كتاب بدء الوحي (045)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فلما أنهى الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- حديث جابر -رضي الله عنه- ذكر له متابعات، قال: تابعه عبد الله بن يوسف وأبو صالح، وتابعه هلال بن رداد عن الزهري، وقال يونس ومعمر: بوادره.
الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يُكثر من ذكر هذه المتابعات، فإذا أنهى الحديث الأصل في الباب ذكر له من يتابع راويه عليه، وفي صدر الباب في الترجمة يذكر أحاديث معلقة، في نهاية الباب يذكر متابعات، وفي صدر الباب بعد الترجمة يذكر أخبارًا معلقة منها المرفوع، ومنها الموقوف، ومنها المقطوع، وقد يُردف الخبر المرفوع المسند الأصل بمُعلق يحذف أول إسناده ويختلف فيه الرواة هل هو معلق أو هو موصول بالإسناد السابق، وقد مضى له أمثلة.
المقصود أن عندنا المتابعات يترجم العلماء في كتب علوم الحديث ترجمة الاعتبار والمتابعات والشواهد، معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد، الترجمة بهذه الكيفية توقع في لبس، وهو أن القارئ يظن أن الاعتبار قسيم للمتابعات والشواهد، وهو في الحقيقة هما قسمان فقط متابعات وشواهد، والاعتبار هيئة التوصل إلى معرفة المتابعات والشواهد، وليس بقسيم لهما، إنما هو هيئة التوصل، كيفية التوصل، البحث في الكتب من الصحاح والسنن والمسانيد، والجوامع والمعاجم والمشيخات والأجزاء للبحث عن طرق أخرى لهذا الحديث هل يوجد لراويه من يتابعه عليه أو لا يوجد؟ فإن وُجد للراوي الأول من قِبل المصنف من يتابعه عليه بروايته عن شيخه هذه متابعة، وتُسمى متابعة تامة، فإن لم يوجد لمبادئ السند من جهة المصنف من يتابع راويه عن شيخه فيُبحَث هل لشيخه من يتابعه في روايته عن شيخ شيخه، فإن وجدنا فهذه متابعة، لكنها قاصرة عن الأولى، وهكذا إلى نهاية السند. فإن لم يوجد إلى الصحابي وُجد الاتفاق في الصحابي دون من دونه فهذه متابعة قاصرة.
فإن لم يوجد طريقٌ آخر عن ذلك الصحابي يلزم عليه أن يُروى عن صحابي آخر، أو لا يُروى عن صحابي آخر، فإن روي عن صحابي آخر فالشاهد، وإن لم يُروَ عن صحابي آخر فهو الفرد كالأفراد والغرائب هذا منها. إن لم يُروَ عن صحابي آخر كما تقدم في حديث عمر -رضي الله عنه-.
وهذا هو القول الذي اعتمده أكثر المتأخرين في أن المتابعات يلزم فيها الاتحاد في الصحابي، والشواهد يختلف فيها الصحابي، بغض النظر عن اللفظ والمعنى، فإن اتحد الصحابي فالمتابِع سواء كان الحديث بلفظه أو بمعناه، وإن اختلف الصحابي فالشاهد سواء كان بلفظه أو بمعناه.
ومنهم من يجعل المتابع ما روي باللفظ سواء اتحد الصحابي أو اختلف، والمتابِع ما روي باللفظ، والشاهد ما روي بالمعنى بغض النظر عن الصحابي اتحادًا واختلافًا، هذه خلاصة ما يقال في المتابعات والشواهد. يقول ابن الصلاح...
طالب:...
لا، لا؛ لأن الخطب سهل، سواء سميناه متابعًا أو شاهدًا ما يختلف، المقصود منه التقوية.
طالب:...
لا ما فيه إشكال، لا مشاحة في الاصطلاح، هذا ما فيه مشاحة؛ لأنه لا أثر عملي.
يقول ابن الصلاح في مقدمته الشهيرة: النوع الخامس عشر معرفة الاعتبار والمتابعات والشواهد، يقول: هذه أمور يتداولونها في نظرهم في حال الحديث هل تفرد به راويه أو لا؟ وهل هو معروفٌ أو لا؟ ذكر أبو حاتم محمد بن حبان التميمي الحافظ البُستي، ابن حبان المعروف صاحب الصحيح والثقات والمجروحين وغيرها من المؤلفات النافعة، يقول: إن طريق الاعتبار في الأخبار طريقة المتقدمين ما يحدّون يعرفون بالحد المعروف عند المتأخرين الجامع المانع، قد يحدّون يعرفون بالمثال، لا شك أنه بالمثال يتضح المقال، وقد يُعرِّفون بأركان الشيء كما جاء في حديث جبريل هذا له أصل شرعي، أركانه وأجزاؤه المحصورة تدل عليه. إذا كان محصورًا، هنا يقول ابن حبان: إن طريق الاعتبار في الأخبار مثاله أن يروي حمّاد بن سلمة حديثًا لم يُتابع عليه عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. فيُنظَر هل روى ذلك ثقة غير أيوب؟ فإن وُجد عُلم أن للخبر أصلاً يرجع إليه، فإن لم يوجد ذلك فثقة غير ابن سيرين رواه عن أبي هريرة، وإلا فصحابي غير أبو هريرة رواه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فأي ذلك وُجد يُعلم به أن للحديث أصلاً يرجع إليه وإلا فلا. يعني إذا لم يوجد الموافقة حتى في الصحابي ولا غير الصحابي فإنه يكون حينئذٍ فردًا.
طالب:...
نعم؟
طالب:...
الكلام على الراوي الذي يُعتبَر به، سيأتي الكلام فيه، كثيرًا ما يقول الدارقطني في بعض الضعفاء: فلان يعتبر به، وفلان لا يعتبر به، يعني لا يقبل الانجبار.
قال الشيخ –يراد به ابن الصلاح في المقدمة-: فمثال المتابعة أن يروي ذلك الحديث بعينه عن أيوب غير حماد فهذه المتابعة التامة، فإن لم يروه أحدٌ غيره عن أيوب، ولكن رواه عن ابن سيرين أو أبي هريرة أو رواه غير أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذلك قد يُطلَق عليه اسم المتابعة أيضًا، ولكن تقصُر عن المتابعة الأولى بحسب بعدها منها، ويجوز أن يُسمى ذلك بالشاهد أيضًا، ويجوز أن يُسمى ذلك بالشاهد أيضًا.
فإن لم يرو هذا الحديث أصلاً من وجهٍ من الوجوه المذكورة لكن رُوي حديث آخر بمعناه فذلك الشاهد من غير متابعة، فإن لم يرو بمعناه حديث آخر فقد تحقق فيه التفَرُّد المُطلق عندئذٍ. فكأن ابن الصلاح ينظر إلى اختلاف اللفظ والمعنى، بغض النظر عن اتحاد الصحابي واختلاف الصحابي.
