شرح العقيدة الطحاوية (27)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين، قال الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى:

فيتذبذب بين الكفر والإيمان والتصديق والتكذيب والإقرار والإنكار موسوسًا تائهًا شاكًّا زائغًا لا مؤمنا مصدقا ولا جاحدا مكذبا.

قال الإمام ابن أبي العز رحمه الله تعالى:

يتذبذب يضطرب ويتردد وهذه الحالة التي وصفها الشيخ رحمه الله تعالى حال كل من عدل عن الكتاب والسنة إلى علم الكلام المذموم أو أراد أن يجمع بينه وبين الكتاب والسنة وعند التعارض يتأول النص ويرده إلى الرأي والآراء المختلفة فيؤوِّل..

يؤوْل.

أحسن الله إليك.

فيؤوْل أمره إلى الحيرة والضلال والشك كما قال ابن رشد الحفيد وهو من أعلم الناس بمذهب الفلاسفة ومقالاتهم في كتابه تهافت التهافت..

هذا كتاب لابن رشد، رد على الغزالي الذي ألف كتابه المشهور تهافت الفلاسفة، ثم رد عليه ابن رشد تهافت التهافت الغزالي ينقض الفلسفة وهذا يؤيدها بقوة.

ومن الذي قال في الإلهيات شيئًا يعتد به.

لأنها أمور غيبية فإذا لم تتلق من الكتاب والسنة من أين تتلقى الغيبيات؟! لا يمكن أخذها إلا من الكتاب والسنة لأنها فوق مقدور العقل وفوق طاقة العقل، هناك أمور تدرك بالرأي وتدرك بالعقل ويمكن أن يوجد فيها الإنسان شيء يشارك فيه لكن هذا في المحسوسات، أما في الغيبيات فلا دخل للعقل فيه بل عمدتها ومعولها على النقل، ولذلك لما جانب الكلاميون كتاب الله وسنة رسوله ما أدركوا شيئا.

وكذلك الآمدي أفضل أهل زمانه واقف في المسائل الكبار حائر وكذلك الغزالي رحمه الله.

حتى في المسائل العملية في أمور العبادات وأمور المعاملات إذا لم يكن عند المتكلم فيها نص من كتاب ولا سنة يقف حائرا؛ لأن أمور العبادات الأصل فيها التوقيف، لا بد فيها من الكتاب والسنة بما يشارك من لا نص عنده قد يشارك في تقليد ينقل قوله غيره، لكن المشاركة هذه غير معتبرة عند أهل العلم فلا يسمى من أهل العلم بهذه المشاركة، وإلا يتفقون على أن المقلد ليس في عداد أهل العلم إنما هو ينقل عن غيره، فضلاً عن الأمور الكبار ومسائل الأصول الأصلية من العقائد وعلم التوحيد والغيبيات هذه يكون الإنسان بدون الكتاب والسنة كالأبله لا يستطيع أن يقدم شيئًا؛ ولذلك تجدون مقدماتهم ونتائجهم التي استنبطوها وبنوها على تلك المقدمات هباء، إذا حُرِّرتْ وحققت تجدها هباءً منثورًا فتجد آخر من نفس الفصيلة يذكر مقدمات أخرى ويرتب عليها نتائج مختلفة فأقوالهم متناقضة ينقض بعضهم كلام بعض.

وكذلك الغزالي رحمه الله انتهى آخر أمره إلى الوقف والحيرة في المسائل الكلامية ثم أعرض عن تلك الطرق وأقبل على أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- فمات والبخاري على صدره.

ومع ذلك إلى أن مات وبضاعته من الحديث مزجاة، فكتابه الإحياء جل أحاديثه موضوعات وواهيات ومناكير وأحاديث ضعيفة وقليل منها صحيح لكن بالمعنى ما تجد هؤلاء يوفَّقون لحفظ فيأتون بالحديث على وجهه.

وكذلك أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي قال في كتابه الذي صنفه في أقسام اللذات:

نهاية إقدام العقول عقال

 

وغاية سعي العالمين ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا

 

وحاصل دنيانا أذى ووبال

لأن الإنسان مع الحيرة والتذبذب والتردد لا شك أنه يعيش في وبال وفي حرج وضيق نفس بخلاف من كان طريقه واضحًا نيِّرًا على محجة بيضاء ليلها كنهارها، كما هي طريقة أئمة الإسلام وسلف هذه الأمة وأئمتها الذين هم على الصراط المستقيم الواضح، أهل البيضاء التي تركها لها لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا واضح في القديم والحديث، تجد من ينتسب إلى العلم ويتصدر الآن في وسائل الإعلام إذا تكلم تعرف أنه في بداية كلامه هو لا يدري ماذا يقول وإنما يتكلم بكلام إنشائي بعضه ينقض بعضًا، إذا لم يكن عنده نص ودليل يعتمد عليه من الكتاب والسنة.

