كتاب الصلاة (16)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،
فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ" وهو ابن مسرهد.
"قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى" القطان، يحيى بن سعيد القطان.
"عَنْ سَيْفٍ" يعني ابن سليمان أو ابن أبي سليمان.
"قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا" ابن جبر.
"قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ" يعني أتاه آتٍ.
"فَقِيلَ لَهُ" أتاه آتٍ فقال له، وهذا الآتي لا يُعرَف ولا يتوقف عليه فائدة، العبرة بسؤاله والجواب.
"فَقِيلَ لَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الكَعْبَةَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ خَرَجَ" الواو هذه حالية، لو كانت عاطفة لما صح العطف إلا بالفصل، لكنها حالية، والحال أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قد خرج يعني من الكعبة.
"وَأَجِدُ بِلاَلًا قَائِمًا بَيْنَ البَابَيْنِ" فأقبلتُ ماضٍ، وأجد مضارع، ونسق الكلام أن يقول: ووجدت بلالًا؛ ليتسق الكلام، ولكنه عدل عن الماضي إلى المضارع؛ لأن المضارع يُشعِر بتجدد الحدث.
"وَأَجِدُ بِلاَلًا قَائِمًا بَيْنَ البَابَيْنِ" معروفٌ أن الكعبة ليس لها إلا باب واحد، فأُجيب عن ذلك: أنه ثنى الباب باعتبار أن الكعبة الأصل أن يكون فيها بابان، لكن قريشًا قصرت بهم النفقة، واقتصروا على بابٍ واحد، وقيل: إن الكلام بعد أن عمرها ابن الزبير، وجعل لها بابين قالوا: وهذا بعيدٌ جدًّا؛ لأن فيه ذِكر النسيان، الحديث فيه ذِكر النسيان "فنسيت أن أسأل"، ويبعد أن يكون الراوي عن ابن عمرو مولاه نافع في بعض الروايات، وفيه هذا النسيان بعد أن طالت المدة، وجاء وقت ابن الزبير، ولم يتذكر ولم يُذكر رواية الذِّكر يقولون هذا الكلام.
وعلى كل حال "بَيْنَ البَابَيْنِ" الكعبة في عهده –عليه الصلاة والسلام- وفي عهد الخلفاء الراشدين ما فيها إلا باب واحد.
وقيل: أُطلق تثنية الباب أُطلق البابان على المصرعين، يعني مصرعي الباب؛ لأن كل واحدٍ منهما بمفرده باب.
"وَأَجِدُ بِلاَلًا قَائِمًا بَيْنَ البَابَيْنِ فَسَأَلْتُ بِلاَلًا".
طالب: ...........
هو قال: "بَيْنَ البَابَيْنِ" وأين البابان؟ ما فيه بابان.
طالب: ...........
الكلام هذا قيل في أول جوابه.
فَسَأَلْتُ بِلاَلًا فَقُلْتُ: أَصَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الكَعْبَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَكْعَتَيْنِ، بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ" وكان نسق الكلام أن يقول: على يسارك أو يقول: إذا دخل.
طالب: على يسارك إذا دخلت هكذا في رواية أبي ذر الهروي عن الكشميهني، وهو أنسب كما قال القسطلاني في (إرشاد الساري): ولغيره على يساره بالهاء أي: يسار الداخل، أي: يسار البيت أو هما للالتفات، قاله القسطلاني.
الجواب سهل، يعني كلام أهل العلم في الأجوبة عن مثل هذه ميسور.
طالب: ...........
نعم "على يسارك إذا دخلت" هذه رواية أبي ذر، وهنا رواية غير أبي ذر "عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ" فيكون هذا من باب الالتفات من الغيبة إلى الخطاب.
"ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى فِي وَجْهِ الكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ" يعني مواجه الكعبة وهو إما عند الباب أو قريبًا منه عند المقام، لكن المواجهة عند الباب.
