شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (230)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحبًا بكم إلى لقاء جديد في برنامجكم شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، نرحب في بداية هذه الحلقة بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلاً ومرحبًا بكم.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الأخوة المستمعين.

المقدم: في كتاب العلم في باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟ فيكل العلم إلى الله، لازال الحديث مستمرًّا حديث أبي بن كعب -رضي الله عنه-، توقفنا عند قوله: «إذ لم يرد العلم إلى الله».

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أما بعد،

ففي قوله: إذ لم يرد العلم إلى الله، قال الكرماني: يجوز فيه وفي أمثاله ضم الدال وفتحها، الضم على الإتباع للراء؛ لأن الراء مضمومة، والفتح لخفته، وبالكسر على الأصل، على الأصل في الساكن إذا حُرك، وهذا تقدم، وأشرنا إليه في الحلقة السابقة، وأيضًا ذكرناه باستيعاب في حديث أبي هريرة في (ضمُّه)، وجوز الفك أيضًا إذ لم يردد العلم، والعلم يعني المسؤول عنه إلى الله كذا في رواية أبي ذر عن الكشميهني، وعند غيره إليه كما هو الأصل، قال الكرماني: يعني كان حقه أن يقول: الله أعلم به، فإن مخلوقات الله سبحانه وتعالى لا يعلمها إلا الله، قال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [القيامة:31].

فأوحى الله إليه، الوحي كما تقدم في أول الكتاب: الإعلام في خفاء، هذا في اللغة، وأما في الشرع فالإعلام بالشرع، وله معانٍ كثيرة جدًّا استوعبها الشراح لاسيما العيني، أن عبدًا من عبادي هو الخضر، وتقدم ذكره وهل كان نبيًّا أو وليًّا؟ وتقدمت مسألة موته أو بقائه مبسوطةً قبل حلقات الحديث،

المقدم: .... هذا.

نعم، بمجمع البحرين، قال الكرماني: أي ملتقى بحري فارس والروم مما يلي المشرق، وفي تفسير القرطبي مجمع البحرين ملتقاهما، قال قتادة: هو بحر فارس والروم، وقاله مجاهد، وقال ابن عطية: هو ذراع يخرج من البحر المحيط من شمال إلى جنوب في أرض فارس من وراء أذربيجان، فالركن الذي لاجتماع البحرين مما يلي بر الشام، وهو مجمع البحرين على هذا القول، وقيل: هما بحر الأردن وبحر القلزم، بحر القلزم هذا هو ماذا؟ البحر الأحمر، كان يسمى قديمًا القلزم، وقيل: مجمع البحرين عند طنجة، قاله محمد بن كعب، يعني في أقصى المغرب، وقال بعض أهل العلم: هو بحر الأندلس من المحيط حكاه النقاش، وقالت فرقة: إنما هما موسى والخضر، يعني مجمع البحرين موسى والخضر، فموسى بحر والخضر بحر، ولا شك أن هذا قول ضعيف، وحكي عن ابن عباس -رضي الله عنهما - لكنه لا يصح عنه، فإن الأمر بيّن من الأحاديث أنه إنما وسم له بحر ماءٍ، بحر ماء لا بحر علم.

 هو أعلم منك، قال القرطبي: قال علمائنا أي بأحكام وقائع مفصلة وحكم نوازل معينة لا مطلقًا، بدليل قول الخضر لموسى: أنك على علم علمكه الله لا أعلمه أنا، وأنا على علم علمنيه لا تعلمه أنت، فهذا يدل على أنه ليس أعلم منه مطلقًا، ظاهر هذا؟

المقدم: نعم.

