بلوغ المرام - كتاب البيوع (03)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه ورقة فيها أكثر من بضعة عشر سؤالاً، الإجابة عنها يتعذر؛ لأن الأسئلة كثيرة، وإجابتها تطول، ولعل صاحبها أن يسأل على جهة الاستقلال، ويُجاب بخصوصه؛ لأن في أسئلة قد لا تهم السامعين، ولا علاقة لها بالدرس، وفيها أسئلة قوية وجيدة.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد:

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

وعن ميمونة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن فأرة وقعت في سمن فماتت فيه, فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها، فقال: ((ألقوها وما حولها, وكلوه)) رواه البخاري، وزاد أحمد والنسائي: "في سمن جامد".

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها, وإن كان مائعاً فلا تقربوه)) رواه أحمد وأبو داود، وقد حكم عليه البخاري وأبو حاتم بالوهم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذا الحديث محله كتاب الطهارة، لكن أورده المصنف هنا من أجل بيع السمن الذي وقعت فيه الفأرة فماتت، هل يجوز بيعه لأنه يمكن إلقاء الفأرة وما حولها؟ أو لا يجوز بيعه لأنه باشر النجاسة من ناحية؟ أدخله في كتاب البيوع من هذه الحيثية.

عن ميمونة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن فأرة وقعت في سمن فماتت فيه، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها فقال: ((ألقوها وما حولها، وكلوه)) وهذا الحديث في البخاري، سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عنها عن هذه الفأرة التي وقعت في السمن "فماتت فيه، فقال: ((ألقوها وما حولها)) رواه البخاري، وزاد أحمد والنسائي: "في سمن جامد" ويحتاج إلى انتباه مثل هذا.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه)) هذه الرواية موافقة لرواية أحمد والنسائي الماضية، الزيادة التي في الحديث السابق.

"رواه أحمد وأبو داود وقد حكم عليه الإمام البخاري بالوهم"، وقال: "أخطأ فيه معمر" والحكم بالوهم على رواية أبي هريرة، وإنما المحفوظ حديث ميمونة، يعني السامع لهذا الكلام يظن أن البخاري حكم على هذا الحديث بالوهم من رواية أبي هريرة، لكنه من رواية ميمونة محفوظ، رواية ميمونة هل هي بلفظ رواية البخاري؟ "إذا وقعت الفأرة في سمن فإن كان جامداً.." فيها التفصيل هذا أو التي تقدمت؟ التي تقدمت وليس فيها تفصيل، هذه رواية ميمونة، رواية ميمونة مطلقة، جاء القيد في زيادة أحمد والنسائي، يؤيد هذا القيد حديث أبي هريرة الذي حكم عليه البخاري بالوهم، وكذلك أبو حاتم كما حكاه عنه ابنه في علله، فهل نقول: إن حديث ميمونة مطلق، والزيادة عند أحمد والنسائي من حديث ميمونة، ويشهد لها حديث أبي هريرة الذي أورده المصنف قيد مؤثر فنفرق بين الجامد وبين المائع؟ أو نقول: ما دامت هذه الرواية محكوم عليها بالوهم فهي خطأ وقد أخطأ فيها معمر؟ والمحفوظ: الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة، وإذا كان الحديث عن ميمونة فحديث ميمونة الذي خرجه البخاري عندنا لفظه ما في قيد، إذا أجرينا القواعد من حمل المطلق على المقيد ماذا نقول؟ نحمل ما ورد في حديث ميمونة من إطلاق على ما جاء مقيداً في غيره، يعني رواية البخاري: "أن فأرة وقعت في سمن جامد وإلا مائع؟" مطلق، نعم؟ "فماتت فيه، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها فقال: ((ألقوها وما حولها)) رواه البخاري" مقتضى هذا أنه مطلق، ويشمل المائع والجامد سواء كان السمن مائعاً أو جامداً تلقى هذه الفأرة وما حولها، ويُستعمل.

القيد الذي جاء في زيادة أحمد والنسائي: "في سمن جامد" وفي حديث أبي هريرة قيد معتبر وإلا غير معتبر؟ إذاً المائع يلقى على كل حال، نقول مثل هذا الكلام لو كانت الروايات التي فيها التقييد لا كلام فيها، لكن الإمام البخاري وأبو حاتم حكما على حديث أبي هريرة بأنه وهم، وزيادة أحمد والنسائي مقتضى صنيع الإمام البخاري باقتصاره على الرواية المطلقة مع مسيس الحاجة إلى القيد، متقضى صنيعه الحكم عليها بأنها غير محفوظة، ومن حيث المعنى إذا وقعت الفأرة في سمن جامد تموت وإلا ما تموت؟ تموت؟ سمن جامد! هي تغاص بالجامد؟ نعم؟ تموت وإلا ما تموت؟

طالب:........

ما تغاص يا الإخوان، والموت سببه الغرق في هذا السمن، هذا من حيث المعنى، فالقيد المذكور في سمن جامد الذي يغلب على الظن عدم ثبوته، وأنه يبقى الحديث على عمومه وإطلاقه، كما خرجه الإمام البخاري، سئل عن فأرة وقعت في سمن فماتت فيه، فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها فقال: ((ألقوها وما حولها)) وهو يشمل الجامد والمائع، يبقى الحديث على إطلاقه، وعرفنا ما في حديث أبي هريرة من الكلام والحكم عليه بالوهم، نعم والرواية التي زادها أن أحمد والنسائي تخريج البخاري للحديث مطلقاً من غير قيد قد يُعل به زيادة أحمد والنسائي، ومن حيث المعنى المعنى ظاهر؛ لأن موت الفأرة في السمن سببه الغرق، ومعلوم أن الفأرة لن تغرق في سمن جامد، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ السمن يختلف عن الماء، السمن كثيف، الماء رقيق، الأثر الناشئ عن هذا الاختلاف أن النجاسة في السمن سريانها أقل من سريانها في الماء، الماء إذا وقت الفأرة وماتت أرقه، ماتت أرقه؛ لأنها تسري بسرعة، النجاسة، لكن في السمن ألقها وما حولها وينتهي الإشكال، ما يسري لأنه ثخين، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ نعيد وإلا ما نعيد؟

طالب:........

ثم جمد؟

لا، لا، النص ظاهر، أنت أدخل جامد في حديث البخاري لتأتي على رواية أحمد والنسائي: "أن فأرة وقعت في سمن جامد فماتت فيه" هذه رواية أحمد والنسائي "أن فأرة وقعت في سمن جامد فماتت فيه" نقول: يا إخوان الفأرة لا تموت في السمن الجامد إذا كان نهاية مدتها في هذه الدنيا حلت وهي فيه، مجرد ما وقت في هذا السمن جاءها أجلها هذا ما له أثر، وليس بمقصود؛ لأن "ماتت فيه" هذا وصف مؤثر، يعني افترض أنها وقعت في سمن مائع ولم تمت فيه، نعم؟

طالب:........

سائل نعم، جاء تحديده بما أخرجه ابن أبي شيبة من مرسل عطاء أنه يكون بقدر الكف، يقول الحافظ: "وسنده جيد".

طالب:........

نعم؟

طالب:........

الإخوان يقولون: ما المقدار الذي يلقى مما حولها؟ نعم نقول: جاء عند ابن أبي شيبة وغيره من مرسل عطاء أن ذلك يكون بقدر الكف، وسنده لا بأس به، لكنه يبقى أنه مرسل.

طالب:........

قطعاً ظرفية تقتضي هذا، لو وقعت الفارة وما ماتت استخرجناها حية تؤثر وإلا ما تؤثر؟

طالب: تؤثر.

تؤثر وإلا ما تؤثر؟ أولاً: سؤرها طاهر وإلا نجس؟ يعني افترض أنها شربت من هذا السمن، وما نزلت فيه إلا لتشرب، الفقهاء يقولون: سؤر الهرة وما دونها في الخلقة طاهر، هذه دونها في الخلقة، نعم؟ ويقرر أهل العلم أن النجاسة غير ملازمة للتحريم، لا تلازم بين النجاسة والتحريم، الحمار مثلاً عرق الحمار، ولعاب الحمار طاهر وإلا نجس؟ هل أثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على كثرة ما ركب، وصحابته ركبوا الحمار هل أثر عنهم أنهم يغسلون هذه الأمور؟ نعم؟

طالب:........

