شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (254)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى لقاء جديد في شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: قال -رحمه الله تعالى-: عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: جاءت أم سليم -رضي الله عنها- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت يا رسول الله: إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غُسل إذا احتلمت فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا رأت الماء»، فغطت أم سلمة يعني وجهها، وقالت يا رسول الله: وتحتلم المرأة؟ قال: «نعم، تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها؟».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم، وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 أما بعد،

فراوية الحديث أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبى أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن المغيرة بن مخزوم المخزومية، تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أبي سلمة سنة أربع، وقيل: سنة ثلاث، وعاشت بعد ذلك ستين سنة، ماتت سنة اثنتين وستين.

والحديث ترجم عليه الإمام البخاري بقوله: باب الحياء في العلم، باب الحياء في العلم، وقال مجاهد: لا يتعلم العلم مستحيٍ ولا مستكبر، وقالت عائشة: نِعْم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.

وقال العيني: أي هذا باب في الحياء في العلم، باب في الحياء في العلم، والحياء ممدود، وهو تغير وانكسار يعتلي الإنسان عند خوف ما يعاب، أو يذم، وقد مر الكلام عليه مستوفى في شعب الإيمان، «والحياء شعبة..

المقدم: من الإيمان.

من الإيمان» في الحديث الذي يعظ أخاه...

المقدم: في الحياء.

فتعرف أن الحياء لا يأتي إلا بخير، المقصود أن الحياء هذا بالنسبة للمخلوق تغير وانكسار، يعترى الإنسان عند خوف ما يعاب أو يذم، يقول العيني: فإن قلت: ما مراده بالحياء في العلم استعماله فيه أو تركه؟ يعني هل المطلوب استعمال الحياء في العلم، ومدح الحياء في العلم، أو ترك الحياء في العلم، وذم الحياء في العلم؟ نقول: فإن قلت: ما مراده بالحياء في العلم استعماله أو تركه؟ قلت: مراده كلاهما، مراده كلاهما، ولكن بحسب الموضع، فاستعماله مطلوب في موضع، وتركه مطلوب في موضع، استعماله مطلوب في موضع وتركه مطلوب في موضع، فالأول هو الذي أشار إليه بحديث أم سلمة -رضي الله عنها- الذي هو إيش؟ الاستعمال.

المقدم: نعم.

وقالت في ذلك {إن الله لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53]، وسألت بسؤالٍ يستحي منه النساء عادة، فالأول: هو الذي أشار إليه بحديث أم سلمة -رضي الله عنها- وحديث ابن عمر، والثاني: هو الذي أشار إليه بالأثر المروي عن مجاهد وعائشة -رضي الله عنها-، يعني غير المطلوب أشار إليه بأثر مجاهد، "لا يتعلم العلم مستحيٍ..

المقدم: مستحيٍ.

ولا مستكبر"، وعائشة قالت: "نِعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين"، نعم، فالحياء في مثل هذا غير مطلوب؛ لأنه يمنع من التعلم، والمطلوب استعماله؛ لئلا يمنع من التعلم.

المقدم: طيب أين الحياء المطلوب؟

أين؟! الذي أشار إليه بحديث أم سلمة.

المقدم: أم سلمة الظاهر أن حياءها أيضًا.. لأنها سألت.

هو لذلك صار مطلوبًا، الحياء مطلوب، حياء شرعي مطلوب، {إن الله لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53] وغطت وجهها وفعلت، هذا كله حياء مطلوب، لكنه لم يمنع من التعلم.

المقدم: يعني من المتبادر أنها سألت من أجل أن لو لم تسأل لكان حياءً مذمومًا أن لا تسأل في العلم.

نعم، بلا شك، ولذلك يطابق قول المجاهد، لا يتعلم العلم مستحيٍ ولا مستكبر، وهذا مذموم، فالحياء في القسم الأول ممدوح، وفي الثاني مذموم، وفي الثاني مذموم، ولكن إطلاق الحياء على هذا القسم بطريق المجاز، يقول العيني: إطلاق الحياء على هذا القسم بطريق المجاز، أولًا الحياء كله خير.

المقدم: نعم.

فكيف يقال: حياء مذموم؟  

المقدم: مجازًا.