 وعلى هذا فيصدق على كل واحد منهما أنه أعلم من الآخر بالنسبة إلى ما يعلمه كل واحد منهما ولا يعلمه الآخر، قال ابن حجر: قوله هو أعلم منك، ظاهر في أن الخضر نبي، بل نبي مرسل، إذ لو لم يكن كذلك للزم تفضيل العالي على الأعلى، وهو باطل من القول، يعني لو قلنا: إن الخضر ليس بنبي، بل هو ولي، للزم من ذلك تفضيل الولي على النبي يقول: ظاهر، وقوله: هو أعلم منك ظاهر في أن الخضر نبي، بل نبي مرسل، إذ لو لم يكون كذلك للزم منه تفضيل العالي على الأعلى، وهو باطل من القول، ولهذا أورد الزمخشري سؤالًا وهو دلت حاجة موسى إلى التعليم من غيره، الزمخشري أورد سؤالًا قال: دلت حاجة موسى إلى التعليم من غيره أنه موسى بن ميشا، كما قيل؛ إذ النبي يجب أن يكون أعلم أهل زمانه، إذ النبي يجب أن يكون أعلم أهل زمانه، فاستدل بكون الخضر أعلم من موسى على أنه ليس موسى  بني إسرائيل النبي المعروف، يعني نفس دعوى نوف في كلام نَوف قلت لابن عباس: إن نوفًا البكالي يزعم أن موسى ليس بموسى بني إسرائيل إنما هو موسى آخر، وموسى بن ميشا الذي ذكره الزمخشري، ولعل حجة نوف هي السؤال الذي أورده الزمخشري.

وأجاب عنه: بأنه لا نقص بالنبي في أخذ العلم من نبي مثله، يستفيد كل واحد منهما من الآخر. قلت -القائل ابن حجر-: وفي الجواب نظر؛ لأنه يستلزم نفي ما أوجب، والحق أن المراد بهذا الإطلاق تقييد الأعلمية بأمر مخصوص؛ لقوله بعد ذلك أني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه، والمراد بكون النبي أعلم أهل زمانه، أي ممن أرسل إليه، ولم يكن موسى مرسلًا إلى الخضر، لا شك أن الخضر لم يتدين بشريعة موسى –عليه السلام-، ويسوغ له الخروج عن شريعة موسى، لماذا؟ لأن موسى أرسل إلى قومه خاصة، لكن لا يرد مثل هذا في خروجه عن شريعة محمد –عليه الصلاة والسلام-؛ لأن من زعم أنه يسعه الخروج، أنه يسعه الخروج عن شريعة محمد –عليه الصلاة والسلام- كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى هذا كافر إجماعًا، هذا من النواقض، ولم يكن موسى –عليه السلام- مرسلًا إلى الخضر، وإذًا فلا نقص به إذا كان الخضر أعلم منه إن قلنا إنه نبي مرسل، أو أعلم منه في أمر مخصوص إن قلنا إنه نبي أو ولي، وينحل بهذا التقدير إشكالات كثيرة، وينحل بهذا التقرير إشكالات كثيرة.

 يعني يتصور أن يكون ولي وأعلم من موسى، يعني لا يتصور أن يكون ولي بعد بعثة محمد أعلم منه، ولو بجزئية من الجزئيات، بل النبي –عليه الصلاة والسلام- أعلم مطلقًا من كل أحد ممن أرسل إليه، لماذا؟ لأنه لا مصدر لنا في التلقي إلا عن طريقه، فلا علم لنا إلا مما جاءنا عنه –عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا قلنا: إن الخضر لا يتدين بشريعة موسى، وموسى على علم، إذًا الخضر له مصدر غير موسى، فيحتمل أن يكون عنده علم لا يوجد عند موسى، وهذا هو الواقع الذي يقرره القرآن في سورة الكهف، وأيضًا هذا الحديث، أو أعلم منه في أمر مخصوص إن قلنا: إنه نبي أو ولي، وينحل بهذا التقرير إشكالات كثيرة.

 ومن أوضح ما يستدل به -كلام ابن حجر يقول-: من أوضح ما يستدل به على نبوة الخضر قوله: {وما فعلته عن أمري}، يعني أنه مأمور بفعله، مأمور بفعله، ما فعله بأمره هو، يقول وينبغي اعتقاد كونه نبيًّا، ينبغي اعتقاد كونه نبيًّا؛ لئلا يتذرع بذلك أهل الباطل، لئلا يتذرع بذلك أهل الباطل في دعواهم أن الولي أفضل من النبي، حاشا وكلا، كما يقول قائلهم:

مقام النبوة في برزخ             فويق الرسول ودون النبي

 أو العكس.

المقدم: مقام النبي.

نعم مقام النبوة في برزخ               فويق الرسول ودون الولي

نسأل الله العافية، قال: يا ربي، وكيف به؟ أي كيف السبيل إلى لقائه؟ أي كيف السبيل إلى لقائه؟ قال القرطبي في تفسيره: فلما سمع موسى هذا تشوفت نفسه الفاضلة وهمته العالية لتحصيل علم ما لم يعلم، وللقاء من قيل فيه إنه أعلم منك، فعزم فسأل سؤال الذليل بكيف السبيل؟ فسأل سؤال الذليل يعني المتواضع المتذلل لله -جل وعلا- وللعلم به، فسأل سؤال الذليل بكيف السبيل؟ فأُمر بالارتحال على كل حال، فقيل له: احمل حوتًا أي سمكًة، قيل: حمل سمكة مملوحة، قاله الكرماني، مملوحة دل على أنها...