نعم ما دام هذا الحيوان وإن كان محرم الأكل وهو حي فهو طاهر، يبقى مسألة: مسألة تقزز النفوس كيف يستعمل الإنسان سمن وقعت فيه فأرة؟ هذه مسألة أخرى لا تعلق لها بالحكم الشرعي، هذه مردها إلى كون النفس تعاف هذا الأمر أو لا تعافه، وهذا كون النفس تعاف أو لا تعاف أيضاً يختلف باختلاف الأوقات، يعني في أيام الشح النفس ما تعاف شيء، لكن في أيام رغد العيش والسعة تعاف أدنى شيء، والله المستعان، نعم؟

طالب:........

من هو؟

طالب:........

أي هن؟

طالب:........

حاكم عليه البخاري وأبو حاتم بالوهم، تدور غير البخاري وأبو حاتم؟ نعم؟ الشيخ الألباني إمام في هذا الباب لكن عندنا كبار، الذين هم العمدة في الباب، يعني إذا مضى مدة يغلب على الظن أن النجاسة سرت والرائحة أنتنت يبقى المسألة مسألة النتن حكمه غير التلبس بالنجاسة، نعم إذا انتن الطعام، ولو ما وقع فيه نجاسة يؤكل وإلا ما يؤكل؟ نعم؟

طالب:........

جاء في الحديث: إذا صاد الصيد وغاب عنه فوجده ميتاً فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((كله ما لم ينتن)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- أضافه اليهودي على خبز شعير وإهالة سنخة، متغيرة، فيها رائحة، فيجمع بين الخبرين أنه فرق بين نتن ونتن، يعني بداية التغير مقبول، يعني ولا يترتب عليه ضرر، لكن إذا استحكم التغير وأنتنت واشتد نتنها هذه لا شك أنها ضارة، فلا تأكل.

طالب:........

وكلها........... كلها يرمى، نعم؟

طالب:........

لا هو أولى بهذا من الماء؛ لأن الماء سريان النجاسة فيه أسرع من سريانه في السمن؛ لأنه كثيف السمن، لكن أنت لو أتيت بالقلم مثلاً وعندك سطل ماء، وفتحت الأنبوب حقه، وأنزلت الحبر في السطل، تشوف سريان الحبر في الماء لكن ببطء، مو على طول يصير أزرق لا، أو أسود فيه يتخذ طرق يمين ويسار إلى أن يستقر فيغير في الماء، لكن السمن ما يغير هذا التغيير أبداً إلا إذا طبخ معه، ولذلك تجدون السمن أحياناً يكون أبيض، وأحياناً يكون أصفر؛ لأنه يطبخ معه مواد، فتغير في لونه إيش تقول: يا أبو عمر؟ التخريج؟

طيب، يقول: أخرجه الإمام أحمد وأبو داود من حديث معمر عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب.

من أين تخريجها؟

طالب: طارق عوض الله.

كمل.

طالب: طيب، يقول: أخرجه الإمام أحمد وأبو داود من حديث معمر عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً به، قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في العلل الكبير: وهم فيه معمر ليس له أصل، وقال أبو حاتم كما في العلل لأبنه: هذا وهم، والصحيح الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن القيم -رحمه الله- في تهذيب السنن: حديث الفأرة تقع في السمن قد اختلف فيه إسناداً ومتناً، والحديث من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه سمع ابن عباس يحدث عن ميمونة ولفظه: أن فأرة وقعت في سمن فماتت فسئل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ألقوها وما حولها وكلوه)) رواه الناس عن الزهري بهذا المتن والإسناد.

من غير قيد بكونه جامداً.

نعم، عفا الله عنك.

ومتنه خرجه البخاري في صحيحه والترمذي والنسائي وأصحاب الزهري كالمجمعين على ذلك، وخالفهم معمر في إسناده ومتنه، فرواه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال فيه: ((إن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه))، ولما كان ظاهر هذا الإسناد في غاية الصحة صحح الحديثُ جماعة.

الحديثَ، الحديثَ.

عفا الله عنك.

صحح الحديثَ جماعة، وقالوا: هو على شرط الشيخين، وحكي عن محمد بن يحيى الذهلي تصحيحه...

على شرط الشيخين لأن الشيخين خرجا لرجاله بأعيانهم فهو على شرطهما، هذا لو كان محفوظاً، أما لو كان خطأ أخطأ فيه معمر كما نص على ذلك إمام الصنعة الإمام البخاري فلا، نعم.

عفا الله عنك.

ولكن أئمة الحديث طعنوا فيه، ولم يرووه صحيحاً، بل رأوه خطأ محضاً.

قال الترمذي في جامعه: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب في هذا خطأ، وقد أشار أيضاً إلى علة حديث معمر من وجوه فقال: باب: إذا وقعت في السمن الجامد أو الذائب، ثم ذكر حديث ميمونة وقال عقبه: قيل لسفيان: فإن معمراً يحدثه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: ما سمعت الزهري يقول: إلا عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولقد سمعته منه مراراً، ثم قال: حدثنا عبدان، قال: حدثنا عبد الله عن يونس عن الزهري سئل عن الدابة تموت في الزيت والسمن وهو جامد أو غير جامد، الفأرة أو غيرها، قال: بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بفأرة ماتت في سمن فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل، فذكر البخاري فتوى الزهري في الدابة تموت بالسمن وغيره الجامد والذائب أنه يؤكل، واحتجاجه بالحديث من غير تفصيل دليل على أن المحفوظ من رواية الزهري إنما هو الحديث المطلق الذي لا تفصيل فيه، وأنه مذهبه، فهو رأيه وروايته، ولو كان عنده حديث التفصيل بين الجامد والمائع لأفتى به واحتج به، فحيث أفتى بحديث الإطلاق واحتج به دل على أن معمراً غلط عليه في الحديث إسناداً ومتناً، ثم قد اضطرب حديث معمر فقال عبد الرزاق عنه: فلا تقربوه، وقال عبد الواحد بن زياد عنه: إن كان ذائباً أو مائعاً لم يؤكل، وقال البيهقي: وعبد الواحد بن زياد أحفظ منه، يعني من عبد الرزاق، وفي بعض طرقه: فاستصبحوا به، وكل هذا غير محفوظ في حديث الزهري، يقول: راجع العلل للدارقطني والتنقيح لابن عبد الهادي والتخليص الحبير، انتهى.

الحديث الذي يليه.

عفا الله عنك.

وعن أبي الزبير قال: سألت جابراً عن ثمن السنور والكلب? فقال: "زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك" رواه مسلم والنسائي وزاد: "إلا كلب صيد".

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن أبي الزبير" محمد بن مسلم بن تدرس، المعروف بالرواية المكثر عن جابر -رضي الله عنه- المعروف بالتدليس أيضاً، وتدليسه في صحيح مسلم محمول على الاتصال؛ لأن مسلم تلقته الأمة بالقبول، وهكذا سائر روايات المدلسين في الصحيحين محمولة على الاتصال وليس لأحد كلام فيها، وأن من تكلم فيها محجوج باتفاق من قبله من أهل العلم، سوى الأحرف اليسيرة التي تكلم عليها الحفاظ، وما عدا ذلك فهو متلقى بالقبول.

يقول: "وعن أبي الزبير -رضي الله تعالى عنه- قال: سألت جابراً عن ثمن السنور" بكسر السين المهملة وتشديد النون هو الهر كما في القاموس وغيره، والهر له أسماء كثيرة، منها هذا، ومنها الهر، ومنها القط، ومنها أسماء كثيرة، عرضه أعرابي للبيع فجاء شخص فقال: كم تبيع القط؟ فعرضه بالثمن، ثم قبله، جاء آخر كم تبيع السنور؟ قال: بكذا، ما قبله، كم تبيع الهر؟ كم تبيع كذا؟ إلى أن أتى على أسمائه عدد من الأشخاص بعدد الأسماء، فقال: لا بارك الله في سلعة كثرت أسماؤها وقل ثمنها، هو معروف بكثرة الأسماء من بين الحيوانات، المقصود أنه معروف يسمونه العامة؟

طالب: بَس.

إيش؟

طالب: بَس.

بالفتح وإلا بالكسر؟

طالب:........