ثم اعلم –يقول ابن الصلاح-: ثم اعلم أنه قد يدخل في باب المتابعة والاستشهاد رواية من لا يُحتَجُّ بحديثه وحده، بل قد يكون معدودًا في الضعفاء، وننتبه لهذا، قال: وفي كتابي البخاري ومسلم جماعة من الضعفاء ذكرهم في المتابعات والشواهد، وليس كل ضعيف يصلح لذلك، ولهذا يقول الدارقطني وغيره في الضعفاء: فلانٌ يعتبَر به، فلان لا يُعتبَر به، قال: وقد تقدم التنبيه على نحو ذلك، والله أعلم.
طالب:...
لا، هذا مقبول، شيء ثانٍ، المقصود أن الضعفاء منهم من هو ضعفه شديد لا يقبل الانجبار وهذا لا يعتبر به، ومنهم من ضعفه دون ذلك يقبل الانجبار فيُعتبَر به، ويُفرِّقون بين النوع الأول والثاني، والأكثر على أن رواية الضعيف شديدة الضعف مثل عدمها لا يشتغل بها؛ لأنه لا يقبل الانجبار، وبعض العلماء وهؤلاء قلة قد يحتاجون إلى مثل هؤلاء الرواة لا سيما إذا كثروا، فيرون أن اجتماع أكثر من واحد من هذا النوع الضعف الشديد بموافقة غيره له أو الضعيف الشديد بموافقة غيره له يخِف ضعفه، فضعيفان يغلبان قويًّا، وهذا أو التحسين بمثل هذا النوع من الرواة هي طريقة السيوطي يُحسِّن الأحاديث ولو كان رواتها من الضعاف شديدي الضعف، يرى أن الضعيف شديد الضعف مع ضعيف شديد الضعف يخف ضعفه، فيكون بمنزلة ضعيف يعتبر به، ضعيف واحد يعتبر به. وفي بعض تصرفات الشيخ الألباني –رحمة الله عليه- في بعض تصرفات الشيخ بما يؤيد صنيع السيوطي، السيوطي نصّ على ذلك في ألفيته:
وربما يكون كالذي بُدي؛ يعني بُدئ به من النوع الأول من أنواع الضعيف القابل للانجبار، وأما عامة أهل العلم فإنهم لا يعتبرون بالراوي شديد الضعف.
طالب:...
عندك عبارات الجرح: كذاب، وضّاع، دجّال هذه لا يلتفت إليها أحد، المرتبة الأولى من مراتب التجريح على سبيل التدلي، لا على سبيل الترقي؛ لأن بعضهم يرتبها كذا، وبعضهم لا يرتبها على مثل ما ينسقها ابن حجر، ينسق المراتب اثني عشر: التعديل ثم الجرح، فيجعل المرتبة الأولى من الجرح أقرب المراتب إلى آخر مراتب التعديل، بحيث يختلف في الراوي هل هو من هذه أو من هذه؟ يقرُب من هذه أحيانًا، ويبعد من هذه أحيانًا. متهم بالكذب هذه تلي المرتبة الأولى، هو معروف بكذبه في أحاديث الناس، لكن لم يحفظ عنه أنه كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا متهم بالكذب دون الأول، هذا شديد الضعف. هذا شديد الضعف ضعيف جدًّا، هناك مراتب دون هاتين المرتبتين ضعيف جدًّا، واهٍ، ثم بعد ذلك ضعيف، ثم يأتي بعد الضعيف لا قبله قبل الضعيف: مستور، مجهول.
طالب:...
نعم، المجهول بأنواعه، والمستور هو مجهول الحال عند بعضهم، المقصود أن هذه مرتبة ليست مثل التصريح بالضعف، والتصريح بالضعف فلان ضعيف أهون من قولهم: ضعيف جدًّا أو واهٍ، مستور، مجهول مجهول الحال، يُكتَب حديثه، ثم بعد ذلك ما يقرُب من مراتب التعديل، ويختلفون هل هي من مراتب التعديل أو من مراتب التجريح، شيخ وسط أو شيخٌ وسط.
طالب:...
ما هي؟
طالب:...
على كل حال هم يختلفون فيها شيخ وشيخ وسط معروفة عند أهل العلم، مقبول هل من آخر هذه المرتبة الخامسة من مراتب التعديل، وهو إطلاقٌ فيه إشكال كبير أشرنا إليه مرارًا، المرتبة الخامسة من مراتب التعديل عند ابن حجر يقول: ، من ليس له من الأحاديث إلا القليل ولم يثبُت، من ليس له من الأحاديث إلا القليل ولم يثبُت فيه ما يُترَك حديثه من أجله، فإن توبع فمقبول وإلا فليّن، فيكون مرتبتين: مقبول مرتبة، وليّن مرتبة.
وذكرنا إشكالًا كبيرًا في مثل هذا الاصطلاح؛ لأن الكتاب كلام في الرواة أو في المرويات يعني التقريب؟
كلام في الرواة بغض النظر عن المرويات، وهذه القاعدة لا يتم الحكم على الراوي إلا من خلال روايته، هل توبع عليها أم ما توبع، فننظر إلى هذا الراوي بعينٍ مجردة عن مروياته، وإن كان الأصل أنه لا يمكن أن يثبت له الحفظ وعدم الحفظ إلا من خلال النظر في مروياته، لكن المفترض أننا نظرنا في هذا الراوي في مروياته، ووجدناه يوافق الرواة، فحكمنا له بالحفظ، وانتهينا منه، لا نعود إليه مرة ثانية ننظر في مروياته. أما ما ذكره ابن حجر في المرتبة الخامسة يجعلنا دائمًا ننظر ونقارن بين هذا الراوي مع مروياته، وفي كل حديث ننظر، فمرة نحكم عليه بأنه مقبول، لماذا؟
لأنه توبع، ومرة نحكم عليه في بعض أحاديثه بأنه ليّن؛ لأنه لم يتابع، وليس هذا من وظيفة الكتاب، وليس هذا من وظيفة الكتاب، فيبقى الراوي له وصف واحد مثل الضعيف، إذا توبع الضعيف ألا يرتفع إلى درجة القبول، الحسن؟ يرتفع، إذًا نحتاج أن ندخل الضعيف في هذه القاعدة، ذكرنا أمثلة ذكرها الحافظ في التقريب الضحّاك بن حُمرة، والضحّاك بن نُبراس، والضحّاك المعافري قال: في واحد مقبول، وقال في واحد ليّن، وقال في واحد ضعيف. ما الفرق بينهم؟ طيب هذا الضعيف الذي نصّ على ضعفه إذا توبع ماذا يصير؟ يصير مقبولًا، اللين إذا توبع صار مقبولًا، المقبول إذا لم يتابع صار ليّنًا، إذًا ما استفدنا شيئًا من هذه القاعدة.
