شرح العقيدة الواسطية (04)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فقد قال المصنف رحمه الله تعالى: ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأن الله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسمائه وآياته، ولا يكيّفون ولا يمثّلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له ولا كفو ولا ند له، ولا يقاس بخلقه -سبحانه وتعالى- فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثا من خلقه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
لما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- مضمون هذه الرسالة، وأنها في اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة التي ينبغي أن يعض عليها بالنواجذ، وأن تراجع باستمرار لا سيما في هذه الأوقات التي كثرت فيها الشبهات، ووصلت إلى زوايا وخبايا ما كانت تصل إليها قبل ذلك، قبل وجود هذه الوسائل التي ابتلي الناس بها، فعلى الإنسان أن يتعاهد عقيدة السلف الصالح باستمرار ولا يقول: أنا درست، درسنا في الدراسة النظامية في المرحلة الابتدائية درسنا كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب الأصول الثلاثة والقواعد وغيرها، ودرسنا أيضًا في المتوسط والثانوي كتاب التوحيد والواسطية والحموية، ودرسنا في الجامعة وتركنا، لا يكفي هذا؛ لأن الشبه تتجدد وتتلوّن وتُعرض اليوم بأسلوب وثوب، وتعرض غدا بأسلوب آخر، وما فتئ المبتدعة يعرضون شبههم، فعلى طالب العلم أن يؤصل نفسه في هذا الباب تأصيلاً متينًا راسخًا لا تزعزعه هذه الشبهات، ولا يعتمد على هذا، بل يصدق اللجأ إلى الله -جلّ وعلا- أن يثبته على قوله الثابت؛ لأن المسألة مسألة استدراج يعني في أول الأمر يعتمد على ما تعلمه أولاً، ثم يستمر تلقى إليه شبهة وقد نسي الأصل الذي يؤول إليه ويرجع عليه من كلام أهل العلم المؤيد بالكتاب والسنة؛ لأنه اعتمد على معلومات سابقة، ثم إذا ألقيت إليه الشبه إذا كانت واضحة من معلوماته استطاع ردها، وإن كانت غير واضحة خفية ألبست لباسَ الحق مشت عليه، والإشكال أننا في زمان الشبه تتقاذفنا الأمواج وتموج بنا؛ ولذا يتردد كثير حتى من طلاب العلم في بعض الكلام هل هو حق أو باطل؟ فالإنسان المؤصل تأصيلاً متينًا على أساس قوي من الكتاب والسنة لا تضره هذه الشبهات، فعلينا العناية بهذا الشأن، وعلينا أن نتعاهد هذا ونسأل الله -جلّ وعلا- أن يثبتنا على القول الحق.
بعض الكتب المبتدعة يتعاهدون كتبهم ويقرؤونها، تجد مثلاً المعتزلة ديدنهم النظر في تفسير الكشاف مثلاً، وفيه من الشبه ما لا يستطيع رده أي شخص على مستوى معين إلا إذا بلغ من التأصيل والمتانة والنباهة والحِذق في فهم هذه الشبه التي خفيت على بعض من ينتسب إلى العلم؛ ولذا الذين أبرزوا شبه الزمخشري في كشافه من الاعتزاليات بالمناقيش، وقل مثل هذا أو أشد في تفسير الرازي عنده شبه قوية جدًا تموج بطالب العلم إذا قرأه غير مؤصَّل، عنده شبه يجليها مثل الشمس سواء كان مما يعتقده هو ويسوقها على جهة التقرير، أو مما لا يعتقده، ويسوقه للرد عليه يجلّي الشبهة، لكن الرد غالبًا يكون ضعيفًا، وهذا ما دعى بعض أهل العلم أن يقول: إن الرازي يذكر الشبهة نقدًا ويجيب عنها نسيئة، فطالب العلم عليه أن يُعنى بعقيدة السلف الصالح من الأصول المعتمدة عند أهل العلم كهذا الكتاب، ثم بعد ذلك يتقي هذه الكتب التي دُسّ فيها السم، فقد يشرب قلبه شبهة لا يستطيع أن يجيب عنها، فإذا كان من المنزلة بحيث يستطيع أن يرد هذه الشبهة ويفندها هذا مطلوب أن يقرأ هذه الكتب ويرد عليها، وقد تولى أئمة الإسلام الرد على المبتدعة تولوا الرد عليهم، وإن ترددوا في أول الأمر في ذكر الشبهة أو البدعة؛ لأنهم يقولون هذه ترويج لها، ويكفينا أن ننشر الحق، ثم بعد ذلك لما شاعت هذه الشبهة وانتشرت في المسلمين اضطر إلى ذكرها، وصار شيخ الإسلام يذكرها ويجيب عنها، يذكر هذه الشبه ويجيب عنها.