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا

 

سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

فكم قد رأينا من رجال ودولة

 

فبادوا جميعًا مسرعين وزالوا

وكم من جبال قد علت شرفاتها

 

رجال فزالوا والجبال جبال

وهؤلاء الذين نكلوا عن الجادة وعن الصراط المستقيم وعن الكتاب والسنة تجدهم لا يوفقون إلى بقية الأمور، تجدهم مع تذبذبهم وحيرتهم واضطرابهم في العقائد تجدهم في الأمور الأخرى في العبادات في العمل فيما يتعلق بأمور الدين كله تجد عندهم هذا الاضطراب وهذا التذبذب، أبو نصر الفارابي الذي يسمونه المعلم الثاني لما تاب في آخر حياته وتزهّد وانقطع عن الدنيا ماذا كان يصنع؟ جاور في مكة، ترك الدنيا وانقطع عنها وجاور في مكة فكان يصوم الدهر ويفطر على الخمر المعتَّق وأفئدة الحملان، الإنسان يحسب حسابا لمثل هذه الخاتمة ومن اعتصم بالكتاب والسنة بإذن الله لا يقطع بشيء لكن من سنة الله- جل وعلا- أنه يثبته ويوفقه،

أحمد أمين في كتاب سماه حياتي يقول درسنا مدرس في القضاء الشرعي وأعجبنا جدًا في علمه وترتيبه وتنظيمه، المهم أني فجأة فقدته بحثت عنه فلم أجده، ما ندري إلى أين ذهب، وبعد عشر سنوات ذهبت إلى تركيا فوجدته هناك وقد ترك الدنيا وعزف عنها يقوم الليل ويصوم النهار لكن متى يصوم؟ يقول من الساعة التاسعة صباحا يوميًا، وحجته في ذلك يقول: أن في الشقة التي تحتهم أسرة يهودية، أظنه قال يهودية ولا يريد أن يستيقظ في آخر الليل ويزعجهم!! هذه النهاية، هذه الخاتمة- نسأل الله العافية- فعلى الإنسان أن يعتصم بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ليوفَّق وليشب على ذلك ويشيب عليه ويموت عليه -إن شاء الله تعالى-.

لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في الإثبات { ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ }  طه: ٥ { إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ } فاطر: ١٠  وأقرأ في النفي { لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞ } الشورى: ١١  { وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا }طه: ١١٠  ثم قال ومن جرّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي وكذلك قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم الشهرستاني إنه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم حيث قال:

لعمري لقد طفت المعاهد كلها

 

وسيرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلا واضعًا كف حائر

 

على ذقن أو قارعًا سن نادم

وكذلك قال أبو المعالي الجويني رحمه الله..

هؤلاء يندرجون تحت قوله جل وعلا { وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا } طه: ١٢٤  هذا في الدنيا { وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ } طه: ١٢٤  فعلى المسلم لاسيما طالب العلم أن يستمسك بهذا الكتاب؛ لأنه حبل الله المتين وصراطه المستقيم، وعليه أيضًا بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام- ليعبد الله على بصيرة على ضوء ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- ويتعلم ما يعينه على فهم الكتاب والسنة.

طالب: ..........

كلام الرازي رجوع لكن هناك أمور ما بينها، عنده أشياء لا بد فيها من البيان، مثل السر المكتوم إن ثبت عنه فهو كتاب سحر يعلم السحر، وعنده مسائل في تفسيره طوام ومن عظائم الأمور، ولذلك في تقديري أن تفسيره أعظم ضررا من أي كتاب على وجه الأرض؛ لأن فيه بريق وفيه ما يجذب طالب العلم، وفيه كلام مرتب ومنظم وفي استنباطات تشد القارئ، ومع ذلك فيه السم لأنه منظِّر ليس مقلدا منظر ومجدد في مذهب الأشعري الجبري فمثل هذا { إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَبَيَّنُواْ } البقرة: ١٦٠  لا بد في مثل هذا من البيان وباب التوبة مفتوح وفضل الله واسع، أرحم الراحمين ومع ذلك مع ما ذكر عنه، سئل شيخ الإسلام- رحمة الله عليه- مع شدته على البدع والمبتدعة من إنصافه- رحمة الله عليه- سئل عنهم فأجاب عن كل واحد بما يناسبه، ثم قال: وأما أبو عبد الله الرازي الخطيب فكثير من الناس يطعن في قصده، من يقرأ في تفسيره لا يتردد في الطعن فكثير من الناس يطعن في قصده والذي أرى أنه ينصر ما يراه الحق، يعني هذه ديانته يعتقد ما يراه الحق، هذا الذي أدى إليه اجتهاده، فينصر ما يراه الحق ومع ذلك فكتابه من أضر الكتب على المتعلمين، أنا الذي أقوله هذه الأخيرة، لكن انتهى كلام شيخ الإسلام،

