كتاب بدء الوحي (070)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: حديث صفوان بن سليم أنه قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال: «نعم»، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلاً؟ قال: «نعم»، فقيل له: أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال: «لا» الحديث أخرجه مالك في الموطأ، والبيهقي في الشعب، والمنذري في الترغيب كلهم من طريق صفوان بن سليم عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الحديث معلول؛ لأن رواية صفوان بن سليم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مرسلة، وهو من ثقات التابعين، فقد ذكر الذهبي في الكاشف في ترجمته أنه ولد سنة ستين، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين، وفي التقريب يقول ابن حجر: من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين.

 وقال ابن عبد البر في التمهيد بعد ذكره للحديث: مرسل مقطوع، لا أحفظ هذا الحديث مسندًا بهذا اللفظ من وجهٍ ثابت، وهو حديث حسن، ومعناه أن المؤمن لا يكون كذابًا، يريد أنه لا يغلب عليه الكذب حتى لا يكاد يصدق، ليس من أخلاق المؤمنين، وأما قوله في المؤمن يكون جبانًا وبخيلاً فهذا يدل على أن البخل والجبن قد يوجدان في المؤمن، وهما خلقان مذمومان، قد استعاذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهما.

طالب:...

ابن عبد البر، وجاء عند ابن أبي شيبة والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: المؤمن يطبع على الخلال كلها غير الخيانة والكذب، ما يوجد واحد من الإخوان صور من كوثر المعاني ورقتين للمناسبة؟

 يقول: أرجو توضيح معنى الفقرة الأخيرة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية قال: وهذا كما في حديث العلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبقَ عالم اتخذ الناس رؤوساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا» والحديث مشهور في الصحاح من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فإن قيل: ففي حديث ابن مسعود وغيره أنه قال: يسري على القرآن أو يُسرى فلا يبق في المصاحف منه آية، ولا في الصدور منه آية، وهذا يناقض هذا، قيل: ليس كذلك، فإن قبض العلم ليس قبض القرآن بدليل الحديث الآخر: «هذا أوان يقبض العلم فقال بعض الأنصار: وكيف يقبض، وقد قرأنا القرآن وأقرأناه نساءنا وأبناءنا؟ قال: ثكلتك أمتك، إن كنت لأحسبك لمن أفقه أهل المدينة، أوليست التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى؟ فماذا يغني عنهم؟» فتبين أن مجرد بقاء حفظ الكتاب لا يوجب هذا العلم، لا سيما أن القرآن يقرؤه المنافق والمؤمن، ويقرؤه الأمي الذي لا يعلم الكتاب إلا أماني، وقد قال الحسن البصري: العلم علمان علم في القلب وعلم في اللسان، فعلم القلب هو العلم النافع وعلم اللسان حجة الله على عباده، فإذا قبض الله العلماء بقي من يقرأ القرآن بلا علم فيسري عليه من المصاحف والصدور.

 فإن قيل: ففي حديث حذيفة الذي في الصحيحين أنه حدثهم عن قبض الأمانة، وأن الرجل ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل الوكت، ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر المجل كجمر دحرجته على رجلك فتراه منتبرًا وليس فيه شيء، قال: وقبض الأمانة والإيمان ليس هو قبض العلم، فإن الإنسان قد يؤتى إيمانًا مع نقص علمه، فمثل هذا الإيمان قد يرفع من صدره كإيمان بني إسرائيل لما رأوا العجل.

هذا الكلام الأول هو يريد تفسير الكلام الأخير قال: وأما من أوتي لأن هذا الكلام ينفعنا في ماذا؟ وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب، هل يرفع أم يبقى؟ هل يرتدون سخطة أم ما يرتدون؟

قال: وأما من أوتي العلم مع الإيمان فهذا لا يرفع من صدره، من أوتي العلم مع الإيمان فهذا لا يرفع من صدره، ومثل هذا لا يرتد عن الإسلام قط، بخلاف مجرد القرآن أو مجرد الإيمان فإن هذا قد يرتفع، فهذا هو الواقع، لكن أكثر ما نجد الردة فيمن عنده قرآن بلا علم، وإيمان، أو من عنده إيمان بلا علم وقرآن، فأما من أوتي القرآن والإيمان فحصل فيهم العلم فهذا لا يرتفع من صدره. يعني هذا هو الذي يفسِّر ما جاء في الحديث من أن أتباعه -عليه الصلاة والسلام- أيرتد أحد منهم سخطة لدينه؟ قال: لا، لعلهم هم الذين جمعوا بين القرآن والإيمان الذين أشار إليهم شيخ الإسلام في آخر كلامه، وسيأتي شيء من هذا، وأن من الصحابة من ارتد، ومعروف بعضهم بعينه، وبعضهم بالجُملة، ونبدأ بهذه المسألة مسألة الردة؛ لأنها من آخر ما شُرح في الدرس الماضي.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