مجازًا، ليس بحقيقة، ليس بحقيقة؛ لأنه ليس بحياء حقيقة، وإنما هو عجز وكسل سمي حياءً؛ لشبهه بالحياء الحقيقي في الترك، يعني لمشابهته في الحياء الحقيقي في الترك، فافهم؛ لأن بعض الناس بالفعل يستحي أن ينكر منكرًا، ويستحي أن يسأل عما يحتاجه من العلم، قد يقول قائل: إن عليًّا -رضي الله عنه- استحيا أن يسأل النبي –عليه الصلاة والسلام- عما يهمه، لكنه لم يترك السؤال، وكل الأمر إلى من يسأل عنه على ما سيأتي، فلم يمنعه ذلك من الاستفادة، يقول: فإن قلت: ما المناسبة بين البابين؟ هذا الباب باب الحياء في العلم، والذي قبله...

المقدم: من خص بالعلم قومًا دون قوم.

باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية ألا يفهموا، قلت: من حيث إنه لما كان المذكور في الباب السابق، لما كان المذكور في الباب السابق تخصيص قوم دون قوم بالعلم لمعنًى ذكر فيه، لمعنىً ذكر فيه ذكر هناك...

المقدم: نعم.

ذكر هذا الباب عقيبه؛ تنبيهًا على أنه لا ينبغي لأحد أن يستحيي من السؤال؛ مخافة أيش؟ وذكر هذا الباب عقيبه؛ تنبيهًا على أنه لا ينبغي لأحد أن يستحيي من السؤال مما له فيه حاجة، زاعمًا أن العلم مخصوص بقوٍم دون قوم، بل عليه أن يسأل عن كل ما لا يعلمه من أمر دينه ودنياه، المناسبة ظاهرة أم ليس بظاهر؟ لأن الإنسان قد يحتاج إلى علم، قد يحتاج إلى أن يسأل، ثم يقول: ما دام العلم منه ما يشاع ومنه ما يخص به قوم عن قوم، ممكن أن يكون هذا الذي يريد أن يسأل عنه مما يخص به قوم دون قوم، فلماذا أسأل عنه؟ فيدخل في الباب السابق، فيقال له: هذا تنبيه على أنه لا ينبغي لأحد -تعقيبه بالترجمة الثانية- أن يستحيي من السؤال مما له به حاجة، زاعمًا أن العلم مخصوصٌ بقوم دون قوم، بل عليه أن يسأل عن كل ما لا يعلمه من أمر دينه ودنياه.

في شرح ابن بطال يقول: إنما أراد البخاري بهذا الباب ليبين أن الحياء المانع من طلب العلم مذموم، إنما أراد البخاري بهذا الباب ليبين أن الحياء المانع من طلب العلم مذموم، ولذلك بدأ بقول مجاهد وعائشة، ولذلك بدأ بقول مجاهد وعائشة، وأما إذا كان الحياء على جهة التوقير والإجلال فهو حسن، وأما إذا كان الحياء على جهة التوقير والإجلال فهو حسن، وأما إذا كان الحياء على جهة التوكيد والإجلال فهو حسن، كما فعلت أم سلمة حين غطت وجهها، وأيضًا في قولها: {إن الله لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: 53] فإن الاستحياء من الله غير الاستحياء من المخلوقين، فإن الاستحياء من الله غير الاستحياء من المخلوقين، وهو من الله تعالى الترك، ولذا قال أهل التفسير في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً} [البقرة:26] بمعنى أن الله لا يترك أن يضرب مثلًا، وإنما قالوا ذلك؛ لأن الحياء هو الانقباض بتغير الأحوال، وحدوث الحوادث فيمن يتغير به لا يجوز على الله، هذا كلام ابن بطال، لكنه تأويل.

المقدم: نعم.

فإذا قلنا: إن الحياء بالنسبة للخالق لا يشبه حياء المخلوق.

المقدم: عفوًا مع أن ابن بطال ليس من الأشاعرة.

لكنه يؤول أحيانًا.

المقدم: يقع.

لكن يقع.

المقدم: فيه أحد من السلف عرف عنه تأويل مثل هذه الاستحياء بالذات مثل العجب أو العجب.

الصفات المجمع عليها بين السلف هذا لا مندوحة في إثباتها، ولا يجوز لأحد مخالفتها.

المقدم: نعم صحيح.

نعم، يوجد بعض الصفات التي يراها بعض السلف من نصوص الصفات، وبعضهم لا يراها من نصوص الصفات، فيختلفون في تأويلها، وإذا قلنا: إن الحياء بالنسبة للخالق لا يشبه حياء المخلوق، لم نحتج إلى مثل هذا التأويل، فإن هذا تفسير باللازم، والله -جل وعلا- موصوف بالحياء الحقيقي، على ما يليق بجلاله وعظمته.