بالفتح؟ بَس؟

طالب: بَس.

لا، لا، هذه أوقعت في حرج كبير، العامة يكسرون الباء في جهة من الجهات يفتحونها بَس، مثلما قال سليمان، فواحد عرض على صديق له أن يكرمه بضيافة، قال: لا أريد أن تتكلف رز وبس،...... يقول: لما قدم الصحن وإذا عليه رز وعليه...، قال: يا أخي هذا طلبك، لا هو بكسر الباء عند العامة، وإلا ما أدري هل لها أصل هذه التسمية وإلا لا؟

"سألت جابراً عن ثمن السنور والكلب، فقال: زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك" أما بالنسبة للكلب فسبق الكلام فيه، وأن بيعه حرام، ونهى عن ثمن الكلب كما تقدم، ومهر البغي، وحلوان الكاهن، وهنا عن ثمن السنور والكلب، "فقال: زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك" فكل من السنور والكلب لا يجوز بيعه، لكنهما متفاوتان كتفاوت ما تقدم، بيع الكلب هل هو مثل حلوان الكاهن؟ لو أن شخصاً باع كلباً، لا سيما إذا كان معلماً أو يستفاد منه فائدة، ليس مثل حلوان الكاهن، وليس بمنزلة مهر البغي، فدلالة الاقتران ضعيفة عند أهل العلم، وهنا السنور يختلف فيه أهل العلم، أشد من اختلافهم في الكلب المعلم، وأجازه بعضهم وقال: إن الزجر هذا لمجرد الكراهة، والآن في المحلات محالات الأحياء الجميلة التي يسمونها يبيعون كل شيء، والله المستعان، لكن ما دام ثبت الخبر في الزجر عن بيعه فبيعه ممنوع، لا يجوز بيعه، على خلاف بين أهل العلم في السنور هل هو زجر ونهي كراهة أو تحريم؟ لكن الأصل أنه إذا نهى أو زجر فالأصل المنع والتحريم. "زجر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك" رواه مسلم" وزاد والنسائي، وزاد يعني النسائي: "إلا كلب صيد" وتقدم الكلام في هذا لأن الصيد منفعة مباحة فأجيز بيعه، أبيح بيعه، وحمل الخبر على غير المعلم على هذه الرواية؛ لأن فيه منفعة مباحة، والذي يمنع بيعه مطلقاً يشترط في نفع العين ألا تكون مقترنة بالحاجة، ونفع الكلب مقترن بالحاجة، ولذا يشترطون في صحة البيع أن تكون السلعة مباحة النفع لغير حاجة، يعني من غير احتياج إليها، يعني نفعها مطلق غير مقرون بالحاجة، زيادة النسائي: "إلا كلب صيد" التي رواها النسائي هذه الزيادة حكم عليها النسائي بأنها منكرة، ومرة قال: "ليست صحيحة" يبقى الحديث على إطلاقه، وأن الكلب لا يجوز بيعه مطلقاً، لكن من احتاجه وصاحبه لا يدفعه إليه، محتاج إلى كلب زرع، محتاج إلى كلب ماشية، محتاج إلى كلب صيد، صاحبه لا يبذله له، مثلما قلنا سابقاً: إن الشراء أمره أخف من أمر البيع، كما في المواد المتنجسة التي تستعمل في خدمة الزراعة، نعم.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية, فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت, فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم; فأبوا عليها, فجاءت من عندهم ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم, فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرت عائشة -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء, فإنما الولاء لمن أعتق)) ففعلت عائشة, ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد, ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله تعالى، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل, وإن كان مائة شرط, قضاء الله أحق, وشرط الله أوثق, وإنما الولاء لمن أعتق)) متفق عليه, واللفظ للبخاري، وعند مسلم قال: ((اشتريها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءتني بريرة" بريرة مولاة كانت لأناس من الأنصار، ثم انتقل ولاؤها إلى عائشة كما في الحديث، وفيها ورد سنن بسببها، منها هذا، ما ذُكر، ومنها: أنها أعتقت وكانت تحت عبد يسمى مغيث فخيرت، ومنها: أنه يتصدق عليها فيأكله من لا تحل له الصدقة من باب الهدية، وسنن كثيرة، وقصتها سواء كانت في هذا الباب، أو في باب النكاح وعتق المرأة تحت العبد كثيرة جداً، استنبط من قصتها أهل العلم فوائد كثيرة، ولخصها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، فليرجع إليه.

تقول: "جاءتني بريرة" بريرة هذه وإن كانت أمة إلا أن لها شأن، سألها النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عائشة فوثقتها، وقبل أهل العلم توثيق المرأة استناداً إلى خبرها، وقبلوا أيضاً توثيق غير الحر استناداً إلى توثيقها لعائشة -رضي الله عنها-، وإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذا التوثيق، فتعلق بسببها أو وجد بسببها أحكام، وحياتها وسيرتها وما حصل لها ينبغي أن تكون محل عناية لطالب العلم؛ لأنه تعلق بها مثل هذه الأحكام العظيمة.

"جاءتني بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي" وهم ناس من الأنصار كما بين ذلك النسائي، والمكاتبة مفاعلة، كاتبت مفاعلة، والأصل في المفاعلة أن تكون بين طرفين، يكتب له ويرد عليه كتابة، فهي مكاتبة مفاعلة، وهنا المراد بالمكاتبة ما يكتبه السيد من وثيقة تتضمن بيع العبد على نفسه بثمن يتفق عليه، ويشترط الشافعي أن يكون الثمن منجماً، يعني مقسط على أكثر من نجم، ويجيز الجمهور أن يكون على نجم واحد، يحل في مدة لا تشق على المكاتب، هذه هي المكاتبة: بيع العبد على نفسه، كتابة السيد الوثيقة على عبده ببيعه على نفسه بثمن معلوم، بأجل معلوم أيضاًَ، ويبقى حكمه حكم الأرقاء ما بقي عليه درهم، والمكاتبة جاء الأمر بها بقوله -جل وعلا-: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النــور] ولذا أوجب جمع من أهل العلم الكتابة، والمكاتبة بيع العبد على نفسه، ومنهم من أوجبها إذا تحقق الشرط، إن علم فيه خيراً، يعني علم فيه القدرة على الوفاء، والمراد أيضاً ما يعم ذلك وغيره، يعني ينفع نفسه وينفع غيره، أما إذا كاتبه وصار كلاً على الناس، يتكفف الناس ليجمع الأقساط، ونجوم الكتابة، ثم يتكفف الناس للاقتيات، مثل هذا ما علم فيه خير؛ ولأن الخير في الأصل المال، وترك خيراً الوصية المال، هذا......عند بعضهم، لكن الخير أعم من ذلك، إذا كان هذا العبد المراد كتابته إذا تحرر وتخلص من الرق وتفرغ لعبودية الله -جل وعلا- على مراده ولطلب العلم، رئيت فيه علامات النجابة والنباهة لنفع الأمة مثل هذا علمنا فيه خير، وبضد هذا إذا عرفنا أن هذا العبد الذي يطلب الكتابة قد يتضرر الناس من تفرغه من عمل سيده، يتفرغ لأذى الناس وسرقات، فمثل هذا لا يكاتب، ولذا القيد في الآية معتبر {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النــور] ولهذا من عُلم فيه الخير سواء كان عبداً أو حراً ينبغي أن يعان ليتحقق هذا الخير، ويزداد هذا الخير على يديه، أما من علم عنه خلاف ذلك ينبغي أن يضيق عليه، ولا يعان على ما يحقق به شره، ولذا المرجح عند عامة أهل العلم أن العاصي لا يترخص في السفر، لماذا؟ لأن هذا الرخص توفر له الجهد والوقت الذي يغتنمه ويستغله في معصيته، فلا يرخص له، خلافاً لمن أجاز ذلك، المقصود أنه إذا علم فيه الخير اتجه القول بالوجوب، وإن كان رأي الجمهور أنه ملكه وهو صاحب الشأن، والأمر إليه، إن شاء كاتبه، وإن شاء لم يكاتبه، فيبقى الأمر للاستحباب.

