شرح الموطأ - كتاب الجنائز (4)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر -بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري- عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن -سعد بن زرارة الأنصارية- أنها أخبرته –أخبرت أبا بكر- أنها سمعت عائشة -رضي الله عنها- أم المؤمنين تقول وقد ذكر لها" والذي ذكر لها ابن عباس -رضي الله عنهما- كما في الصحيح "أن عبد الله بن عمر يقول" رافعًا ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين وغيرهما: "((إن الميت ليعذب ببكاء الحي))" الحي مقابل؟ يقابل الميت وإلا الحي القبيلة؟ إذا مات في الحي شخص بكى عليه أهل الحي، فهل هذا هو المراد أو المراد أن الحي مطلقًا، سواءً كان من القبيلة أو خارج القبيلة، بعيد وإلا قريب وإلا..، من اتصف بالحياة مقابل الميت؟ على كل حال اللفظ يحتمل الأمرين "فقالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن" كنية ابن عمر -رضي الله عنهما- كنته لتحصل الألفة، وتزول الوحشة؛ لأنه غالبًا الاستدراك يحصل معه شيء من النفرة، فإذا افتتح مثل هذا الاستدارك بمثل هذه العبارات، وهذا أدب ينبغي أن يتأدب به طالب العلم، إذا أراد أن يستدرك على غيره دعا له وأثنى عليه بما هو أهله، ومدحه بما يليق به على ألا يغره بثناء كاذب، لا، يمدحه بما فيه؛ لتوصل بذلك إلى الدخول إلى قلبه، ليقبل ما عنده من حق "يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب" يعني لم يتعمد الكذب، وعائشة -رضي الله تعالى عنها- لها استدراكات على بعض الصحابة، وفيها مصنف للزركشي، لكن لا يلزم أن تكون عائشة هي المصيبة دائمًا، عائشة -رضي الله عنها- مع ما تميزت به من ملازمة ومعاشرة ومخالطة للنبي -عليه الصلاة والسلام- تميزت به من فهم ثاقب لا يلزم أن تكون معصومة، استدركت على عمر، استدركت على ابن عمر، استدركت على كثير من الصحابة، يعني مثل هذا الحديث الذي سمعه ابن عمر وغير ابن عمر، سمعه عمر -رضي الله عنه-، وابن عمر وصهيب، رواه جمع من الصحابة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمجزوم به أن عائشة لم تسمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- بدليل أنها عارضت ذلك بفهمها "أما أنه لم يكذب" يتعمد الكذب حاشا وكلا "ولكنه نسي أو أخطأ" في الفهم فحدث بما ظنه صوابًا "إنما مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيهودية يبكي عليها أهلها فقال: ((إنكم لتبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها))" يعني بسبب الكفر لا بسبب البكاء.
وعائشة -رضي الله عنها- عارضت ما نقله ابن عمر من التعميم بقوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] حسبكم القرآن، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] والخبر ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله: ((إن الميت ليعذب ببكاء أهله)) ثابت، وعائشة لم تسمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، إنما سمعته من الصحابة، فنزلت اللفظ العام الذي سمعته منهم على هذه الحالة لكي تتفق القصة مع قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] ما ذنب الميت أن يعذب على بكاء غيره؟ لكن إذا تسبب في ذلك صار من وزره، إذا أوصى بأن يبكى عليه لا شك أنه يعذب بسببه، إذا عرف أنهم يبكون عليه ولا ينهاهم يكون قد أقرهم على ذلك فيكون من وزره، ونظيره من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، يمكن يعارض هذا لحديث بقوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام]؟ لا يمكن هذا من وزره، نعم؟
طالب:........
لا، فرق، الشهداء كما يقول أهل العلم أنواع: منهم شهيد في الدنيا والآخرة، ومنهم شهيد في الدنيا، فقط، ومنهم شهيد في الآخرة فقط، أكملهم شهيد الدنيا والآخرة وهو المقتول في المعركة بين الصفين، هذا أكمل، وفيه النصوص المطلقة، خبر هؤلاء الصحابة ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا منافاة بينه وبين الآية، فالميت يعذب إذا أوصى بذلك في حياته، وكان ذلك مشهور عند العرب، موجود في أشعارهم.
إذا مت فانعيني بما أنا أهله |
|
وشقي عليّ الجيب يا ابنة معبدي
|
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما |
|
ومن يبكِ حولًا كاملًا فقد اعتذر |
يوصيهم أن يبكوا حول الكعبة، مثل هذا لا شك أنه يعذب بفعله بوزره هو، بوصيته، وفي حكم البكاء ما نهي عنه، صار يعرف هذا الشخص وهو ممن يُطرأ ويُمدح في حياته ويتوقع أعظم من ذلك بعد موته، لا سيما مع وجود هذه الوسائل التي تنشر الأخبار وتشيعها وتذيعها، هل يتحمل شيء من ذلك؟ يعرف أنه يُنعى ويُبكى على حسب أثره في البلد وعند أهله وقومه وغيرهم، تعرفون أحيانًا الكتابات عن بعض الناس تستمر أشهر، وبعضها فيها من المبالغة والغلو والإطراء ما لا يليق بالبشر، من لليتامى؟! من للثكالى؟! من...؟ هل مثل هذا الكلام يجوز؟ لهم الله الذي خلقهم وتكفل بأرزاقهم، الله المستعان.
أسئلة كثيرة جدًّا ليس فيها ما يبت إلى الدرس بصلة إلا هذا.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الحسبة في المصيبة:
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم)).
وحدثني عن مالك عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي النضر السلمي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يموت لأحد من المسلين ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار)) فقالت امرأة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أو اثنان؟ قال: ((أو اثنان)). وحدثني عن مالك أنه بلغه عن أبي الحباب -سعيد بن يسار- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله وليست له خطيئة)).
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: الحسبة في المصيبة" يعني الصبر والاحتساب والرضا والتسليم، فالمسلم تكفر خطاياه، وتغفر له ذنوبه بالصبر على مصيبته؛ ولذا لا تمسه النار، تكون هذه المصيبة في مقابل السيئات والأوزار {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] وأشد الناس بلاءً الأنبياء.
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب -محمد بن مسلم بن شهاب الزهري- عن سعيد بن المسيب -بن حزن- عن أبي هريرة" يقول ابن عبد البر: هذا الإسناد من أجود أسانيد الآحاد، يقوله في الاستذكار، هذا الإسناد من أجود أسانيد الآحاد مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة، لا شك أنه أصح الأسانيد إلى أبي هريرة، وهو من أجود الأسانيد على الإطلاق، على الخلاف في أصح الأسانيد عند أهل العلم "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يموت لأحدٍ)) ذكرًا كان أو أنثى ((من المسلمين ثلاثة)) من المسلمين خرج الكافر ((ثلاثة من الولد)) يشمل الذكر والأنثى ((فتمسه)) منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية الواقعة بعد النفي ((فتمسه النار إلا تحلة القسم)) أي ما ينحل به القسم، وهو اليمين، والمراد به قوله -جل وعلا-: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [(71) سورة مريم] ((ثلاثة من الولد)) جاء وصفهم أنهم لم يبلغوا الحنث، صغار، وخص الصغار بذلك؛ لأن الشفقة عليهم أعظم، والحب لهم أشد، والرحمة لهم أوفر، ممن بلغ الحنث، الذي بلغ الحنث هل يحصل لفاقده هذا الثواب؟ يعني إذا كان هذا في الصغار فالكبار؟ يعني شخص عنده مجموعة من الأولاد سنة، خمس سنوات، سبع سنوات، عشرين سنة، ثلاثين سنة، الذي سنه خمس سنوات، عشر، هؤلاء لم يبلغوا الحنث فيهم الأجر الموعود هنا، فيهم الوعد المذكور لم يبلغوا الحنث الوصف منطبق، لكن أبو عشرين وأبو ثلاثين ما فيه أجر؟ مثل الذين لم يبلغوا الحنث أو أقل أو أكثر؟ نعم؟
طالب:.......
