كتاب الصلاة من سبل السلام (13)

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فقد قال المصنِّف –رحمنا الله تعالى وإياه-: "عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: شَهِدْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْخَوْفِ. فَصَفَفْنَا صَفَّيْنِ: صَفٌّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَكَبَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، أَيْ: انْحَدَرَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ مِنْ دُونِ تَأْكِيدٍ".

بدون تأكيد بالضمير المنفصل، وهذا جائز؛ لوجود الفاصل، أما لو لم يُوجد الفصل في السجود لما جزى عطف إلا مع التأكيد بالضمير المنفصل.

وإنْ على ضميرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ
 

 

عَطَفْتَ فافْصِلْ بالضميرِ الْمُنْفَصِلْ
 

أو فاصلٍ ما ................
 

 

................................................

 

 كما هنا.

........... وبلا فَصْلٍ يَرِدْ
 

 

في النظْمِ فاشيًا وضَعْفَهُ اعْتَقِدْ
 

المقصود أنه هنا جاز العطف على الضمير المتصل من غير فصلٍ بضمير الفصل؛ لوجود الفاصل، وهو الجار والمجرور.

"وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ مِنْ دُونِ تَأْكِيدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْفَصْلُ.

وَأَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْو الْعَدُوِّ، فَلَمَّا قَضَى السُّجُودَ قَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

 تَمَامُهُ: انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ، وَقَامُوا ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ لَمَّا قَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَلَّمْنَا جَمِيعًا.

وَقَالَ جَابِرٌ: كَمَا يَصْنَعُ حَرَسُكُمْ هَؤُلَاءِ بِأُمَرَائِهِمْ، انْتَهَى لَفْظُ مُسْلِمٍ".

يقفون على رؤوسهم وهم جلوس، وهؤلاء أي أصحاب الصف المؤخَّر يظلون قيامًا مع سجود الرسول –عليه الصلاة والسلام- والصف الذي يليه؛ لأن وقت القيام والركوع لا يحتاج إلى حراسة؛ لأن رؤية العدو ممكنة من غير خللٍ في الصلاة في حال القيام والركوع؛ لأن العدو بينه وبين القبلة، وحينئذٍ لا يُحتاج للحراسة إلا في حال السجود فقط، وحينئذٍ يسجد الإمام والصف الذي يليه، يسجد الإمام هو والصف الذي يليه.

أما الصف الثاني فيظلون قيامًا للحراسة؛ حتى ينهض الإمام ومن معه من السجود، ثم يتقدمون إلى الصف الأول، وأصحاب الصف الأول يتأخرون إلى الصف الثاني، وهذا من تمام العدل بين المأمومين؛ ليحوز كلٌّ منهم فضيلة الصف الأول.

والأمر الثاني: لئلا يكون هناك فاصل بين الإمام ومن يقتدي به، هذه الصورة غير الصورة التي سبقت في حديث سهل بن أبي حثمة؛ لأن الصورة السابقة فيما إذا كان العدو في غير جهة القبلة، وهنا الصورة هذه في حالة ما إذا كان العدو في جهة القبلة، وعرفنا أنه يمكن أن يدخلوا جميعًا في الصلاة، لكن تبقى طائفةٌ للحراسة وقت السجود، بخلاف حال القيام والركوع.     

"قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ هِيَ فِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ، وَفِيهَا تَعْيِينُ الْقَوْمِ الَّذِينَ حَارَبُوهُمْ، وَلَفْظُهَا: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَوْمًا مِنْ جُهَيْنَةَ، فَقَاتَلُونَا قِتَالًا شَدِيدًا، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الظُّهْرَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ مِلْنَا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً لَاقْتَطَعْنَاهُمْ، فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: وَقَالُوا: إنَّهَا سَتَأْتِيهِمْ صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إلَيْهِمْ مِنْ الْأُولَى، فَلَمَّا حَضَرَتْ الْعَصْر".

الصلاة صلاة العصر من الصلاة السابقة الأولى الظهر.

طالب: ............

طالب: من الأولاد! من الأولى.

ماذا عندك؟

طالب: "أَحَبُّ إلَيْهِمْ مِنْ الْأُولَى".

طالب: ............

أحب إليهم..

طالب: ............

من الصلاة السابقة الظهر، وهذه العصر.

طالب: في في مسلم يا شيخ الأولاد؟

طالب: ............