طالب:...
لا هو ما فيه إلا أننا نقول: إن الحافظ كاد أن يتابع مرويات من قال فيه: مقبول وجد له متابعًا، وكل من قال فيه: ليّن لم يجد له متابعًا، وهذا ممكن، ألا يمكن أن يطلع أن حديثًا في جزء من الأجزاء أو معجم من المعاجم أو مشيخة من المشيخات لم يطلع عليه ابن حجر؟ الطالب يرجع إلى التقريب.
طالب:...
سبحان الله، الآن أنا وجدت حديثًا لا أدري هو متابع أو ليس متابعًا، ماذا أحكم عليه؟ أبحث عن متابع؟ إذًا ما استفدت من التقريب؛ لأن اللين هذا الذي نص عليه إذا وجدته متابعًا صار مقبولًا.
طالب:...
لا، هذا الذي كتب لين هو نفسه المقبول، إلا أن هذا توبع، وهذا ما توبع، الراوي نفسه نفسه راوٍ واحد في حديث توبع، وفي حديث ما توبع، ماذا تسوي؟
طالب:...
إذًا ما استفدنا، ما استفدنا، هذا الراوي الذي قال فيه: مقبول، وهذا الراوي الذي قال فيه: لين، وفيه كمية كبيرة في التقريب رواة قال فيهم: مقبول، وقال فيهم، هذا الرجل الذي حكم عليه أنه مقبول، وجدنا له حديثًا في مشيخة من المشيخات ما توبع عليه، وهذا الراوي الذي قيل فيه لين وجدنا له حديثًا في كتاب من الكتب الذي ما اطلع عليها ابن حجر توبع عليها، إذًا يبقى الحكم على الحديث ما هو على الرواة، يبقى الحكم على الأحاديث ليس على الراوة، على المرويات لا على الرواة؛ لأن الراوي يختلف حكمه من حديث إلى حديث.
طالب:...
يا إخوان ألم تفهموا ما أقصد أنا؟
طالب:...
الكتاب أصل التقريب حكم على المرويات أم على روايات؟ على رواة، حكم على رواة، صحابي وهم في حديث، صحابي ثقة عدل، لكن في هذا الحديث ماذا نقول؟ ابن عباس قال: تزوج ميمونة وهو محرم، حبر الأمة وهم، هل نحتاج أن ننص عليه في التقريب؟ لماذا نحتاج إنه توبع وما توبع؟ وحديث صدوق هل نحتاج أن نقول: إذا توبع يرتقي حديثه إلى الصحيح وإن لم يتابع فحديثه حسن؟ نفس الشيء.
طالب:...
يحكم عليه يما يستحقه مجردًا، كما يحكم على غيره. هو ثقة نعم، لكن إذا خالف ما لنا علاقة في كتاب مرويات رواة، ما لنا علاقة بمخالفاته إلا إذا كثُرت أثرت في حفظه. ما يستحق أن يوصف بالحفظ، لكن إذا حكمنا عليه بحكم عام ومع ذلك ليس بمعصوم. الزهري حُفظ له أحاديث، ومالك حُفظ عليه، كلٌّ حُفظ عليه، فنحتاج أن ننص عليه؟ ما نحتاج إلا إذا كثر قلنا يهم وله أوهام ممكن؛ لأن له أثرًا على حفظه، أما أن نقول: هذا الراوي يحتمل أن يكون كذا ويحتمل أن يكون كذا، ما يحتاج أن ننص عليه؛ لأنه عندنا قواعد محفوظة في مثل هذا، وليس هذا محلها، محلها في الكلام على كتب المصطلح وكتب التطبيق، كتب التخريج.
طالب:...
نعم.
طالب:...
هذه كلها مبينة هذه، لكنه ما يتغير عن هذه الحال هذا الراوي، ما يمكن أن يحكم عليه بحكم ثانٍ. إلا من باب اختلاف الاجتهاد، ما يقول: هذا الراوي كذا أو كذا، ما يمكن، إلا في هذه المرتبة المرتبة الخامسة من مراتب التعديل، إن توبع فمقبول وإلا فلين، طيب هذا صدوق إن توبع فحديثه صحيح، وإلا فحسن، نحتاج إلى مثل هذا في كل الألفاظ. ثقة إن لم يخالف وإن خالف فمردود، وبعد؟ هذا القيد يندرج في جميع المراتب. ما أدري كيف وضعه الحافظ، وأنا بحثت هذه المسألة مع كبار أهل الحديث ما وجدت جوابًا، والله ما وجدنا جوابًا، في رسائل دكتوراة نوقشت وانتهت، والمسألة باقية كما هي.
يقول: ولهذا يقول الدارقطني وغيره في الضعفاء فلانٌ يعتبر به، وفلان لا يعتبر به، وقد تقدّم التنبيه على ذلك، والله أعلم. يقول الحافظ العراقي:
الاعتبار سبرك الحديث هل
|
| شارك راو غيره فيما حمل
|
عن شيخه فإن يكن شورك من
|
| معتبر به فتابع وإن
|
شورك شيخه ففوق فكذا
|
| وقد يسمى شاهدا ثم إذا
|
متن بمعناه أتى فالشاهد
|
| وما خلا عن كل ذا مفارد
|
يعني الذي يخرج عن المتابعات والشواهد مفارد يعني أفراد، وهذا أيضًا جارٍ على كلام ابن الصلاح، فينظر كلام ابن الصلاح في أن النظر في اللفظ والمعنى بغض النظر عن الصحابي، لكن الذي اعتمده المتأخرون أو جُلّ المتأخرين أن النظر في الصحابي اختلافًا واتحادًا، فإن اتحد فالمتابع سواء اتحد اللفظ أو اختلف، وإن اختلف الصحابي فالشاهد بغض النظر عن اللفظ والمعنى، ولا مشاحة في هذا سواء قلنا شاهد أو متابع، ما فيه فرق؛ لأن المقصود من ذلك التقوية.
طالب:...
نعم، أيهما أنفع وأجود لترقية الحديث المتابعة التامة أو القاصرة؟ اختلاف في الصحابي؛ لأنه لو عندنا حديث كامل مستقل مروي من طرق أخرى أيهما أقوى؟ ما الذي يُقدَّم؟
طالب:...