في واقع الناس لا شك أنه أشد، والرحمة للصغير أوفر وأكثر، الكبير بين اثنين: إما أن يكون بارًّا بوالديه ولا شك أن مصيبته أعظم، يكون عاقًّا بوالديه منشغل بأسرته وعمله، مثل هذا أمره...، الآن الكبير بين أمرين: أمر أن يكون بارًّا بوالديه والوالد مرتاح والأم من كل وجه مريحها، لا شك أن مصيبة مثل هذا أعظم، لكن تصور ولد ثانٍ مؤذٍ عاقٍّ متساهل بالأوامر مرتكب للنواهي خمور وفساد وشرور وآثام فالكبير يحتمل فيه هذا وهذا، لكن الصغير لا، ولا شك أنه كلما عظمت المصيبة عظم الأجر؛ ولذا يرى بعضهم أن هذا خاص بالصغار أم الكبار لا ليس لهم مثل هذا الأجر، يؤجرون على قدر المصيبة لكن لا يصلون إلى هذا الحد، ومنهم من يقول: إن الكبار من باب قياس الأولى، فالمصيبة بهم أعظم، يعني تصور في هذه الظروف يتمنى كثير من الناس أنه يأتيه خبر ولده اليوم قبل غد من الشرور والآثام التي يرتكبها هذا الولد، يوجد، ناس ساموا أهليهم سوء العذاب، فمثل هذا لا شك أن مصيبته أقل.
قالوا: فمن بلغ الحنث لا يحصل لفاقده هذا الثواب؛ لأن البالغ يتصور منه العقوق والانشغال عن الأبوين بخلاف الصغير، وقال الزين بن المنير: يدخل الكبير بطريق الفحوى؛ لأنه إذا ثبت هذا في الصغير الذي هو كلٌّ على أبويه فكيف لا يثبت ذلك في الكبير الذي بلغ معه السعي، وصار له منه النفع، ويرجح الأول بقوله في حديث أنس: "بفضل رحمته إياهم" لأن الرحمة إنما تكون للصغار، وهل يلتحق بالصغار من بلغ مجنونًا وبقي كذلك حتى مات؟ وهل يثبت مثل هذا الأجر لمن تمنى ذلك لولده لأذاه أو لتعويقه مثلًا أو غير ذلك؟ يعني ناس عندهم صبي صغير مؤذ آذاهم فتمنوا موته يحصل لهم مثل هذا الأجر؟ أو عندهم معوق إذا أرادوا سفر أو نزهة أو رحلة أو أي شيء يحسبون له ألف حساب، هل يبلغ الأجر مثل هذا؟ نعم؟
طالب:.......
هو المسألة تبغي صبرًا، هم صابرون عليه ما هو تمنى...
طالب:.......
ما هو بثمرة فؤاد، هذا ولد معوق يأخذون له ألف حساب لو بغوا يطلعون أو يدخلون، يتمنون موته، هل يحصل لهم الأجر الموعود في مثل هذا الحديث؟ لأن بعض الناس يصرف علاجًا لولده، مثل هذا علاج لا يعيش إلا به فيقطعه، يقطع العلاج، التصرف هذا ماذا يدل عليه؟ نعم؟
طالب:.......
لا ما يحصل له الأجر، هذه أمور معللة، حكم واضحة ومعروفة يا أخي، بدل من أن يصبر ويحتسب وينال الأجر العظيم من الله -جل وعلا- على صبره على هذه المصيبة يحاول التخلص منه.
طالب:.......
لكن ما تصير مصيبة إذا تمنى.
طالب:.......
لا، ما مآله إلى الموت، لا يمكن يعيش مائة سنة، يمكن يعيش، لا مآله إلى الموت، يصرف له علاجًا لا يعيش إلا به يقطع العلاج وينتهي الإشكال، هذا حصل يا إخوان، والأسئلة كثيرة عن هذا، والآن الأسئلة أيضًا عن إجهاض مثل هؤلاء الذين يجزم الأطباء بأنه يولد معوق، ونقول: هو نفس منفوسة لا يجوز الاعتداء عليه بحال، نفس كاملة، إذا خرج إلى الدنيا ففيه الدية والكفارة، نفس كاملة، طيب الميت دماغيًّا لو جاء واحد من الأطباء أو واحد من أولياء هذا الميت دماغيًّا وقال: افصلوا عنه الأجهزة خلوه يموت، يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز بحال، ما دام الروح في الجسد لا يجوز التعرض له بشيء، هذا قتل عمد.
طالب:.......
على كل حال هو إذا اجتهد رحمة له حتى الكبير حتى أحيانًا الأولاد يتمنون من أبر الناس الراحة لأبيهم إذا كان عليه مشقة أو كلفة من الحياة، لا هذا أمره سهل، هذا من باب الشفقة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي النضر السلمي" أبو النضر هذا قال ابن عبد البر: رجل مجهول لا يعرف، بعض الروايات: ابن النضر، وبعضها: بنسبة، وبعضها بدون نسبة، يقول: رجل مجهول لا يعرف في حملة العلم، ولا يوقف له على نسب، ولا يدرى أصاحب أم تابع؟ وهو مجهول ظلمة من الظلمات، ثم بعد ذلك ذكر الخلاف في اسمه ونسبه وهو بذلك لا يخرج عن حيز الجهالة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار)) وقاية، "فقالت امرأة" هي أم سليم كما عند الطبراني وغيره، وقيل: غيرها، "امرأة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أو اثنان؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أو اثنان)) هذا يسمى عطف ماذا؟ كما في حديث تحريم مكة: "إلا الإذخر، فقال رسول الله: ((إلا الإذخر)) عطف تلقيني، طيب يعني هل لمن حضر أثر في النص؟ العباس قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: إلا الإذخر، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر)) وهنا قالت: أو اثنان؟ قال: ((أو اثنان)) نعم؟
طالب:.......
المهم الواحد جاء في النصوص وسيأتي الإشارة إليها، لكن هل هذا في ذهنه -عليه الصلاة والسلام- لم تكلم بالحديث أو طرأ عليه لما نبه؟ يعني طرأ عليه بعد ذلك وأيد بالوحي، يعني نزل عليه الوحي أثناء هذا، ولا يتصور غير هذا؛ لأنه ما ينطق عن الهوى -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:.......
نعم، لكن لما كان بطلب غيره، يعني هل النبي -عليه الصلاة والسلام- يملك مثل هذه الأمور أو لا يملكها إلا الله -جل وعلا- والمبلغ عنه هو نبيه -عليه الصلاة والسلام-؟ فلما نُبه إلى هذا أيد بالوحي، كما يقول أهل العلم، لا يمكن أن يقول هذا مجاملة لهذه المرأة أو مجاملة للعباس، لا أبدًا.
المقصود هل لا بد من الثلاثة أو اثنان؟ قال: ((أو اثنان)) إما أن يكون على سبيل الاستفهام، قالت: أو اثنان لهم حكم ذلك؟ فقال: ((أو اثنان)) فأويد بالوحي.