ماذا عندك؟

أنت ماذا قال؟

طالب: ............

ولا علَّق عليها بشيء؟

طالب: ............

على كلٍّ، لكلٍّ وجه، صلاتهم أحب إليهم من أولادهم بلا شك، وهي أيضًا صلاة العصر أو أحب إليهم من صلاة الظهر، وهذه يعني إصابة الغِرة من المسلم في وقت عبادته نباهة من هؤلاء المشركين؛ لعلمهم أن المسلمين يهتمون بصلاتهم، ويُعظمونها، هي وقت راحتهم، وما زال السلف على هذا، ينشغلون بالصلاة عن غيرها انشغالًا تامًا، حتى إنه وُجِد منهم من تُقطَع رجله وهو يصلي؛ لانشغاله، وإقباله على صلاته، فإذا انشغل المسلم بصلاته لا يعلم ما يدور حوله، إلا أنهم في مثل هذه الحالة هم مأمورون أيضًا بمراقبة العدو؛ لأنه جهاد أيضًا، وهو أيضًا عبادة.

طالب: ............

على حسب ما تقتضيه الحال، إن كانوا لا يستطيعون ما يلزم، وإن كانوا يستطيعون أن يؤدوا الصلاة وهم على الأرض فهذا هو المتعين.  

"قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ، فَلَمَّا قَامُوا سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي، ثُمَّ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الثَّانِي. فَذَكَرَ مِثْلَهُ، قَالَ: فَقَامُوا مَقَامَ الْأَوَّلِ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَبَّرْنَا وَرَكَعَ وَرَكَعْنَا ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ، وَقَامَ الثَّانِي، فَلَمَّا سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي جَلَسُوا جَمِيعًا. وَفِي أَوَاخِرِهِ: ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَلَّمْنَا جَمِيعًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ يُخَالِفُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَإِنَّهَا تُمْكِنُ الْحِرَاسَةُ مَعَ دُخُولِهِمْ جَمِيعًا فِي الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْحِرَاسَةِ إنَّمَا تَكُونُ فِي حَالِ السُّجُودِ فَقَطْ، فَيُتَابِعُونَ الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ، وَيَحْرُسُ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي حَالِ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنْ يَتْرُكُوا الْمُتَابَعَةَ لِلْإِمَامِ، ثُمَّ يَسْجُدُونَ عِنْدَ قِيَامِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَيَتَقَدَّمُ الْمُؤَخَّرُ إلَى مَحَلِّ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ وَيَتَأَخَّرُ الْمُقَدَّمُ؛ لِيُتَابِعَ الْمُؤَخَّرُ الْإِمَامَ فِي السَّجْدَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، فَيُصبح مَعَ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُتَابَعَةُ فِي سَجْدَتَيْنِ.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ أَنَّهَا لَا تَكُونُ الْحِرَاسَةُ إلَّا حَالَ السُّجُودِ فَقَطْ دُونَ حَالِ الرُّكُوعِ".

ماذا؟

طالب: يدل.

قبلها.

طالب: ...........

يصير.

طالب: ...........

"وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ أَنَّهَا لَا تَكُونُ الْحِرَاسَةُ إلَّا حَالَ السُّجُودِ فَقَطْ دُونَ حَالِ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ حَالَ الرُّكُوعِ لَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ إدْرَاكُ أَحْوَالِ الْعَدُوِّ، وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ لَا تُوَافِقُ ظَاهِرَ الْآيَةِ، وَلَا تُوَافِقُ الرِّوَايَةَ الْأُولَى عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، وَلَا رِوَايَةَ ابْنِ عُمَرَ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّهَا تَخْتَلِفُ الصِّفَاتُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ".

نعم صلاة الخوف صحَّت من أوجه عن النبي –عليه الصلاة والسلام- وعن صحابته ستة أوجه أو سبعة، كلها صحيحة، وعلى الإمام أن يُلاحظ ما يُناسب الحال، فيعمل ويفعل من الصلوات ما هو الأحوط للصلاة، والأبلغ في الحراسة.

أوصل بعضهم صلاة الخوف إلى أكثر من ذلك من الصور، منهم من قال: عشر، ومنهم من قال: أربعة عشرة صورة، والإمام أحمد يرى أنها ست أو سبع، ومنهم من يرى أنه إذا وُجِد مجرد أدنى اختلاف بين الرواة جعلها صورة مغايرة لغيرها من الصور، لكن الأوجه ستة أو سبعة، وأما البقية فهي تدخل في بعضها.

"وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ مِثْلُهُ. أَيْ: مِثْلُ رِوَايَةِ جَابِرٍ هَذِهِ، وَزَادَ تَعْيِينُ مَحَلِّ الصَّلَاة: أَنَّهَا كَانَتْ بِعُسْفَانَ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَفَاءٌ آخِرُهُ نُونٌ، وَهُوَ مَوْضِعٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. 

وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ مُسْلِمٌ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ صَلَّى بِآخَرِينَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَصَلَّى بِإِحْدَاهُمَا فَرْضًا، وَبِالْأُخْرَى نَفْلًا لَهُ، وَعَمِلَ بِهَذَا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَادَّعَى الطَّحْاوِيُّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُصَلِّيَ الْمُفْتَرِضُ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى النَّسْخِ".

ائتمام المفترض بالمتنفل، وإمامة المتنفل بالمفترض محل خلاف بين أهل العلم، والعُمدة في ذلك بالنسبة لمن أجاز كالشافعية إمامة معاذ بقومه بعد أن يُصلي خلف النبي –عليه الصلاة والسلام- العشاء، ثم يذهب فيُصلي بقومه، هي له نافلة، ولهم فريضة، وهذا ما يُرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-، والمعروف عند الحنابلة والحنفية أن إمامة المتنفل بالمفترض لا تجوز، وعلى هذا فمثل هذه الصورة لا تجوز عندهم، يُصلي الإمام بطائفةٍ ركعتين، ثم يُصلي بطائفةٍ أخرى ركعتين، لا شك أنه في الصلاة الأولى مفترض، وفي الثانية مُتنفِّل.

ومنهم من يقول: يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، ولا يُسلِّم، ثم يصلي بالثانية ركعتين، ولا يُسلِّم، وحينئذٍ يكون له أربع ركعات إتمامًا من غير قصر، ولكلٍّ من الطائفتين ركعتان ركعتان.

طالب: ............

الأصل أنهم يلتفون حول إمامٍ واحد.

طالب: ............

هو إذا لم يمكن ائتمامهم والتفافهم حول إمامٍ واحد وصاروا جماعات ما احتجنا إلى أي صورة من صور صلاة الخوف.

طالب: ............

كيف؟

طالب: ............

بحسب ما تقتضيه الحاجة، وإذا قُسِموا إلى أكثر من جماعة فلا داعي لهذه الصور كلها، يصلون صلاة تامة، والآخرون يحرسون، اللهم إلا إذا اشتد الخوف في حال المسايفة على ما سيأتي يصلون كيفما تيسر.

"وَمِثْلُهُ؛ لِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: وَكَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي سِتَّ رَكَعَاتٍ، وَالْقَوْمُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا".

يعني مثل السابقة، يأتي فيها من الخلاف ما في السابقة، ويزيد في هذه الصورة أن صلاة المغرب وتر، وقد جاء في الحديث: «لا وتران في ليلةٍ».

"وَعَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَمِثْلُهُ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ صَلَّاهَا حُذَيْفَةُ (بِطَبَرِسْتَانَ)، وَكَانَ الْأَمِيرُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْخَوْفِ، قَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، فَصَلَّى بِهِمْ هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ زَيْدٌ: فَكَانَتْ لِلْقَوْمِ رَكْعَةً رَكْعَةً، وَلِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَتَيْنِ.

وَخرَّجَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً.

وَأَخَذَ بِهَذَا عَطَاءٌ وَطَاووُسٌ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمْ، فَقَالُوا: يُصَلِّي فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ رَكْعَةً يُومِئُ إيمَاءً، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ تُجْزِئُك عِنْدَ الْمُسَايَفَةِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ تُومِئُ لَهَا إيمَاءً فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَسَجْدَةٌ فَإِنْ لَمْ فَتَكْبِيرَةٌ؛ لِأَنَّهَا ذِكْرُ اللَّهِ".

