شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح (244)

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا بكم إلى حلقة جديدة في برنامجكم شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، مع مطلع هذه الحلقة يسرنا أن نرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الكريم بن عبد الله الخضير، فأهلًا ومرحبًا بكم فضيلة الدكتور.

حياكم الله، وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.

المقدم: لازلنا في كتاب العلم، في باب قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85] في الحديث (104) في المختصر، (125) في الأصل؛ لتذكير الإخوة والأخوات في حديث عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- أنهينا الكلام عند لفظة «في خرب المدينة»، وتوقفنا عند قوله: «وهو يتوكأ على عسيب»، لعلنا نستكمل، أحسن الله إليكم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

أما بعد،

 فقد مضى الكلام في لفظة خِرَب، الكلام الطويل والمجادلة بين العيني وابن حجر.

 وأما «المدينة» فالمراد بها: النبوية، مهاجر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأفضل البلدان والبقاع بعد مكة، شاع وصفها بالمنورة، وليس له دليل يعتمد عليه، إنما هي المدينة النبوية نسبة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، «وهو يتوكأ» يعني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوكأ على عسيب، وجملة «وهو يتوكأ» جملة اسمية وقعت حالًا، ومعنى يتوكأ يعتمد، والعسيب بفتح الأول وكسر الثاني المهملتين وسكون المثناة آخره موحدة أي عصا من جريد النخل، العصا يقال له: عسيب، لكن إذا كان عليه الجريد أو إذا كان عليه ما يُسمى بالخوص يسمى عسيبًا أو إذا جُرد من...

المقدم: من الخوص.

من الخوص سمي عسيبًا؟ جريد يعني مجرود، مجرود يعني مفرغ من..

المقدم: الخوص..

من الخوص الذي فيه، معه صفة لعسيب، «فمر بنفر» عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة، والنفير مثله، قال ابن حجر: لم أقف على أسمائهم، لم يقف على أسماء هؤلاء النفر من اليهود، و«من اليهود» هذا اللفظ مع اللام ودون اللام من اليهود ويهود، "الـ" هذه لا تفيده معرفة، وهو معرفة بدونها، والمراد به اليهوديون، اليهود مفرد جمعه يهوديون، ولكنهم حذفوا ياء النسب كما قالوا في زثنجي زنج للفرق بين المفرد والجماعة، يقول الكرماني: قوله: «فمرّ» فإن قلت: ما جواب بينا؟ والعامل فيه إذا كان الفاء الجزائية تمنع عمل ما بعدها فيما قبلها فلا تعمل، (مرّ) في (بينا)، يقول: فمرّ، فإن قلت: ما جواب بينا؟ عندك في الحديث..

المقدم: بينا أنا أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يتوكأ على عسيب معه فمر بنفر.

نعم.

المقدم: ما فيه جواب.

«بينا أن أمشي فمر»، ألا يصلح أن يكون «مر» هو الجواب، يقول: فإن قلت: ما جواب بينا؟ والعامل فيه إذا كان في فمر، إذا كان الفاء الجزائية تمنع عمل ما بعدها فيما قبلها، فلا تعمل مرّ في بينا، قلنا: بينا ظرف.

المقدم: نعم ظرف زماني.

متعلقه قال: بينا أنا أمشي، الظرف لا بد له من متعلق، فهل يصلح قوله: مر بنفر بينا أنا أمشي؟ لا يصلح. لماذا؟ لأنه يقول: إن كانت الفاء الجزائية فلا يصلح لماذا؟ لأنها تمنع عمل ما بعدها فيما قبلها، فلا تعمل مرّ في بينا، يقول الكرماني: لا نسلم أنها جزائية، إذ ليس في بينا معنى المجازاة الصريحة، بل فيها رائحة منها، يقول: لا نسلم أنها جزائية يعني الفاء؛ إذ ليس في بينا معنى المجازاة الصريحة، بل فيها رائحة منها، ثم على التسليم، يقول: سلمنا، لكن لا نسلم أن ما بعد الفاء الجزائية لا يعمل فيما قبلها، قالوا: العامل في (زيدًا) من قولنا: أما زيدًا فأنا ضاربٌ هو ضاربٌ، على كل حال عمل ما بعد الفاء فيما قبلها مسألة خلافية، هذا إذا كانت جزائية، إذا كان جزائية يعني واقعة في جواب الشرط وجزائه. لكن أولًا: جواب الكرماني على عدم التسليم أنها جزائية ليس في معنى مجازاة صريحة، يعني ليست شرطية الجملة، وإن كان فيها رائحة، يقول رائحة من الشرطية.  