أنا أقول: فرق بين أن يكون الحديث فردًا في خمس طبقات ثم يتابع في السادسة، وبين أن يكون فردًا في أربع طبقات ثم يتابع في الخامسة والسادسة، وفردًا في ثلاث طبقات ويتابع في الرابعة والخامسة والسادسة، قاصرة، وفرق بين أن يكون متحد الصحابي والتابعي ثم يشارك فيما بعد ذلك، أو يكون فردًا في الصحابي فقط ويرويه عنه مجموعة من الرواة، ويرويه عن مثلهم، أو يأتي من صحابة آخرين، يختلف مخرجه.
طالب:...
لا، الكلام عند الحاجة، كل الكلام عند الحاجة.
طالب:...
لأن الحديث يدور عليه، إذا كان الحديث يدور على راوٍ ضعيف هذا ما فيه كلام.
طالب:...
يعني المتابعة الأنفع لتقوية الحديث هي متابعة من يحتاج إلى المتابعة.
طالب:...
هم يريدون بالمتابعات والشواهد رفع الضعف، وجبر الخلل في الإسناد، وأي خللٍ في الإسناد سواءٌ كان في أوله أو في أثنائه نحتاج إلى ما يرفع هذا الخلل، فالضعيف هو الذي يحتاج إلى المتابع في أي طبقة من طبقاته، لكن هم يذكرون التابع المتابعة التامة والقاصرة من باب التنويع، من باب التنويع، وإلا فالحديث الذي يرويه مثلاً ابن ماجه بإسناد، ويرويه أبو داود بنفس الإسناد هل نقول: إن هذه متابعة من أبي داود لابن ماجه، وتقوى بها الحديث أو الحديث إسناده هو هو ما تغير؟ إسناده هو هو ما تغير، فالمتابعات مطابقة الراوي في الرواية عن شيخه أو شيخ شيخه وتسمى الأولى متابعة تامة، وتسمى الثانية متابعة قاصرة.
والمتابعات إنما تكون على اصطلاح المتأخرين مع اتحاد الصحابي، وإذا جاء الحديث عن صحابي آخر فهو الشاهد، وقيل: المتابع ما جاء من طريق آخر باللفظ بغض النظر عن صحابي اتحد أو اختلف، والشاهد ما جاء بالمعنى ولو اتحد الصحابي، والاعتبار طريقة التوصل والبحث عن وجود المتابعات والشواهد، فليس قسيمًا لهما كما توهمه عبارة ابن الصلاح.
قال النووي في شرحه على قطعة من صحيح البخاري: طريقك في معرفة مثل هذا أن تنظر طبقة المتابِع بكسِر النون فتجعله متابعًا لمن هو في طبقته بحيث يكون صالحًا لذلك، فمثلاً الحديث الأول: يقول حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال: حدثنا سفيان قال: حدثني يحيى بن سعيد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول... إلى آخره، هذا على سبيل التمثيل لو وجدنا في كتاب آخر يقول مؤلفه: حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا... هات واحدًا من طبقة يحيى بن سعيد، ثم يقول: أخبرني محمد بن إبراهيم أو غيره، المقصود أنه وافق البخاري في الأول والثاني، واختلف الثالث، نقول: هذه متابعة لسفيان أو ليحيى بن سعيد؟
طالب:...
هذا في الأصل يعني في تعداد الرواة، قد يكون رواة بعض الأسانيد مُعمَّرًا، فيقوم مقام راويين أو ثلاثة، وهذا في الأسانيد العالية، وحينئذٍ يختل كلام النووي، النووي يقول: انظر إلى الراوي المختلف في الإسناد هل هو في طبقة الأول أو الثاني أو الثالث فاجعله متابعًا له، لكن قد يكون إسنادًا سباعيًّا ونجد للحديث إسنادًا ثلاثيًّا، هل نستطيع أن نطبق كلام النووي؟ لا نستطيع، لا نستطيع أن نُطبق كلام النووي، وإنما نقول: هذا الراوي المُعمر بمنزلة فلان وفلان من رواة الإسناد الأول.
طالب:...
هي ممكن، يعني ما في إسناد البخاري يروى تُساعيًّا، لو وجدناه عن غيره خُماسيًّا مثلاً أربعة أحاديث في صحيح البخاري، أربعة أحاديث في صحيح البخاري يرويها البخاري بإسنادٍ أنزل من مسلم، فالبخاري يرويها عن شيخ بواسطة، يرويها مسلم عن نفس الشيخ بدون واسطة، فعلى كلام النووي يضطرب الأمر في مثل هذا الإسناد. إذا عددنا عددًا يضطرب الأمر في مثل هذا الإسناد.
وعلى كل حال كلامه أغلبي أنه في الغالب أن هذا الراوي الموجود في طبقة كذا يعادله ذاك الراوي في طبقة كذا، فيكون متابعًا له بغض النظر عن كون الراوي الأول رواه عن شيخه مباشرة والثاني في الإسناد النازل رواه بواسطة.
يقول الكرماني في شرحه: تابعه عبد الله بن يوسف أي التِنِّيسي شيخ البخاري المذكور، وهذا أول موضعٍ جاء فيه ذكر المتابعة، والبخاري -رحمه الله- قد أكثر من ذكر المتابعة في صحيحه فينبغي أن يُتحفظ بمعناها، يُتحفظ بمعناها، ما معنى يُتحفظ؟ استعمالها العرفي الآن نعم.
كيف؟
طالب:...
نعم، يختلف عن مرادهم، يعني إذا تحفظت على شيء معناه أنك لا تتعجل بالموافقة، لا تتعجل بالموافقة؛ لأنه عندك شيء فيه معارضة لما تضمنه ما تريد التحفظ عليه، لكن عندهم يتحفظ يعني يحفظ، وإن كان الحفظ يختلف عن التحفظ باعتبار أن التحفظ يكون بالتدريج، ما يكون دفعة واحدة، وليس مرادًا هنا إنما مراده الحفظ. والضمير في تابعه عائد إلى يحيى بن بُكير؛ لأن البخاري قال: حدثنا يحيى بن بُكير قال: حدثني الليث عن عقيل، إلى يحيى بن بُكير يعني عبد الله تابع يحيى في رواية هذا الحديث، فرواه عبد الله بن يوسف عن الليث كما رواه يحيى، والحاصل أن البخاري سمع الحديث بهذا الإسناد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن يحيى، ثم ثبت عنده بذلك الإسناد أيضًا عن عبد الله وكذا أبو صالح.
طالب:...
لا هو تابع يحيى بن بُكير.
طالب:...
نعم حديث عائشة.
طالب:...
حديث عائشة.
طالب:...
لا هو تابع يحيى بن بُكير في حديث عائشة المُصرح به. هو عندهم متصل عند ابن حجر متصل بالإسناد المذكور.
طالب:...