هذه صورة من الصور التي نُقِلت في صلاة الخوف، وهي أن الإمام يصلي ركعتين يصلي معه جزء من الجيش أو طائفة من الجيش ركعة، ثم يسلمون، وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم ما بقي من الصلاة ركعة، ولا يُتمون شيئًا، فيكون للإمام ركعتان، وللمأمومين ركعة ركعة، وهذه قال بها جمعٌ من أهل العلم، ولا شك أنه إذا أمكن أن تؤدى الصلاة تامة إن كانت في حضر فأربع، وإن كانت في سفر فركعتين لا شك أنه أولى، لكن إذا لم يتيسر إلا ركعة أو ما هو أقل من ذلك فقد قيل بذلك، ولا شك أن المشقة تجلب التيسير، وهم في العبادة سواء كانوا في حراسة أو في جهاد أو في صلاة، وهذه ثابتة عن جمعٍ من السلف.

طالب: حتى الثلاثية يا شيخ ركعة؟

الثلاثية.. الآن الرباعية إذا قُصِرت صارت ثنائية، فيكفي الإمام ركعتين، والمأمومين على ركعة ركعة، الثلاثية وهي لا يُتصور فيها القصر، وإن نُقل عن ابن دحية القول بقصرها. 

طالب: ............

نعم.

طالب: ...........

أو العكس، هو تقدم في الصور السابقة أنه في المغرب يصلي في الأولى ركعتين، فإذا جلس للتشهد الأول... إلى آخره، تقدمت هذه الصورة، لكن في مسألة الاجتزاء بركعة هل تكفي في المغرب ركعة؟

قالوا: إذا لم يتيسر فسجدة، وإذا لم يتيسر فتكبيرة، فمن باب أولى أن يُجزئ في المغرب ركعة.

طالب: هذا مقطوع يا شيخ على إسحاق، ما فيه نص مرفوع ولا موقوف كلام إسحاق.

معروف أنه كلام إسحاق، لكن أيضًا عن ابن عباس ركعة.

طالب: ما يحتمل أنها في الرباعية أو في الثنائية عن ابن عباس ما فيه نص أنها ثلاثية؟

على كلٍّ يفعل في كل صلاةٍ ما يناسبها من الصور.

طالب: ويصل إلى التكبير في آخر ما يُجزئ؟

في آخر ما يُجزئ التكبير، {فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة:239] يعني عودوا إلى هيئتكم السابقة، يعني حال الخوف وضعه يختلف عن حال الأمن، ثم إذا صاروا إلى الأمن عادوا إلى الصلاة تامةً كما أُمِروا.

طالب: وصلاتهم بهذه الكيفية بعد عدم تيسرها مع الجمع مع تأخيرها إلى آخر الوقت...؟

هو لا بُد أن يفعل الأحوط للصلاة، لا بُد أن يُنظَر إلى الأحوط في الصلاة مع النظر إلى الأبلغ في الحراسة لا بُد من هذين.

"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ»، رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّاهَا بِذِي قَرَدٍ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ، أَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ: لَا يَثْبُتُ.  

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ، وَقَدْ قَالَ بِهِ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَقَالَ بِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو مُوسَى".

في حق الإمام والمأموم كيف يُتصوَّر أن يكون الإمام واحدًا ويُتصوَّر أنها ركعة واحد، ويُتصوَّر للمأمومين ركعة ركعة؟ يمكن تصوره؟

طالب: ............

ركعة ركعة نعم.

طالب: ............

يعني يقتسمون الاقتداء به في نصف ركعة.

"وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ خَمْسَ كَيْفِيَّاتٍ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ.

وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد ثَمَانِي كَيْفِيَّاتٍ، مِنْهَا هَذِهِ الْخَمْسُ، وَزَادَ ثَلَاثًا، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتْحِ الْبَارِي: قَدْ رُوِيَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَيْفِيَّاتٌ كَثِيرَةٌ، وَرَجَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْكَيْفِيَّةَ الْوَارِدَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ؛ لِقُوَّةِ الْإِسْنَادِ، وَمُوَافَقَةِ الْأُصُولِ فِي أَنَّ الْمُؤْتَمَّ لَا تَتِمُّ صَلَاتُهُ قَبْلَ الْإِمَامِ.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: صَحَّ مِنْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَجْهًا، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: فِيهَا رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ أَصَحُّهَا سِتَّ عَشْرَةَ رِوَايَةً مُخْتَلِفَةً، وَقَالَ النَّوَوِيُّ نَحْوُهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْهَا".