يقول عياض: إن مفهوم العدد ليس بحجة، لماذا؟ لأن الصحابية من أهل اللسان عربية، ولم تعتبر هذا المفهوم إذ لو اعتبرت هذا المفهوم لانتفى الحكم عندها عما عدا الثلاثة، لكن لو قيل عكس ما قال عياض: إنها رأت أن مفهوم العدد حجة فأرادت أن يخفف في الأمر، لكنها جوزت ذلك فسألت، والظاهر أنها اعتبرت مفهوم العدد ولكنها طمعت بسعة رحمة الله -عز وجل-، وجاء ما يدل على الواحد عند أحمد والترمذي من طرق، نعم؟
طالب:.......
طيب، يقول ابن عبد البر في الاستذكار: فإذا كان الآباء يدخلون الجنة بفضل رحمة الله تعالى لأطفالهم دل على أن أطفال المسلمين في الجنة؛ لأنه يستحيل أن يرحموا من أجل من ليس بمرحوم، ألا ترى إلى قوله: "بفضل رحمته إياهم" وعلى هذا جمهور علماء المسلمين إلا المجبرة فإنهم يقولون: هم في المشيئة؛ لأنه احتمال أن يعذب وهو صغير؛ لأنه عند الجبرية ما فرق بين الكبير والصغير هو مجبور لا يوجد فرق كبير أو صغير عندهم.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما يزال المؤمن يصاب في ولده ذكرًا كان أو أنثى وحامته)) قربته وخاصته جمع حميم ((حتى يلقى الله وليست له خطيئة))
عن مالك أنه بلغه، يقول ابن عبد البر: كذا لعامة رواة الموطأ، ورواه معن بن عيسى القزاز، ورواه معن عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ربيعة الرأي أنه بلغه عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى لله عليه وسلم- قال: ((ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله وليس له خطيئة)) يقول الباجي: أي تحط عنه خطاياه بذلك، ويحصل له من الأجر ما يزن جميع ذنوبه فهو بمنزلة ما لا ذنب له، وهذا عند الأكثر إنما هو لمن صبر واحتسب، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((من يرد الله به خيرًا يصب منه)) من صبر واحتسب من أهل العلم من يرى أن الأجر مرتب على المصيبة، وأجر الصبر والاحتساب قدر زائد على ذلك، يعني يؤجر بمجرد المصيبة صبر أو لم يصبر، وكأن ابن حجر يميل إلى هذا، وأجر الصبر قدر زائد على ذلك، لا شك أن فضل الله لا يحد، لكن من جزع وتسخط ولم يرضَ مثل هذا له شأن آخر غير من صبر واحتسب.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: جامع الحسبة في المصيبة:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يعزي المسلمين في مصائبهم المصيبة بي)).
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أم سلمة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أصابته مصيبة فقال كما أمر الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيرًا منها، إلا فعل الله ذلك به)) قالت أم سلمة: فلما توفي أبو سلمة قلت ذلك، ثم قلت: ومن خير من أبي سلمة؟ فأعقبها الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتزوجها.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال: هلكت امرأة لي فأتاني محمد بن كعب القرظي يعزيني بها، قال: إنه كان في بني إسرائيل رجل فقيه عالم عابد مجتهد، وكانت له امرأة وكان بها معجبًا، ولها محبًا، فماتت فوجد عليها وجدًا شديدًا، ولقيا عليها أسفًا حتى خلا في بيت، وغلق على نفسه واحتجب من الناس، فلم يكن يدخل عليه أحد، وإن امرأة سمعت به فجاءته فقالت: إن لي فيه حاجة استفتيه فيها ليس يجزيني فيها إلا مشافهته، فذهب الناس ولزمت بابه وقالت: ما لي منه بد، فقال له قائل: إن ها هنا امرأة أرادت أن تستفتيك وقالت: إن أرادت إلا مشافهته، وقد ذهب الناس، وهي لا تفارق الباب، فقال: ائذنوا لها، فدخلت عليه، فقالت: إني جئت أستفتيك في أمر، قال: وما هو؟ قالت: إني استعرت من جارة لي حليًّا فكنت ألبسه وأعيره زمانًا، ثم إنهم أرسلوا إلي فيه أفأؤديه إليهم؟ فقال: نعم والله، فقالت: إنه قد مكث عندي زمانًا، فقال: ذلك أحق لردكِ إياه إليهم حين أعاروكيه زمانًا، فقالت: أي يرحمك الله أفتأسف على ما أعارك الله ثم أخذه منك، وهو أحق به منك، فأبصر ما كان فيه، ونفعه الله بقولها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الحسبة في المصيبة" والباب الذي قبله: "باب: الحسبة في المصيبة" والمراد بالحسبة الاحتساب والصبر والرضا والتسليم لما قدره الله -جل وعلا- وقضاه، وبهذا ينال الأجر العظيم.
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] فذكر المؤلف في هذا, باب: جامع الحسبة في المصيبة، والمصيبة لفظ موضوع في الأصل في لغة العرب لكل من ناله شيء خير أو شر، أصابه الخير وأصابه الشر، لكن العرف خص ذلك بالشر بالرزايا والمكاره، كما أن البشارة في الأصل بما يسر وبما يكره {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [(24) سورة الانشقاق] لكنها خصت عرفًا بالخير، الثواب في الأصل بالمجازاة، المجازاة بخير أو شر على ما عمله الإنسان يجوز ثوابه إن خير فخير وإن شر فشر، لكنه في العرف يرادف الأجر، احتسب الأجر والثواب، وجاء في ذلك قوله -جل وعلا-: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [(36) سورة المطففين] هذا في الخير وإلا في الشر؟ نعم، فيأتي اللفظ في لغة العرب واسع ويخصصه العرف، ويأتي عام مطلق يقيده الشرع وهكذا.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر" بعض الرواة: عن مالك زادوا عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه القاسم بن محمد أحد الفقهاء "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليعزي المسلمين في مصائبهم المصيبة بي))" والتعزية التصبير والحمل على الصبر والتسلي والتسلية إذا ذكر الإنسان الثواب تعزى، إذا ذكر العقاب إن لم يصبر ويحتسب وصاحب ذلك الجزع صاحبه ما هو أعظم من ذلك، يصبر، ((ليعزي المسلمين في مصائبهم المصيبة بي)) يعني يتذكرون المصيبة بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنها تهون دونها كل مصيبة، فكل مصيبة تهون دون مصيبة الأمة بالنبي –عليه الصلاة والسلام- لأنه أمنة لها، وبموته –عليه الصلاة والسلام- انقطع خبر السماء، يقول طائفة من الصحابة: ما نفضنا أيدينا من تراب قبره -عليه الصلاة والسلام- حتى أنْكرْنا قلوبنا، هذه مصيبة، إذا كان موت العالم ثلمة في الدين لا تسد، هذه لا شك أنها مصيبة على الأمة، فموت العلماء لا شك أنها مصائب، فكيف بمن علم جميع العلماء شيئًا من علمه -عليه الصلاة والسلام-، لا علم إلا من طريقه -عليه الصلاة والسلام-، إذا ذكر المصاب مثل هذا هانت عليه مصيبته، إذا ذكر ما جاء من الوعد للصابرين {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} [(155-156) سورة البقرة] على ما سيأتي، والحديث: عن قاسم والقاسم تابعي عند بعض الرواة، وإلا هنا عن عبد الرحمن ابنه، وهو إما مرسل أو معضل، لكنه وروده مسندًا من حديث سهل بن سعد وعائشة والمسور بن مخرمة، ومعناه على كل حال صحيح ((ليعزي)) اللام لام الأمر، المقصود يصبر كل واحد من المسلمين نفسه بمصيبته الخاصة بذكر هذه المصيبة العامة.