نعم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ –رحمه الله-: "قوله: "عن سيف" هو ابن سليمان أو ابن أبي سليمان المكي.
قوله: "أُتى ابن عمر" لم أقف على اسم الذي أخبره".
في المتن، متن الصحيح عن سيفٍ، يعني ابن سليمان، هذا هو المرجح عند البخاري أنه ابن سليمان، والذي قال: يعني، مَن الذي قال يعني؟ كأن يحيى حدَّث عن سيف، ومن جاء بعده إما مُسدد أو البخاري وضَّح فأتي بـــ(يعني).
طالب: لكن ليس بعندنا يا شيخ.
يعني ابن سليمان..
طالب: في الأصل ما هي موجودة ولا في الفتح.
لا، عندنا في الفتح.
طالب: في الأصل يا شيخ موجودة؟
عن سيفٍ انظر رقم خمسة في التعليق.
طالب: يقول زاد ابن عساكر يعني...
سين يعني روايته ليس بزيادة، في روايته يعني ابن سليمان.
طالب: لكن ليست في الأصل في الحاشية.
في رواية ابن عساكر في الأصل، والأئمة قد يُروون الحديث عن طريقٍ راوٍ مبهم، مُهمل وليس بمبهم، مُهمل يعني: ما ذُكِر نسبه، فيذكرونه، ومن باب الأمانة والدقة يأتون بالضمير هو ابن فلان أو يعني ابن فلان.
طالب: يُريد وأراد.
هو ابن فلان أو يعني ابن فلان.
"قوله: "أُتي ابن عمر" لم أقف على اسم الذي أخبره بذلك.
قوله: "وأجد" بعد قوله: "فأقبلت" وكان المناسب للسياق أن يقول: ووجدت، وكأنه عدَّل عن الماضي إلى المضارع استحضارًا لتلك الصورة، حتى كأن المخاطب يشاهدها".
لأن المضارع يدل على التجدد.
"قوله: "قائمًا بين البابين" أي: المصراعين، وحمله الكرماني تجويزًا على حقيقة التثنية، وقال: أراد بالباب الثاني الذي لم تفتحه قريشٌ حين بَنت الكعبة باعتبار ما كان، أو كان إخبار الراوي بذلك بعد أن فتحه ابن الزبير، وهذا يلزم منه أن يكون ابن عمر وجد بلالًا في وسط الكعبة وفيه بُعدٌ، وفي رواية الحموي بين الناس بنونٍ وسينٍ مهملة، وهي أوضح".
الناس تكون بين البابين مصحَّفة، والأصل الناس، والصورة قريبة من بعض.
"قوله: "قال: نعم ركعتين" أي: صلى ركعتين، وقد استشكل الإسماعيلي وغيره هذا مع أن المشهور عن ابن عمر من طريق نافعٍ وغيره عنه أنه قال: ونسيت أن أسأله كم صلى؟ قال: فدل على أنه أخبره بالكيفية، وهي تعيين الموقف في الكعبة، ولم يُخبره بالكمية، ونسي هو أن يسأله عنها".
وجاء في بعض الروايات أنه أخبره بالعدد إشارةً بالإشارة، فإذا نُفي العدد فمعناه نفي العدد باللفظ الصريح، وإذا أُثبت العدد من رواية ابن عمر، فمعناه بالإشارة.
"والجواب عن ذلك: أن يُقال: يحتمل أن ابن عمر اعتمد في قوله في هذه الرواية ركعتين على القدر المتحقق له".
صلى، فأقل ما ينطبق عليه الاسم ركعتان لاسيما في النهار.