ففي قوله: فإن قلت: في قوله هنا قال: (أيزيدون أم ينقصون؟) هذا سؤال هرقل، قلتُ -القائل أبو سفيان-: (بل يزيدون)، قال: (فهل يرتد أحد منهم سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا) يعني ما استغنى بالسؤال الأول عن الثاني، يزيدون أم ينقصون؟ لأن الردة المسؤول عنها في السؤال الثاني تقتضي النقص، وأجاب في السؤال الأول عن السؤال الأول بأنهم يزيدون، فإذا وجدت الردة حصل النقص، لم يستغنِ بالسؤال الثاني بالأول عن الثاني فلم يستغن بقوله: بل يزيدون عن قوله: هل يرتد منهم أحد؟ عرفنا في الدرس الماضي أنه لا بد من هذا الترديد ولا بد من إعادة السؤال الثاني لماذا؟ لأنه قد يدخل في الإسلام مئة ويرتد خمسة أو عشرة، فيصح أنهم يزيدون، فأراد أن يؤكد في مسألة الردة، أنهم مع هذه الزيادة لا ينقصون أيضًا، وأجيب بأنه لا ملازمة بين الازدياد والنقص، فقد يرتد بعضهم ولا يظهر فيهم النقص باعتبار كثرة من يدخل وقلة من يرتد مثلاً، وإنما سأل عن الارتداد؛ لأن من دخل على بصيرة في أمرٍ محقق لا يرجع عنه بخلاف من دخل في أباطيل.

قد يقول قائل: إننا نرى البدع المغلظة بل المكفِّرة يعض عليها أصحابها بالنواجذ، والجواب على هذا: أن الرعاع والعوام تبع، اقتنعوا بهؤلاء الذين يرون صلاحهم في الظاهر، الذين يرون صلاحهم في الظاهر، واقتنعوا بهم، وتوارثوا هذه القناعة كابرًا عن كابر، ولذا أعظم ما يصد عن الانقياد للحق تعظيم الأشياخ، تعظيم الأشياخ والنظر إليهم بعين الرضا والاقتداء هذا هو أعظم ما يصد، ولذلك تجد من يطوف على قبر تناقشه فيكون جوابه أنه ورث هذا عن شيوخه، الذين منذ أن وُلد وهم يُعظَّمون في بلادهم ومجتمعهم، فهل يكون هذا عذرًا في عدم القبول؟

ليس بعذر، العذر عدم بلوغ الحجة، {لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [سورة الأنعام: 19] انتهى العذر، إذا بلغت الحجة، يبقى فهم الحجة إذا كان الشخص من الأعاجم ولا يفهم الكلام العربي من كتاب الله وسنة نبيه لا بد أن يبين له بلغته، وإذا كان من العرب الذين حكمهم حكم الأعاجم لأن بعض الناس يسمع الآية ولا يدري ما المراد منها، أو يسمع الحديث هذا يبين له، لكن زوال المانع من قبول الحجة كالقناعة بالأشياخ مثلاً هذا ليس بعذر هذا ليس بعذر، هذه حجة المشركين، {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} [سورة الزخرف: 22] هذا عذر المشركين، فزوال المانع من قبول الحجة ليس بعذر، ولا يُعذر به، من دخل من أصحاب الأباطيل والبدع المُكفِّرة والبدع المغلظة وغيرها من المخالفات هؤلاء يعضون عليها بالنواجذ؛ لأن الأتباع اقتنعوا بأشياخهم، والأشياخ مرتزقة لو تركوا هذه البدعة صاروا من سائر الناس؛ لأن حب المال وحب الشرف، حب الشرف والمال هذا أعظم ما يمنع من قبول الحق، تجدون في طوائف البدع لهم دخل ودخل كبير ليس بعادي من جيوب الأتباع، فهم يصرون على البقاء على بدعهم من أجل هذا، وأيضًا لهم عند قومهم شرفٌ عظيم، فالبدع يغلون في رؤوسهم، فإذا قبل الحق وصار من عامة الناس؛ لأنه في الغالب ما يكون عنده من العلم الذي يجعله من أهل العلم الذين رفع الله درجاتهم؛ لأنه أمضى وقته فيما لا ينفع، ففي أول الأمر يكون من عادي الناس ويصعب عليه أن يترك ذلك الشرف وذلك المال والدخل الذي لا يستطيعه بغير هذا الطريق، ولذا جاء في الحديث: «ما ذئبان جائعان أُرسلا في زريبة غنمٍ بأضرّ بأضرّ لها من حب الرجل المسلم للشرف والمال» أو من المال والشرف.