الأمر الثاني: على التسليم أنها جزائية، لكن لا نسلم أن ما بعد الفاء الجزائية لا يعمل فيمن قبلها، قالوا: العامل في زيدًا من قولنا: أما زيدًا فأنا ضاربٌ. هو ضارب.

المقدم: ضارب.

نقول: سلمنا، سلمنا أنها جزائية، وأن الجزائية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، لكن في الظرف اتساع، ويجوز فيه ما لا يجوز في غيره. يعني يتسامح في الظرف ما لا يتسامح في غيره، ثم بعد ذلك سلمنا ذلك، وهذه طريقة منطقية يسلكها الكرماني كثيرًا، سلمنا ذلك طريقة جدلية يقول: سلمنا ذلك ونقول: العامل فيه ومر مقدرًا، والعامل فيه هو: (مرّ) مقدرًا، والمذكور مفسر يعني، يعني {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير:1].

المقدم: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} كورت [التكوير:1].

كورت لا، الآن العامل في الشمس هو كورت؟

المقدم: لا.

وإنما يُقدر فعل يعمل في الشمس يفسره المذكور، يفسره إذا كورت الشمس كورت وهكذا، مع أن من أهل العلم، من أهل التمكن في هذا الباب يرى أنه لا مانع من أن تعمل فيها، وأنه لا يحتاج إلى تقدير، وأنها لا تحتاج إلى تقدير، كما قاله الكرماني هنا.

يقول: أو نقول: بين الفاء وإذا أُخوَّة، حيث استعمل إذا موضع الفاء، نحو قوله تعالى: {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم:36] فهنا أيضًا استعمل الفاء موضع إذا، يكون قوله: «بينا أنا أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في خِرب المدينة، وهو يتوكأ على عسيب معه»، إذا.. أو إذ مرّ، تصلح إذا مرّ؟ فمر بنفرٍ، إذ مرّ، إذ مرّ إلا إذا حذفنا مرّ بالكلية، إذ هو بنفرٍ من اليهود، على كل حال مثل هذا أمره واسع.

يقول: استعمل إذا موضع الفاء نحو قوله تعالى: {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم:36] فهنا أيضًا استعمل الفاء موضع إذ، يعني أنهما يتقارضان، هذا ينوب عن هذا، وهذا ينوب عن هذا، يقول: ثم اعلم أن السؤال مشترك الإلزام، إذ هو بعينه وارد في إذ وإذا، حيث وقع شيء منهما جوابًا لـ(بينا)؛ لأن إذ وإذا أيًّا كان هو مضاف إلى ما بعده، والمضاف إليه لا يعمل في المضاف، المضاف إليه لا يعمل في المضاف، فبالطريق الأولى لا يعمل في المتقدم على المضاف، فما جوابكم في إذا فهو جوابنا في الفاء، يعني على سبيل الإلزام.

 «فقال بعضهم لبعض» أي قال بعض النفر من اليهود إلى البعض الآخر «سلوه» أي أسألوا النبي -صلى الله عليه وسلم-، والأصل: الهمز، الأصل: اسألوه، في التنزيل {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة:211] «عن الروح»، يقول ابن حجر: الأكثر على أنهم سألوه عن حقيقة الروح الذي في الحيوان، وقيل: عن جبريل، وقيل: عن عيسى، وقيل: عن القرآن، وقيل: عن خلقٍ عظيمٍ روحاني، وسيأتي بسط ذلك في كتاب التفسير، إن شاء الله تعالى، يقول ابن حجر: والذي في كتاب التفسير نقلاً عن ابن التين، اختلف الناس في المراد بالروح المسؤول عنه، في هذا الخبر على أقوال:

الأول: روح الإنسان.

