كتاب البيوع (11)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ طَاوُسًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يَقُولُ: أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- «فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلاَ أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مِثْلَهُ.

 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قَالَ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ»، زَادَ إِسْمَاعِيلُ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

 فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ". القبض لا بد منه في السلع كلها، وإن كانت تتفاوت في كيفية القبض. الطعام لا بد أن يقبض، ولا بد أن يحاز، وابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: ولا أحسب كل شيء إلا مثله؛ لأنه جاء الحديث بلفظ العموم: «نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم»، والسلع شاملة للطعام وغير الطعام فيه نص خاص: «نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يباع الطعام حتى يقبض»، ومعنى قبضه حيازته، ولا يكفي مجرد مشاهدته كما يفعل كثير من الناس، أو عدده كما يقول به بعض أهل العلم، يقول: المعدود بعدده، صناديق طعام تعدها وخلاص وهي ..........

طالب: ......

 لا، لا بد أن تحاز، ولا بد أن تقبض وتحرك من مكانها، السيارة لا بد أن تحرك من مكانها وتخرج من المعرض التي هي فيه.

المقصود أن صاحبها يحوزها؛ لتكون على ضمانه بحيث لو تلفت يضمنها المشتري، والبلوى في محلات بيع الأطعمة: يؤتى بالصناديق ويحرج عليها وتباع في سيارتها، ثم المشتري من التجار يبيعها جملة أو أفرادًا في مكانها. هذا لا يجوز بحال، هذا مخالفة للحديث الصحيح الصريح، والطعام أشد من غيره؛ لأن فيه نصًّا خاصًّا، وبقية السلع كذلك.

الآن التساهل يباع سلع في بلدان تبعد آلاف الأميال، ومع ذلك يقول البائع: وكلني لأقبضها لك، والبائع هذا ليس قريبًا منه ولا حوله، ثم يوكل، هو من يقبضها من مسلم أو غيرهم من أصحاب السلع والتجارات، عليك خشب بالبرازيل، من يقبض هذا الخشب؟ أو حديد في اليابان، أو سلع في الصين، يقول: وكلنا ونقبض لك، والغالب أنهم بنوك، لا يتحرون الحلال، ولا يتورعون عن الشبه، فمثل هذا توكيلهم حتى فيه نظر، حتى توكيلهم فيه نظر، ومع ذلك يقولون: وكله. وسمعنا بمن يفتي بأن القبض أمر اعتباري، وهو مجرد انتقال السلعة ولو بالجهاز من حساب فلان إلى حساب فلان، هذا القبض. هذا تلاعب.

 أقول: هذا تلاعب بأحكام الله، لا بد من القبض المعتبر، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.

طالب: ......

ماذا؟

أراد التصريح، قد يحتاج إلى تأويل أو فهم؟

طالب: ......

لا طيب، لا القبض عند تمام العقد والرؤية.

طالب: ......

ماذا؟

إذا وصفت وصفًا دقيقًا فإذا وصلت إلى المشتري وكان الوصف مطابقًا الآن ثبت البيع.

طالب: وجاز له البيع؟

يقبض ثم يبيع ما فيه شيء.

إذا تلفت في الطريق على حساب من؟ الآن ما قبضها المشتري بعد، فهي على حساب البائع حتى يقبض المشتري.

قال: "حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" وهو ابن المديني الإمام الشهير المعروف، "قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" وهو ابن عيينة، "قَالَ: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ طَاوُسًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- يَقُولُ: أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- «فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلاَ أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مِثْلَهُ". وهذا اجتهاد من ابن عباس وقياس لسائر السلع على الطعام، لكن جاء فيها نص يشملها كلها: «نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم».

نقرأ الشرح؟

طالب: ..........

الحديث الذي يليه نعم.

ثم قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ" وهو القعنبي، "قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ" الإمام، "عَنْ نَافِعٍ" مولى ابن عمر، "عَنِ" مولاه "ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قَالَ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا»" يعني اشترى طعامًا "«من ابتاع طعامًا فَلاَ يَبِيعُهُ»" بإثبات الياء فتكون لا هنا نافية، ومعناها النهي، وهي أبلغ في النهي، ومن قال هنا لا ناهية فقال: الياء للإشباع: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90]، ألم يأتيك والأنباء تنوي، يقولون: هذه ياء إشباع وليست ياء التي هي لام الكلمة. "«فلا يبيعه حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ»" يعني يقبضه قبضًا شرعيًّا معتبرًا، "زَادَ إِسْمَاعِيلُ: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ»"، والاستيفاء المذكور في الرواية السابقة.

نعم.

طالب: قال الكرماني -رحمه الله-: (قوله: "حفظناه" لما كان سفيان منسوبًا إلى التدليس أراد دفعه بالتصريح بالسماع والحفظ، وسيجيء شرح الحديث بتمامه إن شاء الله).

 لكن أهل العلم احتملوا تدليسه لندرة تدليسه فيما روى بالنسبة لما روى نادر تدليسه، ولذلك احتمله الأئمة، ولا يشترطون التصريح، من طبقات المدلسين من احتمل الأئمة تدليسه إما لإمامته أو لندرته تدليسه، هذا جمع بين الإمامة والندرة.

طالب: (قوله: "أما الذي" فإن قلتَ: أين قسيمه؟ قلتُ: مقدر يدل عليه السياق) {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] لا بد من قسيم، وهنا ما فيه قسيم، أما الذي وأما الذي كذا، قال: هو مقدر يدل عليه السياق.

طالب: (وهو: وأما غير ما نهى عنه فلا أظنه إلا مثله في أنه لا يباع أيضًا قبل القبض، فإن قلتَ: ما محل أن يباع؟ قلتُ: رفعٌ بأن يكون بدلاً عن الطعام، فإن قلتَ: إذا أُبدل النكرة من المعرفة فلا بد من النعت؟ قلتُ: فعل المضارع مع أن).