المقدم: ميتة.

هي ميتة على كل حال، وتملح من أجل أن...

المقدم: يبقى اللحم لا يتعفن.

نعم، قاله الكرماني في شرح العيني ما كانت إلا شق سمكة، وفي حياة الحيوان للدميري: الحوت السمك، والجمع أحوات وحِوتة وحيتان، قال الله تعالى: {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ} [الأعراف: 163] حياة الحيوان للدميري هذا متخصص في الحيوان، كتاب ذكر فيه الحيوانات ما وقف عليه منها، مرتب على الحروف، وفيه فوائد، وفيه علوم واستطرادات لا تخص الحيوان، استطرادات كثيرة جدًّا، وفيه مما يتعلق بالحيوان أمور نافعة جدًّا. لاسيما في بيان حقيقته وفي حكمه الشرعي، وهناك أيضًا خرافات كثيرة جدًّا تتعلق بخواصه، وبرؤيته في المنام، وفيه طلاسم أيضًا، من طلاسم أقرب ما تكون إلى أفعال السحرة، كأنها رموز إلى شياطين، يعتقد نفعها- نسأل الله السلامة والعافية-.

وعلى كل حال الكتاب بحاجة إلى تهذيب، وإلا ففيه نفع، أقول: فيه نفع لاسيما في بيان الحكم الشرعي في كل حيوان؛ لأنك في كتب الفقه قد تبحث عن حيوان ما تجد حكمه الشرعي، فهو يذكر الحكم الشرعي بدليله، فهو من هذه الحيثية نافع جدًّا، وإن كان من وجهة نظر مذهبه الشافعي، لكن يبقى أنه نافع جدًّا هذا الكتاب، وفيه هذه الطلاسم ينبغي أن يُجرد عنها، فلو جُرِّد عنها خرج في مجلد لطيف، ينبغى أيضًا أن يجرد عن الاستطرادات التي لا يحتاجها القارئ الذي يريد ما يتعلق بالحيوان، يعني في مناسبة من المناسبات ذكر تواريخ الخلفاء كلهم، ذكر من التواريخ وقصصًا أدبية وأمورًا لأدنى مناسبة ذكر فيها هذا الحيوان.

في مكتل المكتل بكسر الميم وفتح الفوقانية كمنبر، وفتح الفوقانية المثناة: الزنبيل، قاله الكرماني، وفي عمدة القاري: ويقال: الزنبيل، ويقال: القفة، ويقال: فوق القفة والزنبيل، وفي العباب: المكتل يشبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعًا، المكتل يشبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعًا، مر بنا العباب مرارًا.

المقدم: للصاغاني.

الصاغاني، نعم، فإذا فقدته أي الحوت فهو ثَمَّ، فهو ثم أي العبد الأعلم منك ثم أي هناك، أي العبد الأعلم منك ثمَّ أي هناك، وثَم بفتح المثلثة ظرف بمعنى هناك، وهو للتبعيد بمنزلة هنا للقريب، وهو للتبعيد بمنزلة هنا للقريب، وفي مفردات الراغب، الراغب الأصفهاني مفردات القرآن، مفردات في غريب القرآن، وهو كتاب نافع جدًّا في هذا الباب، ثَمَّ إشارة إلى المتبعد عن المكان، وهنالك للتقرب، وهما ظرفان في الأصل وهما ظرفان في الأصل، وقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا} [الإنسان: 20] يقول: فهو في موضع المفعول، يعني رأيت ثم، رأيت ثم كأنه رأى.. لاحظ هذه، يقول: فهو في موضع المفعول، ومثله في بصائر ذوي التمييز نقل الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز، نقل كلام الراغب بحروفه ولم يتعقبه، فبناءً على أن ثمَّ هنا مفعول، رأيت ثمَّ.

المقدم: يعني لم يتعقبه، دليل على موافقته له.