 ينصر ما يراه الحق، وهذا من إنصافه رحمة الله عليه وشفقته ورحمته بهؤلاء المبتدعة الذين ضلوا عن سواء السبيل؛ لأنه ينظر إليهم رحمة الله عليه من زاويتين أولاهما أنه تنكب عن الكتاب والسنة فهو ملوم بذلك ويشدد عليه النكير، ومن جهة أخرى أنه يرحم مع هذا التعب ومع هذا الاجتهاد ومع سهر الليالي، يتعبون تعبا شديدا يرحم الذي لم يوفق إلى الصراط المستقيم، كمن أراد أن يذهب إلى مكة فأخذ ذات اليمين وراح من جهة تبوك على الساحل الغربي إلى هناك هذا المسكين يُرحم، هذا إذا وصل، أما الذي لا يصل  مشكلة بعد.

وكذلك قال أبو المعالي الجوني..

الجويني.

الجويني رحمه الله يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلت به وقال عند موته لقد خضت البحر الخضم وخليت أهل الإسلام وعلومهم ودخلت في الذي نهوني عنه والآن فإن لم يتداركَني ربي..

يتداركْني.

أحسن الله إليك.

والآن فإن لم يتداركْني ربي برحمته فالويل لابن الجويني وها أنا ذا أموت على عقيدة أمي أو قال على عقيدة عجائز نيسابور وكذلك قال شمس الدين..

الخسروشاهي.

الخسروشاهي وكان من أجل تلامذة فخر الدين الرازي لبعض الفضلاء وقد دخل عليه يومًا فقال ما تعتقد قال ما يعتقده المسلمون فقال وأنت منشرح الصدر لذلك مستيقن به أو كما قال فقال نعم فقال اشكر الله على هذه النعمة لكني والله ما أدري ما أعتقد والله ما أدري ما أعتقد وبكى حتى اخضلّ لحيته..

أخضلَ.

حتى أخضلَ لحيته ولابن أبي الحديد الفاضل المشهور بالعراق..

هذا من الشيعة لكنه وصف بنوع من الاعتدال وهو شارح نهج البلاغة يعني بالنسبة لغلاتهم عنده شيء من الإنصاف لكن هو مع ذلك هو محسوب على الشيعة الإمامية.

ولابن أبي الحديد الفاضل المشهور بالعراق:

فيك يا أغلوطة الفكْر

 

حار أمري وانقضى عمري

فيك يا أغلوطة الفِكَر.

فيك يا أغلوطة الفِكَر

 

حار أمري وانقضى عمري

سافرتْ فيك العقول فما

 

ربحت إلا أذى السفري

فلحى اله الألى زعموا

 

أنك المعروف بالنظر

كذبوا إن الذي ذكروا

 

خارج عن قوة البشر

نعم الغيبيات خارجة عن قوة البشر وعن استنباطهم وعن استنتاجهم لا يمكن أن تصل إليه عقولهم، وعمومًا الشيعة هم معتزلة في العقائد في باب الاعتقاد معتزلة.

وقال الخونجي عند موته ما عرفت مما حصلته شيئًا سوى أن الممكن يفتقر إلى المرجح ثم قال الافتقار وصف سلبي أموت وما عرفت شيئًا وقال آخر أضطجع على فراشي وأضع الملحفة على وجهي وأقابل بين حجج هؤلاء وهؤلاء حتى يطلع الفجر ولم يترجح عندي منها شيء ومن يصل إلى مثل هذه الحال إن لم يتداركه الله برحمته وإلا تزندق كما قال.. كما قال أبو يوسف رحمه الله من طلب الدين بالكلام تزندق ومن طلب المال بالكيمياء أفلس ومن طلب غريب الحديث كذب.

نعم من طلب الدين بالكلام تزندق لأن الهُدى في كتاب الله.

فتدبر القرآن إن رمت الهدى

 