"كاتبت أهلي على تسع أواق" الأوقية كما تقدم: أربعون درهماً، فقيمتها تسعة في أربعين؟ بثلاثمائة وستين درهماً، على أقساط "في كل عام أوقية" على تسع سنوات "فأعينيني" لكي أسدد هذه الأقساط، فعرضت عليها عرضاً مغري أنها تخلصها حالاً وفوراً؛ لأن الذمة تبقى مشغولة لمدة تسع سنوات دين في ذمتها، أفضل منه أن ينقد الثمن الآن، وهذا في عرف الناس عرض مغري "إن أحب أهلك أن أعدها لهم" تسع نقد الآن، "ويكون ولاؤك لي فعلت" الولاء ينتج عنه النصرة، وأيضاً الحق من إرث وغيره، لا شك أن من كان ولاؤه لشخص من الأشخاص أن عليه حق له ليس مثل البعيد، ولذا يرثه إذا مات، ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم: يدفع الثمن كامل الآن، ويكون الولاء للدافع وهو عائشة -رضي الله عنها-، فأبوا ذلك عليها، يعني يكفينا أن يكون أقساط، لكن الولاء يستمر لنا، فجاءت من عندهم لتخبر عائشة -رضي الله عنها- بما قالت وما قيل لها، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، والجملة حالية.

فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، النبي -عليه الصلاة والسلام- سمع هذا الكلام، فأخبرت عائشة النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)) حكم شرعي: "الولاء لمن أعتق" ومثل هذا الحكم لا يؤثر فيه الاشتراط، يعني كأن شخصاً اشترى سلعة أرض مثلاً بنية التجارة، وقال له البائع: خذها بثمن كذا، ولا تزكيها خلاص، ما عليك زكاة، أو الزكاة عليّ، الحكم الشرعي المتقرر لا تلغيه الشروط، فمثل هذا الحكم حكم عام للناس كلهم، الولاء لمن أعتق، لا يستثنى منه أحد، هل يملك شخص من الأشخاص أن يقول: أنت إذا صليت الجمعة خلاص لا تصلي غيرها، يكفي منك أن تصلي الجمعة؟ ما يملك، هذا حكم شرعي ما يملكه أحد، ولا يملك تغييره مهما بذل الشخص، المقصود أن مثل هذه أحكام شرعية لا يملك أحد تغييرها، ولهذا قال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)).

والذي يغلب على الظن أن هؤلاء أعني الجماعة من الأنصار، الذي كانت بريرة مولاة لهم يعرفون هذا الحكم، أن الولاء لمن أعتق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بينه أبلغ بيان، ومع ذلك اشترطوا أن يكون الولاء لهم، فخالفوا على بصيرة، نأتي بمثال قد ينشط بعض الإخوان، يذكر أن مزارعاً مر به الساعي وماله أنصبة ما هو بنصاب واحد، فكأنه أكرمه فرق لحاله وكذا، وقال: أنت..... ما عليك زكاة هذه السنة، فتحدث بها في مجلس فيه واحد من المشايخ، قال: الحمد لله مر بنا الساعي وقال: أنت ما عليك زكاة، قال: ألحقه، اتبعه وهو في البلد الفلاني الآن لعله أن يعفيك من الصلاة بعد، هذه أمور ما يملكها أحد، إذا تقرر بالنصوص الشرعية ما يملكها أحد، ولذا الذي ما يفهم حقيقة الحال يشكل عليه الحديث؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((اشترطي لهم الولاء)) ويقول هذا تغرير بهم؛ لأنهم أقدموا على أساس أن الولاء لهم؟ لا، حكم شرعي ثابت بين بأبلغ بيان من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك قال: ((اشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)) ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس فحمد الله، وأثنى عليه، كما هي عادته في خطبه -عليه الصلاة والسلام- يفتتحها بالحمد والثناء، ثم يقول: أما بعد: وهذه سنة في الخطب، جاءت من أكثر من ثلاثين طريق عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما بعد بهذا اللفظ، وإبدال أما بالواو جرى عليه المتأخرون، لكنها لا تتأدى بها السنة، أما بعد، و(أما) حرف شرط وتفصيل، و(بعد) قائم مقام الشرط مبني على الضم؛ لأنه حذف المضاف مع نيته، وجواب الشرط الأصل أن يقترن بالفاء، يعني الأصل أن يقال: أما بعد فما بال رجالٍ، ولعل الفاء سقطت من نقل الرواة أو الناسخ، وما أشبه ذلك، وإلا فالأصل أنها لا بد أن توجد في جواب الشرط.

طالب: مثبت.

نعم؟

طالب: مثبتة عندي.

عندك؟ ويش يقول؟

يقول: أما بعد فما بال....

هذا الأصل نعم، هذا الأصل لا بد أن تقترن بالفاء.

طالب: ونسخة أخرى بدون....

لا، لا، الصواب بالفاء، أما بعد ما بال رجال، بعض الناس يقول: ثم أما بعد، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ثم أما بعد، هذه (ثم) لا قيمة لها هنا، لكن لو قال: أما بعد، ثم احتاج إلى الانتقال من أسلوب إلى آخر، أو من موضوع إلى آخر، ثم قال: أما بعد لا بأس؛ ليعطف الثاني على الأولى.

((أما بعد ما بال رجالٍ يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله)) هذا الأدب النبوي في الخطب أنه لا يعين الأشخاص، ولا يواجههم بما يحرجهم أمام الناس، بل يعمم -عليه الصلاة والسلام-، ما بال رجال، ما بال أقوام، هذا هو الأدب النبوي في الخطب، ولذا تعيين الأشخاص في الخطب على خلاف هديه -عليه الصلاة والسلام-.

((ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله -عز وجل-)) هل يلزم أن تكون الشروط كلها في كتاب الله؟ أو المراد بكتاب الله هنا حكم الله الذي هو أعم من القرآن فيشمل السنة؟ نعم؛ لأن قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما الولاء لمن أعتق)) هذا في كتاب الله أو في سنته -عليه الصلاة والسلام-؟ في سنته وسنته من حكم الله -عز وجل-.

((ما كان من شرطٍٍ ليس في كتاب الله فهو باطل)) ما كان من شرط ليس في كتاب الله ليس في حكم الله فهو باطل؛ لمعارضته لحكم الله، وكل ما يعارض حكم الله -جل وعلا- يضرب به عرض الحائط، لكن هناك شروط جائزة، وهناك شروط فاسدة لاغية، والعقد يبقى صحيح، وهناك شروط تأتي على العقد بالبطلان إذا كانت تنافي مقتضاه، وتفصيل هذه الأمور في كتب الفروع.

((وإن كان مائة شرط)) يعني ولو أكد مائة مرة ((قضى الله أحق، وشرط الله أوثق)) يعني ما يشترطه الله -جل وعلا- ويقضيه من أحكامه ويبرمه لا شك أنه أحق بالوفاء وأوثق في الثبوت من غيره، ((وإنما الولاء لمن أعتق)) متفق عليه، واللفظ للبخاري، وعند مسلم فقال: ((اشتريها وأعتقيها واشترطي لهم الولاء)) اشترطي لهم هل هو على ظاهره؟ أو أن اللام بمعنى على؟ الشافعي والمزني يقولا: اشترطي عليهم، مو اشترطي لهم، معنى لهم عليهم، وبعضهم يستدل على هذا ببعض الآيات، يعني: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [(7) سورة الإسراء] يعني عليها، {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [(107) سورة الإسراء] يعني يخرون على الأذقان والحروف تتناوب، الحروف ينوب بعضها عن بعض، ومر بنا مراراً أن تضمين الأفعال أولى من تضمين الحروف، وهذا ما يقرره شيخ الإسلام ابن تيمية، وعلى كل حال هذا أعني تقارب الحرفين هنا، وأن معنى لهم عليهم مقبول لولا أن السياق يأباه، اشترطت عليهم في أول الأمر فما قبلوا فكيف يقول ثانية وهم ما قبلوا "اشترطي عليهم"؟ ثم بعد ذلك يقوم -عليه الصلاة والسلام- ويخطب ويعرض بهم ((ما بال أقوام)) وقد اشترطت عليهم؟ اشترطت عليهم في أول الأمر ما قبلوا، وقالوا: لا بد أن يكون الولاء لنا، وحينئذٍ يكون هذا التأويل ضعيف يرده السياق، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ لأنه لو اشترطت عليهم وقبلوا نعم ما احتاج الأمر إلى هذه الخطبة، ولا التعريض بهم، نعم؟

طالب:........