وإذا ذكرت مصيبة تسلو بها |
|
فاذكر مصابك بالنبي محمد جج |
-عليه الصلاة والسلام-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن -ربيعة الرأي- عن أم سلمة زوج النبي -صلى لله عليه وسلم- أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أصابته مصيبة فقال كما أمر الله: إنا لله وإنا إليه راجعون))"، ((كما أمر الله)) هل في هذا من أمر؟ فيه أمر؟ نعم؟ هذا أمر وإلا خبر؟ يقول: ((كما أمر الله)) أمر وإلا خبر؟ نعم؟ خبر يراد به الأمر ((إنا لله وإنا إليه راجعون)) إنا لله مِلكًا وعبيدًا، وإنا إليه راجعون: عائدون إليه بعد الموت والبعث ليجازي كل عامل بعمله، ((اللهم أجرني)) أي أعطني أجري ((في مصيبتي، وأعقبني)) أخلف ((خير منها إلا فعل الله به ذلك)) هذا الحديث صحيح مخرج في مسلم وغيره ((إلا فعل الله ذلك به)) ولمسلم: ((إلا أخلف الله له خيرًا منها)) هذا وعد ممن لا يخلف الميعاد على لسان ما لا ينطق عن الهوى.
"قالت أم سلمة: فلما توفي أبو سلمة" عبد الله بن عبد الأسد المخزومي "قلت ذلك" من الاسترجاع وما بعده، قالت ما وجهها به -عليه الصلاة والسلام- "ثم قلت" في نفسها قالت: "ومن خير من أبي سلمة؟" الإنسان يأسف ويندم على شيء يفوت ويظن أنه لا في الوجود مثله، لا يوجد مثله, وما يدريك أن الله يعوضك خيرًا منه "قلت: ومن خير من أبي سلمة؟" قالت ذلك في نفسها، يعني هل نطقت بهذا؟ إن نطقت تكون معترضة على الخبر "فأعقبها الله رسوله -عليه الصلاة والسلام- فتزوجها" فصارت إحدى أمهات المؤمنين، وقد توفي -عليه الصلاة والسلام- وهي مصيبة، فهل لها أن تقول بعد ذلك ما وجهت إليه؟ ما قالته قبل؟ هل لها أن تقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خير منها" من الثواب، يعني أعظم من هذه المصيبة ثوابها، يعني لا يلزم أن يكون أعقبني خيرًا منها خيرًا مما فقدت من جنسها، يعني فقدت زوجًا تحتاج إلى زوج لا خلاص هي الآن أم المؤمنين، واللفظ يحتمل أكثر من ذلك.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد -بن أبي بكر الصديق- أنه قال: هلكت امرأة لي"، "القاسم بن محمد أنه قال: هلكت امرأة لي فأتاني محمد بن كعب القرظي يعزيني بها" يصبرني ويسليني، والتعزية والتسلية تكون بالنصوص، وتكون أيضًا بالقصص التي يكون فيها العبر والعظات، "فقال: إنه كان في بني إسرائيل رجل فقيه عالم وعابد مجتهد" كل الأوصاف متوافرة فيه "وكانت له امرأة"، مجتهد فقيه عالم عابد مجتهد في عمله وعبادته "وكانت له امرأة، وكان بها معجب" مستحسنًا لها، راضيًا بجمالها، "محب لها، فماتت، فوجد عليها وجدًا شديدًا" يعني حزن حزنًا شديدًا، الفعل (وجد) له أكثر من مصدر، ولكل مصدر من هذه المصادر معنى من المعاني، فوجد وجدًا، وجد وجدانًا، ووجد موجدةً، ووجد وجادةً، كل واحدة من هذه الألفاظ له معنى يختلف عن الثاني، فعندنا من هذه المعاني فوجد عليها وجدًا شديدًا، يعني حزن حزنًا شديدًا، إذا بحث عن ضالته فوجدها نقول: وجد؟
طالب:.......
لا، لا أريد المصدر نعم؟ وجدًا هذا الذي عندنا وجدًا حزنًا، يصير ما عثر عليها، إذا قلنا: وجدها وجدًا ما عثر عليها، حزن عليها حزنًا شديدًا، ما لقاها، مسكين، وجد موجدة غضب غضبًا شديدًا، الوجادة وجد وجادة يقولون: مصدر مولد، ما معنى مولد؟ يعني لا يوجد زنته في لغة العرب، الوجادة المعروفة عند أهل العلم طريق من طرق التحمل في الرواية، يعني يجد صحفًا بخط ما لا ينكر خطه من أهل العلم فيرويها عنه بهذه الوجادة على أن ينص أنها وجادة، وأهل العلم يقررون على أنها منقطعة، وفيها شوب اتصال، وجد وجودًا، وجد وجدانًا، الوجدان ماذا؟ على كل حال هذه المصادر تراجع، راجعوها "ولقي عليها أسفًا"... نعم؟
طالب:.......
نعم، لكن ما معناها هنا؟ على كل حال بالإمكان تراجع، سهل يعني موجودة في كتب اللغة كلها يكتبون عنها، نعم؟
طالب:.......
لا، التواجد غير هذا، رقص التواجد، لا، نعم؟
طالب:.......
لا، ما هو بصحيح.
"ولقي عليها أسفًا" يعني تلهفًا "حتى خلا في بيت" اعتزل الناس، أغلق على نفسه بيته "حتى خلا في بيت، وغلق على نفسه" قفل على نفسه الباب "واحتجب من الناس" وهذه عادة الحزين ينزوي عن الناس، الحزين الكئيب بخلاف الفرح الذي يؤد ويرغب أن يعرف الناس كلهم أنه فرح ومبسوط، فهذا أغلق على نفسه الباب، واحتجب من الناس "فلم يكن يدخل عليه أحد -لما غلبه من شدة الحزن- وإن امرأة سمعت به فجاءته، فقالت: إن لي إليه حاجة أستفتيه" يعني أطلب فتياه لأنه عالم، وليس للفتيا إلا العلماء "فيها، ليس يجزيني" يغنيني "فيها إلا مشافهته" يعني ما يكفي كل أحد، إلا مشافهته يعني خطابه، مشافهة دون واسطة، وهذا شيء موجود إلى الآن، إذا صار للإنسان مسألة ما يسأل عنها أي شخص لا سيما عند عامة الناس إذا أعجبوا بشخص لا يقنعون بمن دونه، تجد المسألة من البداهيات يعرفها أحد طلاب العلم، يقول: لا إلا الشيخ فلان، فيحتمه العامة ومسائلهم سهلة يمشيها أدنى واحد، لكن لا يقنعهم غير هذا العالم الذي مليء عيونهم وقلوبهم "ليس يجزيني فيها إلا مشافهته، فذهب الناس ولزمت بابه" أصرت "وقالت: ما لي منه بد" ليس لها منه مفر ولا محيد "فقال لي قائل: إنه هاهنا امرأة أرادت أن تستفتيك، وقالت: إن أردت إلا مشافهته" يعني هذا نافية (إن) يعني ما أردت إلا مشافهته {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} [(159) سورة النساء] هذه نافية "إن أردت إلا مشافهته، وقد ذهب الناس وهي لا تفارق الباب، فقال: ائذنوا لها فدخلت عليه، فقالت: إني جئتك أستفتيك في أمري، قال: وما هو؟ قالت: إني استعرت من جارة لي حلي" الحلي والحلية ما يلبسه النساء يتجملن به {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] فالتحلي من خصائص النساء، فالتحلي والتزين والتجمل والمبالغة فيه هذا من خصائص النساء "إني استعرت من جارة لي.." تقول: "حَلْيًّا" والحَلي ماذا؟ هو الحُلي "فكنت ألبسه وأعيره زمانًا" يعني كأنها ملكته، والعرية إذا طالت مدتها قد ينسأ أنها عرية، فيستعملها الإنسان على أنها ملكه ينسى سبب وصولها إليه، وهذا يقع كثيرًا في الكتب، يستعير الإنسان كتابًا على أنه يستفيد منه فيضعه مع كتبه، اليوم بكرة ذلك نرده نرجعه ثم ينساه، وصاحبه يحرج من طلبه، ثم بعد ذلك يملكه المستعير؛ لأنه نسي وبقي على أساس أنه ملكه، والاسم ما كتب عليه شيء، فليحرص الإنسان على هذه العواري يبادر بردها، وقد استعار شخص كتابًا يهمه في عمله بعد تخرجه، عُيّن في جهة واحتاج إلى كتاب فاستعاره من صديق له، مكث الكتاب خمسة وعشرون سنة، نعم؟
طالب:........