 يقول ابن حجر: باب الحياء؛ أي حكم الحياء، باب الحياء أي حكم الحياء، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- أحيانًا يصرح بالحكم، باب استحباب الحياء، باب ذم الحياء، وهكذا، وأحيانًا يطلق باب الحياء، يعني ما حكمه؟ لماذا؟

المقدم: نحن قلنا: إنه إما أن يكون لا...

نعم؛ لأنه لا يجزم بحكم واحد.

المقدم: لا يجزم أو أن يستنهض همة طالب العلم في البحث أحيانًا.

لا هو في الغالب إذ لم يتبين له الحكم، أو إذا كانت الترجمة تحتمل أكثر من حكم تحتاج إلى تفصيل، فلا يجزم بحكم واحد، باب الحياء أي حكم الحياء، يقول ابن حجر: وقد تقدم أن الحياء من الإيمان، وهو الشرعي الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام للأكابر، وهو محمود، وأما ما يقع سببًا لترك أمر شرعي فهو مذموم، وأما ما يقع سببًا لترك أمر شرعي فهو مذموم، وليس هو بحياء شرعي، وإنما ضعف، ومهانة، وهو المراد بقول مجاهد: لا يتعلم العلم مستحيٍ، وهو بإسكان الحاء مستحيٍ أو مستحيي، بياء واحدة أو ياءين، ولا في كلامه نافية لا ناهية، وقل ولهذا كانت ميم يتعلم مضمومة، وكأنه أراد تحريض المتعلمين على ترك العجز والتكبر؛ لما يؤْثر كل منهما من النقص في التعلم، وقول مجاهد: هذا وصله أبو نعيم في الحلية بإسناد صحيح على شرط المصنف.

 يقول العيني: قوله مستحيي بإسكان الحاء والياءين ثانيتهما ساكنة، من استحيا يستحيي فهو مستحيٍ، فهو مستحيي على وزن مستفعل، ويجوز فيه مستحي بياء واحدة، من استحى يستحي فهو مستحيٍ على وزن مستفع، ويجوز مستحٍ أيضًا بدون الياء على وزن مستفن، في باب الحياء هناك من الإيمان، ذكرنا أن الإمام البخاري- رحمه الله تعالى- ترجم على حديث «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى...

المقدم: إذا لم تستحِ

إذا لم تستحِ».

المقدم: «فاصنع ما شئت».

إذا لم تستحي ياء واحدة؛ لأنها مجزومة.

المقدم: نعم.

«إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»، والترجمة قال: إذا لم تستحِ بالكسرة «فاصنع ما شئت»، وقلنا: إنه في الخبر في الحديث جاء بلفظه على لغة قريش، والترجمة جاء بها على لغة تميم، تميم يقولون: يستحي بياء واحدة، وقريش يستحيي بياءين، تقدم هذا، ويقول: يجوز مستحٍ من دون ياء على وزن مستفِن، ويكون الذاهب فيه عين الفعل، ولامه، وفاؤه باقٍ؛ وكذلك يقال: في استحييت، استحيت بياء واحدة، فأعلوا الياء الأولى، وألقوا حركاتها على الحاء قبلها؛ استثقالًا لما دخلت عليه الزوائد.

 قال سيبويه: حذف لالتقاء الساكنين؛ لأن الياء الأولى، يقول: حذف لالتقاء الساكنين؛ لأن الياء الأولى تقلب ألفًا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، قالوا: وإنما فعلوا ذلك حين كثر في كلامهم، وقال المازري: لم تحذف لالتقاء الساكنين؛ لأنها لو حذفت لذلك لردوها إذا قالوا: هو يستحي، ولقالوا: يستحيي، كما قالوا يستبيح، وقال الأخفش: استحيا استحى بياء واحدة لغة تميم، وبياءين لغة أهل الحجاز، وهو الأصل؛ لأن ما كان موضع لامه معتلًّا، لأن ما كان موضع لامه معتلًّا لم يعلوا عينه، ألا ترى أنهم قالوا: حييت وحويت، ويقولون: قلت وبعت، فيعلون العين لما لم تعتل اللام، وإنما حذفوا الياء؛ لكثرة استعمالهم لهذه الكلمة، كما قالوا: لا أدرِ بالكسرة، لا أدر، في لا أدري.