هو ما زال ماشٍ على رأيه، الكرماني مشى على أن المسألة محتملة، أنه مُعلّق، ويحتمل أن يكون بالإسناد المذكور، وهذه عادة الكرماني ما يجزم؛ لأنه لم يطلع على الروايات الأخرى، يقول ابن حجر: تابعه الضمير يعود على يحيى بن بُكير، ومتابعة عبد الله بن يوسف عن الليث هذه عند المؤلف في قصة موسى، قوله: وأبو صالح هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد أكثر البخاري عنه من المُعلّقات، وعلّق عن الليث جملة كثيرة من أفراد أبي صالح عنه، ورواية عبد الله بن صالح هذه عن الليث في هذا الحديث أخرجها يعقوب بن سفيان في تاريخه مقرونًا بيحيى بن بُكير ووَهِم، هذا نحتاج إليه، وهِم من زعم كالدمياطي أنه أبو صالح عبد الغفار بن داود الحرّاني فإنه لم يذكر من أسنده عن عبد الغفار، وقد وُجد في مسنده عن كاتب الليث، وقد وُجد في مسنده عن كاتب الليث؛ لأنه يقول عندنا: تابعه عبد الله بن يوسف وأبو صالح.
طالب:...
بعد أن انتهى حديث جابر قال: تابعه عبد الله بن يوسف وأبو صالح، أبو صالح هذا اختلفوا فيه؛ فالشُرَّاح كلهم على أنه عبد الغفار، ابن حجر قال: لا، هو عبد الله بن صالح كاتب الليث، ابن حجر يقول: الضمير يعود على يحيى بن بُكير، ومتابعة عبد الله بن يوسف عن الليث هذه عند المؤلف في قصة موسى، قوله: وأبو صالح وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث وقد أكثر البخاري عنه من المُعلقات وعلّق عن الليث جملة كثيرة من أفراد أبي صالح عنه، ورواية عبد الله بن صالح عن الليث لهذا الحديث أخرجها يعقوب بن سفيان في تاريخه مقرونًا بيحيى بن بكير، وهِم من زعم كالدمياطي أنه أبو صالح عبد الغفار بن داود الحرّاني؛ فإنه لم يذكر من أسنده عن عبد الغفار، وقد وُجد في مسنده عن كاتب الليث، وقد وُجد في مسنده عن كاتب الليث.
طالب:...
أنا أسأل عنه.
طالب:...
في مسنده.
طالب:...
لا.
طالب:...
يعقوب بن سفيان في تاريخه، الضمير قد يعود إليه؛ لأنه الأقرب، ولا يحتمل أنه الدمياطي؛ لأنه يخالف الدمياطي غير موافق. يقول العيني: قال أكثر الشُرَّاح: هو عبد الغفار بن داود بن مهران البَكري الحرّاني، ولد بأفريقيا سنة أربعين ومئة، ومات بمصر سنة أربعٍ وعشرين ومئتين، وقال بعضهم: هذا وهمٌ، وإنما هو أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، يقصد ابن حجر، كاتب الليث المصري ولم يتبين وجهه في الترجيح؛ لأن البخاري روى عن كليهما روى عن عبد الغفار، وروى عن عبد الله بن صالح كاتب الليث، يعني أن ترجيح ابن حجر كون أبي صالح هو عبد الله بن صالح كاتب الليث هو مجرد تحكم؛ لأنه يروي عن الاثنين عن الليث.
طالب:...
هو يقول: ولم يتبين وجه الترجيح؛ لأن البخاري روى عن كليهما.
طالب:...
نعم، صرّح باسمه، لكن هل يمنع أن يُروى عن عبد الغفار؛ لأن البخاري يروي عنه عن الليث.
طالب:...
لا، تدري ما الي يفصل الآن، الذي يفصل ذكر هذا المتن وإلا كون احتمال أنه يروي عن عبد الغفار ما فيه إشكال، وقد روى عنه عن الليث، لكن هذا الحديث بعينه، الشُرَّاح قاطبة يوردون احتمالات، يوردون احتمالات، ابن حجر يقف على النصوص، ويُرجح أحد هذه الاحتمالات؛ لأن المتن المذكور مروي عن هذا الشخص بعينه، ويبقى أن الاحتمال الذي ذكروه وارد، وإن قال ابن حجر أنه وَهْم؛ لأن هذا المتن قد يرويه البخاري عن عبد الغفار عن الليث، لكن يبقى أن هذا مجرد احتمال عقلي، وكلام ابن حجر إنما هو مبني على ثبوت الرواية لهذا الحديث من هذا الطريق، قال: ولم يتبين وجهه في الترجيح؛ لأن البخاري روى عن كليهما يعني أن ترجيح ابن حجر مجرد تحكم، ما دام يروي عن عبد الغفار، البخاري يروي عن عبد الغفار، وعبد الغفار يروي عن الليث، وهذا الإشكال إذا وُجد المُهمل سواء كان باسمه أو بكنيته، وبحثنا في الكُتب كتب الرجال التي تهتم باستيعاب الشيوخ والتلاميذ، وأردنا أن نميز هذا المهم لم نستطع حتى نجد الحديث مرويًا بما يزيل هذا الإهمال.
طالب:...
نقول: أصاب أصاب، لكن يبقى أن الاحتمال الثاني لا يمكن القطع بخطئه، هل يمكن القطع بخطئه؟
طالب:...
المقصود أن العلماء كيف يميزون المهمل؟ بمعرفة الشيوخ والتلاميذ أبو صالح عبد الغفار وأبو صالح عبد الله كلاهما يشتركان في الشيوخ والتلاميذ والطبقة.
طالب:...
لكن ما ينفي الثاني.
طالب:...
الآن أكثر الشُرَّاح ما هو مجرد كلام العيني، يقول أكثر الشُرَّاح عبد الغفار، الواقع يشهد بهذا، أكثر الشُرَّاح يقولون عبد الغفار، وأنا أنقل عنهم يقولون عبد الغفار، ابن حجر بلا شك أنه يُحتكَم إليه في مثل هذه الأمور؛ لأنه لا يكتفي بمجرد النظر في الرواة، ابن حجر فتح الله عليه في مواضع كثيرة، لم يهتدِ إليها كثير من الشُرَّاح، فكوننا نقتصر على معرفة المهمل بمجرد الرجوع إلى كتب التراجم، وأنهم يشتركون في الشيوخ والتلاميذ لا يعني أننا أصبنا؛ لأنه قد حصل الاشتراك مع الاشتراك؛ لأنه حصل الإهمال، ولم يتميز مثل ما قلنا عن دروس سابقة عن حماد وحماد، وسفيان وسفيان يشتركون في كثير من الشيوخ والتلاميذ.
طالب:...
لا، هو قال: أكثر، أكثر البخاري، أكثر البخاري من التعليق عن أبي صالح كاتب الليث عن الليث.