هذا يأتي في كتاب العتق، نعم؟

طالب:........

هو مضعف، لكن مثل الرقيق إذا كوتب ثم بقي عليه نجم واحد وأعجز نفسه قال: عجزت، ما قدرت، يعود رقيقاً، هل يعيد السيد عليه ما أعطاه إياه؟ لا يعيده؛ لأنه من كسبه وهو وكسبه لسيده، نعم.

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد فقال: لا تباع, ولا توهب, ولا تورث, يستمتع بها ما بدا له، فإذا مات فهي حرة" رواه مالك والبيهقي وقال: "رفعه بعض الرواة فوهم".

وعن جابر -رضي الله عنه- قال: "كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد, والنبي -صلى الله عليه وسلم- حي, لا نرى بذلك بأساً" رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني, وصححه ابن حبان.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد" فقال في شأن أم الولد: "لا تباع، ولا توهب، ولا تورث" لماذا؟ لأن ولدها أعتقها، بولادتها صارت حرة في باب البيع والشراء، أما في باب الخدمة والمهنة والقسم، فهي لا تزال في حكم الإماء، ففيها شوب حرية، وفيها شوب رق، شوب حرية لأن ولدها أعتقها، فلا يجوز بيعها، وهذا منزع أمير المؤمنين عمر -رضي الله تعالى عنه-، وفيها شوب رق باعتبار أنها لا تعتق العتق التام إلا بوفاة سيدها، فهل تعامل معاملة الأحرار في عدم البيع فتدخل في حكم من باع حر فأكل ثمنه؟ أو تدخل في حكم الأرقاء في جواز البيع؛ لأن عتقها لم يحن إلا بوفاة سيدها؟ وهنا يمكن أن يستعمل قياس الشبه، وهذا فيما لو خلت المسألة عن النصوص؛ لأنها مشبهة للحر من وجه، ومشبهة للرقيق من وجه، عمر -رضي الله تعالى عنه- والخبر موقوف عليه، نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد، أم الولد هذه التي تلد بسبب وطء سيدها، لكن إذا ولدت من وطء غيره، إما بإنكاحها من رقيق، أو من حر لا يجد طول حرة، تصير أم ولد وإلا لا؟ فليست أم ولد هذه، بل ولدها رقيق مثلها؛ لأن الولد يتبع أمه حرية ورقاً، نهى عمر عن بيع أمهات الأولاد، وهذا الباب كله فيه غرابة وبُعد عن الواقع الذي نعيشه؛ لأنه لا يوجد هذا النوع من البشر، بل هو ملغى كما تعلمون، ولذلك أحكامه قد تخفى على بعض الخاصة، ومن أحكامه ما يصعب فهمه؛ لأن الناس هجروا دراسته كتاب العتق والرق وما يلتحق به هُجر لأنه غير عملي على حد زعمهم، وهو باب من أبواب الدين لا يجوز تركه، والفقه فيه كالفقه في غيره، داخل في حديث معاوية -رضي الله عنه-: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) في جميع أبوابه، ومنها ما يتعلق بالرق والعتق، وما أشبه ذلك.

"نهى عمر -رضي الله عنه- عن بيع أمهات الأولاد، فقال: لا تباع ولا توهب، ولا تورث، يستمتع بها ما بدا له، فإذا مات فهي حرة، رواه مالك والبيهقي" وهو صحيح، لكنه موقوف على عمر، ورفعه بعض الرواة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فوهم، والحديث له سبب، أخرج الحاكم وغيره عن بريدة قال: كنت جالساً عند عمر إذ سمع صائحة فقال لغلامه يرفأ: يا يرفأ انظر ما هذا الصوت؟ ثم نظر فجاء فقال: جارية من قريش تباع أمها، ونعلم ما جاء من الوعيد في شأن من فرق بين الولد وأمه، واستدل عمر بهذا الحديث على أنه لا يجوز بيع أمهات الأولاد؛ لأنه يتضمن التفريق المنهي عنه.

هل يمكن أن يباع ولدها معها؟ نعم لا يمكن أن يباع لأنه حر، من لازم بيع أمهات الأولاد التفريق بين الأم وولدها، فعمر -رضي الله تعالى عنه- جمع المهاجرين والأنصار فقال لهم: أما بعد فهل كان فيما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- القطيعة؟ قالوا: لا، قال: قد أصبحت فيكم فاشية، كيف تفشو القطيعة في الصحابة؟ إذا بيعت الأم وترك أبنها، هذه القطيعة، ولا شك أن هذا من دقيق فقه عمر -رضي الله تعالى عنه-.

الحديث الذي يليه حديث جابر:

قال: "كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حي، لا نرى بذلك بأساً" الذي يرى عم جواز البيع وهم الأكثر استدلالاً بمنع عمر ونهيه عن بيعهن قال: من أين لنا أن نعرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اطلع على هذا البيع فأجازه؟ والحديث قابل للتصحيح "كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حي لا يرى بذلك بأساً"؟ من أين لنا أن نعرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اطلع على ذلك؟ نعم؟ هذه حجة من يقول: إن أمهات الأولاد لا يبعن، ومن قال بجواز بيعهن وهو مذهب الظاهرية، وقول عند الشافعية، وقال به جمع من أهل العلم، لكن القول الأول هو قول الجمهور، قال: إن قول الصحابي: كنا نفعل له حكم الرفع، فهو مرفوع حكماً، ولذا استدل جابر على مسائل، استدل على جواز العزل، "كنا نعزل والقرآن ينزل" وقوله: "والقرآن ينزل" بمثابة قوله هنا: "والنبي -صلى الله عليه وسلم- حي لا نرى بذلك بأساً" الحكم واحد، كونه حي أن القرآن ينزل، كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن، هذا يستدل به من يقول بجواز بيع أمهات الأولاد، وله حكم الرفع عند أهل العلم، وما تقدم موقوف على عمر، والذين عملوا بقول عمر وبنهيه قالوا: خليفة راشد، أمرنا بالاهتداء بهديه، والاستنان بسنته، وأصدر هذا النهي بمحضر من المهاجرين والأنصار، وهناك نظاير لهذه المسألة عمل بها الجمهور، الطلاق مثلاً طلاق الثلاث في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر 

 الثلاث واحدة، ثم اجتهد عمر -رضي الله عنه- فأمضاه فصار هو قول الجمهور، فهذه نظيرها، الجمهور عملوا بنهي عمر بناءً على أنه خليفة راشد، أمرنا بالاقتداء بسنته، واجتهد، واستدل بأدلة، قد تكون في قوتها مثل قول جابر -رضي الله عنه-: "كنا نبيع سرارينا.. إلى آخره، لا سيما ما جاء من التحذير والترهيب من التفريق بين الولد وأمه، وعلى كل حال الجمهور على أن أمهات الأولاد لا تباع، والظاهرية يقولون بجواز بيعها، وهو وجه عند الشافعية، هذه بعض النسخ.

طالب: عندي مثبتة.

وهي التي عليها....

طالب:........

التي عليها الشرح، الشارح اعتمد الياء، نعم؟

طالب: موجود عندنا.

نعم؟

طالب: قال هنا: لا نرى بذلك بأساً هذا المثبت...

لا أقوى، أصح أصح لا نرى، هذه الأصح، هذه الأقوى في اختلاف النسخ، الأقوى وألا نرى بذلك بأساً، كنا نفعل، لا نرى.

طالب: في نسخة (دال ونون) يرى وما أثبتناه موافق للمصادر نسخة وسيم.....

على كل حال المسألة جمهور أهل العلم أن أمهات الأولاد لا يبعن، وقال بعض العلماء منهم الظاهرية، وهو أيضاً كان علي -رضي الله تعالى عنه- موافق لعمر في عدم جواز بيع أمهات الأولاد، ثم اجتهد ورأى أنه لا مانع من بيعهن، ولذا قيل له: رأيك مع عمر أحب إلينا من رأيك منفرداً، نعم قاله عبيدة السلماني، عبيدة بن عمرو السلماني: رأيك مع رأي عمر أحب إلينا من رأيك وحدك، نعم.

وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع فضل الماء" رواه مسلم، وزاد في رواية: "وعن بيع ضراب الجمل".