هذا الأصل، لكنه في القاموس تعقبه، في القاموس وشرحه الزبيدي تاج العروس، وهذا من أوسع كتب اللغة، يعني تم طبعه في أربعين مجلدًا في الكويت، مجلدات كبار في طبعة رائعة فاخرة، فيوصى طالب العلم بها؛ لأنه أوسع كتاب موجود بين أيدينا الآن في اللغة، وقالوا: إن فيه مائة وعشرين ألف مادة، يعني ضعف ما في أصله، القاموس فيه ستون، ولسان العرب فيه ثمانون، وهذا فيه مائة وعشرون ألف مادة، وفيه بسط للمسائل مفردات اللغة.

المقدم: يعني اسمه.

تاج العروس من جواهر القاموس، يعني طبعه يمكن استغرق أربعين سنة، خرج في أربعين مجلدًا محققًا، وإن كانت الطبعة الأولى المطبعة الوهبية خمسة مجلدات ما كملت نصف الكتاب.

المقدم: الذي كان متداولًا بين الناس هي الطبعة القديمة؟

يبقى المتداول الطبعة التي بعدها بعد القديمة الوهبية خمسة ما كملت.

المقدم: ما كملت.

التي بعدها طبعة المطبعة الخيرية هذه كملت في عشرة أسفار كبار، وحقق في أربعين، فطالب العلم لا يستغني عنه.

 في القاموس نعود إلى كلام صاحب القاموس ومع كلام الشارح، وثَمَّ بالفتح: اسم يشار به بمعنى هناك للمكان البعيد بمنزلة هنا للقريب، وهو ظرف لا يتصرف، قال الله -عز وجل-: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا} [الإنسان: 20] قال الزجاج: ثمّ يعني به الجنة، فقول من أعربه مفعولًا لرأيت في قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ} [الإنسان: 20] وهمٌ. هناك في المفردات أعربه مفعولًا، وأقره في بصائر ذوي التمييز، وقوله: فقول من أعربه مفعولًا لرأيت في قول الله -جل وعلا-: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ} [الإنسان: 20] وهم.

يعني هل المرء ثمّ؟ أو إذا رأيت الجنة وما فيها من النعيم؟ يعني تأمل في الآية، يعني هل المرئي ثمّ لنعربها مفعولًا؟ هذه ليست بمفعول، المفعول في قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: 20] إذا رأيت الجنة هناك، إذا رأيت هناك الجنة، يعني إذا رأيت الجنة رأيت نعيمًا وملكًا كبيرًا، فالتوهيم ظاهر؛ لأن ثمّ ليست هي المرئية لتعرب مفعولًا، ولذلك تعقبه في القاموس فقول من أعربه مفعولًا لرأيت وهم.

فانطلق موسى -عليه السلام-، وانطلق بفتاه يوشع مجرور بالفتحة عطف بيان لفتاه يوشع، يوشع مجرور بالفتحة عطف بيان لفتاه، يعني ما جاز أن يكون عطف بيان يجوز أن يكون بدلًا، إلا في المسائل الثلاثة المعروفة:

وصالحً لبدلية يرى                       في غير نحو يا غلام يعمرا

إلى آخر كلام ابن مالك -رحمه الله-، فهو عطف بيان أو بدل، قال: عطف بيان لفتاه غير منصرف؛ للعجمة والعلمية، لكن هذا لا يمكن أن يكون أيضًا ممنوعًا لثلاث علل، لثلاث علل العجمة والعلمية وزن الفعل، وإذا منع الاسم لثلاث علل، ثم جاء ما يرفع واحدة من هذه العلل أو رافع من الروافع مثل ما تقدم لنا قديمًا في أول الكتاب في حِمص أنه ممنوع من الصرف لثلاث علل، العجمة والعلمية والتأنيث، فكونه ثلاثيًّا ساكن الوسط.. هذا تقدم شرحه في حديث هرقل ثاني حديث في الكتاب أو ثالث حديث، إذًا ثلاثي ساكن الوسط، فهل كونه ثلاثيًّا ساكن الوسط يرفع علة واحدة ويبقي علتين فيستمر ممنوعًا من الصرف، أو يرفع جميع هذه العلل فيبقى مصروفًا، وهذا مجرد تذكير لما تقدم للربط، يعني هنا إذا قلنا إن ثلاث علل عجمة وعلمية.. هم نصوا على العجمة والعلمية، لكن لا يمنع أن يكون أيضًا وزن الفعل مانعًا من الصرف ثالثًا، في بعض نسخ الصحيح، صحيح البخاري: قال أبو عبد الله البخاري المؤلف يقال: بالسين وبالشين يوسع، ويوشع بن نون مجرور بالإضافة، ابن وصف ليوشع. ومنهم من يعربها بدلًا أو بيانًا أيضًا، ونون مجرور بالإضافة منصرف، نون منصرف.