 يعني مصدر منسبك من أن، وما دخلت عليه.

طالب: (هو معرفة موغلة في التعريف.

فإن قلتَ: ما وجه حسابه؟ قلتُ: القياس من حيث العلة مشتركة، وهي لزوم كون بيع الدرهم بالدرهم وإرجاء المبيع.

 قوله: "زاد" فإن قلتَ: ما الزيادة إذ هو نفس الحديث السابق؛ لأن معنى الاستيفاء القبض والرجال أربعة، كما في الطريقة الأولى؛ لأن إسماعيل يروي عن مالك، فلا زيادة لا في المتن ولا في الإسناد؟

قلتُ: معناه زاد رواية أخرى وهو يقبضه؛ إذ الرواية المشهورة: يستوفيه).

 نعم، رواه بالمعنى، والمعنى واحد، ما يختلف، مجرد توضيح، يعني بمعنى الاستيفاء، وأنه القبض.

طالب: ..........

نعم.

ما دخله بمالك، إسماعيل؟

طالب:.........

ابن أخته، نعم.

طالب: "بَابُ مَنْ رَأَى إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا جِزَافًا، أَنْ لاَ يَبِيعَهُ حَتَّى يُؤْوِيَهُ إِلَى رَحْلِهِ، وَالأَدَبِ فِي ذَلِكَ.

 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، يَبْتَاعُونَ جِزَافًا» يَعْنِي الطَّعَامَ، يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ، حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ".

هذا الباب باب تأكيد لما سبق وهو أنه لا بد من القبض والحيازة والنقل إلى الرحل، الآن قبض الأسهم قالوا: إنها بمجرد ما تحركها من محفظة إلى محفظة، لكن إذا كان المشتري رجلًا عاديًّا فما يمكن أن يتحرك، ما فيه، ما يتحرك، ما تنقل من حساب إلى حساب.

طالب: ......

ماذا؟

طالب: ......

ما يقبض، هذا الذي جعلهم يقولون: إن القبض أمر اعتباري، ولا يحتاج إلى كذا أو إلى كذا، كل هذا تحايل على النصوص.

"بَابُ مَنْ رَأَى: إِذَا اشْتَرَى طَعَامًا جِزَافًا أَنْ لاَ يَبِيعَهُ حَتَّى يُؤْوِيَهُ إِلَى رَحْلِهِ، وَالأَدَبِ فِي ذَلِكَ" يعني لو كان كثيرًا، بعضهم قال: يشق نقل آلاف الأطنان أو كذا، ولو كان كذلك، بقدر قيمتها يكون التعب عليها، وإلا ما عنده إلا عشر، عشرون كيلاً يخسر عليها بقدرها، فتحمل له من مكانها عشرة ريالات، والذي عنده كذا طن تحمل بقدرها، تحمل له بقدرها، الغنم مع الغرم، يقول: والله ما أنا بخسران، يقول: فلان اشترى بضاعة عشرة كيلوات، وحمله الحامل إلى سيارته بخمسة ريالات، وأنا أشتري هذه الصبرة طنًّا كاملًا.

طالب: ......

يا شيخ صار أكثر من ذلك؟ لأنك تريد أكثر من هذا، والغنم مع الغرم.

قال: "حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ" الليث بن سعد، "عَنْ يُونُسَ" ابن يزيد الأيلي، "عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-"، الحديث الأول من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر، وهذا من طريق ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر، الأول هو أصح الأسانيد عند الإمام البخاري، والثاني هو أصح الأسانيد عند الإمام أحمد. "أن ابن عمر- رضي الله عنهما- قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، يَبْتَاعُونَ جِزَافًا»، يَعْنِي الطَّعَامَ، يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ، حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ"، كان على مر العصور الأسواق لهم حسبة خاصة، كتب الحسبة معروف فيها الاحتساب في الأسواق، خاص بالأسواق للبيع والشراء. الآن رجال الحسبة وغيرهم ممن يتطوع عساهم يردون على الدفاع عن الأعراف، ما هو بعد أنت بعت، صحيح أنت قبضت، ما قبضت، هذا مير، الله المستعان، ما أحد يلتفت له، وهذا الذي جعل الناس يتساهلون، والسيئة تقول: أختي أختي، تساهلوا بالقبض، تساهلوا ببيع ما ليس عنده، إلى أن وقعوا في الربا الصريح؛ لأن المسلم يجب عليه أن يحتاط لنفسه: «من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه».

 الآن الشبهات من يتقيها، إذا كانوا يفتون بالمال المختلط والربا بغيره، يقولون: هذا شيء مغمور؟ كيف تتقى الشبهات ونحن نقع في مثل هذا؟

"يضربون أن يبيعوه في مكانه حتى يؤووه إلى رحاله"، إذا وقفنا ربع ساعة في السوق، ونظرنا كيف يبيعون التمر، كيف يبيعون الفواكه، وهي في مكانها، بل في السيارة التي جاءت بها من المزرعة، باع، ثم يبيعها الذي اشتراها جملة على غيره وهكذا، مخالفات صريحة لهذه النصوص، والله المستعان.

نعم.

طالب: (قوله: "جزافًا" فارسي معرب يقال بالحركات الثلاث وهو البيع بلا كيل)، جُزافًا وجَزافًا وجِزافًا، بالحركات الثلاث، وهو البيع بلا كيل، بالجملة يعني، بالصرة بالكومة.