الثاني: روح الحيوان.

الثالث: جبريل.

الرابع: عيسى.

الخامس: القرآن.

السادس: الوحي.

السابع: ملكٌ يقوم وحده صفًّا يوم القيامة {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا} [النبأ:38]، السابع: ملك يقوم وحده صفًّا يوم القيامة.

الثامن: ملكٌ له أحد عشر ألف جناح ووجه، وقيل: ملك له سبعون ألف لسان، وقيل: له سبعون ألف وجه، وفي كل وجه سبعون ألف لسان، لكل لسان ألف ألف لغة، لكل لسان ألف لغة، يسبح الله تعالى، يخلق الله بكل تسبيحه ملكًا يطير مع الملائكة، وقيل: ملك رجلاه في الأرض السفلى، ورأسه عند قائم العرش.

التاسع: خلق كخلق بني آدم، يقال لهم: الروح يأكلون ويشربون، لا ينزل ملك من السماء إلا نزل معه، وقيل: بل هم صنف من الملائكة يأكلون ويشربون. انتهى كلامه ملخصًا بزيادات من كلام غيره.

قال: وهذا إنما اجتمع من كلام أهل التفسير في معنى لفظ الروح الوارد في القرآن، يعني في مواضع متعددة، يعني جاء في القرآن لفظ الروح في مواضع متعددة، لكن هل المواضع المتعددة مطابقة لقوله- جل وعلا-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء:85]؟ أو لكل موضع معناه؟

قال: وهذا إنما اجتمع من كلام أهل التفسير في معنى لفظ الروح الوارد في القرآن لا خصوص هذه الآية، فمن الذي في القرآن {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} [الشعراء:193] هل هو المسؤول عنه في الآية؟

المقدم: لا.

قطعًا، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} [الشورى:52]، هل هو المسؤول عنه في الآية؟ أبدًا. {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} [غافر:15]، كذلك، {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة:22]، {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا} [النبأ:38]، {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } [القدر:4].

فالأول: جبريل {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} [الشعراء:193].

والثاني: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا } [الشورى:52] القرآن.

{ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} [غافر:15] الوحي هذا الثالث.

الرابع: {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة:22] القوة.

الخامس والسادس: محتمل لجبريل وغيره {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا} [النبأ:38] {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القدر:4] محتمل لجبريل ولغيره.

ووقع إطلاق روح الله على عيسى، وقد روى ابن إسحاق في تفسيره بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: الروح من الله، وخلق من خلق الله، وصور كبني آدم لا ينزل ملك إلا ومعه واحدٌ من الروح، وثبت عن ابن عباس أنه كان لا يفسر الروح، أي لا يعين المراد به في الآية، لكن في الآيات الأخرى قد لا يتوقف ابن عباس عن تفسيرها، ولا يقع في المحظور في الآية التي حُجب علمها عن المخلوق، يقول الخطابي: حكوا في المراد بالروح في الآية أقوالًا قيل: سألوه عن جبريل، وقيل: عن ملك له ألسنة على ما تقدم في كلام ابن حجر الذي نقله عن ابن التين، وقال الأكثر: سألوه عن الروح التي تكون بها الحياة في الجسد، وقال أهل النظر: سألوه عن كيفية مسلك الروح في البدن، سألوه عن كيفية مسلك الروح في البدن وامتزاجه به، وهذا هو الذي استأثر الله بعلمه.