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عسب الفحل" رواه البخاري.

نعم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع فضل الماء" نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، التصريح به -عليه الصلاة والسلام- يجعل الخبر مقطوع برفعه إليه -عليه الصلاة والسلام- بخلاف ما لو قال: نهينا عن بيع فضل الماء، والجمهور على أن هذه الصيغة المغيرة من الفاعل إلى المفعول أيضاً مرفوعة، ولو قال الصحابي: نهينا؛ لأنه إذا قال: نهينا أو أمرنا، فالمتجه بل المتعين أن يكون هذا الأمر والنهي لمن له الأمر والنهي، في الأحكام الشرعية وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا صرح كما هنا: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو مقطوع برفعه، والخلاف في قوة هذه الصيغة، هل هي بمثابة لا تفعلوا، لا تبيعوا فضل الماء النهي الصريح فتدل على التحريم كدلالة النهي الصريح؟ عامة أهل العلم على هذا، وخالف داود الظاهري وبعض المتكلمين، قالوا: لا تدل على النهي، إذا قال الصحابي نهانا لا يدل على النهي حتى ينقل الصيغة النبوية؛ لأنه قد يسمع كلام يظنه أمر أو نهي، وهو ليس في الحقيقة لا أمر ولا نهي، لكن هذا كلام فاسد باطل؛ لأن الصحابة إذا ما عرفوا مدلولات الألفاظ الشرعية من يعرفها بعدهم؟! والدين كله ما أتانا إلا عن طريقهم.

"نهانا رسول -صلى الله عليه وسلم- عن بيع فضل الماء" والأصل في النهي التحريم، فما زاد عن الحاجة عن الماء يجب بذله للمحتاج، وهو محمول على المياه المباحة في الأصل، بأن يكون في وادي مثلاً فيسقي الأول المرتفع ثم يرسل الماء وجوباً إلى من بعده، ولا يقول من في أعلى الوادي: لا أرسله إليك إلا بمبلغ كذا، وكذلك ما يحتاج إليه تدعو الحاجة إليه من الأموال المحوزة ممن لا يستطيع شراءها، أنت عندك أو معك علبتين من الماء وأنت بحاجة إلى واحدة جاء واحد عطشان وليس معه قيمتها نقول: يجب عليك بذلها للمحتاج؛ لأنه نهى عن بيع فضل الماء، أما ما تحتاجه أنت أو يحتاجه من تحت يدك لا تبذله إلا على جهة الإيثار، لكن لا يلزمك بذله إذا كنت بحاجة إليه، أو من تحت يدك ممن تلزمك نفقته بحاجة إليه؛ لأن الحديث في الفضل، والفضل هو القدر الزائد، وزاد في رواية: "وعن بيع ضراب الجمل" الجمل، الناقة احتاجت إلى ضراب، الضراب الظاهر معروف نعم وسيأتي في الحديث الثاني عسب الفحل، نعم نهى عن عسب الفحل، عن بيع ضراب الجمل، احتاجت الناقة إلى ضراب إلى وطء، احتاجت البقرة إلى وطء، احتاجت الشاة أو العنز إلى وطء، هذا عسب الفحل، المراد به قيمة مائه، جاء زيد بناقته إلى عمرو الذي عنده الجمل المتميز الذي نتاجه يباع بأضعاف مضاعفة عن نتاج غيره، قالوا: نريد الجمل ينزو على هذه الناقة، قال: ما يمكن حقنا الجمل متميز دور غيره إذا كنت تبي بمجان، هذا الجمل الآن بمائة ألف أو مأتي ألف، نعم؟

طالب: بملايين.

المقصود عاد بأي ثمن كان، يقول: وعن بيع ضراب الإبل، منهي عنه؛ لأن هذه الأمور مما ينبغي أن تسود بين المسلمين على وجه التعاون، لا على وجه التشاح والتشاحن، فضراب الجمل ومثله بقية الحيوانات لا يجوز أخذ الأجرة عليه، ومنهم من يقول: إن سبب المنع الجهالة، قال: بكم تترك هذا الجمل ينزو على هذه الناقة؟ قال: بألف، النهي من أجل الجهالة في عدد المرات، وفي...، سببه الجهالة، والجهالة معروفة في مثل هذا، ففيه غرر، فالنهي عنه من هذه الحيثية، لكن لو حددت المدة قال لك: لمدة ساعة، أو عدد كذا من النزوات، أباح بعض أهل العلم هذا؛ لأنه علل النهي بالغرر والجهالة، ولا شك أن هذه العلة وإن كانت مؤيدة بنصوص أخرى في منع الغرر، ومنع الجهالة، وإذا ارتفعت الجهالة ثبتت الإباحة، لكن هنا الحكم غير معلل، فالذي يظهر المنع مطلقاً، وأن هذا مما ينبغي أن يسود بين الناس، يعني مثل الحجامة، واحد جالس فاتح محل حجام يجي واحد يبي يحجم يقول: كسب الحجام خبيث، طيب أنا خسران وتارك للأعمال وكذا، أقول: هذه مما ينبغي أن تسود بين المسلمين بدون أجرة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وأعطى الحجام، فالمقصود أنه لا بد أن تسود هذه الروح بين المسلمين، وأن تكون أمورهم مبنية على المسامحة لا على المشاحة، لكن لو افترضنا أن شخصاً عنده جمل متميز وقال: ما في نهى ما نهى، ما عندنا إلا بدراهم، أنا خسران بمئات الألوف ومتى أدخلهن؟ نقول: المحتاج الذي هو دافع الأجرة مثل مشتري ما يحتاج إليه مما يمنع بيعه أمره أخف ممن يأخذ هذه الأجرة، يعني قد يقول قائل: ما دام مُنع أخذ الأجرة يحرم دفعها؛ لأن ما منع أخذه يمنع دفعه، نقول: هناك أمور لا بد منها، فإذا لم يحصل عليها إلا بمقابل، فإلى الله المشتكى، ماذا يصنع صاحبها؟ فيدفع مثل ما يشتري الكلب عند الحاجة إليه، وإن كان النهي عن بيعه يقتضي منع البيع، مثل ما يشتري الأسمدة لزراعته، مثل ما يشتري عموم ما يمنع لما ذكرنا، وهذا خاص الحديث بالجمل، والذي يليه، يعم الجمل وغيره.

يقول: "وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عسب الفحل" والفحل يشمل الإبل والبقر والغنم وغيرها من الحيوانات التي تقتنى للنسل، الآن يؤتى بالماء من بعيد، يؤتى بالماء من بلدان بعيدة بحوافظ، وبعد ذلك تباع بالقطارة؛ لأنها من سلالات معينة، ومن أشياء نادرة، وهذا منه، هذه التجارة فرع عن هذا الحديث، لا يجوز بيعه، لكن من اضطر إليه واحتاج إليه فالأمر بالنسبة له أخف ممن يأخذ، وبالمناسبة سؤال هنا:

يقول: هل الأفضل لمن ابتلي بعقم أن يعمل عملية أطفال الأنابيب أم يتورع عنها؟

لأن المسألة في جلب الماء من الخارج من أجل الحيوانات، الحيوانات ما هو متصور فيها مسألة اختلاط أنساب ولا زنا ولا غيره، أمرها سهل، لكن طفل الأنابيب ابتلي بعقم هذا شخص ابتلي بعقم، وقالوا: إن فيك حيوانات لكنها ضعيفة تحتاج إلى تنشيط نأخذ منك ومن ماء المرأة فنجعله في أنبوب، وبهذه الطريقة ينتج الولد، إذا وصل إلى حد معين يودع في رحم المرأة وتحمل به من جديد، المسألة لا شك أنها مشكلة؛ لأن الزلل والخطر فيها يقع في مسألة عظيمة، وهي مسألة الأنساب، أنت افترض أنهم حفظوا هذا الماء وغُيّر مثلاً، أو حصل خطأ من غير قصد، وفوق هذا كله الرضا بما قدر الرحمن، نعم أفتت بعض المجامع العلمية بجواز مثل هذا شريطة أن تعمل كافة الاحتياطات لحفظ هذا الماء، وهو ماء من زوج وزوجته في الجملة يعني أفتوى بهذا، لكن يبقى أن المسألة من أبتلي بهذا عليه أن يرضى بما قدر الرحمن.