طالب: (وهو البيع بلا كيل ونحوه، وفي الأحاديث النهي عن بيع المبيع حتى يقبضه المشتري، فقال الشافعي: لا يصح سواء كان طعامًا أو عقارًا أو منقولاً أو نقدًا، وأبو حنيفة: لا يصح إلا في العقار، ومالك: لا يصلح في الطعام، وأحمد: لا يصح في المكيل والموزون. وفيه أن على ولي الأمر تعزيز من يتعاطى بيعًا فاسدًا وتأديبه بالضرب ونحوه).

 نعم هذه من وظائفه التي أنيطت به شرعًا، عليه أن يؤدب كل من يخالف، ويقيم الحدود على المخالفين، والتعزيرات، هذه وظيفة ولي الأمر.

 (قال الشافعي: لا يصح سواء كان طعامًا أو عقارًا أو منقولاً أو نقدًا) يعني حتى يقبض، القبض كل شيء بحسبه، كيف تقبض عقارًا؟ بالتخلية، تأخذ الصك وتطبق الصك على الأرض، ويخلى بينك وبينه، وتتصرف فيه، ما يقال: حتى تحاز. المقصود أن قبض كل شيء بحسبه، لكن ما يمكن نقله لا بد من نقله.

طالب: "بَابُ إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً، فَوَضَعَهُ عِنْدَ البَائِعِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنَ المُبْتَاعِ.

 حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، قال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، قَالَتْ: لَقَلَّ يَوْمٌ كَانَ يَأْتِي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، إِلَّا يَأْتِي فِيهِ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ أَحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي الخُرُوجِ إِلَى المَدِينَةِ، لَمْ يَرُعْنَا إِلَّا وَقَدْ أَتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا لِأَمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ، يَعْنِي عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، قَالَ: «أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ». قَالَ: الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الصُّحْبَةَ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي نَاقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا، قَالَ: «قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ»".

قال -رحمه الله-: "بَابٌ إِذَا اشْتَرَى مَتَاعًا أَوْ دَابَّةً، فَوَضَعَهُ عِنْدَ البَائِعِ"، النبي -عليه الصلاة والسلام- أخذ هذه الناقة من أبي بكر بثمنها، ووضعها عنده إلى يوم الخروج، "فوضعه عند البائع أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ"، قبل أن يقبض من ضمان البائع أو المشتري؟

من ضمان البائع؛ لأنه ما تم البيع إلا بالقبض، وإذا قبضها وتركها عنده فهي من ضمان المشتري.

 "وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: مَا أَدْرَكَتِ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنَ المُبْتَاعِ" يعني ما وجد وقت العقد، هو تبع البيع، أثناء العقد، أثناء الإيجاب والقبول هو من البيع، وأما ما قبله فلا.

 قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ" ما معنى مغراء؟ اللون المغر والأمغر مؤنثه مغراء هو الأبيض الذي يخالطه حمرة، يسمون اللبن إذا نزل معه شيء من الدم: مغر، وما زال يستعمل إلى الآن.

"قال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ" ابن عروة بن الزبير، "عَنْ أَبِيهِ" عروة بن الزبير، "عَنْ عَائِشَةَ" يعني عن خالته عائشة -رضي الله عنهما-، "قَالَتْ: لَقَلَّ يَوْمٌ كَانَ يَأْتِي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، إِلَّا يَأْتِي فِيهِ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ"، الناس لا شك أن لهم خواص يزورونهم ويكثرون التردد عليهم، فمن خاصته -عليه الصلاة والسلام- أبو بكر. "إلا يأتي فيه بيت أبي بكر أَحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي الخُرُوجِ" يعني بالهجرة "إِلَى المَدِينَةِ، لَمْ يَرُعْنَا" طرق الباب في الظهر، ما هي بعادة أن يجيء بالظهر، طرفا النهار إما في أوله أو في آخره.

 "فلم يرعنا" وخفنا "إِلَّا وَقَدْ أَتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا لِأَمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ»".

 يعني المسألة سر، الهجرة لا يريد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يُعلم بها؛ لأنه فيه أعداء، فلا بد من الكتمان، "«أخرج من عندك»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ، يَعْنِي عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ"، ولن تفشيا سرًّا، فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- "قَالَ: «أَشَعرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الخُرُوجِ»"، يعني بالهجرة إلى المدينة. "قَالَ: الصُّحْبَةَ" يعني أطلب الصحبة "يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الصُّحْبَةَ»" أعطيك الصحبة، أبشر، أعطيك الصحبة.

 "قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِي نَاقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ" يعني يترقبون الإذن، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يترقب الإذن، فأذن له، أبو بكر مستعد لأي لحظة يكون هذا الخروج؛ لئلا يبحث عن دابتين في وقته فلا يجد أو لا يجد شيئًا مناسبًا، "قال: يا رسول الله إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا" على سبيل الهدية، "قَالَ: «قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ»"، النبي -عليه الصلاة والسلام- يأخذ بالقيمة، ويقبل الهدية ويثيب عليها.

طالب: ("باب إذا اشترى متاعًا فوضعه عند البائع ومات قبل أن يقبض"، قوله: "المتاع" اسم المفعول لا اسم الفاعل وإسناد الإدراك إلى العقد مجاز، أي ما كان عند العقد غير ميت وغير منفصل عن المبيع فهو من جملة المبيع.

قوله: "فروة" بفتح الفاء وسكون الراء. "ابن أبي المغراء" بفتح الميم وسكون المعجمة وبالراء وبالمد، مر في أواخر الجنائز. و"علي بن مسهر" بضم الميم وإسكان المهملة وكسر الهاء وبالراء، قاضي الموصل، في باب مباشرة الحائض).

 يعني مر في باب مباشرة الحائض، يعني مرت ترجمته هناك.