طالب:...
المقصود أن كونه كاتبه يغلب على الظن أنه هو، لكن يبقى أيضًا أن القاعدة التي قعّدها أهل العلم أن الذي يسبق إليه الفهم هو الجادة أن ترجيح غيرها أولى من ترجيحها، ترجيح غيره أولى من ترجيحه، ترجيح الطريق الذي ليس هو الجادة، يعني مثل ما قلنا سابقًا مالك عن نافع عن ابن عباس يُروى هذا الحديث، ويُروى مالك عن نافع عن ابن عمر، أيهما أقرب إلى الصواب؟ ابن عباس؛ لأن اللسان يسبق إلى ابن عمر.
يا إخوان ذكرنا هذا مرارًا، ومثلنا له فيما جاء في كتاب الفرائض، ورددناه مرارًا، وهذه قاعدة معروفة عند أهل العلم، يعني لما قلنا في شرح الموطأ وكررناه في المناسبات، ولد الأم للذكر مثل حظ، الإخوة قالوا الأنثيين، وهو ليس بصحيح، مثل حظ الأنثى لماذا؟ لأن هذه الجادة، جادة الفرائض أن الذكر مثل حظ الأنثيين، فيسبق إليها اللسان، فالترجيح إلى خلاف ما يسبق إليه اللسان.
طالب:...
على كل حال هذا كلامه، كلام مثل حظ الأنثيين.
طالب:...
لا مصادرة.
طالب:...
مصادرة.
طالب:...
نعم.
طالب:...
كيف؟
طالب:...
لا، المعارضة بإقرار الكلام ثم عارضه، المصادرة جحده بالكلية.
طالب:...
يعترض مجرد ابن حجر أم؟
طالب:...
هو أكثر الشُرَّاح على أنه عبد الغفار، يعني كوننا نميل إلى ابن حجر؛ لأن معه الدليل، لا لأنه حذامي هذا الفن؛ لأنه معه الدليل، يعني تعب إلى أن وجد ما يؤيد دعواه. وغيره هي مجرد دعوى. لأن الكلام يحتمل. فالكلام المحتمل ترجيح أحد الاحتمالين بدليله هذا هو الأصل كما فعل ابن حجر.
طالب:...
ماذا فيه؟
طالب:...
لا، ما فيه إشكال بالنسبة للمتابعات، ما عندهم إشكال، معروف تكلموا فيه، لكن يبقى أنه في المتابعات مقبول. البخاري يكثر عنه، يقول ابن الملقن: أبو صالح اسمه عبد الغفار بن داود الحرّاني، يقول الكرماني: أبو صالح اسمه عبد الغفار بن داود البكري يقال له: الحرّاني، شرح النووي يقول: أبو صالح هذا اسمه عبد الغفار بن داود بن مهران البكري يقال له: الحرّاني، هذا هو الذي قدموا على ابن حجر كلهم يتفقون على أنه عبد الغفار، من جاء بعد ابن حجر؟ الشيخ زكريا في شرحه، الأنصاري يقول: أبو صالح هو عبد الله كاتب الليث، هو تبع لابن حجر أو هو عبد الغفار بن داود البكري الحراني، القسطلاني يقول: أبو صالح هو عبد الله كاتب الليث أو هو عبد الغفار بن داود البكري الحراني، ووَهَّمَ في فتح الباري القائل بالثاني، وقد أكثر المؤلف عن الأول من المعلقات.
الموقف من تحديد المهمل بالنسبة للشرَّاح من تقدم ابن حجر يتتابعون، ولعل بعضهم ينقل عن بعض من غير بحث، وهو ليس ببعيد، يعني يحصل هذا، لما جاء ابن حجر ونظر إلى المسألة بعين التحقيق من غير متابعة لغيره، الدمياطي صرّح وجزم بأنه عبد الغفار، ووهّمه ابن حجر، ابن حجر ما يتبع غيره من غير نظر ولا روية، وهذه ميزته، قد يتتابع، وقد يتتابع مفسرون، وقد يتتابع فقهاء على النقل بعضهم من بعض، لكن ابن حجر إذا وصل إلى محل نزاع فلا بد أن يحرِّره، ما يمكن أن يتابع.
طالب:...
على كل الحال العيني تعقبه؛ لأنه مجرد احتمال، هو مستند على أن أكثر الشُرَّاح على هذا، والكثرة لا شك أنها لها نصيبًا، يعني كل واحد من هؤلاء العلماء يحتمل أنه وقف على مُرجّح والترجيح باعتبار القائلين إذا استغلق الترجيح بالنظر في الأقوال وأدلتها فالترجيح باعتبار القائلين لا شك أنه عند أهل العلم له قيمته، له وزنه.
طالب:...
لا، تابعه، تابع يحيى بن بُكير، قبله يقول: تابعه عبد الله بن يوسف، والتِّنِّيسي بمثناة ونون ثقيلة بعدها تحتانية ثم مهملة، أبو محمد الكلائي، أصله من دمشق، ثقة متقن، يعني تِنِّيس مصر وأصله من دمشق ثقة متقن، من أثبت الناس في الموطأ، من كبار العاشرة مات سنة ثماني عشرة يعني وكم؟ ومئتين. وتابعه هلال بن ردّاد، وتابعه هلال بن ردّاد عن الزهري، قال ابن حجر: بِدَالين مهملتين، الأولى مُثقَّلة، وحديثه في الزهريات للذهلي، وفي التقريب هلال بن ردّاد بتشديد الطاء أو الكناني الشامي الكاتب مقبول من السابعة، يعني مثل هذا ما يقبل في الأصول عند البخاري، لكن في المتابعات يذكر.
وفي شرح ابن المقلن: أخرج له البخاري ها هنا متابعة، يعني ابن حجر علّم عليه بعلامة تعليق التي هي الخاء والتاء، يعني فرق بين خت وبين تخ، في الرموز خت بخاري تعليق، وخت في تاريخ البخاري، في شرح ابن الملقن: أخرج له البخاري ها هنا متابعة لعقيل، وليس له ذكر في البخاري إلا في هذا الموضع، ولم يخرج له باقي الكتب الستة، روى عن الزهري، ولم يذكره البخاري في تاريخه ولا ابن أبي حاتم في كتابه، مع أن الكتابين من أجمع الكتب للرواة، ولم يذكره البخاري في تاريخه ولا ابن أبي حاتم في كتابه، ولم يذكره الكلاباذي في رجال الصحيح رأسًا، مع أنه موجود هلال بن ردّاد. ولم يذكره الكلاباذي في رجال الصحيح رأسًا. لعل النسخة التي وقعت له سقط منها ذكره. أي تابع هلال بن ردّاد عُقيلاً في روايته عن الزهري، وقال يونس ومعمر: بوادره.