(هذا هو اعتقاد الفرقة الناجية، المنصورة إلى قيام الساعة، أهل السنة والجماعة، الذين هم على الأثر من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن اهتدى واقتدى بهم إلى قيام الساعة) وهذا الوصف إنما هو لطائفة واحدة فرقة واحدة لا تحتمل التعدد التعدد المبني على الاختلاف في هذا الباب لماذا؟ لأنّا لما قررنا أنهم أهل الحديث قد يقول قائل مثلاً: الطبري ليس من أهل السنة وليس من الفرقة الناجية لماذا؟ لأنكم قررتم أنهم أهل الحديث، والطبري مفسر، نقول: لا هوّن على نفسك يا أخي، الطبري من كبار أئمة الحديث، من كبار المحدثين، واقرؤوا في تفسيره وشوف الجادّة التي سلكها؛ إنما تفسيره بالأثر فليس معنى أننا نأخذ هذه الكلمة ونطبقها على المفهوم أو العرف السائد بيننا في التخصص في الحديث، وينبغي أن يتنبه لهذا.
(وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والإيمان بالقدر خيره وشره) الأركان الستة التي جاءت في حديث أبي هريرة المتفق عليه في قصة جبريل -عليه السّلام- حينما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الدين بأبوابه الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان، وجاءت أيضًا في آيات من القرآن الكريم.
(ومن الإيمان بالله) من هذه تبعيضية أو بيانية؟ تبعيضية لماذا؟ لأن الإيمان بما وصف الله به نفسه بعض الإيمان بالله؛ لأننا قلنا سابقًا: إن الإيمان بالله يتضمن الإقرار بوجوده والاعتراف واعتقاد ذلك، إفراده بالوحدانية بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات، هذا الأخير بعض مما يطلبه الإيمان بالله -جلّ وعلا- فهي تبعيضية، ومن الإيمان بالله الذي ذكرنا أركانه، ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، الآن الأركان المذكورة الخمسة المعطوفة على الله -جلّ وعلا- هل هي أركان للإيمان بالله أو أركان للإيمان؟ أركان الإيمان التي هي الركن الأول منها الإيمان بالله، والركن الثاني: الإيمان بالملائكة، والثالث: الإيمان بالكتب إلى.. آخره، من الإيمان بالله بعض الركن الأول من أركان الإيمان الإيمان بما وصف الله به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم-، هذا الباب الغيبي الذي مدح من اعتقده الذين يؤمنون بالغيب؛ لأن الإيمان بالغيب هو الذي يدل على صدق الإيمان، أما الإيمان بالشهادة الشيء المشاهد هذا ليس فيه دلالة على صدق الاعتقاد والإذعان، يعني هل يمكن أن يقال عليك أن تعتقد أن هذه السارية موجودة، أو أن الشمس طالعة أو غائبة، هذا إيمان بالشهادة فلا يمدح به الإنسان؛ لأنه مدرك بالحواس، لكن متى يمدح الإنسان؟
إذا آمن بالغيب، وإيمانه بالغيب الذي لا يدركه بحواسه ولا بعقله هذا هو الذي يمدح به؛ لأنه يدل على أنه مؤمن فعلاً، هواه تبع لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-، كثير من الناس الآن يناقش لا بد أن يقنع بكذا، تقول النص من الكتاب والسنة يدل على ذلك لا بد أن نقتنع، هذه ما تدخل العقل ولا تدخل المزاج لا بد يقتنع، وقبل سنوات يسيرة عوام في مسجد يقرأ عليهم شخص من كتاب وهو ليس ببعيد منهم إلا أنه يقرأ، فجاء فيه ذكر بعض الأخبار التي تكون في آخر الزمان، وهي مما رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أن مثلاً منها أن خبر الدجال يبلغ الناس في ساعة، قال واحد من الحاضرين: وأيش لون ساعة؟ الدنيا طويلة عريضة، قال: ما لك كلام، هذا مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: آمنا بالله وبرسوله، يبلغ في ساعة، وعرفنا إيمان أبي بكر وتصديق أبي بكر في الرحلة النبوية إلى بيت المقدس وإلى السماء هذا إيمان بالغيب لو يعرض اليوم وإيش يقال؟ لما تزعزعت ثوابت الناس وعقائدهم بسبب ما سمعوه من شبهات وشهوات. فمن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وفيه مصدر ثالث أو ما فيه؟ يعني الأحكام لها مصادر تلقي يعني فيه كتاب وسنة وقياس وإجماع، لكن هنا الأمور الغيبية هما اثنان فقط ولا مصدر ثالث الكتاب والسنة؛ لأن هذه أمور مغيبة ما تدرك بالرأي ولا بالعقل، لا تبلغه الأفهام ولا تدركه الأوهام، فلا طريق لنا إلا ما جاء عن الله -جلّ وعلا- وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام- الذي لا ينطق عن الهوى، فالأمور الغيبية هذا مردها ولا طريق لنا ولا وسيلة إلى معرفتها إلا ما جاءنا عمن يعلم الغيب، أما من لا علم له بالغيب فإنه لا يدرك هذا إلا ما أدركه، وما أعلمه الله -جلّ وعلا- وما أطلعه عليه كالنبي -عليه الصلاة والسلام- هناك أمور غيبية وهي من أقرب الأمور إليك لا تستطيع أن تدركها، لو يقول لك قائل: صف لي روحك التي بين جنبيك، تستطيع أن تصفها؟ فيه أقرب من الروح؟ ما فيه أقرب من روحك التي بين جنبيك، لو قيل لك صف لنا روحك ما استطعت، لا تستطيع أن تصف الروح التي بها حياتك، وإذا خرجت من جسدك انتهيت، لا تستطيع إلا بما أخبرك الله -جلّ وعلا- به والذي أخبرك الله -جلّ وعلا- به مما يتعلق بالروح قوله -جلّ وعلا-: ﮋ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ باب مغلق، وخبط الناس وتكلموا في تعريف الروح، وفي حد الروح، جسم لطيف فاعل تارك، وبعدين النهاية نرجع إلى الآية ﮋ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﮊ ﮋ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﮊ وما فيه جواب أسد من هذا.
(الإيمان بما وصف به نفسه) الله -جلّ وعلا- أثبت له صفات؛ لأنه لا يتصور موجود لا صفات له لا يتصور موجود لا صفات له، هل يمكن أن نستبدل كلمة بما وصف به نفسه أن نقول: بما نعت الله به نفسه في كتابه، الفرق بين الصفة والنعت وإيش الفرق بينهما؟
طالب: .........
يعني النحاة حينما يعربون جاء زيد العاقل، أحيانًا يقولون: صفة، وأحيانًا يقولون: نعت، وهذا المعروف المتبادر أنهما في الجملة مترادفان، لكن هناك فروق دقيقة بين الألفاظ التي يظن ترادفها فيقولون في الوصف: إنه غير الملازم والنعت للوصف الملازم، هناك كتاب في هذا الباب اسمه الفروق اللغوية؛ لأن من أهل اللغة من ينفي الترادف، ينفيه نفيًا باتًّا يقول: ما فيه كلمة تساوي أخرى من كل وجه، وأوجد هذا أبو هلال العسكري في هذا الكتاب فروق دقيقة لا تخطر على بال كثير من الناس.