طالب: (قوله: "لقل" اللام جواب قسم محذوف، وقلَّ فعل ماضٍ، وفيه معنى النفي، أي ما يأتي عليه يوم إلا يأتي فيه بيت أبي بكر -رضي الله عنه-، و"لم يرعنا" من الروع، وهو الفزع، أي أتانا بغتة وقت الظهر، و"حدث" أي حادثة حدثت له، و"ما عندك" هو على لغة من يقول: ما عام للعقلاء ولغيرهم).

 "لم يرعنا" يقول: من الروع، إذا قال قائل: «لن تراعُوا» كما جاء في الحديث، أو قال: «لن تراعَوْا»، بينهما فرق أم ما بينهما فرق؟

طالب: يختلف، الفرق.

ماذا؟  

طالب: «لن تراعُوا» من الخوف والروع، و«لن تراعَوْا» من المراعاة.

من المراعاة نعم، يعني لو أن الأستاذ قال لطلابه: لن تراعُوا أو قال: لن تراعَوْا، بينهما فرق؟ فرق كبير، وهو من الروع وهو الفزع أي أتانا بغتة وقت الظهر، وحدث نعم.

طالب: (و"حدث" أي حادثة حدثت له، وما عندك هو على لغة من يقول: ما عام للعقلاء ولغيرهم، وفي بعضها: من عندك) أي أن ما الموصولة في الغالب أنها لغير العاقل، ومن للعقلاء. أجاب العلماء عن قوله -جل وعلا-: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ} [النساء: 3] والنساء معروف أنهن عقلاء، وهنا ما عندك؟ قلنا: إنه عرف أن ما عنده إلا نساء كان الجواب عنهن عن هذا التعبير، ما عندك مثل الجواب عن الآية: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ} [النساء: 3]، والجواب عند أهل العلم في كتب التفسير أظن ما يرضي الناس اليوم، لا سيما حقوق الإنسان وغيرهم، ناقصات عقل ودين ما يرضون بهذا، والله المستعان.

طالب: لكن يا شيخ هنا ما عندك وفي المتن «من عندك»؟

أين؟ «أخرج من عندك»؟

طالب: نعم.

هذه الرواية الأخرى.

طالب: ما تكلم عن رواية.

لا لا ما هو بشيء، من غير معتنى به.

طالب: ("الصحبةَ" بالنصب أي أريد وأطلب الصحبة معك عند الخروج، وبالرفع أي مرادي أو مطلوبي الصحبة، وكذا لفظ الصحبة الثانية بالنصب، أي أنا أريد أو أطلب الصحبة أيضًا أو ألزم صحبتك، وبالرفع أي مطلوبي أيضًا الصحبة أو الصحبةُ مبذولة.

 فإن قلتَ: كيف يدل على الترجمة؟ قلتُ: دلالته أما على الجزء الأول فظاهر؛ لأنه لم يقبض الناقة بعد الأخذ بالثمن الذي هو كناية عن المبيع، وتركه عند البائع، وأما ذكر الجزء الثاني في الترجمة فإما للإشعار بأنه لم يجد حديثًا بشرطه فيما يتعلق به، وإما للإعلام بأن حكم الموت قبل القبض حكم الوضع عنده قياسًا عليه).

لأن الترجمة مركبة من شقين الأول: باب إذا اشترى متاعًا أو دابة فوضعه عند البائع، الشق الثاني: أو مات، إذا اشترى متاعًا أو دابة فمات قبل أن يقبضها. الحديث صريح في الشق الأول، والثاني مقيس عليه، لم يجد نصًّا فيه أن أحدًا اشترى وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام- أو فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فيه، ثم مات قبل أن يقبض.

طالب: "بَابُ لاَ يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ أَوْ يَتْرُكَ.

 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «لاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ».

 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قال: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلاَ تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا»".

يقول -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابٌ لاَ يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ"، لا يبيع بإثبات الياء على أن لا نافية، والنفي إذا أريد به النهي كان أبلغ؛ لأنه كأنه ينفي وجود مثل هذا التصرف بين المسلمين، أنه لا يتوقع أن يوجد؛ لأنه لا يجوز، وإذا قلنا: إنها ناهية قلنا: الياء للإشباع وإلا لازم أن تحذف: لا يبع.

"على بيع أخيه" يعني المسلم، ومفهومه أن له أن يبيع على بيع غير المسلم من ذمي وغيره، أن هذه من حقوق المسلم على أخيه.

"وَلاَ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ" لا سيما إذا ركن صاحب السلعة إليه وما إلى البيع عليه. أما مجرد السوم فيمن يزيد سيأتي البيع فيمن يزيد، ولا مانع من الزيادة. "حَتَّى يَأْذَنَ" الأول "لَهُ، أَوْ يَتْرُكَ" إذا قال: ما فيه مانع أن تشتري، الله يقويك، اشترِ، لا يمنع وهي رزقه، أو زد عليَّ ما فيه بأس، "أو يترك" خلاص يمشي، الثاني له أن يزيد.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ" وهو ابن أبي أويس ابن أخت مالك، "قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ" يعني خاله، "عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قَالَ: «لاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ»".

ثم قال: "حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" ابن المديني كما تقدم قريبًا، "قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" وهو ابن عيينة، "قال: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ" وهو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، "عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-"، سعيد بن المسيب سيد التابعين وأفضلهم عند جمع من أهل العلم، وإن كان من ناحية العلم هو صحيح أعلمهم وإن كان من ناحية الفضل الثابت بالنص فأويس منصوص عليه كما في الحديث الصحيح.