لا ما رجع، هذا شاهد أن الإنسان ينسى، لا تأتي بقية القصة، فاجتمع به المستعير شخص له علاقة بالاثنين، فقال: هذا الكتاب إذا ذكرته ذكرت فلان جزاه الله خيرًا، كان الكتاب ممزقًا فأخذه إلى المجلد فجلده على أساس أنه له، على أساس أن هذه العلاقة التي تربط فلان بفلان أنه أخذ هذا الكتاب وجلده وهو له الكتاب هو، هو من الأصل مجلد، فقط هو يتذكر أن فيه ارتباط بين هذا الكتاب فلان، ولا يتذكر أن الكتاب لفلان، هذا سببه طول المدة، فصاحب الكتاب يستحي من صاحبه أن يطلبه وليس عليه أثم، ولا ما يدل على أنه له، ومع طول المدة المستعير ينسى، فعلينا أن نكتب، يكتب الإنسان في مذكرته أن عنده كتاب لفلان، وكتب كثيرة من التي وصلتنا من تركات تجد مكتوبًا عليها هذا الكتاب عارية من فلان، يكتبون المتقدمون عندهم حرص على إبراء الذمة على قلة ما عندهم من كتب، المقصود أن على طالب العلم أن يعنى بهذا، فإن الكتب إذا اختلطت خلاص من يميز أن هذا لفلان أو لعلان "فكنت ألبسه وأعيره زمانًا، ثم إنهم أرسلوا إليّ فيه، أفأؤديه إليهم؟" هل أحد يتردد في الجواب؟ نعم؟ جواب ملزم، أن الشخص إذا جاء يسأل وذكر كل المبررات والمسوغات التي تقتضي الجواب بنعم أو الجواب بلا، هذا كأنه يلقن من يستفتيه بالجواب، يعني تأتي تستفتي عالمًا تقول: وجدت كتابًا لشخص مبتدع، والكتاب فيه شرور وسموم، واطلعت عليه فوجدت فيه كذا وكذا ما رأيك، هل يجوز أشتريه؟ أكيد ما تحتاج إلى جواب، تعرف أنه لا يريد جوابًا، إنما يريد أمرًا آخر، فمثل هذه المرأة لما قالت هذه الأمور كلها، وقديمًا هذا، استعرته قديمًا صار له زمان، وأعرته الناس، استفدت به أنا واستفاد به غيري، أرجعه وإلا ما أرجعه؟ "أفأؤديه إليهم، فقال: نعم والله" تأكيد مع كل هذا بعد فيه تردد؟ "نعم والله" يعني يلزمك أن تؤديه إليه، وأقسم تأكيدًا "فقالت: والله أنه قد مكث عندي زمانًا، فقال: ذلك أحق لردكِ إياه" أولى بأن يرد إذا مكث زمنًا طويلاً؛ لأنه إذا كان زمنًا يسيرًا يحتمله الناس فيما بينهم، يعني لو تأخر في رده، لكن إذا كان زمنًا طويلاً إلى متى؟ "فقالت: والله أنه قد مكث عندي زمانًا، فقال: ذلك أحق لردكِ إياه إليهم حين أعاروكيه زمانًا "فقالت: أي يرحمك الله" يعني يا فلان يرحمك الله، هذا نداء، وجد الحرف وحذف المنادى، أي يرحمك الله، الآن يأتي بيت القصيد "أفتأسف على ما أعارك الله، ثم أخذه منك وهو أحق به منك" المال والأهلون كلها ودائع، كل ما عند الإنسان وديعة، المال مال الله {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ} [(33) سورة النــور] وأنت نفسك التي بين جنبيك وديعة، ما تدري متى يقال: رد هذه الوديعة؟ يأتي صاحبها فيأخذها.
وما المال والأهلون إلا ودائع |
|
ولا بد يومًا أن ترد الودائع
|
"فأبصر ما كان فيه، ونفعه الله بقولها" موعظها بليغة بالتميثل والتنظير المطابق، نفعه الله بقولها، ففي هذا العظة بضرب المثل، وهو أبلغ من المباشر، يعني لو قالت له مباشرة: زوجتك هذه ماتت، الحمد لله، الأصل الخلق كلهم خلق الله وعبيد الله يختار منهم من شاء، ما وقعت في قلبه موقعها، لكن العظة بضرب المثل أبلغ من المباشر؛ ولذا جاءت الأمثال في القرآن والسنة، وجاء في تعظيم شأن الأمثال قوله -جل وعلا-: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [(43) سورة العنكبوت] يعني ما يفهم هذه الأمثال، ولا يعتبر بهذه الأمثال ولا يستفيد من هذه الأمثال إلا العالمون، وفي الحديث: وعظ العالم وإن كانت الموعظة ممن دونه، فقد يخطئ الفاضل ويغفل ويوفق المفضول، فلا يحتقر الإنسان نفسه، يعلم ويوجه وإن كان مفضولًا، وإن كان في السامعين من هو أفضل منه، يبذل وإلا لو اعتمد على الفاضل في كل شيء ما استطاع أن يفعل شيئًا، فعلى كلٍّ من الفاضل وهو الأولى أن يتولى ذلك، والمفضول أيضًا لا يعفى من هذا الأمر، فالأمر مطلوب من الجميع.
باب: ما جاء في الاختفاء:
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنه سمعها تقول: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المختفي والمختفية" يعني نباش القبور.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: "كسر عظم المسلم ميتًا ككسره وهو حي" تعني في الإثم.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الاختفاء" ولابن وضاح ما جاء في المختفي وهو النباش.
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الرجال" بلفظ جمع الرجل، مشهور بهذه الكنية وهي لقب؛ لأنه كان له عشرة أولاد كلهم رجال كبار، وأما كنيته فهو أبو عبد الرحمن أبو الرجال، كني بالمجموع فصار لقبًا له، قد يلقب بالكنية، وقد يسمى بالكنية، وقد تغلب الكنية على الاسم فيضيع الاسم، وكما اشتهر هذا بأبي الرجال اشتهر أناس بأبي الأشبال، يعني هذا أبو الكبار، وذلك أبو الصغار، نعم؟ ما فيه أبو الأشبال؟ نعم فيه أكثر من واحد، وهذا أمر مطروق، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن نعمان الأنصاري "عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنه سمعها تقول: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى، وهذا يدل على أن هذا الأمر من الكبائر "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المختفي والمختفية" يعني نباش القبور".