 ويقول القرطبي في تفسيره: الراجح أنهم سألوه عن روح الإنسان؛ لأن اليهود لا تعترف بأن عيسى روح الله، ولا تجهل أن جبريل ملك، وأن الملائكة أرواح، يقول: قال الإمام فخر الدين الرازي، إذا أطلقوا الإمام فالمراد به الرازي، قال: وقال الإمام، وإن كانت الإمامة تحتاج إلى شيء من التحقيق، فالذي عنده شيء من المخالفات العقدية لاسيما الكبيرة مثل الرازي الإمامة فيها نظر بالنسبة له، وقال الإمام فخر الدين الرازي: المختار أنهم سألوه عن الروح الذي هو سبب الحياة، وأن الجواب وقع على أحسن الوجوه، وبيانه أن السؤال عن الروح يحتمل عن ماهيته، يعني عن ماهية الروح، وهل هي متحيزة أم لا؟ وهل هي حالّة في متحيز أم لا؟ وهل هي قديمة أم حادثة؟ وهل تبقى بعد انفصالها من الجسد أو تفنى، وما حقيقة تعذيبها وتنعيمها؟ وغير ذلك من متعلقاتها.

 قال: وليس في السؤال ما يخص أحد هذه المعاني إلا أن الأظهر أنهم سألوه عن الماهية، وهل الروح قديمة أو حادثة؟ لا شك أن الذي يغلب على الظن أن السؤال عن الماهية، الأسئلة التي أوردها الرازي جاء الجواب عن كثير منها، وعن بعضها في كتاب الروح لابن القيم، مع أنه لم يتكلم عن ماهية الروح ابن القيم؛ لأنها هي المرادة بقول الله -جل وعلا-: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء:85]، والجواب يدل على أنها شيء موجود مغاير للطبائع والأخلاط وتركيبها، وهو جوهر بسيط مجرد لا يحدث إلا بمحدث، وهو قوله تعالى: {كُنْ} [آل عمران:47]، فكأنه قال: هي موجودة محدثة بأمر الله وتكوينه، ولها تأثيرٌ في إفادة الحياة للجسد، ولا يلزم من عدم العلم بكيفيتها المخصوصة نفيه، لا يلزم من عدم العلم بكيفيتها المخصوصة نفيه، يعني لا يلزم من عدم العلم نفي العلم، كيف لا يلزم من عدم العلم بكيفيتها المخصوصة نفيه، إذا كانت مما استأثر الله بعلمه، أو نفي ما لها من خصائص.

المقدم: أو نفي السؤال.

رصدها أهل العلم؛ لأنه يقول: أما والجواب يدل على أنها شيء مغاير للطبائع والأخلاط وتركيبها وهو جوهر بسيط مجرد، لا يحدث إلا بمحدث فهو قوله تعالى: {كُنْ} [آل عمران:47]، فكأنه قال: هي موجودة محدثة بأمر الله وتكوينه، ولها تأثير في إفادة الحياة للجسد، ولا يلزم من عدم العلم بكيفيتها المخصوصة نفيه، إن كان المراد نفي إفادة الحياة للجسد، لا يلزم من عدم العلم بكيفيتها نفي إفادتها الحياة للجسد، لكن هل هي التي تفيد الحياة للجسد؟ أو أن الله جعل اقترانها بالجسد سببًا من أسباب الحياة؟ أو سبب الحياة، على كل حال هذه أجوبة وأسئلة فيما يأتي من استعراض المسائل التي بحثها ابن القيم في كتاب الروح، يأتي جواب شيء منها، قال: ويحتمل أن يكون المراد بالأمر في قوله تعالى: {مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء:85] الفعل، الفعل يعني من فعل ربي، كقوله: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود:97] أي فعله، فيكون الجواب: الروح من فعل ربي.