وكن صابراً للفقر وادرع الرضا

 

بما قدر الرحمن واشكره واحمدِ

أنت ما تدري ماذا يحصلك من خلال هذا الولد؟ كم من شخصٍ بذل المستحيلات من أجل الولد، ثم صارت حياته بسبب هذا الولد جحيماً لا يطاق، هل تعرفون أن هناك ناس ما ينامون الليل بسبب الأولاد، يعني الولد ليس بنعمة على الإطلاق، نعم الولد الصالح الذي يدعو له هذا نعمة في حياته وبعد مماته، لكن يبقى أن الإنسان ما يدري وين الخيرة؟ يرضى بما أختار الله له، وعلى كل حال إن أراد أن يفعل هذا الفعل فقد صدرت فيه فتوى من بعض الجهات، لكن أنا في وقفة من هذا، سم.

طالب:........

هم يقولون: إن الماء المحوز والمتعوب عليه مثل الأمور المشتركة العامة مثل الماء والحطب وغيره الأصل أنها مشاعة بين الناس والحشيش والكلأ، لكن إذا تعب عليه وحازه إلى رحله وتكلف عليه له أن يأخذ قيمة، له أن يأخذ القيمة بقدر أتعابه، وإلا فالأصل أنه مشاع بين الناس، هذا الأصل، وما زاد على ذلك فهو بيع.

طالب:........

مثل هذا، تصفية وشغل، على كل حال..... ومن يعرف النهي عن بيع فضل الماء يتوقف في مثل هذه الأمور، ويتورع عنها، نعم؟

يكفي.

 

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول: هل يجوز اشتراط منفعة أثناء البيع من الحديث مطلقاً يعني حديث جابر، حيث من الممكن أن أشترط بيع جمل وأن آكل من لحمه مثلاً؟

جاء في الحديث النهي عن الثنيا إلا أن تُعلم، فإذا بعت هذا الجمل واشترطت على صاحبه تعرف أنه بيذبح الجمل اشترطت عليه كيلو من لحمه إذا ذبحه، هذه ثنيا وهي معلومة، نهى عن الثنيا إلا أن تُعلم، أما إذا كان يشتريه للقنية، للحمل والركوب، ثم تشترط كيلو من لحمه! ما يتسنى هذا.

هذا سؤال مهم يقول: يلاحظ على بعض الإخوان من طلاب العلم الذين عليهم أمارات الحرص على التحصيل ومتابعة الدروس والجثي بين يدي الشيوخ بعض التصرفات التي لا تليق بطالب العلم مثل مد الرجلين تجاه الشيخ....

المسألة متصورة إذا كان الشيخ جالس على الأرض والطالب أمامه ومادٍ رجليه على الشيخ، نعم، أو مادٍ رجليه على المصاحف، أو على كتب العلم، أو تارك كتب العلم في طريق الناس، بحيث يمرون من فوقها، أو يدسونها أحياناً مثل هذه التصرفات على طالب العلم أن يتحاشاها بقدر الإمكان، لكن إذا كان هناك حاجة، رجل في أرجله أو في رجليه ألم في الركب لا يستطيع أن يثنيها باستمرار فله أن يمدها، وهذه الحاجة تقدر بقدرها، ويحرص على ألا يكون في مقابل الشيخ مباشرة مثل هذا، يحيد عنه يمنة وإلا يسرة، وكذلك على طالب العلم أن يحترم من هو أكبر منه سناً، ومن هو مثله في السن، فالاحترام ينبغي أن يكون متبادلاً، وأن يسود بين الإخوان.

هذا يقول: إذا أراد شخص أن يشتري خمراً فيريقها لكي لا يصل ضررها إلى الناس، فما الحكم في ذلك؟

إذا كان هناك شخص يبيع الخمر ويستعمله ويبيعه لمن يشربه، فأراد شخص أن يشتريه ليستنقذه، ويكفي الناس شره، لا شك أن المشتري مأجور على هذه النية التي يخلص بها الناس من هذا الشر العظيم، والبائع آثم.

يقول: هل يجوز استخدام أي جزء من حيوان الخنزير مثل الشحم الذي يساعد في نمو الشعر؟

شحمه نجس نجاسة عينية، لا يمكن تطهيره، ومزاولة النجاسات لا تجوز، فرق بين النجس والمتنجس.

هذا يقول: شخص فتح المحل ليترزق منه، وجاب الأغراض المعدة للبيع الحلال، وجاب العامل على كفالته وقال: اشتغل في المحل بع واشترِ، وفي نهاية كل شهر تعطيني ألف ريال، ولو بعت بمائة ألف، لا تطيعني إلا ألف، فهل عملي هذا جائز ومباح؟ أم أنا غلطان أفيدوني بارك الله في

الآن الأغراض لصاحب المحل الذي هو الكفيل، هذا الذي فهمت من السؤال، يقول: فتح محل ليترزق وجاب الأغراض المعدة للبيع، البضائع جابها صاحب المحل، وجاب عامل، وقال: بع من هذه الأغراض ما شئت ولو بعت بمائة ألف لا تعطيني إلا ألف إيش معنى هذا الكلام؟ هل هذا الكلام حقيقي بمعنى أنه لو قال من يسوم ها المحل بجميع ما فيه، وباع جميع محتوياته خلال شهر، وأعطاه ألف وأخذ الباقي، يرضى صاحب المحل أو هذا كلام استهلاك؟ هذا الكلام لا حقيقة له، إنما يريد أن يستدرج العامل، وإلا ما يمكن أن يجعل بضاعة بمائة ألف ويقول للعامل: تصرف فيها وبع من غير قيد ولا شرط على أن تصفي لي ألف في الشهر، افترض أن البضاعة انتهت في شهر، هذا لا يجوز، مثل هذا لا يجوز؛ لأنه يعرض الطرفين للخصومة والنزاع، ولم يرضَ صاحب المحل بهذا، وإنما جاء بمثل هذا الكلام ليستدرج العامل، أما إذا كان بيعه احتمال أن يبيع في شهر بألف وفي شهر بألف ومائتين، وفي شهر بألف وثلاثمائة، شهر ألف وخمسمائة، دارساً تجارته، نعم؟ وأنه يريد ما زاد على الألف أجره لهذا العامل أيضاً العقد ليس بصحيح؛ لأنها أجرة مجهولة، احتمال أن تكون الأجرة أكثر مما اشترط، واحتمال أن تكون أقل، واحتمال ألا يبيع العامل إلا بثمانمائة فيتضرر، فالعقد على الوجهين ليس بصحيح.

نريد مثالاً على التحايل المباح

لو أن شخصاً استعار كتاب من زميله، استعاره عارية، قال: أعرني كتابك فيه تعليقات حضرت فيها الدروس أنا أريد أن أنقل هذه التعليقات على نسختك، فقال: تفضل خذ الكتاب، ثم بعد مدة طالبه به، بعد أسبوع، عشرة أيام، شهر، غلب على ظنه أنه انتهى من نقل التعليقات فطالبه به، فقال: ما عندي لك شيء، وليس ثم بينة، فقال: ما دام الكتاب كتابك، وعليه تعليقات أعرني إياه لأنقل تعليقاتي على نسخة ثانية، هذه حيلة، ثم بعد ذلك لما مكنه منه قال: هذا كتابي اصنع ما شئت، هذا تحايل على كتابه، أو جعل واحد يستعيره مثلاً بطريقة أخرى، يستعيره منه، فيأخذ منه كتابه بهذه الطريقة، وإذا كان الكتاب لا شبهة في عدم انتقال الملك منه، فلا شيء في ذلك، هذه حيلة مباحة لاستخراج الحق.