يعني لو لم يوجد مثل هذا التفسير لهذا الخبر لأشكل أمره "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المختفي والمختفية" يعني بذلك النباش، سمي بذلك لأنه يأتي إلى هذه القبور خفية، وهذه عادة السراق، سواءً سرقوا من أجواف القبور أو من البيوت أو من غيرها، وقد جاء لعن السارق ((لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده، ويسرق البيضة فتقطع يده)) نعم، فلعل المختفي هنا والمختفية يراد به لتتفق النصوص، وفسر ببعض أفراده نعم، لعل أصل الحديث: "المختفي والمختفية، السارق والسارقة" ثم فسر من قبل بعض الرواة بالنباش تفسيرًا للعام ببعض أفراده، وهذا الحديث مرسل عند مالك، وأسنده يحيى بن صالح وعبد الله بن عبد الوهاب كلاهما عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت.
وعلى كل حال نبش القبور، السرقة من الأحياء حرام بالإجماع، وموجبة للحد بشروطها، والسرقة من القبور كذلك يشملها هذا اللعن، وهي فرد من أفراد العام داخلة في عمومه، لكن هل فيها قطع؟ النباش ينبش القبر ويأخذ الكفن، يسرق الكفن، حتى وجد في بعض العصور من يخرق الكفن قبل تكفين الميت به ليفسده على السارق، يعني يصل الأمر ببعض القلوب إلى هذا الحد، الفقهاء يذكرون في الزنا، يذكرون الزنا بالميتة مثلًا امرأة ميتة زنا بها، هذا موجب للحد وإلا غير موجب؟ يعني فرج أصلي، ألا يمكن أن يقال مثل هذا أعظم من الزنا بالحية؛ ألا يمكن أن يقال: إنه أعظم، نسأل الله العافية؛ لأنه يدل على مسخ القلب الكلية، يعني قلب ممسوخ بالكلية، فيحتف بالأمر ما يزيده عن الحد المحدود شرعًا، فلو زيد في حد مثل هذا؛ لأنه وصل إلى حد تأباه البهائم، السارق النباش الذي يسرق من القبر لا شك أن القبر حرز، فإذا بلغ ما يبلغ النصاب، نصاب القطع، يقطع وإلا ما يقطع؟ هل يشترط أن يكون للمال مالك معين أو لا يشترط؟ إنما سرق {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [(38) سورة المائدة] ينطبق عليه اللفظ، والشروط مكتملة، قل مثل هذا فيمن سرق من بيت المال مثلًا أو سرق من الأشياء العامة المشاعة مثل مسجد، مدرسة، يقطع وإلا ما يقطع؟ نعم؟
طالب:.......
هذا اختلاس وليس بسرقة، يعني سرق من حرز، أما لو لم يكن حرز مثلًا، القبر حرز وبيت المال محرز، لكن مثل المسجد قد..، والأمور العامة مثل المدارس وغيرها قد يقال، ولذا يُدرأ الحد بهذا، وبعضهم يدرأ الحد بالنسبة لمن سرق من بيت المال؛ لأن له فيه شبة ملك، وهو واحد من المسلمين، لكن إذا رأى الإمام أن قطع مثل هؤلاء الذين يسرقون من المساجد ومن المدارس ومن بيت المال ومن القبور رأى أن قطعهم تعزيرًا يحقق مصلحة، ويقطع دابر السرقة لا سيما إذا اشتهرت واستفاضت له ذلك، نعم؟
طالب:.......
والله هو إذا سرق مالاً محترمًا من حرز يبلغ النصاب ما المانع؟ لكن بعضهم ينظر للمالك إذا كان له مالك وتأثر، نعم؟
طالب:.......
الكافر؟ هو الأصل أنه مخاطب بالفروع، ومطالب بما يطالب به المسلمين، ما المانع؟ نعم؟
طالب:.......
لا شبهة له، نعم بلا شك ليس له شبهة ببيت المال.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه" يقول أبو عمر: كذا لأكثر الرواة وبعضهم: عن مالك عن أبي الرجال عن عائشة موقوفًا، يقول: ولا أعلم أحدًا رفعه عن مالك "أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: "كسر عظم المسلم ميتًا ككسره وهو حي" تعني في الإثم" للاتفاق على فعل ذلك في الحياة والموت، يعني كسر عظم المسلم حيًّا وميتًا حرام بالاتفاق، لا بالنسبة للحي في قصاص خلافًا للميت، الميت ليس فيه قصاص، نعم؟
طالب:.......
لا ما يلزم؛ لأنه قد يوجد الإثم في الاعتداء الذي ما فيه قصاص حتى في الحي لا ليس ملازم للإثم، نعم؟
طالب:.......
تعزير، ما المانع؟
على كل حال يشتركان في الإثم ويفترقان في القصاص، الدية، وهذا الحديث وإن كان غير متصل عند مالك لكنه مخرج عند أحمد وأبي داود وابن ماجه عن عائشة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((كسر عظم الميت ككسره عظم الحي)) وحسنه ابن القطان، وقال ابن دقيق العيد: إنه على شرط مسلم، وله شاهد من حديث أم سلمة خرجه ابن ماجه، فلا يجوز أذية المسلم سوًا حيًّا كان أو ميتًا {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [(58) سورة الأحزاب] لكن إذا دعت الحاجة إلى كسر عظمه، وقل مثل هذا إذا دعت الحاجة إلى نقل بعض أعضاءه هل نقول: إن الضرورة تقدر بقدرها، والحي أولى من الميت كما قال أبو بكر في الكفن -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-؟ الحي أولى بالجديد من الميت، أو نقول: إن هذه الأمور لا يملكها الإنسان لنفسه فلا يملكها غيره، هذه أمور الإنسان ما يملك شيئًا لنفسه، لا يملك العين ولا يملك غيرها من الأعضاء، وهذا هو المتجه، الإنسان لا يجوز أن يتصرف بنفسه فضلًا أن يتصرف به غيره، ولا أحد ولا أقرب قريب ولا بعيد ولا بيع ولا مجان ولا شيء، لا يملك هذا، نعم؟
طالب:.......
الدم، يقول أهل العلم: يتسامح فيه؛ لأنه متجدد، ما يتضرر به الشخص على أي وجه كان، وإلا فالدم عند أهل العلم نجس وبيعه حرام، ونهى عن ثمن الدم، لكن ما يأخذه المتبرعون من هدايا مثلًا ساعة وإلا ميدالية هذه ليست قيمة، عندهم ليست قيمة إلا من نظر إليها، يعني ما يتبرع إلا بهذا نقول: ما يجوز، نعم؟
طالب:.......
إذًا ما يملك يا أخي، ما يملك، أنت قل مثلاً في عبد مملوك يباع، ويشترى هل لسيده أن يتبرع أو يشلحه؟
طالب:.......
ما يملك يا أخي، هذه نفس محترمة مسلمة لا يجوز التصرف فيها ولا التعدي عليها حيًّا وميتًا، كله حكم واحد، هذه أمور لا يملكها الإنسان، نعم هو أفتى من أفتى بجواز التبرع، لكن يبقى أن الأصل هذا، الإنسان ما يملك نفسه فكيف يملك غيره ليتبرع به؟
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا مسألة عرضت بنا سابقًا، وعرفنا الأقوال فيها، وأن من أهل العلم من يقول: لا يسجد من دام يعلم ويتعلم كلما مر؛ لأنه لا يقصد بذلك التلاوة، ومنهم من يقول: يسجد كل مرة، ولكن القول الثالث هو الوسط وهو أن يسجد مرة واحدة تكفيه عن الجميع.
معلوم أن الأصل في الصلاة الدعاء للميت فبعد التكبيرة الأولى تقرأ سورة الفاتحة، وفي الثانية يصلى على النبي –عليه الصلاة والسلام-، وفي الثلاثة يدعى للميت، والرابعة كذلك، وإن كان الأموات متنوعين متفاوتين فيهم الكبار والصغار فيدعى للكبار بعد التكبيرة الثالثة والصغار بعد التكبيرة الرابعة وهكذا، وأما الخامسة فبعدها السلام هذا عند من يكبر خمس تكبيرات، وعرفنا أن ابن عبد البر -رحمه الله- يرى أن العلماء اتفقوا على ما جمعهم عليه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أربع تكبيرات، وهذا هو الأولى، وعليه عامة أهل العلم.