 ولذلك وهذا من الناس من يحبهما على حد سواء، ومن الناس من حُب الشرف عنده أشد، ومن الناس من حُب المال عند أشد؛ لأنك تعجب من كثير من الناس تجده في أول الأمر من أهل العلم والعمل، ثم يبتلى بوظيفة فيها الشرف وفيها المال، تجده يتساهل في أمور ما كان يتساهل فيها، وقد ينجر إلى ما هو أعظم من ذلك، وينطبق عليه حديث: «ما ذئبان جائعان» فكون هؤلاء الذين دخلوا في أباطيل ومن غير قناعة كلهم فيهم اضطراب، وكلهم لم يقتنعوا في المذهب الذي هم عليه من الباطل، ومع ذلك قناعة الأتباع بالأشياخ هذا صارف لهم، وحُب الشرف والمال للأشياخ صارفٌ لهم أيضًا.

طالب:...

يستخف به لماذا؟ لأنه عهِد أشياخه على خلاف ما يقول، فالمانع هو تعظيم الأشياخ، وهذه حُجة المشركين.

طالب:...

نعم قد ينبري لبيان الحجة طالب علم، مع أنه في البلد عالم وينكر هذه البدع، لكنه لا ينزل إلى أوساط الناس فيبين لهم ويقيم عليهم الحُجج، وهذا تقصير منه بلا شك، هذا تقصير منه، لكن هل إذا وقف العالم وقصّر العالم يترك الناس الدعوة إلى الحق؟ لا، ينتقل الحكم إلى من دونه إلى من دونه ممن يُحسن إقامة الحجة؛ لأن بعض الناس عنده صدق وعنده إخلاص، لكن عنده ضعف في البيان، وهذا يحدث في المناظرات وكثير في المناظرات تجد بعض الناس ينبري لمناظرة مبتدع، تجد هذا المبتدع مستعد، عنده أدلة لإقامة مذهبه، وعنده شبهات، وعنده أمور يستطيع أن يؤثر فيها على السامع لا سيما من السُذج من عوام الناس أو ممن ينتسب إلى العلم ممن لم يتمكن العلم في قلبه، بعض الناس عنده علم، لكن الحجة لا تكون حاضرة في وقتها، فمثل هذا لا يصلح للمناظرات؛ لأنه إذا انبرى لمناظرة المبتدع ثم طُلب منه دليل الحكم نسيه، وإذا وصل إلى بيته أو اضطجع في فراشه ذكر، هذا ما ينفع هذا؛ لأنه إذا انقطع ما يقال انقطع فلان عن بيان الحجة، يقال: المذهب انتهى، وما قام عليه المذهب انتهى.

 ففي المناظرات التي يُدعى إليها المحظور الأول أن يسمعها طبقات الناس كلهم، أن يسمعها طبقات الناس كلهم وفيهم من لا يفهم، قد تقع الشبهة في قلبه موقعًا ثم الجواب عنها ما يفهمه، يعني بعض العجائز اللواتي يذهبن إلى محاضرات وندوات ولقاءات تأتي الواحدة منهن والحكم معكوس تمامًا، حتى إن واحدًا من الشباب يقول: إني سمعت أمي تقول كلمة شركية، من أين جاءت بالشرك وأنت ببلد التوحيد؟ تقول: إن الداعية فلانة تقول كذا، ضبطت الكلمة وما ضبطت أنها تُحذِّر منها.

 فالمناظرات التي تلقى على عموم الناس على اختلاف طبقاتهم هذه فيها خطرٌ عظيم، وسمعنا بعض طلاب العلم من يردد بعض الشبهات، والمبتدعة عندهم قوة في هذا الباب، في إثارة الشبهات، ولذا يمنع من قراءة الكتب التي فيها إثارة الشبهات بقوة والرد عليها بضعف مثل تفسير الرازي، أو الزمخشري، هذا المحظور الأول أن تُلقى هذه المناظرات على كافة الطبقات.