فالعلم تحت تدبر القرآن

والذي ضد الهدى الضلال وهو الزندقة، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، الكيمياء ليس المراد بها ما يدرس الآن وما يعرف الآن، هي نوع من أنواع السحر يستعينون بها على قلب الأعيان فيجعلون من الحجر ذهبا على ما يزعمون، وهكذا تكلم عنها العلماء وابن خلدون تكلم في مقدمته عنها، ومن طلب غريب الحديث كذب، غريب الأحاديث الغرائب أعرض عن المشاهير وأُغرم بالغرائب هذا لا بد أن يقع في الكذب؛ لأنه يروي هذه الغرائب التي لا توجد عند غير هذا المؤلف أو عند غير هذا الراوي فإما أن يكذب لأنه يروي ما الغالب فيه الكذب «من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» ومنهم من يضبطها «كُذِّب» الناس ما يعرفون هذه الغرائب ،ما يعرفها الناس فلو تأتي بحديث في صحيح البخاري طلاب العلم يعرفونها في الجملة، يعني لكن تأتي بحديث من كتب لا ذكر لها ليست من دواوين الإسلام المشهورة ولا المعروفة وعلامة الحديث الموضوع كما ذكره جمع من أهل العلم أن يفتَّش عنه في الدواوين المشهورة فلا يوجد إلا في كتب غير معروفة، فمثلاً الألوسي في تفسير سورة العصر من تفسيره، ذكر قصة نقلها عن الرازي، وقال يعني في بيان فضل هذا الوقت الذي هو العصر الذي أقسم الله به- جل وعلا- يقول: إن امرأة جاءت إلى المدينة فسألت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالت إنها شربت الخمر وزنت وولدت وقتلت الولد فقال لها النبي -عليه الصلاة والسلام- على حد زعم هذا الكاذب كأنكِ لم تصلِّ ِ العصر، ثم قال تفرّد بذكره الإمام من يعني؟ الرازي، تفرد بذكره الإمام ولعمري أنه إمام في معرفة ما لا يعرفه أهل الحديث ما الذي لا يعرفه أهل الحديث؟ الذي ليس بحديث، مالا يعرفه أهل الحديث ليس بحديث.

وقال الشافعي رحمه الله تعالى حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال ويطاف بهم في القبائل والعشائر ويقال هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام، وقال لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلمًا يقوله، ولئن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه ما خلا الشرك بالله خير له من أن يبتلى بالكلام انتهى.

بشر المريسي هو من أئمتهم من شيوخ المعتزلة، سُمع وهو في سجوده يقول سبحان ربي الأسفل -نسأل الله العافية- يعني لو اقتصر على الكتاب والسنة يمكن أن يصل إلى هذا الكلام؟! لكن استدرج واسترسل في قراءة كتب أهل الكلام وفي النهاية يصل إلى هذا الحد، وابن عربي وهو له يد على التصوف الغالي وعلم الكلام لأن التصوف عندهم والغزالي له نصيب منه يمزجون بين الفلسفة والتصوف فيتعبدون على غير جادة كان من قوله- يعني ابن عربي-:

ألا بذكر الله تزداد الذنوب

 

وتنطمس البصائر والقلوب

من يقول مثل هذا الكلام؟ الذي هو بمعزل تام عن كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وتجد أحد هؤلاء عند الموت يرجع إلى مذهب العجائز فيقرُّ بما أقروا به ويعرض عن تلك الدقائق المخالفة لذلك التي..

لأن ما عنده تفاصيل للعقيدة الصحيحة المستقاة من الكتاب والسنة، الآن رجع كأنه في أول قدم يضعه، كأنه عامي، العقيدة الصحيحة ليس عنده منها شيء، والعقيدة الباطلة التي أفنى عمره فيها رجع عنها وندم عليها وش يصير حكمه؟ عامي أقل من العامي، العامي أنظف فكرا منه.. كمِّل.

ويعرض عن تلك الدقائق المخالفة لذلك التي كان يقطع بها ثم تبيّن له فسادها أو لم يتبين له صحتها فيكونون في نهاياتهم إذا سلموا من العذاب بمنزلة أتباع أهل العلم من الصبيان والنساء والأعراب والدواء النافع لمثل هذا المرض ما كان طبيب القلوب صلوات الله عليه وسلامه يقوله، إذا قام من الليل يفتتح صلاته «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» خرّجه مسلم، توسَّل -صلى الله عليه وسلم- إلى ربه بربوبيته بربوبية جبريل وميكائيل وإسرافيل أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه إذ حياة القلوب..

إذا قلنا بربوبيته أو بربوبية جبريل وميكائيل، بربوبيته من إضافة المصدر إلى الفاعل، وبربوبية إسرافيل وميكائيل من إضافة المصدر إلى المفعول لئلا يظن أنه يقول بربوبية جبريل وميكائيل

ما معنى ربوبية جبريل؟ يعني أنه مربوب لله -جل وعلا- من إضافة المصدر إلى المفعول.

إذ حياة القلوب بالهداية وقد وكَّل الله سبحانه هؤلاء الثلاثة بالحياة، فجبريل موكَّل بالوحي الذي هو سبب حياة القلوب، وميكائيل بالقطر الذي هو سبب حياة الأبدان وسائر الحيوان، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعود الأرواح إلى أجسادها، فالتوسل إلى الله سبحانه بربوبية هذه الأرواح العظيمة الموكَّلة بالحياة له تأثير عظيم في حصول المطلوب والله المستعان.

بربوبية هذه الأرواح، الملائكة يطلق عليها أنها أرواح { تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ } القدر: ٤  فجبريل عليه السلام روح.

قف على هذا.

 

اللهم صل على محمد...

"