 على كل حال كل هذا التصريف، والتعليل لو كان النطق باللفظين في لغة واحدة، لكن ما دام فيه لغتين ما نحتاج إلى هذا.

المقدم: نعم.

لغة قريش، أو لغة أهل الحجاز بياءين ولغة تميم بياء واحدة.

ولا مستكبر، قال الكرماني: الاستكبار والتكبر هو التعظُّم. ويقول القسطلاني: يتعاظم ويستنكف أن يتعلم العلم ويستكثر منه، وهو أعظم آفات العلم؛ لأن طريق الطلب فيه آفة، فيه آفات، فيه آفات منها الحياء كما هنا، هذه تصد طالب العلم من الاستزادة، وكذلك التكبر والاستنكاف، يعني طالب العلم يستحيي أن يسأل لماذا؟ إما لأنه وضع نفسه في منزلة فوق منزلته، فيظن أنه إذا سأل، يخيل إليه أنه إذا سأل عن هذا السؤال أن هذا السؤال سهل، وأنه لا يليق به، وأن منزلته أعظم من هذا السؤال، هذه آفة تحرمه من كثير من العلم، من الآفات الاستكبار، يستكبر ويستنكف، وقد يجتمعان الاستحياء والاستكبار؛ كأنه يقول: إن هذا السؤال ما يسأله إلا صغار الطلبة، وأنا لست بحاجة له. لا شك أن هذه آفة من آفات العلم، والله -جل وعلا- يقول: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ} [الأعراف:146] فمناسب جدًّا في مثل هذا المقام أن.. شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- ذكر بعض من ترجم له أنه فيه شيء، فيه شيء من التعالي والتكبر.

المقدم: شيخ الإسلام؟

بعض من ترجم له قال أحيانًا في بعض الأساليب يشم منه هذا، فرد هذه المقالة مفتي حضرموت عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف، فقال: يستحيل أن يكون لدى شيخ الإسلام شيء من الكبر؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ} [الأعراف: 146]، وشيخ الإسلام القرآن على طرف لسانه، وعلى أسلة بنانه، كيف يكون هذا التيسير للقرآن وعنده شيء من الكبر؟ ترده الآية، ومن عرف موقفه -رحمه الله- من مخالفيه فضلًا عن موافقيه، لا يظن به هذا، لكن بعض الناس يخلط بين الكبر وهو غمط الناس، والتعالي عليهم، وبين الحدة في الطبع، أقول: يخلط بين هذا وهذا، فيظن الإنسان الذي جبل على شيء من الحدة أن فيه كبرًا، إذا تعامل مع الناس على ضوء هذه الحدة، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- إمام من أئمة المسلمين وعلى إحاطة وإطلاع على النصوص التي جاءت بذم هذا وهذا، والله المستعان.

ويقول العيني: للعلم آفات، فأعظمها الاستنكاف، وثمرته الجهل والذلة في الدنيا والآخرة، الاستنكاف وثمرته الجهل والذلة في الدنيا والآخرة، وسئل أبو حنيفة -رضي الله عنه- بمَ حصلت العلم العظيم؟ فقال: ما بخلت بالإفادة، ولا استنكفت عن الاستفادة، ما بخلت بالإفادة، ولا استنكفت عن الاستفادة، ولا شك أن بذل العلم من أعظم ما يثمّر العلم وينمّيه، ولا استنكفت عن الاستفادة. وسئل ابن عباس: بمَ حصلت هذا العلم؟ قال: بقلب عقول، ولسان سؤول، ولسان سؤول، قد يقول قائل: إن المسألة جاء ذمها، وذكرت هذه فيما مضى، كثرة المسائل جاء ذمها، وجاء: {لا تسألوا عن أشياء}، لكن المراد بالمسؤول عنه المنهي عنه هنا ما يذم السؤال عنه، أو ما لا طائل تحته، أما أن تكون المادة المسؤول عنها مما يذم، أو يكون السؤال لا طائل تحته ولا فائدة من ورائه، أو يكون القصد بالسؤال إظهار السائل، أو إحراج المسؤول، لا شك أن مثل هذه الأحوال مذمومة.

جاءت أم سليم هي بنت ملحان بن خالد الأنصارية، والدة أنس بن مالك، أم سليم هي بنت ملحان بن خالد الأنصارية، والدة أنس بن مالك قال: اسمها سهلة، أو رميلة، أو روميثة، أو مليكة، أو أنيسة، وهي الغميصاء أو الرميصاء اشتهرت بكنيتها، وكانت من الصحابيات الفاضلات ماتت في خلافة عثمان، ماتت في خلافة عثمان.