يقول: ما حكم شراء الدش الخاص بقناة المجد، والذي سعره ثلاثمائة ريال، وذلك لأنه ليس خاص بقناة المجد..... المعلوم أن حقوقهم محفوظة، ودشهم بسعر ألف وثمانمائة ريال، وهذا ليس لهم، فما حكم شرائه.....؟

هم يمنعون من شراء مثل هذا، يمنعون، ولا يبيحون أحداً أن يستعمل قناتهم بواسطة هذا الدش، وعلى كل حال الكلام في القناة رُدد مراراً، وقلنا مراراً: إن السلامة لا يعدلها شيء، والأصل عدم هذه المحدثات كلها، لكن المبتلى بما هو شر منها فارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع، الذي عنده دشوش إباحية، أو فيها برامج محرمة ظاهرة التحريم هذه لا شك أنها أخف منها، وهذه فيها ما فيها من تمكين النساء في بيوتهن من رؤية الرجال الذين يخرجون في هذه القناة، فضلاً عن غيرها على وجه يتجملون فيه بحيث يكون بعضهم فتنة لبعض النساء، وقد وجد تـ..... رسائل بالجوالات، تجعل الإنسان يتحرى في مثل هذا الباب، ويحتاط لأهله ونسائه وبناته، على كل حال النساء لا يخرجن في هذه القناة البتة، ففتنة الرجال مأمونة، لكن تبقى فتنة النساء بالرجال، ومثل ما قلنا: إن الرجل المبتلى بقنوات إباحية أو قنوات مشتملة على أمور بينة التحريم هذه خير ما يرى من هذه القنوات، وارتكاب أخف الضررين الذي لا يستطيع أن يضبط نفسه أو يضبط أولاده ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر في الشرع، وفيها برامج نافعة، وفيها دروس علمية، لكن يبقى أن الأصل أن ما عند الله لا ينال بسخطه، تريد علم شرعي، تريد توجيه، تريد..، لكن فيه دخن، ومثلما قلنا: إن المبتلى هذا خير ما يرى في هذا الوقت، والله المستعان.
وبالنسبة لاستعمال الدش الخاص بهم، يقول: الخاص بهم وسعره ثلاثمائة، لا ما هو بخاص بهم، هذا فيه كل القنوات، لكن الذين يبيعونه يشفرونه على قناة المجد، ويجلونه خاص بها، وبالإمكان إذا كان الشخص حريف ويفهم هذه الشغلة، أو عنده ممن يفهم من الأطفال، وطفل عمره عشرة سنوات في السنة الخامسة أو الرابعة الآن يشفر لك ما تريد، يخرج لك ما تريد من القنوات، يبرمج لك اللي تبي، فالمسألة لا يمكن ضبطها وإحكامها، نعم الدش الخاص بهم لا يأتي عن طريقه إلا قنواتهم، إضافة إلى أنهم لا يبيحون استعمال هذه الدشوش التي يزعم بائعوها أنها خاصة بهم، وحفظ عنهم في مناسبات أنهم يحرجون على استعمال قنواتهم من خلال هذه الدشوش التي تباع من غير وكلائهم، اللهم إلا إذا كان الإنسان لا يستطيع بذل المبلغ الكامل ألف وثمانمائة فهم يتسمحون في مثل هذا، من باب بذل العلم النافع على حد زعمهم ورأيهم، على كل حال المسألة معروف حكمها، والورع معروف والتحري والتثبت بابه لا يخفى على أحد.

يقول: ذكرتم في حديثكم عن بيع الخمر أنه يجوز الانتفاع به وبيعه إذا تحول إلى خل؛ لأن علة التحريم الخمر هي النجاسة، فهل يسوغ لنا أن نقول بنفس هذا القول في لحم الخنزير..

يقول: ذكرتم في حديثكم عن بيع الخمر أنه يجوز الانتفاع به وبيعه إذا تحول إلى خل؛ لأن علة التحريم الخمر هي النجاسة، فهل يسوغ لنا أن نقول بنفس هذا القول في لحم الخنزير؛ لأنه في الدول الكافرة يوجد هناك مزارع للخنازير، ويتم الاعتناء بلحومها بحيث تكون كما يزعمون خالية من الأمراض والنجاسات، هذه المسألة قد وردت علينا في دراستنا للطب البيطري؟
أصل المادة -مادة الخمر- أصل المادة التمر والعنب والشعير والزبيب، أحياناً العسل، مواد مباحة، طرأ عليها التحريم لما انتابها من تغير، وزال هذا التغير، فتعود إلى أصلها، أما الأصل في الخنزير ليست مادته مباحة في الأصل ثم طرأ عليها...، الأصل فيها التحريم والنجاسة العينية، فمهما صنع فيها، مهما عمل فيها لا تطهر بحال من الأحوال.

يقول: ما حكم تعليق الآيات القرآنية على الجدران، ووضعها في براويز على المكاتب؟

في فتوى من اللجنة الدائمة بالمنع.

يقول هذا: ما هو بيع الغرر؟

سيأتي في حديث، يرد -إن شاء الله تعالى- اليوم.

يقول: قصدي من السؤال عن النظام النقدي أن أتبين إن كان هناك إشكال من ناحية شرعية في كون الريالات غير مربوطة بسلعة أو بذهب أو فضة، وإنما هي أوراق ذات قيمة متعارف عليها، فهل في هذه الريالات أو الأوراق شبهة؟

هي ليست من الذهب أو الفضة المنصوص عليها في الربويات، لكنها باعتبار علة النهي والتحريم في التفاضل والنسا في الذهب والفضة عند أهل العلم النقدية، والعلة هذه مطردة في العملات الأخرى، فيجري فيها الربا كجريانه في الذهب والفضة.

يقول: ما هو الصحيح في تحريك السبابة في التشهد؟

نقول: ترفع السبابة عند لفظ الشهادة، وتحرك عند الدعاء، وما عدا ذلك تبقى ثابتة.

يقول: كيف نقول: متفق عليه وهذا السياق لمسلم، ومن المعلوم أن البخاري كتب الأحاديث قبل مسلم؟

مرادهم بهذا الاصطلاح "متفق عليه" أن يكون الحديث مخرجاً في الصحيحين من طريق صحابي واحد، فإذا نص على أن مسلم له اللفظ، فالبخاري له المعنى والعكس، وإذا كان الحديث مروي بالمعنى عن طريق الصحابي نفسه فهو الحديث نفسه؛ لأن الرواية بالمعنى جائزة عند الجمهور.

يقول: ما حكم الاكتتاب في بنك البلاد؟

هذا ذكرناه مراراً أن حكم الاكتتاب فيه مثل حكم الاكتتاب في بنك الراجحي، وكلهم أهل تحري وتثبت، ولا يقدمون على محرم، وعندهم لجان شرعية متثبتة متحرية، لا يمكن أن يقدموا على عقد محرم، إقدام، أم كونه يرد عليهم مما لا يقصدونه من الأمور المحرمة بحكم ارتباطهم ببنوك أخرى داخلية وخارجية، لا شك أن هذا يورث شبهة، ولا بد من التخلص من هذه النسبة، أما الإقدام على المحرم ولو كانت نسبته في غاية القلة، ولو كانت ضئيلة جداً الإقدام على المحرم لا يجوز، لكن كون المحرم يرد من غير قصد، ثم يتخلص منه الأمر أسهل، والشبهة موجودة، فمن يتقي الشبهات لا يعرض نفسه لمثل هذه الأمور، وأما الأصل في الحكم ما دام لا يقدمون على محرم، ويتحرون في معاملاتهم، ومعاملاتهم تعرض على ثلة من طلاب العلم المعروفين لا بأس -إن شاء الله تعالى- في الجملة.

حينما يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((قاتل الله اليهود)) هل نأخذ من هذا أن كل من عمل هذا العمل قاتله الله؟

هو معرض نفسه لهذه الدعوة.

يقول: هل يجوز للمرء أن يقول عن نفسه: إن الله ابتلاني بهذا الأمر، مثل أن يقول: ابتلاني الله بهؤلاء الأبناء؟

{إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [(15) سورة التغابن] والفتنة والابتلاء والاختبار معانيها متقاربة، نعم ابتلاك الله -جل وعلا- بهؤلاء الأولاد، فإن كانوا صالحين وشكرت الله على صلاحهم أجرت على ذلك، وصاروا من البلوى بالخير، وإن كانوا غير ذلك وأتعبوك وأشقوك وصبرت على أذاهم وصابرت معهم في نصحهم وتوجيههم وتربيتهم أجرت على ذلك، وصاروا من البلوى بالشر {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [(35) سورة الأنبياء] وعلى كل حال من ابتلي بالخير فشكر أجره عظيم، ومن ابتلي بغيره فصبر فأجره عظيم، والدنيا كلها محل امتحان وابتلاء، بقي أسئلة كثيرة جداً تحتاج إلى وقت، لعل الله ييسر وقت للإجابة عليها.