لا بد أن تكون المناظرات محصورة في أهل العلم، ثم بعد ذلك لا يستجيب لها أي إنسان، إلا من يؤنس من نفسه أنه يستطيع أن يرد على الشبهات، ولديه من الأهلية ما يؤهله لذلك، لكن الإشكال الآن أنه يدعى يبادر إلى إقامة هذه المناظرات المبتدعة، فتجد طلاب العلم وبعض أهل العلم يجدون أنه لا مفر؛ لأن الشبهات سوف تلقى، فمن يجيب عنها؟ لا بد أن ينبري لها من تأهل لذلك.

في سيرة ابن هشام في ذكر المهاجرين إلى الحبشة من بني أمية ابن عبد شمس ابن عبد مناف عبيد الله بن جحش بن رئاب الأسدي أسد خزيمة حليف بني أمية بن عبد شمس معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان، وابنته حبيبة بنت عبيد الله بن جحش المذكور، وبها كانت تُكنى أم حبيبة بنت أبي سفيان، وكان اسمها رملة، يعني ذكر عبيد الله بن جحش ممن هاجر إلى الحبشة، وزوجته أم المؤمنين أم حبيبة، خرج عبيد الله المذكور مع المسلمين مهاجرًا، فلما قدم أرض الحبشة تنصّر، تنصّر بها وفارق الإسلام، يعني ما المناسبة من إيراد مثل هذا الخبر؟ نعم، الردة، وفارق الإسلام، ومات هنالك نصرانيًّا، فخلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على امرأته من بعده أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب.

 قال ابن إسحاق: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة قال: خرج عبيد الله بن جحش مع المسلمين مسلمًا، فلما قدم أرض الحبشة تنصّر، قال: فكان إذا مرّ بالمسلمين من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فتَّحنا وصأصأتم فتَّحنا وصأصأتم، وهذه ما زالت موروثة عند من تغيّر، يعني كان على الجادة ثم انحرف، وكان من شيوخنا يضلوننا وحابسينا وحاجزينا عن الاطلاع على الأقوال الأخرى وحصرونا في مضيق حتى صوّر سد الذرائع في بعض الصحف بقارورة كبيرة وعنقها ضيق، وهذا العنق مسدود، الأمر فيه سعة، لكن ضُيق علينا بما يسمى سد الذرائع، هذه حجة معروفة، وموروثة، يقول: أبصرنا فتّحنا تنورنا، وأنتم ما زلتم في ضلال وعمى، حتى قال من قال: إن الجزيرة لم تر النور منذ خمسة آلاف سنة، هذا هو الذي فتّح جاء بالنور من الغرب، نسأل الله السلامة والعافية.

قال: فتَّحنا وصأصأتم أي قد أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر، ولم تبصروا بعد، وذلك أن ولد الكلب إذا أراد أن يفتح عينيه للنظر صأصأ قبل ذلك، فضرب لذلك له ولهم مثلاً، أي أنها قد فتحنا أعيننا فأبصرنا، ولم تفتحوا أعينكم فتبصروا وأنتم تلتمسون ذلك.

في جوامع السيرة لابن حزم في ذكر من هاجر إلى الحبشة قال: ومن حلفائهم من بني أسد بن خزيمة عبيد الله بن جحش بن رئاب، عبد الله عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر هذا عبد الله صاحب السرية المعروف، من خير الصحابة على ما سيأتي، وأخوه عبيد الله معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سيفان أم المؤمنين، فتنصر هناك ومات مرتدًا، وأما أخوه عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي حليف بني عبد شمس أحد السابقين، بعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- على أول سرية، فكان أول أمير في الإسلام، استشهد في أحد.

 وقصة ردة بعض العرب عن الإسلام بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وقتال أبي بكر هذه مشهورة مذكورة في السير بإطالة وبتفصيل، فلا نطيل بذكرها، وهذا كله لا يعارض ما جاء في الخبر لا يعارض ما جاء في الخبر؛ لأن من ارتد على ندرته في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- كعبيد الله بن جحش وابن خطل، وكذا من ارتد بعده -عليه الصلاة والسلام- مع كثرتهم فإن المجزوم به أن بشاشة الإيمان لم تخالط قلوبهم كما سيأتي في تعقيبات هرقل إن شاء الله تعالى.

طالب:...