 "قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ»" يعني «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض»؛ لأن البادي قد يخفى عليه بعض الأمور، والسلعة هو الذي أنتجها ما تعب عليها وخسر واستوردها، ودفع فيها الأموال، هي من إنتاجه، فدعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، ما تأتي إلى البادي وتقول: أبيع لك سلعتك بحيث لا ينزل شيء لأهل السوق، خلوهم يترزقون، "«نهى أن يبيع حاضر لبادٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا»" والنجش هو الزيادة في السلعة من غير مريدها، لا يريدها، وإنما يريد أن ترتفع قيمتها؛ لينفع البائع، أو ليضر المشتري، "«وَلاَ يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ»" يعني في النكاح حتى يأذن أو يترك أو يُرد.

 "«وَلاَ تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِي إِنَائِهَا»"، أختها يعني الضرة إذا كانتا اثنتين تحت رجل واحد تأمره إحداهما في طلاق الأخرى، هذا منهي عنه. "«ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها»" أو خُطبت فاشترطت أن يطلق زوجته الأولى نفس الشيء.

نعم.

طالب: (قوله: «لا يسوم» السوم على السوم هو أن يتفق صاحب السلعة والراغب فيها على البيع ولم يعقداه، فيقول آخَر لصاحبها: أنا أشتريه بأكثر، أو للراغب: أنا أبيعك خيرًا منها بأرخص منه، وهذا حرام بعد استقرار الثمن بخلاف ما يباع فيمن يزيد فإنه قبل الاستقرار، فإن قلتَ: لم يذكر في الباب ما يدل عليه؟

قلتُ: يُعلم حكمه من القياس على الخطبة.

قوله: «لا يبع»، وفي بعضها: لا يبيع، بلفظ الخبر، بمعنى الخبر، بمعنى النهي، وهو أن يقول في زمن الخيار للمشتري: افسخه وأنا أبيعك مثله بأقل منه، ويحرم أيضًا الشراء على الشراء بأن يقول للبائع: افسخ وأنا أشتري بأكثر منه.

قوله: «لباد» أي لبدوي، وهو أن يقدم غريب من البداية بمتاع ليبيعه بسعر يومه، فيقول له بلديٌّ: اتركه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى منه، وهذا فعل حرام، لكن يصح بيعه؛ لأن النهي راجع إلى أمر خارج عن نفس العقد، وقيل: أن لا يكون الحاضر سمسارًا للبدوي، وحينئذ يصير أعم، ويتناول البيع والشراء).

 نعم لما سئل ابن عباس: ما معنى يبيع حاضر لبادٍ؟ قال: لا يكون له سمسارًا، يصير دلالًا، خلوه هو يبيع، اتركوه، لن يخسر؛ لأن السلعة من نتاجه، ويستفيد الناس من ورائه. وقوله: العقد صحيح؛ لأن النهي راجع إلى أمر خارج عن نفس العقد النهي إذا عاد إلى ذات العقد أو إلى شرطه فإنه يفسد العقد، وإذا عاد إلى أمر خارج عن ذاته أو عن شرطه أو ركنه المؤثر فإنه يبطل يعني مع التحريم، سواء في ذلك العقود والعبادات وغيرها، فإذا عاد النهي إلى ذات العبادة أو إلى شرطها بطلت، وإذا عاد إلى أمر خارج فإنها تصح.

 مما يذكر من الأمثلة: إذا صلى وعليه سترة، ستر عورته بمحرم كالحرير مثلاً، تصح الصلاة أم ما تصح؟

طالب: تصح.

ما هو؟

طالب: ..........

لا، على القاعدة التي ذكرنا؟

طالب: لا تصح.

لا تصح على القاعدة، لا تصح؛ لأن النهي عاد إلى شرط العبادة، والسترة شرط. ولو صلى وعلى رأسه عمامة حرير أو في يده خاتم ذهب؟

طالب: نعم هنا تصح.

تصح؛ لأنه عاد النهي إلى أمر خارج عن ذات العبادة وشرطها.

نعم.

طالب: (قوله: «لا تناجشوا» من النجش بالنون والجيم والمعجمة، وهو أن يزيد في الثمن لا لرغبة فيها، بل ليخدع غيره ليزيد ويشتريه).

لحظة، بالنون والجيم والمعجمة، كلها معجمات، كل الحروف معجمة، التاء والنون والجيم والشين كلها معجمات، (بالنون والجيم والمعجمة) لماذا نص على الشين أنها معجمة، ولم ينص على الجيم أنها معجمة؟ وكذلك النون.

طالب:.........

بالشين.

طالب: بالشين.

يقع مع السين التباس، فلا بد أن يبين أنها معجمة. طيب الجيم؟

طالب: .......... الحاء .......... الجيم والخاء.

يعني إذا قيل بالجيم، وقيل: بالحاء.

طالب: تختلف.

ما فيه التباس. لكن لو قيل بالحاء والخاء.

طالب: يلزم ..........

لا بد أن ينص على أن الخاء معجمة؛ لأنها تلتبس صورتها بالحاء.

طالب: (من النجش بالنون والجيم والمعجمة، وهو أن يزيد في الثمن لا لرغبة فيها، بل ليخدع غيره ليزيد ويشتريه، وأصله الإثارة كأن الناجش يثير الرغبة فيه وفي الرفع في ثمنه، وهذا الفعل حرام.

فإن قلتَ: لا يصلح عطفه على «نهى»، ولا على «أن يبيع»؟ قلتُ: قال مقدرًا، أي نهى وقال: لا تناجشوا) (قلت: قال) يعني هذا اللفظ (مقدر، أي نهى وقال: لا تناجشوا)، وحذف القول كثير في الكلام؛ {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} [آل عمران: 106] يعني يقال لهم ذلك، وهذا كثير في النصوص وفي لغة العرب.

طالب: (قوله: «لا يخطب» مشتق من الخطبة بكسر الخاء، وهو حرام إذا صرح للخاطب بالإجابة، فإن قلتَ: ما المراد بالأخ؟).