يونس هو ابن يزيد بن أبي النجاد الأيلي بفتح الهمزة وسكون التحتانية بعدها لام، أبو يزيد مولى آل أبي سفيان، ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهمًا قليلاً، لكنه غير مؤثر، إذا كان قليلًا فغير مؤثر، وفي غير الزهري خطأ، من كبار السابعة، مات سنة تسع وخمسين على الصحيح. وقيل: سنة ستين، يعني وكم؟ ومئة، وروى له الجماعة.
ومعمر بتفتح الميمين وسكون العين، أبو عمرو بن راشد الأزدي الحرّاني مولاهم، عالم اليمن المتوفى سنة أربع أو ثلاث أو اثنتين وخمسين ومئة.
رواية يونس وصلها المؤلف في التفسير، ورواية معمر وصلها المؤلف في تعبير الرؤيا، كلاهما يروي عن الزهري بلفظ: بوادره، يعني بدلاً من: يرجف فؤاده. قال ابن حجر: بوادره يعني أن يونس ومعمرًا رويا هذا الحديث عن الزهري، ووافقا عقيلاً عليه، إلا أنهما قالا بدل قوله: يرجف فؤاده ترجف بوادره، والبوادر جمع بادرة، وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق تضطرب عند فزع الإنسان، فالروايتان مستويتان في أصل المعنى؛ لأن كلاًّ منهما دالٌّ على الفزع. لكن أصل الحديث يحتمل اللفظتين أو إحداهما؟ ثم تكون الثانية رواية بالمعنى، قال: وقد بينا ما في رواية يونس ومعمر من المخالفة لرواية عقيل غير هذا، في أثناء السياق، والله الموفق.
وفي التوضيح لابن الملقن: البوادر: بفتح الباء الموحدة جمع بادرة، وهي اللحمة، البوادر بفتح الباء الموحدة جمع بادرة، وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق، تضطرب عند فزع الإنسان، قال أبو عبيدة: تكون من الإنسان وغيره، وقال الأصمعي: الفريصة اللحمة التي بين الجنب والكتف أي التي لا تزال ترعد من الدابة، وجمعها فرائص. يعني أحيانًا ترعُد من دون خوف، يعني من الدابة تجنح يعني تتحرك، في جسم الإنسان في بعض المواضع ما يتحرك من غير خوف، تجدون المذبوحة من بهيمة الأنعام في جسمها قد يوجد شيء يتحرك بعد الذبح، فالمقصود أن البوادر هي التي ترجف عند الخوف، الفرائص أيضًا ترتجف عند الخوف، لما سلّم النبي -عليه الصلاة والسلام- من صلاة الصبح في يوم، وإذا برجلين في مؤخرة المسجد لم يصليا معه، جيء بهما إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ترعُد فرائصهما.
قال ابن سِيده في المخصص: البادرتان من الإنسان لحمتان فوق الرُّغَثاوَيْنِ وأَسْفَلَ الثُّنْدُوَةٍ ، وقيل هما جانبا الِكركرة، وقيل: هما عرقان يكتنفانها، قال: والبادرة من الإنسان وغيره، وقال في أماليه: ليست للشاة بادرة، ومكانها صردغة، كل هذه ألفاظ غريبة تحتاج إلى مراجعة. صردة للشاة وهما الأَوليان أو الأُوليان تحت صليفي العنق لا عظم فيهما. هذا كله من غريب اللغة يحتاج إلى مراجعات.
وادعى الداودي أن البوادر والفؤاد واحد، ادعى الداودي أن البوادر والفؤاد واحد، والذي عند أهل اللغة ما سقناه، هذا يختلف عن هذا، لكن الذي يروي اللفظ مرة أو رُوي اللفظ مرة فؤاده ومرة بوادره هل نقول: إن هذا من اختلاف المعنى، أو من الرواية بالمعنى، أو أن هذا غير هذا؟
طالب:...
لكن هي منصبة على واحد، لو قال: يرجف قلبه، والثاني قال: يرجف فؤاده قلنا رواية بالمعنى، أليس كذلك؟
طالب:...
لكن المصدر واحد، مصدر واحد.
طالب:...
نعم؟
طالب:...
المقصود أن هل البوادر على ما قاله أهل اللغة هي الفؤاد؟ قلنا مرة يروى بالمعنى مرة هذا ومرة هذا أو نقول: هي غير هذا؟ أو أنه يرجف فزعًا، كل ما يمكن أن يرجف عند الفزع يرجف، وعبّر بعضهم بشيء، وعبّر الثاني بشيء آخر.
طالب:...
لا أنا أقول: إن رواية المعنى ما معنى رواية المعنى؟ المعنى في كلمة في كلمة يرِد عليها أكثر من لفظ.
طالب:...
على لفظ واحد، على معنى واحد. لكن هذا البوادر غير الفؤاد، فهل نقول إن هذه رواية بالمعنى، أو أن نقول: إن المعنى الذي يجمع كل ما قيل هو الخوف؟ والذي يلزم منه رجفان الفؤاد رجفان البوادر رجفان الفرائص، كل ما يمكن أن يرجف يرجف عند الخوف والفزع، في شرح ابن المُلقن بعد ما انتهى الكلام على الحديث ذكر دُررًا سماها دُررًا، وأطال في سردها. وقال: إنه استفادها من بهجة النفوس، وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها. شرح ابن أبي جمرة على مختصره في صحيح البخاري. شرح ابن أبي جمرة في مختصره على صحيح البخاري، وفيه أكثر في المختصر لابن أبي جمرة الشُرَّاح كلهم ينقلون عنه، ينقلون عنه، ويصفونه بأنه القدوة، ورجل متصوف من العارفين، وفي كلامه شيء من الفوائد، وفي بعضه ما يُردّ، ابن الملقن انتقى لنا مجموعة من الدُرر انتقاها من شرح ابن أبي جمرة على مختصره. وهي موضوع الدرس القادم إن شاء الله تعالى.
طالب:...
نعم.
طالب:...
نعم بالاستقراء. بالاستقراء.
طالب:...
لا، الحكم في هذا أن هذا الرجل لا يمكن أن يخرِّج له البخاري الذي اشترط الصحة، وقد وُجد ما يغني عنه ممن ينطبق عليه شرطه، لا بد أن نقول بهذا.
طالب:...
بالإسناد السابق، بالإسناد السابق يعني في حديث عائشة.
طالب:...
كلها مسند عائشة، لكن هل هذا منها أو ممن دونها؟
طالب:...
يقول كم اسمًا من الأسماء المصطلح يمكن أن تُجمع في حديث أو أن تطلق على حديث ونرجو التوضيح؟ كم اسمًا من الأسماء المصطلح يمكن أن تُجمع في حديث أو أن تطلق على حديث ونرجو التوضيح؟
يعني تجتمع الصحة مع الرفع، تجتمع الصحة مع الوقف، تجتمع الصحة مع ما يروى عمن دون الصحابي من المقطوعات، ما أدري ماذا يقصد السائل، حسن صحيح غريب، المقصود أن الأسماء قد تجتمع في حديث واحد ولا يكون بينها تضاد.
هذا يقول: هل الحافظ في أحكامه في التقريب وصل لهذه الأحكام النهائية بعد أن استقرأ أحاديث كل راوٍ؟
يعني أنا قلت للإخوان مرارًا: إن طالب العلم الذي تجاوز مرحلة المبتدئين أن يشتغل بالعلم، ما معنى هذا؟ أن يشتغل بالمتون والأسانيد مثل ما شرحنا مرارًا، يجعل البخاري محور عمل، ويضيف إليه من الكتب الأخرى، في الرجال يأتي إلى السلسلة المباركة الكمال، تهذيب الكمال تهذيب التهذيب، تذهيب التهذيب، التقريب، الخلاصة، الكاشف، كلها تدور على محور واحد وهو الكمال في أسماء الرجال رجال الكتب الستة للحافظ عبد الغني المقدسي، وينظر فيها، إذا كان متأهلًا يضيف إلى بعضها من بعض، إذا انتهى مثلاً ينظر كل ما قيل في الراوي، ويحاول أن يخرج بنتيجة بعد معرفة القواعد التي من خلالها يستطيع الحكم على الرجال، ويوفق بين الأقوال، المقصود أن على طالب العلم أن يعمل، والكتب كلها متيسرة ومتوفرة، وما تكلف شيئًا الآن الكتب ولله الحمد؛ يعني المجموع كلها ما تكلف الأخ خمسمائة ريال، أو ألف ريال، إذا قلنا بتهذيب التهذيب الغالي خمسة وثلاثين مجلدًا. مع أنه إذا انتهى ينتهي بنتيجة، يعني بثروة كبيرة من الرواة. ينتهي بثروة كبيرة من الرواة، فإذا نقل من بعضها إلى بعض، ونظر في الراوي ما قيل فيه عشرون قولًا، خمسة عشر قولاً، ونظر ماذا خلص ابن حجر من هذه الأقوال بالتقريب، والذهبي ماذا خلص من هذه الأقوال بالكاشف وغيره؟ كيف خلصوا إلى أقوال مختصرة ينظر، مع بعد معرفة القواعد التي توصله إلى هذه الأحكام. بهذا يكون عنده أهلية للنظر في أقوال العلماء بالنسبة للرجال. وإلا فبعض الرواة يكون فيه ثلاثة عشر قولًا، بين مُوَثِّق مطلقًا ومُوثِّق بالتقييد ومُوَثِّق بالنسبة لبعض الرواة، وبين مضعف مطلق، كيف يتعامل مع هذا الراوي، وقد اضطربت فيه أقوال أهل العلم؟
هذا الذي يريد أن يصل إلى الحقائق بنفسه. أما من أراد التقليد فهذا أمر سهل، يقول: والله أنا أعتمد الكاشف، أعتمد الخلاصة، أعتمد التقريب فهذا أمره لا يشكل هذا.
طالب:...
نعم.
طالب:...
نعم؛ لأنهم يعملون بقواعد مُطردَة.
طالب:...
لا لا، لا مشاحة، لا مشاحة في الاصطلاح، المقصود أنك تمشي على طريقة المتأخرين حتى تتأهل لمحاكاة المتقدمين، يعني هذا في كل علم، التفقه في أول الأمر تمشي على طريقة المتأخرين، على طريقة على الجادة المعروفة عند أهل العلم في التفقه، ثم بعد ذلك إذا تأهلت لتتفقه مباشرة من الأدلة فهذا فرضك.
طالب:...
قل مثل هذا في الأحكام على الأحاديث، ما يمكن أن يأتي طالب متوسط يحاكي الإمام أحمد أو البخاري في الحكم على الأحاديث، هذا مستحيل يا أخي، لا بد أن يمشي على الجادة، فإذا تأهل وأكثر من النظر في الأحكام النظرية مقرونة بمواقع الاستعمال عند أهل العلم العملية وصارت لديه الأهلية في محاكاة المتقدمين نقول: هذا فرضه يا أخي، لكن دون ذلك خرط القتاد للسواد الأعظم من المتعلمين، ثم بعد ذلك إذا طالبناهم بمحاكاة المتقدمين من يحاكي من المتقدمين؟ إذا كان للإمام أحمد قول في الحديث، ولأبي حاتم قول في الحديث، وليحيى بن معين قول، ولفلان قول، من يحاكي من المتقدمين؟ يحتاج أن يوازن بين أقوالهم، وليس بشيء بالنسبة لهم. حتى يرجح بعضهم على بعض، المقصود أن طريقة المتأخرين في الأحكام على الرجال وعلى الأحاديث إنما هي وسيلة وسُلم يرتقي به إلى محاكاة المتقدمين.
طالب:...
هم يتصورونها للمبتدئين، ويدعون إليها المبتدئين، وأنا أقول هذا تضييع، مثل ما يطالب طالب العلم المبتدئ أن يتفقه من الكتاب والسنة هذا تضييع ما لم يتأهل.
طالب:...
نعم، قد يقول قائل: إني لو حاولنا الاجتهاد في الأحكام على الرجال أنه لن يتسنى ذلك لنا، لماذا؟ لأن الأئمة المتقدمين عاصروا الرواة، وعرفوهم، وخبروهم، كان بعضهم يشير إلى بيت فلان هذا بيت فلان، مالك إذا مرّ من بيت عمرو بن عثمان الذي سُمي عمرو وغيره يقول عُمر، يشير إلى بابه؛ ليدل السامع أنه متأكد منه، أنت ما تدري هو من أي بلد إلا إذا قيل لك في الكتب إنه من بلد كذا، ومعرفة البلد مهمة بالنسبة للراوي، حيث يروي عن البغداديين، يروي عن المكيين، يروي عن المصريين، أنت ما تدري، ماذا يدريك؟ بعد اثني عشر قرنًا تقول: يمكن أن أصير مثل الأئمة؟ مستحيل، لكن لا يمنع أن الإنسان يؤهل نفسه لما يقرب من ذلك. هذا مطلوب.
طالب:...
إن وصل فبها ونعمت، وصل على خير.
طالب:...
نقول: هذا على سبيل التنزل، لكن لا يمكن أن يصل إلى محاكاة المتقدمين إلا بعد أن يمر على قواعد المتأخرين، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى وصحبه أجمعين.
"