(بما وصف به نفسه في كتابه) الله -جلّ وعلا- ذكر صفات له في كتابه في القرآن بعضها على سبيل الوصف وبعضها مما يؤخذ ويشتق من الأسماء وبعضها ما جاء على طريق الإخبار به، فعندنا النصوص في هذا مما يضاف إلى الله -جلّ وعلا- الاسم والصفة والخبر عن الله -جلّ وعلا- فعندنا الاسم وهو أضيق الدوائر، بمعنى أنك لا تستطيع أن تشتق من الصفة اسم، لكن الاسم الذي ثبت لله -جلّ وعلا- في كتابه وعلى لسانه نبيه -عليه الصلاة والسلام- تشتق منه صفة ولا عكس، يليه الوصف والوصف الذي لا يوصف الله -جلّ وعلا- إلا بما أثبته لنفسه، وأما الإخبار عن الله -جلّ وعلا- فأمره أوسع عند أهل العلم؛ ولذا يختلفون في بعض الأحاديث وفي بعض النصوص هل جاءت على أساس أنها أسماء أو صفات أو مجرد إخبار عن الله -جلّ وعلا-؟ إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا هل نقول: إن من أسماء الله -جلّ وعلا- الطيب، أو نقول: إن هذا خبر عن الله -جلّ وعلا- والخبر فيه سعة؟ ولذا يتداول أهل العلم ما جاء في كتب اللغة مما يضاف إلى الله -جلّ وعلا- وليس له أصل لا من الكتاب والسنة، حينما يعرفون النية يقولون: نواك الله بخير أي قصدك، هل يمكن أن نأخذ من هذا الكلام اسمًا نقول: الناوي، أو أن الله يوصف بالنية هذا مجرد خبر، هذا إذا قبلنا مثل هذا الكلام توسعنا في قبول الأخبار، وهذا منهج لبعض أهل العلم خبر عن الله -جلّ وعلا- إن كان مما يليق به ويرادف ما جاء عنه قد يقبل، فدائرة الإخبار أوسع وأضيق منها الوصف، والدائرة الضيقة التي لا تجوز بحال أن يتصرف فيها أو تقاس بغيرها أو تستنبط من غيرها دائرة الأسماء ما يمكن.
(بما وصف به نفسه في كتابه) جاءت إضافة النفس إلى الله -جلّ وعلا- ﮋ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦﮧ ﮊ هذه إضافة إلى الله -جلّ وعلا- جاءت في القرآن، تثبت النفس لله -جلّ وعلا-.
(بما وصف به نفسه) طيب هل نستطيع أن نقول: بما وصف به ذاته؟ يعني: أهل العلم بما فيهم شيخ الإسلام يقررون أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات؛ فكما أن ذاته لا تشبه الذوات فكذلك صفاته لا تشبه الصفات، فهل نقول: لله ذات ونشيل كلمة نفسه نضع ذاته؟
طالب: ........
النفس ثبتت في القرآن، لكن هل نستطيع أن نبدل بما وصف به نفسه بما وصف به ذاته؟ جاءت على لسان أئمة الإسلام، يعني شيخ الإسلام يقول: فكما أن لله ذات لا تشبه الذوات له أيضًا صفات لا تشبه الصفات، ممكن أو ما هو ممكن؟
طالب: ...........
الأصل أن نقتصر على ما جاء في القرآن لكن..
طالب: ........
لا، ما نتكلم عن الصفات الذاتية، نحن نحلل كلام المؤلف جئنا إلى كلمة: (بما وصف) هل نستطيع أن نشيل وصف ونقول نعت؟ وهل نستطيع أن نشيل كلمة نفسه ونضع ذاته أو لا نستطيع؟ وعرفنا أن النفس ثابتة في القرآن، الذات جاءت بكثرة على لسان أهل العلم يقولون: الذات الإلهية، أنتم فهمتم قصدي أو ما فهمتوه؟
طالب: .........
يا أخي ما هو تحريف أنا لا أغير كتاب الشيخ، لكن أقول: هل نستطيع مثلاً أنت أردت أن تؤلف صرت في مقام الشيخ، وقلت ما أنا مقلد الشيخ في كل شيء وكلام مرادف لبعضه، لماذا لا أغير؟ ولا نحن بنجيب كلام المبتدعة ونغير في كلام أهل السنة، كلام الشيخ نفسه، يبدو أنكم ما فهمتم الهدف الذي من أجله أوردت مثل هذا الكلام؛ لأنه يمكن ما يمر بنا مرة ثانية، الآن أنتم تبون شرح تحليلي وتفصيلي أو إجمالي؟
طالب: ............
هذا طلب كثير من الإخوان أن نحلل الكتاب تحليلاً.
طالب: ...........
نحتاج إلى إثبات؛ لأن القاعدة التي قعدها الشيخ تلزمنا بهذا، ولا بد أن نمشي على الجادة، مثل كلامنا، فيه مدخل لأحد؟
طالب: ............