نون عربي أم أعجمي؟

المقدم: عربي.

نعم

المقدم: نون عربي.

يعني هل تريد به الحرف؟ أو الحوت؟

المقدم: نون الحوت يا شيخ اسم طرق بفتاه يوشع بالنون.

هذا اسم الآن، لكن إذا قلت: إن العربي هو الرجل أعجمي وليس عربيًّا يوشع بن نون أعجمي، تدري أن إبراهيم أعجمي، ونوح أعجمي، لكن الفرق بين إبراهيم وبين نوح؟ إبراهيم ممنوع من الصرف، ونوح؟

المقدم: غير ممنوع.

غير ممنوع، لماذا؟ لأنه ثلاثي ساكن الوسط، ونون كذلك ثلاثي ساكن الوسط، منصرف كنوح ولوط على الفصحى، وفي رواية أبي ذر: وانطلق معه فتاه، فصرح بالمعية للتأكيد وإلا فالمصاحبة مستفادة من قوله: بفتاه، قاله القسطلاني.

 وحمل حوتًا، وفي رواية: وحملا حوتًا.

المقدم: يوشع بن نون سيأتي بيان له يا شيخ هو نبي أو غير نبي؟ وهل هو الذي ولاه موسى بعده في دخول الأرض المقدسة كما يزعم البعض.

يعني هذه التفصيلات تطول بنا، ومحلها معروف.

المقدم: لكن ما تصح نبوته؟

المعروف أنه فتاه، وجاء رجل من أقصى المدينة إلى آخرها هذا يوشع، وحمل حوتًا في رواية: وحملا حوتًا، ضمير إلى الاثنين، في مكتل كما وقع الأمر به حتى كان عند الصخرة التي عند ساحل البحر الموعود بلقي الخضر عنده، وحتى للغاية، وفي طريق للبخاري: وفي أصل الصخرة عين يقال لها: الحياة لا يصيب من مائها شيء إلا حيي، فأصاب الحوت من ماء تلك العين فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر، وفي بعضها فقال فتاه: لا أوقظه حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره، وأمسك الله عن الحوت حتى كأن أثره، حتى كأن أثره في حجر؛ لأنه في البحر فكأنه في حجر، وفي بعضها: فأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي يوشع أن يخبره، فنسي يوشع وحده، ونسب النسيان إليهما، فقال تعالى: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} [الكهف:61] الناسي يوشع.

 نعود من أول، في طريق البخاري: في أصل الصخرة عين يقال لها: الحياة لا يصيب من مائها شيء إلا حيي، فأصاب الحوت من ماء تلك العين فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر، وفي بعضها: فقال فتاه: لا أوقظه، النبي –عليه الصلاة والسلام- إذا نام لا يوقظ حتى يستيقظ من نفسه، هذا جاء في الحديث الصحيح، لا يوقظ، فلعل هذا أيضًا في شريعة موسى -عليه السلام-، فقال الفتى: لا أوقظه حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره، وأمسك الله عن الحوت حتى كأن أثره في حجر، وفي بعضها: فأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليهم مثل الطاق، فصار عليهم مثل الطاق، فلما استيقظ نسي يوشع أن يخبره، فنسي يوشع وحده، الناسي يوشع.

المقدم: ومع ذلك نسبها.

ونسب النسيان إليهما فقال تعالى: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} [الكهف:61]، كما قال -جل وعلا-: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}[الرحمن:22] وإنما يخرج من الملح، وقيل: نسي موسى أن يتقدم إلى يوشع في أمر الحوت، يعني نسي أن يسأله، نسي موسى أن يتقدم إلى يوشع في أمر الحوت، ونسي يوشع أن يخبره بذهابه، فالنسيان من الطرفين.

المقدم: أحسن الله إليك، لعلنا نقف عند هذا الحد على أن نستكمل بإذن الله ما تبقى في حلقة قادمة.

أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة شكرًا لطيب متابعتكم، لقاؤنا يتجدد بكم بإذن الله، وأنتم على خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.