نعم، نعم، له مفهوم سَخطةً لدينه؛ لأنه قد يكون راغبًا في الدين، لكن بطمع، إما بمال أو بنساء مثل،اً وهذا أكثر ما يجر إلى النكوص- نسأل الله العافية-، يعني هرقل على ما سيأتي كاد أن يسلم، ما الذي منعه؟ ملكه، الذي منعه ملكه، الذي منعه ملكه من الدخول في الإسلام، فالمحافظة على الملك من أضر ما يضر أصحاب الملك، لكن هل عُذر هرقل بسبب خوفه على ملكه؟ لم يعذر، كذب الخبيث مات على نصرانيته، ما عذِر، لكن بعض الناس يقول: إن أصحاب الملك الآن من ملوك الأرض يرتكبون المخالفات بسبب ملكهم، وفي مثل هذا لا يقبل العذر، كما لم يعذر النبي -عليه الصلاة والسلام- هرقل.

وهناك فرقٌ كبير فرقٌ بين من لم يسلم، وإسلامه مشكوك فيه، وبين من إسلامه مجزومٌ به وخروجه منه مشكوك فيه؛ لأن العبرة بالأصل، هذا أصله نصراني دخوله في الإسلام مشكوك فيه، ومن كان على ملك ثم حمله مراعاة هذا الملك على شيء من المخالفة يؤاخذ على المخالفة بقدرها، لكن خروجه من الإسلام بسبب هذا الخوف ودخوله فيه مقطوع به بخلاف ما كان عليه هرقل، ولذلك وضع النبي -عليه الصلاة والسلام- علامات للولاة والخروج عليهم، «لا، ما صلوا»، «ما لم تروا كفرًا بواحًا» لأنه حتى لو رئي الكفر الذي ما هو بواح ولا ظاهر ولا عليه برهان ولا يتفق عليه هذا يبقى أن الأصل الطاعة.

 قال يعني هرقل: (فهل كنتم تتهمونه بالكذب؟).

طالب:...

نعم.

طالب:...

أنت لديك أهلية أسعفنا جزاك الله خيرًا، لكنها مستفيضة، ذكرها كل المؤرخين من غير تعقيب، نعم.

طالب:...

وزوجته، تجيء  لنا بالبحث، هاته.

طالب:...

أولًا نصوص السيرة لا شك أنها عموم الأخبار لا بد من تمحيصها، لكن لا على ميزان أهل الحديث الذين يتصدون لإثبات ونفي ما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لا سيما ما يتعلق به حكم، ولذلك ينادي بعض الغيورين إلى تمحيص السير وإثبات الصحيح ونفي ما عداه، وصُنف في ذلك صحيح السيرة، لكن النتيجة أنك تقرأ سيرة مخلخلة، هناك حلقات مفقودة بين النصوص، يربط بين هذه النصوص حلقات قد لا تثبت عند التمحيص، لكنها تصلح للربط بين القصتين، ولا يترتب عليها شيء، ومن السير ما يترتب عليه حكم شرعي هذا حكمه حكم السُّنَّة حكم الأحاديث، والذي لا يترتب عليه حكم شرعي هذا يتساهل فيه كما قال أهل العلم.

قال –يعني هرقل-: (فهل كنتم تتهمونه بالكذب؟) (فهل كنتم تتهمونه بالكذب؟) لماذا عدل عن قوله: هل يكذب؟ مثل قال: فهل يغدر؟ يعني بالكذب، هو الآن دعواه أنه مرسل من عند الله -جل وعلا- ومتى يُتهم الإنسان بالكذب؟ لأن عندنا الكذب والتهمة بالكذب، عند أهل الحديث الذي يوصف بالكذب الذي يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يكذب على النبي- صلى الله عليه وسلم- يرمى ويوصف بالكذب، والذي يكذب على الناس ويروي الحديث هل يقال: كذاب؟ يقال: متهم بالكذب، ونظيره ما عندنا، نظيره ما عندنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- دعواه أنه مرسل من عند الله -جل وعلا- أما كونهم يكذبونه يكذبونه في دعواه هذا ظاهر نعم، ما فيخ إشكال ظاهر، لكن كونهم يتهمونه بالكذب يعني يتهمونه بالكذب مثل ما قلنا بالنسبة للحديث، متى يتهم بالكذب إذا كذب في حديثه مع الناس حينئذٍ يُتهم بالكذب على الله- جل وعلا- أو على رسوله -عليه الصلاة والسلام-.

طالب:...