تقسيم الصفات إلى ذاتية وفعلية وخبرية هذه مسألة ثانية هذا متعلق بالصفات، لكن حينما يقول الشيخ -رحمه الله-: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، وحينما يرد على ألسنة بعض العلماء الذات الإلهية وذلك في ذات الإله، هل نقول: إن مثل هذا لا يمكن أن يقوله الصحابي بالرأي؟ فله حكم الرفع مثل صفة العزم لله -جلّ وعلا-، صفة العزم لله -جلّ وعلا- في مذهب أهل السنة يختلفون هل تثبت صفة العزم لله -جلّ وعلا- أو لا تثبت؟ القاعدة التي ننطلق منها أننا لا نثبت لله -جلّ وعلا- إلا ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله -عليه الصلاة والسلام-، تبحث في نصوص الكتاب والسنة ما تجد إضافة السنة المرفوعة إثبات صفة العزم لله -جلّ وعلا-، وشيخ الإسلام ساق القولين قال: الأول: أنه لا نثبت صفة العزم لله -جلّ وعلا-؛ لأنه لم يرد عن الله ولا عن رسوله -عليه الصلاة والسلام- الثاني: وهو الأصح أننا نثبت صفة العزم لله -جلّ وعلا-، وذكر آثارًا منها قول أم سلمة في صحيح مسلم في كتاب الجنائز: «فعزم الله لي فقلتها» هل نثبت مثل هذا بكلام صحابي؟ قال: هذا مما لا يدرك بالرأي فله حكم الرفع، فهل نقول مثل هذا الكلام فيما جاء، وذلك في ذات الإله، المقصود أننا إذا أضفنا لله -جلّ وعلا- ذاتًا، مثلما أضفنا له نفس؛ فنحتاج إلى دليل في هذا، وفي هذا في النفس وجدنا دليلاً من القرآن نحتاج إلى دليل من السنة على إضافة الذات إلى الله -جلّ وعلا-.
طالب: ........
المعاني ما يمكن أن ترد هنا يا أخي وإلا ما من لفظ إلا له معنى نبدل الكلام برديف ما يجي، اللفظ لا بد أن نثبته كما جاء آيات الصفات تمر كما جاءت عند أهل العلم مع أن لها معان، لكن تبدل المرادف، المرادف عليه لوازم ما تدري؛ فنحتاج إلى ثبوته من المرفوع قول الصحابي وذلك في ذات الإله إذا قلنا: إن مثل هذا لا يقال بالرأي ولا يمكن أن يثبت الصحابي ذاتًا لله -جلّ وعلا- إلا وقد سمعها من النبي -عليه الصلاة والسلام- فله حكم الرفع مثلما قالت أم سلمة: «فعزم الله لي فقلتها»، ولا يمنع يا إخوان أن يكون في البخاري حديث فيه إثبات ذات يعني ما يمنع، لكن هذا مجال بحث فنحتاج إلى تأصيل لمثل هذا؛ لأننا في البداية لا بد أن نؤسس صح أو لا؟ فشيخ الإسلام لما ذكر الخلاف في صفة العزم، يعني لو نظرنا إلى العزم من حيث الصفة المجردة عن الله -جلّ وعلا- إذا نظرناها في المخلوق مثلاً العزم يكون بعد تردد، والله -جلّ وعلا- جاء: «وما ترددت في شيء»، وسيأتي أن هذا مما يثبت لله -جلّ وعلا- على أنه صفة أو على أنه جاء على سبيل المقابلة والمشاكلة وهذه الطريقة كلها معروفة عند أهل السنة، على كل حال يأتي ما يخص هذا إن شاء الله تعالى، عندنا مسألة الذات نحتاج إلى إثباتها من المرفوع نحتاج إلى إثباتها.
طالب: .........