على كل حال هم يقولون: إن طفل الأنابيب هذا عبارة عن ماء الرجل يؤخذ ويؤخذ من ماء المرأة ويجعل في أنبوب حتى يتجاوز مرحلة؛ لأنه جرب أن هذه المرأة مثلًا لا تقبل التلقيح مباشرة إلا إذا تجاوز مرحلة أفتى به جمع من أهل العلم، لكن النفس فيه منه شيء، فمثل هذا يترك لأمر الله -جل وعلا-، الإنسان يسلك المسالك التي أودعها الله فيه وهيّأه لها.
إذا كانت الإجارة هل هي عقد لازم أم جائز؟ إذا قلنا: عقد لازم فلا بد من رضاه، وعلى هذا لا بد أن تعطيه الخمسين، وإذا قلنا: إنه عقد جائز لأحد الطرفين أن يحلها ولو بغير رضا الآخر لك أن تسافر من غير إخباره، وله أن يسافر من غير علمك، على كل حال لو أعطيته الخمسين كان أحوط.
طالب:.......
نعم، لكن احتمال أن يكون ما مشترك بعد أنه قصر نفسه على هذا الشخص، وتعطيل العمل من طرف، لكن تعطيل هذا العمل المتفق عليه من طرف دون الآخر، دون رضا الآخر، على كل حال على حسب ما هو مقرر في الإجارة هل هي عقد لازم أو جائز؟ إذا قلنا: عقد لازم تلزمه الخمسين، يعني لا بد من رضا الطرف الثاني، والصلح خير على كل حال.
يعني لو كانوا سبعة إمام وستة هل يشرع أن يكونوا ثلاثة صفوف؟ نعم جاء بحق من صلى عليه ثلاثة صفوف يستدل به أهل العلم على تكثير الصفوف، وإن كان الأصل إتمام الصف الأول فالأول في الصلاة كما هو معلوم، لكن هذه الصلاة لها خصائصها.
نقول: من أراد الإسلام والمسلمين بسوء اللهم أشغله بنفسه.
الدين ليس بلبس وشوت، على كل حال إسداء النصيحة والأمر والنهي ليس بهذه الطريقة، لا يتم بمثل هذه الطريقة، المنكرات على حد سواء كلها تنكر، فهذه منكرات وهذه منكرات، فإذا أنكر هذه لا يسخر ممن لم ينكر، إذا اتفقنا على أن هذا العمل منكر ينكر.
كتبت بين قوسين أو بين شرطتين أو بدون شيء مع السياق هي جملة اعتراضية، ما معنى اعتراضية؟ اعتراضية أنه لا يتوقف عليها فهم المعنى لا الذي قبلها ولا بعدها، لو تقول: قال عمر بن الخطاب: سمعت النبي يقول: ((إنما الأعمال بالنيات)) الكلام واضح ومفهوم، ومثلها الدعاء والترضي عن الصحابة، والترحم على من دونهم كل هذه جمل اعتراضية، لكن هي جمل دعائية في الأصل، لكن من حيث الموقع الإعرابي لا يتوقف عليها فهم المعنى لا الذي قبلها ولا الذي بعدها، المعنى واضح ومفهوم بدونها، لكن هي امتثال لقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] حكمها؟ حكمها مختلف فيه بين أهل العلم عامة أهل العلم على أنها في غير التشهد الأخير سنة، ومنهم من يوجبها عند ذكره -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول: هي واجبة في العمر مرة امتثالًا لقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] المقصود أن المسألة خلافية بين أهل العلم، ومن ذكر عنده النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يصلِّ عليه لا شك أنه محروم.
وكذلك الشهداء، الأنبياء والشهداء، ومن أراد الله -جل وعلا- إكرامه، ومن أشقى الناس رجلًا لا تأكل جسده الأرض فمن هو؟ نعم الذي خسف به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، هذا لا تأكل جسده الأرض.
هناك الزهد للإمام أحمد -رحمه الله تعالى- ولابن المبارك ولوكيع ولهناد بن السري، وجمع من أهل العلم ألفوا في الزهد، كلها كتب طيبة يستفيد منها طالب العلم، الزهد للإمام أحمد إلى الآن ما بعد طبع طبعة كاملة محققة؛ لأنه أكبر من الحجم الموجود، أكبر بكثير من الحجم الموجود، وطبعة أم القرى القديمة جيدة في الجملة، الزهد لابن المبارك تحقيق الأعظمي مجلد كبير موجود، تَصرَّف فيه، والله أعلم.
كثير من أهل العلم ألفوا في الإجماع والخلاف، فمنهم ابن المنذر، ابن عبد البر، أبو الحسن بن القطان، مجموعة من أهل العلم صنفوا في الإجماع، لكن كلهم عليهم استدراكات، ولابن حزم مراتب الإجماع، وعليه أيضًا مؤاخذات، وأما الإجماع الذي يحكونه عمن بعد الصحابة لا بد أن ينخرم، لا أقول: في كل مسألة، لكن في بعض المسائل، فدون إثبات الإجماع بعد الصحابة خرط قتاد، لكن إذا نقل الإجماع على طالب العلم أن يهاب هذا النقل، وان يتوقف عنده، وأن لا يخالفه إلا بشيء واضح، برهان بيّن لا يحتمل نسخ ولا تأويل، فعلى طالب العلم أن يهاب هذه الكلمة، خلافًا لما يقوله الشوكاني -رحمه الله-، يقول: إن كثير من دعاوي الإجماع تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، نعم كثير من الإجماعات التي ينقلها كثير من أهل العلم كابن المنذر، ابن عبد البر، ابن قدامة، النووي غيرهم، كثير منها مخروم؛ لأنهم ينقلون حسب علمهم، وكثر منهم يقولون: لا أعلم في المسألة خلافًا وهذا أسهل، نفي الخلاف أسهل من نقل الإجماع، وعلى كل حال هذا الكلام أقل أحواله أن جماهير أهل العلم على القول بهذا, وإن وجد مخالف فهو نزر يسير، فعلى طالب العلم أن يهاب مثل هذه الكلمة، وإن كانت غير ملزمة؛ لأنها لا تعني الإجماع الحق الذي يجتمع فيه مجتهدو الأمة من أولها إلى أخرها على قول في مسألة، لكن يبقى أن هذا الكلام له هيبته، فيحتاط طالب العلم إذا سمعه يهابه.
صحيح.
الأصل في الأمر الوجوب، والأصل في النهي التحريم، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا إذا وجد صارف، فإذا وجد صارف حمل على الندب أو الكراهة.