الآن من يقرر أنه صادق أو كاذب؟ الناس ما عندهم شيء، ولا يمكن إدراك ما معه، ولا يمكن تنزيله على الواقع، جاءهم بشيء ما يمكن تنزيله على الواقع وليس لديهم شيء يقيسونه عليه، هل يطابق الواقع أو لا يطابق جاءهم بشيء لا تدركه عقولهم، فهم كذبوه مباشرة، قالوا: يكذب وليس هو الذي عنه السؤال، كونهم كذبوه كذبوه لكن هل يتهمونه بالكذب؟ فمتى يتهم بالكذب؟ إذا كذب مع الناس لذلك عُرف بالكذب بينهم هذه تهمة ظاهرة على أنه يكذب فيما أخبر به عن الله -جل وعلا-، كما أن الراوي إذا اشتهر في حديثه مع الناس بالكذب اتهم بكذبه على النبي- عليه الصلاة والسلام-، لأنه قال: هل تتهمون بالكذب؟ هل تردد أحد من المشركين في تكذيبه؟ لماذا لم يقل في الجواب: نعم؟

طالب:...

هو المسألة اتهام عندنا الاتهام، الاتهام سببه الكذب في حديث الناس، أما ما جاء به فليس لديكم ميزان توقعونه عليه تعرفون به الواقع من خلافه.

طالب:...

نحن نريد أن نقرر، وهذه تنفع في علوم الحديث، هذه تنفع في علوم الحديث؛ لأن العلماء يفرقون بين فلان كذاب وبين كونه متهمًا بالكذب، كذاب يعني يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، متهم بالكذب يعني يكذب في حديثه مع الناس، فلا يؤمن على حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول ابن حجر: وإنما عدل إلى السؤال عن التهَمَة، وإنما عدل إلى السؤال عن التُّهَمَة عن السؤال عن نفس الكذب تقريرًا لهم على صدقه؛ لأن التُّهَمة إذا انتفت انتفى سببها، ولذا عقبه بالسؤال عن الغدر، ظاهر كلامه؟

طالب:...

هو أبلغ بلا شك، لكن هل الواقع مطابق أم لا؟ هم يتهمونه، ما مسألة يتهمونه بالكذب، يكذبونه، يكذبونه فيما جاء به عن الله -جل وعلا-، لكنهم لا يتهمونه في حديثه مع الناس، معروف عندهم بالصدق.

طالب:...

هذه مرتبة على هذه، نعم.

طالب:...

مستفيض، هو مجرد ما قال لهم قولوا لا إله إلا الله، قالوا: ساحر كذاب، كلهم قالوا هذا الكلام، فكيف ينفون الاتهام ويثبتون الكذب؟ قالوا: ساحر كذاب، فكيف ينفون الاتهام ويثبتون الكذب؟ لأن الجهة منفكة، الكذب فيما يقوله عن الله -جل وعلا- وليس لديهم ميزان يزنون به صدقه من كذبه، ما يعرفون يطابق الواقع أو خالفه، بل الذي تقرر عندهم أنه خالف الواقع، خالف ما كانوا عليه وتوارثوه، فهو كذاب عندهم، لكن في حديثه مع الناس الذي ينشأ عنه الاتهام بالكذب ما يصفونه بهذا لا يستطيعون أن يخالفوا الواقع؛ لأنه ما عُرف بشيء من هذا، ما حُفظ عليه ولا كذبة واحدة -عليه الصلاة والسلام-.

 يقول ابن حجر: : وإنما عدل إلى السؤال عن التُّهَمَة عن السؤال عن نفس الكذب تقريرًا لهم على صدقه تقريرًا لهم على صدقه يعني صدقه هذا حملهم على تصديقه أو على تكذيبه؟ كذبوه من باب: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ} [سورة النمل: 14] ؛ لأن التُّهَمة إذا انتفت انتفى سببها، ولذا عقبه بالسؤال عن الغدر والتُّهَمة الظن، أصلها الوُهمة تاؤه مبدلة من واو كما أبدلت في تخمة يقال: أوهمته واتهمته أدخلت عليه التُّهَمة كهمزة ورُطبة، والسكون لغة، تُهْمة، واتهمته شككت في صدقه، الأصل تُهَمَة:

 لعلم عرفانٍ وظني تُهَمَة

من الألفية.

 قال أبو سفيان: (قلت: لا) أي لا نتهمه بالكذب على الناس؛ إذ لم يجرب عليه شيئًا من ذلك، لم يجرب عليه شيئًا من ذلك.