إلى الآن أنا أقول: لا بد من إثباتها بنص مُلزِم على ضوء ما قعَّده شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- نص من كتاب أو سنة هل ما ثبت عن الصحابة في مثل هذا له حكم ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- باعتبار أن يقال: إنه يمكن أن يقال بالرأي فيكون له حكم المرفوع فيقبل؟ لأنا قررنا في أصل القاعدة أننا ما عندنا مصادر إلا الكتاب والسنة؛ لأنها أمور غيبية لا يدركها ولا الصحابة ما يدركونها بعقولهم إلا بتوقيف من النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا قال الصحابي قولا لا يدرك بالرأي عند أهل العلم معروف أنه له حكم الرفع، فأقول: نحتاج إلى البحث في كتب السنة علَّنا نجد شيئًا ملزمًا مرفوعًا نثبت به الذات وإلا فهو مشهور مستفيض في كتب أهل العلم بما فيهم أهل السنة، بما فيهم شيخ الإسلام الذي قرر هذه القاعدة نقول إذا ثبتت عن الله أمكن أن نبدلها وإيش المانع؟.
طالب: ..........
نحن لن نبدل شيئًا أنت كشطت اللفظة؟ مسحتها؟ لا، نحن لن نغير شيئًا، الكتاب يبي يبقى كما هو، الكتاب لن يُغير فيه حرف، لكن المسألة مسألة ربط بالقواعد التي تؤصَّل من البداية من أجل إيش؟ أن ننطلق من أساس متين ونفهم القاعدة التي قعدها بهذه الأمثلة والنظائر يا أخي الكتاب، لن نتعرض له بشيء، لكن لو وجدنا مثلاً واحدًا من المعاصرين ألَّف كتابًا على غرار هذا قال: ومن الإيمان بالله الإيمان بما نعت الله به ذاته في كتابه، نقول: الكلام صحيح أو ليس بصحيح؟ هذا نحن نبحث على الدليل يا أخي علشان إيش؟ ننطلق مما قرره شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- وبما وصفه به رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله -جلّ وعلا- عليه، وقد نفاه الله -جلّ وعلا- عن نبيه معرفة الغيب ونفاه نبيه -عليه الصلاة والسلام- عن نفسه، ولا يعلم الغيب إلا الله، لكن إذا أُطلِع، إذا أَطْلَعه الله -جلّ وعلا- على شيء وأطلع الأمة عليه عرفناه من طريقه؛ ولذا جاء في الأسماء الحسنى: «أو استأثرت به في علم الغيب عندك»، هل يمكن أن يعرف النبي -عليه الصلاة والسلام- من الأسماء الحسنى مما قال عنه هذا الكلام «أو استأثرت به في علم الغيب عندك» لا يمكن، لكن إذا أُخبرنا علينا التسليم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، وبما وصفه به رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، من غير تحريف ولا تعطيل وتحريف الشيء إمالته، قالوا كتحريف القلم، كيف تحريف القلم؟ الكاتب إذا أراد أن يكتب يميل القلم أحيانًا ويحرفه ثانية، كتحريف القلم، وتحريف الكلام وهو إمالته عن قصد المتكلم إمالته والميل به والعدول عن قصد المتكلم، وجاء في وصف أهل الكتاب أنهم يحرفون الكلم عن مواضعه؛ فلا نميل كلام الله -جلّ وعلا- عن مراده وهنا الشيخ -رحمه الله تعالى- ينفي التحريف؛ لأن التحريف جاء إثباته عن قوم حادوا عن الطريق ومالوا عن الجادة وحرَّفوا، يحرفون الكلم عن مواضعه، وغيروا كلام الله -جلّ وعلا- وأثبت الله -جلّ وعلا- أن اليهود والنصارى بدَّلوا وحرَّفوا في أديانهم، وهناك قصة تثبت مع ما ثبت من نصوص الكتاب والسنة أن هذا الدين محفوظ عن التحريف، وأن القرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، جاء يهودي إلى يحيى بن أكثم القاضي، وإذا قرأتم في كتب الأدب عن هذا القاضي أسأتم به الظن ونُسب إليه مما يبرأ منه، يحيى بن أكثم جاءه اليهودي فعرض عليه الإسلام فلم يسلم بعد سنة كاملة جاء إليه وأعلن إسلامه، فقال له: ما أسلمت قبل سنة؟ قال: لا، أنا في هذه السنة خلال الاثني عشر شهر أحضرت التوراة ونسخت منها نسخًا وحرفت فيها، وقدمت وأخرت وزدت ونقصت، فعرضتها في سوق الورَّاقين من اليهود فتخطَّفوها مني واعتمدوها، ثم بعد ذلك عمدت إلى الإنجيل فنسخت منه نُسخًا وصنعت فيه مثل ما صنعت بالتوراة زدت ونقصت وحرفت وغيرت وبدلت وقدمت وأخرت وعرضته على النصارى في سوقهم فتخطفوه مني، ثم عمدت إلى القرآن فنسخت منه نسخًا وغيّرت في حروف يسيرة جدًا ونسخت منه نسخًا وعرضته في سوق الوراقين من المسلمين فكل من فتحه رماه في وجهي، فعرفت أن هذا الدين حق فأعلن إسلامه. حج يحيى بن أكثم واجتمع بسفيان بن عيينة، وذكر له القصة قال: هذا في القرآن منصوص عليه اليهود والنصارى استُحفظوا فما حفظوا والقرآن تولى الله حفظه: {وإنا له لحافظون} ولا يستطيع أحد أن يغير فيه ويبدل ما يمكن.