 وإن كان السؤال هل هي قديمة أو حادثة؟ فيكون الجواب: أنها حادثة، إلى أن قال: وقد سكت السلف يعني بعد هذا الكلام الطويل، قال: وقد سكت السلف عن البحث في هذه الأشياء والتعمق فيها، ولا شك أن هذا هو الأسلم وهو الأحكم؛ لأن الحكمة هي ما يصاحب السلامة، وقد تنطع قومٌ فتباينت أقوالهم، فقيل: هي النَّفس الداخل والخارج، أو النَّفْس، لعلها النَّفَس، فقيل: هي النَّفَس الداخل والخارج، وقيل: الحياة، وقيل: جسم لطيف يحل في جميع البدن، وقيل: هي الدم، وقيل: هي عرض حتى قيل: إن الأقوال فيها بلغت مائة، ونقل ابن منده عن بعض المتكلمين: أن لكل نبي خمسة أرواح، وأن لكل مؤمن ثلاثة، ولكل حي واحدة.

نقل ابن منده عن بعض المتكلمين أن لكل نبي خمسة أرواح، ولكل مؤمن ثلاثة، ولكل حي واحدة، هذا الكلام لا يسنده عقلٌ ولا نقل، كون المراد بـ لكل مؤمن ثلاثة إن كان المراد بها النفس على ما سيأتي في كلام ابن القيم في النفس المطمئنة، والنفس إيش؟

المقدم: اللوامة.

والنفس؟

المقدم: الأمارة بالسوء.

الأمارة بالسوء، هي ثلاث أو واحدة تتصف بالأوصاف الثلاثة؟ على كل حال كل هذا الكلام...

المقدم: الأنبياء خمسة كيف؟ يزيدون عليها.

ولا النفس الأمارة.

المقدم: يعني هذا يعترض عليه بهذا؟

بلا شك، على كل حال مثل ما ذكرنا أن هذا الكلام لا يسنده عقل ولا نقل.

وقال ابن العربي: اختلفوا في الروح والنفس، فقيل: هما متغايران، وهو الحق، وقيل: هما شيء واحد، قال: وقد يعبر بالروح عن النفس، وبالعكس كما يعبر عن الروح وعن النفس بالقلب وبالعكس، وقد يعبر عن الروح بالحياة، حتى يتعدى ذلك إلى غير العقلاء، بل إلى الجماد مجازًا، يعني المقارضة بين الروح والنفس يعني موجود في كلام أهل العلم حينما يقولون: قدس الله روحه، وقد يقولون: قدس الله نفسه، ونور رمسه كثير في كلام أهل العلم، فهما متقاربان أو متقارضان.

المقدم: لكن هذا السؤال منهم -أحسن الله إليك- واضح أنه سؤال بصوت مرتفع أو الحوار فيما بينهم.

نعم.

المقدم: يعني قبل أن يسألوه، سلوه، قال: لا تسألوه، قال: نخشى أن يأتي بشيء تكرهونه فيظهر أنه مسموع حتى للنبي؛ لأن الرجل الذي معه سمعه.

ابن مسعود.

المقدم: نعم.

نعم.

المقدم: أقصد المجادلة بينهم ما كانت خفية، وبالتالي...

ما الذي يمنع من أن تكون ظاهرة.

المقدم: يعني مثل قول..

أو يكون سمعها ابن مسعود؛ لقربه منهم.

المقدم: لا تسألوه لا يجيء فيه بشيء تكرهونه وهو واقف أمامهم يسمع هذا الكلام، فيه غرابة أن يسمعه النبي -صلى الله عليه وسلم-.

لماذا؟ وقد جاء بشيء مما يكرهونه في كثرة.

المقدم: لكن أقصد أن يسمع الحوار بينهم، يعني كان المفترض أن يكون هذا الحوار فيما بينهم، ثم يأتي السؤال صريحًا ظاهرًا.

هو لا شك أن ابن مسعود سمعه، أو نقله للنبي -عليه الصلاة والسلام- ممن أسلم منهم، ولا يمنع أن يكون النبي- صلى الله عليه وسلم- سمع هذه المحاورة، ليس فيه ما يمنع.

المقدم: أحسن الله إليكم، نستكمل بإذن الله ما تبقى في حلقة قادمة، أيها الإخوة والأخوات، بهذا نصل وإياكم إلى ختام هذه الحلقة من شرح كتاب التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح، نلقاكم بإذن الله في حلقة قادمة، شكرًا لطيب متابعتكم، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.