مرد هذه الأعداد إلى اختلاف الرواة، فمن أهل العلم من يرى أن مجرد أدنى اختلاف يُضيف صورة جديدة؛ لأنها اختلفت عن الصورة السابقة، ولا ينتبه؛ لأن هذا من اختلاف الرواة، وإلا فالأصل أن هذه الصور الستة عشر التي أوصلها بعضهم هي داخلة في الستة أو السبعة الثابتة عن النبي –عليه الصلاة والسلام- فيما قاله الإمام أحمد وغيره.  

"وَقَالَ النَّوَوِيُّ نَحْوُهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا، وَقَالَ الْحَافِظُ: قَدْ بَيَّنَهَا شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ".

أبو الفضل من؟

أبو الفضل العراقي "فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ" يعني التكملة التي ابتدأها ابن سيد الناس، ثم كمَّلها الحافظ العراقي ولم تكمل ،شرع في التكملة ابنه الحافظ ولي الدين أبو زُرعة ابن الحافظ العراقي ولم تكمل أيضًا، ثم شرع السخاوي في تكملةٍ في مجلدين، وأظنها لم تكمل أيضًا؛ لأنهم أطالوا النفس في الشرح، أطالوا النفس جدًّا في الشرح، ولو وُجِدت هذه التكملات كلها أو لو بُرِزت لنفع الله بها نفعًا عظيمًا.

طالب: ............

ابن العربي.

طالب: فقط؟

نعم.

"وَزَادَ وَجْهًا فَصَارَتْ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ تَتَدَاخَلَ، وَقَالَ فِي الْهَدْيِ النَّبَوِيِّ: صَلَّاهَا النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: صَلَّاهَا أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: صَلَّاهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَشْكَالٍ مُتَبَايِنَةٍ يَتَحَرَّى مَا هُوَ الْأَحْوَطُ لِلصَّلَاةِ، وَالْأَبْلَغُ فِي الْحِرَاسَةِ، فَهِيَ عَلَى اخْتِلَافِ صُورَتِهَا مُتَّفِقَةُ الْمَعْنَى، انْتَهَى.

(وَعَنْهُ) أَيْ: ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- مَرْفُوعًا: «لَيْسَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ سَهْوٌ»، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَهُوَ مَعَ هَذَا مَوْقُوفٌ، قِيلَ: وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ".

يعني لو حصل السهو في صلاة الخوف ما سُجِد من أجل السهو؛ لأن هذه الصلاة مبناها على التخفيف، فإذا خُفف من أصل الصلاة فلأن يُخفف فيما يُكمِّلها من سجود السهو يعني من باب أولى، لكن الخبر ضعيف.     

"وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ شُرِطَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ شُرُوطٌ مِنْهَا: السَّفَرُ فَاشْتَرَطَهُ جَمَاعَةٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} الآية [النساء:101]".

وهذا مبني على أن صلاة ذات الرقاع قبل غزوة الخندق، فإذا قلنا: إن صلاة ذات الرقاع، وقد صلى النبي –عليه الصلاة والسلام- صلاة الخوف بذات الرقاع، ولم يصلِّ صلاة الخوف في غزوة الخندق وهي قبلها، عرفنا أن صلاة الخوف لا تُصلى في الحضر؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- في غزوة الخندق أخَّر الصلوات كلها، أخرجها عن وقتها كما هو معلوم، لكن المرجَّح عند الإمام البخاري وابن القيم وجمع من أهل العلم أن غزوة الخندق متقدمة على غزوة ذات الرقاع، فعلى هذا تجوز صلاة الخوف سفرًا وحضرًا.   

"وَلِأَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُصَلِّهَا فِي الْحَضَرِ، وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالنَّاصِرُ، وَالْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ: لَا يُشْتَرَطُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء:102] بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء:101] فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي التَّقْيِيدِ بِالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلِينَ يَجْعَلُونَهُ مُقَيَّدًا بِالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّ التَّقْدِيرَ، وَإِذَا كُنْت فِيهِمْ مَعَ هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ الضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ، وَالْكَلَامُ مُسْتَوْفًى فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ.

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ آخَرَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ صَلَاةِ الْأَمْنِ لَا تُجْزِئُ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْمُبْدَلِ مِنْهُ، وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ لِلْقَائِلِينَ بِذَلِكَ، وَهُمْ الْهَادَوِيَّةُ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ: تُجْزِئُ أَوَّلَ الْوَقْتِ؛ لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْأَوْقَاتِ.

وَمِنْهَا حَمْلُ السِّلَاحِ حَالَ الصَّلَاةِ اشْتَرَطَهُ دَاوُد فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِحَمْلِهِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ".