في شرح الكرماني تزوجها مالك بن النضر، بالضاد المنقوطة أبو أنس بن مالك، فولدت له أنسًا، ثم قتل عنها مشركًا، فأسلمت، فخطبها أبو طلحة، وهو مشرك فأبت عليه، فأبت عليه، فأبت عليه، ودعته إلى الإسلام فأسلم، فقالت: أني أتزوجك، ولا آخذ منك شيئًا صداقًا، ولا آخذ منك صداقًا لإسلامك، فتزوجها أبو طلحة، دعته إلى الإسلام، دعته إلى الإسلام حينما خطبها، وهو مشرك، وجعلت صداقها الإسلام، فهل نقول: إن إسلام أبي طلحة لامرأة يتزوجها، كما جاء في ذم الهجرة لامرأة ينكحها في الحديث الأول؟

المقدم: لا، أن يتزوج أكيد مقتنع إن شاء الله.

تقول :إن شاء الله أنت، لكن ألا يمكن أن يسلم الإنسان رغبةً في الدنيا؟ والرسول -عليه الصلاة والسلام- يعطي المؤلفة.

المقدم: ثم يحصل له..

ثم بعد ذلك ينشرح صدره للإسلام، ويحسن إسلامه، هل نقول: إنه ما دامت النية من أول العمل مؤثرة فيه، كما لو حج شخص، لغرض من أغراض الدنيا، أو صلى من أجل الناس؟

المقدم: صلى من أجل الناس.

 قال: الأب لأولاده: من صلى فله مائة ريال، فذهب الأولاد وصلوا.

المقدم: عدلوا النية في الركعة الثانية.

نعم أثرت النية لها أثر هنا؛ لأنها من أصل العمل، بل إن كانت هي الباعثة على العمل.

المقدم: بطل العمل كله.

بطل العمل كله، وهل نقول مثل هذا في الإسلام؟ الذين أعطاهم النبي –عليه الصلاة والسلام- وأغدق عليهم فأسلموا هل نقول: إسلامهم باطل؛ لأن النية أساس العمل، إذا كان العمل يستمر بحيث يمكن التصحيح، فلا إشكال، هو يأخذ هذا المبلغ، ويشهد أن لا إله إلا الله، ثم يموت فورًا، نقول: هذه الكلمة أثرت فيها العطية، وكم من شخص أسلم رغبة أو رهبة، ثم بعد ذلك صار من خيار المسلمين، فالعمل الذي يمتد حتى يمكن تصحيحه، يعني افترض أن شخصًا دخل الدراسة، دخل مثلًا مثال واقعي المعهد العلمي، دخل الدراسة المعهد العلمي من أجل المكافأة لا نية له، ولا خطر على قلبه طلب العلم، أخذ مكافأة في السنة الأولى، والثانية، والثالثة ثم صار طالب علم، حسنت حاله، وصلحت نيته، وصار من خيار طلاب العلم، نقول: إن علمه هذا ليس بصحيح؛ لأنه مبني على نية فيها خلل؟ لا، لذلك كثير منهم يطلب العلم- يعني كما صرح به بعضهم- لغير الله، ثم ما يلبث أن يكون لله؛ لأن المسافة أمامه يمكن فيها التصحيح، ففرق بين هذا وبين العمل الذي ينتهي بسرعة صداق، فتزوجها أبو طلحة،.... روي لها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعة عشر حديثًا، خرج البخاري منها ثلاثة، إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

 فقالت: «يا رسول الله إن الله لا يستحيي» فيه لغتان أفصحهما بالياءين، وقد مر مستوفى، والجملة لا يستحيي في محل الرفع على أنها خبر إنّ من الحق ضد الباطل، من الحق ضد الباطل، يقول الكرماني: أي لا يمتنع من بيان الحق كما قال...

المقدم: ابن بطال.

ابن بطال سابقًا؛ أي لا يمتنع من بيان الحق، فكذا أنا لا أمتنع من سؤالي عما أنا محتاجة إليه مما يستحيي النساء في العادة من السؤال عنه؛ لأن نزول المني منهن يدل على شدة شهوتهن للرجال.

المقدم: نستكمل بإذن الله إذا أذنتم يا شيخ في حلقة قادمة، وتكون البداية مع هذا اللفظ، إن شاء الله.

 أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، لقاؤنا بكم في حلقة قادمة، وأنتم على خير. شكرًا لطيب متابعتكم، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.