"والجواب عن ذلك: أن يُقال: يحتمل أن ابن عمر اعتمد في قوله في هذه الرواية ركعتين على القدر المتحقق له، وذلك أن بلالًا أثبت له أنه صلى، ولم يُنقَل أن النبي- صلى الله عليه وسلم- تنفَّل في النهار بأقل من ركعتين، فكانت الركعتان متحققًا وقوعهما؛ لِما عُرف بالاستقراء من عادته، فعلى هذا فقوله: ركعتين من كلام ابن عمر لا من كلام بلال، وقد وجدت ما يؤيد هذا، ويُستفاد منه جمعٌ آخر بين الحديثين، وهو ما أخرجه عمر بن شبة في كتاب مكة".
عندنا جمعًا، والفعل مبني ليس للمعلوم، للمجهول، وإذا وجِد أكثر من لفظ يصلح لأن يكون نائبًا للفاعل فالمفعول مقدَّم على غيره، وإلا فشبه الجملة التي هي الجار والمجرور يصلح أن يكون نائب فاعل.
"وهو ما أخرجه عمر بن شبة في كتاب (مكة) من طريق عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافعٍ، عن ابن عمر في هذا الحديث: (فاستقبلني بلالٌ، فقلت: ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ها هنا، فأشار بيده أي: صلى ركعتين بالسبابة والوسطى)، فعلى هذا فيُحمل قوله: نسيت أن أسأله كم صلى على أنه لم يسأله لفظًا، ولم يجبه لفظًا، وإنما استفاد منه صلاة الركعتين بإشارته لا بنطقه.
وأما قوله في الرواية الأخرى: ونسيت أن أسأله كم صلى، فيُحمل على أن مراده أنه لم يتحقق هل زاد على ركعتين أو لا؟
وأما قول بعض المتأخرين: يُجمع بين الحديثين بأن ابن عمر نسي أن يسأل بلالًا، ثم لقيه مرةً أخرى فسأله ففيه نظرٌ من وجهين:
أحدهما: أن الذي يظهر أن القصة وهي سؤال ابن عمر عن صلاته في الكعبة لم تتعدد؛ لأنه أتى في السؤال بالفاء المعقبة في الروايتين معًا، فقال في هذه: فأقبلت، ثم قال: فسألت بلالًا، وقال في الأخرى: فبدرت فسألت بلالًا، فدل على أن السؤال عن ذلك كان واحدًا في وقتٍ واحد.
ثانيهما: أن راوي قول ابن عمر: ونسيت، هو نافع مولاه، ويبعد مع طول ملازمته له إلى وقت موته أن يستمر على حكاية النسيان، ولا يتعرض لحكاية الذكر أصلًا، والله أعلم.
تنبيه: وأما ما نقله عياضٌ أن قوله: "ركعتين" غلطٌ من يحيى بن سعيد القطان؛ لأن بن عمر قد قال: نسيت أن أسأله كم صلى، قال: وإنما دخل الوهم عليه من ذكر الركعتين بعدُ فهو كلامٌ مردود والمُغلِّط هو الغالط، فإنه ذكر الركعتين قبل وبعد، فلم يهم من موضع إلى موضعٍ، ولم ينفرد يحيى بن سعيدٍ بذلك؛ حتى يُغلَّط، فقد تابعه أبو نعيم عند البخاري، والنسائي وأبو عاصم عند ابن خزيمة وعمر بن علي عند الإسماعيلي، وعبد الله بن نُميرٍ عند أحمد كلهم عن سيف، ولم ينفرد به سيف أيضًا فقد تابعه عليه خصيف عن مجاهد عند أحمد، ولم ينفرد به مجاهد عن ابن عمر فقد تابعه عليه ابن أبي مليكة عند أحمد والنسائي، وعمرو بن دينار عند أحمد أيضًا باختصار، ومن حديث عثمان بن طلحة عند أحمد والطبراني بإسنادٍ قوي، ومن حديث أبي هريرة عند البزار.
ومن حديث عبد الرحمن بن صفوان، قال: فلما خرج سألت من كان معه، فقالوا: صلى ركعتين عند السارية الوسطى أخرجه الطبراني بإسنادٍ صحيح.
ومن حديث شيبة بن عثمان، قال: لقد صلى ركعتين عند العمودين أخرجه الطبراني بإسنادٍ جيد، فالعجب من الإقدام على تغليط جبلٍ من جبال الحفظ بقول من خفي عليه وجه الجمع بين الحديثين، فقال بغير علم ولو سكت لسلم والله الموفِّق".
يعني غلَّط يحيى بن سعيد القطان بمجرد وَهم لا يستند إلى حقيقة.
"صلى ركعتين عند السارية الوسطى" "صلى ركعتين عن العمودين" الرواية المفصَّلة أن ساريتين عن يمينه وواحدة عن شماله بهذا يلتئم الكلام.
"قوله: "في وجه الكعبة: أي: مواجه باب الكعبة، قال الكرماني: الظاهر من الترجمة أنه مقام إبراهيم أي: أنه كان عند الباب.
قلت: قدمنا أنه خلاف المنقول عن أهل العلم بذلك، وقدمنا أيضًا مناسبة الحديث للترجمة من غير هذه الحيثية، وهي أن استقبال المقام غير واجب، ونُقِل عن ابن عباسٍ كما رواه الطبراني وغيره أنه قال: ما أحب أن أصلي في الكعبة من صلى فيها فقد ترك شيئًا منها خلفه، وهذا هو السر أيضًا في إيراد حديث ابن عباسٍ في هذا الباب".
استقبال المقام غير واجب، لكن هل في هذا السياق ما يُفيده؛ ليُرد بأن الاستقبال غير واجب؟
طالب: لا، فقط الاعتماد على حديث ابن عباس.
يعني المدعى هل يقتضي أن استقبال المقام واجب؛ لنرد بأن استقبال المقام غير واجب؟ "ونُقِل عن ابن عباسٍ كما رواه الطبراني وغيره أنه قال: ما أحب أن أصلي في الكعبة من صلى فيها فقد ترك شيئًا منها خلفه".
طالب: قد لا يقصد يا شيخ المقام يقصد الجزء المتروك من الكعبة خلفه؛ لأنه من صلى داخل الكعبة بلا شك سيترك جزءًا منها خلفه.
لا، ما هو مستقبل الكعبة بأركانها الأربعة، مستحيل.
طالب: يستقبل أكثر من جهة إذا صلى خارج الكعبة.
لكن مادام ثبت عنه أنه –عليه الصلاة والسلام- صلى في الكعبة فلا قيمة لهذا الكلام، يبقى النظر في أنه صلى نفلًا، فهل الفريضة تُجزئ في الكعبة أو لا تُجزئ؟ للعلة التي أوثرت عن ابن عباس، وإلا فأصل الصلاة صحيحة.
طالب: ...........
على كل حال هذا النقل من رواية الطبراني وغيره الأمر سهل.
طالب: ...........
لكن لما خرج "فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ خَرَجَ" "ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى فِي وَجْهِ الكَعْبَةِ" لما خرج، أما كونه صلى داخل الكعبة هذا ثابت، وقطعًا لم يصلِّ إلى المقام؛ لأنه...
طالب: كان خلفه.
قد يكون؛ لأنه في الروايات المفصَّلة أن المقام في خلف النبي –عليه الصلاة والسلام- في جهةٍ ما.
طالب: ...........
الصلاة عند المقام.
طالب: صلى ركعتين.
صلى، وفي حجته صلى وتلا الآية.
طالب: لا في ذلك الوقت ما صلى إلا ركعتين؛ حتى تُستأنف الصلاة...
هو صلى داخل الكعبة بلا شك، ولما خرج صلى في مواجهة الكعبة ركعتين، في الحديث.
طالب: لكن هل ركعتان تُشير إلى شيءٍ من شأن الصلاة الأولى؟
لا، لكن ما يقوله الكلام الظاهر من الترجمة أن مقام إبراهيم لو كان عند...
طالب: ثم خرج فصلى.
نعم في كلام ابن عباس "ما أحب أن أصلي في الكعبة من صلى فيها، فقد ترك شيئًا منها خلفه" ومادام هذا ثبت عن النبي –عليه الصلاة والسلام- لا كلام لأحد يبقى التفريق بين الفريضة والنافلة، وقد فعل النبي –عليه الصلاة والسلام- أشياء في النفل وحملها بعض أهل العلم على النفي دون الفرض، هذا مقرر عند أهل العلم مع أن كثيرًا منهم يرى أنه إذا ثبت في النفل ثبت في الفرض الحكم واحد كلها صلاة.
طالب: ما يُقال في النافلة يُقال في الفريضة.
هكذا يقولون.
طالب: ...........
ما فيه إشكال لو أوتر أو صلى راتبة أو نافلة في الحِجر خلاص، ويبقى أنه قد يُترك دخول الكعبة والصلاة فيها من أجل المشقة على الناس كتقبيل الحجر من أجل المشقة إذا كان يُقتدى به إذا رآه الناس تزاحموا وحرصوا أشد الحرص على الدخول مع المشقة العظيمة، فالأولى تركه.
طالب: ...........
أين؟
طالب: ...........
هو من الكعبة؛ لأنه مادام ثبت عن النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه صلى في الكعبة، فالمسلم من باب تمام المتابعة والاقتداء يُريد أن يصلي، وإذا لم يحصل له الأصل وهو جوف الكعبة يُصلي ما في حكم جوفها.
طالب: ...........
ماذا فيه؟
طالب: ...........
في جوفها واستقبلها، واستقبل شيئًا منها والاستدبار يكفي الهواء؛ لأنه مُستقبِل الاستدبار ليس بشرط الشرط الاستقبال.
قال -رحمه الله-: "حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ" والنسبة إلى نصر لا توجد في جميع الروايات؛ لأنه جاء في بعض الروايات مهملًا بدون نسبة، وفُسِّر بإسحاق بن راهويه، وفُسِّر بغيره كالعادة في المبهمات أو المهملات.
طالب: ...........
المعروف عنه ينقل أخبارنا ويُفسَّر به إذا كانت الصيغة أخبرنا.
"قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ" ابن همام الصنعاني
"قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ" ابن أبي رباح.
"قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البَيْتَ، دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا" يعني استقبل الجهات ودعا في النواحي أو استدبرها ودعا في النواحي، المقصود أنه في جميع جهات البيت، ولم يصلِّ حتى خرج منه، هذا رأي ابن عباس؛ ولذلك لا يرى الصلاة داخل الكعبة؛ لأنها كما قال: "من صلى فيها فقد ترك شيئًا منها".
"وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ" يعني البيت.
"فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الكَعْبَةِ" يعني في مقابلة الكعبة، في مواجهة الكعبة، وعند –مثل ما تقدم- في وجه الكعبة في الرواية الأولى وفي الحديث الأول.
"وَقَالَ: «هَذِهِ القِبْلَةُ»" وتعريف جزئي الجملة يُفيد الاختصاص، لما تقول: الشاعر حسَّان، فأنت قصرت الشعر عليه، ولكن هذا القصر يُسمى إضافيًّا، ما يُسمى حقيقيًّا؛ لأنه في شعراء غيره، لكن في قوله: «هَذِهِ القِبْلَةُ» هل هذا حصر في هذا المكان؟ الإجماع قائم على أنه يُصلي إلى جميع جهاتها.
قال –رحمه الله تعالى-: "قوله: "إسحاق بن نصر" كذا وقع منسوبًا في جميع الروايات التي وقفت عليها، وبذلك جزم الإسماعيلي، وأبو نعيمٍ، ابن مسعودٍ وغيرهم، وذكر أبو العباس الطرقي في (الأطراف)".
الذي قبله وبذلك جزم.
"الإسماعيلي، وأبو نعيمٍ، ابن مسعودٍ وغيرهم".
كيف ابن مسعود؟ أبو مسعود الدمشقي صاحب (الأطراف) فيه أحد عنده أبو مسعود؟
طالب: ...........
عندك أبو مسعود؟ هو الصحيح أبو مسعود الدمشقي صاحب (الأطراف) مع هؤلاء كلهم أصحاب أطراف.
"وذكر أبو العباس الطرقي في (الأطراف) له أن البخاري أخرجه عن إسحاق غير منسوب، وأخرجه الإسماعيلي وأبو نعيمٍ في مستخرجيهما من طريق إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق شيخ إسحاق بن نصرٍ فيه بإسناده هذا، فجعله من رواية ابن عباسٍ عن أسامة بن زيد، وكذا رواه مسلم من طريق محمد بن بكرٍ عن ابن جريج وهو الأرجح.
وسيأتي وجه التوفيق بين رواية بلالٍ المثبِتة لصلاته -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة وبين هذه الرواية النافية في كتاب الحج إن شاء الله تعالى.
"قوله: "في قُبل الكعبة" بضم القاف والموحدة وقد تُسكَّن أي: مقابلها أو ما استقبلك منها وهو وجهها، وهذا موافقٌ لرواية بن عمر السالفة.
قوله: «هَذِهِ القِبْلَةُ» الإشارة إلى الكعبة، قيل: المراد بذلك تقرير حكم الانتقال عن بيت المقدس، وقيل: المراد أن حكم من شاهد البيت وجوب مواجهة عينه جزمًا بخلاف الغائب".
قوله: «هَذِهِ القِبْلَةُ» هل يُريد بالإشارة هذه إلى البيت كله أو إلى المكان الذي الجهة التي صلى إليها؟
طالب: يحتمل ويحتمل.
لكن الاحتمال قائم على أن جميع الجهات قبلة، كانوا يصلون في جهةٍ واحدة خلف المقام، وأول من عمم الجهات ابن الزبير هو أول من عمم الجهات، وجعل الناس يستديرون حول البيت.
طالب: ما أوثر عن عمر أنه أشار إلى هذا، ولم تتم الائتمام إلا بابن الزبير.
المقصود أن أول من جعل الناس يستديرون على البيت ابن لزبير.
"وقيل: المراد أن الذي أُمرتم باستقباله ليس هو الحرم كله ولا مكة ولا المسجد الذي حول الكعبة، بل الكعبة نفسها، أو الإشارة إلى وجه الكعبة أي: هذا موقف الإمام، ويؤيده ما رواه البزار من حديث عبد الله بن حُبشي الخثعمي، قال: رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي إلى باب الكعبة وهو يقول: «أيها الناس أن الباب قبلة البيت»، وهو محمولٌ على الندب لقيام الإجماع على جواز استقبال البيت من جميع جهاته، والله أعلم".
نقرأ الباب الذي بعده؟
طالب: مرتبط بالذي بعده يا شيخ.
إذًا نقف.
طالب: ...........
فيه خلاف معروف، لكن إذا أُطلق على الكعبة هو المراد القائم منها.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.
يقولون: الطلاب هم الركن الأقوى في العملية التعليمية.
طالب: هم أساسها.
نعم هم الأساس الشيخ ما جاء، يجيء غيره.
في جهةٍ في كلية من الكليات حارس هذه الكلية كبير سن وكأنه فيه عجلة أو حرارة طبع يجيء بعض الطلاب في وقتٍ مبكر ويؤذونه، ويطرقون عليه الباب قبل ما تُفتح الكلية يُريدونه أن يفتح، فجاء هذا الحارس إلى عميد الكلية يشكو إليه، ويقول: إما أنا أو الطلاب -حاصل واقع- فصار ركنًا ركينًا.
طالب: ...........
ماذا تقول أنت يا أبا رضوان؟
طالب: ...........
إما أن يُمنع الطلاب من المجيء وإلا ما أجيء أنا.