يعني الصلاة في أول الوقت مع الخلل أو في آخره مع الكمال والتمام أيهما أولى؟ الثاني أولى بلا شك، لكن بحيث يغلب على الظن أن الخوف يزول قبل آخر الوقت كعادم الماء في أول الوقت إن كان يغلب على ظنه أنه يجد الماء في آخر الوقت لا شك أنه تأخير الصلاة إلى آخر الوقت بطهارةٍ تامة أولى من الصلاة من غير وضوء ولو بالتيمم في أول الوقت؛ لأنها طهارة ناقصة، لكن هذا في حالة ما إذا غلب على ظنه أنه يجد الماء، أما إذا استوى عنده الأمران يجد أو لا يجد، فيأتي بما يقدر عليه من الصلاة في أول وقتها. 

"وَمِنْهَا حَمْلُ السِّلَاحِ حَالَ الصَّلَاةِ اشْتَرَطَهُ دَاوُد فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِحَمْلِهِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ،

وَأَوْجَبَهُ الشَّافِعِيُّ وَالنَّاصِرُ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْآيَةِ".

أما وجوب حمل السلاح فلا إشكال فيه، فهو لا يُعفى إلا عن؟

طالب: ............

ماذا؟

طالب: ............

مريض؟

طالب: ............

نعم، أما حمله على القادر أمرٌ لا بُد منه، لكن لا علاقة له بصحة الصلاة، الصلاة تصح ولو لم يحمل السلاح، لكن يأثم.

طالب: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء:102].

نعم.

طالب: ألم يقل الشافعي بالوجوب؟

وجوبه ما فيه إشكال، وجوب حمل السلاح لا بُد منه، لكن لا علاقة له بالصلاة الصلاة صحيحة.  

"وَلَهُمْ فِي السِّلَاحِ تَفَاصِيلُ مَعْرُوفَةٌ.

وَمِنْهَا: أَنْ لَا يَكُونَ الْقِتَالُ مُحَرَّمًا سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا عَيْنًا أَوْ كِفَايَةً".

لا يكون القتال محرَّمًا؛ لأن صلاة الخوف رخصة، والرخص لا تُباح لمن يستعين بها على المعصية، ومن ذلكم الفطر، والقصر، والجمع لا بُد أن يكون السفر مباحًا على أقل الأحوال عند الجمهور وإن قال الحنفية: إنه يجوز الترخص في سفر المعصية؛ لأن العلة قائمة، والجهة منفكة، لكن من نظر إلى قوله تعالى في الأكل في أكل المضطر من الميتة: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} [البقرة:173] عرف أن الباغي والعادي لا يجوز له أن يترخَّص، فيستعين بهذه الرخص على هذه المعصية، وبهذا قال الجمهور، أكثر العلماء على أن الباغي والعادي والعاصي بسفره لا يجوز له أن يترخص.

"وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي مَطْلُوبًا لِلْعَدُوِّ لَا طَالِبًا".

لأن الطالب بإمكانه أن يأتي بالصلاة على وجهها، ثم بعد ذلكم يلحق، أما المطلوب فلا يتمكن من الإتيان بالصلاة بصورتها التامة؛ لاحتمال أن يلحقه العدو فيظفر به.

"لِأَنَّهُ إذَا كَانَ طَالِبًا أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ تَامَّةً أَوْ يَكُونَ خَاشِيًا لِكَرِّ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الشَّرَائِطُ مُسْتَوْفَاةٌ فِي الْفُرُوعِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَحْوَالِ شَرْعِيَّتِهَا، وَلَيْسَتْ بِظَاهِرَةٍ فِي الشَّرْطِيَّةِ". 

الفروع لمن؟ لابن مفلح صحيح أم ما هو بصحيح؟

طالب: ............

يعني كتب الفروع يعني كتب الفقه، ليس المقصود به كتاب معين، لا.

طالب: ............

ماذا فيه؟

طالب: ............

نقلوا هذا التفصيل من القاضي حسن، يعني هذا التفصيل حسن من القاضي.

طالب: ترجموا للقاضي حسن؟

لا ما له...  

"وَاعْلَمْ أَنَّ شَرْعِيَّةَ هَذِهِ الصَّلَاةِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ عَلَى عِظَمِ شَأْنِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ".