 قال –يعني هرقل-: (فهل يغدر؟) فهل يغدر بكسر الدال، والغدر ترك الوفاء بالعهد، الغدر ترك الوفاء بالعهد، وهو مذمومٌ عند جميع الناس، قاله الكرماني، وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمروٍ: «أربع من كُن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» في البخاري وغيره، وفي البخاري أيضًا من حديث ابن مسعود وأنس بن مالك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لكل غادرٍ لواء يوم القيامة». قال أحدهما: يُنصب، إما أنس أو ابن مسعود، وقال الآخر: يُرى يوم القيامة يُعرف به، يعرف به، وعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لكل غادر لواء ينصب يوم القيامة بغدرته».

 قال ابن حجر: وفي الحديث غلِظ تحريم الغدر لا سيما من صاحب الولاية، لا سيما من صاحب الولاية العامة؛ لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلقٍ كثير، ولأنه غير مضطر إلى الغدر؛ لقدرته على الوفاء، وقال عياض: المشهور أن هذا الحديث ورد في ذم الإمام إذا غدر في عهوده لرعيته أو لمقاتلته، أو للإمامة التي تقلدها، والتزم القيام بها، فمتى خان فيها أو ترك الرفق فقد غدر بعهده، وقيل: المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام، فلا تخرج عليه ولا تتعرض لمعصيته؛ لما يترتب على ذلك من الفتنة، قال عياض: والصحيح الأول، ابن حجر يقول: ولا أدري ما المانع من حمل الخبر على أعم من ذلك، على كل أحد، على كل أحد، إذا أبرم عقدًا نقضه.

قال –يعني هرقل-: (فهل يغدر؟ قال أبو سفيان: قلت: لا) يعني لا يغدر. (ونحن منه) أي من الرجل المذكور وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- (في مُدّة، ونحن منه في مُدة لا ندري ما هو فاعل فيها) يعني في هذه المدة التي اتفقوا عليها في الصلح وهي عشر سنين، اتفقوا على عشر سنين، لكن من الذي غدر؟ ومن الذي نقض العهد؟ المشركون، أمدوا حلفاءهم في مقابل حلفاء النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهم نقضوا العهد، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، يقول الكرماني: فيه إشارة إلى أن عدم غدره إلى أن عدم غدره غير مجزوم به غير مجزوم به؛ لأنه قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، هذا جزم أم تردد؟ جزم، لكن أدخل هذه الجملة: ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، يقول الكرماني: فيه إشارة إلى أن عدم غدره غير مجزوم به، والمراد في المدة مدة الهدنة، وهي صلح الحديبية، نص عليه النووي، ولكن العيني تعقب الكرماني وتعقب النووي، المراد في المدة مدة الهدنة التي هي صلح الحديبية، هذا هو المتبادر من اللفظ، يعني ما فيه أحد يتردد يسمع الخبر إلا ويقول هذه هي المدة، وقال العيني: وليس كذلك، وإنما يريد غيبته عن الأرض وانقطاع أخباره -عليه الصلاة والسلام- عنهم، يقول: هذا أنا ما أدري عن أخباره بعد ما جئت إلى الشام، هذه المدة يقول أبو سفيان: والله ما ندري ماذا فعل عقبنا؟

طالب:...

وقال العيني: ليس كذلك، وإنما يريد غيبته عن الأرض وانقطاع أخباره -عليه الصلاة والسلام- عنه، ولذلك قال: ولم يمكنّي كلمة أدخلوا فيها شيئًا؛ لأن الإنسان قد يتغير ولا يدري الآن هل هو على ما فارقناه، ولا يُدرى الآن هل هو على ما فارقناه أو بدّل شيئًا، فيه تكلف أم ما فيه تكلف؟ واضح.

 يعني فرصة في مدة عشر سنين، عهد وهدنة، وأبو سفيان يرى أن المدة يعني ما ترتبط بصلح الحديبية، هي لا ترتبط بصلح الحديبية وإنما هي مرتبطة بوقت مكثه في الشام، والله ما ندري؛ لأن هذا الأسلوب مستعمل إلى الآن، مستعمل إلى الآن، إذا كان هناك شخص لا يؤثر فيه كلامك وبينك وبينه شيء، هل تستطيع أن تواجه الناس بما يكذبونك فيه؟ لكن إذا وجدت مدخلًا دخلت، يعني إذا سئلت عن طالب علم اكتملت فيه جميع الشروط، ويتمناه كل إنسان للمصاهرة، فسئلت عنه أنت بينك وبينه شيء، ماذا تقول؟ تريد أن تثني ثناءً وتبالغ في الثناء وقد تقول صفات ليست فيه مما يعرف المخاطب أنها ليست فيه، قد تمدحه بصفات ليست فيه، مما يعرف المخاطب أنه ليس فيه، من أجل ماذا؟ أنك إذا أدخلت شيئًا عرف أنك أكثر من ناصح، فإذا أدخلت شيئًا من كلامك قبِله.