تعرفون أن الشرع في جميع الأمور وسط في تشريعه وفي أتباعه، في أتباعه مثلًا النبي -عليه الصلاة والسلام- يرجل الشَّعر، ويدهن، ويتزين، ويلبس الجميل، لكنه لا يبالغ في ذلك، وجاء الحث على أن يكون الإدهان ماذا؟ غبًا يعني يوم وراء يوم، والترجل بحيث لا يسرف الإنسان في اتباع هذه الأمور، ويضيع ما هو أهم منها، فلو لم يرد إلا ((إن الله جميل يحب الجمال)) ماذا يكون وضع كثير من الناس؟ يكون هناك مبالغة وسرف وتضييع للواجبات فضلًا عن المستحبات، اهتمامًا بهذا النوع، جاء الحديث الثاني الذي يكسر هذه الحدة؛ لأن بعض الناس تستشرف نفوسهم، جاء الحديث الثاني ليبين التوسط؛ ليكون الإنسان وسط في أموره، فقال: ((البذاذة من الإيمان)) ولو لم يرد إلا ((البذاذة من الإيمان)) لرأيت كثيرًا من الناس في أحوال بحيث يُزدرون، فالذي يبالغ في الجمال يقال له: ((البذاذة من الإيمان))، والذي يبالغ في البذاذة يقال له: ((إن الله جميل يحب الجمال)) والنصوص الشرعية كلها علاج لأحوال الناس وأوضاعهم، من شم منه رائحة الغلو تورد عليه أحاديث الرجاء، ومن عرف منه التساهل تورد عليه أحاديث الوعيد وهكذا؛ لأن بعض الناس وهذا موجود ما هو مبالغة، هل تتصورون أن بعض الناس عنده من الثياب عدد أيام السنة بحيث إذا خلع الثوب لا يعود إليه أبدًا؟! هل تتصورون أن بعض الناس في بيته صالون يجلس ثلاث ساعات في اليوم؟! يعني لو لم يرد مثل حديث: ((البذاذة من الإيمان))....... يا أخي ((إن الله جميل يحب الجمال))، لكن ماذا أضاع من الأمور المهمة مثل من يعنى بمظهره، نعم لا ينبغي للمسلم أن يكون بحيث يُزدرى بين الناس، ويتندر به، لا، فالدين وسط ولله الحمد.
جوابه في سؤاله بعد القيام، كان يرفع إذا قام من الركعتين، يعني إذا قام من الركعتين يرفع، مفاده أنه بعد القيام، يعني مع الانتقال من التشهد إلى القيام.
المسلم مطالب بأن يدور مع الإرادة الشرعية، أما الإرادة الكونية القدرية ليس مطالبًا بها، لقائل أن يقول: لماذا تدعو لعموم المسلمين والله يعلم أن منهم من يموت وهو مرتكب كبيرة؟ نعم وجد من يمنع حتى هذا من أهل العلم، من يقول: لا يجوز الدعاء لعموم المسلمين، وجد من يمنع الدعاء لعموم المسلمين؛ لأن في علم الله أن من يموت وهو مرتكب كبيرة هذا مخالف الإرادة الكونية، إذًا لا تدعو لنفسك الله أعلم بما يختم لك به، ولا تدعو لولدك الله أعلم بما يستمر عليه، أنت مطالب بالدعاء، وهذه المطالبة إرادة شرعية، إما الإرادة الكونية فهي لله –جل وعلا- ليست لك.
قنوت النوازل لا شك أنه دعاء يطلب فيه رفع هذه النازلة، ومن آداب الدعاء أن يفتتح بالحمد والثناء، ويختتم بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-.
هذا إذا امتلك الأرض بنية التجارة يزكيها كل سنة، إذا حال عليها الحول بما تستحقه من قيمة بقيمتها وقت التزكية بنسبة اثنين ونصف من مائة إذا ملكها لغير نية التجارة، ملكها ليسكن، ملكها ليزرع، ملكها ليقيم عليها مشروعًا أو لا يدري، ما يدري ماذا يفعل بها؟ فإنه لا يزكيها إلا إذا باعها لمدة سنة واحدة.
أما الترتيل بمعنى التزام أحكام التجويد من إظهار وإدغام وقلب وإخفاء، ومدود بقدر ما يكون في قراءة القرآن فلا، وأما كون الكلام يحبر ويزين الصوت لا بأس، لا سيما وأن الإنسان يتأثر ويؤثر بهذا، وهو من الأمور المتروكة التي لم تنقل صيغتها ولا كيفيتها، فالأمر فيها سعة، لكن لا يشبه كلام البشر بكلام الله -جل وعلا-، لا تلتزم فيه أحكام التجويد.
يا أخي هذه المحبة إذا لم تكن لله وفي الله هذه المحبة لا بد أن تجر إلى ما وراءها ولو بالكلام؛ لأنه كما يحرم الفعل يحرم القول، وإذا لم تكن محرمًا له لا يجوز له أن يخاطبها إلا لحاجة مع أمن الفتنة؛ ومثل هذه الفتنة غير مأمونة، والله المستعان.
كيف يتم التغسيل دون دلك؟ والدلك لا شك أن فيه مباشرة لجسد الميت.
هل هناك مفارقة بين تجريد الميت للتغسيل والنظر إليه؟
التجريد يحجب النظر بلا شك، عدم تجريد تغسيل الميت في قميص أو من وراء ثوب هذا لا شك أنه يحجب النظر.
لا أعرف تعليقًا كاملاً من أول الكتاب إلى آخره، إنما للشيخ عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله تعالى- تعليقات على المسائل العقدية في الربع الأخير، مقرر المعاهد العلمية، يعني من سورة غافر إلى آخر القرآن، هناك تعليقات موجودة في السوق، لكن المسائل العقدية الدقيقة التي لا يدركها كثير من الناس لا أعرف أحدًا تصدى لها، والكتاب بحاجة.
نعم هذا لا بأس به، ثبت في ثلاثة أحاديث، لا بأس به لا سيما لمن كان له حق على الإنسان، النووي قال في أحد المواضع نقل الإجماع على مسألة، في موضع آخر قال: إن هذا قول الجمهور؟ لا النووي يرى الإجماع هو قول الكل ورأيه في هذا رأي عامة أهل العلم لكنه يتساهل في النقل، وينقل الإجماع وينقل قول المخالف لا سيما إذا كان المخالف داود؛ لأن داود النووي لا يعتد بقوله، فينقل الإجماع مع خلاف داود، أما غيره فقد ينقل الإجماع في موضع وفي موضع آخر ينقل قول المخالف، وهذه إما غفلة منه وتساهل أو أنه..، أما كونه يرى أن الإجماع هو قول الجمهور فهذا غير صحيح، هو يرى أن الإجماع قول الكل.
نعم اقتناؤها طيب، لكن ينبغي أن تكون عناية طالب العلم على رواية واحدة في أول الأمر، عنايته بنسخة واحدة على رواية واحدة، ويشير إلى ما عداها من الزوائد، لا يدخل بعض الروايات مع بعض، لا يلفق بين الروايات.
أكثرها عن قتل قائد حماس وقائد الشيشان -رحمة الله عليهما وعلى غيرهما من المجاهدين الصادقين المخلصين- وهذا ليس بعجيب ولا غريب، وليس اللوم على اليهود أو الروس أو غيرهم، يعني ماذا ينتظر من عدو؟ هل ينتظر من عدو رأفة ورحمة بعدوه، من يراه عدو له، ليس اللوم عليهم، يعني هذا في عرفهم واصطلاحهم هذا ما يجب عليهم تجاه عدوهم، كما أنه يجب علينا تجاه عدونا أن نفعل به ما نستطيع في ظل وضوء النصوص الشرعية التي توجهنا، المقصود أن المسؤولية مسؤولية الأمة، عليها أن تتحد كلمتها، وترجع إلى ربها، وأن تعمل بكتاب ربها وسنة نبيها -عليه الصلاة والسلام-، فإذا اجتمعت كلمتها على الحق لن يقف في وجهها أحد، والله المستعان، لكن الأمة في هذا الوضع الذي نعيشه الآن كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((غثاء كغثاء السيل)).
إذا كان لا يوجد أحد بالفعل، ويجزم بأنه لن يوجد أحد لا مانع، لكن أنى له ذلك والمسألة بحر لا يملكه هو، لكن إذا كان في مسبح في بيته لا مانع أن يسبح معها.