فلا شك أن التحريف ديدن اليهود والنصارى وشابههم من شابههم ممن ينتسب إلى هذا الدين، فحرفوا في الألفاظ وحرفوا في المعاني، وحادوا بذلك عن الصواب، ويأتي ذكر أنواع التحريف بأمثلته إن شاء الله تعالى.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"ذكرنا في الدرس الماضي أن أهل السنة الجماعة المنصورة الطائفة المنصورة هم أهل الحديث، وقلنا: إنه لا يُعنى بذلك أنهم من تخصص في الحديث، بحيث يخفى عليه كلام الله -جلّ وعلا- في كتابه وما يتطلبه هذا الكلام من بيان لسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ولا يخفى عليه اعتقاد سلف هذه الأمة؛ لأنه يمكن التخصص في الحديث ويصل إلى أعلى الدرجات والرتب العلمية الاصطلاحية المعمول بها في الأزمان المتأخرة وهو جاهل بعقيدة السلف الصالح، ممكن يصل إلى درجة أستاذ، ويمكن يصير جاهلاً بعقيدة السلف الصالح، هو جاهل فيما يتطلبه كتاب الله -جلّ وعلا- من بيان نبوي، وقد يتخصص بالقرآن وهو من أبعد الناس عن السنة، هذا حاصل، وقد يتخصص في العقائد والتوحيد وعلم الكلام ومع ذلك هو بعيد عن السنة والقرآن؛ لأن التخصص الذي يعيشه الناس اليوم فيه فصل وفك بين العلوم، لكن ماذا نصنف الإمام أحمد والبخاري، هم أهل الحديث يعني من أهل الحديث، هل الإمام أحمد والبخاري عندهم بكتاب الله -جلّ وعلا- أو ما عندهم مثل المتخصص بالسنة الآن؟
ما من إمام من أئمة السنة المعروفين إلا وله تفسير، وله أيضًا كتب يسمونها كتب السنة يعني العقائد الثابتة عن الله وعن رسوله وعن سلف هذه الأمة يسمونها كتب السنة الأصلية التي تروى بالأسانيد، وهذه في غاية الأهمية لطالب العلم، وعرفنا كيف انحصر هذا الوصف بأهل الحديث، انحصر من جهة أن الحديث لازم لكل عالم سواء تخصص بالقرآن لا بد له من الحديث، كيف يفسر كلام الله وهو لا يعرف السنة ولا يكون من أهل الحديث؟ كيف يفسر القرآن وذكرنا لكم قصة من يتحاور مع صاحبه هذا متخصص بالسنة وهذا متخصص بالقرآن، وقال له في النهاية: أنتم عندكم التفسير بالرأي وعندنا التفسير بالأثر، فأينا على الحق؟ ومعلوم أن التفسير بالرأي حكمه معروف أيضًا، الذي يتخصص في العقائد كيف يثبت ما يجب إثباته وينفي ما يجب نفيه عن الله -جلّ وعلا- إلا إذا كان على علم بالسنة، المقصود أن السنة لا بد لها في كل علم، ولا يعني هذا أن الذي يتخصص بقراءة الشروح التي أُلفت على طريقة قد تخالف ما عليه أهل السنة من اعتقاد، ويُعنى بها ويتكلم على حديث على طريقة الشراح المتأخرين ممن عُنوا بالكلام وطريقة أهل الكلام، هذا قد تكون له عناية بالحديث، لكن ليس على نَفَس السلف وهدي السلف.