وهو من الأدلة على وجوب صلاة الجماعة، وأنه إذا لم يُعفَ عن الجماعة في حال الخوف فلئلا يُتسامح فيها ولا يُرخَّص فيها في حال الأمن من باب أولى.

وإذا أُخل بالصلاة من أجل تحصيل الجماعة، فهذا دليلٌ قوي وظاهر على وجوبها في حال الأمن.

طالب: ............

إذا خشوا أن يُدركهم؟

طالب: ............

ما المانع؟ الخوف موجود.

طالب: ...........

 لأنها صلاة خوف.

طالب: ............

تقدم أن أبا يوسف قال: إن صلاة الخوف لا تُشرع بعده –عليه الصلاة والسلام-؛ لقوله: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء:102] مفهومه أنه إذا لم تكن فيهم فإن صلاة الخوف لا تشرع، لكن جماهير العلماء على جوازها بعده –عليه الصلاة والسلام- وصلاها الصحابة بعده، دل على أن {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} [النساء:102] مثل قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة:103] مواجهة الرسول –عليه الصلاة والسلام- بالخطاب يدخل فيه أمته.

"بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ.

عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ، وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ بَعْدَ سِيَاقِهِ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَفَسَّرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّ مَعْنَى هَذَا الْفِطْرُ وَالصَّوْمُ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَمُعْظَمِ النَّاسِ. انْتَهَى بِلَفْظِهِ.

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْعِيدِ الْمُوَافَقَةُ لِلنَّاسِ، وَأَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِمَعْرِفَةِ يَوْمِ الْعِيدِ بِالرُّؤْيَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ غَيْرِهِ، وَيَلْزَمُهُ حُكْمُهُمْ فِي الصَّلَاةِ، وَالْإِفْطَارِ، وَالْأُضْحِيَّةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: حَسَنٌ، وَفِي مَعْنَاهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ قَالَ لَهُ كُرَيْبٌ: إنَّهُ صَامَ أَهْلُ الشَّامِ وَمُعَاوِيَةُ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالشَّامِ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ آخِرَ الشَّهْرِ، وَأُخْبِرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ، فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ. قَالَ: قُلْت: أَوَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَالنَّاسِ؟ قَالَ: لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ كُرَيْبًا مِمَّنْ رَآهُ، وَأَنَّهُ أَمَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَهُ، وَإِنْ كَانَ مُتَيَقِّنًا أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ عِنْدَهُ".

ظاهر الحديث لكن ليس بنص، ابن عباس يتحدث عن نفسه، وعمَّن في بلده ممن لم يرَ الهلال إلا يوم السبت بخلاف من رآه يوم الجمعة في الشام، وهذا مما يُستدل به على اختلاف المطالع، يُمكن أن يُرى في الشام ليلة الجمعة، ويُرى في الحجاز مثلًا ليلة السبت فهذا دليل على اختلاف المطالع؛ لأنه بهذا قال جمعٌ من أهل العلم، وهو المرجَّح لهذا الحديث الصحيح.

أما المشهور من المذهب عند الحنابلة أنه إذا رؤي الهلال لزم الناس كلهم الصوم في أي بلد من بلدان المسلمين، فخبر ابن عباس يُرجِّح القول؛ لاختلاف المطالع.

أما كونه ألزم كُريبًا أن يصوم واحدًا وثلاثين يومًا فهذا لا يظهر من السياق، وإن قال: إنه هو الظاهر، نعم من أتم العدة، ولم يُرَ الهلال في البلد الذي هو فيه لا تخلو المسألة من خلاف، لكن عند من يقول بأنه يفطر يفطر سرًّا. 

طالب: ............

رآه في بلد، ثم سافر وما أفطروا، على كلٍّ «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ»، لكن ما أُمِر الناس بصيام واحد وثلاثين يومًا، إن كان القصد سياسة منع من رآه أو ادعى رؤيته سياسة أو من رآه رُدَّت شهادته مثلًا.

طالب: ............

من رآه رُدَّت شهادته.

طالب: ............

كيف؟

طالب: ............

لا هو مثل هذا إذا لم يزد على ثلاثين يومًا يلزمه الصيام، لكن إذا زاد على ثلاثين يومًا مثل كريب؟ إذا كان أهل المدينة صاموا ثلاثين يومًا، وهو صائم قبلهم بيوم يُقال: تصوم واحدًا وثلاثين؟

لا، المتجه أن يُفطر لكن سرًّا، بخلاف من كان في البلد الذين لم يصوموا إلا بعده بيوم، لكنه مثل هذا يلزمه الصيام ما لم يتم العدة التي هي الثلاثون.