 ما يلزم أن يصرح، المهم أنه لا يُرد، إذا رُد يجوز، إذا انصرف بنفسه، إذا أذن بنفسه فلا مانع، أما ما دام الأمر معلقًا والمداولة بينهم قائمة فلا يجوز حتى يُرد.

طالب: يا شيخ التعليق هذا ما ذكره بعض الفقهاء.

ماذا يقول؟

طالب: ..........

لا، لا بد أن يأذن أو يُرد.

نعم.

طالب: ......

إذا خطب من غير علم، خطب في وقت واحد هل عندهم خبر؟ كل واحد عنده خبر من الثاني؟ ما يدرى.

طالب:.........

نعم؟

طالب:.........

لا ما تجيء، تعارض القاعدة التي ذكرناها.

طالب: (فإن قلت: ما المراد بالأخ؟ قلتُ: أخوة الإسلام والمؤمنون إخوة، وظاهره اختصاص التحريم بما إذا كان الخاطب مسلمًا، وقال بعضهم: تحرم الخطبة على خطبة الكافر أيضًا والتقييد بأخيه خرج مخرج الغالب فلا يكون له مفهوم يُعمل به.

قوله: «لا تسأل» بالرفع خبر بمعنى النهى وبالكسر نهيًا حقيقيًّا ومعناه نهي المرأة الأجنبية أن تسأل الزوج طلاق زوجته لينكحها ويصير لها من نفقته ومعاشرته ما كان للمطلقة، فعبر عن ذلك بإكفاء ما في الإناء مجازًا. يقال: أكفأتُ الإناء إذا كببتُه).

 كببتَه؟

 (إذا كببتَه، وكفأتَه إذا أملتَه).

 وكفأتُه إذا أملتَه.

 (وكفأتُه إذا أملتَه، والمشهور في لفظ البخاري فتح الفاء. قال التميمي).

 التيمي، الشارح.

 (قال التيمي: هذا مثل لإمالة الضرة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها، ورُوي: لتكتفي).

 ولا تقتصر الصورة على ما ذكر في الخطبة، نهي المرأة الأجنبية أن تسأل الزوجة طلاق زوجته لينكحها، حتى لو كانت في عصمته كان ذلك أيضًا داخلاً في الحديث.

طالب: (قال النووي: المراد بأختها غيرها سواء كانت أختها في النسب أو الإسلام أو كافرة).

 نعم أختها في النسب إذا عرضت عليه: طلق أختي وأوافق على الزواج بك، هذا يحصل كثيرًا وهو متصور لا سيما أنه قد يرى من أختها ما يدعوه إلى نكاحها أكثر من زوجته، ثم يتفاهم معها على ذلك ويقول: طلقها، ولا يجوز الجمع بينهما، تكون أخوة النسب وإلا فالأصل أخوة الإسلام.

طالب: ..........

هذه الذمية التي يجوز نكاحها، ما تدخل، يعني لو شخص عنده امرأة ذمية من أهل الكتاب أو عنده غيرها وطلب أو خطب مسلمة وقالت: لا أقدم على الزواج بك وعندك هذه الكافرة، طلقها. ما يدخل، ما يدخل.

مفهوم الحديث أختها.

طالب:.........

نعم. قال فيما تقدم أن هذا خرج مخرج الغالب وإلا يشمل الكافر، لكن الأصل أنه وصف مؤثر مؤسس في الحكم فالأخوة هي أخوة الإسلام.

طالب: "بَابُ بَيْعِ المُزَايَدَةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ لاَ يَرَوْنَ بَأْسًا بِبَيْعِ المَغَانِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ. حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ المُكْتِبُ".

 أو المكتِّب.

 "قال: أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ المُكْتَّبُ".

 المكتِّب، كثير الكتابة، وإلا مكتِب يعني كاتب.

"عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَاحْتَاجَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي» فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِكَذَا وَكَذَا فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ".

قال -رحمه الله-: "بَابُ بَيْعِ المُزَايَدَةِ" يعني فيمن يزيد، الحراج، يسمونه الحراج. "وَقَالَ عَطَاءٌ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ لاَ يَرَوْنَ بَأْسًا بِبَيْعِ المَغَانِمِ فِيمَنْ يَزِيدُ" يعني المغانم وغير المغانم، جميع السلع تباع فيمن يزيد، وفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما أراد بيع هذا الغلام الذي احتاج معتقه، ومثله من أعتق الذي أعتق ستة أعبد أمسك اثنين وباع أربعة فأمضى الثلث وباع الثلثين، فمن يزيد.

 قال: "حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ المُكْتِّبُ" أو المكتّب، "عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ غُلاَمًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ" المدبَّر يعني إذا مات وحكمه حينئذ حكم الوصية، لا يثبت العتق إلى بالموت، "فَاحْتَاجَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟» فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" النحام "بِكَذَا وَكَذَا" يعني بمبلغ "فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ" دفع إليه الغلام، ودفع القيمة لصاحبه.

طالب: قال الكرماني -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: (قوله: "بشر" بالموحدة المكسورة المروزي مر في باب الوحي، "وحسين المُكتِب" بلفظ الفاعل من الاكتتاب، مر في الغسل، "وعطاء بن أبي رباح" بفتح الراء وخفة الموحدة وبالمهملة، قوله: "نعيم" مصغر النَّعم، "ابن عبد الله" النَّحَّام بفتح النون وشدة المهملة، العدوي القرشي، ووصف بالنحام؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: دخلت الجنة فسمعت نَحمة نُعيم فيها، والنحمة السعلة، أسلم قديمًا، وأقام بمكة إلى قبيل الفتح، وكان يمنعه قومه من الهجرة؛ لشرفه فيهم؛ لأنه كان ينفق عليهم فقالوا: أقم عندنا على أي دين شئت، ولما قدم المدينة اعتنقه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقبَّله، واستشهد يوم اليرموك سنة خمس عشرة.

