَى يَضْرِبُ الْأَمْثَالَ، وَوَرَدَ عَلَيْنَا مِنَ الْخَبَرِ مَا لَا يَخْرُجُ إِلَّا عَلَى ضَرْبِ الْمَثَلِ، وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ الْآيَةَ مِنَ الْمَجَازِ، أَيْ إِنَّا إِذَا قَايَسْنَا ثِقَلَ الْأَمَانَةِ بِقُوَّةِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ، رَأَيْنَا أَنَّهَا لَا تُطِيقُهَا، وَأَنَّهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ لَأَبَتْ وَأَشْفَقَتْ، فَعَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِه: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} الْآيَةَ. وَهَذَا كَمَا تَقُولُ: عَرَضْتُ الْحِمْلَ عَلَى الْبَعِيرِ فَأَبَاهُ، وَأَنْتَ تُرِيدُ قَايَسْتُ قُوَّتَهُ بِثِقَلِ الْحِمْلِ، فَرَأَيْتُ".

فرأيتَ، فرأيتَ.

"فَرَأَيْتَ أَنَّهَا تَقْصُرُ عَنْهُ. وَقِيلَ: عَرَضْنَا بِمَعْنَى عَارَضْنَا الْأَمَانَةَ بِالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَضَعُفَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَنِ الْأَمَانَةِ، وَرَجَحَتِ الْأَمَانَةُ بِثِقَلِهَا عَلَيْهَا. وَقِيلَ: إِنَّ عَرْضَ الْأَمَانَةِ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ، إِنَّمَا كَانَ مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا اسْتَخْلَفَهُ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ، وَسَلَّطَهُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ مِنَ الْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ وَالْوَحْشِ، وَعَهِدَ إِلَيْهِ عَهْدًا أَمَرَهُ فِيهِ وَنَهَاهُ وَحَرَّمَ وَأَحَلَّ، فَقَبِلَهُ وَلَمْ يَزَلْ عَامِلًا بِهِ. فَلَمَّا أَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُعْلِمَهُ مَنْ يَسْتَخْلِفُ بَعْدَهُ، وَيُقَلِّدُهُ مِنَ الْأَمَانَةِ مَا تَقَلَّدَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْرِضَ ذَلِكَ عَلَى السَّمَاوَاتِ بِالشَّرْطِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِ مِنَ الثَّوَابِ إِنْ أَطَاعَ وَمِنَ الْعِقَابِ إِنْ عَصَى، فَأَبَيْنَ أَنْ يَقْبَلْنَهُ شَفَقًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ. ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَعْرِضَ ذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ وَالْجِبَالِ كُلِّهَا فَأَبَيَاهُ. ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَعْرِضَ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ فَعَرَضَهُ عَلَيْهِ فَقَبِلَهُ بِالشَّرْطِ، وَلَمْ يَهَبْ مِنْهُ مَا تَهَيَّبَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ.

 {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا} لِنَفْسِهِ {جَهُولًا} بِعَاقِبَةِ مَا تَقَلَّدَ لِرَبِّهِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: عَجِبْتُ مِنْ هَذَا الْقَائِلِ مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهَذِهِ الْقِصَّةِ! فَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى الْآثَارِ وَجَدْنَاهَا بِخِلَافِ مَا قَالَ، وَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى ظَاهِرِهِ وَجَدْنَاهُ بِخِلَافِ مَا قَالَ، وَإِنْ نَظَرْنَا إِلَى بَاطِنِهِ وَجَدْنَاهُ بَعِيدًا مِمَّا قَالَ! وَذَلِكَ أَنَّهُ رَدَّدَ ذِكْرَ الْأَمَانَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا الْأَمَانَةُ، إِلَّا أَنَّهُ يُومِئُ فِي مَقَالَتِهِ إِلَى أَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الْأَرْضِ، وَعَهِدَ إِلَيْهِ عَهْدًا فِيهِ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَحِلُّهُ وَحَرَامُهُ، وَزَعَمَ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْرِضَ ذَلِكَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ، فَمَا تَصْنَعُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ؟ وَمَا التَّسْلِيطُ عَلَى الْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ وَالْوَحْشِ! وَكَيْفَ إِذَا عَرَضَهُ عَلَى وَلَدِهِ فَقَبِلَهُ فِي أَعْنَاقِ ذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ. وَفِي مُبْتَدَأِ الْخَبَرِ فِي التَّنْزِيلِ أَنَّهُ عَرَضَ الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ حَتَّى ظَهَرَ الْإِبَاءُ مِنْهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْإِنْسَانَ حَمَلَهَا، أَيْ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَا أَنَّهُ حُمِّلَ ذَلِكَ، فَسَمَّاهُ {ظَلُومًا} أَيْ لِنَفْسِهِ، {جَهُولًا} بِمَا فِيهَا. 

وَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي هِيَ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ، فَحَدَّثَنِي أَبِي -رحمه الله- قَالَ حَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ الْفَضْلِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَمَانَةَ مَثَّلَهَا صَخْرَةً، ثُمَّ وَضَعَهَا حَيْثُ شَاءَ، ثُمَّ دَعَا لَهَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ لِيَحْمِلْنَهَا، وَقَالَ لَهُنَّ: إِنَّ هَذِهِ الْأَمَانَةُ، وَلَهَا ثَوَابٌ وَعَلَيْهَا عِقَابٌ، قَالُوا: يَا رَبِّ، لَا طَاقَةَ لَنَا بِهَا، وَأَقْبَلَ الْإِنْسَانُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُدْعَى فَقَالَ لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ: مَا وُقُوفُكُمْ؟ قَالُوا: دَعَانَا رَبُّنَا أَنْ نَحْمِلَ هَذِهِ فَأَشْفَقْنَا مِنْهَا وَلَمْ نُطِقْهَا، قَالَ: فَحَرَّكَهَا بِيَدِهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَحْمِلَهَا لَحَمَلْتُهَا، فَحَمَلَهَا حَتَّى بَلَغَ بِهَا إِلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَزْدَادَ لَازْدَدْتُ، قَالُوا: دُونَكَ! فَحَمَلَهَا حَتَّى بَلَغَ بِهَا حَقْوَيْهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ أَنْ أَزْدَادَ لَازْدَدْتُ، قَالُوا: دُونَكَ، فَحَمَلَهَا حَتَّى وَضَعَهَا عَلَى عَاتِقِهِ، فَلَمَّا أَهْوَى لِيَضَعَهَا، قَالُوا: مَكَانَكَ! إِنَّ هَذِهِ الْأَمَانَةُ، وَلَهَا ثَوَابٌ وَعَلَيْهَا عِقَابٌ، وَأَمَرَنَا رَبُّنَا أَنْ نَحْمِلَهَا فَأَشْفَقْنَا مِنْهَا، وَحَمَلْتَهَا أَنْتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُدْعَى لَهَا، فَهِيَ فِي عُنُقِكَ وَفِي أَعْنَاقِ ذُرِّيَّتِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِنَّكَ كُنْتَ ظَلُومًا جَهُولًا. وَذَكَرَ أَخْبَارًا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تَقَدَّمَ أَكْثَرُهَا.

 {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} أَيِ الْتَزَمَ الْقِيَامَ بِحَقِّهَا".

أهل العلم ينصون على أن ما يتفرد به الحكيم في النوادر أنه ضعيف، وأنه لا أصل له، ماذا قال عندك؟

طالب: قال: لا أصل له من كلام ابن مسعود، وهو من وضع السريّ بن إسماعيل، وقد كذَّبه أبو يحيى القطان، والخبر ...

بلا شك، نعم.

"{وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} أَيِ الْتَزَمَ الْقِيَامَ بِحَقِّهَا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ ظَلُومٌ لِنَفْسِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: لِلْأَمَانَةِ، جَهُولٌ بِقَدْرِ مَا دَخَلَ فِيهِ. وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ جُبَيْرٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: جَهُولٌ بِرَبِّهِ. قَالَ: وَمَعْنَى {حَمَلَهَا} خَانَ فِيهَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَالْآيَةُ فِي الْكَافِرِ وَالْمُنَافِقِ وَالْعُصَاةِ عَلَى قَدْرِهِمْ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَصْحَابُهُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ: الْإِنْسَانُ آدَمُ، تَحَمَّلَ الْأَمَانَةَ فَمَا تَمَّ لَهُ يَوْمٌ حَتَّى عَصَى الْمَعْصِيَةَ الَّتِي أَخْرَجَتْهُ مِنَ الْجَنَّةِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَهُ: أَتَحْمِلُ هَذِهِ الْأَمَانَةَ بِمَا فِيهَا. قَالَ وَمَا فِيهَا؟ قَالَ: إِنْ أَحْسَنْتَ جُزِيَتْ وَإِنْ أَسَأْتَ عُوقِبْتَ. قَالَ: أَنَا أَحْمِلُهَا بِمَا فِيهَا بَيْنَ أُذُنِي وَعَاتِقِي. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: إِنِّي سَأُعِينُكَ، قَدْ جَعَلْتُ لِبَصَرِكَ حِجَابًا فَأَغْلِقْهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَكَ، وَلِفَرْجِكَ لِبَاسًا فَلَا تَكْشِفْهُ إِلَّا عَلَى مَا أَحْلَلْتُ لَكَ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْإِنْسَانُ النَّوْعُ كُلُّهُ. وَهَذَا حَسَنٌ مَعَ عُمُومِ الْأَمَانَةِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: الْإِنْسَانُ قَابِيلُ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

 {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} اللَّامُ فِي {لِيُعَذِّبَ} مُتَعَلِّقَةٌ بِ {حَمَلَ} أَيْ حَمَلَهَا لِيُعَذِّبَ الْعَاصِيَ وَيُثِيبَ الْمُطِيعَ، فَهِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ، لِأَنَّ الْعَذَابَ نَتِيجَةُ حَمْلِ الْأَمَانَةِ. وَقِيلَ بِ {عَرَضْنَا}، أَيْ عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى الْجَمِيعِ ثُمَّ قَلَّدْنَاهَا الْإِنْسَانَ لِيَظْهَرَ شِرْكُ الْمُشْرِكِ وَنِفَاقُ الْمُنَافِقِ لِيُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ، وَإِيمَانُ الْمُؤْمِنِ لِيُثِيبَهُ اللَّهُ. 

{وَيَتُوبَ اللَّهُ} قِرَاءَةُ الْحَسَنِ بِالرَّفْعِ، يَقْطَعُهُ مِنَ الْأَوَّلِ، أَيْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِكُلِ حَالٍ. {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}  خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ لِ {كَانَ}. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِغَفُورٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْمُضْمَرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَاب".