كتاب العلم (10)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: ذكرنا البارحة في الكلام على المسند وطبعاته، تكلمنا عن طبعة الرسالة التي عليها اسم الشيخ عبد الله التركي ورفاقه، الطبعة التي صدرت عن المكنز، وعليها اسم الشيخ أحمد معبد، يقول: إنك قلت: إن الشيخ لا يُقدِّم إلا لعمل راجعه بنفسه؟

أنا أقصد بذلك الشيخ أحمد معبد ما يكتب اسمه إلا على شيء متأكد منه، هذا معروف عن الشيخ أحمد معبد.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قال: حَدَّثَنِي الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: «عَقَلْتُ مِنَ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَجَّةً مَجَّهَا فِي وَجْهِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ دَلْوٍ»"، ابن خمس سنين لا شك أنه يدرك، وقد يدرك قبل ذلك لا سيما فيما يتعلق به، ولا سيما فيما له أثر في نفسه.

لكن مثل كلام شخص من الأدباء كتب عن حياته في كتاب أسماه الأيام، وحدّد وقت ولادته وأنه قبيل غروب الشمس؛ لأنه لما خرج وجهه من بطن أمه لفحه برد، مثل هذا يدرك أم لا؟ مثل هذا ما يدرك، هذا ما هو بصحيح.

وعلى كل حال عرف وقت خروجه أو لم يعرف سيان؛ لأن خروجه صار وبالًا على الأمة، نسأل الله العافية. لكن بالمناسبة يعني يذكر مثل هذه الأمور فيما يدرك وفيما لا يدرك، يعني المسألة جعلوها حدًّا لمن يصح تحمله ومن لا يصح تحمله للحديث، جعلوا حديث محمود بن الربيع حدًّا فاصلاً، فجمهور أهل الحديث على أن من بلغ الخمس يصح تحمله للحديث، ويكتب في الطباق، ويكتب سمع، ويكتب حضر، وأما من لم يبلغ الخمس فإنه لا يكتب له شيء من ذلك وإنما يقال: أُحضِر.

طالب: .......

قريبًا من إيش؟

طالب: .......

والله كنا نعد هذا ضربًا من الخيال، ووجد من علماء النفس أو من بعض أصناف المتعلمين من يرى أنه لا مانع من مخاطبة الحمل وأنه يستفيد ويسمع، لكن النصوص الشرعية تدل على خلاف هذا؛ لأنه لو كان يفقه يحفظه وهو ببطن أمه.

طالب: .......

....... على أيش؟ يعني الخصومات بين الأم والأب تؤثر على نفسية الحمل؟ يقولون مثل هذا.

طالب: .......

أما مسألة الرضاع وتأثر اللبن ودر اللبن وعدمه فهذا أمر محسوس هذا.

طالب: .......

نعم، تركيبه يتأثر؛ لأن كل شيء يتغير مع تغير المزاج، ولذلكم مع الغضب يرتفع الضغط مثلاً، يرتفع السكر مثلاً مع الغضب ومع عدمه، لا شك أنه له تركيبة في بدن الإنسان. لكن يبقى أن الحمل يفهم أم ما يفهم، لا: {لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا} [النحل: 78].

قال الشارح -رحمه الله-: (قوله: حدثنا محمد بن يوسف هو البيكندي كما جزم به البيهقي وغيره) ما علاقة البيهقي برواة البخاري؟ يعني المتوقع أنه ليس له مصنف في رجال البخاري، ولا في الأسماء المبهمة، ولا في المهمل، ولا مثل من كتب في الباب مثل الجياني أو الكلاباذي ونصر أو غيره، لا.

البيهقي يؤخذ مثل هذا التبيين وهذا التمييز من سياقه لإسناد الحديث في سننه، يروي الحديث من طريق البخاري قال: حدثنا محمد بن يوسف هو البيكندي، ويجزم به، ويستفاد من الكتب المتأخرة التي تروي الأحاديث بالأسانيد وإن لم تكن أصلية؛ لأن رواية البيهقي لهذا الحديث ليس المصدر الأصلي؛ لأنه يرويه من طريق إمام، فالأصل هو البخاري، ويروي أحاديث من طريق أبي داود، ومن طريق النسائي، ومن طريق الأئمة، فهو فرع وإن روى بالإسناد، ويستفاد منه فائدة مثل هذه يستفيدها من رواية البيهقي لهذا الحديث؛ لأنه ما يقول قائل: ليش يروي الحديث وعندنا البخاري؟ نستفيد منه.

طالب: .......

نعم، ما فيه شك أنه استفاد، لكن المتأخرين ما هم مثل المتقدمين في مثل هذا، المتأخر عالة على المتقدم، تجد المسألة .......

(هو البيكندي كما جزم به البيهقي وغيره، وأما الفريابي فليست له رواية عن أبي مسهر، وكان أبو مسهر شيخ الشاميين في زمانه، وقد لقيه البخاري وسمع منه شيئًا يسيرًا) يعني بلا واسطة، (وحدث عنه هنا بواسطة، وذكر ابن المرابط فيما نقله ابن رشيد عنه أن أبا مسهر تفرد برواية هذا الحديث عن محمد بن حرب) ابن رشيد له كتب نفيسة تتعلق بالبخاري، وله إفادة النصيح بسند الجامع الصحيح، وله السنن الأبين فيما بين الإمامين في السند المعنعن، وله مناسبات البخاري، وهو من أعظم ما صنف في الباب، لكن مع الأسف ما أدري هل له وجود مخطوطة أو لا وجود له، لكنه ما عرف عنه شيء، وله الرحلة المشحونة بالفوائد الحديثية وغيرها، وطبع منها ثلاثة مجلدات.

(وذكر ابن المرابط فيما نقله ابن رشيد عنه أن أبا مسهر تفرد برواية هذا الحديث عن محمد بن حرب، وليس كما قال بن المرابط فإن النسائي رواه في السنن الكبرى عن محمد بن المصفى عن محمد بن حرب، وأخرجه البيهقي في المدخل من رواية محمد بن جَوصاء وهو بفتح الجيم والصاد المهملة، عن سلمة بن الخليل وأبي التَّقي وهو بفتح المثناة وكسر القاف كلاهما عن محمد بن حرب، فهؤلاء ثلاثة غير أبي مسهر رووه عن محمد بن حرب، فكأنه المتفرد به عن الزبيدي، وهذا الإسناد إلى الزهري شاميون، وقد دخلها هو وشيخه محمود بن الربيع بن سراقة بن عمرو الأنصاري الخزرجي، وحديثه هذا طرف من حديثه عن عتبان بن مالك الآتي في الصلاة من رواية صالح بن كيسان وغيره عن الزهري، وفي الرقاق من طريق معمر عن الزهري أخبرني محمود).

 لأنه قال: عن الزهري عن محمود في السند الذي معنا، وهناك قال: أخبرني محمود، مع أن الزهري ما يلزم تصريحه بالتحديث.

(قوله: «عقلت» هو بفتح القاف أي حفظت. قوله: «مجة» بفتح الميم وتشديد الجيم، والمج هو إرسال الماء من الفم، وقيل: لا يسمى مجًّا إلا إن كان على بُعد، وفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- مع محمود إما مداعبةً منه أو ليبارك عليه بها، كما كان ذلك من شأنه مع أولاد الصحابة).

 وما كل شخص يقبل منه هذا الفعل، وكنت في المسجد الحرام أقرأ ومعي المصحف فجاءت عجوز ولها ولد نائم بجواري ومعها شيء من ماء زمزم فمجت عليه مجة وصلتني والمصحف!

طالب: .......

والله عجيب، يعني بعض الناس يمكن في عرفنا لا شيء فيه، الناس يتفاوتون في هذا، لكن أكثر الناس يستثقل مثل هذا، ولو كان عندها شيء من العلم كانت تنازعك تقول: الرسول مج في وجه محمود بن الربيع.

المقصود أنه قد يستدل الإنسان بشيء لا ينطبق عليه، شاب متخرج من سنة أو سنتين عنده محاضرة في مسجد ونعس شيخ كبير في آخر المسجد قال له: قم أجب على السؤال، يا شيخ أحرجت هذا الشايب وهو ما يراك شيئًا أصلاً، توك ما زلت شباب، قال: الشيخ ابن عثيمين يفعل هذا، إذا صرت مثل ابن عثيمين سوي ما تعمله! صحيح بعض الناس ما يعرف منزلة نفسه ولا يوقعها موقعها ويتشبه بالكبار وهو ما صار شيئًا.

(قوله: «وأنا ابن خمس سنين» لم أر التقييد بالسن عند تحمله في شيء من طرقه لا في الصحيحين ولا في غيرهما من الجوامع والمسانيد إلا في طريق الزبيدي هذه، والزبيدي من كبار الحفاظ المتقنين عن الزهري، حتى قال الوليد بن مسلم: كان الأوزاعي يفضله على جميع من سمع من الزهري، وقال أبو داود: ليس في حديثه خطأ).

طالب: .......

والله لو كان من باب المداعبة لا بأس.

(وقال أبو داود: ليس في حديثه خطأ، وقد تابعه عبد الرحمن بن نمر عن الزهري لكن لفظه عند الطبراني والخطيب في الكفاية من طريق عبد الرحمن بن نمر، وهو بفتح النون وكسر الميم).

 نَمِر، والنسبة إليه: نَمَرِي، مثل سَلِمة النسبة إليها: سَلَمي، مَلِك مَلَكي.

(عن الزهري وغيره قال: حدثني محمود بن الربيع، وتوفي النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ابن خمس سنين، فأفادت هذه الرواية أن الواقعة التي ضبطها كانت في آخر سنة من حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد ذكر ابن حبان وغيره أنه مات سنة تسع وتسعين وهو ابن أربع وتسعين سنةً، وهو مطابق لهذه الرواية، وذكر القاضي عياض في الإلماع وغيرُه أن في بعض الروايات أنه كان ابن أربع، ولم أقف على هذا صريحًا في شيء من الروايات بعد التتبع التام، إلا إن كان ذلك مأخوذًا من قول صاحب الاستيعاب إنه عقل المجة وهو ابن أربع سنين أو خمس وكأن الحامل له على هذا التردد قول الواقدي إنه كان ابن ثلاث وتسعين لما مات، والأول أولى بالاعتماد لصحة إسناده) يعني أولى ما يعتمد عليه ما جاء في رواية الباب.

 (على أن قول الواقدي يمكن حمله إن صح على أنه ألغى الكسر وجبره غيره، والله أعلم، وإذا تحرر هذا فقد اعترض المهلب على البخاري؛ لكونه لم يذكر هنا حديث ابن الزبير في رؤيته والده يوم بني قريظة ومراجعته له في ذلك، ففيه السماع منه وكان سنه إذ ذاك ثلاث سنين أو أربعًا، فهو أصغر من محمود، وليس في قصة محمود ضبطه لسماع شيء، فكان ذِكر حديث بن الزبير أولى لهذين المعنيين)؛ لأن حفظ الفعل أسهل من حفظ القول.

 (وأجاب ابن المنير بأن البخاري إنما أراد نقل السنن النبوية لا الأحوال الوجودية، ومحمود نقل سنةً مقصودةً في كون النبي -صلى الله عليه وسلم- مج مجةً في وجهه، بل في مجرد رؤيته إياه فائدة شرعية تثبت كونه صحابيًّا. وأما قصة ابن الزبير فليس فيها نقل سنة من السنن النبوية حتى تدخل في هذا الباب، ثم أنشد: وصاحب البيت أدرى بالذي فيه انتهى وهو جواب مسدد) وصاحب البيت أدرى بالذي فيه، من يقصد؟

طالب: .......

إي، لكن أنا عندي: صاحب البيت أدرى بالذي فيه، ماذا فيه؟ وصاحب القصة ....... وابن الزبير مع أبيه أيضًا صاحب شأن.

نعيدها: (وأجاب ابن المنير بأن البخاري إنما أراد نقل السنن النبوية لا الأحوال الوجودية، ومحمود نقل سنة مقصودة في كون النبي -صلى الله عليه وسلم- مج مجة في وجهه، بل في مجرد رؤياه فائدة شرعية تثبت كونه صحابيًّا، وأما قصة ابن الزبير فليس فيها نقل سنة من السنن النبوية) يعني محادثة بينه وبين أبيه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ليس طرفًا فيها حتى تدخل في هذا الباب. لكن الإيراد لقصة محمود لإثبات السن التي يميز بها، ولا يلزم من ذلك أن يكون في سنة. التمييز ما يتعلق بسنة، إثبات التحمل.

الآن لو يجيء صبي من الصبيان ويقول: إنه يذكر لك قصة حفظها بتفاصيلها، تثبت أنه مميز أم لا؟ ولو لم تكن سنة، هو ما يروي لك حديثًا. إثبات التمييز لا يلزم منه أن يكون في سنة، ولذلك العلامات التي ذكروها في التمييز في كتب علوم الحديث ما فيها شيء من السنن، يميز بين البقرة والحمار أو يعد من واحد لعشرين أو يفعل كذا. إذا كان الهدف إثبات سن التمييز فلا يلزم أن يكون في سنة، إن كان المراد إثبات سنة نبوية وأنه فعل كذا مع هذا الصبي إما للتبريك عليه أو للمداعبة له وهون صبي وهذا سنة شرعية فهذا لا إشكال في أنه قصة ابن الزبير ما تدخل في هذا.  

طالب: .......

هذه فيها خبر، هذه فيها قصة مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، بينما قصة ابن الزبير وكونه راجع أباه النبي -عليه الصلاة والسلام- طرف. لكن إن كان المقصود في الخبر إثبات السن الذي يميز فيه الصبي فتحصل ولو لم تكن في سنة، ما يلزم أن تكون في سنة.

طالب: .......

هو إذا ثبت أنه ضبط هذه القصة يقبل إذا تحمل سنة، إذا أثبتنا أنه يضبط فالمعول على الضبط، إذا أثبتنا أنه يضبط، ضبط قصة حصلت له مع أبيه أو مع جاره أو مع إنسان بعيد معناه أنه ضبط، فيثبت به التمييز، وإذا كان المقصود إثبات سنة فإثبات السنة في قصة محمود.

طالب: .......

الصحبة يربطونها بالرؤية، التي يكون معها شيء من الإدراك، ولذلك محمد بن أبي بكر الذي ولد في المحرم في حجة الوداع ما أثبتوا ........

طالب: .......

نعم ....، لكن نحن فصلنا أكثر من أجل أن يتبين معنا كلام ابن رُشيد.

(ثم أنشد: وصاحب البيت أدرى بالذي فيه، انتهى، وهو جواب مسدد وتكملته ما قدمناه قبل، أن المقصود بلفظ السماع في الترجمة هو أو ما يُنزل منزلته من نقل الفعل أو التقرير).

طالب: .......

لا، ابن المنير هذا.

طالب: .......

من هو؟

طالب: .......

لا، ويعني البخاري، ابن المنير هذا كلامه.

طالب: .......

هو المنشد، لكن من يقصد بصاحب البيت؟

طالب: البخاري.

خلاص انتهينا، ما اختلفنا على شيء.

(وتكملته ما قدمناه قبل، وأن المقصود بلفظ السماع في الترجمة هو أو ما ينزل منزلته من نقل الفعل أو التقرير، وغفل البدر الزركشي فقال: يحتاج المهلب إلى ثبوت أن قصة ابن الزبير صحيحة على شرط البخاري، انتهى.

والبخاري قد أخرج قصة ابن الزبير المذكورة في مناقب الزبير في الصحيح، فالإيراد موجَّه وقد حصل جوابه، والعجب من متكلِّم على كتاب يغفل عما وقع فيه في المواضع الواضحة ويعترضها بما يؤدي إلى نفي ورودها فيه)، يعني كون الإنسان يخفى عليه شيء في الكتاب الذي يشرحه، ويورد إشكالات وحلها في الكتاب نفسه، لا شك أن هذا قصور، لكن من مثل ابن حجر وهو يشرح الحديث الأول على ذكر من آخر حديث بحيث يجمع أطراف الحديث ويتكلم عليه في آن واحد وكأنها نصب عينين.

طالب: .......

لا، بعض الشراح ما يدري ما يحتوي عليه الحديث الذي يلي الحديث الذي يشرحه.

نشوف قصة ابن الزبير يا أبا عبد الله بالسابع أو السادس، مناقب الزبير.

(قوله: من دلو، زاد النسائي معلق، ولابن حبان: معلقة، والدلو يذكر ويؤنث، وللمصنف في الرقاق من رواية معمر: من دلو كانت في دارهم، وله في الطهارة والصلاة وغيرهما: من بئر بدل دلو، ويجمع بينهما بأن الماء أخذ بالدلو من البئر، وتناوله النبي -صلى الله عليه وسلم- من الدلو.

وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم: جواز إحضار الصبيان مجالس الحديث، وزيارة الإمام أصحابه في دورهم ومداعبته صبيانهم، واستدل به بعضهم على تسميع من يكون ابن خمس ومن كان دونها يُكتب له حضور، وليس في الحديث ولا في تبويب البخاري ما يدل عليه، بل الذي ينبغي في ذلك اعتبار الفهم، فمن فهم الخطاب سُمِّع وإن كان دون ابن خمس وإلا فلا) يعني وإن لم يفهم الخطاب لا يكتب له سماع، قال ابن الصلاح: ولو كان ابن خمس بل ابن خمسين، بعض الناس ما يسمع ولو ابن خمسين.

(وإلا فلا، وقال ابن رشيد: الظاهر أنهم أرادوا بتحديد الخمس أنها مظنة لذلك لا أن بلوغها شرط لا بد من تحققه والله أعلم، وقريب منه ضبط الفقهاء سن التمييز بست أو سبع، والمرجح أنها مظنة لا تحديد، ومن أقوى ما يُتمسك به في أن المرد في ذلك إلى الفهم فيختلف باختلاف الأشخاص: ما أورده الخطيب من طريق أبي عاصم قال: ذهبت بابني وهو ابن ثلاث سنين إلى ابن جريج فحدثه، قال أبو عاصم: ولا بأس بتعليم الصبي الحديث والقرآن وهو في هذا السن، يعني إذا كان فهِمًا، وقصة أبي بكر بن المقرئ الحافظ في تسميعه لابن أربع سنين بعد أن امتحنه بحفظ سور من القرآن مشهورة) كانوا يمتحنون بسورة المرسلات، وهذا مذكور في كتب علوم الحديث، يختبرون الطفل إذا تبين منه أنه مميز سمعوا، وهنا قصص كثيرة جدًّا في هذا الباب: وأحضر للمأموم صبي ابن أربع سنين يحفظ القرآن، ويحفظ شيئًا من السنة، قالوا: غير أنه إن جاع بكى. يقولون هذا الكلام، والله أعلم بصحته.

طالب: .......

نعم، موجود، عجائب الآن.

طالب: .......

لا ما تقدح، لا، لبيان أنه صغير جدًّا.

عن عبد الله بن الزبير قال: كنت يوم الأحزاب جُعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء، فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثًا، فلما رجعت قلت: يا أبت رأيتك تختلف؟ قال: وهل رأيتني يا بني؟ قلت: نعم، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من يأتي بني قريظة فيأتيني بخبرهم؟»، فانطلقت فلما رجعت جمع لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبويه قال: «فداك أبي وأمي». ابن الزبير ولد في أول الهجرة.

طالب: .......

أول مولود بعد الهجرة، كم يكون سنه؟

طالب: .......

لا لا، وكانت الخندق سنة خمس، فيكون ابن أربع وأشهر. قال: وفيه صحة سماع الصغير وأنه لا يتوقف على أربع أو خمس؛ لأن ابن الزبير كان يومئذ ابن سنتين وأشهر أو ثلاث وأشهر بحسب الاختلاف في وقت مولده وفي تاريخ الخندق، فإن قلنا إنه وُلد في أول سنة من الهجرة وكانت الخندق سنة خمس فيكون ابن أربع وأشهر، وإن قلنا ولد سنة اثنتين وكانت الخندق سنة أربع فيكون ابن سنتين وأشهر، وإن عجلنا إحداهما وأخرنا الأخرى فيكون ابن ثلاث سنين وأشهر، وسأبين الأصح من ذلك في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى، وعلى كل حال فقد حفظ من ذلك ما يستغرب حفظ مثله، وقد تقدم البحث في ذلك في باب: متى يصح سماع الصغير؟

طالب: .......

وهذا مضبوط.

نعم.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ الخُرُوجِ فِي طَلَبِ العِلْمِ. وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ.

حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: قال الأَوْزَاعِيُّ: أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم- فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، قال: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ فَقَالَ أُبَيٌّ: نَعَمْ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ شَأْنَهُ يَقُولُ: «بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَتَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ فقَالَ مُوسَى: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ -عزَّ وجلَّ- إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وقال لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ مُوسَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف: 63]، قَالَ مُوسَى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} [الكهف: 64]، فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ»".

أنت تقرأ على أنه من القرآن أو من كلامه؟

طالب: كلام من؟

كلام موسى في الحديث.

طالب: أنا قرأته على أنه من القرآن.

لا، ولذلك كُتب على ما يخالف الرسم.

طالب: .......

عندكم؟

طالب: نعم.

غلط، لا لا، نبغي بالياء، هذا الصواب، هذا من حيث العربية هذا الصواب، لكن اتباع الرسم التوقيف.

طالب: في هذه نسخة البخاري .......

على الرواية لا، ما هو بعلى البخاري، على الرسم.

نريد أن نجيء بقصة ....... هذا رحل في قصة موسى رحل جابر لمدة شهر في حديث واحد، مجموعة يركبون لهم سيارة من بلد إلى آخر يسألون عن عيارة واحد! {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 4]، ومجرد ما عرفوا رجعوا، ما لهم رغبة في .......

يقول الشارح -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: (قوله: باب الخروج، أي السفر في طلب العلم، لم يذكر فيه شيئًا مرفوعًا صريحًا، وقد أخرج مسلم حديث أبي هريرة رفعه: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة»)، {فَلَوْلَا نَفَرَ} [التوبة: 122] هذا أيضًا يدل على الخروج في طلب العلم، نص في الخروج في طلب العلم.

(ولم يخرجه المصنف؛ لاختلاف فيه).

طالب: قيدها في السفر .......

ما هي؟

طالب: {فَلَوْلَا نَفَرَ} [التوبة: 122].

المقصود أنها أشمل، «ومن سلك طريقًا» هل هي مقيدة السفر؟

طالب: لا.

نفس الشيء، لأن هذا أشمل وأعم، الآية والحديث أعم من أن يكون في السفر وغيره، لكن هو السفر داخل فيه دخولاً أوليًّا.

(قوله: ورحل جابر بن عبد الله، هو الأنصاري الصحابي المشهور، وعبد الله بن أنيس بضم الهمزة مصغرًا هو الجهني حليف الأنصار.

قوله: في حديث واحد، هو حديث أخرجه المصنف في الأدب المفرد وأحمد وأبو يعلى في مسنديهما من طريق عبد الله بن محمد بن عَقيل أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: بلغني عن رجل حديثٌ سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) الخطيب البغدادي له مصنف في الرحلة في طلب الحديث، والرحلة في الطلب من سنن المحدثين، ولا تكاد تجد إمامًا بارزًا في الحديث إلا وقد رحل، وعرف الإمام مالك ما رحل، لكن غيره من الأئمة رحلوا.

 (فاشتريت بعيرًا ثم شددت رحلي فسِرت إليه شهرًا حتى قدمت الشام، فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب: قل له جابر على الباب، فقال: ابن عبد الله؟) يعني أهو ابن عبد الله؟ (قلت: نعم، فخرج فاعتنقني، فقلت: حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخشيت أن أموت قبل أن أسمعه، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يحشر الله الناس يوم القيامة عراةً» فذكر الحديث، وله طريق أخرى أخرجها الطبراني في مسند الشاميين، وتمام في فوائده من طريق الحجاج بن دينار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: كان يبلغني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثٌ في القصاص، وكان صاحب الحديث بمصر، فاشتريت بعيرًا فسِرت حتى وردت مصر فقصدت إلى باب الرجل، فذكر نحوه) يعني جابر يوم أن سمع الحديث هل ينساه؟ تعب عليه فما ينساه، لكن الذي يضغط زرًّا ويطلع له عشرات ومئات الأحاديث ما الذي يضبط منها؟ الله المستعان، لا يستطاع العلم براحة الجسم.

(فذكر نحوه، وإسناده صالح، وله طريق ثالثة أخرجها الخطيب في الرحلة من طريق أبي الجارود العنسي، وهو بالنون الساكنة، عن جابر قال: بلغني حديث في القصاص، فذكر الحديث نحوه وفي إسناده ضعف، وادعى بعض المتأخرين أن هذا ينقض القاعدة المشهورة أن البخاري حيث يُعلق بصيغة الجزم يكون صحيحًا، وحيث يُعلق بصيغة التمريض يكون فيه علة؛ لأنه علقه بالجزم هنا، ثم أخرج طرفًا من متنه في كتاب التوحيد بصيغة التمريض فقال: ويُذكَر عن جابر عن عبد الله بن أنيس قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يحشر الله العباد فيناديهم بصوت» الحديث) وهو من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل وفي حفظه كلام لأهل العلم.

(وهذه الدعوى مردودة، والقاعدة بحمد الله غير منتقضة، ونظر البخاري أدق من أن يُعترض عليه بمثل هذا، فإنه حيث ذكر الارتحال فقط جزم به) يعني في هذا الموضع ذكر الحديث أم ذكر الرحلة؟

طالب: .......

ذكر الارتحال فقط.

(فإنه حيث ذكر الارتحال فقط جزم به؛ لأن الإسناد حسن وقد اعتضد، وحيث ذكر طرفًا من المتن لم يجزم به؛ لأن لفظ الصوت مما يُتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب، ويحتاج إلى تأويل فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها ولو اعتضدت)، لكن هل يوافق ابن حجر على هذا؟

علق شيخنا -رحمه الله-: ليس الأمر كذلك، بل إطلاق الصوت على كلام الله سبحانه قد ثبت في غير هذا الحديث عند المؤلف وغيره، فالجواب إثبات ذلك على الوجه اللائق به كسائر الصفات كما هو مذهب أهل السنة، والله أعلم.

البراك علق عندك بشيء؟

طالب: لا.

(ومن هنا يظهر شفوف علمه ودقة نظره وحسن تصرفه -رحمه الله تعالى-)، لكن القاعدة أنه إذا ذكر بصيغة الجزم فهو صحيح إلى من أُسند إليه، هذا ما فيه إشكال، وقد ضمن من حذف. أما إذا صدَّر الخبر المعلق بصيغة التمريض فهي لا تدل على صحة ولا على ضعف. أحاديث خرجها موصولة في الصحيح نفسه علقها بصيغة التمريض، فهل يرد مثل هذا الكلام؟ ما يرد مثل هذا الكلام، وابن حجر قرَّر هذا الكلام في نكته على ابن الصلاح.

(ووهم ابن بطال فزعم أن الحديث الذي رحل فيه جابر إلى عبد الله بن أنيس هو حديث الستر على المسلم، وهو انتقال من حديث إلى حديث، فإن الراحل في حديث الستر هو أبو أيوب الأنصاري رحل فيه إلى عقبة بن عامر الجهني، أخرجه أحمد بسند منقطع، وأخرجه الطبراني من حديث مسلمة بن مخلد قال: أتاني جابر فقال لي: حديث بلغني أنك ترويه في الستر، فذكره، وقد وقع ذلك لغير مَن ذكره، فروى أبو داود من طريق عبد الله بن بريدة أن رجلاً من الصحابة رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر في حديث، وروى الخطيب عن عبيد الله بن عدي) عبيد الله بن عدي بن الخيار، من خيار التابعين.

 (قال: بلغني حديث عند علي فخفت إن مات أن لا أجده عند غيره فرحلت حتى قدمت عليه العراق، وتتبع ذلك يكثر) يعني الخطيب البغدادي له مصنف في الرحلة في طلب الحديث عند أهل الحديث، وذكر قصصًا كثير، وما تركه أكثر؛ لأن الرحلة استمرت بعد الخطيب إلى يومنا هذا، والناس يرحلون لطلب العلم، لكن ما يدخل في ذلك مسألة من رحل لديار الكفر وقال: هذه رحلة، ومن سنن طلب العلم حتى يجري عليها الوصايا والأوقاف، هذا الكلام، نسأل الله العافية؛ لأنه وجد من يفتي بأنه يجوز أن يصرف له من الوصايا والأوقاف على طلبة العلم والرحلة في طلب العلم، ومن يرحل إلى بلاد الكفر يستحق من هذه شيئًا، المراد بالعلم الذي يوصى له ويوقف عليه هو العلم الموروث، إلا إذا صرَّح الموصي يوصي للأطباء يوصي للمهندسين، يوصي إلى من شاء، شأنه هذا، لكن إذا أطلق العلم فالمراد به العلم الموروث الذي يُتقرب به إلى الله -جَلَّ وعَلا- ويستحق صاحبه الإعانة.

(وسيأتي قول الشعبي في مسألة: إن كان الرجل ليرحل فيما دونها إلى المدينة، وروى مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد) وعندنا الواحد تعن له المسألة أو يخطر على باله الحديث، ويريد أن يتأكد ويتثبت والكتاب في الدرج ....... لأنه تعب أو مشغول بمحادثة أهله أو ولده أو صديقه أو شيء من هذا، ويؤجل النظر، والله المستعان.

(إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد) وهل شغلهم هذا عن كثرة التحصيل وكثرة المحفوظ؟ يحفظون عشرات الألوف من الأحاديث، وهذه طريقتهم في تجميع الأحاديث، لكن الذي يدخل ما يطلع؛ لأنه متعوب عليه، ونحن حظنا من هذه الكتب والعلم مجرد ما نشتري كتابًا عشرة مجلدات، عشرين مجلدًا نرصه بالدالوب وفقط ....... تمر السنة والسنتان ما فتحنا هذا الكتاب، تمر السنون، أحيانًا يموت الإنسان ما فتح الكتاب. لذلك لا تظنون أن تيسير الأمور بهذه الطريقة معين على التحصيل.

الطباعة أول ما بدأت استنكرها العلماء، وأفتى شيوخ الأزهر بتحريم طباعة الكتب الشرعية؛ لأنها صادة عن التحصيل، طالب العلم إذا أراد شيئًا أو أراد كتابًا وهو ما بعد عنده لاضطر ينسخه ويكتبه بيده، والآن يشتريه جاهزًا من المطبعة يرصه، وهذا آخر عهده، وأحيانًا ما يدري أنه عنده الكتاب، والله المستعان.

في أول الأمر نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن كتابة السنة؛ لئلا يعتمد الناس على الكتابة وينسوا الحفظ، أو لئلا يختلط بالقرآن، إلى غير ذلك من العلل التي جاء فيها النهي، ثم أذن بالكتابة واستمر الناس عليها وصار أثرها على الحفظ ظاهر، يعني ضعف الحفظ، صار الناس يعتمدون على المكتوب واعتمدوا على ضبط الكتاب، وضبط الصدر ضعف.

(وسيأتي نحو ذلك عن غيره، وفي حديث جابر دليل على طلب علو الإسناد؛ لأنه بلغه الحديث عن عبد الله بن أنيس فلم يقنعه حتى رحل فأخذه عنه بلا واسطة) وعلو الإسناد مطلوب عند أهل الحديث، تمناه علي بن المديني في مرض موته، قالوا له: تمن أيش؟ قال: بيت خالٍ وسند عالٍ، والواحد منا إذا طلع أهله من البيت في زيارة أو شيء صار البيت سجنًاخ لازم يطلع، وأهل البيت إذا جاء ليلة خميس أو ليلة الجمعة مستحيل يسيطر عليهم أبوهم يجلسون في البيت، لابد من الخروج، ليلة الخميس ويجلسون؟! صارت البيوت كأنها سجن، بعد أن كانت خلوات للعالم وطالب العلم يستفيد منها، ويوفر وقتها عليها، ويخلو بربه وبمناجاته والانكسار بين يديه، الآن ما فيه شيء من هذا إلا من رحم الله.

طالب: .......

لا هو يتأكد، سيتأكد، ويدخل في: «من سلك طريقًا»، والعمر ماذل يدخر له أفضل من هذا؟ على كل حال المسألة يعني ما ضاع سدى، ضبط هذا الحديث وأتقنه وصار سنة لمن يأتي بعده.

(وسيأتي عن ابن مسعود في كتاب فضائل القرآن قوله: لو أعلم أحدًا أعلم بكتاب الله مني لرحلت إليه، وأخرج الخطيب عن أبي العالية قال: كنا نسمع عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا نرضى حتى خرجنا إليهم فسمعنا منهم، وقيل لأحمد: رجل يطلب العلم يلزم رجلاً عنده علم كثير أو يرحل؟ قال: يرحل يكتب عن علماء الأمصار فيشافه الناس ويتعلم منهم) لكنهم في أدب الطلب والحث على الرحلة يقولون: حتى يستوعب حديث بلده، يعني ما عند شيوخ بلده من الحديث ثم يرحل.

(وفيه ما كان عليه الصحابة من الحرص على تحصيل السنن النبوية، وفيه جواز اعتناق القادم حيث لا تحصل الريبة.

قوله: خالد بن خلي).

والله يعني إذا كان بينه وبينهم مودة وشيخه وله به عناية وكذا يعني من باب الأمن، شف خالد بن خلي بالتقريب أبا عبد الله.

(خالد بن خلي هو بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام الخفيفة بعدها ياء تحتانية مشددة كما تقدم في المقدمة، وإنما أعدته لأنه وقع عند الزركشي مضبوطًا بلام مشددة، وهو سبق قلم أو خطأ من الناسخ).

طالب: .......

كلاعي.

طالب: .......

نعم، من شيوخ الصحيح، من شيوخ البخاري.

(قوله: قال الأوزاعي، في رواية الأصيلي: حدثنا الأوزاعي. قوله: تمارى هو والحر، سقطت هو من رواية ابن عساكر فعطف على المرفوع المتصل بغير تأكيد ولا فصل، وهو جائز عند البعض) لكن، هو جاء في النظم كثيرًا العطف بغير فاصل، يقول ابن مالك: وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصل، تمارى هو والحر، أو فاصل ما، بأي فاصل، وبلا فصل يرد في النظم فاشيًا وضعفه اعتقد.

قال: (وهو جائز عند البعض، وقد تقدمت مباحث هذا الحديث قبل ببابين) عند الكوفيين ما عندهم إشكال في جواز مثل هذا؛ لأنه وردت به الشواهد، البصريون يمضون القاعدة ويحكمون على هذه الشواهد بالشذوذ.

(وليس بين الروايتين اختلاف إلا فيما لا يغير المعنى وهو قليل، وفيه فضل الازدياد من العلم ولو مع المشقة والنصَب بالسفر وخضوع الكبير لمن يتعلم منه، ووجه الدلالة منه قوله تعالى لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] وموسى -عليهِ السَّلامُ- منهم، فتدخل أمة النبي -صلى الله عليه وسلم- تحت هذا الأمر إلا فيما ثبت نسخه) بعضهم يستدل على إعفاء اللحية، إضافة إلى ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، وفيهم هارون، ذكر فيهم هارون: {لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي} [طه: 94]، يعني استدلال صحيح أنه فيه بُعد، لكنه أيضًا صحيح.

طالب: .......

على حسب الملقي، إذا كان الملقي ممن يتقن هذا الكتاب ويضبطه ويحسنه أكثر من غيره يرحل.

طالب: ....... صيغة التمريض؟

يذكر عن فلان، يروى عن فلان، يقال. مرة طلاب الجامعة نختبرهم معنى الصيغ: تحدث عن صيغة التمريض واذكر أمثلة؟ يقول: صيغة التمريض مهنة شريفة يساعد بها إخوانه المرضى...!