 وفي الحديث جواز بيع المدبَّر).

طالب: "بَابُ النَّجْشِ، وَمَنْ قَالَ: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ البَيْعُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ، وَهُوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ لاَ يَحِلُّ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «الخَدِيعَةُ فِي النَّارِ، ومَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».

 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنِ النَّجْشِ»".

يقول -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ النَّجْشِ" وهو الزيادة في السلعة ممن لا يريدها، مثل ما تقدم، إنما يريد نفع البائع، أو الإضرار بالمشتري، وقد يلزم من هذا هذا، يلزم من انتفاع البائع ضرر المشتري؛ لأنه لا ينتفع إلا بالارتفاع، ارتفاع القيمة، وإذا ارتفعت القيمة تضرر المشتري، "وَمَنْ قَالَ: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ البَيْعُ" يعني لا يصح، يبطل، وتقدم أن المؤلف أشار إلى أنه يصح؛ لأن النهي يعود إلى أمر خارج لا إلى ذات العقد ولا إلى شرطه.

 "ومن قال: لا يجوز ذلك البيع" يعني من أهل العلم من قال ذلك، "وَقَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: النَّاجِشُ آكِلُ رِبًا خَائِنٌ" مقتضى هذا الكلام أن البيع صحيح أم لا يصح؟ لا يصح، "آكل ربًا خائن، وَهُوَ خِدَاعٌ بَاطِلٌ لاَ يَحِلُّ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: «الخَدِيعَةُ فِي النَّارِ»" وهذا دليل التحريم، "«ومَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»" دليل على بطلان العقد.

قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ" وهو القعنبي كما تقدم، "قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ" ابن أنس نجم السنن، "عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنِ النَّجْشِ»"، والنهي هنا للتحريم.

طالب: (قوله: "عبد الله بن أبي أوفى" بفتح الهمزة وبالفاء وبالقصر الصحابي ابن الصحابي، وهو آخر من بقي من الصحابة بالكوفة، مر في الزكاة.

 قوله: "آكل ربًا" أي كآكله، و"الخديعة" أي صاحب الخديعة، ويحتمل أن يكون فعيلاً بمعنى الفاعل، والتاء للمبالغة نحو رجل علَّامة)، (يحتمل أن يكون فعيلاً بمعنى الفاعل) خديع خادع، (والتاء للمبالغة) يعني مثلاً أن يقال: علَّامة، نسَّابة، وفهَّاهمة... إلى آخره.

طالب: "بَابُ بَيْعِ الغَرَرِ وَحَبَلِ الحَبَلَةِ.

 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- «نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ».

 وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا".

"بَابُ بَيْعِ الغَرَرِ وَحَبَلِ الحَبَلَةِ"، غرر لا شك أنه يترتب عليه الضرر، وهناك من الغرر ما ضرره فادح وكبير، ومنها ما ضرره والغرر فيه مغتفر لا سيما إذا كان يسيرًا جدًّا، أو كان مما لا يمكن الوصول إليه، من يشتري بيتًا مؤسسًا على قواعد، إذا ما طلب المشتري أن يطلع على هذه القواعد، هذا ممكن أم لا؟ ممكن؟ يحفر الأرض حتى يرى هذه القواعد، ممكن؟ لا، هو قد يختبر يشوف يختار عمودًا يزيل التلييس مثلاً، ينظر قوة الحديد، وتحمل الحديد، كذا، لكن القواعد التي يلزم عليها هدم البيت هذا ما يمكن، فما لا يمكن الوصول إليه هذا مغتفر، واليسير مغتفر، لكن ما عدا ذلك لا بد أن يُكشف هذا الغرر، ولا بد أن يزال الضرر.

 وحبل الحبلة: الحبل الحمل، والحبلة الحامل من الدواب والغالب أنها الإبل.

قال: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ" وهو التنيسي، "قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- «نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ»"، قال: "وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ" بصيغة المبني للمفعول، وحقيقته أنه مبني للفاعل، لكن هو جاء على هذه الصيغة: "أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا"، يعني يكون الأجل الذي بيع عليه السلعة متى تحل القيمة؟ إذا وُلد الحمل الذي في بطن هذه الدابة، يعني في بطن هذه الدابة معروف أنه في الشهر كذا، لكن إذا أنتج الحمل الذي في بطنها حبلت ثم أنتجت، هذا متى يحصل اللقاح؟ ومتى يحصل الحمل؟ ومتى؟

قد يحصل، وقد لا يحصل، الغرر كبير.

طالب: ......

 المقصود أن الغرر كبير جدًّا، حتى تأجيل حلول الديون بما في بطن الناقة لا شك أنه غير منضبط، قد يطول، وقد يقصر.

"وكان بيعًا يبتاعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها"، يعني تنتج هذه تلد، ثم هذا المولود يكون أنثى ثم تحمل ثم تنتج، لا شك أن الغرر كبير، وقد لا يحصل مرادهم.

 وأيضًا جاء من صور بيع حبل الحبلة أن يباع ما في البطن أو ما في بطن البطن، والغرر والضرر المترتب عليه كبير؛ لأنه ما يدرى ماذا تنتج.

طالب: ..........

من الزبائن؟

طالب: ..........

طيب الزبائن يعطونه من تلقاء أنفسهم أو من قيمة هذا البترول؟ لا، هذا يصير رشوة، هذا غرر، وهو أقدم على أن يأخذ من هذه السلعة كذا ثم ينقص منها، ولا لمندوب ولا غيره، وإذا أخذ المندوب فهي رشوة، حتى مندوب المبيعات ما دام يتقاضى راتبًا من الشركة رشوة، إذا كان ما يتقاضى راتبًا فهو دلال سمسار يأخذ أجرة المثل.