طالب: ............

شخص رأى الهلال ليلة الخميس، وصام يوم الخميس شهد عند القاضي رُدَّت شهادته فصامه، فالهلال ليلة الجمعة هلال شوال، فرُدَّت شهادته يُقال: كمِّل ثلاثين، صُم مع الناس، لكن لو كان هو تقدمهم بيوم، ورأى الهلال قبلهم بيوم، ثم هم أتموا نقول: يصوم واحدًا وثلاثين أو لا يصوم؟

طالب: طيب يا شيخ لو الإنسان صام مثلًا بالسعودية، وسافر إلى بلد ثانٍ قلتم: إذا كان إلى ثلاثين يصوم، أما إذا زاد يُفطر، طيب إذا نقص؟

كيف نقص؟

طالب: هو الآن صام هنا مع هذه البلاد، وأفطرت بعد تسع وعشرين يومًا، لكن هو خارج البلد، والبلد التي هو فيها ستصوم اليوم؟

يصوم معهم ما دام ما يزيد على ثلاثين يصوم، يصوم مع الناس، لكن لو صام هنا الرؤية متأخرة مثلًا هنا في المغرب مثلًا صاموا الخميس، وعندنا ما صمنا إلا الجمعة، فسافر إلى المغرب فصاموا تسع وعشرين يومًا، وأفطروا وهو موجود ما صام إلا بعدهم بيوم، هل يُفطر معهم يوم العيد أو يصوم إكمالًا؟

طالب: يصير صام ثمانية وعشرين.

يُفطر ثم يقضي ذلك اليوم.

طالب: ............

لا، ما يصوم يوم العيد.

طالب: ............

ولو كان هو عيد.

طالب: ما المقصود بالمطالع؟

ما المقصود باختلاف المطالع يا إخوان؟

طالب: منازل الهلال.

الآن تتصور أن الهلال يطلع عندنا مثل ما يطلع بباكستان أو المغرب يُولد في يومٍ واحد أو في لحظةٍ واحدة في جميع أسقاع الأرض؟

طالب: يولد في الساعة أم في اليوم يعني يطلع عندنا الساعة السادسة، ويطلع عندهم سبعة مثلًا؟

أو ما يُرى في هذه الليلة في بلدٍ من البلدان.

طالب: البلاد المحيطة بنا مثل دول الخليج ومصر والأردن هذه ما تتحد فيها المطالع؟

هو فرق بين خطوط الطول وخطوط العرض، المسألة تحتاج إلى بحثٍ طويل، مكتوبٌ فيها، كتب الشيخ/ أحمد شاكر له رسالة، والشيخ/ محمد بخيت المطيعي، وشيخ الإسلام أيضًا له رسالة.

طالب: ............

المقصود أن المسألة مبحوثة.

"وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ كُرَيْبًا مِمَّنْ رَآهُ، وَأَنَّهُ أَمَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَهُ، وَإِنْ كَانَ مُتَيَقِّنًا أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ عِنْدَهُ.     

وَذَهَبَ إلَى هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَقَالَ: يَجِبُ مُوَافَقَةُ النَّاسِ، وَإِنْ خَالَفَ يَقِينَ نَفْسِهِ، وَكَذَا فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ «وعَرَفَتُكُمْ يَوْمَ تَعْرِفُونَ»، وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَالُوا: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي نَفْسِهِ بِمَا تَيَقَّنَهُ، وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِمَا يُخَالِفُ النَّاسَ، فَإِنَّهُ إذَا انْكَشَفَ بَعْدَ الْخَطَأِ فَقَدْ أَجْزَأَهُ مَا فَعَلَ.

قَالُوا: وَتَتَأَخَّرُ الْأَيَّامُ فِي حَقِّ مَنْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ".

فإذا وقف الناس في اليوم الثامن غلط بناءً على أن الشهر كامل، القعدة كامل، وهو في الحقيقة ناقص أو العكس، فوقفوا في الثامن أو العاشر، قال: لا، أنا رأيت الهلال قبلهم، أقف بالثامن، أو بعدهم ما أنا واقف إلا بالعاشر، يعمل بيقين نفسه، أو يوافق الناس؟

لا بُد من موافقة الناس.