 الآن أنت مدحته بما ليس فيه، فلولا أن هذا الشيء مؤكد ومحقق ما تركته، ما عدلت عنه إلى شيء ليس فيه. لذلك تجد بعض الناس يثني لماذا؟ وفي نفسه شيء على الرجل، ويتمنى أن لو قدح فيه، ليشفي غيظه منه، لكن الناس ما يوافقون، الناس ما يوافقون يعني من استفاض فضله لا يمكن أن يقدح فيه، ثم بعد ذلك يضع جملة يمكن أن تبرّد عليه شيء مما في قلبه، وقد فعل أبو سفيان في هذه الكلمة، نحن معه في مدة أو منه في مدة ما ندري، وهذه ما زال هذا الأسلوب مستعملاً إلى الآن، ما زال مستعملًا.

طالب:...

ماذا فيه؟

طالب:...

يعني يمكن يجاب به عن جميع الأسئلة.

طالب:...

لكن هل هذا آخر سؤال؟

طالب:...

لا لا، لماذا؟ لماذا أقول هل هذا آخر سؤال؟ لنقول إن قوله: ونحن في مدة، أمرٌ تعلق بجملٍ متعددة، فهل يرجع إلى الأخيرة منها أو إلى جميع الجمل؟ في غاية الأهمية؛ لأن الوصف المؤثر والقيد والاستثناء إذا تعقبت جملاً متعددة هل ارتباطها بالجملة الأخيرة فقط؟ أو بجميع الجُمل السابقة؟

عودها إلى الأخيرة مقطوع به، والخلاف فيما عداه، وقد لا تعود على بعض الجُمل بدليل خارجي، يعني في مثل قوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚوَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [سورة النور: 4-5] الآن إلا الذين تابوا تعقب ثلاث جمل، هل هي للأخيرة فقط أو للجميع؟ هي للأخيرة بالإجماع، ولا تتناول الأولى بالاتفاق؛ لوجود نص أو نصوص تخالفها، والخلاف في الجملة الثانية هل يعود إليها الاستثناء أو لا يعود؟ عندنا: ونحن منه في مدة؛ هل يريد أبو سفيان أن يغمز في جميع ما تقدم أو يغمز في الجملة الأخيرة في الغدر فقط؟ ينظر في المعنى يستثنى الكذب طيب، يرتد أحد منهم سخطة؟ يعني عندنا في هذه المدة التي نحن في الشام ما ندري هل ارتد أم ما ارتد؟

طالب:...

كيف؟

طالب:...

في ماذا؟ ما هو فاعل؟

طالب:...

يعني هناك قرائن تدل على أنه يعود إلى الأخيرة فقط، يعود إلى الأخيرة فقط، ونحن منه أي من الرجل المذكور وهو النبي -عليه الصلاة والسلام- في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، في هذه المدة، قال الكرماني: فيه إشارة إلى أن عدم غدره غير مجزوم به، والمراد في المدة مدة الهدنة وهي صلح الحديبية نص عليه النووي، قال العيني: وليس كذلك إنما يريد غيبته عن الأرض وانقطاع أخباره -عليه الصلاة والسلام- عنه ولذلك قال: ولم يمكني كلمة أدخل فيها شيئًا؛ لأن الإنسان قد يتغير ولا يُدرى الآن هل هو على ما فارقناه أو بدل شيئًا.

 وقال الكرماني في قوله لا ندري: إشارة إلى أن عدم غدره غير مجزوم به، قال العيني: ليس كذلك، بل لكون الأمر مغيبًا عنه، وهو في الاستقبال تردد فيه بقوله: لا ندري. كل هذا مبني على المراد بالمدة، فالنووي والعيني على أن المراد بالمدة الهدنة، النووي والكرماني على أن المراد بالمدة الهدنة، التي نشأ عن صلح الحديبية، والعيني له رأي في المدة وذكرناه.

طالب:...

كلمة يعني كلامًا أي كلام، ما فيه كلمة من الأسئلة السابقة.

طالب:...

نعم.

طالب:...

الكلام السابق.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

يقول: ما قدرت أدخل شيئًا في الأسئلة السابقة، ما استطعت أدخل شيئًا في الأسئلة السابقة ما فيه فرصة إلا في هذا نحن منه في مدة، لعلنا نكتفي بهذا.

 والله أعلم.

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.