طالب: ..........

سمسرة، هذه العمولة سمسرة أم قدر زائد عليها؟

طالب: .......... سمسرة.

من نصيبهم؟

حتى يأتي الغرر الذي ذكره ابن عباس في المسألة، إذا قال: بع هذه السلعة بكذا والزائد لك، المقرر عند جمهور أهل العلم أنه ليس له إلا أجرة المثل فقط.

طالب: (قوله: "باب بيع الغرر وحبل الحبلة". قوله: "بيع الغرر" هو متناول لمسائل كثيرة منحصرة كبيع الآبق والمعدوم والمجهول وما لا يُقدر على تسليمه وكالمبهم، وكله باطل؛ لأنه غرر من غير حاجة، وقد يحتمل الغرر بيعًا إذا دعت إليه الحاجة كالجهل بأساس الدار المبيعة وبحشو الجبة ونحوها. وبيع حبل الحبلة والملامسة والمنابذة).

 ما زلنا في الغرر: الآن عقود الصيانة وعلى رأس بيوت الله المساجد، الوزارة تتفق مع شركات تعطي على هذا المسجد عشرة آلاف لسنة مثلاً، والجامع تعطي عليه مثلاً عشرين، وهكذا، هذا المسجد خلال عام يحتاج إلى تغيير المكيفات، والمكيفات بأكثر من صيانة سنتين أو ثلاث، بعض السنوات ما يحتاج إلا مصباحًا واحدًا بريالات، فيه غرر أم ما فيه غرر؟ فيه غرر كبير، نعم.

 عقود الصيانة فيها نظر كبير. الضمان عند شركات السيارات والجوالات وغيرها، الضمان مثل التأمين، ضمان السيارة يمكن أن تخرب الماكينة يغيرونها لك بعشرين ألفًا، ويمكن أن تمضي سنة ما خرب شيء، وأيضًا التأمين سواء كان الصحي أو التجاري أو غيره يمكن أن تحتاج تكلف الشركة ألوفًا مؤلفة، وأحيانًا تمر عليك سنة وما تحتاج ولا أدنى علاج، فالغرر داخل في هذه العقود كلها، فليتها تبحث بجد، الآن بيوت الله أحيانًا يمر عليها سنة ما خرب ولا مصباح، أو لو خرب مصباح، مصباحان، بعشرة، بعشرين ريالًا، ما تكلف شيئًا، والشركة تأخذ أموالًا، وقد تفسد المكيفات أو أشياء لها قيمة ولها وقع، فيتضرر العاقد، لا شك أن هذا داخل في الغرر. التبرع ما له وقع في الثمن أبدًا، ما فيه شك، لم يكن له وقع في الثمن، إذا قا: أنا أشتري هذه السيارة بكم؟ قالوا: بخمسين ألفًا، وبدون ضمان؟ بخمسة وأربعين، قلنا: لا يجوز، لكن إذا قال بضمان أو بغير ضمان بخمسين، فالأمر سهل، يصير تبرعًا منه.

طالب: (وقد يحتمل الغرر بيعًا إذا دعت إليه الحاجة كالجهل بأساس الدار المبيعة وبحشو الجبة ونحوها، وبيع حبل الحبلة والملامسة والمنابذة من جملة بيع الغرر، ولكن أُفردت بالذكر ونهي عنها؛ لكونها من مشاهير بيوع الجاهلية.

قوله: "حبل الحبلة" بالمهملة والموحدة المفتوحتين هو نتاج النتاج، وولد الجنين، وقيل: الحبلة مصدر سمي به المجهول كما سمي بالحمل. قال النووي: الحبلة جمع الحابل كظَلَمة جمع ظالم، وقال بعضهم: الهاء في الحبلة للمبالغة، واتفقوا على أن الحَبَل مختص بالآدميات، وإنما يقال في غيرهن الحمل. وقال أبو عبيدة: لا يقال لشيء من الحيوان حبَل إلا في ما جاء في هذا الحديث).

 ولا مانع من إطلاقه ما دام ثبت في حديث صحيح عن أفصح العرب، لا مانع من إطلاقه على غير الآدميات، كما أن الحمل أيضًا يطلق على الآدميات: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]، فيطلق هذا وهذا على الآدميات وغيرهن.

طالب: (واختلفوا في المراد منه، فقال الشافعي: هو البيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة ويلد ولدها، وهو ما فسر به ابن عمر، وقيل: هو بيع ولد ولد الناقة، وهذا أقرب لفظًا، لكن الأول أقوى؛ لأنه تفسير الراوي، وهو أعرف به).

 ولا مانع أن يشمل أو يشتمل على صور متعددة، كل ما يدخل في لفظه يشمله النهي.

طالب: (قال المحققون: تفسير الراوي مقدم إذا لم يخالف الظاهر، وهذا البيع على التفسيرين باطل، أما الأول فلأنه بيع إلى أجل مجهول، والأجل يأخذ قسطًا من الثمن، وأما الثاني فلأنه بيع معدوم ونحوه.

 أقول: فإن قلتَ: تفسير مخالف للظاهر؟ قلتُ: لعل المراد بالظاهر الواقع، فإن هذا البيع كان في الجاهلية بهذا الأجل فليس التفسير خلافًا للفظ، بل بيان للواقع. قوله: «الجزور» هو واحد الإبل يقع على الذكر والأنثى، «وتنتج» بلفظ المبنى للمفعول، قال الجوهري: نُتجت الناقة على ما لم يسم فاعله تُنتَج نتاجًا).

قف على هذا.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.