يعني لما تقرأ في فتح الباري لابن رجب مثلاً تجد نفس السلف الصالح وأقوال السلف كلها موجودة، تقرأ في غيره كلامًا تحتاج أنت في توضيح ما تضمنه الحديث من أحكام وتشقيق وتفريع للمسائل، ولكنها أقرب ما تكون إلى طريقة الفقهاء.
أولاً معروفة أن ما لا يحتاج إلى تقدير عند أهل العربية أولى مما يحتاج إلى تقدير، تقدير القول حينما يحتاج إليه ويكون السياق لا يتم إلى به حقيقة أو حكما حقيقة مثل الآية (فأما الذين اسودت وجودههم أكفرتم) لا بد من تقدير قول هنا فيقال لهم: أكفرتم، لا بد له ليستقيم الكلام، وأيضًا الحديث: «أما بعد ما بال أقوام»، الحديث في البخاري، إذا قلنا: إن الحديث تجوز روايته بالمعنى على قول الجمهور، وبناء على ذلك أنه لا يحتج به في العربية، نقول: هذا من تصرف الرواة، وإلا فالرسول عربي لا بد أن يأتي بالفاء، إذا قلنا: إن الحديث يُحتج به في العربية، لا بد أن نقدر القول هنا لتَمشي القواعد.
كثُر يعني بعد الأَلْف كثُر إبدالها بالواو يقولون: وبعد، هذا بعد الأَلْف موجود في كتب المتأخرين، لكن الاقتداء والائتساء إنما يكون باللفظ النبوي: أما بعد كما ذكرنا سابقًا، وهم يقولون: إن الواو تقوم مقام أما، ولسنا بحاجة إلى ما يقوم مع إمكان الإتيان بالأصل.
أولا جاء النص بذلك أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وأيضًا {كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله} فنصوص الكتاب والسنة كلها تضافرت على هذا.
سيأتي ذكرهم في مسائل الكتاب، الشيخ -رحمه الله- لما ذكر المذاهب في هذا الكتاب في باب الأسماء والصفات وغيرهم من المسائل التي ألحقها بهذا الكتاب يأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى.
الكافر فاسق ولا عكس، وليس كل فاسق كافرا.
إذا نظرنا إلى الباب والمسجد خال ليس فيه أحد ودخل شخص للصلاة والمسجد خال ليس فيه أحد تمامًا، هذا هو الأول أولية مطلقة حقيقية، الذي يليه الثاني ثاني بالنسبة لهذا، لكن يمكن أن يقال له أول بالنسبة لمن بعده، أولية نسبية إضافية، أول بالنسبة لمن بعده وهكذا، وأوضح ما يمثل به صلاة الكسوف التي ذكرناها، والعلماء يختلفون في الركوع الثاني والثالث والرابع، والقيام الثاني والثالث والرابع هل هي متساوية أو أن كل واحد أطول من الذي يليه بناء على هذا هل الأولية مطلقة، أو حقيقية، أو أولية نسبية إضافية؟.
هذا لا يعدو القول الأول أن هذه الإشارة بعد أن تم تصنيف الكتاب صارت إشارة إلى موجود في الأعيان، لكن هل يتصور أن شيخ الإسلام لما أعطاه الكتاب قال له: هذا كتاب؟ لأنه يقول وهو أن المؤلف قال هذا باعتبار حال المخاطَب والمخاطب لم يخاطب بذلك إلا بعد أن برز الكتاب وصدر، فكأنه يقول: فهذا الذي بين يديك كذا وكذا، وهذا لا يخرج عن القولين السابقين لا يخرج عنهما؛ لأنه إن كان موجودًا في الأعيان فهذه الإشارة بعد تصنيف الكتاب، وإن كان موجود في الأذهان لا في الأعيان فالإشارة قبل تصنيف الكتاب.
الذي ينكر وجود الجن هذا يكفر؛ لأنه مكذب لله ورسوله، مكذب لله ورسوله، أنكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة، أنكر أمرًا قطعيًا لا خلاف فيه بين أهل العلم فهو كافر قولاً واحدًا، الذي ينكر وجودهم، أما الذي ينكر تلبسهم في الإنسان وملابستهم له فإنه لا يكفر، لكن يبقى أنه مخالف للواقع، وثبت أنهم يلابسون الإنسان ويدخلون فيه ويتكلمون.